البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الأدب العربي

 موضوع النقاش : خطوط نقدية حمراء    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )

رأي الوراق :

 ياسر إبراهيم 
8 - أبريل - 2006

                         خطوط نقدية حمراء

                 (2) تجليات المعرفة الباطنية في [ سيميائي ] " باولو كويلهو "

                            الأداة السحرية كمحرك لفعل الإشراق

               ______________________________________

(أ?)    ? مفتتح الدائرة : من الحلم إلى الحجرين عبر الساحرة و الملك .

الراصد لسيرة الأديب البرازيلي " باولو كويلهو " و تقلباته الحياتية خلال مشواره السابق على تفرغه التام للإبداع الروائي لابد و أن تستوقفه ملاحظة انخراط الأديب المذكور في نشاطات تتعلق بممارسة السحر و محاولة استرفاد القوى الغيبية ، عن طريق انضمامه لإحدى الجماعات المشتغلة بهذا المجال في إنجلترا .

و الحقيقة أن هذا التوجه له ما يبرره على مستويين :

الأول : تلك الصبغة النفسية التي تسود كنمط عام يميز سلوك المبدعين بصفة عامة في انكبابهم الزائد على سبر أغوار الخفي و اقتفائه و امتياح رموزه و مجاليه في نواتج إبداعاتهم الخاصة .

الثاني : هذه التركيبة شديدة الخصوصية التي تطبع بميسمها نفسية " باولو كويلهو " و التي أفرزت تناقضا على المستوى الظاهري لسلوكه الخاص و الذي يصفه بنفسه على أنه : ( ربما حار أهله بسلوكه غير المعتاد ، نصف خجول ، نصف استعراضي ، و رغبته في أن يكون " فنانا " ، شئ اعتبره كل فرد في عائلته وصفة تامة للانتهاء إلى منبوذ اجتماعي أو الموت بؤسا ) (1) .

و برغم وقوعه فريسة للأزمات النفسية ، مما استدعى علاجه في " مستشفى الدكتور إيراس في ريو دي جانيرو " لثلاث مرات متعاقبة خلال الأعوام 1965 ، 1966 ، 1967 على التوالي ، فإن أديبنا فيما يبدو كان أصلب عودا من المعتاد ، بل و مقاتلا من الدرجة الأولى ، حيث لم تكل يداه ? برغم ما هو متوقع ? من توالي الطرق على أبواب المجهول الكوني ، علها تجود بما يبل صدى نفسه الحائرة ، فكان أن انضم كما سبق إلى إحدى الجمعيات الإنجليزية المشتغلة بفنون السحر و منتميا إلى جماعات " الهيبيز " ، ثم منتهيا إلى مؤمن كاثوليكي متفرغ لإبداعاته الأدبية .

هذا الزخم من الخبرة الحياتية مضافا إليه عقلية طلعة منفتحة على ثقافات العالم جعلت من مفردات العالم الغيبي في بعده السحري أدوات مطواعة في متناول قلم " باولو كويلهو " ، مفجرة سياقات جمالية و معرفية تحيل إلى فضاء الأسطورة و الخرافة و الحكمة القديمة ، مما يثير عبقا دسما لا يخطئه المتذوق لفن " كويلهو " .

إلا أنني في طرحي هذا أسمح لنفسي بالذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك ، فأنا أزعم أن هذه المفردات الغيبية ? خاصة ما كان منها منتميا إلى فضاء السحر بمعناه الطقسي ? تلعب دورا أساسيا بوصفها دوافع أولية محركة لفعل السرد في أعمال " كويلهو " ، بل و مطورة لذات الفعل ، مما يسمح بإمكانية استخلاص نسق بنائي كامل يتحكم في تطور السرد و تتابع الحدث و نمو الشخصيات .

و كنموذج تطبيقي فقد آثرت أن أنطلق من النص الشهير [ السيميائي ] The Alchemist و ذلك لعدة أسباب : أولها و أظهرها ، ارتباط النص في نسقه الحكائي بشخصية الخيميائي / السيميائي . ثانيها إسهاب  " كويلهو " في استرفاد الممارسات السحرية و السيميائية بمحمولاتها المادية و المعرفية مستعينا بمحورية المعرفة السيميائية و صياغتها لعوالم أبطال النص .

