البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات زهير ظاظا

 96  97  98  99  100 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
البراءة والجمال بين الشاعر والفيلسوف    كن أول من يقيّم

أحسب أن الأستاذة ضياء أرادت بقولها في وصف شعري: (جميل جميل جميل ... بريء بريء بريء) ما أردته أنا بقولي:

(ما أجمل الشعر البريء تقوله = مفجوعة بفخارها في الأعصر)

وفي هذا دليل ناصع على الفرق الشاسع بين حس الفيلسوف وحس الشاعر.. وأكاد أجزم بأن السيدة ضياء لم تستعر هذا المعنى من قصيدتي، وإنما كان ذلك مجرد صدفة، لأن البراءة بمفهوم الفيلسوف لا تعني البراءة نفسها في قلب الشاعر، فبينما جعلت أنا قصيدة أم عبد الله حدثا لقصيدتي، بغض النظر عما كان يدور في خلد أم عبد الله عندما كتبت قصيدتها... نظرت السيدة ضياء إلى قصيدة أم عبد الله من نفس الزاوية ولكن بعين الفيلسوف فتوصلت إلى أنني بريء جدا ... لأن قصيدة أم عبد الله لا تستحق كل هذا التطبيل والتزمير... وهذا ببساطة دليل عندي على أن ضياء ليس فقط لم تكن شاعرة... بل هي لم تصحب شاعرا من قبل... وكل أصدقائها من الفلاسفة.

4 - مارس - 2006
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
فادي: النجم اللامع    كن أول من يقيّم

شكرا لك يا فادي على كلماتك الرقيقة، وقد صار لك نجم لامع في هذا الملف، وقد فهمت من مشاركة لك سابقة أنك تعيش في أوكرانيا، فلماذا لا تحدثنا عن أوكرانيا وفلاسفتها وشعرائها وأدبائها ونوادر تراثنا العربي الذي تحتفظ به مكتباتها، وما قصة (الميدان) الذي يرد ذكره في الحديث عن الثورة البرتقالية، هل (الميدان) هكذا تنطق بأحرفها العربية، وما تاريخ هذه التسمية، وأين يقع الميدان ? هل هو في (كييف). ثم أريد منك أن تدخل على زاوية (صور من مدينتك) في الصفحة الأولى على الوراق، وترسل لنا صورا من أوكرانيا، وأنا أقترح أن تبعث لنا بصور الفلاسفة والأدباء الذين أقيمت لهم تماثيل في حدائق أوكرانيا، أو صورا من الدليل السياحي لوزارة السياحة في أوكرانيا، ثم هل قصة تشويه وجه فيكتور يوشينكو بالسم صحيحة، أم هي مجرد لعبة سياسية. وهل كان لبريجينيف وخروتشوف وبودغورني  =وهم من أبناء أوكرانيا= أثر في سقوط  الاتحاد السوفييتي، ثم من أي مدن أوكرانيا هم. هل فيهم من هو من بلدة يوشينكو.

4 - مارس - 2006
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
صفحة من حياتي والرد على ضياء    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم

