البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات د يحيى مصري

 98  99  100  101  102 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
الفرق بين التفسير والتأويل (6)..    كن أول من يقيّم

3- والمعنى الثالث للتأويل استنبطوه من الحديث الذي روته السيدة عائشة : " كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يقول في ركوعه وسجوده: " سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي" بتأول القرآن ، تعني قوله تعالى : " فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً ".
والتأويل هنا معناه تنفيذ الأمر الرباني، أمراً كان أم نهيأً .
ثانياً : الفرق بين تأويل الآية وفهم معناها :
للتفريق بين تأويل الآية وفهم معناها، ناقش علماء أهل السنة ما إذا كان في القرآن شيءٌ لا يدرك معناه، ومن ثَم يحرم الخوض فيه.
ومن خلال مراجعتنا آراءَ كلٍ من ابن عطية والطبري، والزركشي، وابن تيمية في هذا الموضوع، تبين لنا أنهم يعترفون بأن في القرآن أشياءَ استأثر الله تعالى بعلمها، وهي من قبيل الغيبيات كأسماء الله وصفاته، والجنة والنار، ونحو ذلك من الأمور الغيبية المستقبلية كخروج الدابة، والنفخ في الصور، وعدد النفخات، ومن ذلك قول الإمام الطبري : " وأن ثمة ما لا يعلم تأويله إلا الله الواحد القهار، وذلك ما فيه من الخبر عن آجال حادثة، وأوقات آتية، كوقت قيام الساعة، والنفخ في الصور، ونزول عيسى ابن مريم ، وما أشبه ذلك، فإن تلك أوقات لا يعلم أحد حدودها ولا يعرف أحد من تأويلها إلا الخبر بأشراطها؛ لاستئثار الله بعلم ذلك على خلقه .
وعلى هذا المعنى الذي أورده الإمام الطبري حملوا الأحاديث الواردة في النهي عن التفسير القرآني الكريم، يقول الزركشي في  " البرهان " : " ولا يجوز تفسير القرآن بمجرد الرأي والاجتهاد من غير أصل لقوله تعالى : " ولا تقف ما ليس لك به علم " وقوله: " وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون " . وقوله تعالى: " لتبين للناس ما نزل إليهم " . فأضاف البيان إليهم، وعليه حملوا قوله صلى الله عليه و سلم : " مَن قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار ". رواه البيهقي من طرق، من حديث ابن عباس. وقوله صلى الله عليه و سلم : " من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ". أخرجه أبو داود والترمذي والنَّسائي، وقال غريب من حديث ابن جندب .
وقــال البيـهـقي في "شُعَـب الإيـمان" هـذا إن صح، فإنـما أراد ـ والله أعلم ـ الرأيَ الذي يغلب من غير دليل قام عليه، فمثل هذا الذي لا يجوز الحكم به في النوازل ، وكذلك لا يجوز تفسير القرآن به.
وأما الرأي الذي يسنده برهان فالحكم به في النوازل جائز، وهذا معنى قول الصديق، رضي الله عنه، : " أيُّ سماءٍ تظلّني، وأي أرض تقلّني إذا قلت في كتاب الله برأيي".
وهذا الأمر نفسه دفع القرطبي (ت671هـ) في تفسيره " الجامع لأحكام القرآن" والإمام ابن عطيـة (ت 546هـ) في تفسيره "الجامع المحرر الوجيز" إلى مناقشة الحديث الذي روته السيدة عائشة، رضوان الله عنها، والذي بينت فيه أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يفسر من القرآن إلا بضع آيات وبوحي من الله عز وجل، يقول ابن عطية : " روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت : " ما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يفسّر من كتاب الله إلا آياتٍ بعددِ علمه إياهن جبريل).
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ : " ومعنى هذا الحديث في مغيبات القرآن، وتفسير مجمله ونحو هذا مما لا سبيل إليه إلا بتوفيق من الله تعالى، ومن جملة مغيباته ما لم يعلم الله به كوقت قيام الساعة ونحوه، ومنها ما يُستقرَى من ألفاظه كعدد النفخات في الصور، وكرتبة خلق السموات والأرض".

