البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : عالم الكتب

 موضوع النقاش : ويسألونك عن " ابن صفُّور"!!    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )

رأي الوراق :

 أبو النصر 
9 - مارس - 2006

ويسألونك عن " ابن صفور".

:" بلية البلايا في تراثنا القديم التصحيف ، وخاصة في أسماء المواضع ؛ حيث لا توجد قرينة في الكلام توضح الوجه الصحيح ..". (أقول: وكذلك أسماء الأعلام؛ فليس قبلها ولا بعدها ما يدل عليها)

العلامة  حمد الجاسر ـ رحمه الله ـ

 

 

يعتبر قاضي الجماعة أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد ابن رشد    القرطبي  المعروف بـ ابن رشد  الحفيد (520ـ 595هـ)، حكيم الأمة الفيلسوف الطبيب  ، الفقيه النظار، أحد الأعلام الذين تفتخر بهم الحضارة  الأندلسية الإسلامية ..وأحد الأساتذة الكبار الذين انتفع بهم الفكرالغربي.

وقد كان في اجتهاده في الطلب والتحصيل  على غاية عظيمة ؛  بحيث حكي  أنه لم يدَع النظر  ولا القراءة  مدة حياته إلا في يومين : يوم وفاة والده، ويوم بنائه بأهله.

وقد خلف ـ رحمه الله ـ  مصنفات  جليلة في مختلف العلوم من الطب والفلسفة ، والعربية والفقه  وهي معروفة مشهورة ، والذي يهمنا في هذا المقال منها كتابه العظيم  المعروف بـ "بداية المجتهد ونهاية المقتصد"

الذي يقول فيه  ابن الأبار :"  كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد في الفقه، أعطى فيه أسباب الخلاف وعلل ووجه،فأفاد وأمتع به، ولا يعلم في فنه أنفع منه ولا أحسن مساقا  ".

وقال فيه الحجوي :" وله بداية المجتهد المطبوعة  المتداولة ؛ دالة على باع وكمال اطلاع على اختصارها، وبدايته نهاية ُغيره ".

ينظر: التكملة لابن الأبار(2/73)،  والفكر السامي 2/267

ولأن هذا الكتاب يتمتع بمزايا عديدة كحسن التصنيف والترتيب، وذكر الخلاف ، والتعليل والموازنة ، وكونه مرجعا مهما  بين كتب الفقه،  فقد اشتهر  تداوله في هذا العصر، واعتمد تدريسه في كثير من الجامعات ، ومع أهميته البالغة فلم يخدم على الوجه المطلوب ، بل صدرت له عدة طبعات ، ليس منها طبعة متقنة محررة   مبرأة من التحريف والتصحيف بل كل طبعة تعتمد على سابقتها، فتقع في نفس الخطإ أو قد تزيد ، ولا أدل على ذلك من هذا  التحريف  الشنيع، والتصحيف البديع   الذي لم يزل ينتقل من طبعة إلى أخرى من غير أن ينتبه إليه ، أو يكشف عنه..واستغلق أمره على الذين  حققوا  الكتاب أو درسوه ..

 فقد عرض لي  ذات مساء أحد الإخوة    يسأل  ـ وعلائمُ اليأس بادية  على وجهه، ودلائل الإحباط ظاهرة في جبينه ـ : هل فيه عالم يسمى " ابن صفور" ?

ـ ولماذا "ابن صفور" ?

قال: إن مدرس الفقه قال لنا: إنه منذ  سنين يبحث عن ترجمة  لهذا الرجل فلم يظفر بشىء ، وقد صرح بهذا في الفصل أمام الطلاب، وقال: من يأتني بترجمته فله كذا وكذا ...?

وطفقت أتذكر، من سيكون ابن صفور هذا ?

ولكني في الحقيقة لم أهتم به كثيرا، ألقيت نظرة عجلى على المصادر التي تحت يدي   في تراجم علماء الأندلس، أو طبقات المالكية ، أو الأعلام  على العموم  فلم أجد شيئا

وقلت لصاحبي: لم أقف على شيء  ثم افترقنا؛ بيد أن صدى هذا السؤال لم يزل يتردد في سمعي ، ويجول في خاطري مما جعلني أستأنف البحث من جديد : من سيكون (ابن صفور) هذا ?

فرجعت أولا إلى بداية المجتهد لأقف على النص الذي ورد فيه ذكر (ابن صفور)، وكيفية وروده ، والسياق الذي سيق فيه.

وقد ورد في (كتاب الضحايا / المسألة الثانية: وهي معرفة السن المشترطة في الضحايا )، وأذكر النص  هنا بتمامه لتضح الصورة في ذهن القارئ .

