البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات ياسين الشيخ سليمان أبو أحمد

 2  3  4  5  6 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
تعقيب تـُخشى عاقبته    كن أول من يقيّم

تحية طيبة أستاذنا الكريم زهير ،
 وعرفانا صادقا بجهودكم في خدمة التراث بأصنافه ، وتفاعلا مع ما يكتبه الإخوة الأساتذة ، أتقدم بما يلي :
وددت أن أشكرك منذ زمن على هذه  المسابقة المفيدة ولو كانت من غير الألوف الخمسة من الدراهم ، فقد ساقتنا إلى البحث عن المعرفة والاستزادة من الاطلاع سوقا ، وصرنا نقف موقف المتحدي المصر على معرفة الإجابة مهما لحقه من مشقات .
إنني لم اعرف الإجابة بعد حتى أشارك ، ولكن ما تفضلت به حول سرقة الأشعار جعلني لا اصبر عن التعقيب دون أن ادري عاقبة تعقيبي انا ايضا . ولما ضربتَ لأستاذي عمر خلوف مثلا بقصيدة ميخائيل نعيمة ، وقلت : إن  كان ميخائيل قالها قبل صاحب القصيدة موضوع المسابقة فيكون صاحب القصيدة قد عدا على ميخائيل ، والعكس صحيح ، فقد تولد في ذهني تساؤل يشبه ما تفضل به الأستاذ زين الدين ، في جانب كلمته الثاني ، وهو عن كينونة المرجعية التي رجعت إليها في إصدارك حكمك . هل تماثل الوزن الشعري سبب في ذلك ، ولا اظنه ، وهل ورود كلمة او اثنتين متماثلتين سبب ممكن ، وهذا عندي ابعد في الظن . ومواضيع القصائد الثلاث متباعدة من حيث الهدف وقصد المعنى ، فأين يكمن سر التهمة! إن كان بريق قصيدة " طمأنينة " وسحرها ، فعلا ما فعلاه في نفسك وفي نفسي وفي نفوس غيرنا ، فإن هذه القصيدة الرائعة ، إن كانت قد قيلت بعد قصيدة المسابقة ، يصعب ان يكون ما فعلته قد استمدته من قصيدة المسابقة أبدا . قصيدة المسابقة أوضح ما فيها انها متكلفة من اجل موضوع خاص يتعلق بالملك فؤاد أو ابنه الملك فاروق ، وكذلك بالجيش الذي من واجبه أن يقسم يمين الولاء للمليك وللوطن ، سواء عن اقتناع منه أو غير اقتناع . ولكن قصيدة ميخائيل نعيمة ذات معنى إنساني عميق يتعلق بالوجود كله وعلاقة الإنسان به ، وليس بملك او حتى وطن فحسب . إنني اتخيل قائل قصيدة المسابقة وهو يحاول ان ينتقي لها أنسب الألفاظ الطنانة الرنانة ، و يستمطر سحابة صيف العاطفة  لتسعفه في أن يبدو صادقا ، فيبدو متكلفا غير مقتنع بمعظم ما يقوله . ولكن ميخائيل انسابت له العاطفة في قصيدته كجدول رقراق ؛ جدول لا تنساب مياهه على مهل وأناة ، ولكنها في انسيابها  ثابتة راسخة لا ترجع القهقرى وإن حاولت إعاقتها في طريقها كل المعيقات ، أو جعلها تنكص عن اقتحام الصعوبات ارتفاع  العقبات ، بل إن سيرها الثابت الراسخ هو القدر نفسه الذي لا راد له إلا الله . ولنعد إلى قصيدة المسابقة قليلا لنقول : إن قائلها لم يحسن انتقاء بعض ألفاظها من جهة سلامة المعنى ، فنراه يكرر فعل الحلف ، وما الحلف إلا من نوايا الكذابين . ويحلف على أنه أقسم! ولو قال : قد أقسمنا القسم ، لو جاز له ذلك ، ما استقام له الوزن ، ولو قال : قد أقسمنا اليمين بدلا من قد حلفنا اليمين ، لما جاز له الوزن ناهيك عن ركة المعنى والتكلف في إيراده وتكراره . ثم هو قبل ذلك ، يطلب من الرياح ان تدمدم ، ومن الرعود أن تقصف وتهزم ! وأنى للرياح والرعود ان تستجيب لمن يدعي كل ما يقوله ادعاء؟! فخر الملوك! تاج الزمن!! ألقاب مملكة في غير موضعها.. ولا ريب في ذلك . ولا أريد ان اطيل خشية سوء العاقبة إن تبين ان شاعر القصيدة ذو مقام بين الشعراء خطير، فأبدو ، ساعتها ، في نظر بعض الناس أحمق من هبنقة ، وربما في نظر بعضهم الآخرأنني أهرف بما لا اعرف .
أما مفدي زكريا فقد قال قصيدته تدفعه عاطفة صادقة دون ريب ، فهو شاعر مناضل ثائر ، وقد أقسم مرة بالنازلات الماحقات ، والدماء الزاكيات الطاهرات ، وكان من الذين عقدوا العزم أن تحيا الجزائر.. قسم تردد في مسامعنا صبية وشبانا كما تردّدُ الأغاريد حتى حفظناه عن ظهر قلب ، وربما كان للحنه وإنشاده أثر في رسوخ ذلك النشيد في نفوسنا دون ان نعرف الشاعر الذي نظمه . ولو عرف بعضنا اسم الشاعر وقتها فما أسهل ما ينساه ، حيث لم يكن التواصل الثقافي بين المشارقة والمغاربة ، بل بين المشارقة وبين بعضهم بعضا كما هو اليوم . وعلى اية حال ، وإن سلمنا ، جدلا ، بأن زكريا سرق ، فإنه لم يكن ليسرق من القصيدة التي نتسابق على معرفة قائلها ، فالسرقة من قصيدة ميخائيل نعيمة أجدر وأولى . وإن تبين ان زكريا قد سرق فعلا ، فإن إخوة له من قبل قد سرقوا أو اتُهموا بالسرقة ، أومارسوا الانتحال ، أو كانت التهم تلقى على بعضهم جزافا لمجرد شبهة تختلف في الاتفاق عليها عقول الناقدين أو أهواؤهم .
أخي وأستاذي العزيز زهير،
 إنني من الذين يعلمون ان حضرتكم ممن لا تخفى عليهم خافية في بطون أمهات الكتب ، وأنكم على قدر رفيع من الخبرة والمراس في البحوث ، وانكم ممن من الله تعالى عليهم بموهبة معتبرة المكانة في الأدب والشعر ، وأن الشغف بالمعرفة وتمحيصها متأصل فيكم ، وأن النقد العلمي ديدنكم ، ولهذا قدمنا لحضرتكم ما قدمنا آملين الاستنارة برأيكم الذي لا بد وأن يكون قد تأسس على قواعد متينة حتى أصدرتم ما أصدرتم ، وحكمتم بما حكمتم .
بقي القول : إن كانت قصيدة المسابقة قد نظمها صاحبها بعد قصيدة نعيمة فلا ادري الدلائل على السرقة إن حدثت من ناظمها ، وكيف ؟ والسلام ختام .