14 - ديسمبر - 2008
الفرق بين التفسير والتأويل
الفرق بين التفسير والتأويل (7).    كن أول من يقيّم

3- والمعنى الثالث للتأويل استنبطوه من الحديث الذي روته السيدة عائشة : " كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يقول في ركوعه وسجوده: " سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي" بتأول القرآن ، تعني قوله تعالى : " فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً ". والتأويل هنا معناه تنفيذ الأمر الرباني، أمراً كان أم نهيأً .
ثانياً : الفرق بين تأويل الآية وفهم معناها :
للتفريق بين تأويل الآية وفهم معناها، ناقش علماء أهل السنة ما إذا كان في القرآن شيءٌ لا يدرك معناه، ومن ثَم يحرم الخوض فيه.
ومن خلال مراجعتنا آراءَ كلٍ من ابن عطية والطبري، والزركشي، وابن تيمية في هذا الموضوع، تبين لنا أنهم يعترفون بأن في القرآن أشياءَ استأثر الله تعالى بعلمها، وهي من قبيل الغيبيات كأسماء الله وصفاته، والجنة والنار، ونحو ذلك من الأمور الغيبية المستقبلية كخروج الدابة، والنفخ في الصور، وعدد النفخات، ومن ذلك قول الإمام الطبري : " وأن ثمة ما لا يعلم تأويله إلا الله الواحد القهار، وذلك ما فيه من الخبر عن آجال حادثة، وأوقات آتية، كوقت قيام الساعة، والنفخ في الصور، ونزول عيسى ابن مريم ، وما أشبه ذلك، فإن تلك أوقات لا يعلم أحد حدودها ولا يعرف أحد من تأويلها إلا الخبر بأشراطها؛ لاستئثار الله بعلم ذلك على خلقه .
وعلى هذا المعنى الذي أورده الإمام الطبري حملوا الأحاديث الواردة في النهي عن التفسير القرآني الكريم، يقول الزركشي في  " البرهان " : " ولا يجوز تفسير القرآن بمجرد الرأي والاجتهاد من غير أصل لقوله تعالى : " ولا تقف ما ليس لك به علم " وقوله: " وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون " . وقوله تعالى: " لتبين للناس ما نزل إليهم " . فأضاف البيان إليهم، وعليه حملوا قوله صلى الله عليه و سلم : " مَن قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار ". رواه البيهقي من طرق، من حديث ابن عباس. وقوله صلى الله عليه و سلم : " من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ". أخرجه أبو داود والترمذي والنَّسائي، وقال غريب من حديث ابن جندب .
وقــال البيـهـقي في "شُعَـب الإيـمان" هـذا إن صح، فإنـما أراد ـ والله أعلم ـ الرأيَ الذي يغلب من غير دليل قام عليه، فمثل هذا الذي لا يجوز الحكم به في النوازل ، وكذلك لا يجوز تفسير القرآن به.
وأما الرأي الذي يسنده برهان فالحكم به في النوازل جائز، وهذا معنى قول الصديق، رضي الله عنه، : " أيُّ سماءٍ تظلّني، وأي أرض تقلّني إذا قلت في كتاب الله برأيي".
وهذا الأمر نفسه دفع القرطبي (ت671هـ) في تفسيره " الجامع لأحكام القرآن" والإمام ابن عطيـة (ت 546هـ) في تفسيره "الجامع المحرر الوجيز" إلى مناقشة الحديث الذي روته السيدة عائشة، رضوان الله عنها، والذي بينت فيه أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يفسر من القرآن إلا بضع آيات وبوحي من الله عز وجل، يقول ابن عطية : " روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت : " ما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يفسّر من كتاب الله إلا آياتٍ بعددِ علمه إياهن جبريل).
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ : " ومعنى هذا الحديث في مغيبات القرآن، وتفسير مجمله ونحو هذا مما لا سبيل إليه إلا بتوفيق من الله تعالى، ومن جملة مغيباته ما لم يعلم الله به كوقت قيام الساعة ونحوه، ومنها ما يُستقرَى من ألفاظه كعدد النفخات في الصور، وكرتبة خلق السموات والأرض".

