السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكرك أخي فريد على المداخلة الطيبة بارك الله فيك ونفعنا بكم..اعلم أخي أنني لست ضد تحقيق وتمحيص الكتب ودراستها بعين النظر والتنقيب..لكنني كل ما أستهجنه هو التسرع في إصدار الأحكام بكذا وكذا دون روية وصبر..كما أخشى أن تمتد بعض أيدي العبث إلى تراث الشيخ الأكبر رحمه الله واحدة تلو الأخرى تشكيكا بها وإسقاط كل ما لم تدركه العقول الجامدة، ولا تتذوقه الحواس الخامدة!!! وليكن في علمنا أن
الشيخ الصالح المبارك المجدد الرباني محيي الدين ابن عربي رحمه الله لا يدرك كلامه أهل الظاهر ..فقد جاء رحمه الله في زمن فسدت فيه أذواق الأمة وشاع الجهل بالدين بما أشاعه أهل الظاهر من قشر وتسطيح للشريعة المحمدية الغرّاء..مما تسبب في جفاف روحي في الأمة.. إن الخبر اليقين عن ابن عربي والله حسيبه أنه قائم بالشريعة الإسلامية محبا لله وعاشقا لسيده المصطفى صلى الله عليه وسلم، مستنا بسنته الطاهرة، منزها نفسه من كل عمل شركي.. فما يتهم به البعض هذا الشيخ المبارك وغيره ما هو في معظمه سوى نتاج قراءة جامدة وسطحية وقشرية جافة عاجزة..وقد يعجز أيضا عن إدراك كلام الشيخ الأكبر حتى بعض من محبيه ومريديه فما بالكم بسواهم! ..إن مقامات العباد تختلف وروحانياتهم وأذواقهم تتفاوت مداركها ومقاماتها..وعبارات الواصلين الروحانية عميقة المعاني ، غزيرة المعارف ..لذلك أرجو من المحب والمبغض أن يضع في حسبانه هذا الاعتبار ،ويرسخ في فؤاده هذه الحقيقة ويجعلها عين مراده وأن لا يحكم على عبارات وكلام الواصلين الربانيين بمداركه الفكرية وقناعاته وتصوراته..لهذا أقول لا يغرنّكم ظاهر كلام العارفين بلفظة هنا وعبارة هناك، تمجها فطرتكم ولا تستحسنها طوية معارفكم..ولا تنزعوا اللفظ الذي هو وعاء الدلالة الروحية عن مقصوده الذي يبتغيه العارف. فهذا الخطأ وقع فيه حتى من كانوا قبلنا من أمم النبيين والمرسلين في فهم بعض كلام وحي المرسلين فكذّب فريق وصدّق فريق!!.فما بالكم بأصفياء الله وخدّام رسوله ! فتصوروا إخواني يرحمكم الله ظاهر الصلاة بنزع خشوعها ودموعها! هل يبقى منها شيء!!، وظاهر صوم ليس منه إلا الجوع والعطش !وحج من دون توبة !!أو ليست تلك الشعائر والعبادات الروحية في ظاهرها وعاءا لمقاصد جليلة وروحانيات يبتغي تحصيلها?! وإلا لعدم أجرها وبطل قشرها!! ثم ألا ينظر الكافر المخالف لدين الإسلام إلى صلاتنا أنها مجرد حركات غافلا عن حقيقتها ولذتها!!!والى صيامنا جوعا وعطشا! ،وإلى حجنا تعبا وإنهاك بدن!!!وهلم جرا مما قصر عن إدراكه وتذوقه من شعائر ديننا الحنيف!!!.. ثم هل يبقى من جوهر هذه النسك والعبادات شيء لو نظر أحدناالى سطحيتها و أفرغها من جوهرها ومقصدها، سواء عن جهل منه أو تغافلا عن أداء حقيقتها!!????فإياكم إخواني وسوء الظن في عباد الله وما لم تدركوه لقصوركم عن إدراكه وإدراك حقيقته!! فإن بعض الظن إثم كما أخبر ربنا الكريم ..وعليه أيها المحب أوالمبغض أيا كان رأيك في أهل الله !أن حلل ألفاظ النبييين ومن كانوا من اظلالهم من العلماء الربانيين، و الصلحاء الطيبين، والأولياء الملهمين، يفيض لسانهم من فيض محبة الله ، فيلهج لسانهم بلفظ عجز عنه عوام الناس عن الوصول إليه كونهم لم يتذوقوا ما ذاقه الواصل!..إنهم أهل روحانية عليا يتحدثون تارة بمجاز وحلل استعارة أو رمز كون الكلمة نسبية الدلالة أحيانا في الاحاطة الكلية بمجامع الشعور والوجدان، لذلك تكتسي حلة في روعة الحسن والألوان حيث تتخذ لها صبغة خاصة لا يدركها ولا ينطق بها إلا الواصلون!!وصدق القائل(الحروف أئمة الألفاظ، شهدت بذلك ألسن الحفّاظ!!!) فشتان بين أهل الظاهر وبين أهل الفيض والعرفان الرباني!! ومثل الفارق بينهما كطفل يحبو على أربع ولسانه ما زال يلثغ ولا يكاد يبين! وبين رجل بلغ الكهولة عذب اللسان شديد البيان ناضج الجنان!!! ولله في خلقه شؤون..ورحم الله أبا يزيد في رده على أهل الظاهر من العلماء الذين ناصبوه العداء إذ لم يبلغوا حقيقة عرفانه فقال لهم : (( أخذتم علمكم ميتا عن ميت !!! وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت !!!)وبالله التوفيق والهداية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
islam_ahmadiyya@hotmail.com