و ربما يكون من المنطق أن نبدأ بمدخل ذي صلة بمفهوم السيمياء كما يفهمها المعنيون بالغيبيات و كما صاغ " كويلهو " نصه على هدي هذا المفهوم :

( تعني كلمة " شم " أو " كم " اللون الأسود في الهيروغليفية ، و لأن مصر أرضها سوداء فقد جرت العادة على استعمال الكلمة حين وصف مصر . و يذهب كثير من العلماء إلى أن مصر مهد الكيمياء ، و لهذا أطلقت الكلمة اشتقاقا من كلمة " كم " أو نسبة إليها . و يتبع رأي آخر ما كتبه " تزوسيموس " Zosimus ، و هو كاتب من " بانوبوليس " عاش في القرن الرابع الميلادي ، و يقول الكاتب المذكور أن مخترع الكيمياء كان رجلا يدعى " شيمس " Chemes و أنه ألف كتابا أسماه " شما " أو " كما " منذ عهد سحيق ، ساعدته فيه بنات الناس اللائى تزاوجن من الملائكة الذين هووا ) (2) .

( و كانت صناعة الكيمياء قديما تقوم على أساسين ، البحث عن شجرة الحياة أو شجرة المعرفة ، و قد مزجوهما في شجرة واحدة ، ثم حجر الفلاسفة ) (3) .

تلك الإحالة إلى المنشأ المصري للكيمياء القديمة " السيمياء " ، و هذا الحصر في سعي علم قديم إلى حيازة منبعي الخلود و الثروة ? شجرة الحياة و حجر الفلاسفة ? يجدان صداهما في دوافع الرحلة التي خاضها الراعي الشاب " سانتياجو " بطل [ السيميائي ] ، و التي بشروعه فيها فإن فعل السرد يبدأ في الانفجار مفتتحا دائرة عودها على بدئها في ذات نقطة الانطلاق ? مدينته الوطن ? و لكن شتان ما بين البدء و العودة ، فبدء الرحلة يتم و البطل لما يتفتح وعيه بعد ، فهو ما زال في طوره الغفل ، فما أشبهه بالمادة الغفل لمعدن اعتيادي يوشك أن ينصهر في بوتقة سيميائي محنك يروضه عبر سلسلة من الأحوال و الأفعال حتى تتوهج طينته و تتخلص من خبثها و تصل إلى فورانها الأقصى ، فما يعتم أن يلقي إليها بنفحة محسوبة من سر حجر الفلاسفة ، فتشهق الروح في غمرة المشاهدة و يتسلخ الفؤاد عن طوره الغشيم إلى كينونته العارفة بالفعل بعد أن كانت قيد المعرفة بالإمكان .

إلا أن " كويلهو " لا يقنع فقط بالإطار المعرفي الدال و الموحي لنسق الرحلة / الطواف في الحج / المعرفة الباطنية الذوقية / التحول السيميائي من الخبيث إلى النفيس ، لكنه و بقوة يشرع في اتخاذ تدابير إجرائية تضمن دوام و استمرار فعلي التدفق / التطور لكل من الشخوص و الأحداث على حد سواء ، و هو ما يمكن تتبعه فيما يلي :

1-    إدراك الراعي الشاب ? على المستوى الحدسي ? أن وعيه ما زال مدرجا في أكفان الغفلة ، هذا الإدراك يأتي مشفوعا بنزوع لاستكناه الدلالة السحرية للأحلام كعامل للتفسير و الإيعاز بالفعل معا ، و هو ما تسوقه الجمل الدالة : ( كانت العتمة لا تزال سائدة عندما استيقظ ، تطلع إلى أعلى ورأى من خلال السقف نصف المحطم نجوما تتلألأ . و فكر لنفسه : " كنت أود أن أنام فترة أطول " كان قد عاوده نفس الحلم الذي رآه في الأسبوع السابق ، و مرة أخرى استيقظ قبل نهاية الحلم ) (4) .

(و بدأ الشاب يدهش للأفكار التي تنتابه ، و اكتشف أنها غريبة . ربما كانت الكنيسة التي تنمو في داخلها شجرة الجميز مسكونة بالأشباح . أيكون هذا هو السبب في أنه قد رأى ذلك الحلم نفسه مرة أخرى ) (5) .