أنت يا ضياء نجمة الوراق، يا ألله ما أحلى كلامك، أعترف لك بأنك يوما بعد يوم  تغرينني للسؤال عنك والتفتيش المرير عن أسباب هذا التفوق، وأصبحت متشوفا لقراءة تجاربك الشعرية، وأحسب أنك لم تقرئي الملف الخاص بشعري في مجلس دوحة الشعر، تحت عنوان (استراحة محارب) أنا يا سيدتي شاعر بالفطرة، بل شاعر بأطواري الاجتماعية أكثر مني شاعرا في حياتي الأدبية... ومع أني لم أبلغ الخمسين بعد فقد مضى أكثر من ثلاثين سنة على أول قصيدة ألقيتها في احتفال ضم سفراء العالم الإسلامي، ومنذ ذلك الوقت وأنا أعيش مع الشعر، وقد قرأت في السنوات الخمس الأخيرة ما ينوف على الألف ديوان، بحكم عملي في الموسوعة الشعرية (في المجمع الثقافي في مدينة أبو ظبي) ونظرت في كل دواوين الموسوعة لأنني قمت بتحديد بحر كل قصيدة، فأيما قصيدة استوقفتني قرأتها وأفدت منها، ثم أنجزت دراسة مطولة تجدينها في دوحة الشعر بعنوان (مئات الدواوين العراقية الضائعة في العصر العباسي) وبين يدي آلاف الصفحات تضم مختارات من دواوين العرب ... لا أعلم هل أقوى على تبييضها أم لا ، وقد نشرت بعضها في ملف بعنوان (كشكول الشعر) .... وكانت حياتي مع الشعر على هامش حياتي مع القرآن ... الذي استوعب معظم أنشطتي الفكرية .. حيث يكاد يكون من المدهش بالنسبة إلي أن يقع في يدي كتاب عن القرآن، طبع قبل عام (1990) ولا أعرفه، ولهذه الناحية أثرها الأكبر على تكوين شخصيتي الثقافية، ثم أريد أن أعترف لك بأنني أنحدر من أسرة دون حد الفقر، ولم أكن أحلم يوما من الأيام أن أعود إلى مقاعد الدراسة بعدما خرجت منها في ختام المرحلة الابتدائية، وكنت أعمل كواحد من البؤساء في صيانة جرارت (كاتر بلر ) في الرحبة العسكرية (690) في دمشق، وأنا في الثالثة عشرة من عمري، وبعد مضي ثلاث سنوات على عملي في هذه الرحبة، قدر الله لي رجلا من أهل الخير اسمه (عبد الستار الغبرة) ويقال له: (أبو سليمان العربيني) وكان يعمل (سكابا) في نفس الرحبة، فجعل شغله الشاغل أن يحبب لي العودة إلى الدراسة وترك المصلحة... وكان يأخذني إلى بيته في عربين، ويسهر على إقناعي الساعات الطوال حتى أقنعني بذلك. بل صرت أكره الذهاب إلى الرحبة مع أنه لم يكن واحد من زملائي يضاهيني في أسرار المكانيك.... وصدقيني أنني حتى هذه اللحظة يمكن أن أعصب عيني وأفكك محرك البلدوزر (د : 7) و(د: 8) و(د : 9) قطعة قطعة... بل (أفكك الشاحن التوربيني)... والخلاصة أنه لما علم أهلي بما عزمت عليه من ترك العمل والعودة إلى الدراسة كان ذلك بالنسبة لهم كارثة بكل معنى الكلمة، لأنه لم يكن قد بقي لتثبيتي في الرحبة سوى شهرين على راتب قدره (850) ليرة سورية، أي ما يعادل راتب والدي مرتين. وكنت في المدة الفائتة أتقاضى فقط (60) ليرة في الشهر، باعتبار أننا خضعنا لدورات تعليمة، كانت الستة أشهر الأولى بلا راتب، والثانية براتب قدره (30) ليرة سورية في الشهر. ما يعادل (8) دولارات أمريكية وقتها، ولما أخفقت كل الوسائل التي اعتمتدها أسرتي لردي إلى العمل، أبعدوني مرغما من دمشق إلى (رميلان) في القامشلي =على حدود العراق= حيث كان يعمل أخ لي، وذلك على أمل أن تضيع علي الفرصة في الانتساب إلى (معهد الدعوة والإرشاد) الذي افتتحه كفتارو (رحمه الله) وأذكر هنا أن المسؤول عني في الرحبة كان في صف أهلي، وتربطنا به رابطة الجوار، وقد جاءني في آخر مرة رأيته فيها وهو يحمل (زجاجة نبيذ أحمر) وجعل يهرقها على رأسي معتقدا أنه لا يحق لي أن أدخل المسجد بعد ذلك مدة أربعين يوما حسب معتقدات العوام. وهكذا اصطحبني أخي الأكبر إلى (رميلان) وتركني عند أخي الثاني المقيم هناك وعاد إلى دمشق، وكان في (رميلان) فرع لشركة (كاتر بلر) ولكن خطة أهلي في نقلي إلى هذا الفرع باءت بالفشل أيضا، حيث هربت في وسط الظلام وأنا لا أعلم أين أسير، وليس معي من المال سوى ما يكفيني للعودة إلى دمشق.. وهكذا عدت إلى دمشق وصرت أنام متخفيا في مساجدها، حتى توسط الشيخ أسامة الخاني (سلمه الله) فالتقى والدي (مد الله بعمره) وقال له: هل تبيعني زهير ? فبكى والدي وقال: نعم.... وهبته لله محررا... والله على ما أقول شهيد ... فاصطحب والدي إلى جامع الجديد في الشركسية = حيث كنت أختبئ= ليبدأ فصل جديد من حياتي له أول وليس له آخر.

