 | تعليقات | الكاتب | تاريخ النشر |  | حمدا لله على سلامتك كن أول من يقيّم حمدا لله على سلامتك يا أستاذ يحيى، أنت والله صديق عزيز على الوراق، وقد افتقدت مداخلاتك الرصينة، وتساءلت عن سبب غيابك كل هذه المدة، سدد الله خطاك، وجزاك عنا أحسن الجزاء، ولا تنحُ علي باللائمة أني تدخلت بهذه البطاقة بعيدا عن موضوع الملف، وشفيعنا في ذلك واجب الشكر، ومشاعر الامتنان لمقامكم الكريم، والسلام. | *زهير | 25 - يناير - 2006 |  | أزمة العقل كن أول من يقيّم
مرحباً بالأخ وحيد في هذا النقاش وتمنياتي للأخ يحي بالشفاء العاجل فأنا أنتظر منه رداً لاذعاً كما عودنا دائماً ، وأتهيأ له بقوة .
لم أكن يوماً بموقف المدافع المستميت عن موقف الغزالي الذي أكن له كل الإعجاب والتقدير لمكانته التي لا يرقى إليها دفاعي ولا هجومي ، لو وجد . أقرأ الغزالي ، كما أقرأ غيره ، في سياقهم التاريخي والفكري ، وأفهم وجهة نظره الرصينة في عصر تميز بالفوضى والاضطراب وكان بحاجة لسقف يحميه ، وما أشبه اليوم بالبارحة .
كنت قد أشرت إلى موقف الإمام جعفر الصادق الذي يلتقي فيه مع الغزالي ، كل من موقعه ، لجهة وضع حد أو سقف لشطحات الفلاسفة والمتصوفة . كلنا يعلم بأن الموقف يحمل في طياته موقفاً سياسياً وأنه من غير الممكن فصل المناخ الديني _ الفكري ، عن المناخ السياسي _ السلطوي .
إن كل ما نعيشه اليوم من تمجيد لابن رشد هو مفتعل ، ولا اعتراض لي على ابن رشد ولا على ما قاله ... جوابه كان في عالمه، ونحن نعيش في عالم آخر ، وهو أيضاً عاش في غير العالم الذي عاش فيه الغزالي، ولكل منهما حيثياته . ولن أعترض على ابن عربي الذي يتم تمجيده اليوم في الغرب ، أيضاً لغاية في نفس يعقوب ، وليس لقيمته الفعلية والحقيقية التي لا يرقى إليها الشك . ولا إلى غيرهم ، أنظر إلى كل هؤلاء ، وإلى كل ما أعطت حضارتنا الإسلامية من علماء وأدباء ورجال فكر وسياسة ، كلوحة فسيفساء كبيرة منسقة وجميلة وكل له فيها موقعه ومكانه . لا أنتقي منهم من يروقني لأجعله يتكلم مكاني وأتخذ منه ذريعة للقول بأن الإسلام كان عقلانياً ، أو روحانياً ، أو ذا نفحة إنسانية مسالمة ، أو لأجعله إشتراكياً وثورياً كالقرامطة ، أو رأسمالياً ليبرالياً كمعاوية ، .......... ، الإسلام كان كل هذا ، وهؤلاء كانوا أُناساً مثلنا ، لهم مشاربهم وأهواؤهم ، وقد خلد التاريخ العظماء منهم والمجلين وكانوا من شتى الاتجاهات . نحن اليوم في عالم آخر ، ولدينا تحديات أخرى !
ما هي الحداثة ? ولماذا نستدعى إليها ? وماذا سيكون موقعنا فيها ? هل سيكون لنا دور فيها أم أننا سنكون فقط شهداء زور ?
أين هي مصلحتنا كشعوب وأفراد في هذه الحداثة ? وما هو الثمن المطلوب المترتب على انتسابنا لهذا النادي ?
كيف سيحل العقل معضلة طلب الانتساب الذي ترغب فيه النفس بقوة والفاتورة التي لا نمتلك ثمنها أساساً إلا إذا رضينا بالاستعباد .
أين عقلنا من عقلهم وفضاؤنا من فضائهم ، وإمكانياتنا من إمكانياتهم ، وماذا يريدون منا بالذات ? وماذا نريد نحن بالذات ?
إن ما أدعو إليه ليس استقالة العقل وإنما تحديد أوضح لدوره الملتبس بهدف إستخدامه بطريقة أنجع . أحيلكم دائماً إلى علاقة العقل بالسلطة وبالسياسة . أطالبكم بالتفكير بموقع العقل من هوى النفس وضعفها ، وطموحها ، وتشرذمها ، وهل هو من يقودها أم أنها من تقوده وكيف ? سيحلو هذا الحديث للأخ يحي ولا بأس في ذلك ، وسيشعر بالانتصار ، لا بأس في ذلك أيضاً ، إلا أن ما أدعو إليه ليس إصلاح النفس ، لأنها ميؤس منها ، بل إصلاح العقل ، وغايتي هي أن أعرف حدوده ومداه ، وسؤالي : هل بإمكانه حل المعضلة وحده ?
غايتي هي أن نتفق على بعض المسلمات لنحدد أولاً ما الذي يجمعنا . فهل هذا ممكن ?
| *ضياء | 26 - يناير - 2006 |  | تابع تنقية المشكلة الفلسفية 9 كن أول من يقيّم
المقالة الأخيرة للأخت شادية ليس فيها ما يميزها عن سابقتها سوي أسلوب العرض الذي اختلف بعض الشيء , فالمضمون واحد وخطير وشائك , وهو أن العقل شكل من أشكال الرغبة , وأن الدوافع النفسية مستغرقة لكافة أنواع السلوك , مهما حاولنا أن نعقل هذا السلوك ونبرره . وتستند في هذا إلى أن بعض _أو كل _من يرفع شعار العقل، يفضحه التاريخ ويعري رغباته النفسية المتسترة بالعقل . ثم أوجدت شبها بين استخدام العقل كقناع، وبين استخدام الدين كقناع أيضا , وهو في الحالتين , غالبا وليس دائما , يخفي الرغبة في التسلط الذي ألمحت إليه مرارا .
