البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الأدب العربي

 موضوع النقاش : البنت التي تبلبلت    قيّم
التقييم :
( من قبل 12 أعضاء )

رأي الوراق :

 ضياء  
6 - مارس - 2006

شاعرنا الكبير ، الأستاذ زهير:

ما قرأته في مداخلتك الأخيرة أفرحني، لجهة أنني شعرت بأن غلاظتي قد أثمرت ، هي عكرت ماء اليقين، الذي لا بد من تعكيره من وقت لآخر لكي نزداد يقيناً . وجاء دفاعك على أحلى ما يكون ، بل ليكون مناسبة نتعرف من خلالها على الوجه الآخر للباحث زهير ظاظا ، ونلامس وجوده الإنساني ، وما زادنا هذا إلا تقديراً .

وجودك اليوم في المكان الصحيح يعني الكثير للكثيرين منا الذين تزخر بهم أمتنا ولم يجدوا مكانهم بعد .

نتشوق لمعرفة المزيد والمزيد ، لكني ارتأيت بأن نترك ساحة الفلسفة لكي لا ينقطع حبل النقاش فيها ، ونفتح ملفاً آخراً ، وهذا متروك لتقديرك وما تظنه مناسباً   

 

 كنت قد كتبت رواية صغيرة الحجم ، تحكي قصة بنت مراهقة في زمن الحرب الأهلية اللبنانية . أراها في صميم موضوعنا الفلسفي الذي نتناقش فيه ، لأنها ترمز إلى صراع الإنسان مع أهوائه وانشطاره بين رغبتين . وهي تبرز أيضاً مقاومة الموروث الثقافي ، عندما يكون عميقاً ومتأصلاً ، مع الفكر المكتسب بمظهره الحضاري " التحرري " وما يخفيه من طموحات .   

الرواية اخترت لها عنوان " البنت التي تبلبلت ... " . الحدث ، الذي هو قصة حب فاشلة ، المغرق في عاديته ، اتخذته ذريعة للتوغل إلى الداخلي ، والحميم ، لفهم ما كان يعتمل من نوازع و تغيرات في نفس تلك البنت وعالمها المحيط  من : عائلة ووطن وأصدقاء . هذه البنت كانت تتنازعها رغبتان ، الأولى: الحفاظ على نقائها الفطري، وهو ما نقلته إليها تربيتها وما تشعره في ذاتها  السحيقة . والثانية: رغبتها في الحياة والتكيف مع زمنها ومحيطها وما كانت تدعيه من أفكار عصرية وما يستلزم كل ذلك من تنازلات لا بد منها 

الحكاية تبدأ هكذا :

 

 "البنت تحدث نفسها "

أتذكرين ? تلك البنت التي كنت أعرفها ! ... كانت رقيقة ، نقية ، دمثة الأخلاق ومنذورة لأن تكون أماً مثالية !... هكذا عرفتك ! فما الذي جرى لك ، لكي تتبدلي ? ما الذي حدث لك ، لكي تتبلبلي كالريح ... ? أهو الزمان من أشقاك وغير ألوانك ? وما الذي فعلتِه أنت بنفسك ، لكي أراك ، كأنك القطيع الشاردة : مشتتة ، مبعثرة ، ومنزوعة الروح  ............. ?
 
ستقولين : " ربما هي الحرب التي داهمتني باكراً ، أعدمتني ماء الحياة  ... أربعة عشر عاماً ،  هي عمر الورود ، إعصار الطفولة اللجوجة ، ودفق الشباب الذي لا يطيق الانتظار ... لم   أرها ، ضيعتها بالانتظار ...
 كان العمرجميلاً ، والوقت كان ودوداً : الوطن كان فيروز ، والحب كان فيروز ... . الأهل والأصدقاء ? كانوا بسطاء ، لا يعدون الأيام . حتى حدثت الزلزلة .... ! " .
 
لكني أنا رأيتها لما أقبلت ! هدية الزمان إليك ، لما أقبلت ، كما المهرجان ! كزهوة البستان أشرقت ، فرحت لها بذاك الزمان . ألا تذكرينها كما أذكرها أنا ? أم أنك تتناسين ?
أتذكرين ? جدتك ، لما كانت تغرس شتولها بقرب باب الحديقة ? تضع بذور الحبق =الريحان= في باطن الأرض ، ثم تهيل عليها التراب بكفيها وهي تتمتم :
" بحق الخضرأبو العباس ، تعيش زريعتي وما تيبس ..."
ترددها ثلاث مرات ، تزرعها عند بزوغ هلال القمر ، وتسقيها من بعد الغروب ،  ... كنت تضحكين في سرك وتقولين : " جدتي ، تعيش في الأساطير ! الماضي حكايات ، والحاضر ، دعاء وصلوات .... " . أتذكرين كيف كانت  شتولها بهجة للروح ? مساكب الفل والنرجس ، وأحواض البنفسج والمنتور ، كانت بهجة للروح !.... كانت تشبه أعوامك الأربعة عشرة . أفلا تذكرين ?
 
"الحرب استدامت حروباً " ، تقولين ، " هدمتنا الحرب ! أعادتنا إلى مهدنا الأول ، العراء ! " .
  صحيح ، عزيزتي ، الحرب استطالت ، وعبثاً بحثنا لها عن أسباب ، لكي نحتويها ، لكي نعقلها  . قالوا بأنها كانت حرباً طائفية . قلنا : بأننا انتفضنا  ضد مشروع الانعزالية والصهيونية ....... أبي أقنعنا وقتذاك  بأنها كانت أيضاً (حرب الرأسمالية ضد الطبقات  الكادحة)  وأنها حرب تحرير وثورة اجتماعية ! كان يردد : بأنها تحالف البورجوازية مع الفاشية ، والامبريالية العالمية ضد مصالح الشعوب الفقيرة ، من أندونيسيا ، إلى كوبا وفيتنام ، حتى الجزائر والصحراء الغربية ............  وكان يحفظ اسم لوركا وإلليندي إلى جانب المتنبي وأبي العلاء المعري ويتحدث عنهم بشيء من القدسية ........ هو كان أممياً ، ويحلم بالعدل الاجتماعي والمساواة بين البشر ..........
" يا الله ! كم أحبه أبي ! أمير طفولتي ، وملهم سنواتي الأربعة عشرة . سيبقى لغزاً أبي : كان عروبياً ، لكنه كان لا يكف عن انتقاد عبد الناصر الذي" نكل بالشيوعيين " ، على حد قوله،   "مع أنهم بنوا له السد العالي " ، ........... لكنه بكاه بحرقة شديدة يوم مات !
 
