البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : التاريخ

 موضوع النقاش : أحاديث الوطن والزمن المتحول    قيّم
التقييم :
( من قبل 39 أعضاء )

رأي الوراق :

 ضياء  
11 - يونيو - 2006
كان الأستاذ السعدي قد طرح ذات مرة تساؤلاً حول علاقة التاريخ بالسيرة الذاتية . حيرني بوقتها ذلك السؤال لأن المسألة تبدت لي بديهية ، ولما فكرت فيها ، استنتجت بأن التنظير لها صعب للغاية . فالسيرة الذاتية هي تاريخ شخصي تتقاطع أحداثة مع مجريات الحدث العام ، بالصدفة يحدث هذا التلاقي في الزمان والمكان ، هكذا يبدو ......  إنما مقاصد السؤال الذي طرحه كانت ربما : كيف تحكي السيرة الذاتية التاريخ العام ?

عندي مثال ساطع على هذا تعلمت منه أكثر مما تعلمت من كتب التاريخ . فجدتي ، رحمها الله ، كانت تقص على مسامعنا سيرة عمرها الطويل وتعيد تردادها بدون كلل أو ملل . منها تعلمت تاريخ طرابلس ، تقصه مشفوعاً بأخبار الذين كانوا من حولها ممن مات ، أو عاش ، أو ولد ،  قبل " الطوفة " مثلاً( طوفان نهر أبو علي ) أوبعدها ، ومن كسر يده في الزحام ، أيام ثورة القاووقجي ، أو عندما جاء ابراهيم هنانو إلى طرابلس ، وأين اختبأوا أيام " ثورة شمعون " . وتحكي أيام الأنكليز وكيف انتشروا بوقتها على شاطىء البحر ، وكيف جاء الفرنسيون بعسكر السنغال ، وعن أيام السفر برلك ورحلتهم مع الجوع والعذاب والجراد والمرض آنذاك ، وعن جيرانها اليهود وعاداتهم ، وكيف كانت طرابلس في ذلك الحين : الأحياء ، البيوت ، الطرقات ، النهر ، السوق ، القلعة ........ تاريخاً موثقاً بالأسماء والأرقام والوقائع من ذاكرة نبيهة صاحية ، ظلت طوال حياتها تنظم وتؤطر وتسلسل تلك المعلومات وتعيدها على مسامعنا على شكل حكايا ، تاريخاً متماسكاً كانت وحدها تعرف سره ، وتعرف كيف تمسك به بقبضتها الواثقة . كيف لا وهي من كان يعرف كيف يحصي ويحفظ كل شيء : الأرقام ، التواريخ ، الأعمار ، و عدد درجات السلالم التي تطلع عليها ، أو عدد حبات الزيتون التي تأكلها في كل وجبة ، ومواقيت الفصول والأعياد والزراعة في الحساب الشرقي وبحسب هلة القمر ، وحتى لو قامت بحشو الكوسى فإنها ستضع فيه " الحبة فوق الحبة ، والرزة فوق الرزة " تحسبها بالمثقال .

 ولطالما تساءلت عن سبب إصرارها على إعادة تلك القصص التي كنا نتذمر منها ونتأفف لها أحياناً . وفهمت بأن الزمن قد تحول وتبدل كثيراً من حولها ، وأنها تحاول ان تمسك بماضيها ، ان تستعيده على طريقتها . وبالرغم من أنها كانت تروي حياتها كأمتداد لحياة من سبقها أو تلاها من الأجيال ، بدون إسراف أو بطولة ، أو حتى خيال ، سرد مجرد سرد واقعي يسجل الوقائع ويثبتها في الذاكرة ، إلا ان تلك الذاكرة كانت تغربل وتنقح وتختار لحظتها وموضوعها ، وهي بالتالي إنتقائية . فالذاكرة هي إعادة إنتاج للواقع بحسب فهمنا للذات وللآخر .

هكذا خطرت لي فكرة هذا الموضوع ، إعادة إنتاج التاريخ من خلال السيرة الذاتية . وهذا ما سأحاول الكتابة فيه ، لكن ليس لوحدي : أدعو الجميع للمشاركة في هذا الملف من منطلق إعادة كتابة تواريخنا الشخصية : عبرها ، ستتبدى لنا أشياء كثيرة كانت مطوية في غياهب النسيان ، وستفتح لنا ربما شبابيك على الحاضر لو استطعنا أن نمسك بتلابيب الماضي ونستقرأ أبعاده .

اعتبروا هذا الملف كأنه صندوق تبرعات ، وليتبرع لنا كل واحد بحكاية من طفولته أو تاريخه الحاضر ، أو حتى تاريخ عائلته . كل المطلوب هو أن تكون هذه القصة واقعية ومختصرة ، وأن يجهد قليلاً في جعلها ممتعة لدى قراءتها .

أتمنى لنا حظاً سعيداً .

 

 33  34  35  36  37 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
الدبس السوسي و لالاَ فاظـمـة    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 
                                                  1 ـ     الدبس السوسي  و لاَلاَّ فـَاظـْمـَةْ
                                                                    [ يتبع ]
 
