 | وقع/سلطة الذاكرة في حضارتنا كن أول من يقيّم
تحية مجددة بكل ألوان اليراع
بالرغم من غيابي الاضطراري عن متابعة النقاش حول موضوع هذا المنبر، إلا أني كنت أقرأ باستمرار بعضا مما يستحق القراءة من طرف بعض أصدقاء وصديقات أكن لهم ولهن عظيم التقدير لتمكنهم ومثابرتهم على تقديم إضاءات جعلت النقاش يستشرف أبعادا عديدة وواسعة.
سأعود مرة أخرى إلى إحدى السمات التي تميز ثقافتنا والتي شكلت طريقة تفكيرنا، وبالتالي الآليات الذهنية للعقل العربي. أعني سلطة الذاكرة.
إذا اعتبرنا أن الثقافة العربية الإسلامية ثقافة نص، وإذا كان هذا النص وحيا نزل في بيئة لم تكن الكتابة والقراءة فيه منتشرتين، ولم تكن فيه النصوص مدونة، أدركنا الأهمية التي سوف يعطيها القرآن لفعل القراءة، وأدركنا أيضا فعالية الاستراتيجية التي سينهجها الجيل الأول في ترسيخ مهارات الذاكرة. إن القرآن حين ينوه بالقراءة والتعليم بالقلم أو الكتابة، موجها خطابه لنبي أمي في وسط ثقافي لم يعرف مثل هذه الوسائل التعليمية، فلأنه يعتبر تلك الوسائل ضرورية لتكوين جيل ينهض بمهمة نشر العقيدة وقيادة البشرية(سيد قطب). ولعل مدح القلم كوسيلة إنسانية للمعرفة هو ما يفسر اهتمام النبي بحفظ القرآن مكتوبا. ولكي نفهم العمق التاريخي لهذا الموقف من فعل القراءة نشير إلى أن القرآن، وهو يؤسس لخطاب جديد، كان يخاطب وسطا ثقافيا كانت فيه عادة السماع وقوة الحفظ من طرف المتلقي، وعادة الإلقاء وحسن الفصاحة من طرف المرسل، المعايير الأساسية في تقدير الذكاء. لذلك كان المهارات المميزة فيما يسمى "بالعصر الجاهلي" هو هي المهارات اللغوية، متمثلة في مهارات نظم الشعر والقدرة على الخطابة، وذلك اعتبارا إلى أن الحدود الفنية الفاصلة بين الشعر والخطابة لم تكن قائمة في فترة الجاهلية البعيدة عن فترة ظهور الإسلام، مثلما أن الحدود بينهما من حيث الوظيفة الاجتماعية لم تكن قائمة كذلك بالطبع(حسين مروة).ويمكن التدليل على دعوى هيمنة المهارات اللغوية عند العرب في هذه الفترة بعدة معطيات:
. أولها نفسي، يتمثل في عفوية الكلام وقوة الحفظ. ففي مقارنته بين العرب وغيرهم من الشعوب يؤكد الجاحظ أنه إذا كان اليونان عُرفوا بالفلسفة، فإن العرب والفرس اشتهروا بالخطابة، إلا أن الفرق بينهما أن كل كلام للفرس إنما هو عن طول تفكر واجتهاد ودراسة، في حين هو عند العرب بديهة وارتجال، وكأنه إلهام، وليست هناك معاناة ولا مكابدة، وكان خطباؤهم للكلام أوجد، والكلام عليهم أسهل، وهو عليهم أيسر من أن يفتقروا إلى تحفظ، ويحتاجوا إلى تدارس، وليس هم كمن حفظ على غيره، واحتذى على كلام من قبله، فلم يحفظوا إلا ما علق بقلوبهم، والتحم بصدورهم، واتصل بعقولهم، من غير تكلف ولا قصد، ولا تحفظ ولا طلب(البيان والتبيين).
. ثانيها اجتماعي، يتمثل في دور ومكانة الشاعر الخطيب داخل قبيلته. ففي الوسط العربي ما قبل الإسلام كان للشاعر والخطيب امتياز في السُّلَم الاجتماعي، حيث كانا يعتبران زعيمي القبيلة في السلم وبطليها في الحرب. وكانت القبيلة إذا نبغ فيها شاعر، تقيم الأعياد والولائم وتتوافد إليها القبائل لتهنئها بمن سيقودها بأقواله، ويذود عن شرفها، ويخلد مآثرها. لقد كان معيار الذكاء مجسدا في مدى قوة القريحة في نظم الشعر والبراعة في الخطابة.