و أتوقف هنا للحظة عند دلالة رمز الشجرة النابتة فوق هيكل الكنيسة ، و ما يتضمنه من مزاوجة بين شجرة الخطيئة المسيحية و هي ذات الشجرة التي تتخذ مظهرا معرفيا و سرمديا في المفهوم السيميائي ، و التي بعد أن يتم تفتح الوعي في ختام رحلة " سانتياجو " تكون هي ذاتها مناط الرحلة و مخبأ الكنز .

ذات الكنز الذي اختتم فعل القص ? و المكون من عملات ذهبية أسبانية قديم و أقنعة ذهبية توحي بغزوة أسبانية لإحدى حضارات أمريكا الوسطى ? يحيل إلى بداية القصة حين يحكي الفتى كيف بدأ كراع : ( لم يضف الأب شيئا إلى ما قاله ، و في اليوم التالي أعطى ابنه صندوقا يضم ثلاث عملات ذهبية أسبانية قديمة . قال لولده : هي عملات وجدتها ذات يوم في أحد الحقول ) (6) . ها نحن أولاء أما دائرة أخرى تبتدئ بذهب من نفس نوعية الذهب الذي تختتم به ، الذهب الذي صاغ " سانتياجو " راعيا ، هو ذاته الذي توج نجاحاته طوافا في الآفاق و مطمئنا بالمعرفة ، و هو ذاته المعدن الذي ينتظم جهود السيميائيين في سعيهم لإتقان حرفة [ التحولات ] . ثم تأتي هذه الإحالة العرضية إلى مصدر الذهب في كل من عطية الأب و لقية الكنز ، فكلاهما يحيل إلى حضارات أمريكا الوسطى التي ألهبت خيال الفاتح الأسباني " كورتيز " لغزو " مونتيزوما " في عقر ما تبقى من مجد مهيض لنهب ذهب حضارات السحر و الأسطورة ، حضارات الضحايا البشرية و الثعبان الريشي ، حضارات " إنكا " ، " أزتك " و " مايا " .

هذا الوعي الحدسي الذي يدغدغ رغبة الرحلة في نفس " سانتياجو " كان من الطبيعي أن ينتهي إلى محض خاطر من الخواطر التي تجوس بخيالات الشباب المبكر ما لم يعمل " كويلهو " على تطويره إلى حيز الاستشراف :

2- و ذلك بدفعه إلى سياق القصة بشخصية ذات صلة بعين الوجود الغيبي ممثلة في عجوز غجرية قارئة للكف ، تكفل هي الأخرى استمرار النسق الدائري للأفعال ، فهي تظهر في بداية القصة بوصفها مفسرة للحلم و محرضة على الإخلاص للرؤيا ، و تظل كامنة في الوعي حتى تطل برأسها مرة أخرى في مختتم الدائرة مطالبة بحصتها الضمنية في كنز " سانتياجو " . إن هويتها السحرية تطفر عبر المونولوج الذي يسوقه " سانتياجو " في جلسته قبالتها ليحكي حلمه : ( و كانت الشائعة الرائجة أن الغجري شخص يقضي حياته في خداع البشر ، و قيل أيضا أن بينهم و بين الشيطان عهدا ) (7) .

إن العجوز في ظلال هذا المفهوم تعمل في اتجاهين متعاكسين : فهي من جهة عامل مثير للفضول بوكزه للوعي في اتجاه الحلم ، و من جهة أخرى هي عامل مثبط نظرا لسوء السمعة اللصيقة بها . هذا التعارض يلقي بالتبعة كاملة على الاختيار الحر للشخصية المنوطة بالصراع ? " سانتياجو " ? و في ذات الوقت يدفع بالبطل إلى معاناة إدراكه لإمكانية تطوير الذات بخوض رحلة مجهولة المعالم .

3-    ثم يعمق " كويلهو " من الدلالة السحرية في اختياره لوجهة الرحلة ? أهرام مصر ? بكل ما تمثله مصر و أهرامها من تداعيات سحرية و غيبية في العقلية الأوربية ، ترتبط بسحرة مصر القديمة و التراث الغيبي الذي يحوم حول علم الهرميات Pyramidology . و لكي يحافظ " كويلهو " على شحنة الغموض المفترضة في مثل هذه الإحالة فإنه لم يتطرق طوال تدفق السرد في الرحلة إلى استقصاء العنصر المكاني بتفصيلاته و إنما ظل المكان بمثابة حضور لفظي لا يتعدى ذكر الاسم ? مصر ، الأهرام ، أهرام مصر ? فالمراد هنا هو الإيعاز لا التقرير .