20 - مايو - 2008
مسابقة الوراق (4)
حجة قوية    كن أول من يقيّم

شكرا أستاذنا على التوضيح ،
ما تفضلت به لفت انتباهنا إلى ما غفلنا عنه أو جهلناه من ان عصف الرياح وقصف الرعود لم يردا بهذه الصيغة عند السابقين من الشعراء ،  ولكن قولك السابق : " واما الناحية الثانية والأهم فمفدي زكريا هو الذي سرق القصيدة وليس العكس " ، وما فيه من ذكر للسرقة ، هو الذي جعلنا نأخذ الأمر من جانبه الأخلاقي أكثر من جانبه الفني البحت . ومع قوة حجتك ونصاعتها ، وصعوبة خضوعها لنقد في غير صالحها ، فإننا نأمل أن يكون ما حصل مع الشاعرين صدفة نادرة من توارد الخواطر نفسها ، وإن في زمن تقارب بين نظم القصيدتين حتى كاد أن يكون ضئيلا . بارك الله لك في ذكائك وسعة اطلاعك ، ونفعنا بهما .
أما الشاعر صاحب القصيدة موضوع المسابقة ، فأظن أنني عرفته ، ولكن يعوزني الآن الحصول على ديوانه لأتبين إن كانت القصيدة مذكورة فيه أم غير مذكورة . وربما يحصل معي ما حصل يوم الفقيه المغربي الألمعي الذي عرفت من هو في آخر لحظة ، فإذا بالأستاذ عبد الحي يسبقني إلى المشاركة مما جعلني اتمتم : المغربي أولى بالمغربي ، فأولوا الأرحام أولى ببعضهم بعضا .
 

