البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات زهير ظاظا

 317  318  319  320  321 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
معلقة عمرو بن كلثوم    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

تحية طيبة : يا طماح الذؤابة
استعفيك من الجواب على كل هذه الأسئلة، ولكن حسب علمي فإن أول قصيدة عورضت هي (معلقة عمرو بن كلثوم)
أَلا هُبّي بِصَحنِكِ فَاَصبَحينا       وَلا تُبقي خُمورَ الأَندَرينا
وأول من عارضها أمية بن أبي الصلت في أشهر قصائده والتي تعرف بمجمهرة أمية وأولها:
عرفت الدار قد أقوت سنينا         لزينب إذ تحل به قطينا
وأطول معارضاتها معارضة الكميت الأسدي،  والتي تعرف بمذهبة الكميت وأولها:
ألا حـييت عنا يا iiمدينا وهل بأس بقول مسلمينا
وقد قالها في الانتصاف من الأعور الكلبي (حكيم بن عياش) قال البغدادي في (الخزانة)
وهي زهاء ثلاثمائة بيت لم يترك فيها حياً من أحياء اليمن إلا هجاهم. فكانت سبب غضب خالد القسري عليه وحبسه كما هو مشهور في اخباره.
ورد عليه الأعور بقصيدته التي يقول فيها:
فما وجدت بنات بني نزار         حلائل أسودين وأحمرينا
وهو الشاهد (24) من شواهد (خزانة الأدب)
وقد نقض دِعْبِل  القصيدة على الكميت وغيرها، وذكر مناقب اليمن وفضائلها ،وصَرَّح وعَرَّض بغيرهم، كما فعل الكميت، وذلك في قصيدته التي أولها:
أفيقي من ملامِكِ يَا ظعينا        كَفَاكِ اللّوْمَ مَرُّ الأربَعِينَا
ألم تحزنكِ آحداث الليالي         يشيبن الذوائب والقرونا
أحيى الغُرَّ من سَرَوَات قومي         لقد حُيِّيتِ عَنَّا يا مَدينا
وفيها قوله:
قَتَلنا بِالفَتى القَسرِيِّ مِنهُم       وَليدَهُمُ أَميرَ المُؤمِنينا
وذكروا أن أبا سعد المخزومي نحل أبا تمام أبياتا في الرد على دعبل وهي:
نَقَضْنَا لِلْحطَيْئَةِ أَلْف بَيْتِ         كَذَاكَ الحيُّ يَغْلبُ أَلفُ مَيْتِ
وذَلكِ دِعْبلٌ يرجوُ سَفَاهاً         وَحمُقاً أنْ ينَالَ مَدىَ الكُمَيْتِ
إذا مَا الحيُّ نَاقَضَ جِذْمَ قَبْرٍ         فَذَلكُمُ ابنُ زَانِيَةٍ بِزَيْتِ
ومن دسائس أبي سعد المخزومي ما حكاه أبو الفرج الأصفهاني في أخبار دعبل، وهو خبر طويل طريف، أوله: (أخبرني محمد بن عمران الصيرفي ومحمد بن يحيى الصولي وعمي قالوا: حدثنا الحسن بن عليل العنزي قال: حدثني علي بن أبي عمرو الشيباني قال: جاءني إسماعيل بن إبراهيم بن ضمرة الخزاعي، فقال لي: إني سألت دعبلاً أن أقرأ عليه. قصيدته التي يناقض بها الكميت:

23 - ديسمبر - 2008
أسدال وأنوار
الحَمام والحِمام    كن أول من يقيّم

نشر الحديثي في القطعة (86) قطعة من قصيدة أمية في حمامة نوح التي سبق أن خصصناها بتعليق في هذا الموضوع.
القطعة كما أوردها الحديثي (7) أبيات، منها خمسة ابيات نقلها عن (نهاية الأرب للنويري) وستة ابيات عن الحيوان للجاحظ في موضعين منه (2/ 323 و7/ 209)
وقد انفرد النويري برواية البيت الثالث من القطعة:

سـمـع الله لابـن آدم نوحٍ ربّـنا ذو الجلال iiوالإفضال
حين أوفى بذي الحمامة والنا س جـميعاً في فلكه iiكالعيال
حـابـساً جوفه عليه رسولاً مـن  خفاف الحمام كالتّمثال
فـرشاها على الرّسالة iiطوقاً وخـضـاباً علامةً غير iiبال
فـأتـته بالصّدق لمّا iiرشاها وبـقـطـفٍ لمّا بدا iiعثكال
قال الحديثي معلقا على البيت الثالث:
في الأصل خوفه وليس لها معنى هنا والتصحيح من ديوانه (طبع أوربا ص 33 وبيروت ص 54)
قال: وجوفه: الأجوف الذي له جوف ولا يتمالك، أي لا يتماسك، وأراد به هنا البحر... خفاف الحمام: المنايا التي تأتي فجأة كالتمثال: أي على البحر رسولا كالتمثال يحفظ السفينة من الغرق. ا.هـ
قلت أنا زهير: وهذا تفسير مستبعد، ولما كان الحديث عن الحمامة فالأرجح أن يقال: خفاف الحمام المسرعات في طيرانها. والذي يظهر لي أن التصحيف لحق كلمة (جوفه) وأن المراد وصف الطوق الذي منحه نوح للحمامة  بأنه صار كالتمثال على جيدها تذكارا لها مدى الأيام

