ثبوت النص للأستاذ محود مصطفى كن أول من يقيّم
أخي أبا عبد الرحمن أشكرك على هذه المعلومة الجديدة حول عثورك على النصين موضع الخلاف في الطبعة الثانية من كتاب ( الأدب العربي وتاريخه في العصر العباسي ) وإن كنت لم أجد هذا العنوان في ثبت مؤلفات الأستاذ محمود مصطفى التي أحصاها الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي في تصديره للطبعة الثالثة عشرة لكتاب أهدى سبيل، وكذلك بحثت عنه في جوجول فلم يسعفني البحث بوجود مثل هذا العنوان. ما علينا، فحتى وجود هذين النصين في الكتاب المذكور لا يقطع بإثبات نسبته إلى الأستاذ محمود مصطفى، لا سيما وقد رأيت النص في الطبعة الثانية الصادرة عام 1937 وأنت لا تعلم تاريخ الطبعة الأولى ، فربما كانت عام 1935 وهو تاريخ الطبعة الثانية من ميزان الذهب، ولا نعلم تاريخ طبعته الأولى التي قد تكون أسبق من طبعة كتاب الأدب العربي الأولى. البحث بهذه الطريقة لن يفيدنا ، ولذلك علينا أن نتبع أساليب التحقيق البوليسي في مثل هذه الحالة الإجرامية من السطو العلني الذي بلغت به الجرأة أن يتحدى عقول القراء على مدى أكثر من سبعة عقود . ومن الأسس التي يعتمد عليها التحقيق البوليسي أنه لا وجود لما يسمى بالجريمة الكاملة ، وأن المجرم لا بد وأن يترك آثارا تدل على جريمته مهما حرص على إزالتها، وقد وجدنا هذه الآثار في كتاب ميزان الذهب واضحة للعيان كما يلي: 1- لقد حرص مؤلف الميزان على أن يثبت على غلاف كتابه أنه يشتمل على فنون الشعر الخمسة عشر، وهي: 1- العروض 2- والقوافي 3- ولزوم ما لا يلزم 4- والتصريع 5- والتفويف 6- والتسميط 7- والإجازة 8- والتشطير 9- والتخميس 10- والموشح 11- والدوبيت 12- والزجل 13- والمواليا 14- والكان وكان 15- والقوما. 2- ولقد درس الهاشمي هذه الفنون ضمن ثلاثة أقسام ينتهي بها الكتاب، ولأهميتها عنده أثبتها كما ذكرنا على غلاف كتابه. وكان من الطبيعي للاستاذ محمود مصطفى أن يرى إلى هذه الدعاية في الطبعة الأولى من الميزان ويتذكر أنه تناول ستة من هذه المواضيع( من 10-15 ) بالإضافة إلى فن السلسلة الذي لم يتطرق إليه الهاشمي، وكذلك إلى عرضه للبحور المهملة الستة في كتابه الأدب العربي ، ووجد أنها مناسبة للعرض مرة ثانية في كتاب يتناول العروض فهي به أليق. 3- وهنا يحتمل ، والله أعلم ، أن يكون الهاشمي قد اغتاظ لرؤية محمود مصطفى يعيد نشر هذه المواضيع في كتاب عروضي لما فيه من المنافسة على أمر حسب أنه له لوحده ما دام أثبته على الغلاف ، فردد بينه وبين نفسه مقولة الصاحب بن عباد حين اطلع على كتاب العقد الفريد لابن عبد ربه وقال: هذه بضاعتنا ردت إلينا! مع أن طرح الأستاذ محمود مصطفى يختلف في مادته عما جاء عند الهاشمي، إلا أن هذا الأخير آثر أن يستحوذ عليها. 4- وهكذا فأنت تجد في كتاب الميزان ستة من المواضيع التي تعرض لذكرها الهاشمي مكررة مما يدل دلالة قاطعة على أنه هو أو أحد ورثته مسؤول مسؤولية كاملة عن السطو على كتاب أهدى سبيل. 5- أما وقد بان لنا أن الأستاذ محمود مصطفى بريء من تهمة السطو على الميزان، تبقى مسألة اتهامه بنقل النصين المذكورين عن غيره ضعيفة الاحتمال لسببين: أولهما أن أسلوب الكتابة حديث ، والثاني أنه لا يعقل أن يكرر السرقة في كتابين ، ولكن إيراده للنص، وهو له ، في كتابين يدل على أهميته عنده، وبالتالي نحييه على جهوده، ونحيي الهاشمي الذي لم يقل عن معاصره محمود مصطفى شأوا في بحثه لنفس المواضيع. وكما يقال في محاضر في التحقيق إن التهمة أثبت على فلان فهذا الفلان هنا هو الناسخ الذي لا يعرف قدسية للكلمة المبدعة فيتناولها كأنها سلعة مباحة للجميع. |