5 - مارس - 2006
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
مراسل الوراق في أوكرانيا    كن أول من يقيّم

لقد تألقت يا فادي وأصبحت مراسل الوراق في أوكرانيا بجدارة، أتمنى أن تستمر بهذا النفس العذب... أشكر فيك تواضعك ورقتك وحلمك وسعة صدرك، منتظرا صفحات أخرى عن أوكرانيا، يجود بها قلمك المحترف... وقد كتبت أنا قصيدة مطولة عن أوكرانيا في صيف (2003) تقع في زهاء (80) بيتا، إلا أنه لا يمكن أن أنشرها على الوراق، وسوف أقوم بإرسالها إليك بالبريد الألكتروني عندما تضيف هذه الخدمة إلى جهازك  كما وعدتني.

5 - مارس - 2006
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
شروح مفردات الحديث    كن أول من يقيّم

قال ابن أبي الحديد معلقا على الحديث:

قال ابن قتيبة: رملت السرير وأرملته، إذا نسجته بشريط من خوص أو ليف.
وذقن عليها، أي وضع عليها ذقنه يستمع الحديث.

وقوله: فقرع حجكم، أي خلت أيام الحج من الناس، وكانوا يتعوذون من قرع الفناء، وذلك ألا يكون عليه غاشية وزوار، ومن قرع المراح، وذلك ألا يكون فيه إبل والقابية: قشر البيضة إذا خرج منها الفرخ، والقوب: الفرخ، قال الكميت:
لهن وللمشيب ومن علاه = من الأمثال قابية وقوب
أراد أن النساء ينفرن من ذي الشيب ويفارقنه كما يفارق الفرخ البيضة، فلا يعود إليها بعد خروجه منها أبداً، وروي عن عمر: إنكم إذا رأيتم العمرة في أشهر الحج كافية من الحج خلت مكة من الحجاج، فكانت كبيضة فارقها فرخها.
قوله: "إني لأرتع فأشبع، وأسقي فأروي " مثل مستعار من رعيت الإبل، أي إذا أرتعت الإبل، أي أرسلتها ترعى تركتها حتى تشبع، وإذا سقيتها تركتها تروى.
وقوله: "أضرب العروض"، العروض: الناقة تأخذ يميناً وشمالاً، ولا تلزم المحجة ، يقول: أضربها حتى تعود إلى الطريق. ومثله قوله: "وأضم العنود".
والعجول: البعير يند عن الإبل، يركب رأسه عجلاً ويستقبلها.
قوله: "وأؤدب قدري"، أي قدر طاقتي.
وقوله: "وأسوق خطوتي" أي قدر خطوتي.
واللفوت: البعير يلتفت يميناً وشمالاً ويروغ.
وقوله: وأكثر الزجر وأقل الضرب أي أنه يقتصر من التأديب في السياسة على ما يكتفي به، حتى يضطر إلى ما هو أشد منه وأغلظ.
وقوله: "وأشهر بالعصا وأدفع باليد"، يريد أنه يرفع العصا يرهب بها ولا يستعملها، ولكنه يدفع بيده.
قوله: "ولولا ذلك لأعذرت" أي لولا هذا التدبير وهذه السياسة لخلفت بعض ما أسوق، ويقال: أعذر الراعي الشاة والناقة إذا تركها، والشاة العذيرة وعذرت هي، إذا تخلفت عن الغنم.
قال ابن قتيبة، وهذه أمثال ضربها، وأصلها في رعية الإبل وسوقها، وإنما يريد بها حسن سياسته للناس في الغزاة التي ذكرها، يقول: فإذا كنت أفعل كذا في أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم مع طاعة الناس له، وتعظيمهم إياه، فكيف لا أفعله بعده! 
وعندي أن ابن قتيبة غالط في هذا التأويل، وليس في كلام عمر ما يدل على ذلك وليس عمر في غزاة قرقرة الكدر يسوس الناس ولا يأمرهم ولا ينهاهم، وكيف ورسول الله صلى الله عليه وسلم حاضر بينهم! ولا كان في غزاة قرقرة الكدر حرب، ولا ما يحتاج فيه إلى السياسة، وهل كان لعمر أو لغير عمر ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي أن يرتع فيشبع، ويسقي فيروي! وهل تكون هذه الصفات وما بعدها إلا للرئيس الأعظم! والذي أراده عمر ذكر حاله في خلافته راداً على عمران بن سودة في قوله: "إن الرعية يشكون منك عنف السياق وشدة النهر"، فقال: ليشكون! فوالله إني لرفيق بهم، ومستقص في سياستهم، ولا ناهك لهم عقوبة، وإني لأقنع بالهيبة والتهويل عليهم، ولا أعمل العصا حيث يمكنني الاكتفاء باليد، وإني أرد الشارد منهم وأعدل المائل...، إلى غير ذلك من الأمور، التي عددها وأحسن في تعديدها.
وإنما ذكر قوله: "أنا زميل رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة قرقرة الكدر"، على عادة العرب في الافتخار وقت المنافرة وعندما تجيش النفس ويحمى القلب، كما كان علي رضي الله عنه يقول وقت الحاجة: "أنا عبد الله وأخو رسوله "، فيذكر أشرف أحواله، والمزية التي اختص بها عن غيره، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة قرقرة الكدر أردف عمر معه على بعيره، فكان عمر يفخر بها ويذكرها وقت الحاجة إليها.

