الأب فروماج كن أول من يقيّم
ولد الأب بطرس (بيّار) فروماج بمدينة "لان" الفرنسية يوم 12/ أيار مايو/ 1678م وانتسب إلى الرهبانية اليسوعية يوم 3/ تشرين الثاني نوفمبر/ 1693م في دير ابتداء إقليم شمباني الكائن آنذاك بمدينة نانسي. وبعد ان انجز دروسه الرهبانية المعهودة ذهب منذ العام 1710 مرسلا إلى البلدان السورية، حيث بقي حتى وفاته في العاشر من كانون الأول ديسمبر 1740م.
أمضى مدة وجيزة في دراسة اللغة العربية في طرابلس الشام (1710 - 1711) ثم أنيطت به إدارة مدرسة دمشق لمدة ست سنوات. ورد الثناء عليه في عدة تقارير أرسلها رئيس الإرسالية السورية الأب بارس (Barse ) إلى رئيس الرهبنة العام. ولما أنهى سنوات رئاسته الست في دمشق بعث بمهمة رسولية إلى فرنسا، وكتب بعد إنجاز مهمته وهو في ميناء مرسيليا إلى الرئيس العام رسالة مؤرخة يوم 16/ أيار/ 1719م: قال فيها(سبق أن قلت لأبوتكم مطولاً أن ما يبدو لي الأفضل لتثبيت إرساليتنا في بلاد الشام وتطويرها، وبخاصة لتقوية الإيمان الكاثوليكي في الكنائس الشرقية هو إنشاء معهد إكليريكي في جبل لبنان، يتهيا لخدمة الرسولية تهيئة خاصة ... وإذا ما اقتدينا بما حققه سابقا الأب مونوارا السعيد الذكر في إرسالياته سيصطحب آباؤنا في رحلتهم الرسولية بعض هؤلاء الكهنة، أجل: لابد من القول بأنه من الأهمية بمكان انه ما من وسيلة كفيلة بالوصول إلى هذه النتيجة مثل إنشاء المعهد المذكور، وانه ليس في المشرق من مكان أنسب لإقامة هذا المعهد من منطقة جبل لبنان، أي المكان الخاضع لأمراء الموارنة، وأن جميع المسيحيين في إرساليتنا يتوقون بلهفة إلى تلك المؤسسة... إلخ)
وبعد رجوعه من فرنسا تولى رئاسة الإرسالية العامة في سورية (1727 - 1730) ثم رئاسة دير حلب، منذ (1737 حتى وفاته يوم 10/ 12/ 1940م) وكان دير حلب أقدم مركز في الإرسالية السورية، إذ يعود تأسيسه إلى عام 1625م فكان اول قانون أصدره على رعاياه أن يقوموا بتدريس أطفالهم مضمون كتاب "التعليم المسيحي" الذي وضعه القديس روبرتو بلّرمينو، وكان قد نقله إلى العربية وهو في طرابلس عام 1735 وطبع ترجمته العربية في روما .
وتعاون مع الشماس عبد الله الزاخر على تأليف الكثير من الكتب بالعربية. لذا نسب عدد من الكتاب جميع المصنفات التي ألفت على هذا النحو إلى الزاخر، في حين نسبها آخرون إلى الأب فروماج،
وكان الزاخر حساسا إلى أقصى الحدود .... مما أفضى إلى انفصام عرى المودة بينهما، وإلى المعارضة الأليمة لاحقا، بسبب مشكلة دير الراهبات كما سيأتي، وكان فروماج في هذه الأثناء قد عين رئيسا عاما على الإرسالية فعمل على تأسيس أول مطبعة عربية، وذهب إلى روما لنيل الموافقة من الرئيس العام في رحلة سريعة عام 1722 ولجمع التبرعات من فرنسا وعاد إلى حلب، وكان الزاخر قد هرب من حلب إلى لبنان خوفا من البطريرك المنشق أثناسيوس الرابع الدباس الذي فوضته استنبول بمضايقة الكاثوليك، فكتب فروماج رسالة إلى الزاخر يدعوه فيها لمباشرة تأسيس المطبعة العربية، فكان الزاخر أول من حفر حروف الطباعة العربية بيده بحسب الانماط التي أتى بها فروماج من روما، ولا تزال الحروف التي صنعها محفوظة في دير مار يوحنا الشوير، وفي رسالة إلى صديقه السيد ترويهيلييه التاجر المقيم في صيدا كتب فروماج يوم 21 / 1 / 1726 يقول: (إني منهمك الآن في تركيب قطع مطبعة استقدمتها من أوروبا، منذ قليل، لقد أوكلت إلى أحدهم أن يصب حروفا عربية شبيهة بالتي يستعملونها في مجمع نشر الإيمان بروما، وعما قليل سيصلني عمال طباعة حاذقون، لن يتأخر قدس الرئيس العام في إرسالهم إلي، وإني أرجو أن نتوصل من خلال ذلك إلى نشر الكتب الدينية بطريقة أسرع من طريقة المخطوطات، ولقد حاولت أن أجعل هذه المطبعة في ديرنا الجديد بعينطورا، لكني وجدت المكان ضيقا جدا، واضطررت إلى نقلها إلى دير مار يوحنا الشوير، وما زلنا في البداية، وباتت الموارد تعوزنا ... إلا اننا نتكل على العناية الإلهية ومساعدة النفوس السخية لأن مثل هذه المشروعات مكلفة للغاية) وأول كتاب صدر عن مطبعة مار يوحنا كان على ما رواه الزاخر نفسه في رسالة بعث بها عام 1740 كتاب (ميزان الزمان وقسطاس أبدية الإنسان) للأب نيرمْبرك اليوسوعي، طبع عام 1734م.