الجديد هو أنها عممت هذه الرغبة لتشمل السلوك البشري كله، بعد أن كانت تقصرها علي الشخصية العربية . وهي خاطئة في كلا الأمرين , غير أن خطأ التعميم أحب إلي من خطأ التخصيص , فالتعميم يجعلني كعربي بريء من تهمة احتكار الشرور . كما أنه يجعلني أبدو كمتحدث باسم العقل الإنساني كله , بعد أن كنت محصورا في الدفاع عن طائفة مغلوبة علي أمرها , (وهذا يشبع عندي رغبة دفينة )
قلت: إن هذا الادعاء خطير لأنه يؤدي إلي العدمية والفوضى، حيث يختفي الضمير، أو إلي نقيض الفوضى أي الاستبداد، حيث تحل القوة محل الضمير مستغلة غيابه , وإلي أن تصبح ثنائيات الخير والشر , و الحق والباطل , و الفضيلة والرذيلة , و الواجب والجريمة , كلها لغواً لا معنى لها , ولا فرق بين أولها وثانيها .
وقلت: إن هذا الادعاء شائك لأنه يحتمل الخطأ ويحتمل الصواب بحسب الطريقة التي يفهم بها , وتقييمه ليس بمجرد الحكم عليه بل بتحليله أولا .
نذكر بالمناسبة أن الماركسية قد تبنت فكرة (زيف السلوك الإنساني ) , وأعلنت أن الحقيقة في المجتمع هي أسلوب الإنتاج أي رغبة المجتمع , وأن الفرويدية قد تبنت أيضا فكرة (زيف السلوك الإنساني ) وأعلنت أن الحقيقة هي الرغبة الفردية , أما الوجودية فقد أيدت أيضا نفس الفكرة وعلي مستوي الفرد وأعلنت أن الحقيقة هي الحرية أو القلق , حسب نوع الوجودية . وهي بذلك قد تميزت عن الفرويدية والماركسية بانتصارها لمبدأ الاختيار مقابل مبدأ الجبر , فهي تقرر أن الإنسان مزيف ليس رغما عنه بل بإرادته , وأنا لا استعرض هذه الفكرة بأشكالها المتعددة في الفلسفات الغربية لأدرك إحداثياتي من خلالها أو موقعي منها، فأنا لا أحتاج إلي وساطة بيني وبين الطبيعة و خالقها , بل استدعيها لأرد إليها بضاعتها , ولنعلم إلي أي مدي نحن لسنا نحن .
كبداية .. و من الناحية المنهجية , وتحديدا فيما إذا كان الإنسان هو موضوع البحث ( العقل .. الدولة .. الأخلاق..الخ ) , فيجب علينا الاحتراز من تدخل الاستقراء في النتائج التي نصل إليها , فالاستقراء هو انتقال من الوقائع إلي القواعد ثم إلي الماهيات , وعملية الانتقال هذه تتطلب حصر الوقائع.
الاستقراء إذاً لا يصلح للموضوعات المتغيرة عبر الزمان، لأن حصر الوقائع عبر الزمان مستحيل إلا بوجود وسيط ممتد عبر الزمان مع الوقائع , باختصار استنتاج الإنسان من الوقائع الإنسانية (مثل واقعة استخدام العقل بشكل غير محترم في زمان معين ومكان معين ) هذا الاستنتاج فاقد لمشروعيته منذ البداية
مازالت المشكلة معلقة , ومازال للحديث بقية , وشكرا للأخ زهير
| *يحيي رفاعي سرور | 27 - يناير - 2006 |  | عندما تموت المعاني     ( من قبل 2 أعضاء ) قيّم
أو يختفي الضمير/الأخلاق وتسود الفوضى و العدمية
*الأخ يحيى.
أولما يحار العقل / يقف ولا يستطيع لوحده حل المعضلة
*الأخت شادية.
أو يستقيل العقل / وجميع الحضارات عرفت في مرحلة ما
استقالة لعقلها. *الأخ وحيد
-أقول عندما يحدث كل هذا تتأذى الروح ، وتشرع في الموت
تدريجيا كل تلك المعاني/القيم التي تسمو بها .
عندما وقف نيرون في شرفة قصره يتمتع برؤية روما وهي
تحترق بكامل مجدها ،كان يقف الى جانبه مرافقه الفيلسوف
زينون .فسأله نيرون كيف وجد منظر روما و هي تحترق
فقال له الفيلسوف :
-إذا احترقت روما فسيأتي من يعيد بناءها، ربما أحسن مما
كانت عليه ، لكن الذي يحز في نفسي هو أنني أعلم أنك فرضت
على شعبك تعلم شعر رديء فقتلت فيهم المعاني .وهيهات إذا ماتت
المعاني في شعب أن يأتي من يحييها فيه من جديد .
فما أشبه روما ببغداد اليوم ، وما أشبه نيرون بساساتنا و مسؤولينا
الذين قتلوا فينا الوطنية و حولوهابعد عقود من القمع والرعب إلى
وسام تافه..
قتلوا النخوة و الكرامة في النفوس وأرادوا تحويلنا إلى مجرد قطعان.
قتلوا كل ما هو جميل و الحب في النفوس ، وتعهدوا بالرعاية حبا
واحدا هو حب المال/المادة . حتى أصبحنا بسببهما نبيع أعراضنا
في أسواق النخاسة . وكم يشعرالمرأ بالغثيان عندما يقرأ في عدد
مجلة ..الأخير تحقيقا يتحدث عن وجود 600فتاة جامعية من بلدك
يتعاطين الدعارة في خمارات تل أبيب و القدس مع اليهود ،أغلبهن
أوقفتهن الشرطة الإسرائيلية .
