البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الفلسفة و علم النفس

 موضوع النقاش : لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?    قيّم
التقييم :
( من قبل 25 أعضاء )

رأي الوراق :

 عبدالرؤوف النويهى 
10 - ديسمبر - 2005

جمعتنى ندوة من الندوات الفكرية ، منذأكثر من عشر سنوات ويزيد ، مع الأستاذ الدكتورحسن حنفى  صاحب الدراسات الفلسفية العديدة ومنها الدراسة الرائدة والملحمية {من العقيدة إلى الثورة }  و سألته آنذاك  لماذا لايوجد عندنا فلاسفة ? أم نظل عالة  على أفكار وفلسفة أو روبا وأمريكا?????أم أن الغرب  يحتكر العلم والفلسفة ونحتكر  نحن الفضلات الساقطة    منهم??????أتذكر حقيقة وبدون شك أن الإجابة كانت تبريرية  أكثر منها ردا على تساؤلاتى ... نحن أساتذة فى دراسة الفلسفة والفلاسفة ، ,لكن هل يأتى الزمن الذى يجود علينا بفيلسوف  أمثال  جان بول سارتر،  أو نيتشة، أو را سل أوهيجل  أوسيبينوزا أو .. أو ....?????????عموما أنا فى إنتظار جودو  ،  تبا لك يا صمويل بيكت  ،  أقصد الفلاسفة....ومازال سؤالى فى إنتظار الإجابة .

 7  8  9  10  11 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
نحن بحاجه الى فيلسوف    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 

اعتقد اننا بحاجه الى ثقافة شعوب ووعي كامل من اجل التمهيد للاجيال القادمه لكي يكون لدينا فلاسفه

كما ونرغب بالفلاسفه القادمين ان يكون مصدرهم القرآن والسنه , لان القران الكريم هو مصدر العلوم

كما نحن بحاجه الى علماء مسلمين يشجعوا الناس على العلم والمعرفه والفلسفه لان معظم علماء المسلمين كانوا قد درسوا الفلسفه واهتموا بها .

الفكره نحن بحاجه الى من يشجع الشباب على الاهتمام بالفلسفه لا ان نضع اللوم على من سبقونا ولا نتهم من سبقونا بالتقصير .... نحن بحاجه الى الحقيقه واظهار علم الفلسفه انه من العلوم المهمه للفكر والارتقاء بالناس ....

لان هناك ثلاثة انواع من الناس غيروا البشريه وعلموها الحضاره وهم :

1 - الانبياء

2- الفلاسفه

3- الفيزيائيين

كما ان التركيز وافهام الناس ان العلماء السابقين كابن سينا وغيره كانوا على علم ودرايه بعلوم الفلسفه يعطي انطباع لدى الناس بان المسلمين درسوا الفلسفه واسلموها ......

 

بسام
19 - فبراير - 2006
تابع تنقية المشكلة الفلسفية 22    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 

 تحدثت في مقال سابق عن معكوسية العلاقة بين الفكر و الواقع عند الأخ عياشي , والآن الأخ عبد الحفيظ بذكائه المعهود يهاجم : الواقع سابق على الفكر , ليس ذلك فقط بل ويقرر أن كلنا نعلم ذلك..... وهذا أمر لا يناقشه أحد ! , هو مادي جدلي إذا... ثم هو مثالي في الآن ذاته عندما بدأ برصد التناقض الكامن في جوف الحداثة ( رغم أنها فكر) , لقد تعرضنا لظاهرة مضحكة ومألوفة لدي ( التيار العقلي !) وهي ظاهرة استلهام أفكار الغرب المعتوه كلها مرة واحدة رغم أنها أطياف متنافرة , ولكن دعنا من هذا , ودعنا أيضا من أنه يدافع عن الحداثة بفكرة (تجاوزتها الحداثة) , ولكن لنستبدل كلمة الواقع بكلمة المادة وندخل في الموضوع ,الحقيقة أننا لم نبتعد كثيرا عن موضوع ( الفكر و الرغبة ) حين ننتقل إلى موضوع (الفكر و المادة ) فالموضوع الأول يشمل الثاني منطقيا , أو أن الموضوع الثاني هو تخصيص و تحديد لطبيعة ( الرغبة) في الموضوع الأول , إدراك العلاقة بين الموضوعين ضروري بالنسبة لعملية ( التئام الأفكار) , ولمزيد من توضيح تلك العلاقة لا بد من تسليط الضوء على علاقة (الرغبة بالمادة) : المادة تتحول إلى فكر عن طريق وسيط ضروري هو الإنسان المفكر الذي هو نوع خاص من المادة  , أو هو المادة المفكرة , ولكن هذه المادة المفكرة يلزمها وسيط ضروري بينها وبين الأفكار هذا الوسيط هو الرغبة . المادة الصماء تتحول إلى مادة مفكرة , المادة المفكرة تتحول إلى رغبة , الرغبة تتحول في النهاية إلى فكر . مهمتنا إذا هي البرهنة على أمكانية استقلال الفكر عن الواقع , ورغم أنه يمكن اشتقاق هذه الإمكانية مما ذكرناه قبل ذلك حول إمكانية استقلال الفكر عن الرغبة , إلا أن لدي (رغبة ) في تتبع الفكر الغربي في أدق تفاصيله , الفكر الغربي له خاصية مدهشة : بما أنه معاق ذهنيا فكلما تعمق في مسألة كثرت أخطاؤه وتناقضا ته فيها , ويمكن تلمس تلك المتناقضات في عدة ملاحظات :

الأولى :المادة المفكرة عندما تتحول إلى رغبة فإنها لا تتحول بشكل عشوائي بل هي تتمثل قوانين الجدل الثلاثة والتي تحكم حركة المادة (تحول الكم إلى كيف _ صراع الأضداد _ نفي النفي ) , هذه القوانين هي فكر لم تبرهن المادية الجدلية على أساسه المادي , ولم تفسره المادية الجدلية سوى بالإحالة إلى متخلف آخر هو هيجل( لنا وقفة عنده فيما بعد) , ولكن تخلف هيجل هو تخلف مثالي يبدأ من الفكر فما الذي فعلته المادية الجدلية لتتميز عن المثالية ... لا شيء أي أن (المادية) بدأت من الأفكار !

