 | تعليقات | الكاتب | تاريخ النشر |
 | عقد تشرين كن أول من يقيّم
| جلست في iiعبّارتي | | أنظر في iiصنّارتي | | والموج يعلو iiهائجا | | عـلى ذرى iiمنارتي | | ونـجـمتي iiخائفة | | تـكسرها iiشرارتي | | ولـيـس كل iiمرة | | أربـح في تجارتي | | سـمـكـة iiمختالة | | تـجاوزت iiمهارتي | | ولا أحـب أن iiأرى | | بـأعيني iiخسارتي | | أرغب أن iiتصحبني | | أمـيرتي في iiدارتي | | لـكـي ترى iiبعينها | | شـوقي إلى iiبيارتي | | وألـف بـلبل iiبها | | يـأكل من iiصبارتي | | وألـف إبـن iiاكوحٍ | | تـركتُهُ في حارتي | | أقـول عن iiجراحها | | وليس عن iiجسارتي | | طـهـارة iiمـقتولة | | أكـثر من iiطهارتي | | تـشرين يا iiكنانتي | | أعـددتـها لغارتي | | وبـالورود iiضاربا | | ولـيـس iiبالحجارة | | مـن لـيلة iiمطارة | | لـلـيـلـة iiمطارة | | بـصـارتي هذا أنا | | أخطأت يا iiبصارتي | | هـناك شيء iiغائب | | أثـمن من iiسفارتي | | أثـمـن مـا iiأملكه | | مـن ألـق iiوشارة | | أردت أروي iiجرحه | | فـقصرت iiعبارتي | | من الذي يكشف عن | | جـراحـه iiالهدارة | | ألـيـس عارا iiأنني | | أصـد عن iiمحارتي | | أنـشرها من بعد iiما | | تـحطمت iiنضارتي | | وصـدفـا مـكسرا | | تـجـمعه iiبحّارتي | | هذا هو اللغز iiالذي | | جـرعني iiمرارتي | | إسـتـاذتـي ذكية | | تـفـهـم بالإشارة | | كـم قـصة iiساحرة | | تـعـج بـالإثـارة | | خـلف الستارة التي | | تـلـوح لـلنظارة | | وليس في iiإخراجها | | ولـيس في iiالإنارة | | وصـدقـيـني إنها | | مـشـكلة iiالحضارة | | شـجاعة اليد iiالتي | | تـمـتـد لـلستارة | | هـذي زقاقي iiكلها | | وهـذه iiخـمّـارتي | | خـطيئتي في iiحبها | | وحـبـهـا iiكفارتي | | ومـرتين iiانفجرت | | مـن حبها مرارتي | | تـشرين يا iiأميرتي | | صـومـعة iiالإمارة | | وأنـت كل iiشهدها | | يـقطر من iiجمّارتي | | طـفولتي iiوعطرها | | تـنام في iiسحارتي | | تـشرين يا iiبيارتي | | تـشرين يا iiقيثارتي | | يا جارة الوادي iiالتي | | أعـطيتها iiبشارتي | | ألـم تـزل iiمصرة | | تـخاف من زيارتي | | رأيـت حـيي كله | | ومـا رأيت iiجارتي | | *زهير | 1 - أكتوبر - 2006 |
 | ورد تشرين كن أول من يقيّم
صباحنا خريفي ماطر هنا صبح تشرين . ليس في جعبتي إلا الانتظار . ثمة صور جميلة وحنين جارف معبأ في سحارات الزمن الجاحد . ثمة عصافير وشجيرات ورد وساقية . ثمة شاعر يتسلق شجر الحروف ويصطاد الحكاية . ثمة طفل يبحث عن محافير رماها في النهر ...... في جعبتي قطرة من نهر وانتظار أحمق .
ليس للشاعر إلا سلال الوقت ، ليس للوقت إلا الحكاية ، ليس للحكاية إلا الشجن ، ليس الشجن إلا انتظار الحكاية التي لم نحكها بعد .
عقد تشرين ، ورد تشرين ، أسفار الطريق المولع بالحكايا .