.ثالثها تاريخي، يتمثل في طريقة مواجهة العرب للدين الجديد؛ وهي المواجهة التي تميزت بقوة الجدال، والقدرة على الخصام، والشدة في المحاورة، كما ورد في وصف القرآن لهم. وقد كان طه حسين صادقا ـ فيما نرى ـ حين استنكر أحكاما تطلق على عرب "الجاهلية"رافعا علامة التعجب ?أفتظن قوما يجادلون في هذه الأشياء جدالا يصفه القرآن بالقوة ويشهد لأصحابه بالمهارة، أفتظن هؤلاء القوم من الجهل والغباوة والغلظة والخشونة بحيث يمثلهم لنا هذا الشعر الذي يضاف إلى الجاهليين?! كلا ! لم يكونوا جهالا ولا أغبياء، ولا غلاظا ولا أصحاب حياة خشنة جافية، وإنما كانوا أصحاب علم وذكاء(في الشعر الجاهلي). ولذلك ?حين تحدى القرآنُ الشعرَ الجاهلي، تحداه من حيث أنه المثال الكامل للبيان والفصاحة?(أدونيس) . هل حافظ العرب على هذه الخاصية بعد مجيء الإسلام? هل حافظوا على هذا النوع من الذكاء?
بعد مجيء الإسلام لم يعد الشعر موضوع افتخار. لم يعد الشاعر هو النابغة الذي يحتفل به، بل أصبح صوته يخفت ودوره يتراجع ليحل محله من يخدم الدين الجديد، أي فئة القراء والحفظة والعلماء الذين سيحتلون مكانة "ورثة الأنبياء"اعتبارا لدورهم الديني. لكن بعد بناء الدعوة لم يجد العرب حرجا من الرجوع إلى "ديدنهم من الشعر" كما يقول ابن خلدون. لذلك لم يتم القطع مع الماضي الشعري، بل تم كبته مؤقتا من طرف "العقل الديني" لينبعث أمام واقع جديد آخر. وهكذا اتسعت "مساحة الذاكرة" لتربط بين الماضي الشعري وحاضره، ولتمد الحاضر الديني بمستقبله، وبالتالي تم توظيف "القريحة الفطرية" التي تميز بها العرب في نظم الشعر في خدمة العقيدة والجماعة والقيم والأخلاق.بهذا الشكل حافظ مهارات اللغة على قوتها بعد مجيء الإسلام.إن الذي تغير هو وظيفة هذه المهارات، فبحكم أن النص الديني نص موجِّه آمر،ستترك "الذاكرة الشعرية " ـ مباشرة مع الجيل الأول ـ مكانها لـ "الذاكرة الدينية" التي ستكون هي المؤشر القوي على هيمنة الذكاء اللغوي في الثقافة العربية الإسلامية.وهيمنة الذاكرة في المجال العربي الإسلامي يكتسي عدة أبعاد، منها أساسا:
. الذاكرة كسلطة مرجعية: إن غياب ظاهرة الكتابة كتقليد في المجتمع العربي جعل القرآن في البداية خطابا شفهيا، ثم أصبح فيما بعد، مع الخليفة عثمان، مصحفا أي مدونة نصية رسمية(أركون). وخلال هذه الفترة الفاصلة بين الخطاب الشفاهي والنص المدون، كان يتم حفظ القرآن أساسا عن ظهر قلب من طرف"طبقة القراء" أو تدوينه مباشرة من طرف "كتاب الوحي". لكن السلطة المرجعية في قراءته وكتابته وروايته وتعليمه وإلقائه وجمعه فيما بعد كانت لطبقة القراء الذين كانوا متخصصين قلة.وإذا كانت سلطة وأهمية هؤلاء تدل على المكانة التي كانت تعطى تاريخيا لقوة الذاكرة من أجل التغلب على آفة النسيان خاصة بعد غياب الحُفّاظ الأوائل نتيجة حروب الفتوحات، فقد تم اعتبارهم الرعيل الأول للعلماء، وبالتالي سلفهم المرجعي.