الثانية : اعتبرت المادية الجدلية أن الإنسان هو المحيط المادي الذي تتحول عنده المادة إلى فكر وهذا ما يميز الإنسان عن سائر المادة , ولكن إذا كانت قوانين الجدل هي قوانين خاصة بالمادة من حيث هي مادة فلم احتكر الإنسان تمثيله للتناقض , دون سائر المادة , الشمس هي الشمس في قبل الثورة الفرنسية وبعدها و الجبال هي الجبال قبل ثورة البلشفية وبعدها , لقد حاولت المادية الجدلية ( انجلز) البرهنة على تناقض الطبيعة , ولكن هذه المحاولة باءت بالفشل وظلت في حدود الملاحظات المتفرقة إلى أن تركها انجلز تماما وتفرغ ل ( شرح ماركس) ..." ياما جاب الغراب لأمه !!! " حتى هذه الملاحظات كانت على أساس علم الطبيعة كما عبرت عنه نيوتن ولكن قد جاء اينشتاين وهدم الأساس الذي بنى عليه  انجلز ملاحظاته حول تناقض الطبيعة ,هو تناقض متعسف , التناقض هو في الإنسان وليس في الطبيعة , التناقض في الطبيعة هو في الحقيقة تناقض في عقل الإنسان المتأمل لها , الإنسان غير خاضع لقوانين المادة إلا من حيث هو جسد , 

الثالثة : تحول المادة إلى طاقة من ناحية وإلى رغبة من ناحية أخرى يجعل موضوع المادية الجدلية هلامي ليس له تعريف واضح... ( ما المادة ?)

الرابعة : الإشتراكية كنهاية للتاريخ ( وهي أهم تطبيقات فكرة المادية الجدلية على التاريخ ) أثبت الواقع خلوها من الصدق مما يجعلنا نضع النظرية نفسها موضع تساؤل , يحلو للبعض استخدام نفس المنطق مع الفكر الإسلامي ( الاستدلال بأخطاء الممارسة على فساد النظرية ) , الحقيقة أن فشل الحضارة الإسلامية في الاستمرار عبر الزمان لا يؤدي إلا إلى مزيد من الثقة في البناء النظري لها لأن هذا الفشل ذاته هو تعبير عن نظرة الفكر الإسلامي للإنسان ( كموضوع فاني ) انحرافات الممارسة الإسلامية في ممارسة الفكر الإسلامي هي انحرافات تحت السيطرة بمعنى أنها متوقعه من خلال هذا الفكر نفسه وتؤكد تكامله ... " بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ " حديث شريف , على الجانب الآخر , لقد أعلنت المادية الجدلية أنها هي قمة التاريخ ونهايته وأنها لن تزول هذا هو الفرق ,

وهنا تثور قضية " موقف التاريخ" من أفكار الغرب , إلى جانب " موقف العقل" منها .

ولكن ما معنى أن وجود الإنسان هو شرط وجود الفكر الإنساني ? للحديث بقية و آسف للإطالة .

 

*يحيي رفاعي سرور
19 - فبراير - 2006
تابع تنقية المشكلة الفلسفية 23    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 

لم يدر في خلدي قط أثناء الحديث عن علاقة الفكر بالواقع أن أنتصر لأسبقية الفكر على الواقع على أسبقية الواقع على الفكر , حسب المفهوم الساذج لمعنى الفكر , نحن لسنا ماديين ولسنا مثاليين أيضا , الفكر الإسلامي يستعصي على أي تصنيف تقليدي للأفكار البشرية ولكن مفاهيمه قابلة لأن تترجم إلى أي لغة بعد تحليلها , وأنا أحيي الأخت ضياء على إثارتها لموضوع اللغة, مفهوم المادة ومفهوم الفكر مفاهيم إنسانية ليست مطلقة ,ولا تفهم إلا من خلال محمولها الذي هو الإنسان , النتيجة المستخلصة من التقسيم الغربي للعالم إلى فكر و مادة هي أن العالم الغربي ما زال أسيرا في نظرته إلى العالم إلى نظرته إلى نفسه , إنه يقوم بتقسيم العالم من خلال المفاهيم التي يعرفها هو , إذا هو في الحقيقة  ودون أن يشعر لا يتأمل صورة العالم بل صورة نفسه , إنها النرجسية التي يصاب بها الإنسان حين يستبعد الوحي كعاصم له من الوقوع في أسر ذاته حين ينظر إلى العالم بعقله ( يراجع حديثنا عن الوحي كمحك خارجي ضروري للعقل ) , العالم ليس فكر ومادة فقط لأن العالم ليس هو الإنسان فقط , حتى أفلاطون لم يتخلص في صياغته للمثل من أسر ذاته التي تسقط صورتها _ رغما عنه_ في مثله التي ظن أنه (عبر بها المانش) , لقد صيغت لتماثل مألوفات أفلاطون , في حين أن الحق المطلق " ليس كمثله شيء " ( الزمر _62) ,حتى هيجل الذي أراد أن يقفز قفزة عالية ويبدأ من العدم حيث يتخلص تماما من أسر المفاهيم المألوفة , غير إنه بدأ من كل الأشياء التي ( يعرفها هو ) لكن من حيث هي غير موجودة , لابد أن تكون البداية هي شيء لا نعرفه لأن هذه البداية لا تغازل نرجسيتنا بل تحترم الواقع الذي يؤكد أننا لم نشهد خلق السماوات و الأرض ( الكهف_ 51 ) وليس من المنطقي أن نعرف كنه البداية , ولو كنا نعرفها فهذا دليل على أنها ليست البداية المنشودة , العالم صادر عن إرادة الله , الله ليس فكر وليس مادة.

-          إذا كنا لسنا ماديين ولسنا مثاليين فمن نحن ?

-           نحن المسلمين ورثة هذا العالم .

-           لا... أقصد أين نحن على خريطة الفكر الإنساني ?

-           على هذه الخريطة أن تحدد هي موقعها منا .

-          ولكن كيف يعرفنا الآخرون ?

-           حين يكفوا عن أن يكونوا آخرين .

-           لن نرغمهم على ذلك .

-           ولن يرغمونا على أن نعرف أنفسنا إليهم .

-           ولكن رسالتنا هي أن نعرفهم بأنفسنا .

-           لو عرفونا بمفاهيمهم فما عرفونا بل عرفوا موضوعات تنطبق على مفاهيمهم هم .

-           كلامك هذا ينطبق على ثنائية الفكر و المادة ?

