مكانة البردة وتأثيرها ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
البردة – بلا شك – أثر شعري فريد فى العصــر المملوكي، وعـــلامة مضيئة بارزة فى الشعر العربى كله؛ وذلك لوجود معالم فنية وتاريخية ظاهرة فيها، أثرت تأثيرًا متنوعــًـا فى المجايلين للبوصيري واللاحقين له حتى الآن ، يمكن إجماله فيما يلى : l أثرها فى جمهور المسلمين : لم تحفظ قصيدة مطولة كما حفظت البـــردة، فقد كانت – ولا زالت – من الأوراد الصوفية، تنشد فى المحافل، وتُغنَّى فى المنتديات . ومن ثم طبعت طبعات كثيرة جدًّا ، ومتنوعة زمانًا ومكانًا . l أثرها فى الدرس والتعليم : • يعد البوصيري بهذه البردة أستاذًا عظيمًا لكثير من المسلمين، علَّمهم اللغة والأدب والتاريخ والأخلاق، فعن البردة تلقى الناس طوائف من الألفاظ والتعابير أُثْرِيَتْ بها لغة التخاطب، كما عرفوا كثيرًا من أبواب السيرة النبوية، وكيف يهذبون أنفسهم ويربونها خير تهذيب وأفضل تربية؛ ومعالم الشخصية النبوية وشمائلها . وقد در سها العلماء الأزهريون منذ نشأة الأزهر، وكذلك كثير من الجامعات العربية والإسلامية. • أثرها فى التأليف : يظهر ذلك فى أنها شرحت شروحًا كثيرة، منها شرح ابن الصــــائغ (776هـ) وابن العماد (808هـ) ،وخالد الأزهرى (905هـ) وغيرهم . • وهى شروح نفسية ذاخرة بالفقرات اللغوية والأدبية والتاريخية . • الإبداع الشعرى : • تأثر بها كثير من الشعـــراء؛ فقد ضمنوها، وشطــروها، وخمسوها، وسبعوها، وعشروها، وعارضوها، قديمًا وحديثًا ومعاصرًا . • البلاغة : • كانت البـــردة سببًا فى وجـــود فن بلاغي وشيـــــوعه، وهــو المسمى البديعيات؛ فقد اخترعه ابن جابر الأندلسى وصفي الدين الحلبى، وسار على دربهما كثير من الشعـــراء حتى العصــر الحــديث ، فما نشر علم البديع نشرًا جميلاً ، نظريًّا وتطبيقيًّا بطريقة رائعة جذابة إلا عن طريق البردة والبديعيات . • الترجمة : فى بداية العصر الحديث ترجمت البردة إلى أكثر من اللغات الأوربية، ولا يكاد يعرف مسلم أوروبي حينئذ إلا وقـــد قــــرأها ، وعرف سيرة الرسول عن طريقها . • النقد الأدبى : أثبتت البردة أن بالشعر العربي قصائد ملحمية مطولة جذابة، لكن فى الثوب العربي حيث الحقائق، لا الغربي حيث الأساطير ، وقد ذكر الدكتور عبد الله كنون أنها فاقت معلقة عمرو بن كلثوم فى حماسيتها وملحميتها وفنيتها. • الفكر : بها أفكار عميقة، وتعابير حِكْمية سائرة، فاقت فى هذه المجال كثيرًا من كلام أبلغ الوعاظ، وسبقت فى رؤيتها كثيرًا من أفكار علم النفس والتربيـــة ، من مثـل " إن المحب عن العذال فى صمم " ، " والحب يعترض اللــذات بالألم " ، " فـرب مخمصة شر من التخم " ... إلخ وهذه الآثار الطيبة لا يفهم منها أننا لا نرى فيها مأخذًا، أو عيبًا، كلا، فهذا تعصب ممقوت، وتقديس مرفـــوض، فليس فى الوجــــود شيء كامل كما لاً مطلقًا . فكل يؤخذ منه ويرد الإ المعصوم ،صلى الله عليه وسلم . n ومن هذه المآخذ : n الوقوع فى شوائك عقدية حولها خلاف بين فرق المسلمين، من مثل التوسل، والقسم بغير الله تعالى، والاستغاثة، والإقرار ببركة لثم القبر النبوي . n تعبيره عن الرسول بلفظ الحبيب والأولى لغويًّا ودينيًّا واجتماعيًّا لفظ الخليل . n ذكره لوقائع تاريخية مختلف فى ثبوتها، بسبب اعتماده على كتب غير موثوق فيها . n وقوعه فى تعقيد لفظي فى قوله :" نبذًا به.... " ومثل هذه الهنات لا تنال من القدر الفني للبردة، ولا من المكانة الشعرية لصاحبها، رحمه الله وغفر له . |