أتذكرين !
يوم استفقت بالصدفة ، ذات صباح ماطر، لتري ذلك المشهد الخيالي : كان الجبل يبكي ! يخفي وجهه بيده ويشهق بقوة ! يستمع إلى المذيع في الراديو الذي كان يبكي بدوره ، ويشهق هو أيضاً .... باليد الأخرى ، كان يحمل سيكارة تكاد تحرق أصابعه ....... اليد التي كان يلبس فيها ساعته الفاخرة التي طالما أثارت إعجابك ! أتذكرين ?
" لن أفهمه أبداً أبي ! لن أفهمه " .
عشرة أعوام مرت بعدها ......... رأيتِه مرة أخرى يتنقل، كالحجل ، بين ركام بيتكم الذي هدمته الحرب . يبحث عن بعض الصور ينتشلها من بين الأنقاض :
" أوف ، أوف ، ولَكْ معَوَّدْ على الفجعات قلبي ... " ، كان يغني !
" يبدو أنها طقوس يا أبي ! طقوس اخترعناها ونعيد تمثيلها في كل مرة لنستعيد بها الفاجعة . طقوس ، نهدي فيها القرابين إلى آلهة الموت والدمار ! "
..............................................................................
 
لن تذكري رائدة الفضاء السوفياتية . لكن أمك سوف تذكرها لك بنشوة لو سألتِها عن الرفيقة ذات العيون الزرقاء الباردة التي صعدت إلى سطح القمر .
" آه يا جدتي ، لو تعلمين ، بأنهم في بلاد الرفيقة ذات العيون الزرقاء، قد أنبتوا القطن ملوناً في سفوح " التوندرا "على اسم " لينين العظيم " ، وأن تقريرها عن زيارتها للقمر يفيد بأنه كومة أحجار لا تنفع ولا تضر ."

يومها ، كان أبوك قد اصطحب أمك معه لاستقبال الزائرة الاستثنائية . كل الرفاق كانوا قد اصطحبوا زوجاتهم ......... يومها ، قال أبوك لأمك ، باستحياء شديد ، وبعد تردد طويل :
" بإمكانك أن تنزعي الغطاء عن رأسك لو أردت " .
لم يكررها مرتين . ورغم أن أمك لا تعرف شيئاً عن الاضطهاد الطبقي ، ورغم أنها لم تعد تذكر شيئاً مما قالته الرفيقة عن دور المرأة في حركة التحرر العالمي ، إلا أنها انتزعته إلى غير رجعة ، همها كان ، أن تشبه " أسمهان " و " ليلى مراد " بتسريحتها الجديدة .

 6  7  8  9  10 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
الرسالة الثانية عشرة والأخيرة    كن أول من يقيّم
 

 

 

 

دائماً أبــي ....

 

  

عزيزتي الغالية :

 

  هي آخر رسالة أكتبها إليك ، صفاء ، حول هذا الفصل من حياتي ، الذي انتهى على هذا الشكل المؤلم . فالباقي تعرفينه ، وتعرفين أنني لم أمت رغم أن الدواء أتلف أحشائي ، وأنني عانيت من المرض وآثاره لمدة طويلة . إلا أن أسوأ ما خرجت به من هذه التجربة ، كان ما تركه علي الانهيار العصبي من ندوب في نفسي ، لم أشف منها أبداً .

 

  بقيت حوالي الشهرين في عزلة تامة ، كانت أمي خلالها تعتني بي بصبرها المعهود ، وصمتها المضني ، دون أن تسألني شيئاً ......... تغير لي الشراشف ، وتعطيني الدواء ، وتشتري لي عصير الخرنوب ، وتسألني إذا كان باستطاعتي أن آكل لتصنع لي بعض الحساء ........ تغطيني عند اللزوم ثم تذهب إلى أمورها الأخرى ........ تترك لي بقرب المخدة ، عينيها الباردتين ، بكل ما فيهما من ملامة وقسوة ، وكرمها الزائد في العناية بي ، بكل ما فيه من عزاء ورحمة ........ تعيدني إلى  طفولتي التي عشت فيها دائماً معها في هذا الحد الفاصل ، بين تلك الأمومة الباردة ، وطقوس الواجب المقدس .........

 

  أبي ، كان يصل به ما تبقى لديه من علائق بأمورنا وحياتنا ، ما تبقى لديه من حنان الأبوة ، إلى باب الغرفة ، دون أن يجتازه يوماً . فيقف هناك ، عند العتبة ، ليلقي علي نظرة من عينيه السوداوين الكبيرتين ، وأنا متكورة في فراشي ، دون أن يدفعه فضوله ، أو يتجرأ أن يكلمني أو يسألني شيئاً . نظرته كانت تعذبني وتعيدني إلى حزني القاتل ، حزني المسجى في فراش مريح ، كان قد تمطى وأصبح طويلاً تحت تأثير الدواء ............ حزني صار هو حزنه ، وخيبتي هي  خيبته ، وانهزامي هو انهزامه السحيق المزمن ......... ثم يعود لينسحب ببطء من حيث أتى ، إلى عالمه هو المنهار أيضاً والمطبق عليه ......... هو لا يعرف كيف حدث كل هذا ، هو لا يعرف كيف وصلنا إلى هنا ، هو كان يظن أنه أسد وأننا جراؤه . وكان يظن أنه قادر على أية حال على إطعامنا وحمايتنا .........  حوله ، كنا نجلس على الطاولة ، في غرفة الطعام الكبيرة ، فنأكل ونشرب ثم نتبارى بالشعر :

 

   ـ " اشرحي لي هذا البيت " :

 

  ـ " صنت نفسي عما يدنس نفسي ........ " ، أسمعه يقول .

 

  اليوم ، وأنا أنظر إليه أتذكر :

 

  " لا أنت أنت ولا الديار ديار ..... "

 

........................................................................................