-           بل على كل المفاهيم الغربية ( الديمقراطية الدكتاتورية ) , ( العنصرية الإنسانية ) ,( الحداثة الماضوية) , (العلمانية الثيوقراطية) , أخشي أن يأتي اليوم الذي اسمع فيه السؤال عن الفكر الإسلامي هل هو ديمقراطي أم جمهوري ... شخصيا أنا ضد بوش .

-           نحن مضطرون إلى التعامل مع غيرنا .

-           بمنطق الإخضاع أو الإستأصال .

-          أنت عنصري .

-           لقد وقعت فيما أحذرك منه

-           الآن أتريد أن تبني العالم على مشيئتك .

-           بل على مشيئة الله

-           ولكنهم لا يعترفون أنها ما تفعله هو مشيئة الله .

-           يكفي أن أعرف أنا .

-           لم لا تعيش في هذا العالم كما هو ?

-          أريد أن أحيا في العالم الذي أحبه .. أريد أن أتنفس هواء نقيا ..أن أحيا حياة كريمة , لا أخضع فيها العالم بل أخضع العالم للإله الذي أعبده و العالم تافه بالنسبة لله وليس أكبر من أن يعلن خضوعه .

-           ولكنك تافه بالنسبة للعالم .

-           لقد وقعت في المحذور مرة أخري فنظرت إلي بعين العالم و أنا لا أهتم بتلك النظرة لأن الله ينظر إلي نظرة مختلفة .

-           من يناطح العالم يموت .

-           سأموت مقاتل .

-          دون أن تحقق غايتك ?

-           غايتي هي أن أسير وليس أن أبلغ نهاية الطريق

-           من سيبلغها إذا ?

-           صاحب هذا العالم يعرفهم ...أنا أمهد الطريق .

-           هم على حق إذا حين قالوا أنك خطر على السلام العالمي ?

-           قد لمسوا الحقيقة إذا لأول مرة . أنا خطر على السلام العالمي لأن السلام العالمي خطر على السيادة الإسلامية .   

 

 

 

 

 

*يحيي رفاعي سرور
21 - فبراير - 2006
الرد على الأستاذ زهير    كن أول من يقيّم
 

 

الأخوة الكرام : صباح الخير

كنت أتمنى العودة قبل هذا إلا أني لم أستطع ، المثل الفرنسي يقول : أن تأتي متأخراً خير من أن لاتاتي أبداً . هي مجرد وجهة نظر .

قرأت مقالة الأخ يحي للتو وهي تؤكد شعوري الأول الذي شعرته في أول مقالة كتبها . انطباعي الأول عن مقالة اليوم ، هو أنه منسجم مع نفسه ، لكن هذا لا يكفي لتغيير الواقع . إلا أنها بداية صحيحة .

سأحاول تفنيد رأيي في مقالة أخرى لأنني أمتلك ساعة من الوقت ، أو أكثر بقليل ، وكنت قد أتيت للرد على الأستاذ زهير .

أكتب من الذاكرة ، وهذا ليس احترافاً ، مشاركاتي هي أقرب إلى الوجدانيات منها إلى البحث الفلسفي . لست أستاذة إذاً ، وأعتقد بأن عرفات لو كان حياً ، كان سيغار من الأستاذ زهير لأنه سبقه في منح الألقاب التي عادة ما يتركها معلقة بخيط ، طرفه الآخر في يده . أنت شاعر مقتدر بدون شك ، أستاذي الكبير ، لكنك كنت ستنفع أيضاً في السياسة .

عدت إلى المراجع التي عندي وفهمت منها بأن القدرية والمعتزلة فرقتان في منشئهما ، إلا أن تقاربهما الفكري دعا إلى الخلط بينهما ، وأن القدرية ذابت فيما بعد في المعتزلة المتأخرة .

أما في مسألة وحدة الوجود ، وهو التعبير الذي استعرته من الصوفية لأعبر من خلاله عن حالة الفكر العربي عبر التاريخ ، والذي هو ـ برأيي ـ المنطق الضمني لكل الفرق والفلسفات ، هو : أن الله غير منفصل عن العالم ، بل إنه قريب منه إلى درجة تستعصي على الفهم ، فمنهم من راح يفسر هذه العلاقة بالعقل، ومنهم من سعى إليها  بالمجاهدة . لكن الفكرة الرئيسة هي : الله يتدخل في أعمالنا باستمرار ، ونحن على اتصال مباشر معه بدون  وسيط ، سواء كان ذلك بالكلام ، أو بالنية ، أو بالعمل ...... والله في قرآنه العظيم = وهذا محصور بالقرآن والإسلام = يخاطب الإنسان مباشرة ويتوجه إليه بالكلام : هو يخاطب روحه وعقله ووجدانه . نحن نشعر بأن الله معنا ، ونشعر بأنه قريب دون أن نستطيع تحديد هذه العلاقة .

 ما علاقة هذا بالفلسفة ?

تفسيري ، هو أن المفكر المسلم ، عبر التاريخ ، وقف بحيرة أمام إعجاز القرآن ولم يفهمه بعقله . استعصى عليه، فهو ليس تاريخاً وليس فكراً منظماً كالفلسفة اليونانية ، وليس مجرد مجموعة من المعتقدات والتصورات الدينية والطقوس كباقي الأديان . هو نص فيه إعجاز يستدعي التسليم والقبول ، وفيه رهبة ورحمة تستدعي الطاعة ، وفيه هذا الشعور بأننا أمام حقيقة تتجاوزنا بكثير ومع هذا فهي قريبة منا لكننا لا نمسكها . هذه العلاقة الوجدانية هي في أساس هذا القبول بأفضلية الوحي ومرجعيته العليا والتي لم تستثن أحداً ، وهي متأتية من هذا الشعور الضمني بأن الله موجود دائماً معنا وأنه يتدخل في حياتنا في كل لحظة .

إلا أن الإنسان ليس بسيطاً ، وهو محكوم بنوازعه الفطرية الغريزية والرغبة في الحماية التي تدفع به دائماً إلى الاحتماء بالسلطة ، وإذا أمكن ، الاستئثار بها . هذا الرغبة تدفع به دائماً للتفتيش على عناصر القوة التي تؤمّن له التفوق .

المفكرون الإسلاميون بحثوا في الفلسفة اليونانية عن عناصر القوة هذه ليفهموا الدين ، ولكن أيضاً ليستأثروا به كل من جهته ، لأن الصراع كان قائماً بينهم على قاعدة الخلاف السني ـ الشيعي ، وذلك منذ البدايات .