شكراً ، بيارة الورد ، وعقد تشرين ، وحكايا الطفولة تسبح فوق عبّارة الزمن . | *ضياء | 2 - أكتوبر - 2006 |
 | صدفة حلوة كن أول من يقيّم
كنت قد قررت الأمس قراءة كتاب (حياتي) للمرحوم أحمد أمين، مع أنني قرأته منذ ربع قرن، وسبب عودتي لقراءته مرة ثانية هو عادتي مع كل كتاب ترك بصماته في ثقافتي، أعود لأقرأه في مرات متباعدة: وقد صدف (والكلام هنا موجه للأستاذة ضياء خانم) أنني فتحت الكتاب على هذه الصفحة، وكأنني لم اقرأها من قبل أبدا، والسبب أنني أقرؤها الآن بعدما صار اسم (ضياء) يعني لي ويعني. قال (ص 280): (إني أشعر شعورا غريبا بحب الضوء وكراهية الظلام، فأحب النهار وأكره الليل، وأحب من الألفاظ كل ما يدل على الضوء، وأكره منها كل ما يدل على الظلام، وأحب النهار تطلع شمسه، وأكره السحاب يغشى الشمس، ومن أجل ذلك وضعت بجانب سريري زراً، كلما شعرت بالظلام ضغطت عليه فأضاءت الحجرة) | *زهير | 3 - أكتوبر - 2006 |
 | علي بك فوزي (الغريب التائه)     ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
قال المرحوم أحمد أمين في كتابه (حياتي) (طبعة مكتبة النهضة المصرية: الطبعة 6ص 236) أثناء حديثه عن زيارته استنبول في يونيو 1928م : (ومن خير المصادفات أن رأيت في الأستانة (علي بك فوزي) أستاذنا القديم في مدرسة القضاء (*) وكان قد استقال من منصبه الحكومي وخرج من مصر لأنه لم يطق أن يرى الجندي الإنجليزي يحتل بلاده والجرسون اليوناني في القهوة يتمتع بامتيازات لا يتمتع هو بها، فخرج من وطنه هاربا، وطوف بالبلاد وحط رحله في الأستانة، يقنع بخمسة وعشرين جنيها معاشا له، يصرف أقلها على نفسه وأكثرها على الفقراء من حوله. ظللت أبحث عنه في الأستانة طويلا حتى وجدته، فوجدت لقيتي، لأني أعلم أنه أقدر الناس على أن يشرح لي الانقلاب الحديث في تركيا ونتائجه وما فيه من خير وشر... وقال لي: لقد عشت في إنجلترا وفرنسا وألمانيا فلم أجد الصدر الرحب الحنون الذي أشعر به في إقامتي في تركيا. وسألته هل هو راض في خطته التي اختطها في الامتناع عن الزواج? فقال: إنه آسف على هذه الخطة، ويود لو عاد إلى الشباب فتزوج.. وأنه الآن من غير زواج في شيخوخة بائسة تنتظر الوفاة ... والرجل من غير شك شخصية غريبة لم أر مثلها، يحب بلده مصر من صميم قلبه، ويحب المسلمين ويرثي لحالهم، ويتدين تدينا مزيجا من قلبه وعقله، فيفطر على كوب من اللبن عند شروق الشمس، ولا يحرم عليه الماء، ويبقى على ذلك إلى موعد الإفطار فيفطر، ويعني بصيامه عدم كثرة الأكل، والامتناع عن أكل الأشياء الدسمة، ومما دعاه إلى ذلك أنه كان يسكن في استانبول فوق جماعة من الإفرنج، يخشى إن هو تسحر في رمضان أن يزعجهم بحركاته، فهو يصوم هذا الصيام الذي ذكرنا من غير سحور.
أهداني يوم وداعه مجلة إنجليزية كان يصدرها (عنايت خان) في سويسرة في التصوف، يدعو فيها إلى التصوف العام من غير تقيد بتفاصيل دين خاص، ولذلك كان من أعضائها المسلم واليهودي والنصراني. وأخبرني علي بك فوزي أنه عُرض عليه بعد وفاة (عنايت خان) أن يرأس هذه الجمعية فأبى، لأنه لا يحب أن يتقيد بالتقاليد والشعائر على أي شكل كانت. منشأ عذاب هذا الرجل وشقائه رقة إحساسه ودقة شعوره البالغ.