.الذاكرة كعقل تابع: إذا كانت الذاكرة بالتعريف هي ترسيخ لمعارف حدثت في الماضي، أو نشاط معرفي يقوم على الرواية أي على كلام أوجده المجتمع للتصدي لفكرة الغياب، فإن هذه الذاكرة ـ باعتبارها كذلك ـ تبدأ بالرواية وتنتهي فيها، وذلك دون تدخل فكري في تغيير أو إعادة بناء لمضمون الخطاب موضوع الذاكرة، نظرا للطابع المقدس والثابت لهذا الخطاب. لقد كان دور الخطاب المقدس ـ الكلِم ـ هو أن يشد الوعي الديني إليه...فالتغير المجتمعي في الاعتقاد الديني لا ينبغي أن يغير الوعي الديني، بل إن الوعي الديني هو الذي عليه أن يحكم التغير الاجتماعي( أومليل). هاهنا يبدو أن دور العقل ينحصر في فهم النص ـ الأم باعتباره مصدر كل الاستنباطات المحدودة بمنطوقه أو مفهومه؛ ولذلك ?فالعقل تابع وليس بمتبوع، اللهم بالقدر الذي يسمح به اجتهاده المصيب لفهم وتفهيم الوحي?(أركون). والمعارف التي سينتجها هذا العقل لن تكون إلا "معارف ذاكرية" ما دام أن ?إمكانية العودة إلى الماضي، هي بالتحديد، الصفة التي تميز المعارف الذاكرية بمعناها الحصري عن المعارف المجردة الصرف?(فيو).
. الذاكرة كتفكير لغوي: إن الذاكرة ـ خاصة في ثقافة شفاهية ـ ليست فقط عودة ذهنية إلى الماضي، بل هي نمط من التفكير، هي مظهر من مظاهر ممارسة الذكاء، فـفي الثقافة الشفاهية لا تكون الكلمات سوى أصوات، ولا يؤدي ذلك إلى التحكم في أنماط التعبير فقط، بل إلى التحكم في العمليات الفكرية أيضا. فالمرء لا يعرف إلا ما يمكن تذكره...ففي الثقافة الشفاهية الأولية، عليك، لكي تحل مشكلةً، الاحتفاظ بالتفكير المعبر عنه لفظيا، واستعادته على نحو فعال، أن تقوم بعملية التفكير نفسها داخل أنماط حافزة للتذكر صيغت بصورة قابلة للتكرار الشفاهي(أونج). ومن هذه الأنماط التعبيرية: الإيقاع والوزن، وتكرار أو تعارض الجمل، تجانس أو سجع الكلمات، والأمثال...إلخ.بهذا المعنى اكتسبت الذاكرة الدينية أهمية معيارية في تلقي العلم الحق لدى الجيل الأول، خاصة الصحابة الذين كانوا يشكلون ـ كما يقول أركون ـ جيلا متميزا وممتازا. فجميعهم مزودون بذاكرة معصومة ومقدرة عقلية وفكرية مثالية تؤهلهم لأن ينقلوا الآيات القرآنية والأحاديث التي تشرحها وتضيئها بكل إخلاص ودقة وأمانة.
إذا كانت هذه الأبعاد من سلطة الذاكرة قد هيمنت بقوة في الجيل الأول، جيل الصحابة، فإنها ستشكل فيما بعد خصائص انطبع بها تفكير العقل العربي الإسلامي بشكل عام، ولو بدرجات متفاوتة. وفي ذلك حديث آخر. | *وحيد | 3 - مارس - 2006 |
 | تابع تنقيةالمشكلة الفلسفية 28 كن أول من يقيّم
. في البداية طرح الأستاذ عبد الرءوف مشكلة خلو الحياة العربية من فيلسوف .
. طرحت أنا كحل للمشكلة : فكرة إحياء التراث كوسيلة لإحياء الروح الفلسفية.
. ظهرت مشكلة أخرى : إنني استغيث من الرمضاء بالنار , أو أطفئ النار بالسولار , كيف أهرع إلى أعداء الفلسفة كحل لمشكلة الفلسفة ??