23 - ديسمبر - 2008
نشرة الحديثي لديوان أمية بن أبي الصلت
الحجاج والقرآن    كن أول من يقيّم

ذكر البغدادي هذه الطرفة النادرة في شرح الشاهد (437) من شواهد سيبويه في الكتاب وهو البيت:
ربما تكره النفوس من الأم ر  لـه فرجةٌ كحل العقال
قال: والبيت الشاهد قد وجد في أشعار جماعةٍ، والمشهور أنه لأمية بن أبي الصلت، من قصيدة طويلة عدتها تسعةٌ وسبعةٌ وسبعون بيتاً ذكر فيها شيئاً من قصص الأنبياء: داود، وسليمان، ونوح، وموسى. وذكر قصة إبراهيم وإسحاق عليهما السلام، وزعم أنه هو الذبيح، وهو قولٌ مشهورٌ للعلماء.
أما الطرفة النادرة فقد رواها البغدادي ولم تسعفه ذاكرته في تذكر المصدر الذي ذكر هذا الرواية في سبب هروب أبي عمرو بن العلاء (1)
وقد عثرتُ على هذا المصدر وهو كتاب (سرح العيون في شرح رسالة ابن زيتون) لابن نباتة،  أثناء ترجمته للحجاج، قال:
( وقال أبو عمرو بن العلاء كنت أقرأ "إلا من اغترف غرفة" بالفتح وبلغ الحجاج وكان يقرأ بالضم فطلبني فهربت إلى واد صنعاء فأقمت زماناً فسمعت أعرابياً يقول لآخر
قد مات الحجاج فقال الأعرابي:
ربما تجزع النفوس من الأمر لـه فـرجـة كـحل iiالعقال
فلم أدر بأي شيء كنت أشد فرحاً أبموت الحجاج أم بسماع البيت أستشهد به على
القراءة).
وهناك رواية اكثر تفصيلا للقصة سأذكرها في ختام هذه البطاقة.
وأنقل هنا ما رواه البغدادي من مختلف الروايات في سبب هروب أبي عمرو، قال:
أخرج ابن عساكر من طريق الأصمعي، قال: قال أبو عمرو بن العلاء:
هربت من الحجاج فسمعت أعرابياً ينشد:
يا قليل العزاء في الأهوال وكـثير  الهموم والأوجال
إلى آخر الأبيات. فقلت: ما وراءك يا أعرابي؟فقال: مات الحجاج! فلم أدر بأيهما أفرح: أبموت الحجاج أم بقوله فرجة؟ لأني كنت أطلب شاهداً لاختياري القراءة في سورة البقرة: إلا من اغترف غرفة بالفتح. انتهى.
وقد رويت قصة أبي عمرو بن العلاء هذه على وجوهٍ مختلفة منها رواية الصاغاني في العباب، قال: قال الأصمعي: سمعت أبا عمرو بن العلاء وكان قد هرب من الحجاج إلى اليمن، يقول: كنت مختفياً لا أخرج بالنهار فطال علي ذلك، فبينا أنا قاعدٌ وقت السحر مفكراً سمعت رجلاً ينشد وهو مارٌّ:
ربما تكره النفوس من الأم ر  لـه فرجةٌ كحل العقال
ومر خلفه رجلٌ يقول: مات الحجاج! قال أبو عمرو: فما أدري بأيهما كنت أفرح، أبموت الحجاج، أم بقوله: فرجة بفتح الفاء، وكنا نقوله بضمها. اهـ.
ومنها ما رواه الدماميني في الحاشية الهندية، قال: يحكى عن أبي عمرو بن العلاء أنه كان له غلام ماهر في الشعر، فوشي به إلى الحجاج، فطلبه ليشتريه منه. قال: فلما دخلت عليه، وكلمني فيه، قلت: إنه مدبّر. فلما خرجت قال الواشي: كذب. فهربت إلى اليمن خوفاً من شره، فمكثت هناك وأنا إمامٌ يرجع إلي في المسائل، عشر سنين، فخرجت ذات يوم إلى ظاهر الصحراء فرأيت أعرابياً يقول لآخر: ألا أبشرك؟ قال: بلا. قال: مات الحجاج! فأنشده:
ربما تكره النفوس من الأم ر  فـرجـة كحل iiالعقال
وأنشده بفتح الفاء من فرجة. قال أبو عمرو: لا أدري بأي الشيئين أفرح، أبموت الحجاج أم بقوله فرجة بفتح الفاء، ونحن نقول فرجة بضمها، وهو خطأ. وتطلبت ذلك زماناً في استعمالاتهم. قال أبو عمرو: وكنت بقوله: فرجة أشد مني فرحاً بقوله: مات الحجاج. اهـ.