-اذا كان التاريخ يعري العقل كما قال الأخ يحيى ، فما الذي
يعري الروح ? ولا تبدو متعالية !!
-وهل العيب فينا ، أم في زماننا ، الامبريالية ،الحداثة..
*قال محمود درويش في إحدى قصائده الرائعة :
نيـرون مات و لم تمت روما
بعينيها تقاتل
وحبوب سنبلة تموت
فتملأ الوادي سنابل .
**دمتم بخير، وحمدا لله على سلامتك الأخ يحيى . | *abdelhafid | 29 - يناير - 2006 |  | تابع تنقية المشكلة الفلسفية 10     ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
ذكرت أن استكشاف العقل , وبالتالي وضع حدود له , لا يجب أن يمر عبر الاستقراء ( أي تجميع الوقائع العقلية للإنسان وصياغة تصور عن العقل من خلالها , مثل واقعة تحالف البرجوازية مع العقل ضد الكنيسة ) , لأن الوقائع العقلية هي وقائع إنسانية , و الإنسان متغير عبر الزمان , ولا أقصد بتغيره عبر الزمان عدم وجود ماهية ثابتة له (لأن اللي بيقولو كدة الناس الوحشين ) , بل أقصد أن ماهيته تتكشف _حسب أسلوب الملاحظة_ بحصر وقائعه عبر الزمان وهذا مستحيل . فالأسلوب المقترح هو التحليل النظري للعقل وللرغبة لتحديد طبيعة العلاقة بينهما
الافتراض موضوع المناقشة هو أن العقل شكل من أشكال الرغبة , أو أنه هو الرغبة، وقد عثرت علي مبرر لوجودها, وبالتالي فالعقل ليس له وجود مستقل عن الرغبة .
صيغة أخرى للافتراض : العقل هو تصور عن العالم , تنتظم فيه أجزاء العالم في كل واحد، ولكن في الحقيقة صورة العالم هي صورة الذات . إذا: العقل ليس له وجود مستقل عن الذات، بل هو أحد أساليبها في التكيف .
صياغة ثالثة للافتراض : الرغبة في شيء ما هي دائما وفي الحقيقة رغبة في شيء آخر . إذاً : إقامة علاقة بين العقل والرغبة علي أساس منطقي مهمة مستحيلة، لأن هذه المهمة تتطلب أن تكون الرغبة حقيقية مبدئيا , وهذا غير ميسور
الحقيقة: إن ظاهرة إصرار الرغبة علي البحث عن مبرر لوجودها , بغض النظر عن صدق هذا التبرير, هذه الظاهرة تستدعي التأمل، فالبحث عن مبرر مزيف يتضمن بالضرورة وجود مبرر حقيقي تحاول الرغبة الالتفاف حوله لتحافظ على وجودها , لكن قد يثور تساؤل : لماذا نستبعد احتمال نشوء مبرر مزيف منذ البداية دون المرور علي فكرة ضرورة المبرر الحقيقي ?
الإجابة هي: إمكانيات التكيف لدي الذات غير محدودة ,أي إنه لو كانت الرغبة هي كل شيء لحققت نفسها دون أن تبحث عن مبرر , ولو كانت هي كل شيء لكان مجرد وجودها هو مبرر وجودها , لننتبه إلي أن المبرر ليس ضروريا للرغبة لأن هناك حياة لا تلتمس لرغباتها أي تبرير عقلي , وهي لا تبالي بذلك .
ولو قلنا بأن الرغبة الإنسانية مضطرة لتبرير نفسها أمام المجتمع , لأنها تختلف عن الرغبة الحيوانية , لو قلنا ذلك لوقعنا في أولى أخطاء الفكر , أي وضع السبب مكان النتيجة , لأن العقل هو خالق المجتمع ومن ثم هو سابق عليه من الناحية المنطقية , إذا كان المجتمع هو صنيعة العقل فلا يمكن اعتبار العقل وسيلة تتكيف بها الرغبة مع المجتمع .
لو انتقلنا بالمشكلة إلي مستوى أكثر عمقا، لوجدنا أن تبرير السلوك لم يكن الوظيفة الأكثر جوهرية للعقل , بل هي مشتقة من وظيفته الأكثر أصالة , وهي توحيد أجزاء العالم في كل واحد عن طريق خلق علاقة بين هذه الأجزاء، إن غاية العقل هي خلق صورة للعالم يبدو فيها العالم وحدة واحدة , أما كيف تشتق وظيفة تبرير السلوك من وظيفة توحيد الأشياء , فهو أمر يسير لو نظرنا إلى تبرير السلوك على أنه نوع خاص من توحيد الأشياء , وتحديدا , التوحيد بين الذات و العالم عن طريق خلق وسيط بينهما هو السلوك , ( السلوك العقلاني أو الأخلاقي هو السلوك المنسجم مع نظام العالم ) , الشخص يبرر تصرفاته بأن( كل الناس تفعلها ).
الانتقال بالمشكلة إلي هذا المستوي الأعمق يجعلنا في مواجهة الصيغة الثانية من الافتراض موضوع المناقشة وهي : إذا كانت وظيفة العقل هي خلق صورة للعالم تندمج فيها أجزاؤه , وإذا كانت صورة العالم هي صورة الذات فإن العقل ليس مستقلا عن الذات، وما هو إلا وسيلة من وسائل الذات تري بها نفسها في العالم .