وفي يوم (5 يوليو) زرنا (فؤاد بك كوبرلي) تلبية لدعوته في منزله قرب مسجد السلطان أحمد، بيت قديم عظيم، يظهر أنه بيت الأسرة، في غاية النظافة والنظام فرشت سلالمه بالسجاد الفاخر، ووصلنا إلى حجرة كبيرة صففت في جوانبها دواليب الكتب على أجمل وضع، ووضعت في وسطها مائدة كبيرة للمطالعة. استقبلنا فؤاد بك وهو شاب في نحو الثلاثين من عمره، مملوء نشاطا وأدبا، يلمع في عينه الذكاء، وقد كان يحضّر موضوعا لمؤتمر المستشرقين، تحدثنا عن جامعتنا وجامعتهم والنشرات والكتب التي تنشرها الجامعتان، ثم تكلمنا عن المستشرقين وما يؤدونه من خدمة للعلم لولا لعب السياسة بعقول بعضهم، وانتقلنا إلى الفرق الإسلامية وصعوبة الوصول فيها إلى حقيقة، لأن الذين يكتبون فيها إما مؤيد غال أو معارض قال، وسألني: هل الإسلام شجع الصوفية أو ناهضها ? وكان من رأيي أنه شجعها. وكنت أعلم أن فؤاد بك أحد دعاة الإصلاح الديني والاجتماعي القائم الآن في تركيا، فأثرت هذا الموضوع مرتين لأعلم ما عنده وعند أصحابه من قواعد يبنون عليها إصلاحهم فكان في كل مرة يغلق هذا الباب بمهارة وينقل الحديث إلى موضوع آخر.
_____________
وفي الكتاب أيضا ص 103 تعريف بعلي بك فوزي، وأنه درس في مدرسة المعلمين وتخرج من معاهد أنجلترا، وكان يدرسنا التاريخ...وهو رجل غريب بديع ظريف المظهر قصير القامة، يخفي قصر قامته بطول طربوشه وعلو جزمته، يجيد الإنجليزية والفرنسية والفارسية والتركية، ويلتزم الكلام باللغة العربية الفصحى فلا يلحن، ويدخل علينا متأبطا كتبا في جانبيه لعلها تزن أكثر منه، ولا يدع الفرّاش يحملها له... ويخرج احيانا عن الدرس إلى آرائه في الحياة وفلسفته في المقارنة بين المدنية الشرقية والمدنية الغربية | *زهير | 4 - أكتوبر - 2006 |
 | من تجارب أحمد أمين كن أول من يقيّم قال المرحوم أحمد أمين في كتابه حياتي (ص 287): (وكان من تجاربي أني رأيت أكثر الناس يسيرون مع العظماء في آرائهم وأفكارهم ولو اعتقدوا بطلانها، ولكن إذا تشجع أحد ودافع عن الحق وجهر به وصمم عليه تبعه هؤلاء وانضموا إلى جانبه ضد العظماء، فليس عندهم من الشجاعة ما يبدأون به قول الحق، ولكن ليس عندهم أيضا من السفالة ما يناهضون به قائل الحق) | *زهير | 4 - أكتوبر - 2006 |
 | والد أحمد أمين     ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم هذه صفحات مختارة من كتاب (حياتي) المذكور في البطاقات السابقة، وهي من صميم هذا الملف (أحاديث الوطن والزمن المتحول) وكان المرحوم أحمد أمين قد خص والده بصفحات مطولة تحدث فيها عن جديته وصرامته وسيطرته على البيت، وجودة خطه، وعمله مصححا في المطبعة الأميرية، وما أثمر عمله فيها من مكتبة عامرة كانت في البيت بمثابة أزهر صغير، ونقتطف من حديثه عن أبيه هذه الكلمات قال: (وكان أبي مدرسا في الأزهر ومدرسا في مسجد الإمام الشافعي وإمام مسجد، ويتقاضى من كل ذلك نحو اثني عشر جنيها ذهبيا، وكان ثمن عشر بيضات قرشا، ورطل اللحم بثلاثة قروش أو أربعة.. ويغمر البيت شعور ديني، فأبي يؤدي الصلوات لأوقاتها ويكثر من قراءة القرآن صباحا ومساء، ويصحو مع الفجر ليصلي ويبتهل، ويكثر من قراءة التفسير والحديث، ويكثر من ذكر الموت ويقلل من قيمة الدنيا وزخرفها، ويحكي حكايات الصالحين وأعمالهم وعباداتهم، ويؤدي الزكاة، يؤثر بها أقرباءه، ويحج، وتحج أمي معه.. ويوقظ أولاده لصلاة الفجر، ويراقبهم في أوقات الصلاة الأخرى، ويسائلهم