كذا ساق الحكاية. وفي قوله في آخرها: وهو خطأ نظرٌ لا يخفى. والمشهور أن سبب
هروب أبي عمرو إلى اليمن طلب الحجاج منه شاهداً من كلام العرب لقراءته: غرفة بالفتح، فلما تعذر عليه، هرب إلى اليمن. ولم تحضرني الآن هذه الرواية
).
قلت انا زهير: ومما فات البغدادي أن يذكره في سبب هروب أبي عمرو ما رواه القاضي التنوخي في كتابه (الفرج بعد الشدة) بسنده إلى أبي عمرو أنه قال:
كنت مستخفياً من الحجاج، وذلك أن عمي كان عاملاً له، فهرب، فهم بأخذي.
فبينا أنا على حال خوفي منه، إذ سمعت منشداً ينشد:
ربّما تجزع النفوس من الأم ر  لـها فرجة كحل iiالعقال
ومن الفوائد ما ذكره الرافعي في (التدوين في تاريخ قزوين) في ترجمة أحمد بن صالح الحداد، والد علي بن صالح المقرىء، قال: وسمع أحمد بن صالح أبا الطوسي في القراآت لأبي حاتم السجستاني "إلا من اغترف غرفة" وغرفة واخترنا الضم لان الغرفة ملء الكف والمغرفة والغرفة بالفتح يكون للقليل والكثير وقد تغرف السفينة مائة قربة وأكثر.
وفي (كنز العمال)
عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي داود وابن الأنباري في المصاحف.
عن عثمان أنه قرأ:" إلا من اغترف غرفة" بضم الغين.
وفي (المغني) لابن هشام : (اغترفَ غرفةً بيدهِ) إن فتحت الغين فمفعول مطلق، أو ضممتها فمفعول به، ومثلهما حسوتُ حَسوةً، وحُسوةً.
وأختم هذه البطاقة بما حكاه الشيخ عبد الرحمن  ابن درهم وهو من أهل هذا العصر، توفي عام 1943م قال في كتابه (نزهة الأبصار بطرائف الأخبار والأشعار):
ويروى أن أبا عمرو بن العلاء، كان يقرأ قوله تعالى: (إلا من أغترف غرفة بيده) بالفتح فأحضره الحجاج، وقال: ما حجتك في قراءتها بالفتح؟ قال: أمهلني أيها الأمير. قال: أمهلتك شهراً، فإن لم تأتني بحجة ضربت عنقك، فوكل من به يسير معه في أحياء العرب فلم يجد
حجة إلا أن كمل الشهر، فرده الموكلون به على الحجاج، فلما كان في أثناء الطريق إذ إعرابي يسوق إبلاً له وينشد:
صـبـر النفس عند كل iiملم إن  في الصبر حيلة iiالمحتال
لا تضيقن بالأمور فقد iiتكشف غـمـاؤهـا  بـغير احتيال
ربما تجزع النفوس من الأمر لـه فـرجـة كـحل iiالعقال
فقال له أبو عمرو: ما وجه الفتح في فرجة؟ فقال: كلما أتى على وزن فعلة فلنا فيه ثلاث لغات، ففرح أبو عمرو بوجود الحجة لقراءته ثم قال للإعرابي: ما سبب إنشادك هذه الأبيات؟ قال: أنه قد بلغنا نعي الحجاج، وكنا متخوفين منه، فقال أبو عمرو: والله ما أدري بأيتهما أفرح، بموت الحجاج، أم بوجود الحجة على قراءتي ومذهبي؟!
________
(1) قال السيوطي في المزهر:
أبو عمرو بن العلاء: اختلف في اسمه على واحد وعشرين قولاً: أصحّها زَبّان بزاي معجمة والبقية: جَبْر، جُنَيْد جَزْء، حُمَيْد، رَبّان براء مهملة عُتَيْبَة، عُثمان، عُرْيان، عقبة، عمَّار، عَيَّار، عُيَيْنَة، فائد، قَبِيصة، مَحْبوب، محمد، يحيى، وقيل: اسمه كنيته، وسبب الاختلاف فيه أنه كان لجلالته لا يُسأل عن اسمه، قال أبو الطيب: أبو عمرو بن العلاء وأخوه أبو سُفْيان زعم النيسابوري أن اسميهما كنيتاهما

