نقاش كن أول من يقيّم
الإطار النّظري الذي احتضن هذا البحث هو التفاعل بين نصوص تحيل إلى رؤى للعالم مختلفة. كأنّ السياق الثقافي لم يقبل كتاب كليلة ودمنة حتّى أعاده إلى الأصول الشعرية. ربما يعود ذلك إلى خلو هذا لكتاب تماما من التمثّل بالأشعار. والكتاب ينسجم مع سياقه التاريخي. وهذا السياق يتمثّل في ظهور الدولو وظهور الكتابة أيضا. والكتاب سرد لمحاورة شفوية بين ملك وفيلسوف. لكن هذه المحاورة الشفوية أحالت في الأخير إلى الكتاب حين قال الفيلسوف للملك: "وقد جمعت لك في هذا الكتاب شمل بيان الأمور ....". وهو في هذا يستعيد خطبة الوداع :" تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تظلوا بعدي أبدا، كتاب الله وسنتي". وأمّا ما قام به اليمني، فيتمثّل في إعادة الكتاب إلى الأصل الشعري باعتباره يمثل الشفويّ في الثقافة العربية... وأظنّ أنّه يمكن النظر إلى المسألة من زاوية أخرى هي الحاجة النّاشئة عند الدولة إلى نشأة أعوان جدد يتولون مهمة تمثيل العالم تمثيلا رمزيا. إنّهم الكتاب. فالدولة الأموية حلبة الشعراء والدولة الأموية حلبة الكتاب (الصولي:أخبار أبي تمام)... فالمسألة لا تعود إلى السجال بين الأصيل والدخيل بقدر ما تعود إلى انتقال في شكل الانتظام السياسي والاجتماعي من القبيلة إلى الدّولة.... |