من المستحيل فهم الحركات الفكرية في الإسلام إلا على ضوء هذا الصراع الذي لو عايناه من وجهه العقائدي فقط ، لوجدنا بأنه قد طال مختلف نواح الحياة الثقافية : الفقه ، التاريخ ، علم الكلام ، الفلسفة ......... إلا أن الخيط الجامع ، والسقف الذي لم يتجاوزه أحد ، هو ما ذكرته عن التوحد مع فكرة وجود الله المباشرة واللصيقة بشعورنا الوجداني ، وعلى أسبقية الوحي . إلا أن الصراع كان ( ولا يزال ) دائراً حول الاستئثار بمرجعية الوحي . محاولات تفسير الوحي وإخضاعه لمنطق آخر غير منطقه هو الضمني ، هي محاولات فاشلة ، آخرها كانت محاولة أبن رشد .

كنت قد بدأت بداية متعثرة في المقالة السابقة لشرح هذه الفكرة ، واستخدمت بدون قصد مصطلحاً له دلالات لم أقصدها ، وفي هذه معك حق يا أستاذ زهير . أرجو أن أكون قد تقدمت خطوة نحو شرح فكرتي التي لن تتوضح إلا إذا بينت كيف تجلت في الفلسفة ، ولكن أيضاً في اللغة وفي مفهوم التاريخ عند المؤرخين المسلمين

هذا ما سأحاول شرحه لاحقاً ، وسأعتمد فكرة الأخ يحي في ترقيم المقالات .

شكري للأخ النويهي على لطفه وتشجيعه ، ولنا عودة قريباً إن شاء الله .

 

 

*ضياء
21 - فبراير - 2006
تابع تنقية المشكلة الفلسفية 24    كن أول من يقيّم
 

إذا أردت تحطيم شيء جميل وعجزت عن ذلك فلا عليك سوى أن تعبث بمعايير الجمال فيبدو في عين الناس قبيحا .. ذلك الشيء الجميل الذي أردت تحطيمه ...إذا أردت تحطيم الحضارة الإسلامية في أعين الناس فلا عليك سوى أن تبرهن لهم على خلوها من الفلسفة , فإن عجزت عن ذلك فلا عليك سوى أن تعبث بمعيار الفلسفة فتبدو خالية من الفلسفة تلك الحضارة الجميلة .

هذا ما فعله والدي المربي الفاضل وحيد , ففكرته عن الفلسفة هي أي فكرة... بشرط : أن تكون غير تلك الفكرة التي عبرت عنها الحضارة الإسلامية ... الفلسفة ليست هي وجهة نظر في العالم أو رد الأشياء إلى كلياتها أو رد الكثرة إلى الوحدة , لماذا ?! هذه كلها تعريفات ثقافية عامة لا ينبغي لمعشر الأكاديميين الاكتفاء بها , الفلسفة ليست هي الفكر نفسه بل الإبداع في الفكر , وكلمة الإبداع هذه لو عولجت بشكل أكثر حيادية وأقل تأثرا ببريق الكلمات لبدت أقل جمالا مما تبدو عليه , ستبدو كالآتي : الإبداع _الذي هو شرط إلحاق الفكر التقليدي بالفلسفة في نظر الأخ وحيد _ هو الإتيان بفكرة جديدة عن العالم تختلف عن الفكرة المألوفة , إذا فالفلسفة ليست هي الفكر بل هي الانتقال من فكر مألوف إلى فكر غير مألوف بشرط بسيط  : هو أن يتميز هذا الفكر الجديد عن الجنون ببعض التماسك المؤقت الذي يزول بفكر جديد.. وهكذا. الفلسفة إذا _ بخلاف ما كان يعتقد البسطاء _ تتجاهل الفكر وتهتم بهذه النقلة من الفكر القديم إلى الفكر الجديد  , إنها تتجاهل الفكر لحساب الإبداع , الإبداع ينظر إلى الفكر لا من حيث محتواه بل من حيث هو مخالف وطارد لفكر آخر سابق عليه , الفلسفة ليست فكر بل هي القفز المستمر بين الأفكار ,الفلسفة  ليست تصور وإن كان التصور شرط  ضروري لها , لا لشيء إلا لأن هذا التصور يمكننا من القفز منه إلى آخر , أما الفلسفة فهي القفز ذاته . الفكر يتحول للإبداع أو إلى الفلسفة عندما يعلن استياؤه باستمرار من الأفكار المألوفة عن طريق تغييرها , الأفكار المألوفة هي الواقع ومهمة الفلسفة هي الانفصال عن الواقع .. أليس كذلك ? الغريب في الموضوع ( وما غريب إلا الشيطان ) أن والدي الأخ وحيد قد استند في فكرته عن الفلسفة وأنها إبداع للمفاهيم وتجاهل المألوف, إلى أفكارنا المألوفة عنها رغم أنه يكره المألوف من الأفكار , هذه الفكرة المألوفة التي استند اليها الأخ وحيد هي : أن الناس تصف ارسطو وابن رشد و هيدجر بكلمة فلاسفة , وحيث أن الناس مجمعين على ذلك فلنشتق لأنفسنا مفهوما عن الفلسفة نربت به على هذا الإجماع ولا نتسبب في إزعاجه ," أساس فكرة الفلسفة إبداع هو أساس غير إبداعي " , ماذا لو تجاهلنا أفكار الناس وكففنا عن وصف هؤلاء بالفلسفة... هل تتغير الفلسفة ?. الحقيقة أننا لا نطلق على هؤلاء كلمة فلسفة إلا من قبيل المواضعات اللفظية , وإلا فالفلسفة _ التي هي الحكمة_ ليس لها موطن إلا في قلب الحضارة الإسلامية , الحقيقة الأخرى هي أن مفهوم  (الفلسفة إبداع) هو مفهوم معوق للفكر , الوجه السيئ للإبداع هو عدم الاستقرار الذهني .. النتيجة في النهاية هي عدم الثقة بالفكر نفسه كأداة للاتصال بالواقع وهذه هي النتيجة التي آلت إليها الفلسفة , هي دائما موضع اتهام وريبه من المجتمع لأنها ليست أفكار بل مجرد قفز بين الأفكار , ولكن ما الخطأ الذي ارتكبته الفلسفة لتطل معلقة بتلك الحياة الضفدعية بين الأفكار ? ولتنال في النهاية ذلك المصير الاجتماعي السيء ? خطأ الفلسفة هو أنها تناقضت مع نفسها , وضعت اليقين كغاية وتجاهلت المطلق كوسيلة .... لا يقين إلا بالوحي .