وفي تاج العروس:
وقال عبدُ المَلِك بن عُمَيْرِ: اللَّفُوتُ: التي إذا سَمِعَتْ كَلامَ الرَّجُلِ التَفَتَتْ إِلْيه، وفي حديث عُمرَ، رضى الله عنه، حين وَصفَ نفسَه بالسِّياسة فقال: إِنّي لأُربع وأُشْبِعُ، وأَنْهَزُ اللَّفُوتَ، وأَضُمُّ العَنُودَ، وأُلْحِقُ العَطُوفَ، وأَزْجُرُ العَرُوضَ. اللَّفُوتُ ": العَسِرُ الخُلُقِ"، وقد تقدم عن الصّحاح ما يُخَالِفُه. وقال أَبو جَميل الكِلابيّ: اللَّفُوتُ ": النَّاقةُ الضَّجُورُ عندَ الحَلَبِ" تَلْتَفِتُ إِلى الحَالِبِ فَتَعضُّهُ، فَينْهَزُها بيَدِه فَتَدُرٌّ، وذلك إِذا ماتَ وَلدُها، فَتَدُرّ؛ تَفْتَدِى باللَّبَن من النَّهْزِ، وهو الضَّرْبُ. فضَرَبَها مَثلاً للّذي يَسْتَعْصِى ويَخْرُج عن الطَّاعة. عن ثَعْلَبٍ: اللَّفُوتُ ": التي لا تَثْبُتُ عَيْنُها في مَوْضعٍ واحِدٍ، وإِنما هَمُّها أَن تَغْفُلَ" أَنتَ " عنها فتَغْمِزَ غَيْرَك". وبه فُسِّر قولُ رجل لابنِه: إِيّاك والرَّقُوبَ الغَضُوبَ القَطُوبَ اللَّفُوتَ.

وفي كتاب (الدرر في المغازي والسير) لابن عبد البر: في ترجمة غزوة السويق:
ثم إن أبا سفيان بن حرب لما انصرف فل بدر آلى أن يغزو رسول لله صلى الله عليه وسلم، فخرج في مائتي راكب حتى أتى العريض في طرف المدينة، فحرق أصواراً من النخل، وقتل رجلاً من الأنصار وحليفاً له وجدهما في حرث لهما، ثم كر راجعاً.
ثم نفر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون في أثره، واستعمل على المدينة أبا لبابة بن عبد المنذر. وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قرقرة الكدر. وفاته أبو سفيان والمشركون، وقد طرحوا سويقاً كثيراً من أزوادهم، يتخففون بذلك، فأخذه المسلمون، فسميت غزوة السويق: وكان ذلك في السنة الثانية من الهجرة بعد بدر بشهرين وأيام.
قال المصنف رضي الله عنه: 
ولعمر، رضي الله عنه، حديث حسن في غزوة قرقرة الكدر، يقال إن عمران بن سوادة قال له وهو خليفة: إن رعيتك تشكو منك عنف السياق وقهر الرعية، فدق على الدرة وجعل يمسح سيورها، ثم قال: قد كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قرقرة الكدر، فكنت أرتع فأشبع وأسقى فأروي، وأكثر الزجر، وأقل الضرب، وأرد العنود، وأزجر العروض، وأصم اللفوت، وأسم بالعصا، وأضرب باليد، ولولا ذلك لأعذرت أي تركت، فضيعت. يذكر حسن سياسته حينئذ. والعنود: الحائد. والعروض: المستصعب من الرجال والدواب. والقرقرة: الأرض الواسعة الملساء. والكدر: طيور غبر كأنها القطا.