4-    ثم ما يلبث عامل التحريض أن يتخذ تحققه الأقصى في الظهور المفاجئ للشيخ الغريب العربي ، و الذي يواصل طوال استمرار السرد اقتسام ملامحه و سماته مع شخصيات أخرى ? بائع الحلوى و السيميائي ? مواصلا دوره التحريضي و الإرشادي لضمان اكتمال الدائرة و من ثم اكتمال وعي الشخصية و اكتمال التفاعل من أجل الترقي . في البداية تعمل هذه الشخصية من خلال عامل تشكيك في المسلمات الاعتيادية التي اصطلح معظم البشر عليها في سياق علاقاتهم بمفاهيم كتبهم السماوية . فغالب الناس يمارسون كسلا فكريا بشكل لا يسمح حتى بالنظر من زوايا مغايرة ، مما انعكس بالسلب على الشروح الخاصة بالكتب المقدسة ، و التي تصر في غالبها على تقديم صور من الجبر و المصائر المقررة سلفا مقصية عامل الإرادة للأبد مما يكرس للقدرية و التواكل ، و هنا يظهر المفهوم المغاير للسحر في بعده الإجرائي ( السحر قائم على ثقة الإنسان بأنه يستطيع السيطرة على الطبيعة مباشرة ، إذا عرف فقط القوانين السحرية التي تحكمها ، هو في هذا قريب من العلم . الدين و الاعتراف بالعجز الإنساني في بعض الأمور ، يرفع الإنسان فوق المستوى السحري ، و فيما بعد يحتفظ باستقلاله جنبا إلى جنب مع العلم الذي انهزم أمامه السحر ) (8) . يجد هذا المفهوم تحققه فيما يلي : ( تفحص العجوز الكتاب من جميع جوانبه كما لو كان أعجوبة و هو يقول : هه هذا كتاب مهم و لكنه ممل للغاية ... واصل العجوز حديثه : هو كتاب يتكلم عن الأشياء نفسها التي تكاد تتكلم عنها كل الكتب الأخرى ، أي عن عجز البشر عن أن يختاروا مصائرهم بأنفسهم ، و في النهاية يحاول أن يقنعك بأكبر كذبة في العالم . سأله الشاب مدهوشا : و ما هي إذن أكبر كذبة في العالم ?  - إليك هي : أننا في لحظة معينة من عمرنا نفقد السيطرة على حياتنا و من ثم يتحكم فيها القدر . تلك هي أكبر كذبة في العالم ) (9) . و كأن المفهوم الذي يقدمه " كويلهو " هنا لفعل السحر لا يتجاوز مفهوم الدين و لكن في كيانه الخالص المتخلص من إسقاطات البشر لمفاهيمهم القاصرة عنه و التي يحاولون فرضها على غيرهم بدعوى الوصاية و الهيمنة . كما يأتي هنا مفهوم دقيق ملتبس للوهلة الأولى ، هو ذلك المتمثل في وجوب اعتماد المرء على إرادته الخاصة لتحقيق " أسطورته الذاتية " من جهة ، و من جهة أخرى في وجوب اتباع المرء للعلامات و إخلاصه لحدسه دون تردد لنيل خلاصة ما خطته المقادير . إلا أن هذا الالتباس لا يلبث أن ينفك بالرجوع إلى التعريف السابق للسحر ، فالمرء بإدراكه لقوانين الكون الباطنية يلقي بنفسه في خضمها غير هياب من النزال و يخوض لجتها بكل تقلباتها واثقا من النتائج المقدرة سلفا و لكنه في ذات الوقت يكون مزاولا لفعل إرادي دفع به لاتخاذ القرار الذي أحجم عنه الكثيرون الذين فقدوا من ثم ما كان من الممكن أن ينالوه من خارطة القدر ? بائع الفشار كمثال ? و بذلك ندرك الالتباس في لفظة " مكتوب " التي يجب أن تكون قد ولدت عربيا لكي تدرك مغزاها . هذا التشابك يتعمق من خلال وصف شخصية الشيخ نفسها ، و التي تحمل في طياتها ذات التناقض و التنوع و الالتباس . فهو رث الهيئة الخارجية إلا أنه يرتدي درعا من الذهب السميك أسفل ملابسه الرثة ، و هو عربي الهيئة إلا أنه يصف نفسه بأنه " ملك سالم " في إحالة صريحة لمدينة " سالم " Salem الإنجليزية التي تعج بالساحرات و قرناء الشيطان في التراث الشعبي الإنجليزي الذي انتقل إلى صياغات السينما العالمية . و هو يعلم عن الشاب ما جعله يتخذ قراره النهائي باعتزال رعي الغنم استعدادا لخوض الرحلة ، و في ذات الوقت لا تمنعه حيازته للعلم و المال ? الدرع الذهبي و المعرفة / حجر الفلاسفة و شجرة المعرفة ? من طلب نسبة العشر في خراف الراعي كأجر للمساعدة .