متى صلوا وأين .. وبالجملة إذا فتحت بيتنا شممت منه رائحة الدين... فإذا رأيتَ دينا يسكن في أعماق قلبي، وإيمانا بالله لا تزلزله الفلسفة ولا تشكك فيه مطالعاتي في كتب الملحدين، أو رأيتني أكثر من ذكر الموت وأخافه، ولا أتطلع إلى ما يعده الناس مجدا، ولا أحاول شهرة... وإذا رأيت بساطتي في العيش وعدم احتفائي بمأكل أو مشرب أو ملبس، وبساطتي في حديثي ولقائي، وكراهيتي لكل تكلف وتصنع في أساليب الحياة، فمرجعه إلى تعاليم أبي وما شاهدته في بيتي) (أحمد أمين: "حياتي" نشرة مكتبة النهضة المصرية ط6 ص20 وص22 )
| *زهير | 5 - أكتوبر - 2006 |
 | حديث النرجس كن أول من يقيّم (وبيتنا لم يكن يعنى بتربية الذوق أية عناية، فليس فيه لوحة جميلة، ولا صورة فنية، ولا أثاث منسق جميل، ولا زهرية ولا ازهار، وكل ما أذكره من هذا القبيل أن أبي كان يشتري في موسم النرجس بعضا من ازهاره، ويضعه في كوب منالماء على الشباك، ويشمه من حين لآخر. ولست أدري لماذا أعجب بالنرجس وحده، وموسمه قصير وليس أجمل الزهور? ولماذا لم يعجب بالورد والياسمين، وهما أجمل وأرخص وموسمهما أطول. وربما أن السبب في ميله إلى النرجس دون غيره ليس لذوق ولا حب الجمال، ولكن اظن أنه قرأ حديثا يمدح النرجس يأنه يمنع البرسام، والبرسام لوثة من الجنون، فظل الحديث يعمل في نفسه، ولذلك كان يشتريه) (أحمد أمين: "حياتي" نشرة مكتبة النهضة المصرية ط6 ص 50)
| *زهير | 5 - أكتوبر - 2006 |
 | تحت السياط كن أول من يقيّم
قال المرحوم أحمد أمين في مقدمة كتابه (حياتي) (ص 12): (نظر مرة إلى رأسي أستاذ جامعي في علم الجغرافيا وحدق فيه ثم قال: هل أنت مصري صميم ? قلت: فيما أعتقد، ولم هذا السؤال ? قال: إن رأسك كما يدل عليه علم السلالات رأس كردي. ولست أعلم من أين أتتني هذه الكردية، فأسرة أبي من بلدة (سمخراط) من أعماق البحيرة، أسرة فلاحة مصرية، ومع هذا فمديرية البحيرة على الخصوص مأوى المهاجرين من الأقطار الأخرى، فقد يكون جدي الأعلى كما يقول الأستاذ كرديا أو سوريا أو حجازيا، أو غير ذلك، ولكن على العموم كان المهاجرون من آبائي ديمقراطيين، من أفراد الشعب، لا يؤبه بهم ولا بتاريخهم. ولكن لعل مما يؤيد كلام الأستاذ أني أشعر بأني غريب في أخلاقي وفي وسطي. وهذه الأسرة كانت كسائر الفلاحين تعيش على الزرع، وحدثني أبي أنهم كانوا يملكون في بلدهم نحو اثني عشر فدانا، ولكن توالى عليهم ظلم (السخرة) وظلم (تحصيل الضرائب) فهجروها. وكانت السخرة أشكالا وألوانا: فسخرة المصالح العامة: كالمحافظة على جسور النيل أيام الفيضان، فعمدة البلدة يسخر الفلاحين ليحافظوا على الجسور حتى لا يطغى النيل فيغرق البلد. فإذا تخلف أحد ممن عين لهذه الحراسة عُذب وضُرب، وهو يعمل هذا العمل من غير أجر. وسخرة المصالح الخاصة: فالغني الكبير والعمدة ونحوهما لهم الحق أن يحشدوا من شاءوا من الفلاحين المساكين ليعملوا في أرضهم الأيام والليالي من غير أجر. ولما أبطل رياض باشا السخرة والضرب بالكرباج في عهد الخديوي توفيق نقم عليه الوجوه والأعيان وعدوا ذلك من عيوبه، وقالوا إنه أفسد علينا الفلاحين. وهكذا كان في كل ناحية من نواحي القطر عدد قليل من الوجود والأعيان هم السادة، وسواد الناس لهم عبيد، بل هؤلاء الوجوه والأعيان سادة على الفلاحين وعبيد للحكام. وأما الضرائب فلم تكن منظمة ولا عادلة. فأحيانا يستطيع أن يهرب الغني الكبير من دفعها أو يدفع القليل مما