 

 

  هكذا عزيزتي ، بدأت رحلتي الجديدة مع الغربة الثانية ، ومع ما خرجت به من تجربتي الأولى من استنتاجات . كانت تلك أول مواجهة فعلية لي مع الحياة ، وخسرتها بالضربة القاضية . بمرور الأيام ، شفيت ولم أشف .... انكسر الحلم في داخلي ، ماتت الأسطورة ! لم يعد عندي مسكن لذاتي الحائرة بين ذلك الوهم المتسربل بالبراءة ، والواقع المخيب ... لم أنجح بتبديل أسطورتي بما يماثلها ،  لأستعيد معها الحلم وأستعير منها شهوة الحياة . نأيت بنفسي عن الأحداث  لأحميها ، بقيت خارج اللعبة ، أرقبها من بعيد ، دون ان أجرؤ على الانضمام إلى هذا المهرجان . صرت أحسد أولئك الذين لا يزالون ، بدون كلل ، يستبدلون الأبطال بالأبطال ، والقرابين بالقرابين ، في زمن يدور ، وفي احتفالات صاخبة ، تموت فيها الذاكرة في كل يوم ، مرات ، إلى ما شاء الله ، تمجيداً لدورة الحياة السرمدية ............  في هذا الزمن المتحول أبداً ، المنتج أبدأ لعناصر ديمومته ، صرت أشعر وكأنني ، بت خارج التاريخ .

 

  في رحلة الحياة والموت هذه ، لحظات من النداوة تتبدى لي أحياناً في تخيلات ألقيها على الواقع لأخفف عني  من عبء وطأته . أخلق منها الحلم ....... ومن الحلم ،  وجودات متعددة أخترعها لأسلي بها وحدتي ، ثم تستعصي على فهمي أحياناً ! أتتبعها طويلاً  في خيالي وفي ذاكرتي المنتقصة لأستعيد منها رغبة الوجود ......... في العمق ، لا تزال شعلة ضئيلة تنتج في داخلي ذلك الشوق إلى الوجود الذي يستعصي ويتمرد على الذاكرة ........

 

  أتعبتك معي ، لا شك ، أتعبتك وأنا أعلم بأنك لا تشاركينني مواقفي وأفكاري ، وأعلم بأنك أكثر مني  حذراً وتعقلاً واعتدالاً وربما " واقعية " ?  لكنني أردت أن أشرح لك ، بكلام لم أخترعه أبداً ، شيئاً تعرفينه ، لكنك تنسينه . أردتك أن تعرفي مني ، بكلمات تأتي  من القلب ، الذي ظننت يوماً أنني فقدته إلى الأبد ، أو أنه قد أصيب بالصمم والبكم والعمى والكساح ........ حتى إنني ظننت يومها أنه قد مات ! ويومها  فقط ، عرفت أن السمع مركزه القلب ، والنظر ، مركزه القلب ، والحلم مركزه القلب ، وأن الكلام يأتي من القلب أو لا يأتي أبداً .

 

سلامي لك كبير صفاء ، وعلى أمل بأن نلتقي قريباً ، لك مني كل المودة .

إلى اللقاء .

 

 

 

 

*ضياء
15 - أبريل - 2006
لوقا    كن أول من يقيّم
 

أستاذتي ضياء خانم: أرجو المعذرة من تأخري في جوابك حول إضافة قصيدة بعد الرسالة التاسعة، وذلك لأسباب فنية، ويمكنك اليوم قراءة القصيدة المضافة.
وأرغب أيضا بإهداء قصيدة (لوقا) في هذه البطاقة لصديقة لي من أهل صلخد، اسمها (روز العيد) وهي صحفية كانت تعمل في جناح الأخبار في التلفزيون السوري، ربطتني بها زمالة عمل لمدة ستة أشهر تقريبا، ولم أرها منذ ذلك الوقت (عام 1997م) وكانت تحب شعري هي وصديقتها (مادلين) التي كانت سببا في تأليف قصيدة (اذهب فسوف تذوق جرح غرامي) وفي تلك الأثناء توفي والد روز، وكان قد رُسم شماسا لكنيسة صلخد، بعد حياة طويلة قضاها في صفوف القوات المسلحة، فسألتني روز أن أكتب لها قصيدة في رثائه، ففعلت، وألقتها هي بالنيابة عني، في ذكرى أربعينه، وربما أقوم بنشر هذه القصيدة لاحقا. وهي بين يدي الآن وتاريخها (4/ 5/ 1997م) وتقع في (21) بيتا.
وأما قصيدة لوقا، فهي قطعة من قصيدة طويلة جدا، امتزج فيها الجد بالهزل، ثم رأيت تعديلها وتهذيب ما فيها من الهزل. واقتبست البيت الثاني من مقدمة لوقا لإنجيله الذي كتبه ل(تاوفيلس) وأظنك تعرفين (تاوفيلس) وهو الأمير الذي كتب له لوقا السبعيني  (ت 90م) الإنجيل وأعمال الرسل أيضا. ولوقا هذا طبيب بولس وأكبر تلاميذه، وهو حسب التاريخ الإسلامي أحد الرسل السبعين، الذين مسحهم السيد المسيح رسلا إلى الأمم وهم صغار، فجرت ألسنتهم بلغات الشعوب التي أرسلوا إليها، كما يذكر المسعودي في (التنبيه والإشراف) والمقريزي في (الخطط) وشذ ابن خلدون فعده في الحواريين.
.  
 
      

يـا  (تـاوَفيلُسُ ) كم قالوا وكم زعموا وكـم  أضـافـوا وكم زادوا iiأساطيرا
وقـد  تـتـبّـعـتُ بالتدقيقِ ما iiنقلتْ خَـدّامُ سـيّـدنـا فـحـصاً وتحريرا
قضيت في (الفاتيكان) الشهر من عجب وخـانـنـي الـدهرُ أجلوها تصاويرا
لا  أسـتـطـيـع أنـا (لوقا) أفسرها ولا  أظـن لـهـا فـي الدهر iiتفسيرا
جـرتْ بـأسـرار أقـنومِ المسيحِ دماً بـيـن  الـكـنائسِ يجتاحُ iiالنحاريرا
كـانـت مـئـاتُ الملايين التي iiقُتِلَتْ لأجـلـهـا فـي ظلام الدهر iiتنصيرا
فَـمَـنْ أنـا لـتـراني في iiمحاورتي بـطـاركٌ  وُلـدوا فـيـها iiأعاصيرا
رأيـتـهـا وهـي نور كالصباح iiوما رأيـتُـهـا  عـنـدما ماجت iiدياجيرا
إذا  مـعـاركُ أيـقـونـاتِـها ذُكِرَتْ بـكـى  لـها الصخرُ إشفاقاً iiوتحذيرا
كـم  حَـطَّـمَـتْ في تَوَلّيها iiقياصرةً وأحـرقـتْ  فـي تـأبِّـيها iiنساطيرا
وكـردنـالـك أشـقى ما احتفظتُ iiبه مـن  ذكـريـاتـي وأقـساهنَّ iiتأثيرا
خـلّـوهُ فـي الباب كالبوّاب iiيحرسُهُم وحـطّـمـوا  بـالـملذّاتِ iiالحواكيرا
وألـبـسـوه  ثـيـابَ الـجندِ iiكاملةً عـصـا  ودرعـاً وقـاووقاً وجنزيرا
تَـرَكـتُـهُ وكـتـابُ الله فـي iiيـدِهِ يَـفـيـضُ  نـوراً وَلا يهديه iiقطميرا