وأن كنت أختلف مع والدي الأخ وحيد في معيار الفلسفة و أنها هي الإبداع في المفاهيم إلا أني من ناحية أؤكد على أن للإبداع دورا محترما يختلف عن مجرد القفز بين الأفكار , ومن ناحية أخرى فأنا أتفق معه في أن : الفكر لا يتحول إلى فلسفة لمجرد أنه متروك من السلف للخلف , بل هو: فعل العقل الحر الذي يتحدد على أساسه , ومع مطلق الحرية , من هم السلف? وما هو التراث? التراث لا( يحد) من فعل العقل بل... فعل العقل( يحدد) طبيعة التراث, يراجع : الأفكار لا تستمد قيمتها من الإحداثيات الزمنية .  

 هل من الممكن تغيير مفهومنا النمطي عن الفلسفة ولو من قبيل الإبداع في المفاهيم ? .    

*يحيي رفاعي سرور
22 - فبراير - 2006
تابع تنقية المشكلة الفلسفية 25    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 

بغض النظر عن درجة التباين في محتوي كل من الفلسفة اليونانية و الإسلامية , وبغض النظر عن شد الرفض الإسلامي لها أو عدمه , تبقي هناك ظاهرة محايدة تماما : الفلسفة اليونانية وجدت بالفعل على أرض الإسلام , وهي ظاهرة لا يمكن لأي من أطراف النقاش إنكارها , ورغم حيادية هذه الظاهرة إلا أنها تبدو وكأنها تميل بخبث إلى تأييد وجهة النظر التي تغلب الفلسفة اليونانية على الإسلامية من حيث رقي المحتوى , ألا يعكس جرأة اليونانية على أرض الإسلامية نوع من القوة و التماسك لدى الأولى ونوع من السلبية و الاحتياج لدي الثانية ? ألا يدل وجود المعركة على أرضنا أننا في موقف المدافع أو الأضعف من ناجية الشكل على الأقل ? هكذا يمكن أن يثار السؤال , وهكذا يتعين علينا إنهاء حيادية هذه الظاهرة ..وتفسيرها.

في ضوء نظرية الغزو اليوناني _ الذي يتضمن بالضرورة إيجابية يونانية ( تفوق) وسلبية إسلامية (احتياج ) _  لا بد وأن يفرض علينا التساؤل حول حالة الحضارة اليونانية وقت الغزو , الحديث عن الانقطاع الحضاري بين يونان أرسطو من ناحية و أوروبا ( صكوك الغفران ) من ناحية أخري حديث معروف , اعتماد أوروبا على العرب في معرفة تراثهم بعد أن أزاح العرب التراب عنه, معروف أيضا ,  الدلالة واضحة , وهي أن الحضارة المنسوب إليها عملية الغزو لم تقم بالغزو لأنها ببساطة ..حضارة ميتة . مما يجعلنا نرجح احتمال أن يكون الوجود اليوناني على أرض الإسلام هو وجود سلبي لا يعكس نشاط أو قوة , الطرف الإيجابي فيه هو الحضارة العربية , الوجود اليوناني عند العرب ليس غزو يوناني حضاري للعرب بل استدعاء عربي لليونان .

أيضا ملاحظة الأخت ضياء حول تجاوز التراث اليوناني لحضارات أخري أقرب إليه في الزمان و المكان ( السريانية و الجرمانية ) , لها نفس الدلالة , الوجود اليوناني عند العرب ليس غزو يوناني بل استدعاء عربي لليونان , ليس نشاط يوناني بل نشاط عربي  

الامتداد اليوناني في ارض الإسلام كان محدود ومرهون في البداية بوجود فئة تعكس نشاز في النسيج الحضاري للإسلام ( يونانيو العرب من الناحية الأخلاقية كانوا أقل التزاما ومن الناحية الاجتماعية لم يكونوا شعبيين ) , محدودية الامتداد اليوناني عند العرب من الناحية الاجتماعية , و التناسب العكسي بين يقظة الحضارة الإسلامية و انتشار الفلسفة اليونانية , ظاهرتان لهما دلالة واحدة : لا يمكن الحديث عن قوة فكرية يونانية إزاء البناء الإسلامي يستند على وجود الفلسفة اليونانية في أرض الإسلام .

لكن يبقى السؤال قائما حتى بعد نفي فكرة الغزو الإنجابي لليونان : لماذا تم استدعاء اليونان ? أعتقد أننا نستطيع الإجابة بشكل علمي ودون الحاجة إلى نظرية غربية , فهل هناك رغبة من المشاركين ?

*يحيي رفاعي سرور
23 - فبراير - 2006
والكاظمين الغيظ    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 

