لا للتفتيش كن أول من يقيّم
بسم الله الرحمن الرحيم أظن أن كلمة " التفتيش " كلمة تثير شيئا من الرعب والفزع ؛ لأنها ترتبط عند بعض العاملين في الميدان التربوي بالتسلط والتصيد ، والرغبة في معرفة الأخطاء ، لا من أجل الإصلاح والتطوير ، وإنما من أجل العقاب . هذا المفهوم يرتبط ارتباطا وثيقا بنفر محددين ، ولا يمكن التعميم ، هؤلاء النفر يمكن أن يوجدوا في كل مؤسسة تربوية وغير تربوية ؛ لأن هذا النفر ينطلق من تكوينه النفسي الذي يجعله يشعر بالزهو حين يكتشف خطأ ، و يكمل عنده عقدة النص حين يتسلط على زملائه في الميدان . على العموم هذا المفهوم أخذ يتلاشى كمصطلح وكممارسة : فلقد استبدل به مصطلح الموجه التربوي أو المشرف التربوي ، وتغيرت الممارسة لتصير أقرب إلى المشاركة ، والزيارات التي يقصد بها المعلم هي زيارات محددة سلفا ، والمعلم على علم بها وبأهدافها ؛ ليتمكن الموجه من الوقوف الصحيح على إمكانات زميله المعلم ، وما ينبغي أن يعزز في سلوكه التدريسي ، وما ينبغي أن يعدل ، ويجتمع الاثنان في حوار هادف يضع فيها الطرفان - إن صحت التسمية - برنامج العمل والتطوير والتنمية ، ويتابع الموجه تنفيذ هذا البرنامج من باب زيادة الدافعية وتذليل الصعوبات ، وتقديم المعونة التربوية المطلوبة ؛ حتى لا يظل الزميل المعلم في مكانه لا يتطور ولا يتغير ، والموجه كذلك يستفيد من المعلم علما وخبرة ميدانية ، وينقل ذلك إلى الآخرين ، فالعملية تبادلية . ولكن يبقى هناك نوعية من الذين لم ينتموا إلى هذه المهنة العظيمة التي تتعامل مع أشرف مخلوق ، ولا يرغبون في الحركة نحو التنمية المهنية ، ولا يرغبون فيمن يريهم أنفسهم في مرآة الحقيقة ، ولا فيمن يطرح عليهم أفكارا ومشاريع تربوية تصب أولا وأخيرا في مصلحة المتعلم الذي يعمل الجميع من أجل تقديم الخدمة التربوية الأمثل له ، وهناك كذلك من الموجهين من يرغب في السلامة فيلجأ إلى الأساليب غير التربوية ؛ إخفاء لما يعانيه من ضعف وعجز الخلاصة الآن : القاعدة العريضة من العاملين في الميدان التربوي بخير وعلى خير ، والقلة القليلة الخارجة عن الإطار الصحيح تبقى قلة قليلة وهذا أمر طبيعي في كل مجتمع بشري . |