 

حـبـيـبـتـي نوَّر الرمَّانُ iiوامتلأت

 

غـدائـري  من ندى الأسحار iiتقطيرا

ذهـبت  بالثلج أمحو الشوق حَوْلَ فمي وقـلـت يـطـفـئـهُ فازداد iiتسعيرا
هـذا  الـبياضُ بقايا الروح في iiشفتي فـمـرريـهـا  عـلى خدَّيك iiتمريرا
وَأسـنـديـنـي  بأقراص الزبيب فلا أقـضـي عـلـى وردها لثماً iiوَتنثيرا
ظـنَّ الـمـشـاهـيـرُ آتيهم فأسألُهُم وآفَـةُ الـعـلـمِ أن تـأتي iiالمشاهيرا
هـذي  حـبـيـبَةُ قَلبي عندما iiسُبِيَتْ كـانـت دوائـر نـهـديـها iiسنانيرا
بـابَ الـسـلام سَـلامـاً من حَمائِمِهِ قُـل  لِـلـمـنـائر يفتحنَ iiالمقاصيرا
لـلـغارساتِ على (سفْرِ النشيد) iiشذى صـلاتِـهـنَّ الـتـي كانت iiمشاويرا
لـلـنـائماتِ على كلِّ الحقول iiضُحىً لـلـرائـحـاتِ يـغـازلنَ النواطيرا
لـلـراحـماتِ على غدرانِها iiازدحمتْ لـو  لـم تـكنْ بشراً كانت iiعصافيرا
لـلـسـاحـباتِ  ذيولَ الكرنفالِ iiندىً مـلأنَـهُ مـن خـدودِ الـوردِ iiتغبيرا
كـم شـقَّ أصـحابُ أُخدودٍ لهنَّ iiردىً فـزادَهُـنَّ  إلـى الـصـلبانِ iiتبكيرا
لـلـمـشـرقـاتِ  على انجيلهنَّ iiفَمَاً بـكـلِّ مـا فـيـه إشـراقاً iiوتنويرا
فَـوَّفْـنَ  مـنـه ثـيـاباً لا تُباعُ iiوَلا تُـهـدى ولا تَـنـتَهي وَشْياً iiوَتحبيرا
الـمـاحـيـاتِ  ولَـوْحي في iiأنامِلِها نَـظَـرْنَ فـيـه فـمـا أمْعَنَّ iiتفكيرا
يَـمْـحينَ بالريقِ أعوامي التي iiحجبتْ طـفـولَـةً مـا شـبـعناها iiحزازيرا
تـبـدل الـحـبُّ عـشـنـاهُ عمالقةً بـابـاً  نـفـتـشُ أن نلقى به iiصِيرا

*زهير
15 - أبريل - 2006
عمتي سارة: البنت التي تبلبلت    كن أول من يقيّم
 

هذا ملخص قصة عمتي سارة في (الدمع المدرار) وكانت قد انتحرت في الأردن يوم (1/ 1/ 1941م) شربت السم  بكل بطولة في يوم زفاف زوجها بعد حياة مليئة بالقمع والإرهاب.
ولم تقع عين أمي =مد الله بعمرها= كما تذكر لنا على أجمل من سارة طيلة حياتها. 