20 - مايو - 2008
مسابقة الوراق (4)
السلام عليكم    كن أول من يقيّم

لعله : اللغوي والشاعر علي الجارم

20 - مايو - 2008
مسابقة الوراق (4)
قبل المحاولة الآخرة    كن أول من يقيّم

أستاذنا زهير،
يبدو أننا لا مناص لنا من التفلسف والفلسفة ، وربما كانت هذه حجة اليائسين :
لقد أعيانا البحث وأضنانا فأخذنا نذهب في كل وجهة ممكنة أو غير ممكنة متحدّين هذه المسابقة (السهلة) على حد قول أستاذنا زهير . ولما كانت القصيدة المذكورة من نوادر نوادر النصوص ، والتي يمكن القول فيها إنها قد طمس رسمها كونها من عهد الملكية المصرية ، وفيها مدح للملك وظله وحماه ، وأنه فخر الملوك وتاج الزمن ، فهل للعهد الناصري أن يبقي لها أثرا؟
في مكتبة عامة عثرت على كتابين أو ثلاثة عن العهد الملكي المصري وعن الملك فاروق وأبيه الملك فؤاد ، فلم أجد فيهما ما يشير إلى (يمين الجيش) هذه ولو من طرف خفي . وعثرت في مواقع الشبكة على معلومات عن معظم الذين مدحوا فاروق الأول خاصة في بداية عهده ، ومنهم شعراء نابهون ، وأدباء وكتاب مشتهرون ، وسياسيون وصحفيون معتبرون ، فلم أجد بينهم للقصيدة وصاحبها ذكرا . فلجأت إلى المنطق الذي كثيرا ما يخدع ، وأخذت أقول : ربما كان صاحب القصيدة اشتهر أديبا كاتبا ، ولا يمنع ذلك من أن ينظم للجيش ( يمينا ) ، وأن يكون له بضع قصائد دون ان ينشرها في ديوان ، كما أن الأستاذ زهير لم يصف الرجل بالشاعر، ولم يصفه بالكاتب ، فقال : من هو (صاحب) القصيدة؟ وربما هنا  مربط الفرس!
ولما كان الشعراء الذين ذكروا في الإجابات من مشاهير الشعراء ، ومنهم من كان على علاقة بالقصر الملكي مثل محمود حسن اسماعيل ،ومع ذلك فإن تلك الإجابات خلت من اسم ذلك الذي اشتهر حتى لم يكن مثقف عربي إلا وقد قرأ له ! التركيز على الشهرة ليس عبثا إذاً . والشهرة لا تعني دائما التفوق في الأدب أو الشعر على الغير ، فهي لها أسبابها ، عرفنا تلك الأسباب أو لم نعرفها . ولكن ما يزيدنا حيرة أن أديبين شهيرين ، وأحدهما شاعر أيضا ، لم يكن أحدهما هو الجواب الصحيح ، وهما العقاد وطه حسين ! ولكن العقاد وطه حسين ربما لم يكونا على علاقة بالملك ، أولم تكن لديهما تلك الرغبة في تلك العلاقة .
ظلت كلمة الشهرة ترن في مسمعي رنين الأجراس ، فراح بي ذهني نحو أديب شهير ، وصرت أبحث عن أدب ذلك الرجل وكتاباته فلم اعثر له على بيت واحد من الشعر أبدا . وذهبت إلى موقع يسمى باسمه ، وبحثت فيه عن مؤلفاته من أولها إلى آخرها دون جدوى ، رغم أن ذلك الرجل لم يعرف عنه عداء لأي نظام حاكم على الإطلاق . وفي نهاية الأمر قرأت مقالا لناقد في جريدة ينقد فيه من تأثروا بقصيدة ميخائيل نعيمة التي ذكرها أستاذنا زهير، واعتبر الناقد أن ميخائيل هو السباق ، وأن من بعده تأثروا بقصيدته ونسجوا على منوالها ، وكانوا ثلاثة : اثنان رأى الناقد فيهما التقليد ، والثالث رأى فيه أنه أجاد أكثر من نعيمة نفسه . والمهم في الأمر هو أن هذا الناقد لو كان يعرف قصيدة المسابقة لما وفر ذكرها وذكر صاحبها في موضوعه النقدي .
نكتة لطيفة :
أحد أبنائي يراني منهمكا أتصفح الوراق فصار يتصفحه أحيانا ، وقد اطلع فيما يبدو على ما كان أستاذنا زهير قد ذكره مرة عما هو مكتوب على شواهد القبور في دمشق ، تلك الكتابات التي كان المرحوم والد أستاذنا قد قام بتسجيلها وإرسالها إلى الأستاذ زهير وفقا لطلبه ، وما وعيت إلا ابني هذا ، واسمه (عمر ) إلا وهو يقول لي : يبدو أن هذه القصيدة موضوع المسابقة مصدرها شواهد القبور، وما عليك إلا أن تذهب إلى دمشق تستطلعها ، فقلت له : ما كتب على شواهد القبور ذكره الأستاذ زهير، فقال عمر : ربما اختزن بعض المكتوبات لمسابقة مثل هذه ، فقلت له : ولكن القصيدة لا ذكر فيها لحساب الجمل ، فقال : ربما فيها حساب حديث نجهل كنهه ، وضحكنا..
ويحضرني الآن المثل السائر : من مأمنه يؤتى الحذِر.. فإن نحن ركنا إلى الجهة التي نستبعدها من الإجابة واستثنيناها تماما فإننا ربما نكون مخطئين . ولكن المهم هو أننا لو تمكنا من معرفة سبب اشتهار صاحب القصيدة ، وهل هو الشعر أم الكتابة الأدبية ، فإننا بالكاد يمكن أن نعرف الإجابة أو أن نقترب منها على أقل تقدير .
وإذا لم يكن لديكم مانع من تضييق دائرة البحث نكون لكم من الشاكرين .
 