المقصود بالدبس هنا عصير الرمان الحامض المغلي و المخمر ، و أظنه نوع من الخل المحلى ... و بالسوسي : نسبته إلى قبيلة " سوس " جنوب المغرب . و لهذا الدبس قصة طريفة ، يطول ذكر تفاصيل أحداثها ، و لكني سأحاول ذكر المختصر المفير منها .
 ذكَّـرَني وصف الأستاذة ضياء لصناعة " دبس الرمان " ، بقوارير دبس الرمان الحامض ...  كنت أجدها في بيتنا و بالضبط  في غرفة أعز صديقة لوالدتي ... نعم ... أهـْدَتْ والدتي لصديقـَتَِها غرفةً ببيتنا نسميها " غرفة لَالاَّ فاظمة "  و لا َلا َّ في اللهجة المغربية هي " سيدتي " ، و في الأمثال { اللّـي ما عندو سيدو عندو لاَلّاه } و معناه : " مَـن لا سيد عنده ، عندهُ سيدته " ... و أما إسم " فاظمة " فهو " فاطمة " بزيادة نقطة على الطاء عند النطق بها .
وجدتُ " لالا فاظمة " في بيتنا و كأنها ظل لوالدتي ، تقوم بأعمال المطبخ و رعاية الأطفال و تقوم بكل أشغال البيت إلى جانب و تحت إمرة والدتي ... و الفارق الوحيد بينهما ، أن والدتي لا تغادر البيت إلا للذهاب للحمام أو السفر إلى عزبتنا أو بيت أهلها بناحية مدينة مراكش .أما لالا فاظمة فكانت مكلفة بقضاء حاجات البيت في الخارج ، كما كانت  و لمدة عاملة  بمعمل لتصبير الريتون بالحي الفرنسي بمراكش إبان الحماية ، و كان زوجها " خالي عبد الله بويديه " بائعا للفحم في الحي ، و لقـَّب بـ" بويدية " لأنه كان معاقا من إحدى يديه . و لما توفي هذا الرجل الذي كان يحظى برعاية و احترام والدي ، و لم يرزق بولد ... جاءت لالا فاظمة لتسكن معنا في البيت ، لتخفيف عبء أداء ثمن الكراء عنها ... و عاشت هذه المرأة بيننا ، و كأنها فرد من العائلة ... و لم نكن نظن نحن الأطفال وقتها أنها غريبة عنا ...  فكبرنا أمامها و بين أيديها و على ظهرها و نحن نكن لها كل احترام و طاعة و تقدير كمربية  راعية حنون ...  و تمر السنون ... يكبر الأطفال و يتوفي والدي رحمه الله ، و يذهب أخي إلى فاس  لمتابعة دراسته الجامعية ، و ألتحق بالمدرسة الفلاحية ... و تبقى والدتي و أختي و لالا فاظمة في المنزل ... ثم أتخرج و آخذ معي والدتي و أختي لألتحق بالوظيفة ... و تبقى لالا فاظمة وحدها بالبيت بمدينة مراكش ... و نظرا لمكانة لالا فاظمة عند والدتي ، قررت أمي ، و أمرها مطاع من طرف الجميع ، أن لا يباع بيت مراكش من طرف الورثة ما دامت لالا فاظمة تقيم فيه ، و أن لا تخرج منه إلا و هي على النعش إلى مثواها الأخير ... و كذالك كان ، و عاشت لالا فاظمة في بيتنا بمراكش إلى أن وافاها الأجل المحتوم ...    و بعدها لبت والدتي  بدورها دعوة الداعي المطاع ... رحمهما الله و أسكنهما فسيح جناته ... فهذه باختصار هي لالا فاظمة ... فما هي علاقتها بالدبس السوسي ...
لالا فاظمة هذه سوسية الأصل ، مثل والدي ، بلدتها السوسية تسمى { إِغـَـرْمْ }... و بلدة والدي { مَـنـْتـَاكـَهْ} و تنطق الكاف فيها كالجيم المصري و القاف اليماني ، و كنت أُعْــرَفُ بين أقراني في صغري بالمنتاكي ، و بهذا الإسم وَقـَّعْـتُ شهادتي البلجيكية في تربية النحل و هي منشورة بصفحة الصور بملف فنون بموقع الوراق هذا ...
كانت لالا فاظمة كثيرا ما تسافر إلى قبيلتها فتأتينا محملة بمواد غريبة بالنسبة إلينا ... مواد غذائية ذات طعم غريب و جديد بالنسبة إلينا ... منها على سبيل المثال دقيق شعير مقلي و مطحون معه الزعتر و الفونتج [1] و المَـنـْثـَى [2] و فلييو[3] ، و نباتات أخرى . و يؤكل هذا الدقيق المقلي بعجنه بزيت الزيتون و يؤخد مع الشاي المنعنع في الشتاء لأنه يسخن ، أو يمزج بماء محلى بالسكر و يشرب كسويق في الصيف ، لأنه يبرد ... و من أغرب ما كانت تأتي به لالا فاظمة من بلدتها " إغرم "، نوى النبق ، أي لـُبّ نـَوى ثمر السِّـدْر ... و كانت هذه المادة محط استغراب الكبير و الصغير في بيتنا ... فنحن نعرف النبق كثمر للسدر ، و عندنا في عزبتنا من شجر السدر أشجارا عظاما يسكن داخلها من الصيد الحجل و الأرانب البرية ، و كنا في الصغر نجمع النبق من تحت أشجار السدر لنأكله ، إلا أننا لم نر قط في قريتنا مَـنْ عنده من الوقت و الصبر و الجلد ما يكفي لتكسير نوى النبق و استخراج لـُبـِّه الصغير ... و مما يزيد من استغرابنا و تعجبنا و كأننا أمام إنجاز خارق للعادة ، هو أن لالا فاظمة تأتي محملة بعشرات الكيلوات من لب نوى النبق هذا ... و بأكياس من أغلى أنواع التمر و أجوده على الإطلاق ... و مواد شعبية كثيرة مثل ثمار الصبار اليابسة  و لها قصة لوحدها ...  و من المواد المستوردة من طرف لالا فاظمة ... و هذا بيت القصيد و الشاهد ... قوارير من دبس الرمان الحامض المخمر المحلى... و كانت هذه القوارير محاطة بهالة من الطقوس التي كنا نجد لها جانبا ميتافيزيقيا لا ندرك كنهه ... كنا كثيرا ما نجد لالا فاظما و هي جالسة بغرفتها و قد غطت رأسها بغطاء و هي تشم البخار المتصاعد من آنية بها محلول الدبس و هو يغلى  فوق نار هادئة و هي تردد دعواتها المعتادة و تسابيحها اليومية  و صلاتها الدائمة عن النبي صلى الله عليه و سلم ... و ما إن نقف على هذا المنظر حتى نصيح بأعلى أصواتنا " أمي ... أمي  ... إنّ لالا فاظمة تعزم  و تحاور الجن و العفاريت في المجمر " ... فتخرج المسكينة تهرول وهي  تتصبب عرقا  ،، تزبد و ترغي و تصيح و هي تشكونا لأمي ... و أمي تضحك و كأنها تؤيد أبناءها على صديقتها
*لحسن بنلفقيه
28 - نوفمبر - 2006
الدبس السوسي و لالاّ فاظـمـة [ تتمة]    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
                                             2 ـ الدبس السوسي و لالاّ فاظـمـة
                                                         [ تتمة ]
  كان لقوارير لالاّ فاظمـة حضور خاص في بعض الجلسات المسائية في فصل الشتاء، فتأخذ منها لالا فاظمة جرعات من كأس خاصة بها ، ثم تقدم منها قليلا من الدبس في قاع الكأس إلى والدتي و تعرض عليها شربه  ، و هي تكثر من تعداد مزاياه الطبية الخاصة  في فصل الشتاء ، إلا أنها لم تنجح قط في إقناع والدتي لشرب و لو جرعة واحدة منه ... ثم تقدمه إلينا ـ أنا وأخي و أختي ـ  فننظر اتجاه أمي لنأخذ الإذن منها .. فتشير لنا أمي  بالموافقة و هي  تضحك ... و لالا فاظمة غير مرتاحة لهذا الضحك ... و لم أكن أعرف سبب رفض والدتي شرب دبس الرمان هذا ، ولا سبب ضحكها كلما رأت لالا فاظما تشرب منه جرعاتها المعتادة أو تستأذتها لتقديمه لنا ... و في يوم من الأيام أرسلت والدتي لالا فاظمة لشراء الحليب فجاءتها بالزيت ، و كنت وقتها جالسا في المطبخ مع أمي ... و ما إن رأت أمي الزيت في يد لالا فاظمة حتى أخذتها نوبة من الضحك ... و  أنا أستغرب ... و عندها قالت أمي و هي ما تزال ضاحكة :" ألم أطلب منكِ مرارا و تكرارا  يا فاظمة ، أن تقللي من شرب هذا الذي يلعب بعقلك و يجعلك   ترتكبين  مثل هذه الحماقات ".... وقتها سألت والدتي بكل عفوية و براءة : " و أي شيء هذا الذي تشربه لالا فاظمة  فيذهب بعقلها يا أمي " ... فأجابتني قائلة :" إنه خمر الرمان ياولدي " ... ثم يزداد ضحكها و هي تقول :" إن لالاك فاظمة ياولدي ، يحلو لها أن تشرب من قواريرها العجيبة تلك جرعات تزيد عن القياس ، فيفعل بها الدبس فعلته حتى يختلط عندها تمييز الحليب من الزيت " ... كل هذا و لالا فاظمة تدافع عن الدبس ، و  تقول عنه أن العلماء و أولياء الله و الصالحين يشربونه ببلدتها ...  ثم تجيبها والدتي قائلة : " ألم تقولي أن السواح من النصارى يأتون خصيصا إلى بلدتكم لشراء ما تحويه قواريرك تلك ، فعن أي أولياء و صالحين تتكلمين "... و منذ هذه الواقعة صرت أعلق بدوري على بعض التصرفات الصادرة عن لالا فاظممة  من سهو أم نسيان ، فاقول لها :"الا شك أن لالا فاظمة قد شربت من قواريرها " ... فتضحك ملء فمها و تقول : " علمتك  أمك ما تقول لــِلالاك  ... الله يسامحكم يا إبني ..."
و أجدني الآن أفهم أكثر مقولة الشقروني :"  و الحلو حامض مزيل الحزن "...
رحم الله والدتي و رحم  صديقتها لالا فاظمة و ألحقني بهما و نفسي  مطمئنة إلى لقائه والإجتماع بهما في ظله يوم لا ظل إلا ظله ... و شكرا للأستاذة ضياء على إثارتها لهذه الذكريات الخالدة .
...................
[1] Menthe aquatique . [2] Menthe poivrée . [3] Menthe pouliot .
*لحسن بنلفقيه
28 - نوفمبر - 2006
حكاية القطار0000(1)    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
سأحكى هذه القصة والتى كنت أحد شخوصها على مسرح الحدث 0
 
