البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات زهير ظاظا

 94  95  96  97  98 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
ابن المبارك الزبيدي    كن أول من يقيّم

الحسين بن المبارك بن محمد بن يحيى بن الزبيدي ، البغدادي، أبوعبد الله، ويقال: أبو علي : قال ابن الغزي في ديوان الإسلام: الفقيه المسند الصالح أبو علي البغدادي الحنفي سمع الصحيح من أبي الوقت. توفي سنة 629

15 - فبراير - 2006
ترجمة رجال سند الشيخ زهير الشاويش
أبو الوقت السجزي    كن أول من يقيّم

عبد الأول بن عيسى السجزي الهروي أبو الوقت: له ترجمة في (وفيات الأعيان) قال: أبو الوقت عبد الأول بن أبي عبد الله عيسى بن شعيب بن إبراهيم بن إسحاق السجزي؛ كان مكثراً من الحديث عالي الاسناد، طالت مدته وألحق الأصاغر بالأكابر. سمعت صحيح البخاري بمدينة إربل في بعض شهور سنة إحدى وعشرين وستمائة على الشيخ الصالح أبي جعفر محمد بن هبة الله بن المكرم بن عبد الله الصوفي البغدادي، بحق سماعه في المدرسة النظامية ببغداد من الشيخ أبي الوقت المذكور، في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة، بحق سماعه من أبي الحسن عبد الرحمن بن محمد بن مظفر الداودي في ذي القعدة سنة خمس وستين وأربعمائة، بحق سماعه من أبي محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي في صفر سنة إحدى وثمانين وثلثمائة، بحق سماعه من أبي عبد الله محمد بن يوسف بن مطر الفربري سنة ست عشرة وثلثمائة، بحق سماعه من مؤلفه الحافظ أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري مرتين، إحداهما سنة ثمان وأربعين ومائتين والثانية سنة اثنتين وخمسين ومائتين، رحمهم الله أجمعين. قال: وكان الشيخ أبو الوقت صالحاً يغلب عليه الخير، وانتقل أبوه إلى مدينة هراة وسكنها فولد له بها أبو الوقت في ذي القعدة سنة ثمان وخمسين وأربعمائة. وتوفي في ليلة الأحد سادس ذي القعدة سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة، رحمه الله تعالى. وكان قد وصل إلى بغداد يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من شوال سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة، ونزل في رباط فيروز وبه مات، وصلي عليه فيه ثم صلوا عليه الصلاة العامة بالجامع، وكان الإمام في الصلاة الشيخ عبد القادر الجيلي، وكان الجمع متوفراً، ودفن بالشونيزية في الدكة المدفون بها رويم الزاهد؛ وكان سماعه الحديث بعد الستين والأربعمائة، وهو آخر من روى في الدنيا عن الداودي، رحمه الله تعالى..

15 - فبراير - 2006
ترجمة رجال سند الشيخ زهير الشاويش
ابن المظفر الداودي    كن أول من يقيّم

عبد الرحمن بن محمد المظفر الداودي أبو الحسن: (374هـ 467هـ) له ترجمة موسعة في كل كتب تراجم المحدثين، قال الذهبي في تاريخ الإسلام: عبد الرحمن بن محمد بن المظفر بن محمد بن داود بن أحمد بن معاذ بن سهل بن الحكم بن شيرزاد. أبو الحسن بن أبي طلحة الداودي البوشنجي، شيخ خراسان جمال الإسلام رضي الله عنه. ذكره أبو سعد السمعاني فقال: وجه مشايخ خراسان فضلاً عن ناحيته، المعروف في أصله وفضله وسيرته وطريقته. له قدم في التقوى راسخ، يستحق أن يطوى للتبرك بلقائه فراسخ. وفضله في الفنون مشهور، وذكره في الكتب مسطور. وأيامه غرر، وكلماته درر. قرأ الأدب على أبي علي الفنجكردي، والفقه على: أبي بكر القفال المروزي، وأبي الطيب سهل الصعلوكي، وأبي طاهر بن محمش، والأستاذ أبي حامد الإسفرائيني، وأبي الحسن الطبسي، وأبي سعيد يحيى بن منصور الفقيه البوسنجي. وسمعت أن ما كان يأكله في حالة التفقه والمقام ببغداد وغيرها يحمل إليه من فوشنج احتياطاً في المأكول. وصحب أبا علي الدقاق، وأبا عبد الرحمن السلمي بنيسابور، والإمام فاخر السجزي ببست في رحلته إلى غزنة. ولقي يحيى بن عمار. ودخل بغداد سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، ورجع إلى وطنه سنة خمس وأربعمائة، وأخذ في مجلس التذكير والتدريس والفتوى والتصنيف، وكان له حظ وافر من النظم والنثر. سمع ببوشنج: عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي، وهو آخر من حدَّث عنه...إلخ.