23 - ديسمبر - 2008
نشرة الحديثي لديوان أمية بن أبي الصلت
المغالي والمعالي    كن أول من يقيّم

نشر الحديثي في القطعة (87) بيتا مفردا انفرد بذكره الزمخشري في (أساس البلاغة) وهو قوله في مادة (جسر):

فهي تجري بهم وتجسر البح ر  بـأقلاعها كقدح iiالمغالي.
قال الحديثي في شرح البيت:
القدح السهم، والمغالي طالب الثأر شبه به السفينة من جهة سرعته.
قلت انا زهير: الصواب (وتجتسر البحر) وأما تفسيره للمغالي فهو تفسير فاسد، قال ابن منظور في اللسان مادة (غلا) والمُغالي بالسِّهْمِ: الرافِعُ يدَه يريدُ به أَقصَى الغايةِ. ورجلٌ غَلاَّءٌ: بَعيدُ الغُلُوِّ بالسِّهْم
و في (أساس البلاغة) مادة (غلو) قال:
هو مني بغلوة سهم وبغلوتين وبثلاث غلوات، والفرسخ التام: خمس وعشرون غلوة. وقد غلا بسهمه وغالى به، وتغالينا بالسهام، وترامينا بالمغالي، جمع: مغلاة، وتقول: ما عنده من المعالي، إلا الرمي بالمغالي. ..
وفي الصحاح للجوهري مادة (نضا)
والنَضِيُّ على فَعيلٍ: القِدْحُ أوَّل ما يكون قبل أن يُعْمَلَ.
ونَضِيُّ السهمِ: ما بين الريش والنَصْل. وقال أبو عمرو: النَضِيُّ: نصلُ السهم؛
يقال: نَضِيٌّ مُقَلْقَلٌ. قال لبيد يصف الحمار وأُتُنَهُ:
وأَلْزَمَها النِجادَ وشايَعَتْهُ         هَواديها كأَنْضِيَةِ المَغالي
وفي (المحكم) مادة (نزع):
ونَزَع في القوس يَنزِع نَزْعا: مد. وقيل: جذب الوتر بالسهم. وفي مثل: "عاد السهم إلى النَّزَعَة": أي رجع الحق إلى أهله.
وانتَزَع للصيد سهما: رماه به. واسهم السهم: المِنْزَع.
والمِنْزَع أيضا: الذي يرمي به أبعد ما يقدر عليه لتقدر به الغلوة. قال الأعشى:
فهْوَ كالمِنْزَعِ المَرِيش مِن الشَّوْ         حَطِ غالَتْ به يمينُ المُغالِي
وقد تصحفت المغالي إلى (المعالي) في كثير من الكتب، ومنها (التحف والهدايا) للخالديين، وفيه:
وقريب من هذا ما يروى أن بعض من كان في جملة أبي دلف القاسم بن عيسى العجلي أهدى إليه سيفاً وكتب معه:
قد بعثنا إليك قدح المعالي         ورسول الآمال والآجال
وحرام على العبيد إذا ما         ملكوا ما تخيرته الموالى

23 - ديسمبر - 2008
نشرة الحديثي لديوان أمية بن أبي الصلت
محمد والمسيحية: رائعة أمية الضائعة    ( من قبل 5 أعضاء )    قيّم

رأي الوراق :