فى سنة 1976أو قبل هذا التاريخ بسنة على الأقل ، كنت طالبا بكلية الحقوق جامعة القاهرة ،
والسعادة تملأ كيانى وأنا أسافر من طنطا إلى القاهرة لحضور المحاضرات أوشراء الكتب أو حضور ندوات  ، وكان القطار الوسيلة الوحيدة والآمنة ، أركب القطار وكلى أمل أن يصل فى ميعاده ، ولكن المأساة أنه وطوال سنوات السفر لم يصل فى ميعاده أبدا ، لكن الإعتياد على المر وبمرور الوقت يصبح مستساغا ومقبولا ، وتقل الشكاية منه ، ولكى أصل الكلية لحضور محاضرة الساعة العاشرة مثلا ، ألتزم السفر فى قطار السابعة صباحا ، ولكى أصل من قريتى والتى تبعد عن المحطة بحوالى إثنين أو ثلاثة كيلو متر ، ولعدم وجود مواصلات ، أصحو حوالى  الخامسة والنصف على الأقل ثم أصلى الصبح بالمسجد وأعود للفطار وأشد الرحال مشيا وبسرعة حتى أصل مبكرا وحتى أجد مكانا لى ولو فوق الرف الموجود بالقطار والذى يضع عليه الراكب متاعه أو ما يحمله من أشياء من شنط أو خلافه 0
 
والمعاناة ألا أجد رفا خاليا وأظل لأكثر من ساعة ونصف الساعة واقفا على قدمى وليت هذا يكفى بل الضغط والتكدس والإلتصاق الشديد ، والله   لا يجعلك ترين هذه المعجنة القاسية والخانقة 0
وياريت القطاريصل بعد ساعة ونصف بل كثيرا جدا وجدا يصل بعد ساعتين وأكثر،  والمسافة لاتتجاوز 90كم، ثم المعاناة الأكثر ركوب الأتوبيس للوصول للجامعة ، عذاب لا يعادله عذاب ، وتستغرق المسافة من ميدان رمسيس إلى جامعة القاهرة حوالى الساعة ، واهبط بسرعة شديدة وأجرى لأدخل الجامعة ومنها إلى كلية الحقوق والدخول إلى المدرج ولا أجد مكانا حتى للوقوف ،وما أكثر ما جلست على المنصة تحت أقدام المحاضر واضعا ورقة تحتى حفاظا على البنطلون 00
 