وفي الروض الأنف، تحت عنوان (غزوة قرقرة الكدر):
القرقرة: أرض ملساء، والكدر: طير في ألوانها كدرة، عرف بها ذلك الموضع، وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يذكر مسيره مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الغزوة، فقال لعمران بن سوادة حين قال له: إن رعيتك تشكو منك عنف السياق، وقهر الرعية فدقر على الدرة، وجعل يمسح سيورها، ثم قال: قد كنت زميل رسول الله صلى الله عليه وسلم في قرقرة الكدر، فكنت أرتع فأشبع وأسقي فأروي، وأكثر الزجر، وأقل الضرب، وأرد العنود، وأزجر العروض، وأضم اللفوت، وأشهر العصا، وأضرب باليد، ولولا ذلك لأغذرت بعض ما أسوق أي: لضيعت فتركت، يذكر حسن سياسته، فيما ولي من ذلك. والعنود: الخارج عن الطريق، والعروض المستصعب من الناس والدواب

وفي الفائق للزمخشري باب (الذال مع القاف)
عمر رضي الله-إن عمران بن سوادة أخا بني ليث قال له: أربع خصال عاتبتك عليها رعيتك. فوضع عود الدرة، ثم ذقن عليها، وقال: هات، قال: ذكروا انك حرَّمت العمرة في أشهر الحج. قال عمر: أجل؛ إنكم إن اعتمرتم في أشهر حجكم رأيتموها مجزئة عن حجكم. فقرع حجكم، فكانت قائبة من قوب عامها، والحج بهاءٌ من بهاء الله. قال: وشكوا منك عنف السياق ونهر الرعية. قال: فنزع الدرة، ثم مسحها حتى أتى على سيورها، وقال: أنا زميل محمد في غزوة قرقرة الكدر، ثم إني والله لأرتع فأُشبع وأُسقي فأُروى، وأضرب العروض، وأزجر العجول، وأذب قدري، وأسوق خطوي، وأردُّ اللفوت، وأضم العنود، وأُكثر الزجر، وأُقل الضرب، وأشهر بالعصا، وأدفع باليد؛ ولولا ذلك لأغدرت.
يقال: ذقن على يده وعلى عصاه-بالتشديد والتخفيف: إذا وضع ذقنه عليها.
أجل: تقع في جواب الخبر محققة له، يقال لك: قد كان أو يكون كذا، فتقول: أجل، ولا يصلح في جواب الاستفهام، وأما نعم فمحققة لكل كلام.
قرع حجكم، أي خلا من القوام به، من قولهم: أعوذ بالله من قرع الفناء؛ وهو ألا يكون عليه غاشية وزوار، وأصله خلو الرأس من الشعر.
القائبة: البيضة المفرخة؛ فاعلة بمعنى مفعولة؛ من قبتها: إذا فلقتها، قوبا.
والقوب: الفرخ، ومنه المثل: تبرأت قائبة من قوب، يعني أن مكة تخلو من الحجيج خلو القائبة.
انتصاب عامها إما بكانت، وإما بما يفهم من خبرها؛ لأن المعنى: كانت خالية عامها. من في قوله: "من بهاء الله" للتبعيض أو للتبيين".
العنف: ضد الرفق؛ يقال: عنف به وعليه عنفا وعنافة، وهو في هذه الإضافة لا يخلو إما أن يكون قد أضاف العنف إلى السياق إضافة المصدر إلى فاعله، كقولهم: سوق عنيف. وإما أن يريد عنفه في السياق فيضيف على سبيل الاتساع، كقوله عز وعلا: (بَلْ مَكْرُ اللَّيلِ والنَّهَارِ). بمعنى بل مكركم فيهما.
النهر: الزجر.
الزميل: الرديف.
رتعت الإبل، وأرتعها صاحبها: أراد أنه في حسن سياسة الناس بهذه الغزاة كالراعي الحاذق بالرعية الذي يرسل الإبل في مرعاها ويتركها حتى تشبع، وإذا أوردها تركها حتى تروي.
ويضب العروض منها: وهو الذي يأخذ يمينا وشمالا، حتى يرده إلى الطريق.
ويذبها عما لا ينبغي أن يتسرع إليه قدر وسعه، ويسوقها مبلغ خطوه، أو يسرع خطوه؛ كأنه يسوقه انكماشاً منه في شأنها.
وير اللفوت: وهي التي تتلفت وتروغ-وروى: "وأنهز اللفوت"؛ وقيل: من النوق: الضجور التي تلتفت إلى حالبها لتعضه فينهزها، أي يدفعها.
ويضم العنود: المائل عن السنن، ويزجر ما دام الزجر كافيا، وإنما يضرب إذا اضطر إلى الضرب.
ويشهر بالعصا، أي يرفعها مرهباً بها.
احتج عليهم بأنه كان يفعل هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع طاعة الناس وإذعانهم له، فكيف لا يفعله بعده! لأغدرت: أي لغادرت الحقَّ والصواب، وقصرت في الإيالة-وروى: لغدَّرت أي لألقيت الناس في الغدر، وهو سهل فيه حجارة. وقال أبو زيد: غدرت أرضنا: كثرت حجارتها. والغدر: الحجارة والشجر، ومنه قولهم: فلان ثبت الغدر.
ويجوز أن يكون أغدرت بمعنى غدرت.

