القراءة بالألحان...والمقامات الصوتية... ( من قبل 2 أعضاء ) قيّم
نشكر الأخ علاء على إثارته لهذا الموضوع، وأقول: · الحديث الذي تفضلت بذكره عن أبي هريره رضي الله عنه إنما أخرجه الإمام البخاري وغيره بهذا اللفظ وله ألفاظ مقاربة عند غيره، أما مسلم رحمه الله فلم يخرجه في صحيحه، وإنما أخرج حديث التغني بلفظ آخر، وهو ما أخرجه: في بَاب اسْتِحْبَابِ تَحْسِينِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ من طريق أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ. وفي لفظ له عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ. والحديث يبين معنى التغني المقصود في اللفظ الذي ذُكر، وهو إحسان الصوت بالقرآن والجهر به وتحزينه، وهو ما عليه أكثر السلف كما ذكر ابن كثير رحمه الله والحافظ ابن حجر. وقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم قراءة أبي موسى فقال فيه: (لقد أوتي مزمارا من مزامير داود). · قد يكون قصدك قراءة القرآن بالألحان، وهو أمر نوافق عليه، وليس هو التغني الوارد في الحديث والفرق بينهما واضح. قال الحافظ في "الفتح" بعد أن ذكر الخلاف في تفسير التغني لغة (9/ 63) : · "ظواهر الأخبار ترجح أن المراد: تحسين الصوت، ويؤيده قوله: "يجهر به"؛ فإنها إن كانت مرفوعة قامت الحجة به، وإن كانت غير مرفوعة؛ فالراوي أعرف بمعنى الخبر من غيره؛ لا سيما إذا كان فقيهاً. ولا شك أن النفوس تميل إلى سماع القراءة بالترنم أكثر من ميلها لمن لا يترنم ؛ لأن للتطريب تأثيراً في رقة القلب، وإجراء الدمع، وكان بين السلف اختلاف في جواز القرآن بالألحان، أما تحسين لصوت، وتقديم حسن الصوت على غيره؛ فلا نزاع في ذلك...ومحل هذا الاختلاف إذا لم يختل شيء من الحروف عن مخرجه، فلو تغير؛ قال النووي في "التبيان": أجمعوا على تحريمه. ولفظه: أجمع العلماء على استحباب تحسين الصوت بالقرآن؛ ما لم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط، فإن خرج حتى زاد حرفاً أو أخفاه؛ حرم" · قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في شرحه على صحيح الإمام البخاري: فأما تغني المؤمن فإنما ينبغي أن يكون بالقرآن، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( ليس منا من لم يتغن بالقرآن)) والمراد: أنه يجعله عوضا عن الغناء فيطرب به ويلتذ، ويجد فيه راحة قلبه وغذاء روحه، كما يجد غيره ذلك في الغناء بالشعر. · فأما قولك يا أخي الكريم: "وكما هو ملاحظ من خلال الحديث الشريف أن عدم التغني بالقرآن الكريم يخرج المسلم عن الملّة، أي أن الذي لا يتغنى بالقرآن الكريم فهو كافر" فليس بصحيح، قال الشيخ العلامة بدر الدين العيني في عمدة القاري: "قوله ليس منا أي ليس من أهل سنتنا وليس المراد أنه ليس من أهل ديننا" وبنحوه حديث: « من لم يوتر فليس منا » قال الإمام ابن بطال المالكي: "وقوله: « من لم يوتر فليس منا »، يقتضى الترغيب فيه، ومعناه: ليس بآخذ سُنتنا ولا مُقْتَدٍ بنا، كما قال: « ليس منا من لم يتغن بالقرآن »، ولم يرد إخراجه من الإسلام" |