قال ابن رشد :" وقد صحح هذا الحديث أبو بكر ابن صفور، وخطَّأ أبا محمد ابن حزم  فيما نسب إلى أبي الزبير في غالب ظني في قول له رد فيه على ابن حزم ".

و من خلال تأمل هذا النص يتميز لنا (ابن صفور) هذا بأمرين :

ـ أولا: المدة الزمنية وأنه من أهل القرن الخامس أو السادس الهجري  قطعا من  غير شك ؛ لأن ابن رشد الحفيد المتوفى  سنة (595هـ) ينقل عنه ، فهو سابق له.   

وهو يناقش ابن حزم المتوفى  سنة (456هـ) ويرد عليه ؛ مما يعني أنه معاصر له، أو جاء بعده.

وثانيا: الاختصاص.  فرجل يرد على ابن حزم ويناقشه في علل الأحاديث والتخريج ...إلخ لا بد أن يكون من المحدثين الحفاظ.

ـ مراجعة طبعات:" بداية المجتهد".

وقد وضعت هاتين الملاحظتين نصب عيني قبل الشروع في البحث ، ولكني آثرت  الرجوع   قبل ذلك إلى   " بداية المجتهد " في طبعاتها المتعددة، المحققة وغيرها  لعلي أظفر  بما  يحل هذا الإشكال، ويزيل اللبس، ويكفيني عناء التخمين، ومشقة التفتيش ، وبدأت أراجع  الطبعة الأولى والثانية ...طبعة فلان، وطبعة فلان ، لأرجع  في النهاية بدون أي نتيجة ، ورجعت كما بدأت  والإشكال  ما زال قائما، ووجه الصواب كذلك غائما، كما قال الشنفرى:

فأيمتُ نسوانا وأيتمْتُ إِلْدةً * وعدتُ كما أبديت والليل ألْيَل

وإليك بيان بما في الطبعات التي وقفت عليها:

1 ـ نشرة مكتبة الكليات الأزهرية  (1 /453) وكتب ناشره في الحاشية :"  هكذا بالأصل ، وليحرر ".

2ـ وفي طبعة دار الكتب الإسلامية  تـ: عبد الحليم محمد عبد الحليم    ط2، 1403هـ  (1/504) مثله (وليحرر)

3 ـ وفي الطبعة التي شرحها الشيخ عبد الله العبادي (2/1074) قال: " هكذا في الأصل (صفور) في جميع االنسخ ".

4 ـ وفي طبعة دار الكتب العلمية  بتـ: علي محمد معوض ، وعادل عبد الموجود  (4/84) ، لم يعلقا عليه بشيء مع كثرة الحواشي والتعليقات في تحقيقهما.

وهكذا ليس في كل منها ما يشفي الغليل ، ويروي العليل...

ثم إني صرفت البحث إلى وجهة أخرى فجعلت أستعرض   الأعلام الذين  كانت لهم ردود على  ابن حزم  من غير أن أغفل الملحوظتين السابقتين ـ أعني أن يكون من أهل القرن 5أو 6 هـ ، وأن يكون محدثا ـ  فكان  فيمن وجدت منهم الإمام الحافظ  أبو بكر محمد بن حيدرة بن  مفَوِّز المعافري الشاطبي المتوفى سنة (505هـ)

 وله كتاب في الرد على ابن حزم

. قال  فيه ابن الأبار في المعجم ص(/94): " أحد الحفاظ ـ بل خاتمتهم بالأندلس ـ  للحديث وعلله ، المبرزين في صناعته؛ معرفة بمعانيه، وحفظا لأسماء رجاله مع الضبط والتحرز والإتقان ...وله : رد على أبي محمد ابن حزم،  ـ قد رويتُه قراءة على بعض شيوخنا ـ ، وكلام على قول النبي صلى الله عليه وسلم :" إن خالدا قد احتبس أدرعه في سبيل الله "  وكلاهما أفاد به ".

. وترجم له  الذهبي  في : سير أعلام النبلاء  19/421 وفي تذكرة الحفاظ   4/1255  ثم قال: وله رد على ابن حزم رأيته .

. كما ترجم له  ابن عبد الهادي في الطبقات 4/27  قال :" وذكره ابن الدباغ في الطبقة 13 من الحفاظ، وله رد حسن على ابن حزم،  كتبتُـــه، وهو يدل على تبحره وإمامته ".

ورده هذا يبين فيه أوهام ابن حزم في الرجال، في تجهيله لثقات معروفين وقد نقل منه ابن القيم في تهذيب السنن لأبي داود .