و للحديث بقية .        

 

      

                                                            ياسر منجي

                                                   القاهرة في 29/6/2005

                                           Lucifer_yass@yahoo.com

 

                                          الهوامش

1-    باولو كويلهو ، فيرونيكا تقرر أن تموت ، ترجمة ظبية خميس، روايات الهلال ، العدد 627 ، مصر ، 2001 ، ص 20 .

2-    إبراهيم أسعد محمد ، نظرات في تاريخ السحر ، مطبعة الأمانة ، مصر ، 1976 ، ص 473 .

3-    المرجع السابق ، ص 475 .

4-    باولو كويلهو ، ساحر الصحراء ، ترجمة بهاء طاهر ، روايات الهلال ، العدد 571 ، مصر ، 1996 ، ص 14 .

5-    المرجع السابق ، ص 17 .

6-    المرجع السابق ، ص 19 .

7-    المرجع السابق ، ص 21 .

8-    برنسلاو مالينوفسكي ، السحر و العلم و الدين عند الشعوب البدائية ، ترجمة فيليب عطية ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، مصر ، 1995 ، ص 17 .

9-    باولو كويلهو ، ساحر الصحراء ، مرجع سابق ، ص 26 .

تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
على هامش الساحر 0000(2) قراءة مغرضة    كن أول من يقيّم
 

0000وتبدأرحلة سنتياجو  من كنيسة قديمة مهجورة فى أسبانيا  وتنتهى برجوعه إليها ، إلى ذات الكنيسة مرة أخرى دون أن تؤثر فيه الحياة التى عانى مرارتها وشقائها وعذابها وقلقها ورعبها ، بل عا د مطمئنا إلى معتقده الذى ثبت صحته وصدق إيمانه به ، لكنه رغم حصوله على يقينه وانشراح صدره ، لم يكتف ولم يشبع نهمه ولم تصف نيته ، التطلع يد فعه  إلى الشرق وينتظر أن ينال فاطمة ( هذا الأسم الرائع ومايثيره فى النفس من ذكريا ت)        ويقرر  هأ نذا  يافاطمة 00إنى قا د م000(لم أنس الصراع الذى حد ث فى مصر المحروسة وماكتبه د/ زكى نجيب محمود،_ شروق من الغرب_، والشيخ / محمد الغزالى_ ظلام من الغرب_ ))وما يدهشنى حقيقة ما سطرته يراع الروائى / بهاء طاهر: ويبدو للشاب أن رحلته قد انتهت إلى غايتها عندما يصل إلى واحة الفيوم مع القافلة ثم يظل محاصرا هناك بسبب حروب قائمة فى الصحراء ، فهناك يعثر على أثمن كنز كان يبحث عنه وهو الحب الحقيقى""""ترك سنتياجو أسبانيا ، ولم يجد الحب إلا فى الصحراء المصرية ?????!!!!!!!