23 - مايو - 2008
مسابقة الوراق (4)
المفاجأة الغير متوقعة    كن أول من يقيّم

أستاذنا الفاضل زهير ظاظا،
قام ابني عمر بالاشتراك في الموقع حتى يجيب بنجيب محفوظ وانا اجيب بسيد قطب ، ولكن المفاجاة بالنسبة لي لم تكن في " من مأمنه يؤتى الحذر " فأنا عند كتابتها كنت أفكر بالمرحوم سيد بنسبة ثمانين بالمئة ؛ وإنما المفاجاة كانت في توقيت انتهاء المسابقة!!
الساعة عندنا في فلسطين مضبوطة على التوقيت الصيفي ، وبهذا يكون توقيتنا مع توقيت مكة المكرمة دون فارق بينهما ، وموعد المسابقة ينتهي عند الساعة الثانية عشرة في منتصف الليل ، وقد كنت انتظر إجابتكم على طلبي تضييق دائرة البحث ثم أشترك انا وابني عمر سواء استجبتم حضرتكم ام لم تستجيبوا، فإذا بكم تنهون وقت المسابقة قبل مدته باربعين دقيقة تقريبا ، ولا ادري السبب . على أية حال شكرا لكم ، وحظا اوفر لنا ولغيرنا في مرات قادمة ، ولن نندم على ما اكتسبناه بسببكم من معلومات قيمة .
دمتم بخيروسعادة .