بالعربى الفصيح كانت مأساة وتعودت عليها ولا شكوى ولا ملامة ، هو ده حال البلد ولازم نعيشه ، ونرضى به ، وفى يوم من الأيام ، كانت الدكتور ة/ فوزية عبدالستار ، عايزة بحث عشان أعمال السنة ولابد من مناقشته ، وعملت البحث وتوكلت على الله وركبت قطار الساعة الثامنة وخمسة دقائق صباحا عشان أروح الكلية وأتناقش الساعة الثانية عشر ظهرا ، وركبت على الشيالة (الرف)وتحرك القطار ليس فى ميعاده ولكن بعدها كالعادة وعند مدينة قليوب ، وفجأة خرج القطار وهو بأقصى سرعة من خطه الرئيسى ودخل خطا آخر ويسمى المخزن وهو خط بطال أى تستقر فيه القطارات أى يوجد هناك إكصدام حتى لايخرج القطار أو يتحرك فجأة 0
*عبدالرؤوف النويهى
30 - نوفمبر - 2006
حكاية القطار0000(2)    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
ولكن ما حدث أن القطار وبسرعته الشديدة وقد وجد سائقه أنه دخل الطريق البطال الذى لايعمل وهو مجرد مخزن ليس به إمتدادات للقضبان الحديدية ، ومن شدة الصدام إنكسرت السلاسل التى تربط بين الجرار والعربات وطار الجرار لمسافة ثلاثين أو أربعين مترا تاركا العربات لمصيرها المشئوم وتساقطت العربات الواحدة تلو الأخرى ، إذ اصبحت العربات حرة طليقة لافرامل ولا قضبان تسير عليها حتى تتوقف ، لقد أطاح الجرار بالإكصدام الذى يحجز العربات وارتمى على جنبه فى أرض زراعية مجاورة 0
وطبعا سيادتى والمئات سواء الجالسين أوالواقفين أو الذين يعتلون الأرفف (الشيالات )، أنا وجدت نفسى مرمى بجانب القطار000000صعب على التذكر ماذا حدث بالضبط ????
ما أتذكره وقتها أننى راكب على الرف وساقى اليمنى واليسرى مدلدلة على رؤوس الجالسين على الكراسى تحتى ، شيء طبيعى فالكل غير متذمر وساكت ، لأن ركاب القطار معروفين لبعضهم ويعتبرون أنفسهم شخصا واحدا 0
الحقيقة  ، العربة التى كنت فيها مليانةجدا جدا جدا ، والضحايا فوق التصور لاصبرا وشتيلا ولاقانا الأولى ولا الثانية ، وأرجو أن تتصوروا أكثر من عشرعربات وفيهم أعداد كبيرة جدا ، ما الذى سيحدث ?????????????
الأضرار التى أصابت العربات التى تلى الجراركانت مرتفعة جدا ، وبين الحلم واليقظة ، وبين الرعب والتماسك ، وبين الموت والحياة ، التقطت بعض الصور من القتلى والمصابين والمفزوعين والمرعوبين والمنهارين ، صور لاتنسى مهما تقدم بى العمر 0
 
وأبشع صورة علقت بذهنى وواضحة الآن وضوح الشمس ، اصطدام عربتين ببعضهم ورأس شاب _كان يهم بالقفزمن بينهما فعاجله الصدام _، محطمة 0

وتم نقل المصابين إلى أقرب مستشفيات0000

 

 ووجدت شخصى الضعيف منهارا فزعا وباكيا وشاكيا، وأتذكر أن هذا القطار كان به عربة أو عربتين درجة وممتازة ، باقى العربات درجة ثالثة عادية وطبعا الشعب الكادح كله فيها وتحالف قوى الشعب العدمان العافية ، وجدت رجلا على سيمائه الجد والوقار وأظن أنه مكرم حنين صحفى بجريدة الأهرام كما عرفنى بنفسه آنذاك ، أخذبيدى وأصلح لى ملابسى وأحضر حذائى البعيد عنى ، وقال لى : إنت حالتك كويسة والإصابات بك مجرد رضوض وما زلت أشكو من تعب يصيب فخذى الأيسر حتى هذه اللحظة ، ،
لن أطيل عليكم وجدت نفسى راكبا قطارا آخر فى طريقى إلى طنطا وراحت علىَ المناقشة والبحث تم رفضه لعدم حضورى 0
 
ما أود قوله أن الماساة موجودة وبقوة فى حياتنا ، وأن العقل العربى هو عقل خامد ، يعانى من الكثير من المشكلات وفكره لايخرج عن لحظته التى يحياها فقط ، والباقى الأيام كفيلة بحله ، لا تخطيط ، لا مراجعة ، لا علاج للمشاكل وعلى المدى الطويل 0 
ما أود قوله أن العمارات تنهار ، وحوادث القطارات لن تنهى والضحايا يتساقطون ، وأن الفقر يضرب بأطنابه فى القرى والنجوع ، ومهازل الحوادث والفجائع كثيرة جدا 0000تنمية بشرية لاقيمة لها ، ولافائدة منها ، ويارب يموت كل يوم مئات الألوف ، لأنهم محتاجين أكل وشرب ووووووووووإلخ واحنا بناخد معونات من اللى يسوى واللى مايسواش 0
البلدكل يوم تعود للوراء سنين ، ومشاكلنا موجودة زى ماهية منذ ثلاثين عاما ويزيد 0
ومفيش حلول ، إحنا بنضحك على بعض،، الحكومة تضحك علينا وإحنا عارفين ونقولها صح الكلام والحكومة عارفة إن إحنا مش مصدقينها وكله بيلعب على كله 0
وعلى فكرة ،لو أخذنا هذا الكلام الذى قلته وبالحرف الواحد ،وطبقناه على بلدان العالم العربى لوجدناه نسخة واحدة ومتكررة ،ألم أقل أنها مأساة متجددة ودائمة ???????????????
 
 
*عبدالرؤوف النويهى
30 - نوفمبر - 2006
خراف جاهزة للذبح    كن أول من يقيّم
 
كنت ومنذ زمن ليس بالبعيد أقول لنفسى :لا تفقد الأمل فى غد مشرق
ونظرت حولى فلم أجد إلا تراجعا للخلف والتمسك بالقشور من الأمور
الصراع _اليوم _ فى مدن مصر وقراها وكفورها ونجوعها ، ليس من أجل التقدم أو تجميل الحياة أوالبناء الحضارى للحياة والتماس الصواب والسير فى طريق بعث النور من أجل إشراقة الحياة 0
 
الجهل والفقر والمرض ، ثلاثية خالدة خلود الأهرام إنها الأهرامات الثلاثة التى تنخر فى عظامنا وكرامتنا وحياتنا 0
 
الصراع الآن العودة إلى التدين المظهرى والشعوذة الدينية والتمسك بخرافات ما لها سند من دين أو عقل أو منطق0
 
اليوم ، رجالنا وشبابنا وبناتنا يلهثون وراء النقاب والجلباب واللحى وتقصير الثياب ، أجد النساء يتمخطرن فى الشوارع بالنقاب ، والشوارع قذرة قذارة لامثيل لها ، وأمام البيوت أكوام القمامة تفوح منها السموم 0
 
لست أدرى ما معنى ما يحدث ? سألت صديقا( عميد كلية التربية بطنطا )، ولكنه قال لى : إنحدار للأسوأ ، ماذا تريد من أمة فقدت عقلها ????????
 