15 - فبراير - 2006
ترجمة رجال سند الشيخ زهير الشاويش
ابن حمويه    كن أول من يقيّم

ابن حمويه: وهو كما في تاريخ الإسلام الذهبي: عبد الله بن أحمد بن حمويه بن يوسف بن أعين. أبو محمد السرخسي. سمع سنة ست عشرة وثلاثمائة من الفربري صحيح البخاري. قال: وله جزء مفيد عد فيه أبواب الصحيح، وعد ما في كل كتاب من الأحاديث، فأورد ذلك الشيخ محيي الدين (أي الإمام النووي) في مقدمة ما شرح من الصحيح، وأعلى شيء يروى في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة

15 - فبراير - 2006
ترجمة رجال سند الشيخ زهير الشاويش
الفربري راوي صحيح البخاري    كن أول من يقيّم

محمد بن يوسف بن مطر بن صالح بن بشر الفربري أبو عبد الله: تلميذ البخاري وراوي الجامع الصحيح عنه، ترجمته مشهورة وأجل من روى عنه الحافظ أبو زيد المروزي (301 ـ 371هـ). كما في (مختصر تاريخ دمشق) لابن منظور. وممن رواه عن الفربري: أبو أحمد الجرجاني، وإسماعيل بن محمد الحاجي وأبو الهيثم الكشميهني محمد بن مكي المروزي المتوفى سنة (389هـ) وأبو إسحاق: إبراهيم بن أحمد البلخي المستملي، وأبو حامد النعيمي، أحمد بن عبد الله بن نعيم السَّرخسي، نزيل هراة (ت386هـ) وأبو بكر الإشتيخني محمد بن أحمد بن متّ (ت388هـ) وأبوعلي الحاجبي: إسماعيل بن محمد بن أحمد بن حاجب الكشّاني السمرقندي (ت392هـ) وابن حمويه المترجم له في الفقرة السابقة، وكثيرون يطول ذكرهم. قال ابن الأثير في حوادث سنة (321) (وفيها توفّي محمّد بن يوسف بن مطر الفربريُّ، وكان مولده سنة إحدى وثلاثين ومائتين، وهو الذي روي صحيح البخاريّ عنه، وكان قد سمعه عشرات ألوف من البخاري فلم ينتشر إلاّ عنه... وهي أشبه بعبارة ياقوت في معجم البلدان، قال في مادة( فِرَبر): وقد خرج منها جماعة من العلماء والروَاة، منهم: محمد بن يونس الفربري راوية صحيح محمد بن إسماعيل البخاري يقال: سمع الجامع من البخاري سبعون ألفاً لم يبق أحد منهم سوى الفربري. وكذا حكى أبو الفداء في (المختصر) قال: وهو الذي روى صحيح البخاري عنه، وكان قد سمعه من البخاري عشرات ألوف. إلا أن القزويني في (آثار البلاد) حكى أن البخاري لما جمع كتابه بحسنه وصحته أراد أن يسمع منه أحد حتى يروي عنه بعد موته، فما كان أحد يوافقه أن يسمع منه ذلك، حتى ذهب إلى شخص يعمل طول نهاره على بقر فقال له: أنا أقرأ هذا الكتاب وأنت تسمعه مني فلعله ينفعك بعد ذلك ! وكان الشيخ يقرأ كتاب الصحيح والبقر يعمل والفربري يسمع منه حتى أسمعه جميع الكتاب. فلهذا ترى كل من يروي صحيح البخاري تكون روايته عن الفربري. وقال ابن خلكان: (رواية صحيح البخاري عنه، رحل إليه الناس، وسمعوا منه هذا الكتاب. وكانت ولادته في سنة إحدى وثلاثين ومائتين؛ وتوفي في ثالث شوال سنة عشرين وثلثمائة، رحمه الله تعالى. ونسبته إلى فربر: بفتح الفاء والراء وسكون الباء الموحدة وفي آخرها راء ثانية، وهي بلدة على طرف جيحون مما يلي بخارا، وهو آخر من روى الجامع الصحيح عن البخاري). وروى عنه ابن حزم في المحلى زهاء (140) مرة، أكثرها عن عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد عن إبراهيم بن أحمد البلخي عن الفربري. وانظر في (حياة الحيوان) للدميري (على الوراق) قوله: (قال أبو بكر بن العربي المالكي: وفي البخاري عن عمر بن ميمون، أنه قال: رأينا في الجاهلية قردة قد زنت، فرجموها ورجمتها معهم. ثبت في بعض نسخ البخاري وسقط من بعضها. والجواب عن ذلك أن الحميدي، في الجمع بين الصحيحين، قال: حكى أبو مسعود الدمشقي أن لعمرو بن ميمون الأزدي في الصحيحين حكاية من رواية حصين عنه، قال: رأيت في الجاهلية قردة قد زنت، اجتمع عليها قردة فرجموها ورجمتها معهم. كذا حكاه أبو مسعود، ولم يذكر في أي موضع أخرجه البخاري. فبحثنا عن ذلك فوجدناه في بعض النسخ لا في كلها، مذكوراً في كتاب أيام الجاهلية، وليس في رواية الفربري أصلا شيء من هذا الخبر في القردة، ولعلها من المقحمات في كتاب البخاري). وفي (مرآة الجنان) لليافعي في ترجمة البخاري، قال: (ونقل الفربري عنه أنه قال: ما وضعت في كتابي الصحيح حديثاً إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين. وعنه أنه قال: صنفت كتابي الصحيح لست عشرة سنة، خرجته من ست مائة ألف حديث، وجعلته حجة فيما بيني وبين الله تعالى. قلت: وسيأتي إن شاء الله تعالى أن سنن أبي داود خرجها من خمس مائة ألف حديث. وقال الفربري: سمع صحيح البخاري يعني عليه تسعون ألف رجل، فما بقي أحد يروي عنه غيري. وممن روى عنه أبو عيسى الترمذي. وكانت ولادة البخاري يوم الجمعة بعد الصلاة لثلاث عشرة، وقيل اثنتي عشرة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومائة. وتوفي ليلة السبت عند صلاة العشاء ليلة عيد الفطر، ودفن يوم العيد بعد صلاة الظهر، رحمة الله عليه ورضوانه).