14 - ديسمبر - 2008
الفرق بين التفسير والتأويل
الفرق بين التفسير والتأويل (8).    كن أول من يقيّم

ولا يفهم من كلام هؤلاء العلماء أنّ في القرآن ما لا يفهم معناه، بحيث يكون عند ذي العلم باللسان العربي، بمثابة الكلام الأعجمي الذي لا يفقه منه شيئاً، بل يستفاد من أقوالهم أن هناك أموراً أخبر بها القرآن، كصفات الله وأسمائه مثلاً. فهذه فعلاً يستحيل على الإنسان فهمُها على ما هي عليه في واقع أمرها. وبتعبير آخر لا يدرك الإنسان حقيقتها الخارجية، ولكنه يدرك حقيقتها العلمية بحيث يفهم من كل صفة غير ما يفهمه من الصفات الأخرى. وفي ذلك يقول ابن تيمـية ـ مبطِلاً قولَ من جعل أسماء وصفات الله سبحانه من المتشابه الذي لا يفهم معناه ـ : " أما الدليل على بطلان ذلك فإني لا أعلم عن أحدٍ من سلف الأمة، ولا من الأئمة، لا أحمد بن حنبل ولا غيره، أنه جعل ذلك من المتشابه الداخل في هذه الآية، ونفى أن يعلم أحد معناه وجعلوا أسماء الله وصفاته بمنزلة الكلام الأعجمي الذي لا يفهم، ولا قالوا : إن الله ينزل كلاماً لا يفهم أحد معناه، وإنما قالوا كلماتٍ لها معانٍ صحيحةٌ، قالوا أحاديث الصفات تمر كما جاءت، وينهوا عن تأويلات الجهمية وردوها وأبطلوها التي مضمونها تعطيل النصوص عما دلت عليه".
وانطلاقاً من هذه النقطة بدأ ابن تيمية يبيّن الفرق بين تأويل الآية وفهم معناها . وذلك عبر مرحلتين :
**المرحلة الأولى:
ناقش فيها مَن يدّعون أن القرآن يتضمن ما لا يفهم معناه، ومن ثَم يتعين عدمُ الخوض فيه، وذلك حيث يقول : " قال بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله )(2)؛ أي كذبوا بالقرآن الذي لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله. وأن الإحاطة بعلم القرآن ليست إتيان تأويله ؛ فإن الإحاطة بعلمه معرفة معاني الكلام على التمام، وإتيان التأويل نفس وقوع المخبر به، وفرق بين معرفة الخبر وبين المخبر به، فمعرفة الخبر هي معرفة تفسير القرآن، ومعرفة المخبر به هي معرفة تأويله .
ونكتة ذلك أن الخبر لمعناه صورة علمية وجودها في نفس العالم كذهن الإنسان مثلاً، ولذلك المعنى حقيقة ثابتة في الخارج عن العلم، واللفظ إنما يدل ابتداءً على المعنى الذهني، ثم تتوسط ذلك، أو تدل على الحقيقة الخارجة، فالتأويل هو الحقيقة الخارجة، وأما معرفة تفسيره ومعناه فهو معرفة الصورة العلمية، وهذا هو الذي بيّناه فيما تقدم أن الله إنما أنزل القرآن ليعلم ويفهم، ويفقه ويتدبر ويتفكر فيه، محكمه ومتشابهه، وإن لم يعلم تأويله ".
وهكذا يبين ابن تيمية أن تأويل الآية هو غير فهم معناها، وبذلك يفنّد رأي من قالوا بعدم الخوض في آيات الصفات؛ لأنها مما استأثر الله بعلمه، وأنها بمثابة قول أعجمي لا يفقه له معنى ، وهم إنما يفعلون ذلك لأحد أمرين :