. على إثر هذا التساؤل وتبريرا له تم استحضار عقبتان تحولان بقوة دون هذا الالتحام بيننا وبين السلف , الأولى : أن الكيان المتبني لفكرة إحياء التراث ( التيار الإسلامي ) هو كيان دموي تسلطي وتم التعليق على هذا في المقال( 27) , وفي مقالات أخري , ويمكن أن نضيف هنا أن التيار الإسلامي ليس حلقة وصل ضرورية بين المثقفين وبين التراث , أرجو أن يتم استيعاب هذا الكلام لأني أميل إلى الاختصار , ( يمكن تجاوز التيار الإسلامي كقوة اجتماعية وإقامة علاقة مباشرة بين المثقفين والتراث , التيار الإسلامي ليس حلقة وصل ضرورية بينهما , فلسفيا على الأقل ), تأتي عقبة أخرى ليست في الكيان المتبني لفكرة إحياء التراث بل في كيان المجتمع التراثي نفسه ( السلف) , وتتمثل هذه العقبة في عدم صلاحية البنية العقلية لهذا الكيان كنموذج عقلي معاصر .
. البنية العقلية( السلفية تارة و العربية تارة أخري ), بنية نصية , النص هو المحور وليس العقل , وبالضرورة : مفهوم العلم عند السلف ينحصر في فعل القراءة كممارسة وفي ملكة الحفظ كأداة منهجية. هذا هو افتراض الدكتور وحيد
لقد أطال الدكتور وحيد المقالة و أضاع وقته الثمين في البرهنة على الاهتمام بملكة الحفظ , في الوقت الذي لم أختلف معه في هذا , لقد اختلفت معه حول دلالة الاهتمام بملكة الحفظ على ملكة الفهم هل هي دلالة سلبية أم إيجابية أم محايدة , لا يعنينا في شيء أن لها أسباب طبيعية خارجة عن تخطيط العرب( الأمية _البيئة الصحراوية _ الوظيفة الاجتماعية للشعر ) ولكن تعرضنا للتوظيف الواعي لها من قبلهم , والذي لا يتنافى إطلاقا مع ملكة الفهم لديهم , بل يدل عليها ( توظيف ملكة الحفظ فعل عقلي ) , تحدثنا عن وظيفة ملكة الحفظ من الناحية النفسية باعتبارها تجاوز لمشكلة الامتداد الزمني للأمة و الانقطاع الزمني لفترة الوحي نضيف هنا أيضا وظيفة أخرى معروفة في تقاليد المنهج التجريبي باسم ضبط الظاهرة , أي إغلاقها على عناصرها بحيث تصبح صالحة للتجريب في أي وقت ومن أي شخص , ولكن ما أوجه الشبه أو العلاقة بين وظيفة الحفظ و بين منهجية ضبط الظاهرة ? الحقيقة أن حفظ النص هو أسلوب ضبط نوع خاص من الظواهر هي ظواهر الوحي , (تراجع المقالة رقم ( ) التي تحدثنا فيها عن الوحي كمجموعة من الظواهر الماثلة أمام العقل بالموازاة و الإضافة لظواهر الطبيعة) .
أيضا يقع الدكتور في متناقضات تصيب ( دكتوريته ) في مقتل : إنه في البداية أراد البرهنة على( نفي العقل) عند السلف عن طريق إثبات تضخم الشعور باللغة ( نصا قراءة وحفظا ) , أما في المقالة الأخيرة فقد أراد البرهنة علي تضخم الشعور باللغة عن طريق( إثبات العقل) ,فقال نقلا عن طه حسين : ?أفتظن قوما يجادلون في هذه الأشياء جدالا يصفه القرآن بالقوة ويشهد لأصحابه بالمهارة، أفتظن هؤلاء القوم من الجهل والغباوة والغلظة والخشونة بحيث يمثلهم لنا هذا الشعر الذي يضاف إلى الجاهليين?! كلا ! لم يكونوا جهالا ولا أغبياء، ولا غلاظا ولا أصحاب حياة خشنة جافية، وإنما كانوا أصحاب علم وذكاء(في الشعر الجاهلي).
