ثعيط ونغيط كن أول من يقيّم
استوقفني اليوم تفسير السيد الحديثي لقطعة من شعر أمية وصلتنا عن طريق واحد هو كتاب (الزهرة) لابن داود الظاهري (ت 297هـ). والقطعة في وصف النار، وفيها البيت: لا يسمعنَّ حسيسها يا ربّنا يوماً ثعيطٌ شهقة وزفيرا والحديثي ينقل عن مخطوطة الزهرة قبل طبعها، وقد رجعت إلى نشرة المرحوم د. إبراهيم السامرائي ود. نوري حمودي القيسي، (ص 499) فرأيتهما قد ضبطا الكلمة على أنها فعل مضارع :(نُغيِّط) بالغين المعجمة، وأهملا شرحها. قال الحديثي في شرح (ثعيط): الثعيط: دقاق رمل سيال تنقله الريح: أي إنه في مثل ذلك اليوم تكون الرياح سريعة، وتحمل معها مثل هذه الرمال. قلت أنا زهير: وكيف يصح هذا المعنى حسب سياق البيت، وما علاقة الريح والرمال الناعمة بجهنم. كان الأولى أن يعلق الحديثي على الكلمة بأنها غير مفهومة. ويظهر لي أن الكلمة هي فعل (تغيّظ) مستعارا من فعل (تميّز) الوارد في الآية 8 من سورة الملك في وصف النار (إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ 7 تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ) وفعل تغيظ بالياء المشددة قد استعمله ابن الرومي في شعره فقال: وذي وُدٍّ تَغيَّظ إذ جفاني | | أبو حفصٍ فقلت له iiفداهُ | وأبو العلاء في اللزوميات، إذ قال في ذم الدنيا: لَقَد أَصبَحَت دُنياكَ مِن فَرطِ حُبِّها | | تُـريـنا كَثيراً مِن نَوائِبِها iiنَزرا | وَلَـو ظَـهَرَت أَحداثُها لَسَمِعَتها | | تَـغَـيَّظُ أَو عايَنتَ أَعيُنَها خُزرا | |