14 - ديسمبر - 2008
الفرق بين التفسير والتأويل
الفرق بين التفسير والتأويل (9).    كن أول من يقيّم

1- انتصاراً للهوى والمذهب، كالمعطّلة وغيرهم من الفِرَق الضالة التي أحدثث في الإسلام أقوالاً، وأفعالاً غريبة عن طبيعته، وشاذة عن هدْيه وصراطه المستقيم، وأما أولئك -كنُفاة الصفات من الجهمية ومَن وافقهم من المعتزلة وغيرهم، وكالفلاسفة -فيجعلون ما ابتدعوه هم برأيهم هو المحكم الذي يجب اتباعه، وإن لم يكن معهم من الأنبياء والكتاب والسنة ما يوافقه، ويجعلون ما جاءت به الأنبياء وإن كان صريحاً قد يعلم معناه بالضرورة، ويجعلونه من المتشابه، ولهذا كان هؤلاء أعظم مخالفة للأنبياء من جميع أهل البدع ".
2- أو خوفاً مِن أن تتسرّب بعض المفاهيم البعيدة عن الإسلام إليه إذا فتح باب التأويل على مصراعيه، وذهب إلى ذلك بعض علماء أهل السنة .
وإفحاماً لهؤلاء جميعاً، وإقامة للحجة عليهم يبين ابن تيمية أن دعواهم - بأن أسماء الله وصفاته من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله- لا أساس لها من الصحة ولا سند لها، ومن ثَم فهي محض افتراء، وادّعاء باطل، وقول مبتدع، وحادث في الملة : "وأما إدخال أسماء الله وصفاته أو بعض ذلك في المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله، أو اعتقاد أن ذلك هو المتشابه الذي استأثر الله بعلم تأويله ... من قال إن هذا من المتشابه وأنه لا يفهم معناه، فنقول : أما الدليل على بطلان ذلك فإني ما أعلم عن أحد من سلف الأمة، ولا من الأئمة لا ابن حنبل ولا غيره، أنه جعل ذلك من المتشابه الداخل في هذه الآية، ونفى أن يعلم أحد معناه، وجعلوا أسماء الله وصفاته بمنزلة الكلام الأعجمي الذي لا يفهم، ولا قالوا : إن الله ينزل كلاماً لا يفهم أحد معناه، وإنما قالوا كلمات لها معانٍ صحيحةٌ، قالوا في أحاديثِ الصفات : تمر كما جاءت ، ونهوا عن تأويلات الجهمية وردوها وأبطلوها التي مضمونها تعطيل النصوص عما دلت عليه، ونصوص أحمد والأئمة قبله بينة في أنهم كانوا يبطلون تأويلات الجهمية ويقرون النصوص على ما دلت عليه من معناها، ويفهمون منها بعض ما دلت عليه، كما يفهمون ذلك في سائر نصوص الوعد والوعيد، والفضائل، وغــير ذلك ".

14 - ديسمبر - 2008
الفرق بين التفسير والتأويل
الفرق بين التفسير والتأويل (10).    كن أول من يقيّم