 وقد كان ابن مفوز  هذا حافظا إماما    يجافي ابن حزم ، ويرد عليه ،  وله بيتان  يخاطب بهما بعض  أصحاب ابن حزم:

يا من تعَنّي أمورا لن يعانيها = خل العناء وأعط القوس باريها
تـروي  الأحـاديث عن كل مسامَحَة  = وإنما لمُعانِيها iiمَعانيها
وبعــد،،

 فلعلك تستطيع الآن أن تستمع إلي، و يسهل عليك  أن تصغي إلي  بسمعك وقلبك لأهمس في أذنك : إن  ما  في طبعات بداية المجتهد من ذكر (ابن صفور)  هكذا تحريف شنيع ، وبلية عظمى  وقعت من بعض النساخ  ثم توارد عليها الناسخون والناشرون من بعده.

وأن الصواب في قراءته :" ابن مفــوز " فهو الذي تنطبق عليه الملحوظتان السابقتان ؛ لأنه حافظ كبير توفي سنة 505هـ قبل ابن رشد الحفيد، وله رد على ابن حزم مما يؤكد أنه هو المراد  في النص المذكور إلا أن بعض النساخ حرّف اسمه؛ فقرأ الميم ـ وهي تكتب بالخط المغربي دائرة فوق السطر ـ  صادا، ولم تظهرله نقطة الزاي ؛ فقرأه وكتبه (ابن صفور)، وبقي بعده كذلك،  وقد مر على  هذا التحريف جماعة ممن  حققوا الكتاب، واعتنوا به ، ووقفوا أمامه مستسلمين، ولا  أحد منهم فطن له، أو كشف عنه  الحجاب إلى الآن،  مما يدلك على أن بعض ممن تصدروا لتحقيق الكتب وإخراجها يحققون ـ عجبي ـ بدون فهم ولا روية ولا تمييز  .

ورحم الله القائل:

 يكفيك شرا من الدنيا ومنقصة    ألا يبين لك الهادي من الهاذي

 والحمد لله ، فقد يسر الله عز وجل  كشفه وبيانه  فيما تقدم ،   بعد رحلة من العناء والبحث ، ونسأل الله التسديد والإعانة.

تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
بنو مفوز المعافرة من أشهر الأسر الأندلسية    كن أول من يقيّم
 

شكرا للأستاذ أبي النصر، على هذا التحقيق الرصين، وأضيف على بحثه القيم هنا أن بني مفوّز من مشاهير المعافرة في الأندلس، :نسبتهم إلى يعفر بن مالك بن الحارث بن مرة، قال ابن حزم في تسمية أنسابه في (الجمهرة): (وآل جحاف ببلنسية؛ وبنو مفوز بينبة؛ وبنو منخل بجيان، وهم بيوت متفرقة بالأندلس، ليست لهم دار جامعة) قال الذهبي في التاريخ: وأما جدهم: مفوز بن عبد الله بن مفوز بن غفول. فهو أبو عبد الله الزاهد. ويسمى أيضاً محمداً. سمع من وهب بن مسرة بقرطبة. وكتب بالقيراون عن أبي العباس بن أبي العرب التميمي. قال طاهر بن مفوز الحافظ: كان منقطع القرين في الزهد والعبادة، متقللاً من الدنيا، وعرف بإجابة الدعوة. وسمع الناس منه كثيراً. توفي سنة عشر وأربعمائة، أو أول سنة إحدى عشرة، وقد قارب المائة. وكانت جنازته مشهودة.

وأشهر هذه الأسرة على الإطلاق: الحافظ طاهر ابن مفوز عم أبي بكر المذكور في النص الذي حققته، وهو صاحب الحافظ ابن عبد البر القرطبي، وهو الذي صلى عليه كما ذكر ابن خلكان. وهو طاهر بن مفوز بن أحمد بن مفوز. قال الذهبي: وكان أخوه عبد اللّه أزهد الناس بالأندلس.

وأبو بكر الذي عنيته ببحثك هو محمد بن حيدرة بن مفوز بن أحمد بن مفوز. مولده سنة ثلاث وستين، وتوفي سنة (505) وقرأ مدة على ابن حزم. وهو أخو طاهر بن حيدرة، وكلاهما تخرجا بعمهما طاهر بن مفوز، وكان أبوهما حيدرة بن مفوز معبرا، كما ذكر الذهبي، في ترجمة أخيه عبد الله (زاهد الأندلس) قال: (عبد الله بن مفوز. الإمام أبو محمد المعافري، زاهد الأندلس. أخو طاهر بن مفوز الحافظ، وحيدرة بن مفوز المعبر). 