وفي تهذيب اللغة للأزهري مادة (عند):
وروى شمر بإسناد له رفع الحديث فيه إلى عمر أنه وصف نفسه بالسياسة فقال: إني أنهز اللفوت وأضم العَنُود وألحق القطوف وأزجر العروض. قال: العنود: التي تعاند عن الإبل تطلب خيار المَرْتع تتأنَّف، وبعض الإبل يرتع ماوجد. وقال ابن الأعرابي وأبو نصر: هي التي تكون في طائفة الإبل أي في ناحيتها. وقال القيسيُّ: العنود من الإبل: التي تعاند الإبل فتعارضها. قال: فإذا قادتهن قُدماً أمامهن فتلك السلوف.
وقال في التهذيب أيضا مادة (لفت):
وفي حديث عمر حين وصف نفسه بالسياسة فقال: إني لأُرتع وأُشبع وأنهز اللفوت وأضمُّ العنود وألحق العطوف وأزجر العروض.
قال شمر قال أبو جميل الكلابي: اللفوت الناقة الضَّجور عند الحلب تلتفت إلى الحالب فتعضُّه فينهزها بيده فتدر، تفتدي باللبن من النَّهزِ.

6 - مارس - 2006
حديث السياسة العمرية
تعليق عاجل    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

أستاذتي الكبيرة قدرا ضياء خانم: أتمنى أن تتذكري أول تعليق لي على مشاركاتك يوم كنت شادية العرب، ذلك التعليق شهادتي على اني لا أخطئ في أحكامي، ولا أصدرها جزافا، وقد كنت ولا أزال مسكونا بجمال روحك التي اعترفت لك سابقا أنها ترغمني على ترك كل ما أزاوله من عمل للاستسلام لجمالها .... أصدقائي من حولي يرغمونني للقيام من وراء الجهاز، فالدوام قد انتهى، ولكن واجب ضياء لا يتيح لي أن أنشر لها موضوعا بلا تعليق

6 - مارس - 2006
البنت التي تبلبلت
يوم كان الوطن فيروز    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

أشكرك يا ضياء خانم فقد ذكرتني بقصيدة كتبتها أثناء سقوط بغداد عن فيروز، وأستميحك العذر أن أنشرها في ملفك هذا، وهي من قصائدي غير المنشورة، وأنا من مريدي فيروز، بل هي أكبر أساتذتي في الشعر، فقد تعلمت من عنفوان نهديها الكثير من مزامير داود. وهذه القصيدة عارضت بها شوقي في قصيدته (سلو كؤوس الطلا).



سـلـوا  الـجداول في فيروز iiمغناها مـن الـذي بـفـرات الشرق أجراها
واسـتـخبروا  الخلد عن أنهار iiكوثره فـقـولـه  الـفصل في أنساب رياها
فـي قـاع كلِّ غديرٍ كالحصى انتثرت قـصـائـدُ  الحب من أرواح iiغرقاها
وفـي  الـضـفـاف إوزٌّ من iiملائكةٍ مـثـل العصافير في أسراب iiعطشاها
صوت النواقيس في أعلى الربى سحرا وصـوت  فـيـروز لـلتسبيح iiناداها
يـا بـنـت داود مـا كـذّبت iiمريمه فـفـي مـحـيَّـاك عرق من iiمحياها
 