24 - مايو - 2008
مسابقة الوراق (4)
بين الطرافة ودعوى التجديد    كن أول من يقيّم

  السلام عليكم ،       
ذكرتني القصيدة المذكورة ــ إن جاز لنا ان نسميها قصيدة ــ بما فعله الفنان السوري المعروف " ياسر العظمة " في إحدى تمثيلياته ، حين ألف قصيدة من بحرالطويل يحاكي فيها معلقة امريء القيس ، وقد تخللت أبياتها الكثير من الكلمات الإنجليزية ، ولكن بلفظ كأنه عربي . وقد كان الفنان يهدف ، وفقا لظني ، إلى الهزء بمن يدّعون التجديد في الشعر والأدب عموما وهم لا يحسنونه ، فلجؤوا إلى تغريب اللفظ ، وكأنهم بذلك جددوا ، وليتهم ما فعلوا . . البيت التالي هو مطلع القصيدة العظمية :
 
فِرِنْدَيَّ ووكا في الدِّزَرْتِ سِلوللي فـإنّي لفي لَـﭫٍّ غِريتٍ iiمُشعلل
ِ
وبما ان البيت ليس من لساننا فواجبنا أن نحاول ترجمته ، وعفا الله عنا :
خليليَّ سيرا في الصحارى تمهّلاً فـإنِّـيَ في حبٍّ عظيم التَّشَعُّل ِ
دمتم بخير.

25 - مايو - 2008
Ection
ملحوظة    كن أول من يقيّم

جمعت كلمة " الدزرت " وهي مفردة ، على صحارى لضبط الوزن ، وما كان لي ان أغير النص.. ولو قلت : خليلي سيرا في الفلاة تمهلا ، فإنيَ في وجد عظيم التشعل ، لكان ذلك أولى . ولو تأنيتُ ، نلت ما تمنيت . 

25 - مايو - 2008
Ection
نيل الأوطار    كن أول من يقيّم

الأستاذ تركي ،
يبدو أنه كتاب " نيل الأوطار " للشوكاني . أما أمر الضبع في هذه الحال فيبدو أنه ظن لم يكن في محله . ومن الممكن ان هذه المعلومة انتقلت في الكتب نقلا عن القدماء الذين كتبوا في الحيوان . إن ما قيل في ذكورة الضبع مرة وأنوثته مرة اخرى ، ربما يعود إلى تشابه في الأعضاء التناسلية في فترات نمو الضباع مما جعل القدماء يظنون ما ظنوه . على اية حال ، يمكنك الاستفسار من ذوي الاختصاص أو من المواقع العديدة على الشبكة ، ففيها الكثير من المعلومات المدعمة بالصور، وخاصة المواقع الأجنبية . اكتب على محرك البحث كلمة hyena وسوف تظفر بمرادك .