يـا  عـمـتـي سارة يا iiدموعي ويـا  ظـلال الله فـي iiضلوعي
لا بـد أن أكـتـب عنك ما iiكتبْ وذاك  فـي الإسلام واجب iiالأدبْ
أكـتـب عـنـك أعـلن iiالحدادا سـتـيـن عـامـاً خـلفه رمادا
كـأنـنـي  أكـتـب عن iiمدينهْ فـيـا  لـهـا مـن قصة iiحزينهْ
كـم  ذُكـرت لـسـامـعٍ iiفكبّرا وكـم  بـهـا مـن عبرة iiفتذكرا
سـارةُ كـانـت أطـول iiالصبايا وأجـمـل  الـنـساء في iiالمرايا
ومـضـرب الأمـثال في iiالشقاءِ بــجـور  آدمٍ عـلـى iiحـواءِ
زوَّجــهـا والـدهـا iiأمـيـرة فـأنـجـبـت  ولم تزل iiصغيرة
وافـتـرعـت بـطـفلها iiالآمالا تـرضـعـه  الأسـمار iiوالدلالا
ومــرت الأيــام والأعوامُ ودبَّ  فـي مـهـجـتـه iiالسقامُ
واشتد فـيـه الـداء iiوادلـهمَّا واخـتـطـفـته من يديها الحُمَّى
فـجـاءهـا  عـشـيرها يصيحُ والـشـر  مـن أعـيـنه iiيطيحُ
ولـم  يـراعِ الـمـحنة iiالمريعهْ ومـا تـعـانـيـه مـن الفجيعه
ولـم يـراقـب صـلـةً لرحمها وأنــه ابـن عـمـةٍ iiلأمـهـا
ولـم  يـزل بـكـفـه iiورجـله يـضـربـهـا عـلى وفاة iiنجله
حـتى  هوت من لكمات iiالعاتي وقـضّـت الـلـيـلة في iiسباتِ
واسـتـيـقظت من الأذى iiعقيما ولـم تـجـد فـي ثـكلها رحيما
وأصـبـحت تطوف في iiالأشياخِ تـبـحـث عـن مشعوذٍ iiمواخي
وتـبـذل  الأعـلاقَ iiوالـتـلادا ولـو  يـصـح تـبـذل iiالفؤادا
حـتـى  إذا لـم يـفـلح iiالمعوِّذ ولـم  يـفـد فـي عقمها iiمشعوذ
طـلـقـهـا  عـشـيرها iiاللئيمُ وخـانـهـا طـالـعـهـا iiالأليمُ
وكـثـرت  خـطـابـها iiالذئابُ والـعـقـم نـعـمـةٌ لها طلابُ
وبـعـد مـدةٍ مـن iiالـفـضولِ زُفَّـت إلـى ابـن عمها المسلولِ
وبـعـد  مـا مـات بـها iiوعاثا آلـت  إلـى ابـن عـمه iiميراثا
فـسـرّه  وقـد رأى iiعـقـيـما يـقـيـمـهـا  ما شاء أن iiتقيما
ولـم يـكـن يـرغـب iiبالعلاجِ وكـان فـيـهـا أظـلم iiالأزواجِ
فـلا يـزال شـاربـاً سـكـيرا مـقـابـلاً  إحـسـانـها iiنكيرا
وبـعـد كـل ذلـك الـشـقـاءِ أضـرَّهـا بـضـرةٍ شـمـطاءِ
ولـم  تطق صبراً على iiالإجحافِ وزوجـهـا فـي لـيـلة الزفافِ
وأخـفـقـت  فـي ضعفها يداها واحـتـسـت  السمَّ الذي iiأرداها
وأرخــيـت سـتـارة iiالآثـامِ وأبـرقـوا لأهـلـهـا في iiالشام
فـيـمـمـوا  الأردنَّ في iiذهولِ ذهـاب مـقـتـولٍ إلـى iiمقتولِ
وكـانـت  الـمـشـايخُ iiالزهادُ قـد  فـرغـوا من دفنها iiوعادوا
واخـتـلـفـوا على الصلاة iiفيها وتـركـوا الـوزر عـلى iiمفتيها
ولـم يُـجـزْ لـهـم مدى iiالأيامِ تُـدفَـنُ  فـي مـقـابر iiالإسلامِ
وغـادروهـا فـي قـفـار iiالبيدِ وحـيـدةً فـي قـبـرها iiالوحيدِ
تـقـول أمـي: عـنـدما iiسمعتُ بـمـوتـهـا مـن أمـها iiوقعتُ
أضرب في الأرض على الطرّاحهْ كـأنـنـي أنـوح فـي iiمـناحهْ
ومـا بـكـت عيني على مخلوقِ كـمـا  بـكت لصوتها iiالمخنوقِ
فـقـد رأيـتُ يـأسـهـا iiبراها آخــر  مــرة بـهـا iiأراهـا
كـانـت  تقول: إن زوجها iiسُحرْ وإنـهـا  إن رجـعـت iiستنتحرْ
مـا  كـان بـيـن ذلك iiالرجوعِ وبـيـن  مـوتـها سوى iiأسبوعِ
سـارة كـانـت أجـمـل iiالعوّادِ أحـبّ  مـخـلـوقٍ على iiفؤادي
نـخـلـة أحـلام، وخـدٌّ iiأزهرُ وأعـيـنٌ خـضـرٌ وشعرٌ iiأشقرُ
ولـسـت أنسى رقصها إذ iiتقصَعُ والـشـمـعـدان فـوقها لا iiيقعُ
ولا  حـكـايـاهـا ولا iiمـغناها ولـم  تـكـن لـي جارة iiسواها
يـفـصـل فـيـمـا بيننا iiجدارُ تـعـانـقـت  من فوقه الأشجارُ
أضـرب فـيـه عـندما iiأدعوها مـن  أجـل أن يـبـعثها iiأبوها
وكـم  أعـادت قـصـةً iiتحكيها تـخـطـبـنـي  فيها إلى أخيها
أيـامـهـا  جـمـيـعـا iiأمامي فـي الـسـوق والجامع iiوالحمّام

*زهير
15 - أبريل - 2006
لغز (7)    كن أول من يقيّم
 
قـال  الحكيم إليك مني iiحكمة تـبـني الحياة وتسحر iiالألبابا
الـشـيخ  فيما ليس يعلم iiقائلٌ ما ليس يُفهَمُ في الجواب جوابا
*زهير
15 - أبريل - 2006
بطاقة شكر    كن أول من يقيّم
 

 

أريد أن أتقدم هنا ببطاقة شكر وعرفان لنجم الوراق الأوحد ، شاعرنا الكبير الأستاذ زهير ظاظا . وذلك لكل ما أبداه نحو هذا الملف من عناية وتشجيع وإضافات ، فاقت حجماً  وقدراً ، محتواه   الأصلي ، وأغنته بتجربة واسعة ، لا يقل البعد الإنساني فيها قيمة  عن البعد الجمالي الذي تضمنه شعره . في قصائد وأراجيز ، مشغولة بعاطفة ووجدان " ابن البلد " الأصيل ، الذي يعبر  بفطرة وعفوية عن هموم بيئته وآلامها . ولكن أيضاً بقوة العارف القادر ، على توجيه ناصية     الكلام ، وتعميق الفكرة وإخراجها إلى حيز الضوء والعلن ، بفن ودراية لا يرتقي إليها الكثيرون .

شكري وامتناني وتمنياتي لك بالمزيد من التألق والإشعاع . ولا أنسى في هذا القصيدة المضافة حول بنبوك بابا .

شكري الكبير أيضاً للأستاذ السعدي الذي أمتعنا ولا يزال بشعره ومقالاته والذي يبدو أننا سنكتشف موهبته قطرة فقطرة .

تحياتي للجميع وأخص هنا الأستاذ النويهي الذي لا زلنا نشرق به كلما أطل علينا . والسلام .