الحقيقة إنني أقر بأن صورة الذات هي صورة العالم، ولكن لا يسعني إلا أن أؤكد على أن هناك عالما بالفعل , وأن هذا العالم له صورة مستقلة عن الإنسان وعقله ورغباته , وأن هذه الصورة قابلة لأن تكون هي صورة الذات وهي الحالة القصوى النظرية المعبرة عن الصدق الإنساني , الاعتراض المألوف هو أن العالم أكبر من إمكانية تصوره علي حقيقته , والواقع أن هذه ليست مشكلة عسيرة إذ يمكن الالتفاف حولها بتصور الذات على حقيقتها , أي نحاول البحث عن الرغبة الحقيقية لأفعالنا . وهنا نواجه الصيغة الثالثة من الفرض موضوع المناقشة :
إذا كانت كل رغبة هي في الحقيقة قناع لرغبة أخري فالرغبة هي أساس هش لا يستطيع العقل الركون إليه لأنه ينشد اليقين , ينشد رغبة حقيقية لها موضوع حقيقي.
الحقيقة إنها مشكلة بالفعل , لكنها مشكلة مقصودة من قبل الخالق سبحانه وتعالى لأنها ببساطة هي موضوع الاختبار الإنساني , أي صدق الإنسان مع نفسه , لماذا لا تكون الرغبة حقيقية دائما ?! سؤال لا يقل سذاجة عن السؤال : لماذا لا يتسلم الطالب في لجنة الامتحان نموذج الإجابة مع ورقة الأسئلة ? .
الرغبة الإنسانية مزيفة غالبا لكن من البشاعة أن نعتقد أنها مزيفة دائما , لأن هناك فئة ستنجح في اختبار الوجود الإنساني , وهي الفئة المختارة للخلود في النعيم الأخروي . هي فئة قليلة .... نعم , لكنها موجودة .
علينا إذاً أن نبرهن على إمكانية تحقيق الصدق في الرغبة تحليليا .....ثم نصل إلى استنتاج نهائي للعلاقة بين العقل والرغبة....إذا ...للحديث بقية .
| *يحيي رفاعي سرور | 29 - يناير - 2006 |  | أزمة العقل 2 كن أول من يقيّم
كان العقل وما زال ، وسيطاً بين الرغبة والمجتمع ، او بين الرغبات المتناقضة داخل الذات أحياناً .
إن المهمة الأولى المنوطة بالعقل هي مهمة حماية النوع البشري وذلك بإيجاد تسويات بين رغبات الذات التي تنتجها الغرائز الفطرية الأولى ، والتي هي ضرورة للإستمرار ، كغريزة إشباع الجوع وغريزة الجنس ، وبين الرغبة في الحماية التي يؤمنها المجتمع . من هنا يجري الخضوع لسلطة المجتمع تلقائياً لأننا نعرف وبطريقة ضمنية بأننا غير قادرين على تأمين الحماية لأنفسنا ولا الإستمرار إلا من خلاله .
إن الرغبة في الحماية وفي الإستمرار كانت وما زالت الدافع الذي أدى إلى تكوين المجتمعات البشرية والمصلحة الضمنية للإنسان في قبول الآخر ، الذي هو الجحيم كما يقول سارتر . مقابل هذا ، كان على الإنسان بأن يتنازل عن حريته ، وأن يبدأ بالتفكير خارج ذاته ، بالعالم وبالآخر ، لتأمين أكبر قدر من الحماية لنفسه ، وأكبر قدر من الإشباع لغرائزه ، ضمن حدود المجتمع .
إن الغاية الضمنية للإجتماع هي هذا ، والعقل هو وسيلتنا لتحقيق هذا الإجتماع وتحسين شروطه .
لكن الحياة لا تقتصر على هذا ، والذات البشرية لا تتلخص بوجودها الإجتماعي ، إلا أنه لا بد من التبسيط والعودة إلى البديهيات لكي نزيغ عن الهدف فنجعل العقل غاية الإجتماع ، ونجعل الحقيقة هدف العقل .
أزمة الإنسان هي في هذه الشروط الإجتماعية التي تقيده وتزيف حقيقة وجوده ، والتي حللها ماركس ببراعة ، وعبر فرويد عن جانبها النفسي ، وإستشعرت إرهاصات أزمتها الوجودية ، وصاغ حركتها هيجل بطريقة مذهلة ، وغيرهم وغيرهم ، كلهم فكروا بصدق ، لكنهم لم يتوصلوا إلا إلى أجزاء من حقائق متعلقة بوجودنا الإجتماعي . إستغلها عقل آخر بشكل مسيء للإنسانية .
هناك حقائق أخرى إيمانية، أعتقد بأننا هنا نؤمن بها أكثرنا ، إلا أنها ليست من مجال العقل ولم تك موضوع حديثنا الذي انطلقنا منه . | *ضياء | 30 - يناير - 2006 |  | تابع تنقية المشكلة الفلسفية (12)     ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
اضطرنا الحديث عن علاقة العقل بالرغبة إلى الحديث عن علاقة العقل بالوحي , كمحك خارجي له , الحقيقة أن التداخل بين العقل والرغبة غير مربك فرغم أن العقل مستقل عن الرغبة من حيث المضمون إلا أنه مهاد لها من حيث الوظيفة , العقل هو الرغبة وقد عرفت مسارها الصحيح ,السلوك العقلاني ليس سلوكا مجردا من الرغبة بل سلوكا يخدم رغبة صادقة مشروعة يعيها الإنسان , سيصادفنا بداخل في العلاقة بين العقل و الوحي شبيه بالتداخل بين العقل و الرغبة , فرغم أن الوحي مستقل عن العقل من حيث مضمونه _والاستقلال لا يعني التعارض بل يعني الاتفاق في المضمون و الاختلاف في المصدر _ إلا أن الوحي مع ذلك هو موضوع لاختيار العقل من الناحية المبدئية , الوحي ليس واحدا لأن الأديان ليست واحدة , والحقيقة لا تتعدد لأن الله لا يتعدد , إذا هناك وحي واحد جدير باعتباره محكا لعقلي فأيهم هو ?? , ما الذي يضمن لي أن هذا الوحي ليس صورة مقنعة لرغباتي غير العقلية , لا بد من ضمان لاستقلال هذا الوحي بالذات عني وأنه ليس كغيره من الوحي المزيف الذي هو انعكاس لرغبات غير العقلية , الحقيقة أن الذي يضمن استقلال وحي معين عن الإنسان هو خروج الوحي عن محيط القدرة الإنسانية وهذه هي فكرة المعجزة، انظر ( سورة يونس آية 38 ) , وعلي الجانب الآخر فالذي يضمن أن الوحي الآخر مزيف هو دخوله في إطار الخصائص الإنسانية وبالتالي مطابقته للإنسان وعدم استقلاله عنه وأول هذه الخصائص هو الاختلاف ( انظر: (سورة النساء آية 82 ) ) إذ أن الإنسان هو نوع وليس فرد ومن ثم هو كثرة وليس وحدة أي أنه اختلاف وليس تناغم .