الأخوة والأخوات الأعزاء 00000شروق الأمنيات الجميلة بصدورنا ، وتحقيق الأحلام العالقة بأهدابنا ، وكثير من الحب وقليل من الضيق 0وأود أن أطرح رأيا وجدت من المنا سب طرحه وهو من صميم موضوعنا وأثناء بحثى فى مكتبتى ، عثرت على العدد الأول من مجلة _الفلسفة والعصر _الصادرة عن المجلس الأعلى للثقافة بمصر ، أكتوبر سنة 1999وهى مجلة من القطع الكبير 0وجدت مقالا مهما   بلغت صفحاته الثمانية من ص 16إلى ص23للأستاذ الدكتور / عاطف العراقى  أ ستاذ الفلسفة العربية بجامعة القاهرة ، بعنوان (التنوير والتراث ومستقبل العالم العربى ) أقتطف منه هذه السطور المتفرقة والتى تخص هذا الملف بالدرجة الأولى ((((000من الصعب أن نقول بوجود فيلسوف عربى معاصر 0إننا إذا نظرنا نظرة متفائلة ساذجة ،فلابد من أن نقول أننا لانجد الآن فيلسوفا فى عالمنا العربى 00لانجد إذن فيلسوفا فى بلداننا العربية من مشرقها إلى مغربها ولنكن متمسكين بالصراحة والموضوعية  فالتشاؤم أحيانا يعد أكثر واقعية من التفاؤل 0وإذا تساءلنا عن الأسباب فالأسباب عديدة وهى مؤلمة حقا 0ومن المؤسف أننا وجدنا فى الماضى ، فى العصر العباسى وعلى سبيل المثال ، آراء صادرة عن احترام العقل ، نكاد لانجدها الآن 0ألم أقل لك أيها القارىء العزيز أن ما نتباهى به من صعود يعد صعودا إلى الهاوية 0أليس من المؤسف أن نجد فلسفة وفلاسفة منذ قرون بعيدة فى ماضينا المزدهر ولانجد فلاسفة فى الحاضر 0أما الأسباب فهى كما قلت تعد عديدة ومن بينها أننا إذا كنا نجد فى الماضى فلسفة مزدهرة غاية الإزدهار ، فإننا نجد الفلسفة الآن قد تحولت فى أكثر الأحيان فى أيا منا هذه إلى مجموعة من الشروح والتعليقات ومن هنا انعدم وجود فلاسفة فى عالمنا العربى المعاصر 0كما قلت لأن مجرد الشارح لايمكن أن يكون فيلسوفا ، والذى يقتصر على التعليق لايمكن أن يرقى إلى مستوى الفيلسوف 0ولن ننتقل من حال إلى حال أفضل وأسمى إلا با لنظر _ كما قلنا _ إلى تراثنا من النظرة التنويرية 0سبب آخر يرجع إلى الماضى ، يتمثل فى قيام مجموعة من المفكرين المشهورين وعلى الأصح نحن الذين أضفينا عليهم هالات الشهرة ، ومنهم الغزالى عدو الفلسفة وابن تيمية الذى هاجم الفلسفة والمنطق هجوما عنيفا ، قيام هؤلاء المفكرين بالتقليل فى شأن الفلسفة ونظرا لشهرة المفكرين فأن هذا قد أدى إلى إنحسار الفلسفة فى عالمنا العربى المعاصر 0إن هؤلاء المفكرين لم يؤمنوا بأهمية الإنفتاح على أفكار الأمم الأخرى ، وبالتالى فإن فكرهم لايصلح لنا إذا أردنا النظر إلى التراث من خلال التنوير 0ومن الأسباب التى ترجع إلى الحاضر ، أننا حتى الآن لم نتجاوز مرحلة طبع التراث أو تحقيق التراث ، لم نتجاوز هذه المرحلة إلأى مرحلة إحياء التراث 0ولايخالجنى شك فى أننا وقفنا عند مرحلة الطبع أو التحقيق ولم نتجاوزهما إلى الإحياء ، فلن نجد فلاسفة فى عالمنا العربى حتى لو مرت علينا عدة قرون من الزمان 0سبب آخر يمثل فى أننا حتى الآن لم نتفق على أساس نقيم عليه دراستنا للأصالة والمعاصرة وهذا قد أدى بنا إ لى أننا لا نجد حتى الآن معالم ثقافة عربية محدودة ، والفيلسوف ، أى فيلسوف ، لايستطيع أن يقدم لنا مذهبا فلسفيا إلا إذا عاش فى ظل ثقافة محددة الإطار والمعالم عدة أجيال ،يتأثر بها ويتفاعل معها ، ويكون مذهبه ناتجا عن تفاعله مع هذه الثقافة سواء اتفق مع بعض جوانبها أو اختلف مع جوانبها الأخرى 0000000000000))))))وهناك بعض السطور وهى توضح ماسلف ذكره ،  لكن أقتصر على ماسبق إثباته

*عبدالرؤوف النويهى
23 - فبراير - 2006
تابع تنقية المشكلة الفسفية 26    كن أول من يقيّم
 

اشتهر بين التيار ( العلماني ) أفكار سلبية ومغلوطة عن الحضارة الإسلامية , تمنعهم من الالتحام بها ( أو تبرر لهم رغبتهم في التنصل من المسؤولية تجاهها ), تعرضنا باختصار _ قد يكون مخل _ لبعض هذه الأفكار , منها : الحضارة الإسلامية خالية من الفلسفة . قديمة غير معاصرة . تدور في فلك الوحي وليس العقل . الحياة الفكرية فيها ليست حياة ضفدعية  مثل الغرب المجيد ( الإبداع هو القفز من فكرة إلى أخرى ) . أيضا الحضارة الإسلامية لم تعرف مفاهيم قبول الآخر ( مثل ما عرفها الغرب المجيد  في سجن أبو غريب و كوسوفا و فلسطين ) . أيضا الحضارة الإسلامية منافقة , فقد عرفت الازدواجية بين الرغبة في الفعل الحيواني من ناحية وبين تبريره الشرعي دوليا من ناحية أخرى ( الأمم المتحدة ) . كما أن الحضارة الإسلامية أدخلت _ ولأول مرة في تاريخ النظرية السياسية _عنصر الكذب على الأمة بكاملها  بدعوى أنه في صالحها ( " ليفي شتراوس" وفلسفته التي تقوم على تبرير _ بل و الدعوة إلى _ اختلاق فكرة الخطر الخارجي كضرورة لتماسك الأمة , ويقوم الآن تلامذته من المحافظين الجدد بممارستها) .

نصية الحضارة الإسلامية , إحدى مآخذ التيار العلماني على هذه الحضارة , أليس المرجع فيها هو النص (بلغة الأخ عياشي) أو المتن اللغوي (بلغة الأخ وحيد) ذلك النص أو المتن الذي ينزوي أمامه العقل , أو يضع نفسه في خدمته ( لو كان عايز يعيش ) ? تعرضنا لمشكلة النص هذه_ بعد أن استبدلناها بكلمة وحي _ من خلال عدة نقاط : الوحي هو اختيار العقل الإنساني الحر . الوحي ماثل أمام العقل كموضوع له بجانب ظواهر الوجود يساعده في تفسيرها وليس ندا له ينافسه على تفسيرها . الوحي صمام أمان خارجي يحول دون وقوع العقل في أسر الرغبة دون أن يشعر و يحول دون تسلل صورة الذات إلى مجال الرؤية الإنسانية خلسة أيضا  . الوحي وسيلة الصلة الروحية بخالق العالم , هذه الصلة هي شرط تماسك الذات بتعبير الأخت ضياء , وهذا التماسك هو شرط التفلسف . تعارض الوحي مع العقل هو في الحقيقة : تعارض فعل العقل في الوجود مع فعل العقل في الوحي , إنها مشكلة تخص العقل غير الكامل ولا تخص الوجود أو الوحي , لكن ذلك لا يمنع من أنها مشكلة بالفعل فما الحل ? الحقيقة أن تجاوز الوحي للإنسان من الناحية العلمية ( الإعجاز العلمي في القرآن ) يجعل مشكلة تعارض الوحي مع العقل مشكلة خجولة , ولكن لم لا نناقش المشاكل الخجولة هذه ? سنناقشها بشرط أن نناقش معها مشكلة تعارض الحس مع الحس , هل يتعارض الحس مع الحس ? نعم , فحتى كتابة هذه السطور هناك معطيات حسية تؤكد أن الضوء مادة وأخري حسية تؤكد أنه طاقة وما زالت هذه المشكلة معلقة عند الفيزيائيين.