 

*ضياء
16 - أبريل - 2006
السهم الأخير    كن أول من يقيّم
 

القرآنيون: قطعة من تاريخ الضلال

ونـادانـي  إلـى القرآن iiداع فقلت  عسى يكون رأى iiطريقا
فـلـما أن سمعت سمعت iiظنا أضـاف  إلـيـه فلسفة iiبريقا
تـجـاوز  كـل إسـلام iiرآه ونـاصـر مـن أقاربه iiفريقا
ولـم  يـكـسر سفينتنا iiرحيمٌ لـيـنـقـذنـي بقشته iiغريقا
ولـيس  سوى دخان من iiرماد يـراه  الـجهل أطولها iiحريقا

 

ونـادانـي  إلـى القرآن iiداع

 

فقلت عسى يكون على صواب

فـلما أن سمعت سمعت iiزعما وإسـلامـا تـمـرغ بالتراب
عـقـائد مذهب جسدا iiوروحا ولـكـن  الـثياب من الكتاب
كـلانـا  مـمسك بعرى iiأبيه فـدعـهـا  للحياة بلا iiجواب

 

ونـادانـي  إلـى القرآن iiداع

 

فـقـلت: نراك تكرم أم iiتهونُ

ألـم  يك في غمار الألف iiعام دم حـر وإيـمـان iiمـصونُ
طـعـان  في غبار الكفر iiمرٌّ وأيـام مـن الإسـلام iiجـونُ
ونـادانـي  إلـى القرآن iiداع فـلـما  قال أضحكت iiالزعومُ
تـلاه عـلـى هواه ولا iiأبالي كـذاك  كـذاك تتلوه iiالخصومُ

 

حـديـث لـلـبكاء إذا iiأردتم

 

ولـلـسـهم  الأخير iiحملتموه

تـعـلـق نصله قلبي iiفحظي مـن الإسـلام حيث iiجعلتموه
هـو الـسهم الأخير iiتفحصوه فـقالوا  خاب سهما في iiالسهام
ولـم يـك لي بهذا الصيد علمٌ ولـكـن رمية من غير iiرامي
هو  السهم الأخير أشاب iiرأسا وأسـهـر  مـقلة ونكى iiفؤادا
ومـا نـادى مـسـدده iiولكن أزاح  خـنـاقـه عنه iiونادى
هـو  السهم الأخير وكل iiسهم يـحـدث  عـن مرام iiمثقفيه
ولـلـمشنوق قبل الموت iiحق يـصـيح  بما أراد بملء iiفيه
هو  السهم الأخير أردت iiهمسا فأحوجني  السفاه لترك iiهمسي
فـإن تر فرصة لبنيك iiفاهرب هروب الصعو من أنياب نمس
هـو الـسهم الخير إليه iiسهما رجوع  الناس في كل iiالمرامي
وقـد  جربته في الصخر iiقدما فـكـيف يكون في مهج iiالأنام
هـو الـسـهم الأخير iiتجنبته أنـاس في غبار الدهر iiساروا
ومـا  كـل الغبار غبار iiخيل ولا كـل الـخـيول لها iiغبار
إذا  شـاب الفتى في أهل iiدين تـعـذَر أن يرى ما لم iiيقولوا
فـلا  تـنـظر لكثرة ساكتيهم فـقد  عرفوا حديثك كم iiيطول

*زهير
16 - أبريل - 2006
سامحيني يا ضياء    كن أول من يقيّم
 
سامحيني يا ضياء
أنا مشغول كثيرا
صدفة والله شاهدت البطاقة
وتفاجأت بها منشورة هذا المساء
وغدا سوف أجيبك
وغدا سوف ترين الحب إعصارا وتاريخا جديدا
وغدا سوف أغني للسماء
*زهير
16 - أبريل - 2006
عقد نيسان    كن أول من يقيّم
 

مـا  أرى ? الله iiأكـبر وُلـدَ الـفـنُّ iiلـيسحر
مـا أرى ? أثـمن حب مـا أرى أبـهى iiوأبهر
مـا أرى ? أجمل iiشهر فـي حـيـاتي iiيتبختر
فـي  قميص من iiحرير أزرقٍ  أبـيـضَ iiأحمر
عـلـمـا  فوق iiفرنسا نـاشـرا  أجمل iiمنظر
اسـمـه  عندي iiضياءٌ وطـرابـلـسُ  iiلتفخر
يـا مـلاكـي في هواه ألـفُ مـحراب iiومنبر
ربـمـا  يـعـلم iiيوما مـا الذي أخفى وأضمر
فـعـلـت  فيه iiالليالي فـعـلـةَ الدهر iiبجعفر
يـا  ملاكي في قميصي زغَـبٌ مـنها iiمعصفر
قـائل لي: كيف iiتخشى بـالذي  راهنتَ iiتخسر
لـو تـرى لون عيوني عـنب  الخمرة iiأخضر
هـي يـا أجمل iiشعري عـلمتني  كيف iiتعصر
وأنـا الـيـوم ضـياءٌ مـن  غـوازيها iiمزنر
وعـلـى الـكنزة ظلي وعـلى الصدر iiالمزرر
وبـهـا  في صدر أمي مـثـل  ديواني سأنشر
وجـديـدي  في iiحياتي أنـنـي أصبحت iiأسمر
أنـا في روضك iiغصنٌ أنـا  فـي كفك iiخنصر
حـيـن صفيت حسابي لـم أكـن أحـمل دفتر
وأنـا الـيـوم iiسأشفي حـقـده  من كل iiمتجر
ربـمـا  كـنـت غبيا ربـمـا  أكـبو iiوأعثر
لـكـن الشيء الذي iiلا ربـمـا فـيـه سيُحفَر
بـإبـائـي وذكـائـي بـيـدرا  من بعد iiبيدر
يـا  مـلاكي iiسامحيني زائـرا  أشـعث iiأغبر
كـلـما سرحت iiشعري هـب  ريـح iiفـتبعثر
ولــمـاذا iiأتـغـاوى ولـمـاذا  أتـعـطـر
لـيـس  لـي إلا iiمرام واحـد،  فـيـه iiسأقبر
مـثـلـه مـثل iiضياء فـي جبيني حين iiأحشر
لـيـس يـفتي فيه iiإلا أحـول الإيـمان iiأعور
يـا  ملاكي ليس iiشوقي فـيك  من شاعر iiمهجر
هـو شوك ملء iiعمري سـاح  في قلبي iiوأبحر
تـارة  يـهـتاج iiوخزا تـارة يـسـجو iiفأخدر
لا  تـظني شعر iiشوقي عـنـدمـا  يذكر iiيذكر
غـزلـي  والله أحـلى وأنـا أذكـى iiوأشـطر
وإذا  لـم أك iiفـيـهـا أكـتَـبَ الـقومِ iiفأشعر
مـعـه  في الشعر iiتاج ومـعـي  تاج iiومزهر
وعـلـى  تاجي iiضياء ثـلـجـه iأزهر أصفر
كـيف لا أسمى iiوأغلى كـيف لا أحلى iiوأعطر
يـا  مـلاكي iiسامحيني أمس من شعري المكسر
واسـمـحي لي iiبرجاء وافـتحي عندك محضر
وهـو  عندي كل iiشيء خـائـف مـنه iiوأحذر
مـلأ  الـخوف iiفؤادي وهـو  فيما خاف iiيعذر
عـزَمَ الـورّاق يـبدي خـدمـات سوف تشهر
فـاسـتـجيبي iiلرجائي إنـنـي والله iiمُـجـبَر
ابـعـثي  صورة iiكأس ابـعـثي صورة iiمجمر
ابـعـثـي  صوة iiبحر مـن طـرابلس iiلعنجر
ابـعـثي ما شئت لكن: حـاذري  وجهك iiيظهر
أنـا  أيـضـا iiسـلفيٌّ وأرى الـتصوير iiمنكر
صـدقـنـي  iiصدقيني هـكـذا أحـلى iiوأستر
أنـت في الدنيا iiضيائي مـسـتـحيل أن iiيعكّر
وجـهـك  اليوم iiخيالي مـعـه  أغـفو iiوأسهر
إنـه عـنـدي iiجـمال مـطـلـق  ليس يفسَّر
وإذا  قـدّرتِ iiوضـعي لـك  مـا لـيس iiيقدّر
صـدقـيـني كل iiشهر لـك مـني عقد iiجوهر
حـاذري الإعصار iiإني مـثـلـه فـيك iiوأكبر
أنـا  قـد هيأت iiرحلي وقـضـى  الله iiوقـدّر
قـادمٌ  فـانـتـظريني ومـعـي جفتٌ iiوخنجر
وحـصـانٌ  لي iiكُمَيْتٌ وحـصـانٌ لـكِ iiأشقر
ضـاع حبي في iiدمشق أتـحـداهـا iiوتـسخر
والـدمـشـقيات iiكانت فـوقـه لـمـا تـبخّر
فـدعـي الـشام iiلريما تـشـهق اليوم iiوتشخر
لـم  ترَيْ كيف iiتشظى نـجـمُـهـا لما iiتكسّر
صـدقـيني  كل iiشيء فـي  حـياتي قد iiتغير
وأنـا  أعـرف iiقـلبي وأراه  كـيـف iiيـكبر
وأحـب  الـورد جـدا وأحـب  الـشعر iiأكثر
كـيـف  لا يشمخ iiعبد كـان  عـبـدا iiفتحرر
مـطـعـما  من iiكتفيه كـل ذي ظـفر ومنسر
بـطـر  الـسادة iiشوم مـثـل هولاكو iiوأغدر
هل  عرفت الآن iiسري ولـمـاذا  كـنت iiأزأر
ولـمـاذا مـنـذ كانت غـرتـي  زيتا وزعتر
لـم أحـب iiالـمـتنبي مـثـلما  أحببت iiعنتر
أنـت يـا مولاتي iiيبدو لـم تري فيلم iiالغضنفر
أولـم  يـخـبرك قبلي أحـد  شـاهـدَ iiقيصر
كـيف  كسرت iiبشعري تـاجـه  لـمـا iiتجبّر
اسـألـي  الـحانة iiعنا فـهـي  بالإسلام iiأخبر
مـا  الـذي يحدث فيها عـنـدما الواعظ iiيسكر