قصيدة أمية في نصحه للنصارى بالوقوف إلى جوار محمد (ص) من عجائب الدهر.
وللأستاذ بهجت الحديثي شرف اكتشاف قطعة منها في كتاب (الزهرة) قبل أن يطبع، وليس ذلك بقليل، فهي لم تنشر قبل نشرته في أي كتاب، وما لها ذكر في كل الطبعات السابقة لديوان أمية، وبالتالي ليس لها ذكر في الموسوعة الشعرية أيضا، ولا في إصدارها الرابع الذي سيصدر عام 2009م
وقد استبعد لويس شيخو القصيدة برمتها من نشرته لشعر امية، في كتابه (شعراء النصرانية) واهملها المسلمون أيضا لما ترسخ عندهم من ارتداد امية وموته كافرا، واستمرت صورة أمية ترتسم في مخيال الأدب الإسلامي من خلال قصائده في رثاء قتلى بدر من المشركين، وبقيت هذه القصيدة دفينة في ديوان أمية، لم ينوه بها سوى ابن داود الظاهري في كتابه (الزهرة) وهو من رجالات القرن الثالث الهجري، توفي عام (298هـ)  كهلا في الثانية والأربعين من العمر، حيث أورد منها قطعة في (9) أبيات فقط ولكنها أهم قطعة في القصيدة، ولم يقدر لهذه القصيدة كاملة أن ترى طريقها إلى كتاب أبدا قبل نشرة الحديثي. (بغداد 1991م) 
وفي الربع الأخير من القرن (11) الهجري نشر البغدادي ( ت1093هـ) في كتابه (خزانة الأدب)  قطعة أخرى منها تقع في (16) بيتا، وأهمل ما ذكره ابن داود في الزهرة، وهو لباب القصيدة، وموضوعها الذي كتبت من أجله.
وكان هذا الإهمال سببا لغموض بعض ألفظ القصيدة بما نالها من تصحيف النساخ جيلا بعد جيل، وتحريف الناشرين والمحققين، كما رأينا في البطاقات السابقة وكما سنرى في التعليق على بعض كلمات هذه القصيدة في بطاقة لاحق
ة.
وحسب تخريج الحديثي لأبيات القصيدة فقد ورد في معاجم اللغة وكتب التفسير بيتان منها، الأول: في مادة (خلل) في اللسان، والثاني في مادة (زعم) في اللسان وتهذيب اللغة والاقتضاب (ص 539) وتفسير الرازي (10/ 153)
وأجمل لوحة رسمتها ريشة أمية في هذه القصيدة الآبدة الخالدة القطعة التي يصف فيها أجواء الكنائس، ويسجل ملاحظاته فيها على رجالات الدين المسيحي في عصره، ويذكرهم بأمجاد آبائهم الأحرار وكنائسهم التي صنعت للحكمة كما صنع لها لقمان، تطاول الثريا بمنائرها، لا مطمح في النيل من ذوائب مجدها لأحد، هؤلاء الذين كانوا جمال الوجود، وكان العبيد منهم بمنزلة الملوك في عيون ناظريهم، وكانت رواهبهم كالظباء بين البان والسلم، بدلهم الزمان كما ترى، وكم تمنيت لو يحتذون بآبائهم، ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه. وهذا هو قول أمية:
مـصـانع لقمان قد iiنالها لـها ثلب طامحات iiالمجم
إذا  مـا دخلت iiمحاريبهم رأيـت  نصاراهمُ iiكالنَعَم
خـلاء وقـد كان iiأربابها عتاق الوجوه حسان اللحَم
مـلـوكا على أنهم iiسوقة ولايـدُهـم  كظباء iiالسلم
فـغـير ذلك ريب iiالمنو ن والمرء ليس له ما حكم
ولما لم يذكر البغدادي هذه القطعة، لم يعد مفهوما قوله في القطعة التي ذكرها:
أطيعوا الرسول عباد الإله تـنجون  من شر يوم iiألِم
وانقل هنا رواية البغدادي كاملة لنعرف سياق القطعة،، قال:
ورأيت في ديوانه قصيدة مدح بها النبي صلى الله عليه وسلم أولها: "المتقارب"
لك الحمد والمن رب العبا د أنت المليك وأنت الحكم
إلى أن قال:
ودن  ديـن ربك حتى iiالتقى واجـتـنبن الهوى iiوالضجم
مـحـمـد  أرسـله iiبالهدى فـعـاش غـنياً ولم iiيهتضم
عـطـاء  مـن الله iiأعطيته وخـص بـه الله أهل الحرم
وقـد  عـلـموا أنه iiخيرهم وفي  بيتهم ذي الندى iiوالكرم
يـعـيـبون  ما قال لما دعا وقـد فـرج الله إحدى iiالبهم
به وهو يدعو بصدق الحديث إلـى  الله من قبل زيغ iiالقدم
أطـيعوا  الرسول عباد iiالإله تـنـجـون من شر يوم iiألم
تـنجون  من ظلمات iiالعذاب ومـن حر نار على من iiظلم
دعـانـا  الـنـبي به iiخاتم فـمـن لـم يجبه أسر iiالندم
نـبـي هـدى صادق iiطيب رحيم  رؤوف يوصل iiالرحم
بـه خـتـم الله مـن قـبله ومـن بـعـده من نبي iiختم
يموت كما مات من قد iiمضى يـرد  إلـى الله باري iiالنسم
مـع الأنبيا في جنان iiالخلود هـم  أهـلها غير حل iiالقسم
وقـدس  فـينا بحب الصلاة جـمـيـعـاً وعلم خط القلم
كـتـابـاً  مـن الله نقرا به فـمـن يـعـتديه فقدْ ما أثم
"ما" زائدة، و"أثم" فعل ماض). ا.هـ
وهذه رواية ابن داود للقصيدة في (الزهرة) بلا تدخل مني في تصحيح كلماتها:
لكَ الحمدُ والمنّ ربّ العباد وأنت  المليك وأنتَ iiالحكمْ
أمرت  بالإنسان من iiنُطفةٍ تُخلق في البطنِ بعدَ iiالرّحمْ
وإنِّـي  أديـنُ لـكم iiإنكم سـيصدقكم  ربُّكم ما iiزعمْ
ولـستم بأحسن صنعاً iiولا أشـدَّ  قوى صُلُبٍ من iiأَدَمْ
مـصـانع  لقمان قد iiنالها لـها  ثلب طامحاتُ iiالمجمْ
إذا مـا دخـلت iiمحاريبهم رأيـتَ نـصاراهم iiكالنّعمْ
خـلا وقـد كـانَ iiأربابها عتاق  الوجوه حسان iiاللّحَمْ
مـلـوكاً  علَى أنَّهم iiسُوقةٌ ولايـدهـم كظباء iiالسَّلمْ
فَـغـيّر ذلك ريبُ iiالمَنون والمرء ليسَ له مال iiيحتكمْ

24 - ديسمبر - 2008
نشرة الحديثي لديوان أمية بن أبي الصلت
شرح الحديثي لمفردات القصيدة    كن أول من يقيّم

لم أطمئن لبعض شروحات الحديثي لمفردات القصيدة، وسأكتفي هنا بذكر هذه الشروحات كيلا أطيل:
قال في شرح (أدم) في البيت (أشد قوى صلب من أدم): أدم هو آدم عليه السلام، والمعنى أن الناس ليسوا أحسن من آدم في الخلق ولا أشد قوى منه.
وقال البيت (لها ثلب طامحات المجم) ثلب: يقال للبعير إذا لم يلقح، والمجم المملوء من كل شيء ويقال للمكيال إذا امتلأ فهو مجم، ولعله يريد أن يقول إن محمدا (ص) قد نال فضائل لقمان وهي كثيرة تشبه حولة هذا البعير المملوءة.
وقال في شرح البيت (خلا وقد كان أربابها = عتاق الوجوه حسان اللحم) خلا: كذا وردت، ولعلها خلت كي يستقيم الوزن لأن الحديث عن المحاريب، وقوله: حسان اللحم: يعني بذلك جمال أجسامهم، لأن الجمال يكون مع استقامة الجسم.
وقال في البيت: (والمرء ليس له مال يحتكم) البيت غير مستقيم الوزن في قوله (مال يحتكم) ولعل صوابها ما احتكم. أي الأمر الذي يجوز فيه حكمه، ويقال احتكم فلان في مال فلان إذا جاز فيه حكمه.
وقال في تخريج البيت (ودن دين ربك حتى التقى) هو في نشرة أوربا وبيروت (حتى اليقين) قلت أنا زهير: وهو الصواب، وإلا كان البيت مختلا.
أما البيتان اللذان أضافهما الحديثي من معاجم اللغة فهما:
البيت 19 وأقحمه بعد البيت (نبي الهدى صادق طيب)