25 - مايو - 2008
استفسارهام جداً
كان الله في عون محققي النصوص    كن أول من يقيّم

تحية طيبة أستاذنا زهير ، وكذلك أساتذتنا المشاركين،
لما اطلعت اليوم على ما تفضل به أستاذي زهير حول ما ورد في " معجم الأدباء " عن الجاحظ ، ومع أنني لست محققا محترفا ولا خبيرا ، فقد تملكني حب المعرفة ، واجتاحتني الرغبة باستجلاء الغموض ، مثلما يتملك ذلك جميع محبي التراث العربي . وكنت قد بدأت بإعداد مشاركتي عن وفاة الجاحظ ووفاة أبي نواس قبل أن يتقدم أي من الإخوة الأساتذة بمشاركاتهم القيمة التي أفدت منها كثيرا . ولكنني ، وبالرغم من كل ما أفدته ، بقيت مصرا على استكمال البحث من المصادر المتيسرة لدي ، والتي لا تعدو أن تكون قرصا مدمجا فيه الكثير من كتب التراث مما اعرف ومما لا اعرف ، وقرص الموسوعة الشعرية وما فيه من كتب ، هذا ، غير الشبكة العنكبوتية نفسها . وكنت أعرف مسبقا أن وفاة الجاحظ كانت في سنة 250 وفقا لما نقله صاحب " شذرات الذهب " ، وأن هذا الصاحب نفسه قال عن وفاة الجاحظ أيضا : ( وقيل سنة خمس وخمسين ) مما كان قد جعلني أظن أن سنة 250 هي الأقرب إلى الحقيقة . ولما تبين لي أن معظم المصادر تذكر سنة الوفاة بأنها 255 ،  بدأت أفكر وأبحث في مصدر هذه السنوات الخمس لأكتشف أن الجاحظ توفي في " البداية والنهاية " مرتين ، الفرق بينهما أيضا السنوات الخمس . وفي كتاب اسمه " مولد العلماء ووفياتهم " وجدت وفاة الجاحظ مثلما هي في " شذرات الذهب " . وعدت إلى  " معجم الأدباء " لياقوت ، فإذا به ينبئني بقصة المبرد مع الجاحظ ، وهي التالية :  ( وحدث المبرد قال: دخلت على الجاحظ في آخر أيامه فقلت له: كيف أنت؟ فقال: كيف يكون من نصفه مفلوج لو حز بالمناشير ما شعر به، ونصفه الآخر منقرس لو طار الذباب بقربه لآلمه، وأِد من ذلك ست وتسعون سنة أنا فيها، ثم أنشدنا:
أترجو أن تكون وأنت شيخ ... كما قد كنت أيام الشباب؟
لقد كذبتك نفسك ليس ثوب ... دريس كالجديد من الثياب )
وقد لفتت انتباهي هذه الجملة : ( وأِد من ذلك ست وتسعون سنة أنا فيها ) ، وأخص منها أولا ، كلمة ( وأِد ) التي ارتبت فيها ، واحتملت أنها خطأ جرت به يد الذي يحول النصوص إلى الكترونية ، ولكني لما وجدت الكسرة فيها تحت الألف بطريقة تبدو متعمدة ، ووجدت الكلمة نفسها في كتاب من كتب الموسوعة الشعرية ، والتي أظن أنها مصورة بنصها الأصلي المطبوع ، راحت مني الريبة من رسم الكلمة إلى معناها وشكل حركة حرف الدال فيها ، فقصدت معجم " المنجد في اللغة والأعلام " الذي كان بقربي أستنجد به ؛ لأجد : أدّه الويل دهاه ، وأدّه الأمر أثقله وعظم عليه ، وأدّ الرجل في الأرض ذهب ، والإدّ الأمر الفظيع . وهنا صفعت جبهتي بيدي لما تذكرت سورة مريم ، ومنها " لقد جئتم شيئا إدّا " ، وفهمت ساعتها معنى " وإدٌّ من ذلك " وأنه " وأثقل أو وأدهى من ذلك  " ، كل هذا ولا أجزم بما أقول ولا اقطع به  ، فما أجده على الشبكة  بدلا من  " وإد " أجد " وأشدّ " ، رغم ان هذه لم تقنعني كثيرا ، كما انني لست لغويا مطلعا كثيرا. أما السنوات الست والتسعون ، وأن الجاحظ قال عن تاريخ ولادته أنه في بداية سنة خمسين ومائة ، فإن إضافة * العددين إلى بعضهما تنتج لنا أن الوفاة كانت سنة ست وأربعين ومئتين ، وأين هذا من شبه الإجماع على أنها في خمس وخمسين؟! حتى معجم الأدباء نفسه يذكر أن الوفاة تمت في سنة خمس وخمسين ! وهذا يضطرنا إلى إعادة الحساب لنجد أن الجاحظ قد عمّر إلى ما يزيد على المئة بخمسة اعوام ، ولكن ذلك يبدو بعيدا عن التصديق إذا اعتمدنا الروايات التي تذكر أن الجاحظ لما توفي زاد عن التسعين لا عن المئة . لقد حرت بأي من الروايات اقتنع ، وداخلتني الشكوك أيما مداخلة ، في من كتبوا التواريخ وترجموا حيوات المشاهير ، وفي سهو النساخ وغفلتهم ، بل وفي ذمة من روى ومن كتب ، وفي تعصب الناس لمرويات دون أخرى ، وفي ، وفي... خاصة ، وأنا من الذين أصيبوا بوسواس اقترب أن يكون جنونا في تصديق كل ما أقرأ أو أسمع ، وان الحقيقة المطلقة في الأشياء من المحال أن تتفق عليها كل الأدمغة مهما بلغت أدواتها من دقة في القياس أو في الحساب ، ناهيك أن تتفق عليها القلوب التي في الصدور . وقد تحيرت في" معجم الأدباء " كيف يناقض نفسه بنفسه ، وكيف لم يبين لنا شكه فيما روى . هو يروي أن الجاحظ ذكر تاريخ مولده ، ثم يروي حديث المبرد مع الجاحظ في آخر أيامه كما قال المبرد ، والذي يناقض الرواية الأولى بوضوح تام ، فبأي رواية نأخذ ، وعلى أي تاريخ وفاة نعتمد ؟
 
يتبع...