الـحـمـد لـلـه قـد شاهدتُها بشراً فـلاحـةً فـي حـقول القمح iiممشاها
كـان  الـغـنـاء الذي غنت iiعبادتها قـالـوا تـغـنـي، وقالت: أعبد iiاللَه
وهـل يـهـز شـمـوخٌ مـن iiمصلية كـمـا يـهـز شموخ الشعب iiعطفاها
فـي كـل أغـنـية من عطرها iiعبقٌ مـزنّـرٌ  بـأنـاجـيـلٍ iiتـلـوناها
كـأنـهـا  الحسنُ في أطراف iiعاشقه كـأنـهـا الـحـب في تفسير iiمعناها
يـا كوكب الشرق ما أعفيك من iiعتبي فـمـا  عـرفـنا غناء الشمس لولاها
نـظرتُ في عظماء العصر في iiخلدي فـمـا وجـدتُ بـه قـطباً وiلا شاها
الـطـائـفـون بعرش الله قد iiسقطوا وكـلـهـم  سـاخ عـنه الشمع إلاها
فـيـروزُ  فـيروزُ هل أعددتِ iiأغنيةً تَـهـدي الـشـعوب إلى إنقاذ iiدنياها
ألا تـريـن مـعـي فـي بؤسها أمماً تُـبـكـي وتُضحكُ في الدنيا iiحكاياها
يـا  طـفلةَ الحور في أحضانها نشأت بـيـن  الـورود وبين الفجر iiمسعاها
الـشـعـب  شـعـبك مشتاق لأغنيةٍ مـن لـحـن عـينيك تحييه iiبنجواها
تـنـسـيـه مـهـزلة الدنيا، iiتطهره مـن الـحـيـاة التي باخت iiقضاياها
لا  تـتـركـي الـشام للأشواق iiقاتلةً فـالـشـام  شـامك يا أحلى iiصباياها
والـشـام  يـا فـخر كل الشام iiزنبقةٌ عـلـى وشـاحـك بالأحداق iiنرعاها
حـمـلـت  عـنها إليك الوجد ملحمةً شـوقـاً  لـصوتك يجري في iiثناياها
حـتـى  الـعجائز قالت عندما iiسئلت كـانـت أغـانـيك في الدنيا iiمراياها
كـانـت أغـانـيـك تـاريخاً iiتقدسه وذكـريـاتـك فـي الأيـام iiأحـلاها
فـيـروز غـنـي لـهن اليوم iiأغنية إن  الـحـنـيـن إلى ذكراك iiأصباها

 

 

7 - مارس - 2006
البنت التي تبلبلت
رسالة الجاحظ إلى إبراهيم بن المدبر    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

قال أبو علي التنوخي: حدثني أبو الحسن أحمد بن محمد الأخباري قال: حدثني أبو الفرج الأصبهاني قال: أخبرني الحسن بن القاسم بن مهرويه قال: حدثني عبد الله بن جعفر الوكيل قال: كنت يوماً عند إبراهيم بن المدبر فرأيت بين يديه رقعة يردد النظر إليها فقلت له: ما شأن هذه الرقعة? كأنه استعجم عليك شيء منه? فقال: هذه رقعة أبي عثمان الجاحظ، وكلامه يعجبني وأنا أردده على نفسي لشدة إعجابي. فقلت: هل يجوز أن أقرأها? قال: نعم وألقاها إلي فإذا فيها: ما ضاء لي نهار ولا دجا ليل مذ فارقتك، إلا وجدت الشوق إليك قد حز في كبدي، والأسف عليك قد أسقط في يدي، والنزاع نحوك قد خان جلدي، فأنا بين حشاً خافقة ودمعة مهراقة، ونفس قد ذبلت بما تجاهد، وجوانح قد أبليت بما تكابد، وذكرت وأنا على فراش الارتماض ممنوع من لذة الإغماض قول بشار:

إذا  هتف القمري نازعني iiالهوى بشوق فلم أملك دموعي من iiالوجد
أبـى الله إلا أن يـفـرق iiبـيننا وكنا  كماء المزن شيب مع iiالشهد
لـقـد  كان ما بيني زماناً iiوبينها كما كان بين المسك والعنبر الورد
فانتظم وصف ما كنا نتعاشر عليه، ونجري في مودتنا إليه في شعره هذا، وذكرت أيضاً ما رماني به الدهر من فرقة أعزائي من إخواني الذين أنت أعزهم، ويمتحنني بمن نأى من أحبائي وخلصاني الذين أنت أحبهم وأخلصهم، ويجرعنيه من مرارة نأيهم وبعد لقائهم، وسألت الله أن يقرن آيات سروري بالقرب منك، ولين عيشي بسرعة أوبتك، وقلت أبياتاً تقصر عن صفة وجدي، وكنه ما يتضمنه قلبي، وهي:
بـخـدي مـن قطر الدموع iiندوب وبـالـقـلب مني مذ نأيت iiوجيب
ولي نفس حتى الدجى يصدع الحشا ورجـع حـنـيـن لـلفؤاد iiمذيب
ولـي شاهد من ضر نفسي iiوسقمه يـخـبـر عـنـي أنـني iiلكئيب
كـأنـي  لـم أفجع بفرقة iiصاحب ولا غـاب عن عيني سواك iiحبيب
فقلت لابن المدبر: هذه رقعة عاشق لا رقعة خادم، ورقعة غائب لا رقعة حاضر. فضحك وقال: نحن ننبسط مع أبي عثمان إلى ما هو أرق من هذا وألطف، فأما الغيبة فإننا نجتمع في كل ثلاثة أيام، وتأخر ذلك لشغل عرض لي فخاطبني مخاطبة الغائب، وأقام انقطاع المدة مقام الغيبة.

