إبتــزاز مــن نــوع آخــر ..         ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
     عندما نسمع عن الإبتزاز نتذكر قضايا الرشوة و الفساد في مؤسسات حكومية و غير حكومية، و نتكلم عن ممارسات "فتوّة" الحارة و القبضايات ، و لا "يخطر على البال" أن الإبتزاز يُمارس حتى في البيوت الهادئة و البسيطة و من قبل "أولاد" يعتبرون أنفسهم أذكياء لا أكثر ….. و هذا ما أسميه ..
 
    إبتـزاز مـن نـوع آخـر ….            والدي رحمه الله كان أمياً لم يقرأ يوماً كتاباً و لكنه كان يستمع لكل من يقرأ له : " اقرأي بصوت عال" كان يطلب من شقيقتي الكبرى كلما رأى وجهها مدفون في جريدة اليوم .   و تكتم أختي أنفاسها حتى لا يسمعها تتأفف و تتذمر . فهو - رحمه الله - لم يكن يعلم بأنها كانت تتخذ من الجريدة ستاراً تخفي في طياته صورة شقيق صديقة لها في المدرسة …. بتوسل المجروح تنظر إلي ضارعة لإنقاذها ، فأتطوع بالقراءة و ابتسامة المنتصر الغانم تتأرجح بين شفتي .   في غرفة الجلوس العائلية ، أُرتب نفسي في وضع مريح على كنبة مريحة تخلت عنها أختي راضية، و كما في كل مساء تعود أختي الى التحديق بصورةٍ ، البثور في وجه صاحبها تبعث على التقيؤ (سحر الحب؟)    والدي يستمع الى الأخبار بحماسة صاحب الحق ، يدعو لعبد الناصر بالنصر ، و يلعن صهاينة اسرائيل …   أنا ….. أقرأ الجريدة من الغلاف الى الغلاف بترف لا يعرفه سوى أصحاب الخدم و الحشم …   "غسـل" الصحون بعد العشاء ، كان الثمن الذي كانت تدفعه أختي مقابل التحديق !!!!!!!      لقد تزوجت أختي الشاب ذو البثور ، و أنجبت منه سبعة عيال ، و عدت أنا إلى سلك الخدمة المنزلية …   |