**المرحلة الثانية :
أما المرحلة الثانية فيردّ فيها على من يزعُمون أن كل ما تضمنه القرآن يمكن تأويله، معتمدين في ذلك على حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي يدعو فيه لابن عباس أن يعلّمه الله تأويل الكتاب . ومن هؤلاء غلاة الشيعة وغلاة الصوفية والملاحدة وغيرهم من الفرق الباطنية . يقول ابن تيمية : "وما أحسن ما يعاد: " اللهم فقهه في الدين" لابن عباس: التأويل إلى القرآن كله فإن قيل : فقد قال  :" وعلمه التأويل " . قيل : أما تأويل الأمر والنهي فذاك يعلمه، و(أل) في( التأويل): عهدية ذهنية ؛أي التأويل المعهود، لم يقل : تأويل كل القرآن. فالتأويل المنفي هو تأويل الأخبار التي لا يعلم حقيقة مخبرها إلا الله. والتأويل المعلوم هو الأمر الذي يعلم العباد تأويله، وهذا كقوله : " هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله " . وقوله : " بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتـهم تأويله ". فإن المراد تأويل الخبر الذي أخبر فيه عن المستقبل، فإنه هوالذي " ينتظر" و " يأتي " و" لما يأتهم "، وأما تأويل الأمر والنهي فذاك في الأمر، وتأويل الخبر عن الله وعمن مضى إن أدخل في التأويل لا ينتظر . والله سبحانه أعلم " .
وأهل السنة يعترفون أن التفسير يعتمد النقل بالأساس، والتأويل يعتمد الاستدلال والاستنباط أساساً، ومِن ثَم راحوا يوضّحون منهجهم في التأويل حتى لا يلتبسَ بمفهوم التأويل عند الفِرَق الضالة التي تلتجىء إليه انتصاراً للرأي والمذهب والهوى .
يقول الزركشي في كتابه "البرهان" : "وكل لفظ احتمل معنيين فصاعداً فهو الذي لا يجوز لغير العلماء الاجتهاد فيه، وعلى العلماء اعتماد الشواهد والدلائل، وليس لهم أن يعتمدوا مجرد رأيهم فيه على ما تقدم بيانه، وكل لفظ احتمل معنيين فهو قسمان :
أحدهما : أن يكون أحدهما أظهر من الآخر، فيجب الحمل على الظاهر، إلا أن يقوم دليل على أن المراد هو الخفي دون الجلي فيحمل عليه .
الآخَر : أن يكونا جليين والاستعمال فيهما حقيقة . وهذا على ضربين :
أحدهما: حقيقة لغوية ، وفي الآخر حقيقة شرعية . فالشرعية أولى إلا أن تدل قرينته على إرادة اللغوية نحو قوله تعالى : " وصَلِّ عليهم إن صلاتك سـَـكَنٌ ". وكذلك إذا دار بين اللغوية والعرفية، فالعرفية أولى لطريانها على اللغة، ولو دار بين الشرعية والعرفية، فالشرعية أولى؛ لأن الشرع ألزم " .
وهذا النص المهم يبين لنا عنصرين مهمين من عناصر المنهج السني :

14 - ديسمبر - 2008
الفرق بين التفسير والتأويل
الفرق بين التفسير والتأويل(11).    كن أول من يقيّم

أولهما : أن أهل السنة لا يتنكرون لحقيقة قائمة كما هو الشأن بالنسبة إلى التأويل، فرغم أنهم يعلمون خطورته البالغة على عقيدة المسلم، وعلى كيان الدولة المسلمة ككل - إذ هو المدخل الذي تنفذ منه كل الدعاوي الباطلة والمذاهب الهدامة- رغم كل ذلك نجدهم يقررون أهميته، ويعترفون به لا كأمر واقع فحسب، بل كأداة منهجية يستدعي استخدامها النص القرآني، إذ هناك كثير من المواقف التي تتطلب من المفسر أن يستعمل فيها الاستدلال والاستنباط للوقوف على المعنى الحقيقي للآية أو السورة التي يروم تفسيرها.
الثاني: إن قَبولهم التأويل واعترافهم به لا يعني التسليم بكل تأويل، بل وضعوا المنهج القويم للتأويل المرتضى، وأسسوه على قاعدة منهجية وعلمية وموضوعية، بحيث يكون النص هو الذي يفرض الأداة المنهجية التي ينبغي أن نتعامل معه بها، وألا نسقط عليه أدوات منهجية غريبة عنه تفضي بنـا ـ في النهاية ـ إلى مفارقات صارخة، وإلى نتائج غريبة عن طبيعة الإسلام العقدية والشرعية .
فما ينبغي أن يعرف من موقف أهل السنة في قضية التأويل إجمالاً أنهم لم يرفضوه بالكلية، وإنما رفضوا المعنى الأخير، الذي قال به متأخرو المتكلمين والفلاسفة والأصوليين وغيرهم، حيث يصرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقترن به، وقد رفضوه؛ لأنه استحدث في الأمة لأغراض غير نزيهة وغير علمية، ذلك بأنه المدخل الذي تلِج منه البدع والضلالات بعد أن تلبَس ثوب الشريعة الإسلامية، وتصبغ بصبغتها في الظاهر، لتجنب نفسها المعارضة الشعبية التي كانت ستواجهها حتماً إن هي أسفرت عن باطلها وضلالها.
في الوقت نفسه نجد علماء أهل السنة يقررون المعنى القرآني للتأويل، وهو رد الشيء المخبر به إلى حقيقته وآماله، وينصّون على أن ذلك مما استأثر الله تعالى بعلمه، ومن ثَم لم يجوزوا الخوض فيه موضحين أن المنهج السليم هو إثبات المعنى الذي جاء به القرآن الكريم، والقول به من غير زيادة أو نقصان.
كما أنهم قالوا بمعنى التأويل الذي ورد عن السلف وهو ما يفيد التفسير والبيان من جهة، وتنفيذ الأمر الرباني - أمراً كان أو نهياً - من جهة أخرى، وهذا مما أفاضوا الكلام فيه .
*أحمد بزوي الضاوي :أستاذ التعليم العالي ،جامعة شعيب الدكالي ،الجديدة ،المغرب.
* أحب أن أسترعيَ انتباه إخوتي السراة والقُرّاء بأنني طرقت باب الأستاذ ( غوغل) وكتبت: الفرق بين التفسير والتأويل ، فاخترتُ هذا من بين عشرات الموضوعات التي عالجت الموضوع نفسه.
 