ولطاهر ابن حيدرة ولدان نبغا في القضاء ووليا قضاء شاطبة، الأول: عبد الله بن طاهر بن حيدرة، مات كهلا سنة (567) والثاني: مفوز بن طاهر بن حيدرة، وكنيته أبو بكر، ووفاته عام (590هـ) عن (73) سنة.

وممن نبغ من هذه الأسرة الشاعر أبو الحسين عبد الملك بن مفوز المعافري، أورد المقري في نفح الطيب عشر قطع من شعره، كل قطعة بيتان. يغلب عليها (العقد) وهو: (تضمين الحديث النبوي في الشعر)

وأما المسألة التي رد فيها على ابن حزم فقد ذكرها المقري في (نفح الطيب) في ترجمة  رضي الدين محمد بن علي الأنصاري المتوفى سنة (684) قال:
ومن فوائده قوله: نقلت من خط أبي الوليد ابن خيرة الحافظ القرطبي في فهرست أبي بكر ابن مفوّز: قد أدركته بسنّي ولم آخذ عنه واجتمعت به، أنشدني له أبو القاسم ابن الأبرش يخاطب بعض أكابر أصحاب أبي محمد ابن حزم، والإشارة لابن حزم الظاهري:

يـا  من تعاني أموراً لن iiتعانيها خلّ التعاني وأعط القوس iiباريها
تروي الأحاديث عن كلٍّ مسامحةً وإنّـمـا  لـمـعـانيها iiمعانيها
وقد سبق في ترجمة القاضي أبي الوليد الباجي ذكر هذين البيتين عندما أجرينا ذكر ابن حزم. وإنّما قال هذا الشعر في رواية ادّعيت على قول النبيّ صلى الله عليه وسلّم "أن خالداً قد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله" وصحح رواية من روى أعبده جمع عبد، وعلّل رواية من روى أعتده بالتاء مثنّاة باثنتين من فوق جمع عتدٍ، وهو الفرس؛ قال ابن خيرة: الإحاطة ممتنعة، وهذه الرواية قد رواها جماعة من الأثبات والعلماء المحدّثين، فهو إنكار غير معروف، والله تعالى أعلم.

*زهير
9 - مارس - 2006
أخي الأديب الفاضل السيد /زهير !!    كن أول من يقيّم
 

أخي الأديب الفاضل السيد /زهير

حفظك المولى ورعاك، وأدام نعمه عليك، وزاد من ألطافه لديك.

... لك الشكر خالصا، والثناء وافرا على ما تفضلت به من فوائد وتحقيقات حول أسرة (بني مفوز)، ولك الشكر ثانية  بالخصوص على استدراكك القيم  ما في نفح الطيب مما يتعلق بعلاقة أبي بكر ابن مفوز بأبي محمد ابن حزم.

فأسال الله أن يجزيك خيرأ وألا يحرمني وقراء (الوراق) من تعليقاتكم الغوالي!!

*أبو النصر
9 - مارس - 2006
شكرا لك يا أخي الكريم    كن أول من يقيّم
 

الأستاذ المحترم أبو النصر:

شكرا لك على هذه الكلمات الطيبة، واسمح لي أن أحيل كلماتك العطرة هذه إلى الوراق، ففيه التقيت بأمثالكم من كرام الباحثين، وأفاضل الأدباء.

*زهير
11 - مارس - 2006
ويسألونك عن " ابن صفور"(2)!!    كن أول من يقيّم
 

ويسألونك عن " ابن صفور"(2)!!

" أشدُّ التصحيف ما يقع في الأسماء "

ابن المديني (فتح المغيث 4/222)

الحمد لله ، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.

 

وبعد،

 فهذه  تعليقة أتمم بها الكلام   الذي بدأته  في التنبيه على التحريف الذي وقع  في كتاب " بداية المجتهد " لابن رشد الحفيد ـ في طبعاته المختلفة ـ  (كتاب الضحايا / المسألة الثالثة: وهي معرفة السن المشترطة في الضحايا)

حيث  قال ابن رشد :" وقد صحح هذا الحديث أبو بكر ابن صفور، وخطَّأ أبا محمد ابن حزم  فيما نسب إلى أبي الزبير في غالب ظني في قول له رد فيه على ابن حزم ".

 وقد بينت ـ فيما سبق ـ  أن  اسم :" ابن صفور" الوارد في النص،  وإن وقع  هكذا   في الطبعات المتعددة  للكتاب، فهو  محرف  عن  :" ابن مفوز " ...وأن كل الذين تصدوا  لإخراج الكتاب ـ عفا الله عنهم ـ  لم يفطنوا له، ..وأنه غُبِّي عليهم  أمره ...