ودفع الضعيف وأكل اليتيم ونـهك  الحدود فكلٌّ iiحَرِم
والبيت 25 وهو خاتمة القصيدة
وإنـي أذيـنٌ لكم iiأنه سيجزيكم ربكم ما زعم

24 - ديسمبر - 2008
نشرة الحديثي لديوان أمية بن أبي الصلت
لحم الضبع    كن أول من يقيّم

أعدت اليوم قراءة فصول كثيرة من كتاب (حياة الحيوان) للدميري، لاهتمامه بذكر حكم لحم  كل حيوان يذكره، وكان من كبار فقهاء الشافعية، وقد نبهت في التعليق السابق إلى غرابة هذا الحكم قياسا مع ما ذكره الجاحظ من تفاصيل حول مآكل معاصريه وغرائبها.
وأنقل هنا مختصر ما حكاه الدميري في مادة (الضبع) قال:
(وهي مولعة بنبش القبور لكثرة شهوتها للحوم بني آدم، ومتى رأت إنساناً نائماً حفرت تحت رأسه، وأخذت بحلقه فتقتله وتشرب دمه. وهي فاسقة لا يمر بها حيوان من نوعها إلا علاها. وتضرب العرب بها المثل في الفساد، فإنها إذا وقعت في الغنم عاثت، ولم تكتف بما يكتفي به الذئب، فإذا اجتمع الذئب والضبع في الغنم سلمت لأن كل واحد منها يمنع صاحبه. والعرب تقول في دعائها: اللهم ضبعاً وذئباً أي اجمعهما في الغنم لتسلم)
وحكمها: حل الأكل، قال الشافعي رحمه الله تعالى: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع". فما قويت أنيابه، فعدا بها على الحيوان طالباً غير مطلوب، يكون عداؤه بأنيابه علة تحريم أكله. والضبع لا يغتذي بالعدوى، وقد يعيش بغير أنيابه. وقد تقدم ذلك، في باب الهمزة، في لفظ الأسد وبحلها. قال الإمام أحمد وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الحديث. وقال مالك: يكره أكلها، والمكروه عنده ما أثم آكله، ولا يقطع بتحريمه. واحتج الشافعي بما روي عن سعد بن أبي رقاص أنه كان يأكل الضبع. وبه قال ابن عباس وعطاء، وقال أبو حنيفة: الضبع حرام، وهو قول سعيد بن المسيب والثوري محتجين بأنه ذو ناب. وقد "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع".
ودليلنا ما روى عبد الرحمن بن أبي عمار، قال: سألت جابر بن عبد الله عن الضبع أصيد هي? قال: نعم. قلت: أتؤكل? قاد: نعم. قلت: أقاله رسول الله صلى الله عليه وسلم? قال: نعم. أخرجه الترمذي وغيره، وقال حسن صحيح.
وقال جابر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الضبع صيد وجزاؤه كبش مسن ويؤكل". رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد، وذكره ابن السكن أيضاً، في صحاحه، قال الترمذي: سألت البخاري عنه، فقال: إنه حديث صحيح
(وفي البيهقي عن عبد الله بن مغفل السلمي، قال: قلت يا رسول الله ما تقول في الضبع? قال: "لا آكله ولا أنهي عنه". قال: قلت ما لم تنه عنه فإني آكله. إسناده ضعيف. قال الشافعي: ومازال لحم الضبع يباع بين الصفا والمروة، من غير نكير. وأما ما ذكروه من حديث النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع، فإنه محمول على ما إذا كان يتقوى بنابه، بدليل أن الأرنب حلال وله ناب ولكنه ضعيف لا يعدو به)
قلت أنا زهير: (
وعبارة الشافعي كما نقلها المزني في المختصر: (ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع، وأحل الضبوع ولها ناب وكانت العرب تأكلها وتدع الأسد والنمر والذئب تحريماً له بالتقذر، وكان الفرق بين ذوات الأنياب أن ما عدا منها على الناس لقوته بنابه حرام وما لم يعد عليهم بنابه كالضبع والثعلب وما أشبههما حلال)
 