ولم أجد ردا سوى أن أعلق على قوله ،فعلا نحن أمة من غنم ،بل نحن أمم من غنم ،نحن خراف معدة للذبح !!!!!!!!!!!!!!!!!!!
*عبدالرؤوف النويهى
30 - نوفمبر - 2006
القهر المنظم    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
التدين ليس مجرد تأدية شعائر أو الجهر بالإيمان ،ولكن ما وقر فى القلب وصدقه العمل 0
 
تربيت فى مجتمع ريفى منغلق ، الدين فيه شعائر وخرافات وطقوس وشعوذة ، أسميه التدين الشعبى ، الجن والشياطين والملائكة يتحكمون فى الحياة وحفلات الزار وحفلا ت الذكر ، المتصوفة وأدعياء التصوف والمنتسبين زورا أو حقيقة لأهل البيت النبوى الشريف ، أساطير ما من أسانيد تؤكدها ، بل تسبح فى خيالات مريضة 000
 
ذهبت إلى الكتاب فى سن الثالثة لأحفظ القرآن وأتعلم الأبجدية 00
القرية تعوم فى ظلام دامس ، والعقول غارقة فى الخرافة 0
لولا والدى يرحمه الله ومكتبته ، ما كنت أنا 0
لولا رفضه لمجتمعه والبحث عن الحق والعدل والحرية ومقاومة الجهل والفقر والمرض ، وتمرده على السكون العطن ، والعجز الأبدى ، ربما كان مصيرى كمصير الألا ف ، مجرد ترس فى آلة دوارة ليل نهار 0
زرع فى طريقى البحث الجدى لمعنى الحياة وطعم الدنيا 0
وجدت كتبا وفكرا وتحديا لواقع مرير ، بل وجدت لسانا بتارا لا يخشى ولايهاب ولايتلجلج0
 
لم يكن الدين لديه مجرد شعائر وحركات ومظاهر كاذبة ، وإنما سلوكا عمليا ناضجا ، ملابس المرأة محكومة بالواقع وبالظروف المناخية والعملية ، كنا فلاحين نزرع الأرض ونرعى البهائم ونجنى المحاصيل ، الحياة جادة ومجدية ،لم أتصور يوما أن يثور النقاش على الملابس أو على تغطية الشعر وموضة الملابس الإسلامية والطعام الإسلامى والعصيرالإسلامى والشورت الإسلامى والمايوه الإسلامى والبقالة الإسلامية والطب الإسلامى والجزارة الإسلامية 0000000ألخ
 
كنا عمليين نحفر فى الصخر لا فرق بين رجل وامرأة وطفل وطفلة وشاب وشابة ، رحلة كفاح لا تتوقف 0
وسارت مركب الحياة تتهادى عبر خضم الطوفان البشرى الجرار ، نزع ونقلع ونبنى ونشيد ونتعلم ، سيمفونية خضراء مثمرة 0
الصلاة فى أى مكان تتواجد فيه ، والعودة إلى العمل بجد وهمة ونشاط0
 
كانت الحياة هى السعى على الرزق ومحاولة تغيير الواقع الآسن ،وحتى هذه اللحظة ،الكثير من المشروعات البيئية والصحية بالقرية ، مجهودات شخصية ، وكأننا نعيش فى المريخ 000
 
من المدهش والمثير للتساؤل على الأقل بداخلى ، لماذا يكثر الحديث عن الصلاة والصيام والحج والزكاة وشعر المرأة والنقاب والحجاب ولحى الرجال وتقصير الملابس    والإكثار من بناء المساجد ، حتى لتصبح متجاورة ومتلاصقة ، وارتفاع أصوات الميكروفونات   صاخبة عالية النبرة بأصوات جشة ، تدعو للصلاة وتتداخل الأصوات ، وكأن هذه الأصوات الكثيرة المدمرة بصخبها للأذن والصداع ،  تنادى على الطرشان!!!!!!!!!!!!!!!!
  
 على فكرة منزلنا يقع فى وسط ثلاثة مساجد فى مساحة لاتتجاوز 2000متر مربع ، ويوم صلاة الجمعة تتدخل كلمات الخطباء مرعبة مرعدة متوعدة وناقمة وساخطة على الضلال والكفر والغواية والنار المثوى والمستقر ، وبجوار أجمل مسجد، مقلب زبالة تفوح منه الروائح العطرة ، وأسراب الذباب لا تكف عن الهبوط والطيران ، شيىء يجنن ، فعلا أمة فقدت عقلها ،تمييزها بين الصح والخطأ والأخذ بالقشور والإرتكان إلى ثقافة البلاهة والسطحية وانتشار قصصات من كتب التراث ، عذاب القبر وأنواعه ، الثعبان الأعور ، قصتى مع الجن الأصفر ، زواجى من جنية ، السيف المصقول لمحاربة الغول ، 00000
 
ومن أنكى الأمور وأشدها سخفا ،انتشار المكتبات التى تقوم بطبع كتب التراث المعجونة بالخرافة والتفاهة من أمثال (نور الأبصار فى مناقب أهل البيت الأطهار  والصحابة الأخيار )كتاب لا يقل سخفا عن خرافات شعب الله المختار وقصص الشياطين0
 