29 - مايو - 2008
تحقيق حول مولد الجاحظ ؟
تابع لما قبله    كن أول من يقيّم

وتناهبتني الظنون في الرواية التي وردت في " تاريخ بغداد " ، والتي يبين راويها أن الخليفة المعتز قد وصله نبأ وفاة الجاحظ ، ويبدو ذلك وكأنه وسيلة من ذلك الراوي يتوسل بها  إلى محاولة إقناع المرتابين في تاريخ وفاة الجاحظ ، متكلا على أن خلع المعتز من الخلافة أو (تخليه عنها ! ) تم في سنة 255 ، وأن  تواريخ حوادث علية القوم يسهل على الناس التأكد منها وتصديقها . ولكننا لن نؤمن للرواية وحدها من دون أدلة تسند ما روي أو كتب فتصدقه أو تكذبه . أما الكثير من الكتب التي ذكرت وفاة الجاحظ بأنها حدثت في 255 ، فما زادت على أن نقلت عن غيرها دون تمحيص ما نقلت . وبما أنني لا أعلم من هو أول من كتب عن الجاحظ ، وهل هو أبو حيان في " تقريظ الجاحظ " أم هو غير أبي حيان ، فخارت عزيمتي في البحث وقلت : مالي والجاحظ وأبا نواس  ، وأنا نفسي لا أعرف تاريخ مولدي على وجه الدقة؟! ثم تذكرت ما قيل في وفاة الجاحظ وكيف كانت ، وأنه انهالت على صدره الكتب فكتمت أنفاسه ، وتذكرت ما كانت عليه عيناه من الجحوظ الذي لا بد وأن ازداد من كثرة مبيته في دكاكين الوراقين ، يستأجرها ويمكث فيها ليله بعد نهاره ، وعلى ضوء مصباح يعمل على الزيت في الغالب ، وقلت في نفسي : تكاد عيناي تجحظان مثل عيني الجاحظ ، وتكاد أشعة شاشة الحاسوب أن تجعل عليهما غشاوة ، وأن تخترق صدري وقلبي فتنشيء فيه من العلل فوق ما فيه ، فآثرت السلامة على الندامة ، وعزمت على تأجيل الكتابة إلى اليوم التالي ، وهو هذا اليوم  ، وكان ما عزمت عليه .
وكنت خلال بحثي عن وفاة الجاحظ قد صادفني كتاب " الإتليدي " في الموسوعة الشعرية ، جزا الله كل من عمل على إخراجها خير الجزاء ، وعلمت انه هو من ذكر قصيدة " صفير البلبل " وأنها للأصمعي ، فخلطت بحثا ببحث ، فإذا بي لا أجد غير الإتليدي هذا من أحد ذكرها ، فعجبت ، فوق عجبي من أسلوب القصيدة وكلماتها ، من هذا الرجل كيف عرف أن تلك القصيدة  للأصمعي او لأي من معاصري الأصمعي او القريبين من عصره ، وبين الرجل وبين ذلك العصر ما يقرب من ألف سنة مما نعد ونحسب!! وليغفر لي الله ما اعتراني من ظنون وتخيلات وأنا أتخيل قائل القصيدة البلبلية تلك ، وهو (يشفط) من نارجيلة طولها ذراعان ، ويعب من دنّ طولها شبران .
بقي أن أقول : كان الله في عون من يشتغلون بالنصوص يحققونها ، ويتخذون منها حرفة يعتاشون منها ، ولو بلغ ما يتقاضونه بدل تعبهم فيها مهما بلغ من القيمة . وأقول كذلك إن ما أراح بالي وهدّأ من غليان خواطري هي صورة الطفلة البريئة ، حفظها الله ورعاها ، والقصيدتان الجميلتان الطيبتان .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* وفقا لما ذكره ياقوت من حديث المبرد من ان الجاحظ كان في آخر ايامه لما قام هو بزيارته .

29 - مايو - 2008
تحقيق حول مولد الجاحظ ؟
 2  3  4  5  6