الحقيقة أن هذه ليست المشكلة الوحيدة الخاصة بالوحي , ( أي مشكلة اختيار الوحي ) , هناك مشكلة أخري تتعلق بفهم الوحي الذي اخترته بمحض إرادتي وأتحمل مسؤولية هذا الاختيار , البعض يزعم أننا لا نملك الأداة للتعامل مع الوحي , وهو عذر أقبح من بكثير من الذنب , , وهو عذر أقبح من بكثير من الذنب , إذا كان الذنب هو الجهل , فالعذر هو التجاهل و التعالي علي علوم اللغة و علم الحديث و علم أصول الفقه و الفقه و التفسير و علم أسباب النزول وعلم الناسخ و المنسوخ , ما هو موقع الفئة المثقفة من تلك العلوم ?
لكن سيقال أن الإختلاف قائم حتى مع وجود تلك العلوم , أليس كذلك ? لكن هل ظل نطاق الإختلاف كما هو أم ضاق واقترب جدا من الوحدة و إن لم يصل أليها ? هل المسافة بين المعتزلة و أهل السنة مثلا هي المسافة بين أهل السنة وفلسفة زارادشت . | *يحيي رفاعي سرور | 31 - يناير - 2006 |  | تابع تنقية المشكلة (11) كن أول من يقيّم
كنت أتحدث عن إمكانية مثول أعمق الرغبات أمام الإنسان، ودون تزييف , ومن ثم تحمل الإنسان مسؤوليته الكاملة عنها , بصيغة أخرى , إمكانية وجود عقل مستقل عن الرغبة في محتواه , دون أن يفقد إخلاصه للرغبة في وظيفته، محققا بذلك أفضل صيغة للوحدة الإنسانية , هناك إمكانيتان لتحرر العقل من الرغبة:
الإمكانية الأولي : ذاتية تتعلق بقدرة الوعي على وضع النفس كموضوع للتأمل , أي تحويل الذات إلى موضوع يعمل الإنسان ضده بهدف السيطرة عليه , هذه العملية ليست سهلة وتتطلب قدر من المعاناة لاسيما وهي _كما قلت _موضوع الاختبار الإنساني , عملية تحويل الذات إلى موضوع في مواجهة الإنسان هي بصيغة أخري عملية نقل للرغبة من المجال اللاشعوري إلى مجال الوعي حيث منطقة نفوذ الإرادة الإنسانية , هذه النقلة الصعبة معروفة عند متصوفة أهل السنة باسم المجاهدة أو مراقبة الله , يمكن البرهنة عمليا على إمكانية انتقال الرغبة الإنسانية من حيز اللاوعي إلي حيز الوعي بإمكانية الشفاء من المرض النفسي إذ أن آلية الشفاء من المرض النفسي هي نفس آلية الوصول لمعنى الصدق في الرغبة : " المعاناة النفسية للانتقال بالرغبة من اللاوعي إلى الوعي ومن ثم السيطرة عليها " , ومعنى هذا أن لا شعورية الرغبة ليست خاصية جوهرية لها , ( طالما أن المرض النفسي قابل للشفاء _ وهذه حقيقة ليس في الإمكان إنكارها _فإن العقل يستطيع الاستقلال عن الرغبة ) , وذلك باعتبار أن الحياة الإنسانية المزيفة تندرج تحت مقولة المرض النفسي من الناحية الفنية .
الإمكانية الثانية لاستقلال العقل عن الرغبة، إمكانية خارجية : وتتمثل في وجود محك للعقل غير قابل لأن يكون انعكاس لصورة الذات , شيء خاص بنا ولكنه مستقل عنا تماما , تنطبق هذه الشروط على الوحي .
هذه هي المرة الثانية التي نتعرض فيها للوحي كشرط للتفلسف وليس كمعوق له , المرة الأولى عندما اعتبرنا الوحي _ كمجموعة من الظواهر _ , مكمل لظواهر الطبيعة وليس بديلا لها , وقلنا: إن الفكر الإسلامي هو _وهو فقط _ الذي يحقق شرط الفلسفة , لأن الفلسفة تفترض وتشترط اكتمال المجال أمام العقل (مثل لعبة البازل التي لابد من اكتمال عدد القطع المطلوب ترتيبها لتبدأ اللعبة ), وقلنا: إن أي محاولة غير إسلامية لتفسير العالم هي محاولة مبتورة لأنها تفتقد لعنصر الوحي أي عنصر شمول المجال أمام العقل ,( العالم = ظواهر الوجود المحسوس + ظواهر الوحي أي الأخبار الإلهية ) , الوحي هو نصف الخريطة المجهول لدي غير المسلمين , المرة الثانية التي تعرضنا فيها للوحي كشرط للفلسفة هو باعتباره الضمان المقبول و المعيار الأوكد للعقل , ذلك المعيار الذي يصون العقل من أن يخضع للرغبة أو يكون مجرد انعكاس للذات .