يجب عليه منها، ويتخلص من الباقي بالرشوة أو التقرب إلى الحكام. ثم يطالب الفقراء والمساكين بأكثر مما يحتملون، فإن لم يدفعوا بيعت بهائمهم الهزيلة وأثاث بيوتهم الحقيرة، ثم ضربوا بالكرباج وعُذبوا عذابا أليما. فكان كثير منهم إذا أحس أنه سيقع في مثل هذا المأزق حمل أثاث منزله على بهائمه وخرج هو وأسرته هائمين على وجوههم في ظلمة الليل، وتركوا أراضيهم، ونزلوا على بعض أقاربهم أو على البدو في الخيام، أو حيثما اتفق. فعلت ذلك أسرة علي باشا مبارك، وفعلته أسرتي، وأسر كثير من الناس. وفي ليلة من الليالي خرج أبي الصغير وعمي الكبير من سمخراط يحملان معهما القليل من الزاد والأثاث، تاركين الأطيان حلا مباحا لمن يستولي عليها ويدفع ضرائبها، ونزلا في حي المنشية (بقسم الخليفة) ولا قريب ولا مأوى) | *زهير | 5 - أكتوبر - 2006 |
 | رضيع الأحزان كن أول من يقيّم كان لي أخت في الثانية عشرة من عمرها شاء أبي ألا تستمر في البيت من غير عمل فأرسلها إلى معلمة تتعلم عندها الخياطة والتفصيل والتطريز، وقامت يوما تعد القهوة لضيوف المعلمة، فهبت النار فيها واشتعل شعرها وجسمها، وحاولت أن تطفئ نفسها أول الأمر فلم تنجح، فصرخت ولكن لم يدركوها إلا وهي شعلة نار، ثم فارقت الحياة بعد ساعات. وكان ذلك وأنا حمل في بطن امي، فتغذيت دما حزينا، واستقبلت عند ولادتي استقبالا حزينا، فهل كان لذلك أثر فيما غلب علي من الحزن في حياتي، فلا أفرح كما يفرح الناس، ولا أبتهج بالحياة كما يبتهجون ? علمُ ذلك عند الله والراسخين في العلم. (أحمد أمين: "حياتي" نشرة مكتبة النهضة المصرية ط6 ص 19) (وكان مولد أحمد أمين يوم 1/ اكتوبر/ 1886هـ) وهو يذكر في الكتاب أيضا (ص 122) قصة موت اخيه بحمى التوفوئيد وهو في السادسة عشرة من عمره، بعد إصرار أبيه على عدم إدخاله المشفى ? ولم تمض إلا سنة وبضعة أشهر حتى توفي أخوه الثاني بعد شلل في المخ، وهو أيضا في الخامسة والثلاثين من عمره، وبقي أحمد أمين هو الشاب الوحيد لأبويه وأختيه. | *زهير | 5 - أكتوبر - 2006 |
 | السقا كن أول من يقيّم
لم تكن المدينة قد غزت البيوت، وخاصة بيوت الطبقة الوسطى أمثالنا، فلا ماء يجري في البيوت، وإنما هو سقاء يحمل القربة على ظهره ويقذف ماءها في زير البيت، تملأ منه القلل وتغسل المواعين، وكلما فرغت قربة احضر قربة. والسقا دائم المناداة في الحارة، وحسابه لكل بيت عسير، إذ هو يأخذ ثمن مائة قربة في كل أسبوع، فتارة يتبع طريقة أن يخط خطا على الباب كلما أحضر قربة، ولكن بعض الشياطين يغالطون فيمسحون خطا أو خطين، ولذلك لجأ السقا إلى طريقة (الخرز) فيعطي البيت عشرين خرزة، وكلما أحضر قربة أخذ خرزة، فإذا نفذت كلها حاسب أهل البيت. وأخيرا وأنا فتى رأيت الحارة تحفر والأنابيب تمد، والمواسير والحنفيات تركب في البيوت، وإذا الماء في متناولنا وتحت أمرنا، وإذا صوت السقا يختفي من الحارة. (أحمد أمين: "حياتي" نشرة مكتبة النهضة المصرية ط6 ص 22) أقول أنا زهير: كلام أحمد أمين هذا أواخر القرن التاسع عشر، ولكنني أنا شهدت ذلك في دمشق عام 1963م وكنت أرى السقا إثر السقا يمشي من أمام بيتنا مائة مرة في اليوم، وسبب ذلك أن عددا هائلا من أهل فلسطين تديروا المنطقة الواقعة سفح جبل قاسيون، ولم تكن انابيب المياه قد وصلت إلى تلك المنطقة بعد، وكان الحمار الواحد يحمل قربتين فقط، بل كانت القربتان تتخذ شكل الخرج (الحمل). | *زهير | 5 - أكتوبر - 2006 |