14 - ديسمبر - 2008
الفرق بين التفسير والتأويل
نقاط مهمة    كن أول من يقيّم


سمات كلٍّ من التفسير والتأويل :

سمات التفسير:
1- أكثر استعمال التفسير في الألفاظ .
2- هدف التفسير معرفة مراد الله بطريقة القطع والجزم .
3- وظيفة التفسير بيان وضع اللفظ إما حقيقة أو مجازاً .
4- وظيفة التفسير بيان المعاني التي تستفاد من وضع العبارة.
5- التفسير يتعلق بالرواية .
سمات التأويل:
1- استعمال التأويل في المعاني .
2- منهج التأويل ترجيح أحد الاحتمالات بدون جزم .
3- غاية التأويل تفسير باطن اللفظ .
4- مهمة التأويل بيان المعاني التي تستفاد بطريق الإشارة .
5- التأويل يتعلق بالدراية .
فالتفسير يتعلق بالرواية ولا يقتصر عليها فقط قال الدكتور محمد فاروق النبهان:
بعض العلماء ذهب إلى أن التفسير مختص بالرواية ، والتأويل مختص بالدراية ولا أظن أن هذا الأمر يخضع لهذا المعيار إذ لا يمكننا اعتبار التفسير قاصراً على الرواية وخالياً من الدراية ؛ فهذا معنى يحمل بعض الانتقاص من مكانة العلماء الذين عرفوا بالتفسير، ولعل المعنى الأقرب في هذا المجال أن التفسير جهد خاضع لمعايير بيانية ، ولا بد في التفسير من رواية ودراية .
وإذا خلا التفسير من الدراية فقد خلا من قيمته البيانية والتوضيحية ، وإذا كانت الرواية كافية في مجال التفسير بالمأثور فإن التفسير بالرأي لا بد فيه من دراية واسعة .

14 - ديسمبر - 2008
الفرق بين التفسير والتأويل
توضيح    كن أول من يقيّم

أهم ضوابط التأويل :

1- أن يكون المعنى مما يمكن استنباطه من النص ومما تدل عليه اللغة من دلالات ومعان .
2- أن يكون المؤول عالماً باللغة عارفاً قواعدها ملماً بمعاني الألفاظ
3- استقامة المؤول وسلامة عقيدته .
4- أن يكون الحكم المستنبط عن طريق التأويل واضح الانسجام مع التصور القرآني العام في إقراره لمبادئ الإسلام وعقيدته مؤكداً القيم الإسلامية الثابتة ، لأنه إذا انتفت صلة التواصل والانتماء بين النص والتأويل انتفت شرعية ذلك التأويل.
 
