واسمها مارية بنت المنذر الأسود. ذكرالرواة ان الملك المنذر تزوجها بعد ان طلقها من زوجها بطريقة ماكرة وكان ثالث ازواجها. فلما مات المنذر خلف عليها ولده النعمان. وكان قصيراً ابرشاً دميم الوجه. وكان النابغة الذبياني لهُ حظوة عند النعمان, فقد كان شاعره ونديمهُ, ومن خواص اهل مجلسه. فرأى المتجردة يوماً وقد سقط ردائها, فاستترت عنهُ بكفيها وذراعيها, فكادت ذراعها ان تستر وجهها لعبالتها وغلظها, فأمره النعمان ان يصفها. فلم يترك النابغة موضعا من مواضع جسدها إلا وذكرهُ بالوصف في قصيدة شهيرة يقول فيها:
سقط النصيف ولم ترد اسقاطهُ فتـناولتـهُ واتقتـنا باليـد
بمخضب رخص كـأن بنانـهُ عنـم على إغصـانه لم يعقد
وبفاحـم رجل اثيـث نبتــهُ كالكرمِ مالَ على الرغام المسند
بالدرِ والياقوت زيـنّ نحرهـا ومفضل من لؤلؤ وزبرجــد
فإذا طعنتَ طعنتَ في مستهدف رابى المجسة بالعبير مقرمــد
واذا نزعتَ نزعتَ من مستحصف نزعَ الحزور بالرشاء المحصد
نظرت اليك بحاجة لـم تقضـها نظر السقيم إلى وجــوه العود
وقيل بل بلغ النعمان ماقالهُ النابغة في المتجردة, وعندهُ المنخل اليشكري, وكان من ندماءهِ, فقال: هذا قول من ذاق وجرب ايها الملك. فأستشاط النعمان غضباً وتوعد النابغة. وكان للنعمانِ حاجب اسمه عصام بن شهبر الجرمي وهو الذي يقول فيه الراجز:
نفس عصام سودت عصاما
وعلمتهُ الكـرَ والاقدامــا
وكان صديقاً للنابغة, فأبلغهُ الخبر, فهرب الى الغساسنة في الشام ومدحهم بشعرهِ.
وكان المنخل اليشكري - كما ذكروا - من اجمل اهل زمانهِ. وكان على علاقة بالمتجردة. فخرج النعمان يوماً يتصيد, فدعت المتجردة المنخل إلى مخدعها, فراحا يعبان من كؤوس الخمر حتى سكرا, فلما اخذت النشوة مأخذها من المتجردة, تناولت خلخالا لها, فوضعته في رجل المنخل, ثم شدته الى خلخالها. وتشاغلا عن الوقت بالسمر ومطارحة الهوى, فدخل النعمان وهما على تلك الحالة, فأمر بالمنخل فدفن حياً, وخفي اثره. وصارت العرب تضرب به المثل في استحالة الاياب. يقول النمر ابن تولب:
وقولي اذا ماطلقوا عن بعيرهم تلاقونه حتى يؤب المنخلِ
وذهب بعضهم الى ان علاقة المنخل انما كانت بهند ابنة النعمان التي يقول فيها:
ولقد دخلتُ على الفتـاة الخدر في اليوم المطير
الكاعب الحسناء ترفل في الدمقس وفي الحرير
دافعتـها فتدافعـت مشي القطـاة الى الغديـر
ولثمتها فتنفست كتنفس الضبي الغرير
ورنت وقالت يا منخل هـل بجسـمك من فتور
مامس جسمي غير حبكِ فاهدئى عني وسيري
يا هندُ هل من نائل يا هندُ للعـاني الاسير
وأُحبها وتحبني ويحب ناقتها بعيري
فاذا سكرتُ فانني ربُ الخورنقِ والسديـر
واذا صحوتُ فانني رب الشويهة والبعيـرِ
|