هذا هو النصف الأول من المقالة وهو لا يعدو أن يكون إعادة وتلخيص , أما النصف الأخير فهو يتعلق بتلك الظاهرة الدقيقة التي لاحظها الأخ وحيد , ولم يدعها تفلت من عينيه الصقرية , فهو يظن في نفسه أنه يستطيع مراقبة التغير في ملامح وجه النملة وهي تعاتب صديقتها . هذه الملاحظة هي : أن الحضارة الإسلامية تهتم بملكة الحفظ , وهذا يؤكد دورانها حول النص , الحقيقة أن اهتمام الحضارة الإسلامية بملكة الحفظ هو عنصر من عناصر كمالها وروعتها , لكن قبل الدخول في التفاصيل نقرر مبدئيا أن النتاج التاريخي للحضارة الإسلامية يدل علي وجود ملكة الفهم عند العرب أي أن ملكة الحفظ ليست بديلة لملكة الفهم عند بل إضافة لها , ومن الناحية الفنية : استخدام الإنسان لملكات أكثر يدل على عمق هذا الإنسان ورقيه مقارنة بأي إنسان آخر , ولكن تفصيليا .. كيف يكون الاهتمام بملكة الحفظ دليل علي روعة و كمال الحضارة الإسلامية ( التي هي حضارتي ) , الحقيقة أنه لابد لإدراك هذه الروعة من العودة خطوة واحدة إلى الوراء , إلى طبيعة الأمة , التي هي أساس الحضارة , الأمة في النهاية أفراد ما الذي يطرأ على هؤلاء الأفراد ليتحولوا إلى أمة ? الشعور بالتميز عن سائر الأفراد في العالم , هذا التميز ليس تميز عشوائي , إنه تميز بمعاناة خطر خارجي يتهددهم دون سائر أفراد العالم , أيضا الشعور بالرسالة التي يتحملونها دون سائر أفراد العالم , الشعور بهذا التميز سواء بالخطر أو بالمسؤولية يضفي نوع من الوحدة بين الأفراد هذه الوحدة اعتبارية غير محسوسة , وضمنية غير صريحة وعلى هذا لا يترتب عليها أي حقوق بين الأفراد , لابد إذا من جهة خارجية تشهد هذا التعاقد وتؤكده , هذه الجهة هي الزعيم الذي تستلهمه الأمة ( ولا تخلو أي أمة من زعامة ملهمة لكل أفرادها ) , ما علاقة هذا بموضوع ملكة الحفظ وروعة الحضارة الإسلامية ? الحقيقة أن مكمن الروعة في بناء الحضارة الإسلامية ( التي هي حضارتي ) أن عناصر بناء الحضارة فيها حقيقية واقعية على خلاف سائر الحضارات تخيلية وهمية تعويضية , أي أمة أو أي جماعة أو أي قبيلة تلجأ إلى الاختلاق لصنع زعيم أو شخص أسطوري أو مجموعة أسلاف عظام يقومون بوظيفة الشاهد على العقد الاعتباري بين الأفراد ومن ثم يحافظون على تماسك الجماعة , أما صانع الحضارة الإسلامية ( التي هي حضارتي) فهو شخصية حقيقية متواضعة عظيمة , شخصية لم تختلقها الأمة لتتماسك بل هو صنع هده الأمة , ولكن ما علاقة ذلك بملكة الحفظ ? الحقيقة أن واقعية مقام النبوة ( أي عدم اعتبار يته) يجعل علاقة الأفراد به ليست مجرد وجدان بل إتباع صارم قدر المستطاع وتمثله في كل شيء ( عدا الأشياء التي تخص شخصه الكريم ) . ولكن ما علاقة هذا بموضوع ملكة الحفظ ? الحقيقة أنه كانت هناك عقبة تواجه مهمة إتباع الرسول وتمثله , هذه العقبة هي  : الامتداد الزمني للأمة و الانقطاع الزمني لمقام النبوة ( أي وفاة النبي الكريم ) , الحل الساذج هو أن تنتقل رسالته على هيئة أفكار , ولكن هناك مشكلتان أمام هذا الحل الساذج : الأولى : أن انتقال الرسالة على هيئة أفكار هو في الحقيقة ليس انتقال للرسالة بل انتقال لما فهمناه منها , و الرسالة تتجاوز فهم جيل معين , وستفقد هذه الرسالة استقلاليتها عن الإنسان ( تلك الاستقلالية التي اعتبرناها صمام أمان للعقل ) إذا انتقلت عبر فهمه لها  , العقبة الثانية : أن الرسالة إدا انتقلت على هيئة أفكار ستفقد أيضا استقلاليتها عن الزمن ( اللغة و الفكر يتبادلان التأثير و التأثر عبر الزمان ) , إذا ما الحل الذي تفتقت عنه عبقرية علماء الحضارة الإسلامية ( التي هي حضارتي ) , الحل هو أن تنتقل هذه الرسالة في شكل نص , وهو ما عرف بالأحاديث النبوية الشريفة , ولكن ما الضرورة لملكة الحفظ طالما أن النص يمكن كتابته ? الواقع أن أسلوب انتقال الرسالة لا بد أن يناسب مضمونها . مضمون شخص الرسول هو تلقي الرسالة نيابة عن الأمة  من الله و الشهود على هده الأمة كأمة وشهود كل فرد على نفسه كجزء من ألأمة و شهود كل جيل في الأمة على نفسه أنه حلقة من حلقات الأمة , عملية الشهود هذه يستلزم أن نكون انتقال الرسالة هي عبر الإنسان وليس عبر الورق , من هنا ظهر علم الحديث ومن هنا ظهر الاهتمام بملكة الحفظ .      

*يحيي رفاعي سرور
25 - فبراير - 2006
حكاية من الذاكرة    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 

 

كنا لا زلنا صغاراً ، وكانت جدتي المتدينة جداً هي الحاكم الناهي في أمور البيت ، وهي من يتولى تربيتنا فعلياً . كانت الأفعال عندها مقسمة إلى قسمين : الأول عيب ، والثاني حرام .