24 - ديسمبر - 2008
الفرق بين التفسير والتأويل
حديث الجاحظ    كن أول من يقيّم

تحية طيبة مجددا أساتذتي الأكارم، وبارك الله بك يا أستاذ يحيى، وحيا الله امير العروض، وشكرا لشاعرتنا النجيبة لمياء بن غربية، ولأستاذنا ياسين الشيخ سليمان، ولراعي هذا الملف الدكتور محمد كالو، والله يغفر لنا ولكم ويهدينا وإياكم  سواء السبيل.
أردت أن أنقل هنا كلام الجاحظ المطول  حول ما كان يستطاب ويستقذر من لحوم الحيوانات، ويستوقفنا أنه أثنى على الجراد ولحم البغال، ويستوقفنا أيضا أنه لم يتطرق أبدا لذكر الضبع وأن العرب كانت تأكله، كما نسب الدميري وغيره إلى الشافعي أنه قال: ومازال لحم الضبع يباع بين الصفا والمروة من غير نكير)
قال الجاحظ :
وقد زعم نَاسٌ أنَّ العربَ لم تَكنْ تأكلُ القُرودَ، وكان من تنصَّرَ مِن كبار القبائل وملوكِها يأكلُ الخِنزير، فأظهر لذلك تحريمهُ؛ إذ كان هناكَ عالَمٌ من الناس، وكثير من الأشراف والوضعاء، و الملوكِ والسُّوقة، يأكلونُه أشدَّ الأكل، ويرغَبون في لحمه أشدّ الرغبة، قالوا: ولأنَّ لحم القرد يَنْهَى عن نفسِهِ، ويكفي الطبائعَ في الزّجرِ عنهُ غَنَثُه، ولحم الخنزير ممّا يُسْتَطابُ ويتواصَف، وسَبيلُ لحم القردِ كسَبيلِ لحمِ الكلب، بل هو شرٌّ منهُ وأخبَث، وقد قال الشاعر للأَسديِّ الذي لِيمَ بِأكل لحمِ الكلب:
يا فقعسيُّ لِمْ أكَلْتُه لِمهْ         لو خافَكَ اللّهُ عليهِ حَرَّمهْ
فما أكَلْتَ لحمهُ ولاَ دَمَهْ
وليس يريد بقوله: لو خافك اللّه عليهِ أنّ اللّه يخافُهُ على شيءٍ أو يخافه من شيء، ولكنَّهُ لمَّا كانَ الكلبُ عندَهُ مما لا يأكله أحد وَلاَ يُخَافُ عََلَى أَكْلِهِ إلاّ المضطرُّ، جعل بدل قوله: أمِنَ الكلبُ على أكْل لحمه، أنَّ اللّه هو الذي لم يخَفْ ذلك فيحرِّمه، وهذا ممّا لا تقف الأعرابُ عليه، ولا تَتَّبعَ الوهمُ مواضِعَه؛ لأنَّ هذا بابٌ يدخل في باب الدِّين، فيما يُعرَف بالنَّظر.
ما قيل في جودة لحوم الكلاب
وقد يأكل أجْراءَ الكلاب ناسٌ، ويستطيبونها فيما يزعمون، ويقولون: إنّ جرو الكلب أسمنُ شيءٍ صغيراً، فإذا شبَّ استحال لحمه، كأنَّه يشبّه بفرخ الحمام مادام فرخاً وناهضاً، إِلى أن يستحكم ويشتدّ
ذكر من يأكل السنانير
وما أكثر من يأكل السَّنانير، والذين يأكلونها صِنفان من الناس: أحدهما الفتى المغرور، الذي يقال له أنت مسحور، ويقال له: من أكل سِنّوراً أسودَ بهيماً لم يعمَلْ فيه السحر، فيأكله لذلك، فإذا أكله لهذه العلَّة، وقد غسل ذلِكَ وعصره، أذهب الماءُ زُهُومَته، ولمْ يكن ذلك المخدوعُ بمستقذِرٍ ما استطابه، ولعلّهُ أيضاً أن يكون عليه ضربٌ من الطَّعام فوق الذي هو فيه، فإذا أكله على هذا الشَّرط، ودبّر هذا التدبير، ولم ينكره، عاوده، فإذا عاوده صار ذلك ضَراوةً له.
والصِّنف الآخر أصحاب الحمام؛ فما أكثر ما ينصِبُون المصائد للسَّنانير، التي يُلقَّوْنَ منها في حمامهم، وربَّما صادف غيظ أحدهم وحَنَقُه وَغَضَبُهُ عليه، أن يكون السِّنَّور مُفرِطَ السِّمن، فيدعُ قتْله ويذبَحُه، فإذا فعل ذلك مرَّةً أو مرتين، صار ضراوةً عليها، وقد يتقَزَّز الرَّجلُ من أكل الضّبِّ والوَرَل والأرنب، فما هو إلاَّ أنْ يأكُله مرَّةً لبعضِ التَّجرِبة، أو لبعضِ الحاجة، حتى صار ذلك سبباً إلى أكلها، حتى يصير بهم الحال إلى أن يصيروا أرغبَ فيها من أهلها.
طيب لحم الجراد
وها هنا قومٌ لا يأكلون الجرادَ الأعرابيّ السمين، ونحن لا نعرف طعاماً أطيبَ منه، والأعراب إنَّما يأكلون الحيَّاتِ على شبيهٍ بهذا الترتيب ولهذه العوارض.
 
أكل الأفاعي والحيات
وزعم بعضُ الأطبَّاء والفلاسفة، أنَّ الحيَّاتِ والأفاعيَ تؤكل نِيئَةً ومطبوخة، ومشويَّة، وأَنَّهَا تغذُو غِذَاءً حسَناً.
 