قلت لنفسى ولماذا لا تزور هذه المكتبة علك تجد كتابا قيما ???
وذهبت ووجدت كتبا مجلدة ومطبوعة طبعات فاخرة والكتاب يصل ثمنه عشرات الجنيهات ،وبيع العطور والبخور وجلابيب الرجال والنساء والمسابح والسجاجيد وأشرطة الكاسيت لنساء يصرخن  ويلطمن على نساء المسلمين اللواتى ضللن الطريق ويتعطرن ويسرن فى الطرق (أتحدى أن تتعطر إمرأة وتسير ويفوح منها عطرا )الشوارع مكتظة وعوادم السيارات ومقالب الزبالة المتناثرة هنا وهناك 0
أشرطة كاسيت لرجال يلعنون النساء ويطالبون بوأدهن وألا تخرج للشوارع  إنها فتنة 000
مجتمع مشغول بالمرأة إلى أقصى درجة حتى ليصير وسواسا قهريا 0000مجتمع مأزوم ،مجتمع يتساقط إعياءا ومرضا وقهرا وحمقا ،مجتمع القرون الأولى 0
 
أتصور أن القهر الذى يقع على المرأة هو قهر منظم ،وعبر العصور والتمسك بأقوال وآيات وأحاديث فى غير موضعها ،سمعت من بنت جامعية ،عندما كنت أحاضرهم فى لقاء فكرى وثقافى ،وأطالب بإعتلاء النساء منصة القضاء وتقلد الوظائف القيادية (رؤساء المدن والقرى والوزارات 0000)وتقفز هذه البنت صاخبة منكرة مطلبى ،كيف والرسول يقول (ما  أفلح  قوم ولووا أمرهم إمرأة )     وأن المرأة ناقصة عقل ودين وأن المرأة للبيت 000إلخ 00وحدث شغب بين الشباب والفتيات وتصاعد الخلاف وانقسموا انقساما ملحوظا وكنت أشاهد صامتا ومتعجبا ،هذا هو المستقبل الذى ننتظره !!!!!!!!!!!!!!!!!
 
*عبدالرؤوف النويهى
30 - نوفمبر - 2006
البحر الهائج / روحى الهائجة    كن أول من يقيّم
 
كثيرا ومنذ سنوات بعيدة ، كنت رحالة لاتستقر بى أرض ، مخترقا المسافات بين مدن مصر من شمالها لجنوبها ، ومن شرقها لغربها تحملنى أحلامى للبحث عن العدل والحق والخير 0000
 
كثيرا ما هزنى الشوق إلى رحاب البحر ، وعلى الفور أسافر إلى الأسكندرية ، وعلى شاطىء المتوسط ألقى رحالى ، وأقذف صخر أيامى فى هياجه وأمواجه العالية ، يطول بى الوقت محدقا وذاكرا ذكرياتى وسيرة أيامى ويمتد الحديث بينى وبين نفسى وتلسعنى رذاذالمياه المالحة ،فأ تاهب للعودة ، بقلب جديد وروح جديدة 0
 
البحر الهائج / روحى الهائجة 000فيضان المشاعر المتناقضة تأخذنى إلى عوالم سحرية ، كوابيس ، أحلام ، رسومات دالى المفزعة ، موسيقى بيتهوفن الخالدة وآه من ضربات القدر ، هذه الضربات الثلاثة اللواتى يحطمن ثبات القلب واستقرار الروح0000
 
 دائما تستهوينى قصص الرحالة وحكاياتهم وصراعهم مع الأمواج وظلمات الليل الدامس ، أشعر أنى برفقتهم وأحدهم ، وأصارع الأمواج والأعاصير والخوف على الحياة يجعلنى متشبسا بالمقاومةوالأمل فى النجاة هو المسيطر والمهيمن والآمر الناهى 0
 
العجوز والبحر 00قصة الأمريكى هيمنجواى 00قرأتها مرارا وتكرارا ، كنت أحسب نفسى العجوز الذى يقاتل ويناضل ويسعى بجدية للحياة ، لا يكل ولايمل 00لم يضع فى ذهنه الربح والخسارة وإنما الحصول على صيده الثمين 0
 
فى أول يوليو الماضى ، وكعادة الأسر الأرستقراطية !!!!!! أخذت القبيلة وذهبنا فى رحلة استجمام إلى مصيف رأس البر بمحافظة دمياط ، وعشنا أسبوعا بين أمواج البحر ، كان حظى من النزول للماء قليلا ، لكن الكثير الكثير من التأمل لشروق الشمس وغروبها ، وقراءة بعض الكتب ، واستعادة الهدوء والطمأنينة للروح الهائجة 00والسباحة مع الذكريات وما مضى من حياة ولحظات النصر وأوقات الهزيمة المرة 0
 
*عبدالرؤوف النويهى
30 - نوفمبر - 2006
زوجة عطوفة    كن أول من يقيّم
 
فى يوم من الأيام الجريحة والمجروحة ،ثرت على نفسى وأهلى والدنيا ومن فيها ،ضاقت علىَ الأرض بما رحبت ،وبلغت الروح الحلقوم واسودت الحياة فلم أعد أرى إلا ظلاما يتكاثف وليلا يترامى وينوء بكلكله على بصرى وبصيرتى ،وفى لحظة غاشمة عرضت مكتبتى التى تحوى أكثر من عشرة آلاف كتاب ومئات الأعداد من الدوريات الأدبية والسياسية والثقافية_ كان ذلك فى عام 1995م_ هزائم تلو الهزائم ومصائب تتوالى على الوطن والأمة والنفس مدمرة تدميرا لابرء منه 00
وقيض الله لى زوجة عطوفة تركتنى أقوم بتربيط الكتب فى مجموعات تمهيدا لبيعها وأتصلت بمن يحضر لنقلها ، كل ذلك وهى ترانى فى هذه الحالة السيئة جدا جدا جدا
،ثم جلست بجوارى وقالت :
ستبيع المكتبة كلها ?????????
قلت :نعم
قالت :وهل وجدت من يشتريها ?????
قلت :نعم
قالت :بكم ستبيعها ???
قلت: أى مبلغ   أنا قرفت من القراية والكتابة ويئست من نفسى والدنيا ، ولازم أبيع القرف إللى وجع دماغى وقرفنى  طول السنين الغم المقرفة 0
قالت :أى حد ممكن يشتريها ?????????
قلت :نعم
قالت :أنا عندى مشترى ويدفع أى مبلغ تقول عليه 0
قلت :أهم حاجة يشيريها ويريحنى منها ومن قرفها
قالت :ممكن يدفع ألفان جنيه 0
قلت : موافق هو مين وفين ???
قالت :الفلوس موجودة ومش مهم هو مين 0
قلت :موافق
قالت :خلاص بكرة أجيب الفلوس وسيارة نقل تشيل الكتب
قلت :موافق 0
 