بالمقابل ، كان أبي شيوعياً ! لكنه كان يأتي في المساء فقط ، ليأكل ويشرب ، ويعقد بيننا أحياناً مبارزات في تفسير شعر المتنبي أو جبران خليل جبران . أحياناً ، كان يطرح أفكاراً أخرى كانت عجيبة بنظري منها أن أصل الأنسان من زبد البحر . ثم ، لما كان يضجر منا كان يقول : " روحوا ناموا " . فنذهب لننام .

وكان لنا أخت صغيرة ، في الخامسة تقريباً في تلك الفترة ، كانت حادة الذكاء ، لكنها كانت شرسة جداً ومشاكسة ، وكانت جدتي تعاني في تقويمها فلا تفتأ تنهرها وتخوفها ......... فإذا جلست على حافة حائط الجنينة قالت لها : " عيب " ، وإذا رمت كسرة خبز ، قالت لها: " حرام " ، وإذا وقع منها قليل من الملح على الأرض ، قالت لها بأنها سوف تلتقطها في الجنة " بسباسيب عيونها " ، وإذا ضربت أخاها الأصغر منها قالت لها بأن الله سوف يخنقها ..............

كنا كلنا نعاني من فكرة الخوف من الله التي كانت تستخدمها جدتي في ترويضنا وإحكام سيطرتها علينا ، وأنه يوماً ما سوف يخنقنا لواحد من هذه الأسباب . حتى جاء يوم ، وكانت "هلا " وهو إسمها ، قد أتت إلى الجنينة بكرسي الحمام الصغيرة ، لكن أختى الثانية جلست عليها أثناء غيابها . ولما طلبت منها أن تقوم عنها ولم تمتثل ، غضبت وإنفعلت ونظرت من حولها فوجدت قدوماً على الأرض فتناولته وفتحت به رأس أختها . طبعاً ساد الهرج والمرج يومها وأخذت الصغيرة إلى المستشفى ، وأما جدتي فصارت ترغي وتزبد وترطن بالدعاءات عليها وتزيد في لعن إبليس الرجيم الذي أصبحت واحدة من شركائه وتهددها بأن الله سيعاقبها وأنه سيخنقها لا محالة .

في تلك الليلة ، إستيقظت في الليل ، لأجد " هلا " التي تنام معي في نفس الغرفة صاحية ، فاتحة عينيها ، مبحلقة في سقف الغرفة ، عليها إمارات الذعر ، ولا تنام ! سألتها ما بها ? ولما هي شاخصة هكذا في الظلام :

_ " أنتظر ! " ، قالت .

_ " تنتظرين ماذا ? " ، سألت .

_ " أنتظر أن يأتي الله ليخنقني ، وعندما سيقترب مني وبيده الخناقة التي يخنق بها الأولاد ، سأنتزعها منه وسأخنقه بها " . قالت بكل تصميم .

شعرت في هذه اللحظة بالشفقة عليها ، وأنا أكبرها بأربع سنوات ، ولكني في الوقت نفسه أعجبت بها أيما إعجاب . كنت أخاف مثلها وأضيق بفكرة الله الذي يخنق ويعذب ، لكنني لم أتجرأ يوماً على هذه الفكرة التي أدركت للتو سذاجتها ، إلا أنها ساعدتني للتخلص من عبء كبير .

هذا ما دفعني فيما بعد للاقتراب من أفكار والدي المريحة وتبنيها ، رغم إحساسي الضمني الذي لم يفارقني أبداً بوجود الخالق.. إلا أن هذه العلاقة ظلت ملتبسة ولوقت طويل . أميل دائماً إلى تبسيط الأمور ، إلا أنه لا بد من تفكيك مشاعرنا لفهمها . وهذا وجه من وجوه المشكلة مع المتدينين .

 ربما نكون لا زلنا في عمر الخمس سنوات ، والتسع سنوات ، وأن علينا درباً طويلة يجب أن نقطعها ، إلا أن حاجز الخوف لا بد من تجاوزه لأنه موجود فعلاً وهو معيق للفهم الذي هو طريق التوحد مع الذات

*ضياء
25 - فبراير - 2006
أمية بن خلف    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم
 
لا تزال صورة الله تعالى منطبعة في مخيلتي حتى هذه اللحظات، مع  مرور زهاء أربعين عاما على رؤيتي لما كنت أظن أنه الله  (جل وعلا) وقد رأيته  عندما رأيته في المنام على نفس الصورة بعد عشرين عاما من رؤيته الأولى في كتاب الديانة المقرر على الصف الثالث الابتدائي، في دمشق عام (1966م)  في درس بعنوان (أحد أحد) وهي الكلمة التي كان يرددها بلال الحبشي (ر) في جوابه أمية بن خلف عندما كان يدعوه هذا للعودة إلى دين قريش، وكانت صورة أمية بن خلف وهو يقوم بجلد بلال  مرتديا العباءة الفضفاضة وعلى رأسه العقال المضفور حول الكوفية البيضاء وبيده المرفوعة عاليا سوط تتدلى منه ثلاث ذوائب،  لها على ظهر بلال آثار واضحة، كانت صورة أمية هذه هي صورة الله في مخيلتي، فقد أخطأت أيها الأخوة فحسبت أن هذا هو الله، وأن المجلود بين يديه أحد عباده، ولم يخطر في بالي وأنا طفل في الثامنة من العمر أن هذه الصورة صورة لأمية بن خلف وهو يقوم بتأديب بلال، لأنه لم يكن اسم بلال ولا اسم أمية قد طرقا سمعي، بل لم نكن قد وصلنا إلى هذا الدرس، بل صادف أني فتحت على هذه الصفحة عندما استلمت الكتب في أول العام الدراسي، فاستوقفتني هذه الصورة، في كتاب ديانة وفيها ذكر لله وللنبي والجنة وللجحيم، وهذا ما استطعت تفكيكه من كلمات الدرس المحيطة بالصورة، فلما وصلنا مع الأستاذ بالكتاب إلى ذلك الدرس لم أجد بدا من أن أهرب من المدرسة لأنني لم أكن أجرؤ على النظر في تلك الصورة، مع أنني أذكر أني كنت أمسك الكتاب وأنظر من شقوقه إلى هذه الصورة وقلبي يرجف في صدري، ولكني سرعان ما أطبق الكتاب وأتناسى الأمر.
*زهير
25 - فبراير - 2006
 7  8  9  10  11