*زهير
17 - أبريل - 2006
خيرو    كن أول من يقيّم
 

أرجو من أستاذتي ضياء أن تسمح لي =خارج السرب= أن أخصص هذه البطاقة لأخي خيرو، واسمه في الهوية (محمد خير) وهي عادة أهل الشام فيمن اسمه (محمد خير) أو (خير الدين) أو (خير الله) فيقال له (خيرو) لقبا لا اسما، ويمكن أن ترجعي لمسلسل (أبو كامل) لتعرفي منزلة هذا الاسم عند أهل الشام.
ولكن لم يكن أحد منا يعرف أن اسم خيرو (محمد خير) حتى كبرنا، وهو الذي تدحرج بأخيه فرزت فكان سببا لموته، وأنا أحب أخي (خيرو) جدا، بل لا أعتقد أن في خلق الله تعالى من يحب أخاه كما أحب أخي (خيرو) وليس هذا شعوري وحدي بل هو شعور كل إخوته وأصدقائه ومعارفه عن بكرة أبيهم. وهو ثاني إخوتي من حيث الترتيب، ولما بلغ السابعة عشرة لحق بأخيه للعمل في لبنان، وكان بطلا من الأبطال، تمكن عام (1970) من انتزاع كأس دمشق في المصارعة من أول دقيقة. ولم يكن أحد في حارتنا كلها يجرؤ على الاعتداء علينا خوفا من خيرو (الأسمر الحليوه) وقد مضى عليه ردح من الدهر صار لقبه فيه (سانتو) = بطل الأفلام المشهورة في ذلك الزمان = لأنه إذ كان خياطا صنع لوجهه قناعا مثل قناع (سانتو) وثوبا مثل ثوبه أيضا. وكان يمشي بهما (ولا أبالي) وأذكر أنه رأى مرة أزعرين يهمان بضربي وكان يساعد أبي في بناء الجامع، فقفز من أعلى الجامع، وصار الأزعران في قبضته مثل فرخي الحمام، ولو لم يتدخل والدي لأكلهما بلا ملح. وكلما رأى الناس أمي في الحارة دلوها على مكان وجود خيرو، يقولون: (خالة بدك خيرو) لعلمهم أن أمي لا تخرج من البيت إلا للبحث عن خيرو. ولكنه لما خرج من ميعة الصبا صار قسا، مثله مثل أبي عبد الرحمن القس، وأقول: بالله ووالله لم تقع عيني على أطهر منه، ولا أتقى، ولا أسلم صدر ولا أنقى، شهادة يسألني الله عنها يوم الحساب. ومن عجائب نفسه الرقيقة وروحه الصافية أن أمي إذا رأت رؤيا، فغالبا ما يرى خيرو نفس الرؤيا بالكامل، يجلسان ويقصان على بعضهما الرؤيا من أولها إلى آخرها، ونحن نعجب من ذلك، وقد خصصت لهذه العجيبة فصلا في الدمع المدرار.
وكان في السباحة شيئا عجيبا، يقفز من أعلى شجر الحور إلى نهر بردى، وقد رأيته مرة في المسبح، يتبارى مع طائفة من السباحين في البحث عن ربع ليرة في أرض المسبح، وبعدما خرج السباحون كلهم بقي خيرو دقيقتين، فاحمرّ وجهي خشية أن يكون قد جرى له مكروه. ثم إذا به يخرج وهو يحمل قفة، وكانت الربع ليرة داخل القفة. وأستطرد هنا لأشكر الله تعالى على ما  أنعم به علينا من حياة في غاية الاستقرار، على ما كان فيها من الفقر، الذي لم نكن نشعر بقسوته بفضل تدبير أمي، وندرة أخلاق والدي، الذي لم أره يوما من الأيام في خلاف يذكر مع أمي، وكان أكثر ما يمكن أن يقوله إذا طفح معه الكيل: (حسبي الله ونعم الوكيل) ولم أكن على علم بما يقع في بيوتات الناس حتى دخلت مرحلة الشباب. ولم يكن لأبي =مد الله بعمره= هوى غير بناء أسرته، فلا أصدقاء، ولا هم يحزنون. وكنت أخجل منه كما أخجل من الغريب، ولا أذكر أنني تمكنت من أن أمد له يدي لأخذ الخرجية، فقد كان ذلك من مهام الوالدة =سلمها الله= بل كان هو يأخذ خرجيته من والدتي مثلنا، إذ يضع في يدها راتبه كله أول الشهر، وأذكر أنني زرته في بعض الأعياد في مكان عمله، فهمس في أذن صاحب له، ثم أخرج من جيبه ليرة ليعطيني إياها، فأخفقت معه كل المحاولات، وصاحبه يضحك، ويفحص برجليه في الأرض.
وأعود إلى القصيدة التي سوف أهديها لكل من اسمه (خيرو) وأتبعها بواحدة من طرائف خيرو في الدمع المدرار.