بقلم : محمد الخلف العبد الله.( مستل من " غوغل").

14 - ديسمبر - 2008
الفرق بين التفسير والتأويل
الخير قادم (1).    كن أول من يقيّم

* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ)
قوله تعالى: { وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ }.
يحتمل أن المراد بالتأويل في هذه الآية الكريمة التفسير وإدراك المعنى، ويحتمل أن المراد به حقيقة أمره التي يؤول إليها وقد قدمنا في مقدمة هذا الكتاب أن من أنواع البيان التي ذكرناها فيه أن كون أحد الاحتمالين هو الغالب في القرآن. يبين أن ذلك
الاحتمال الغالب هو المراد. لأن الحمل على الأغلب أولى من الحمل على غيره. وإذا عرفت ذلك فاعلم أن الغالب في القرآن إطلاق التأويل على حقيقة الأمر التي يؤول إليها كقوله:
هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ }[يوسف: 100] وقوله:هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ }[الأعراف: 53] الآية. وقوله:
بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ }[يونس: 39] وقوله:ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }[النساء: 59] إلى غير ذلك من الآيات. قال ابن جرير الطبري: وأصل التأويل من آل الشيء إلى كذا إذا صار إليه ورجع يؤول أولا، وأولته أنا صيرته إليه،

15 - ديسمبر - 2008
الفرق بين التفسير والتأويل
الخير قادم (2).    كن أول من يقيّم

تنبيه: اعلم أن التأويل يطلق ثلاثة إطلاقات:
الأول: هو ما ذكرنا من أنه الحقيقة التي يؤول إليها الأمر، وهذا هو معناه في القرآن.
الثاني: يراد به التفسير والبيان، ومنه بهذا المعنى
" قوله صلى الله عليه وسلم في ابن عباس: " اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل " وقول ابن جرير وغيره من العلماء، القول في تأويل قوله تعالى: كذا أي: تفسيره وبيانه. وقول عائشة الثابت في الصحيح: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي " يتأول القرآن تعني يمتثله ويعمل به، والله تعالى أعلم.
الثالث: هو معناه المتعارف في اصطلاح الأصوليين، وهو صرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه إلى محتمل مرجوح بدليل يدل على ذلك،
وحاصل تحرير مسالة التأويل عند أهل الأصول أنه لا يخلو من واحدة من ثلاث حالات بالتقسيم الصحيح:

الأولى: أن يكون صرف اللفظ عن ظاهره بدليل صحيح في نفس الأمر يدل على ذلك، وهذا هو التأويل المسمى عندهم بالتأويل الصحيح، والتأويل القريب كقوله صلى الله عليه وسلم الثابت في الصحيح:
" الجار أحق بصَقَبِه " فإن ظاهره المبادر منه ثبوت الشفعة للجار، وحمل الجار في هذا الحديث على خصوص الشريك المقاسم حمل له على محتمل مرجوح، إلا أنه دل عليه الحديث الصحيح المصرح بأنه إذا صرفت الطرق وضربت الحدود، فلا شفعة.
الحالة الثانية: أن يكون صرف اللفظ عن ظاهره لأمر يظنه الصارف دليلاً وليس بدليل في نفس الأمر، وهذا هو المسمى عندهم بالتأويل الفاسد، والتأويل البعيد، ومثل له الشافعية، والمالكية، و الحنابلة بحمل الإمام أبي حنيفة - رحمه الله - المرأة في قوله صلى الله عليه وسلم: " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطل، باطل " على المكاتبة، والصغيرة، وحمله أيضاً - رحمه الله - المسكين في قوله:
سِتِّينَ مِسْكِينًا }[المجادلة: 4] على المد، فأجاز إعطاء ستين مداً لمسكين واحد.

15 - ديسمبر - 2008
الفرق بين التفسير والتأويل
 98  99  100  101  102