وبعد ذلك صارت الكتب تصدر بانتظام، واحد أو اثنان في السنة على الأكثر.
وكان في نجاحه المنقطع النظير ما أغاظ الفيلسوف دالَمْبير ليقول: (هل يعقل أن يكون المدعو الأب فروماج، الراهب اليسوعي المتضلع من العربية قد تجشم ويا للسخافة مشقة ترجمة سيرة مرغريتا مريم إلى هذه اللغة وطبعها في عينطورا ؟ ما أتعسكم يا مسيحيي الشرق، بعد أن أصبحتم الآن على هذا القسط العظيم من العلم !! ونحن المؤلفين المساكين فلنعتبر كتبنا تحفا إن هي نالت حظوة ونقلت إلى الإنكليزية أو الألمانية !!! فبماذا نواجه ترجمة سيرة مرغريتا مريم إلى العربية) وكان فروماج قد نقل إلى العربية هذا الكتاب بعنوان (الكنز الأنفس في ترجمة الطوباوية مرغريتا مريم ألاكوك) (صيدا: 1735) والكتاب في الأصل من تأليف المطران جان جوزف لانكيه دي جرجي (باريس 1729)
وأهم الخدمات التي اداها الأب فروماج للكنيسة المارونية كانت العام 1736 حيث يعود له الفضل في عقد مجمع كنسي للعناية بالكنيسة المارونية، وقد عقد سرا في دير سيدة اللويزة الماروني على مقربة من عينطورا في 30/ أيلول و 1 و2 و3 تشرين الأول من عام 1736م وضم البطريك والقاصد الرسولي وعشرة رؤساء أساقفة موارنة، واثنين من الأرمن وواحدا سرياني، إلى بعض رؤساء الرهبانيات، وفي أثناء قداس الافتتاح ألقى الأب فروماج خطبة البداية شارحا هدف المجمع، وخلال أربعة أيام وضعت الأنظمة والقوانين المناسبة، وتم الختام بالإعلانات المعهودة مساء الثالث من تشرين الأول، فقد أعد كل شيء مسبقا حتى لا يستمر المجمع إلى أبعد من تلك المدة فتنتبه الحكومة التركية للأمر وتكون العاقبة وخيمة على المسيحيين. وقرارات هذا المجمع ما زالت أساسا لنظام الكنيسة المارونية.
ثم كانت مشكلة دير الراهبات والخلاف الكبير بين الشويريين واليسوعيين (انظر تفاصيل هذه القضية في المرجع المذكور ادناه ص 480 - 488 وقد مات فروماج في قمة الخلاف مع الزاخر حول هذه القضية التي كانت أخطر مهام الأب فروماج في إرساليته)
مؤلفاته وترجماته:
أ- كتب مترجمة:
1- أخبار العهد العتيق (للكاهن دي روَيُومون) عربه عن الفرنسية: حلب 1737م
2- أخبار القديسيين: للأبوين بطرس ريبانيرا ويوحنا كرُوزيت بيلو، عربه عن الفرنسية. ونشر لاحقا بعنوان (مروج الأخبار في تراجم الأبرار) بيروت 1880م
3- إيضاح قواعد الدين المسيحي السنية: ليواكيم تروتّي دي لاشيتارْدي، عن الفرنسية، طرابلس 1735م
4- تاملات الأنبا لويس الجسري اليسوعي: عربه عن اللاتينية في 3 مجلدات، حلب 1729م
5- التعليم المسيحي: للقديس روبرتو بلّرمينو: عربه عن اللاتينية، طرابلس 1735، وطبعه في روما.
6- الحرب الروحية للورنزو سكُوبولي، عربه عن الترجمة الفرنسية.