سـئـلت عن أسماء أهل iiالشام فـقـلـت  أحلاها على iiالدوام
خـيرو، وخيرو أجمل iiالأسامي إن لـم تقل خيرو فلست iiشامي
يـسـير  في دمشق في iiالظلام ولـيـس يـحـتاج إلى iiأختام
كـالـتوت  كالمشمش iiكالشمّام كـالآس  كـالـنارنج iiكالحمام
ومـا هـو اسـم إنـما iiتسامي يـطلب  عند الرجل iiالعصامي
كـالـسعد  أو كالفأل في الكلام يُـعـدُّ  مـن مـصطلح iiالأنامِ
أجـرَوه  مجرى الحفزِ iiوالإلهامِ يـدعَـى  به الفتى إلى iiالإقدامِ
وربـمـا  فـي الحب iiوالرئامِ يـقـال  لـلـغـلامـة الغلامِ
ومـن  عجيب الدهر في iiأيامي كـثـرة  ما شاهدتُ في iiالكرامِ
مـا  فـيـهـمُ خيرو بلا iiمقامِ وذمــمٍ وهــمـمٍ iiجـسـامِ
حـتى لقد أصبحتُ في iiسلامي إذا تـعـرفـت عـلـى iiهمام
وقـيـل: خيرو، عدتُ iiباهتمام أعـيـد مـا ألقيتُ من iiسلامي
أفـحـص فـي خصاله iiأمامي وكـان مـدعـاة إلى iiاحترامي
وقـد  تـعـصبتُ له iiأعوامي وقـمـتُ  فـيـه أحسن iiالقيامِ
تـعـصُّبَ الجاحظ في iiالإسلامِ لإسـم عـمـروٍ مطمح iiالعظام
وقـلـت لـما أكثروا iiخصامي من  مثل خيرو صاحب الأعلام

 

خـيـرو: نـسيتُ ما نسيتُ لمّا

 

أتـيـتـنـا  والـليلُ قد iiأحمّا

تـدقُّ  فـي الباب وفي iiالشباكِ فـي سـاعة الخوف من الفُتّاك
ولـم  نـكـن نقوى لكي iiنردّا ولـم  نـجـد من الصراخ iiبدّا
وأشـرفـتُ  أمـك iiتـستغيثُ تـصـرخ في الشباك يا iiمغيثُ
وجـاء  عـمـك الـذي iiرآكا وأكـمـل الـحلم الذي iiأغراكا
وقـال:  مـسـكـين بلا iiطعامِ لا رأس عـفـريتٍ ولا iiحرامي
وأدخـلـوك  الدار في صخاب تـلـبـس أكـواماً من iiالثيابِ
وتـحـت إبطيك عصا iiلجدتكْ لـم نـنـتبه لها لفرط iiخدعتكْ
ووقـفـت  أمـك خلف iiالبابِ تـفـرك  عـينيها من العجابِ
ورحـت فـي رطـانـة رديَّهْ تـسـألـهـا  بـاللغة iiالكرديّه
فـأسـرعت وهي تصكُّ iiخدَّها تـعـطيك من مونتها ما iiعندها
فقمت  نحو الصحن قومة iiالأسدْ وهـرب الـكـل ولم يبقَ iiأحدْ
وصـرخـت جـارتنا iiالكتعاءُ تـركـضُ وهي زمنةٌ iiعرجاءُ
ووقـفـت  أمـك فـي iiذهولِ وفي يديها الصحنُ صحنُ الفولِ
ولـم  تـخـف روعتَها iiعليها تـأكـل مـنـه وهو في iiيديها
حـيـن استرطتَهُ وقلت: iiغيرو تـبـيـنـوا  أنك كنت iiخيرو

*زهير
17 - أبريل - 2006
هذا شعر محير    كن أول من يقيّم
 

 

أستاذي الكريم : صباح الخير

شعرك هذا الأخير أثار عندي رغبة بالتصفيق ، وأنا لا أصفق عادة إلا لفيروز ...... لو لم تكن قد صرحت مراراً عن أصولك الكردية لظننت أنك من التركمان ! جدتي كانت منهم ، وأنا لم أر لها مثيلاً في العناد والكبرياء . إلا ان لوعتك كردية بإمتياز ، وأما بيانك ، فهو عربي حتى القاع .

أخشى أنني فهمت ما تريد قوله ، وهو في هذه الحالة تفصيل سآخذه بعين الإعتبار .

وفيما يخص الصورة ، عندي منها مشهد من مدينة طرابلس أظنه مناسباً فلو أردتم أرسلته إليكم على البريد الإلكتروني ، وأرجو ان تعلموني عن الطريقة المناسبة . وشكراً .

 

*ضياء
18 - أبريل - 2006
 6  7  8  9  10