 

7 - مارس - 2006
تذكار الجاحظ
رسالته إلى الوزير ابن الزيات الذي ألف له كتابه الحيوان    كن أول من يقيّم

قال ياقوت: وحدث علي بن محمد الوراق قال: من كتاب الجاحظ إلى ابن الزيات:

(لا والله، ما عالج الناس داءً قط أدوى من الغيظ، ولا رأيت شيئاً هو أنفذ من شماتة الأعداء، ولا أعلم باباً أجمع لخصال المكروه من الذل، ولكن المظلوم ما دام يجد من يرجوه، والمبتلى ما دام يجد من يرثي له، فهو على سبب درك وإن تطاولت به الأيام، فكم من كربة فادحة، وضيقة مصمتة قد فتحت أقفالها وفككت أغلالها، ومهما قصرت فيه فلم أقصر في المعرفة بفضلك، وفي حسن النية بيني وبينك، لا مشتت الهوى، ولا مقسم الأمل، على تقصير قد احتملته، وتفريط قد اغتفرته، ولعل ذلك أن يكون من ديون الإدلال وجرائم الإغفال، ومهما كان من ذلك فلن أجمع بين الإساءة والإنكار، وإن كنت كما تصف من التقصير وكما تعرف من التفريط، فإني من شاكري أهل هذا الزمان، وحسن الحال. متوسط المذهب، وأنا أحمد الله على أن كانت مرتبتك من المنعمين فوق مرتبتي في الشاكرين، وقد كانت علي بك نعمة أذاقتني طعم العز، وعودتني روح الكفاية، ولوت هذا الدهر وجهده، ولما مسخ الله الإنسان قرداً وخنزيراً ترك فيهما مشابه من الإنسان، ولما مسخ زماننا لم يترك فيه مشابه من الأزمان).

7 - مارس - 2006
تذكار الجاحظ
القبض على الجاحظ بعد مقتل ابن الزيات    كن أول من يقيّم

قال أبو عبد الله المرزباني: حدث إسحاق الموصلي وأبو العيناء قال: كنت عند أحمد بن أبي دؤاد بعد قتل ابن الزيات فجيء بالجاحظ مقيداً وكان من أصحاب ابن الزيات وفي ناحيته، فلما نظر إليه قال: والله ما علمتك إلا متنسباً للنعمة، كفوراً للصنيعة، معدداً للمساوي، وما فتني باستصلاحي لك، ولكن الأيام لا تصلح منك لفساد طويتك، ورداءة داخلتك، وسوء اختيارك، وتغالب طبعك. فقال له الجاحظ: خفض عليك، - أيدك الله -، فوالله لأن يكون لك الأمر علي خير من أن يكون لي عليك، ولأن أسيء وتحسن، أحسن عنك من أن أحسن فتسيء، وأن تعفو عني في حال قدرتك أجمل من الانتقام مني. فقال له ابن أبي دؤاد: قبحك الله، ما علمتك إلا كثير تزويق الكلام، وقد جعلت ثيابك أمام قلبك، ثم اصطفيت فيه النفاق والكفر، ما تأويل هذه الآية?: (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة، إن أخذه أليم شديد). قال: تلاوتها تأويلها - أعز الله القاضي -. فقال: جيئوا بحداد. فقال: - أعز الله القاضي - ليفك عني أو ليزيدني? فقال: بل ليفك عنك. فجيء بالحداد فغمزه بعض أهل المجلس أن يعنف بساق الجاحظ، ويطيل أمره قليلاً، فلطمه الجاحظ وقال: اعمل عمل شهر في يوم، وعمل يوم في ساعة، وعمل ساعة في لحظة، فإن الضرر على ساقي، وليس بجذع ولا ساجة. فضحك ابن أبي دؤاد وأهل المجلس منه. وقال ابن أبي دؤاد لمحمد بن المنصور، وكان حاضراً: صر به إلى الحمام وأمط عنه الأذى، واحمل إليه تخت ثياب وطويلة وخفاً، فلبس ذلك ثم أتاه متصدرا في مجلسه، ثم أقبل عليه وقال: هات الآن حديثك يا أبا عثمان.

7 - مارس - 2006
تذكار الجاحظ
 96  97  98  99  100