جدير بالذكر أن اكتشاف زيف السلوك الإنساني لا يعود الفضل فيه للفلسفة الأوربية الحديثة , الحضارة الإسلامية هي أكثر الحضارات إلحاحا على الإنسان للتشكك في محتوي وجدانه , الحديث عن الصعوبة البالغة للإخلاص وقلة المعبرين عنه , حديث معهود في التراث الإسلامي .. فعمر ابن الخطاب يتخوف من أن يكون من المنافقين وهو لا يشعر , وأبو بكر الصديق لا يأمن مكر الله ( ولو كانت إحدى قدميه في الجنة ) .. حنظلة يتهم نفسه بالنفاق ويطمئنه الرسول ( بشرط الثبات على الصدق ) , أي أننا لم نفتح أفواهنا من الاندهاش حين خرجت علينا الفلسفة الغربية بفكرة زيف السلوك الإنساني , الفارق بين علماء الحضارة الإسلامية وبين فلاسفة الغرب في قضية زيف السلوك الإنساني هو أن علمائنا أدركوا أن هذا الزيف ليس لصيقا بالنفس التصاق البياض باللبن , بل هو شيء يتعين على الإنسان مواجهته , ومن ثم فهناك إمكانية لذلك . | *يحيي رفاعي سرور | 31 - يناير - 2006 |  | بين الغزالي وابن رشد كن أول من يقيّم
مع الانتشار النسبي للتعليم, وأمام متغيرات الواقع, كان من الطبيعي أن يسأل المسلمون عن قضايا الدين ومعاني النص. ولم يكن كل الصحابة ـ كما يقول ابن خلدون ـ مؤهلين لإصدار الفتوى وإعطاء التفسير, والتمييز بين الناسخ والمنسوخ, والمحكم والمتشابه, بل كان الأمر يقتصر على فئة معينة هي التي سميت بـ "القراء" باعتبارهم حفظة القرآن, قراءة وجمعا, وحملة العلم الإسلامي الأول. وكان السائد عندهم أن ?الأقرأ هو الأعلم? , وبالتالي فالأفضلية في القراءة تستلزم الأفضلية في العلم وانطلاقا من هذا الدور سيعتبر "القراء" الرعيل الأول لعلماء الإسلام الأصوليين, أي الفقهاء الذين سيوجهون اجتهادهم فيما بعد, بل وفي كل زمان, إلى إرجاع الواقع جملة وتفصيلا إلى النص الديني..وإذا كان القراء هم "حفظة النص", فإن الفقهاء سيتخذون من هذا النص الأصل الأول للتشريع. وسيكون الفقيه, بذلك, هو صانع الحضارة الإسلامية, من حيث أن الفقه سيحتل الدرجة الأولى ضمن منتجات هذه الحضارة كما وكيفا, وسيصبح موجها ومنظما للسلوك العملي للفرد والجماعة, وسيؤثر بالتالي في سلوكه العقلي, أي في طريقة تفكيره وإنتاجه الفكري وإذا كان الشافعي بوضعه لأصول الفقه يعتبر المشرع الأول للعقل البياني العربي, فيمكن القول, من باب المقارنة, إن تأثير "هذه الأصول" في تكوين وفعالية العقل العربي لا يقل عن تأثير "قواعد المنهج" التي وضعها ديكارت بالنسبة لتكوين العقل الأوروبي. وإذا كان النص في حضارة الفقه هو المركز أو المقياس الثابت الذي يجب أن تضبط وفقه إيقاعات وتغيرات الواقع بحكم سلطته المعيارية, فإن إنسان هذه الحضارة لن يكون بإمكانه أن يفكر إلا بالنص ومن خلاله ومن أجله, أي لا يمكن أن يفكر إلا بطريقة بيانية. لذلك ?لم يكن عجبا والحالة هذه أن تكون صفة البيان في هذه الثقافة هي العنصر المحدد لماهية الإنسان?لقد تحدد الإنسان في هذه الثقافة باعتباره كائنا لغويا, باللغة تتلخص ماهيته, إذ بواسطتها تمتد الأسباب بينه وبين الوجود, بها يتدبر الأدلة ويؤسس لمنهج النظر فيها, وبها ينتقل من معاناة الفكر إلى معاناة العبارة عنها?(النويري). بهذا المعنى يمكن القول بأن الإنسان الذي شكلته هذه الحضارة هو إنسان بياني في تفكيره, لا يفكر إلا تحت سلطة النص الذي ينطوي على باطن يحتاج إلى تأويل, ويحمل حكما يحتاج إلى استنباط, كما لا يفكر إلا بتوجيه من سلطة سلف تتحدد في الخبر والإجماع والاجتهاد والقياس. إن الإنجاز الذي حققه العقل العربي في مجال الفقه لم يكن فقط تشريعات توجه وتضبط السلوك, بل كان عبارة عن قيود تؤطر العقل وتحد من من نشاطه داخل إطار غير قابل للاختراق.
مجمل القول إذن, إن نموذج الإنسان البياني بدأ يتشكل مع ظهور "القراء" كفئة ذات مكانة في سلم الهرم الثقافي والاجتماعي والسياسي باعتبارها تحمل العلم الأول, ثم حلت محلها فئة "العلماء الأصوليين"/ الفقهاء التي عملت على ترسيخ الأصول الفقهية والقواعد البيانية المؤطرة لعقل وسلوك الإنسان البياني, وهو التأطير الذي كان, وما يزال في صلب أهداف ومضامين وطرق التعليم السائدة في كل مناطق العالم العربي الإسلامي. لكن تاريخ تشكل هذا النموذج البياني في الحضارة العربية الإسلامية لم يكن في منأى عن تأثير مرجعيات ومنظومات فكرية غير تلك التي حملها النص الديني والفقه المتمركز حوله. ويمكن إبراز هذا التأثير من خلال لحظيتين حضاريتين: الأولى استمرت في عقل الإنسان البياني, والثانية اختنقت في مهدها.