بعد مرور يوم أو إتنين ، أحضرت الفلوس وأنا ا ستلمتهم 00

وأنتظرت عدة أيام للسيارة التى  ستنقل الكتب والمجلات ،ولم تأت 000
 
فقلت لها :فين العربية عشان تشيل القرف إللى مالى الشقة ?
قالت :أنا المشترى والمكتبة بكل إللى  فيها  بتاعتى 0
قلت :ليه عملتى كده????
قالت :حالتك النفسية إللى فى النازل وهى حالة أنا عارفة إنها
      بتسيطر عليك وبتخليك محبط وزهقان من كل شيىء    ،رحت جبت الفلوس من البنك وسلمتها لك000
     أنا عارفة إن المكتبة روحك وحياتك ووجودك وعمرك فأنا قلت أزمة وتفوت والراجل إللى إتفق معاك على شرائها إتصل بالتليفون وأنا قلت له المكتبة واحد إشتراها عشان يصرف نظر عنها0
 
حقيقة0000 ممكن الإنسان فى لحظة يأس يبيع عمره ومجده وحضارته وكيانه ووجوده 000لكن وجود إنسان عاقل بجانبه فى هذه اللحظة المدمرة ينقذ الموقف ويحافظ على هذا الوجود والكيان من الضياع والزوال والتلاشى00
 
                    
*عبدالرؤوف النويهى
1 - ديسمبر - 2006
00ونسيت أنى يتيمة    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
سألت أمى ذات يوم وهى اليتيمة والتى مات والدها وهى دون السنتين ، وتزوجت أمها برجل آخر وتربت فى غربة الأحضان ،والأيدى الحانية والقاسية،والعيون الدامعة والغادرة ،والقلوب المرحبة والمنفرة 0
كيف تغلبتى على كل الصعاب التى قابلتكى فى حياتك ????
 
تقول أمى وقد اشتعل الرأس شيبا :
 
أأقول00 كنت واثقة من نفسى قوى وافتكر وأنا صغيرة إن الدنيا صعب العيش فيها  وأنا وحدانية لا حول لى ولا قوة ، وقلت لنفسى لابد من الصمود ومقابلة الخطر 0
كنت أشعر إنى غريبة والعيون التى تنظرلى أشعر فيها بالخوف والشفقة والرعب 0
كنت أشعر إن الناس بتقول بنت صغيرة ووحيدة ويتيمة ومقصوصة الجناح لا أخ  ولاأخت ولاأم  إزاى ح تقدر تواصل حياتها فى الدنيا دى 0
صحيح أمى كانت موجودة فى حياتى بس أنشغلت ببيتها وجوزها وطبعا الرعاية مش كاملة ، ولحد ما ولدت أخويا الغير شقيق  ، كان عمرى تقريبا عشر سنين أو يزيد سنة ، كنت تايهة وتعبانة وحاسة إن أنا جيت الدنيا زيادة على الموجودين فيها ، وخلصت التعليم الإبتدائى وعايزة أكمل تعليمى لكن مين ح يصرف علىَ ومين يساعدنى على إستكمال دراستى  والكل مشغول بنفسه وولاده وحياته ، ورغما عن أهلى وقرايبى ، كنت بأدرس للكبار فى القسم الليلى (تعليم الكبار ) وشوية أروح الغيط وأزرع مع أعمامى وبناتى أعمامى ، وكنت بيضا ووشى أحمر وحلوة وجميلة وفرحانة بنفسى وشعرى الحرير ، وفى يوم لقيت قريبة لى وبنتها زميلتى وبتروح المدرسة الإعدادى وأنا أشطر منها بس ظروفى منعتنى000 ربطت المنديل أبو أوية على راسها وأمها زحلقت المنديل من على راسها شوية وبان شوية شعر ، فأنا دخلت ووقفت أمام المراية وزحلقت المنديل وبينت جزء من شعرى  ، وشعرى كان ناعم وحرير ، وفجأة أمى شافتنى والقيامة قامت إزاى أبين شعرى وأكشفه 0
فأنا قلت لها : أنا عملت زى فلانة 00
قالت لى : أبوها عايش وتعمل إللى هية عايزاه 0
 
تقول أمى وهى تستعيد هذه اللحظة ، أنا حسيت بس فى الوقت ده باليتم 0
 
كان عندى خمستشر سنة تقريبا ، وأبوك الله يرحمه شافنى وأنا عارفاه كويس وأكبر منى بحوالى خمستشر سنة وأكتر ، وطلبنى للجواز عن طريق والدته وأهلى وافقوا وأنا وافقت بدون كلام ولا نقاش ، قلت لنفسى الجواز أحسن من البهدلة وفعلا كان الجواز لى مصلحة كبيرة  وأبوك راجل عاقل ومحترم ساعدنى وكان مطلع وزميل الدكتور رشاد وإخوته الدكتور عبدالسلام وأحمد وفتحى وعبدالفتاح
ولقيت عنده مكتبة فيها كتب كتيرة ومجلات وقريت فيها ألف ليلةو وليلةو قصة شجرة الدر وكتب كتير  وحاولت أنسى اليتم وانشغلت مع العيلة بتاعتكو فى الزراعة وتربية المواشى والبط والفراخ ، وبعد تلت شهور من جوازى حبلت فيك وجيت للدنيا وساعدتنى على الإستقرار وبقى لى أهل واعتبرتك أخويا وأبويا وزميلى 00
وضحكت لى الدنيا ونسيت إنى يتيمة 00
 
على فكرة أمى لازالت جميلة وهى فى الثامنة والستين 0
وأنا طبعا شعرى شايب وفى الثانية والخمسين 0
الدكتور / رشاد هو إسم الشهرة للدكتور / محمدالنويهى 0
 
 
*عبدالرؤوف النويهى
1 - ديسمبر - 2006
من ملفات القضاء 000(1)ماذا فعلت بها الأيام ???    كن أول من يقيّم
 
طول عمرى وحتى فى مهنتى أحاول ألا أجرح مشاعر أى إنسان أيا كان مستواه العلمى أو الإجتماعى ، وربما حرصى الشديد أبعدنى عن الإختلاط الواسع مع الناس رغم أن المهنة تستوجب على َالتعرض لمشاكل الناس العادية والمكررة و المخجلة أحيانا  أشد الخجل وسقطاتهم المفزعة والآثمة أحيانا أخرى 00
 