 رؤبة وأكل الجراذن
وزعم أبو زيد، أنَّه دخل على رؤبة، وعنده جِرذانٌ قد شَوَاهُنّ، فإذا هو يأكلهنَّ، فأنكر ذلك عليه، فقال رؤبة: هُنّ خيرٌ من اليرابيعِ والضِّبابِ وأطيَبُ؛ لأنها عندكم تأكُلُ الخبزَ والتمرَ وأشباهَ ذلك، وكفاك بأكل الجرذان، ولولا هول الحيَّاتِ في الصُّدور من جهة السُّموم،لكانت جهة التقذُّر أسهلَ أمراً من الجرذان.
أكل الذبان والزنابير
وناسٌ من السُّفالة يأكلون الذّبَّان، وأهلُ خُراسانَ يُعجَبون باتخاذ البَزْماوَردِ من فِراخ الزَّنابير،ويعافون أذنابَ الجرادِ الأعرابيِّ السمين، وليسَ بين ريح الجَرادِ إذا كانت مشويَّةً وبينَ ريح العقارِبِ مشْويَّةً فرق، والطَّعْمُ تبعٌ للرائِحة: خبيثُها لخبيثها، وطيِّبها لطيّبها،وقد زعم ناسٌ، ممن يأكلون العقاربَ مشويَّة ونيئةً، أنها كالجراد السِّمان، وكان الفضلُ بنُ يحيى يوجِّه خدمَهُ في طلب فراخِ الزَّنابير ليأكلها، وفراخُها ضربٌ من الذُّبان.
أكل لحوم البراذين
فأمَّا لحوم البراذين فقد كثُر علينا وفينا، حتى أنِسْنا به، وزعم بعضهم أنَّه لم يأكلْ أطيبَ من رأسِ بِرْذَونٍ وسُرَّتِه، فأمّا السُّرَّةُ والمَعْرَفة فإنهم يزاحِمون بها الجِدَاءَ والدَّجاج، ويقدِّمون الأسرامَ المحشوَّة.
أكل السراطين ونحوها
ومِن أصحابنا مَن يأكل السراطين أكلاً ذريعاً، فأما الرق والكوسج فهو من أعجب طعام البحْريِّين، وأهل البَحر يأكلون البلبل فهو اللّحم الذي في جوف الأصداف، والأعرابيُّ إذا وجد أسودَ سالخاً، رأى فيهِ ما لا يرى صاحب الكسمير في كسميره.
أكل ديدان الجبن
وخَبَّرني كم شِئْتَ من الناس، أنَّه رأى أصحابَ الجُبْن الرَّطبِ بالأهوازِ وقراها، يأخذون الِقطعةَ الضَّخمةَ من الجبْن الرَّطب، وفيها ككواء الزنابير، وقد تولَّدَ فيها الدِّيدان، فينفضها وسْطَ رَاحتِه، ثمَّ يقمَحُها في فيهِ، كما يقمَحُ السَّويق والسُّكَّر، أو ما هو أطيبُ منه.
 

24 - ديسمبر - 2008
الفرق بين التفسير والتأويل
الحمار الوحشي    كن أول من يقيّم

قال الدميري في حديثه عن الحمار الوحشي:
الحكم: يحل أكله بالإجماع، وفي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنا لم نرده عليك إلا إننا حرم". قال الشافعي: ولو توحش الحمار الأهلي حرم أكله. ولو استأهل الوحشي لم يحرم. ولا نعلم في حل الوحشي خلافاً إلا ما روي عن مطرف أنه قال: إذا أنس واعتلف صار كالأهلي. وأهل العلم قاطبة على خلاف قوله ولا يحل الحمار المتولد بين الأهلي والوحشي، لأن الولد يتبع خير الأبوين في الأطعمة حتى يقرض أحدهما غير مأكول. كما يتبع أخسهما في النجاسة، حتى يجب الغسل من ولوغه وسائر أجزائه سبعاً إذا تولد بين كلب وذئب. وكما يتبع الأخس في الأنكحة حتى إذا تولد بين كتابي ووثني لم تحل مناكحته، وقد خالفوا هذا الأصل في باب الجزية، فقالوا: يعقد للمتولد بين كتابي ووثني، وفي الديات ألحقوه بأكثرهما دية، وهو الأصح المنصوص. وقيل: يتبع أقلهما دية. ...إلخ

24 - ديسمبر - 2008
الفرق بين التفسير والتأويل
ابن آوى    كن أول من يقيّم

قال الدميري:
ابن آوى: وكنيته أبو أيوب وأبو ذئيب وأبو كعب وأبو رائل هو طويل المخالب والأظفار يعدو على غيره، ويأكل مما يصيد من الطيور وغيرها. وخوف الدجاج منه أشد من خوفها من الثعلب، لأنه إذا مر تحتها وهي على
الشجرة أو الجدار تساقطت وإن كانت عدداً كثيراً.
الحكم: الأصح تحريم أكله، لأنه يعدو بنابه ولو قيل إن نابه ضعيف فيكون كالضبع والثعلب لكان مذهباً. وملخص ما فيه عندنا وجهان: الأصح في المحرر والمنهاج والشرح والحاوي الصغيرين التحريم. والثاني وهو اختيار الشيخ أبي حامد الحل. وسئل الإمام أحمد عنه؟ فقال كل ما نهش بأنيابه فهو من السباع. وبحظره قال أبو حنيفة وصاحباه.

24 - ديسمبر - 2008
الفرق بين التفسير والتأويل
 317  318  319  320  321