واستكمالا لما سبق  فقد رجعت إلى  طبعتين أخريين من الكتاب ـ فضلا عن الأربعة التي سبق الرجوع إليها ـ  وهي  كالتالي:

5 ـ  طبعة دار ابن حزم بيروت ط1،    1416هـ  بتـ: ماجد الحموي  (2/838)

6ـ طبعة دار ابن تيمية بالقاهرة ط1، 1415هـ   بتـ : محمد صبحي حسن حلاق  (2/441)

وفي كلتا الطبعتين  المحققتين (!!)  وجدت  الاسم المذكور  محرفا :" ابن صفور ".، ولم يعلق أي  واحد من المحققين الفاضلين عليه بكلمة،ولم ينبسا ببنت شفة، ، مما يعني أن النص المذكور ـ في نظرهما ـ  وقع على وجه الصحة، وأن " ابن صفور" هكذا صواب ، وإلا لزمهما أن يعلقا  بما يدل على المعرفة ، أو بما يدل على  التوقف والاستشكال  على الأقل .

مراجعة المخطوط:

وكان من الواجب  أن أرجع إلى مخطوطة الكتاب  من باب الاطمئنان  والتأكد وإلا فلست أشك فيما  بينت أنه هو الصواب ؛ غير أن  جدال أحد الإخوة ـ  عفا الله عنه ـ  واعتراضه  جعلني  أبحث فعلا عن مخطوطات الكتاب  من جديد ؛ فراجعت  نسخة  من الكتاب مصورة عن  الأصل  المحفوظ  بمكتبة ابن يوسف العمومية بمراكش ـ بالمغرب الأقصى ـ برقم (293) وهي مكتوبة بخط أندلسي عتيق جميل، وتقع في 202 ورقة ، مبتورة من أولها وآخرهاـ

 وقد بدأت أمرر  صفحات   المخطوط ـ وأنا أدعو الله أن لا يخزيني  ـ حتى وصلت إلى النص السابق ، وإذا هو  كما  افترضت  مكتوب بخط واضح  لكل ذي عينين (ابن مفوز)، فكان هذا  برهانا ساطعا، ودليلا  قاطعا على  من يحاول العناد والجدال،  والحمد  لله على توفيقه وتأييده!!

ومن المعلوم أن  عدم الرجوع إلى المخطوط    كان سببا في توارد  بعض محققي الكتاب على هذا الخطإ، وتورطهم فيه ، فإن الغالب أن كل  واحد منهم  يعتمد على سابقه ، ثم لا يبين ذلك من باب الأمانة العلمية !!

وخذ على  سبيل المثال الطبعتين المذكورتين أعلاه ؛ فطبعة  محمد صبحي حلاق لم يبين الأصل الذي اعتمده في إخراج الكتاب؛ هل مطبوع أو مخطوط ،  وبينٌ للناظر أنه اعتمد على إحدى المطبوعات السابقة ...

وأما طبعة ابن حزم ؛ فقد  قال محققها السيد ماجد الحموي   في مقدمته 1/5 :" اعتمدت في متن الكتاب النسخة الموافقة للصواب، من بين النسخ المطبوعة ؛ إذ لم أعتر على مخطوط  للكتاب ".

وهكذا يكون العلم بالمخطوطات ؛  والدراية بمواضعها  ، كتاب مثل بداية المجتهد ـ مع شهرته شرقا وغرباـ لم يعثر له أبدا  على أصل مخطوط يعتمد عليه في التحقيق ، ولا أدري في أي مكتبات المخطوطات بحث هذا المحقق الجليل،  ولا في أي فهرس من فهارس المخطوطات  نقَّب ثم رجع ولم يعثر له على خبر ، وإنها ـ والله ـ لإحدى الكُبر ...

لـكـل  داء دواء يُـستطب iiبه إلا الحماقة فقد أعيت من يداويها

 وبعد،

فإن  " بداية المجتهد " من الكتب المتداولة بين الطللاب ، ويدرس في كثير من الجامعات، ويرجع إليه كثيرمن الباحثين ، وليس كل واحد منهم يستطيع أن يميز  الصواب من الخطإ ، والمحرف من غيره ؛... مما يستوجب  علينا زيادة الاهتما م به ، وتنقيته من التحريف والأخطاء  نصحا للقراء ،  وخدمة  للمطالعين .. والله الموفق والهادي.

 

*أبو النصر
12 - مارس - 2006