وقال نقلا عن الجاحظ : أنه إذا كان اليونان عُرفوا بالفلسفة، فإن العرب والفرس اشتهروا بالخطابة، إلا أن الفرق بينهما أن كل كلام للفرس إنما هو عن طول تفكر واجتهاد ودراسة، في حين هو عند العرب بديهة وارتجال، وكأنه إلهام، وليست هناك معاناة ولا مكابدة، وكان خطباؤهم للكلام أوجد، والكلام عليهم أسهل، وهو عليهم أيسر من أن يفتقروا إلى تحفظ، ويحتاجوا إلى تدارس، وليس هم كمن حفظ على غيره، واحتذى على كلام من قبله، فلم يحفظوا إلا ما علق بقلوبهم، والتحم بصدورهم، واتصل بعقولهم، من غير تكلف ولا قصد، ولا تحفظ ولا طلب لقد وقع الدكتور سهوا في التناقض بين إثبات العقل ونفيه, فماذا يريد الدكتور ?إثبات العقل أم نفيه?!
الوقوع في التناقض قد يغفر للدكتور و(السن ليه حكم), لكن علاقته بالمدلسين لم تتغير, الدكتور طه حسين مع ( عدم ) احترامي له ( وقلة ) تقديري لشخصه (الوضيع) ألا أنه نصاب و حرامي , ليس هناك آية واحدة في القرآن تشهد للجاهليين بالقوة و المهارة في الجدال , كل ما في القرآن عنهم ( لا يعقلون ... لا يفقهون ... .. لا يعلمون ... غافلون ...) هو إذا مثل عابد الجابري مدلس غير أمين على كتاب الله , وكل كلام طه حسين عن التراث لا يمكن تحليله إلا من خلال مجموعة من العقد النفسية التي تعود في النهاية إلى عاهته البصرية و التي سردها هو في كتاب الأيام .
القيمة العلمية لمقالة الدكتور وحيد معدومة تقريبا بسبب الحشد الهائل من المفاهيم المختلفة التي يحل بعضها محل بعض في المقال دون رابط : العقل في التراث الإسلامي ليس له أي علاقة بمفهوم الذكاء , بخلاف علم النفس المعاصر الذي تستخدم فيه الكلمتين بمعنى واحد , العقل هو موقف الإنسان من رغبته من حيث وعيه بها وقدرته على السيطرة عليها , أما الذكاء فلا علاقة له بالعقل إذ لا علاقة له بالرغبة فهو رغم تعدد تعريفاته إلا أنه يدور حول القدرة على التفكير المجرد , العقل في التراث هو مرادف الوعي أو الأنا في اللغة المعاصرة , العقل هو بناء نفسي وليس ملكة ذهنية , الخلط بين مفهوم العقل ومفهوم الذكاء جعل بعض السذج يتحدثون عن " نقص( عقل) المرأة " على أنها مقولة متعارضة مع معطيات علم النفس المعاصر الذي برهن على أن( ذكاء ) المر أه بنفس كفاءة ذكاء الرجل, أيضا فالمهارة اللغوية ليست هي ملكة الحفظ , الأولى علاقتها بالنشاط العقلي طر دية بينما ملكة الحفظ هي على علاقة محايدة مع الفهم , وملكة الحفظ التلقائية بريئة من تهمة الوضع المتعمد للمفاهيم في قالب صالح للحفظ ليسهل حفظها , بل على العكس وضع المفاهيم في قالب نصي بهدف حفظها يدل على محاولة التغلب على ضعف الذاكرة , ولا يدل إطلاقا على قوة الذاكرة , أيضا ليس هناك تلازم بين القراءة و الحفظ ,الأحاديث النبوية المطلوب حفظها لم تكن على الإطلاق مطلوب قراءتها , قراءة القرآن لم تكن وسيلة للحفظ بل كانت عبادة مستقلة بنفسها
في النهاية , وبنفس منطق إمكانية تجاوز التيار الإسلامي وإقامة علاقة مباشرة بالتراث , ألا يمكن تجاوز السلف و إقامة علاقة ( عقلية) مباشرة بالنص , كل ما أطلبه هو أن تكون هذه العلاقة على قدر من الاستقلال , وأن لا تكون علاقة تبريرية دينية للتبعية للغرب , أم أن النص نفسه مرفوض! , ألا يمكن أن نعود إلى الله و قرآنه بعيدا عن التيار الإسلامي و السلف
ملحوظة : أعفي الدكتور وحيد من مهمة حشو مقالاته بأسماء مشهورة أو أجنبية (الجاحظ , طه حسين , الجابري, فيو ! ,أورج , أومليل , أركون , أدونيس , حسن مروة , حتى الأستاذ سيد قطب رحمه الله) , لا أقيم أي وزن لتلك الأسماء مهما كانت ضخامتها إلا بمقدار ما تلتزم به من عقلانية , علاقة العقل بظواهر الوجود الإنساني أو الطبيعي في التقاليد الإسلامية علاقة مباشرة, متحررة من كل وساطة .