7- الدر المنثور في تفسير الزبور: للكردينال القديس روبرتو بلّرمينو، عن اللاتينة (شكك كاتب المقالة الأب كميل حشيمه بنسبة تعريب هذا الكتاب إلى فروماج، ورجح أنه من تعريب أرنودي.. انظر كلامه بالتفصيل في المرجع المذكور ادناه ص 492)
8- رياضات القديس غغناطيوس مؤسس الرهبانية اليسوعية، عن الاتينية، حلب (أو صيدا) 1731م.
9- سيرة القديس فرنسيس ساليس: لجاك مرزولّييه، عن الفرنسية.
10- سيرة القديسة فرنسشكا حنة دي شنتال: لجاك مرزولّييه، عن الفرنسية.
11- سيرة بعض القديسيين وعجائبهم، وعجائب مريم.
12- الصبح المبين لضلال لوثاروس وكلفين: في قسمين، احدهما من تأليف الأب لاوناردُس ليسّيُوس اليسوعي، والآخر بقلم الأب مارتن باكان اليسوعي. تعريب عن اللاتينية، وأضاف إليهما ملحقا من تأليفه ف شأن الملك هنري الثامن وثورته على الكنيسة الكاثوليكية.
13- طريقة للمحادثة مع الله: للأب ميشال بوتولد اليسوعي. عن الفرنسية
14- العلم اللاهوتي: للمطران جان كلود دي لابُواب دي فيرتريو، عن الفرنسية (ويرد عنوان الكتاب في بعض المصادر ب: لاهوت الأسقف.
15- قوانين راهبات زيارة العذراء (في مجلدين) عن الفرنسية
16- الكنز الأنفس في ترجمة الطوباوية مرغريتا مريم ألاكوك: للمطران لانكِه. عن الفرنسية، صيدا، 1735م
17 - مدخل العبادة: للقديس فرنسيس سالس، عن الفرنسية
18- المرشد المسيحي: لجان برينيون عن الفرنسية. وقد اخطا لويس شيخو في كتابه (المخطوطات العربية لكتبة النصرانية: ص 164) إذ عنون الكتاب (مرشد المسيحي) ونسبه إلى الأب دوترمان، أما كتاب هذا الأخير وعنوانه (المرشد المسيحي) فقد عربه الأب جان أميو العام 1651 وأما مرشد المسيحي فهو كما ذكره شيخو للأب سنيري
19- مرشد المسيحي: للأب بولس سنيري اليسوعي: عن الإيطالية: دير الشوير 1738م
20- قلائد الياقوت في واجبات الكهنوت: للأنبا لويس الجسري اليسوعي، عن الإيطالية 1730م
21- المتعبد لمريم: للأب بولس سنيري اليسوعي، عن الإيطالية
22- ميزان الزمان وقسطاس أبدية الإنسان: للأب يوحنا أوسابيوس نيرنبرك: عن الإيطالية، دير الشوير 1734م
23- مرشد الكاهن: للأب بولس سنيري اليسوعي، عن الإيطالية، حلب 1739م
24- مرشد الخاطئ: في سر التوبة والاعتراف: للأب بولس سنيري اليسوعي، عن الإيطالية. حلب 1739م
25- المواعظ السديدة الأدبية في تثقيف المسيحي في طريقته الدينية: للأب بولس سنيري اليسوعي، عن الإيطالية.
26- الكمال المسيحي: للأنبا ألفونس رودريكس اليسوعي، عن الإيطالية، في 3 مجلدات مجموع صفحاتها 1292 صفحة.
27- يسوع الحبيب ومريم الحبيبة: للأبيوحنا أوسابيوس نيرنبرك: عن الإيطالية، حلب 1737م
ب:
كتب من تأليفه:
1- مقالة في أخوية قلب بسوع المنشأة في حلب ودمشق
2- إيضاح مفيد في فحص الضمير
3- مجموع تراجم قديسين الرهبانية اليسوعية
4- رسالة في التعبد لقلب يسوع: حلب 1724
5- تفسير وموافقة الأربعة الأناجيل (في 3 مجلدات كبيرة، نقحه الزاخر، ويقول نصر الله هو من تأليف الزاخر إلا ان فروماج تبناه بسبب بعض المواعظ التي أضافها.
6- رسالة إلى عبد الله زاخر (يعاتبه فيها على بعض مواقفه من اليسوعيين)
7- رسالة جدلة في تقديس الأسرار الإلهية، ويرد اسمه (رسالة جدلية في الكلمات الربية.
8- سيرة القديسَين لويس غونزاغا واستنسلاوس كوستكا.
9- مجموع مواعظ.
41- المينة الصالحة
***********************************
المرجع: باختاصار عن (مجلة المشرق السنة 76 الجزء 2 تموز - كانون الأول 2002 ص459 - 495)
|