وأثناء ممارستى مهنة المحاماة وفى أوائل سنة 1990وجدت صديقا عزيزا يحضرمع إمرأة جميلة وترتدى ملابس على الموضة جيب وبلوزة وشعر مصفوف بعناية ومكياج معتدل وحوالى ثلاثين سنة0أو أقل قليلا 0
 
وأخذت هذه السيدة فى سرد حكايتها:
 
(كنت صغيرة وفى المدرسة وبعدين دخلت مدرسة ثانوية للتمريض وطبعا حضرتك عارف موقف المجتمع من التمريض والممرضات ، نظرة سيئة جدا جدا وكأننا بنشتغل فى مهنة سيئة السمعة، الشرف فيها ضايع والواحدة ماشية على حل شعرها كل يوم مع واحد 00
وتخرجت من المدرسة واشتغلت فى المستشفى العام مدة  مش طويلة يعنى سنوات لا تبلغ الخمس وتعرفت على شاب محترم وربط الحب بيننا وتقدم وتزوجنى وعشت معاه فى سعادة واحترام واهله كانوا ينظروا لى نظرة فيها شكوك وألم ولكن أنا حاولت أعطيهم صورة جديدة عن مهنة التمريض وإنها زى أى مهنة فيها الحلو والوحش وربما تقبلوا منى الكلام وصدقوه أو كانوا متشككين الله أعلم 00
ومرت الأيام وكل شيىء ماشى فى طريقه سليم وكويس 0أنا وجوزى نروح الشغل كل واحد يروح لمكان عمله ، هو فى مديرية الزراعة وأنا فى المستشفى000
ومرت سنة ولم أحمل وبدأ الكلام يوصلنى عن موضوع الحمل والخلفة وجوزى يقول بكرة يجى الخلف وإحنا مستعجلين على إيه  ، مستعجلين على وجع القلب أما نتمتع شوية ، وكنت أنظر فى عنيه عشان أتأكد من صدقه، لكنه  فعلا صادق 0

وأمه وأبوه سألونى أكتر من مرة هو مش عايزة تخلفى ليه ???

هو إنتى مش عايزة يكون لكى إبن ولا إية ??????
هو إنتى بتكرهى ابننا طب ليه إتجوزتوا ???
كلام كتير فى الصبح والمسا وتقريبا طول ما أنا موجودة قدام عينهم 00
وأصبحت مهمومة بموضوع الخلفة وكشفت عند دكتور نسا ، قال أنتى كويسة وتخلفى بدل الواحد عشرة بس فين جوزك ????????????
وجوزى رفض يروح للدكاترة هو راجل معايا ومفيش نقص فيه أنا سعيدة معاه قوى قوى00
وطالت الأيام وكل يوم مشكلة وكل ساعة معركة وتعبت قوى قوى وجوزى تارك موضوع الخلفة ورا ضهره ومشغول بعمله وبحياته معايا 000
سنة ورا سنة والعمر بيجرى ، ياه خمس سنين ، ياه بقوا سبعة،  تمانية 000وجوزى راضى بيا وأنا راضية بيه وأهله قرفوا منه ومنى وأهلى دخلوا المعركة بكل قوتهم عايزين بنتهم تخلف قبل السن  وهى داخلة على التلاتين وبسرعة والخلفة وقتها خطر 00000
والمشاكل كتيرة وأنا مش قادرة على جوزى يروح للدكتور ويكشف على نفسه يمكن يكون العيب منه ويتعالج ، وأبويا عارف الأستاذ وأشارت إلى صديقى الذى جاء بصحبتها ، وحكى له الحكاية عشان أخلص من الجوازة دى وأشوف حالى بعد كدة00000
وكعادتى كنت أكتب بعض الملاحيظ على دفتر أمامى أثناء الحكى 000
واتفقت معى على رفع دعوى طلاق للضرر وفقا للشريعة الإسلامية 00
ورفعت القضية وتداولت بالمحاكم سنة أو أكتر والزوج متمسك بزوجته وإنه عايزها وبيحبها ، وأثناء تداول القضية بالجلسات أمام المحكمة حضر وكيل الزوج (محامى) وطلب منى قبل الجلسة إن الزوج موكله عايز يطلق على الإبراء ، وقلت له وزوجته موكلتى موافقةعلى كدة  ، وحضرنا الجلسة وأثبتنا الطلبات وتم الطلاق على الإبراء (أى لا تطلب الزوجة من زوجها أى حقوق مالية أيا كانت ،فى مقابل طلاقها منه )00
 
لن أنسى يوم أن حضرت الزوجة المكتب لتحصل على صورة الحكم، وتسدد باقى الأتعاب، كانت وحدها ، وفجأة إنهارت وراحت تبكى بكاءا مرا وتنهنه بصوت مسموع ، مما داعنى لطلب إحدى المحاميات بالمكتب كى تواسيها وخرجت من حجرتى تاركا المحامية معها، وتملكنى حزن شديد وقاس ومربك وعاصر 000
 
بعد فترة خرجت المحامية ، ودخلت مرة ثانية كانت متمالكة نفسها بعض الشيىء ،وابتسمت إبتسامة ذابلة وبصوت مبحوح قالت : معلشى برضة كان بينى وبينه عشرة وحب ومش ح أنساه كان راجل ومحترم وعمره ما قدم الاسية ربنا معاه 00
ووقفت متأهبة للخروج وشكرتنى وشكرت المحامين بالمكتب 0000
 
ولم أرها بعد ذلك ولم أسمع سوى أنها تزوجت بآخر وسافرت إلى بلد عربى 00
ودار بذهنى وقتئذ ، أنه الهروب من كل شيىء من المجتمع وزوجها السابق 0
بصراحة أود أن أراها الآن بعد كل هذه السنين إن كانت ماتزال على قيد الحياة ،
ماذا فعلت  بها الأيام ????????????
 
وفى السنوات الأخيرة قررت وقف التعامل مع هذه النوعيات من المشاكل وتركها لمحامين المكتب مع الإشراف من بعيد على سير الدعاوى ، سيما وهم محامون جيدون وممتازون 000
 
*عبدالرؤوف النويهى
1 - ديسمبر - 2006
 33  34  35  36  37