أما اللحظة التي استمرت فيمثلها أبو حامد الغزالي الذي هاجم الفلاسفة وأصدر فتوى في تكفيرهم وتبديعهم, كما أفرغ المنطق من مضمونه ليوظفه كآلية جدلية دفاعا عن كلام الأشعري وفقه الشافعي, وأنكر وجود السببية كمبدأ عقلي بديهي?إلخ, ثم انتهى في نهاية المطاف إلى تبنى الهرمسية في رؤيته الصوفيه وفي قراءته للنص الديني, كما انتهى إلى العزلة الفكرية والصمت الإيديولوجي بعد احتلال القدس من الطرف الصليبيين. هكذا توارى العقل وقدم استقالته فكرا وسلوكا. ?فهل نحتاج بعد هذا إلى القول بأن انتصار "العقل المستقيل" في الغزالي قد خلف جرحا عميقا في العقل العربي مازال نزيفه يتدفق, وبشكل ملموس, من كثير من "العقول" العربية الآن??(الجابري). لكن بموازاة مع هذه اللحظة "الجارحة" انبثقت لحظة أخرى في الأندلس كان قد دشنها ابن حزم ، ثم نضجت مع ابن رشد الذي سعى إلى نقد وتجاوز عرفانية الغزالي وتخليص العقل البياني مما علق به من الهرمسيات الصوفية, وتأسيس علاقة جديدة بين البيان والبرهان في سياق الفضاء العقلي الذي فكر فيه. لكن هذه اللحظة سرعان ما انطفأت شرارتها واختنقت في المهد؛ إذ بعدها مباشرة ظهرت إلى السطح تيارات باطنية (ابن عربي) كانت من قبل تؤسس ذاتها في الخفاء, كما ازدهرت الطرق والطقوس الصوفية, وأصبح الفقه تمارين ذهنية صورية, وهيمنت الرؤية الأشعرية في فهم العقيدة, وتحول المنطق إلى صناعة شكلية ?إلخ. وبهذا الانتصار الذي حققه "العقل المستقيل", وبهذا التراجع الحضاري الذي تعرض له التشريع الفقهي والتفكير الديني والتفكير الفلسفي, بدأ "الإنسان البياني" يتوارى تدريجبا عن ساحة البناء الحضاري الإنساني, ليقبع تحت أغلفة سميكة من التشريعات الفقهية والشروح اللغوية والحالات الصوفية ( حسن حنفي). وبذلك دخلت الحضارة العربية الإسلامية, في المشرق والمغرب, مرحلة أخرى ستكون فيها السيادة للمتصوفة ومشايخ الطرق والفقهاء والنحاة والمتكلمين المتأخرين المحافظين على جمود التقليد. أما شرارة التجربة الأندلسية, الرشدية بالخصوص, والتي كانت مسنودة بالعلم العربي الذي لم يجد تربته الخصبة في موطنه الأصلي, فقد انتقلت وانتشرت فيما وراء الأندلس من الضفة الأخرى, أي أوروبا التي كانت غارقة في عصورها الوسطى. وبدا مفعول الشرارة قويا مع وصول العلوم اليونانية والعربية إلى أوروبا الشمالية في القرن الثاني عشر والتي غيرت رؤية الإنسان الغربي إلى ذاته والعالم والمجتمع بشكل عميق ومن أهم ملامح هذا التغيير ظهور مجموعة من المثقفين عرفوا باسم "الرشديين اللاتين" الذين وظفوا نظرية ابن رشد في العلاقة بين الدين والفلسفة لتأكيد استقلال سلطة العقل عن سلطة الكنيسة, وهو التوظيف الذي تطور إلى دعوة الفصل بين الكنيسة والدولة.
الفقيهي | *وحيد | 1 - فبراير - 2006 |  | تابع تنقية المشكلة الفلسفي13     ( من قبل 2 أعضاء ) قيّم
يا أخ وحيد .....( البكا على راس الميت ) , لا أدري من أي البلاد ( العربية ! ) أنت , لكن هذا المثل مصري , أنا أفهم أنني يمكنني البكاء عندما أري الميت و أتيقن من موته , وليس عندما أتوهم أن هناك ميتا , وأفهم أيضا أن ضابط الشرطة قد يختلف مع زميل له حول سبب الوفاة هل هي طبيعية أم بفعل فاعل , لكن لن أتخيلهما أبدا يتناقشان دون أن يكون هناك ميت بالفعل , أي " جسم الجريمة" , ودون أن يكون هناك "جسم للجريمة " يكون البكاء أو النقاش حول الميت الوهمي هو في حد ذاته جريمة , أنت تحدث عن الغزالي وابن رشد , أي إن كلامك ينصب على فترة , (يقال إنها ) مجد الحضارة الإسلامية , والسؤال الآن ...أين جسم الجريمة ???? أين هذا التخلف المخجل للحضارة الإسلامية، ذلك التخلف الذي نصب الجابري حياته لتفسيره في ضوء (بيانية !) العقل العربي , أنت تستدرجني لأن أختلف معك في تفسير ظاهرة وهمية :
الحديث عن دور الحضارة الإسلامية في إحداث طفرة في كل المجالات العلمية و العقلية , وعن دور هذه الحضارة في نهضة أوروبا التي أعقبت حالة الذهول الأوروبي من رقي وتقدم المسلمين الذي اصطدموا برؤيته في الحروب الصليبية , وشوارع روما التي كانت أقذر من حمامات بغداد .... الخ . الخ , أصبح حديثا معادا ومكررا و أنا أكره التكرار لأنه مضيعة للوقت , , أي إن تردي حالة العقل العربي قديما جثة وهمية (يعني مافيش قتيل ) .