| *يحيي رفاعي سرور | 4 - مارس - 2006 |
 | طلباتك أوامر سيدي وأستاذي زهير كن أول من يقيّم
أوكرأنيا ياصديقي الغالي دولة فائقة الجمال من حيث طبيعتها الساحرة التي اختلطت فيها الألوان الزاهية بين زرقة السماء والبحيرات التي لا حصر لها وخضرة الأراضي الخصبة التي تمتد على مرمى البصر لتزينها وتزيدها جمالا على جمال.. تلك البيوت الصغيرة بسقوفها القرميدية الحمراء التي تسر الناظر إليها وتأخذه بعيدا إلى عالم أحلامه , ناهيك هنا عن نسبة الجمال المرتفعة فيها لأجمل ما أوجد المبدع الخلاق من نعمة لأدم عليه السلام عندما أوجد له توأم روحه وسبب وجوده حواء الغالية .
بالنسبة لموضوع الفلاسفة الأوكران فإنني أستميحك عذرا أن تعفيني من الإجابة عنه لأنني صاحب نظرة خاصة في الفلسفة ووجودها، والتي قادتني في نهاية الأمر إلى أنه لا وجود للفلاسفة مطلقا رغم اعتقادنا بوجودهم حيث أن الموجودين هم شبه الفلاسفة أوشيء من الفلاسفة , مما دفعني للنقاش بهذا الموضوع والذي هو عدم إنجاب أمتنا لفلاسفه .
أوكرنيا دولة جميلة وحيث يوجد الجمال يوجد الشعور به مما يوجد حتما الشعراء , ومن أشهر شعراء أوكرنيا الشاعر الرسام في أن واحد تاراز غريغوريفيتش شيفشينكا والذي يوجد له نصوب تذكارية في كل بقعة من أوكرانيا , ومن أشهر قصائده قصيدة أمي أوكرانيا التي يفخر بها بقوميته ويحث على محاربة الظلم والاستبداد والعبودية .
أما بالنسبة لكلمة ميدان فإنها تلفظ كما نقولها نحن بالعربية تماما مع تفخيم حرف الياء قليلا , ومعنى كلمة ميدان في اللغة الأوكرانية هو الساحة التي تصلح كما تصلح عندنا ? ساحة الحرب , ساحة الملعب , أكبر دوار في مركز المدينه ...إلخ ? وأعتقد ولا أجزم هنا أن مصدرها عربي لاختلاط الأعراق الواضح على سمات شعبها، مما جعل نساءها والحمد لله من أجمل نساء العالم .
أما بالنسبة لموضوع الصور التي طرحتها علي فسأنفذها إن شاء الله تنفيذا لرغبتكم التي أعتبرها أمرا بالنسبة لي حتى وإن إضطرني هذا لشراء آلة تصوير فوتغرافية خاصة بهذا الأمر .
وأما بالنسبة لموضوع تشويه وجه يوشنكا فإنه موضوع حقيقي تماما رغم استخدامه وتطويعه لمآربهم السياسية , وأضيف على ذالك بأنه هناك حديث يدور في الأرواق الآن مفاده: أنه لن يعيش لأكثر من سنتين مع العلم بأن الأعمار بيد الله سبحانه وتعالى , وهذا أيضا عرضة للتطويع والتوظيف السياسي وخاصة أن حليفته السياسية القوية تيماشينكا ومن كان السبب الرئيسي الأول في نجاح حملته الانتخابية والتي استغنى عن خدمتها بكل صفاقة بعدما كان منها ماكان من إخلاص لمسيرته تسن أسنانها لتحل محله في القريب العاجل كما يتوقع الكثير من المراقبين (اشعر وكأنني قد تحولت إلى مراسلا للعربية) ألا توافقني الرأي .