تلح على إلحاحا قويا وتنثال على ذهنى ، بداية رواية العالمى / نجيب محفوظ ( رحلة إبن فطومة ) الصادرة فى سنة 1983    ""الحياة والموت ، الحلم واليقظة ، محطات للروح الحائر يقطعها مرحلة بعد مرحلة ، متلقيا من الأشياء إشارات وغمزات متخبطا فى بحر الظلمات ، متشبثا فى عناد بأمل يتجدد ، باسما فى غموض ،،،عما تبحث أيها الرحالة ????أى العواطف يجيش بها صدرك ??كيف تسوس غرائزك وشطحاتك ??لما تقهقه ضاحكا  كالفرسان ???ولما تذرف الدمع كالأطفا ل???وتشهد مسرات الأعياد الراقصة ، وترى سيف الجلاد وهو يضرب بلأعناق ، وكل فعل جميل  أوقبيح يستهل باسم الله الرحمن الرحيم ، وتستاثر بوجدانك ظلال بارعة ، براعة الساحر مثل الأم والمعلم والحبيبة والحاجب ،ظلال لا تصمد لرياح الزمن ، ولكن أسماءها تبقى مكللة بالخلود """"

رحلة  إ بن فطومة ، رحلة المعاناة والبحث عن مسارات الروح عبر مسارب الزمن ، وتأتى رحلة سنتياجو محملة بالأساطير والسحر والغمز واللمز ، ويفتن بها  الروائى بهاء طاهر، والمكتوبة سنة 1988وترجمها عن الفرنسية سنة 1996، ومنذ نشرها مترجمة وهى بين أيدى القلة القليلة من القراء 0000وبعد سقو ط بغداد العريقة ، يقول: بهاء طاهرمخاطبا  باولو كويلهو :(إن المكافئة الحقيقية للكاتب هى حب القراء له وشيوع أعماله ، ويستطرد إنه يكن تقديرا عميقا لباولو بسبب موقفه المعارض من الحرب ضد العراق ، ورسالته القوية إلى الرئيس بوش ))وعندئذ قام باولو متاثرا وصافح بهاء طاهر وانحنى مقبلا يده !!!!!!!! جريدة أخبار الأدب المصرية العدد   620    وأزعم أن تقبيل اليد لم يكن إلا ردا للجميل على ترجمة السيمائى وتجييش الكتاب والقراء لإستقبال باولو كويلهو والإحتفاء الغير عادى و الند وات الأدبية واستجلاب الجمهور ٍ، سواء بدار أخبار اليوم  ،،وإتحاد كتاب مصر وفتح أبواب الجامعة العريقة جامعة القاهرة وما أدراك ما جامعة القاهرة  أن تستضيف كاتبا ?????وهى القلعة الحصينة والمحرمة على العباقرة00

  كان الدكتور / يحيى الرخاوى فى دراسته المتعمقة الفريدة عن رواية ساحر الصحراء مقارنا إياها مع رائعة نجيب محفوظ رحلة إبن فطومة ،ملتمسا الصواب والجادة (محفوظ فى إبن فطومة تحمل مسؤلية الحيرة الوجودية التى انتهى إليها الإنسان المعاصر ولم يحلها بهذا الحل السحرى الذى يفرح به أهل الغرب أكثر منا 000كويلهو وهو إبن قومه  راح يقرص أذن ناسه  حتى لايذهب أى منهم بعيدا عن أسطورته الذاتية مهما بدت سحرا  أو  لا حتى غامضة وربما لهذا السبب انتشرت الرواية عندهم )ولم يكن الدكتور / أحمد عبدالله ،بعيدا عن الحق (أن بعض المصريين يرون أعما ل كويلهو خفيفة ومكررة وتشبه خلطة الحاج محمود التى تشفى الدماغ وتطهر الجوف من الدود ، ولكن يبدو أن العلاقة بين كويلهوومصر والمصريين تتجاوز قيمته كروائى إلى آفا ق وأعماق أخرى قد تكون منها موقفه الرافض للإحتلال الأمريكى للعراق وشعوره المعلن لمصر التى يرى أن زيارته بها قبل كتابة السيمائى قد غيرت مجرى حياته ))))ويضحى ما أكدنا عليه صحيحا وأن كويلهو هو نتاج ترجمة بهاء طاهر ولم يكن له ثمة وجود ولم تكن هذه الشهرة والوجود الطاغى على الساحة المصرية إلا بفضل بهاء طاهر والذين معه 0ويبدو أن فتنة الغرب  ما زالت تتسرب فى مناحى حياتنا وأين هذا السيمائى المتطفل من رحلة العنابى الشامخة أقصد رحلة إبن فطومة ?????????0

طنطا 0مايو 2005

*عبدالرؤوف النويهى
12 - أبريل - 2006