أما عن الحالة العربية المعاصرة و المؤقتة و الطارئة , فرغم أنها لا تخلو من ظواهر تبعث على الفخر ,_ ظواهر لا تراها الأعين التي لا تألف إلا الأشياء القبيحة _, رغم ذلك , فأنا أقر بأنها حالة سيئة , لكن لهذا أسباب أخرى غير موضوع النصوص و البيانية , لسبب بسيط , أن علاقتنا بالنصوص حاليا ( مش ولا بد ) فليس من المنطقي اتهام الغائب بجريمة لم تحدث _ وما كان لها أن تحدث _ أثناء وجوده , ولكن ليس هناك ما يمنع من مناقشة الأسباب التي اقترحها الجابري _ وأنت بالتبعية _ لتفسير هذه الظاهرة ( غير الموجودة )
أولا : أنت قلت : وأمام متغيرات الواقع, كان من الطبيعي أن يسأل المسلمون عن قضايا الدين ومعاني النص . معنى هذا أن سؤال المسلمين عن معنى النص كان متأخرا وجاء بعد حدوث (متغيرات ) , و الحقيقة أنه لم يمر على الحضارة الإسلامية فترة كان أبناؤها أعمق فهما للنص مثل الفترة التي كانت قبل حدوث متغيرات , ببساطة لأن الازدواجية بين النص و المعنى لم يعهدها المجتمع العربي إلا بعد انحسار اللغة , طبيعي جدا أن يتأخر التساؤل حول النصوص , ليس لأن العرب( قرروا أخيرا) أن يعرفوا معنى النص , بل لأنهم كانوا يعرفونه بالفعل , وذلك بحكم الخط الزمني الذي يحكم علاقة المعنى بالنص , النص يفرغ بالتدريج عبر الزمن من المعنى , لا يمتلئ به , النص كان ملتحما بالمعني في العقلية العربية قبل حدوث تغيرات , كفار قريش كانوا أعلم بالقرآن من شيخ الأزهر بحكم طبيعة الأمور . القراء كانوا فقط يتميزون بحفظ القرآن , وعلى ذلك ليسوا على قمة هرم العلوم الإسلامية .
ثم كيف يظهر علم الناسخ و المنسوخ في الجيل الذي كان القرآن ينزل عليه بالفعل , وكان علمهم بنزول آية أو نسخها هو علم بحدث يومي لا يستدعي تخصص أو مهارة في معرفته !
أما قولك : ?الأقرأ هو الأعلم? , وبالتالي فالأفضلية في القراءة تستلزم الأفضلية في العلم فهذا يجعلني أحكم علي الجابري _ وعليك بالتبعية _ بأنه مدلس غير أمين , و أتحدي أن تأتي بأي بنص يفهم بأي شكل منه أن الأقرأ هو الأعلم.
أما قولك إن : الفقيه, بذلك, هو صانع الحضارة الإسلامية, فهو قول صائب في حالة واحدة فقط , حين تثبت أن الفقيه كان سوبرمان , هو فقيه , وهو سلطة قضائية , وبيده السلطة التنفيذية، وهو الذي غاص في بحور الطب, واكتشف الدورة الدموية و صاغ المنهج التجريبي قبل أوروبا , وقام بالرحلات ودرس طبائع الشعوب في أول تأسيس لعلم الأنثروبولوجيا الميدانية بعد أن كان علما نظريا مليئا بالعنصرية عند اليونان, وهو الذي رسم أول خريطة للعالم , ولم يكتف بذلك , بل هو الذي حرر بسيفه الشعوب من عبودية حكامها , ثم هو الذي تصدي لانحرافات الحاكم , وهو الحاكم نفسه صاحب الإنجازات , وهو القائد الفاتح بل هو الجيش نفسه وهو الشرطة وهو الشعب وهو العامل والفلاح , لو استطعت البرهنة على ذلك , فأنت صادق و إلا فلا يسعدني منك سوى الصمت .
ثم إنني أرفض أن يطلق على العربي لفظ (إنسان ) هذه الثقافة , , وكأنه لا يملك إلا الحد الأدنى من الإنسانية , أو ( كائن ) لغوي ,مثل الأشياء الجامدة لا يملك إلا محض وجوده , ثم لم لا تستريح وتوفر على نفسك عناء إهانة العرب , وتترك هذه المهمة لأعدائك فهم يقومون بها الآن على أكمل وجه .
أمر آخر , لقد أسرفت في استخدام كلمة ( نص ) في مقالك , وهذا فقر في ثروة الجابري اللغوية _ وأنت بالتبعية _ ولكني أتساءل , هل هناك مشكلة في النص من حيث هو نص ?!, إذا كان الإمر كذلك فلنصب اللعنات أيضا على ( نص ) القانون , و( نص) الدستور , و(نص ) إعلان حقوق الإنسان , و( نص) الماجناكارتا الذي ظفر به الشعب الإنجليزي من الملك جون كأول وثيقة حرية بين الحاكم والمحكوم , ولا تنس ( نص) قسم رئيس الجمهورية , و( نص ) النشيد الوطني , فكلها نصوص ! ثم ما الذي يجعل لسلطة النص هذا الشكل المفزع , لا تعيش أمة بدون نص ملزم لجميع أفرادها , وهذا أول معيار تتميز به الأمة المتحضرة عن القبيلة , أن القانون في القبيلة على شكل عرف غير مكتوب وفي المجتمع المتحضر على شكل ( نص) معلن , على الأقل النص الذي يتمحور حوله بناء الحضارة الإسلامية هو نص إلهي أو نبوي .... معلش ده العيب اللي فيه . | *يحيي رفاعي سرور | 1 - فبراير - 2006 |
|