أما بالنسبة لبريجنف فهو روسي الأصل ذو مولد أوكراني من مدينة تدعى كامنسك , ليكون خروتشوف روسي المولد والأصل من مدينة تدعى كورسك غير أن شهرته نبعت من أوكرانيا عندما أصبح السكرتير الأول للحزب الشيوعي الأوكراني , وأخيرا ياتي بدغورني نيكالاي فيكترفيتش ذو المولد ولأصل الأوكراني من قرية تابعة لمحافظة بلطافا الأوكرانية , وجميعهم ياصديقي لا ينتمون للمدينة التي ولد فيها يوشنكا والتي أعيش أنا فيها حاليا وتدعى سومي .
أما بالنسبة لسقوط الأتحاد السوفيتي فإنني أقول هنا وهذا رأيي طبعا والذي لا يلزم أحدا غيري بأن اسباب سقوطه قد وجدت مع وجوده، وربما قبل وجوده. وفي الفكر الماركسي والأنجلسي واللينيني , غير أنه نحن العرب وبما منحنا الله إياه من حس مرهف وحمية نفخر بها نصفق ونطبل ونزمر لكل من قال كلمة جميلة على الملأ بحقنا ليخفي خلفها آلاف الكلمات النابية والمهينة لنا ولتاريخنا كما حدث أبان الحرب العالمية الثانية في شوارعنا وبيوتنا من فرح بهتلر ونازيته المتجبرة حتى إن بعضنا كاد أن يجعل منه المهدي المنتظر , وهذا على فكرة واحد من الأسباب التي نبحث عنها في عدم إنجاب أمتنا العريقة وأقولها ألما وأسفا لفلاسفة ومفكرين مبدعين . | محمد فادي | 4 - مارس - 2006 |
 | جمال لوحة الحكمة كن أول من يقيّم
عودا محمودا للدكتور وحيد الذي طال غيابه عنا ونحن بأمس الحاجة إلى فكره المتقد والنافذ إلى أعماق الأمور.
وعتبا شديدا على الأستاذ يحي الرفاعي الذي جانبه الصواب وإن من باب احترام الخصم ووجهة نظره أيا كانت، ليتحفنا بكلمات لا يصح أن تقال على موقع الوراق. وفي هذا الحضور المميز من الأخوة الأفاضل من علماء ومفكرين في هذا الحوار الذي نرجو من الله أن يكون بناء وأن لا يتحول إلى منبر أمية للشتائم والذي شتم عليه علي كرم الله وجه على المآذن , وعتبي عليه يكمن في قوله التالي والذي حددته باللون الأزرق والأحمر :
الوقوع في التناقض قد يغفر للدكتور و(السن لَهْ حُكْم), لكن علاقته بالمدلسين لم تتغير, الدكتور طه حسين مع ( عدم ) احترامي له ( وقلة ) تقديري لشخصه (الوضيع) إلا أنه نصاب و حرامي , ليس هناك آية واحدة في القرآن تشهد للجاهليين بالقوة و المهارة في الجدال , كل ما في القرآن عنهم ( لا يعقلون ... لا يفقهون ... .. لا يعلمون ... غافلون ...) هو إذا مثل عابد الجابري مدلس غير أمين على كتاب الله , وكل كلام طه حسين عن التراث لا يمكن تحليله إلا من خلال مجموعة من العقد النفسية التي تعود في النهاية إلى عاهته البصرية و التي سردها هو في كتاب الأيام .
كيف لك يا أخي الكريم أن تنتقد إنسانا ما، على وجه هذه الأرض ،وأنا والله لا أستطيع أن أنتقد تصرف الشيطان لخوفي أن ينتقدني أمام الخالق يوم الحق .
إن الحكمة والمعرفة ياصديقي كلوحة فنية رائعة الجمال ومجسدة بكل الأبعاد , وهي فوق هذا عظيمة في كبرها وإتساعها كعظمة كوننا هذا , ليكون جميع الناظرين إليها على صواب وإن اختلفت أراؤهم حول ما يشاهدونه , فهناك من ينظر إليها من جهتها اليمنى ليرى غير الذي يراه من ينظر إليها من جهتها اليسرى، كما أنه هناك من ينظر إليها من الأعلى والأسفل , وعلى هذا كل ناظر صادق وكل ناظر حكيم. وقمة الحكمة هي حكمة الله التي جمعت ضمنها كل الحكم , وعليه ليس حكيم ولا فيلسوف من حقر أراء غيره أو انتقصها مع وجود قول الله تعالى : (وجادلهم بالتي هي أحسن) وليس بالإهانات والمهاترات . | محمد فادي | 5 - مارس - 2006 |