15 - فبراير - 2006
ترجمة رجال سند الشيخ زهير الشاويش
تعقيب على مشاركة ضياء الأخيرة    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

لم أفهم يا ضياء خانم ماذا قصدت بوحدة الوجود، في مشاركتك الأخيرة، وهو قولك: (والفلسفة الإسلامية رغم خلافاتها الكبيرة استطاعت بأن لا تقع في مطب السقوط الأيديولوجي وأن تحافظ على مبدأ : وحدة الوجود  ، الذي هو أساسي في العقيدة . ففي الوقت الذي كان أرسطو يعتقد بأن الله غير مدرك للعالم لأنه منفصل عنه وغير موجود فيه ، أكد الفلاسفة الإسلاميون بمجملهم على مبدأ وحدة الحق ووحدة الحقيقة ووحدة الوجود).. فمتى كان مبدأ وحدة الوجود مبدأ أساسيا في العقيدة الإسلامية ? ومن هم الفلاسفة الذين أكدوا ذلك ? ثم ألم تكن الفلسفة الإسلامية أيضا ذريعة وأداة لتدعيم الأفكار والتصورات والخلافات الموجودة أصلا.
ثم إني فهمت من قولك: (القدرية والمرجئة والمعتزلة)  أن القدرية غير المعتزلة، وهذا تفريق لا معنى له لأن القدرية لقب أطلقه خصوم المعتزلة على المعتزلة تنفيرا للمسلمين عنهم. فهل أنت مصرة على هذا التفريق لسبب بدا لك ? ولا شك أن المقصود بالقدرية اصطلاحا نفاة القدر، وهم على الطرف المقابل للجبرية.

 

 

18 - فبراير - 2006
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
سؤال موجه إلى (لؤي) صاحب الاقتراح    كن أول من يقيّم

حسب اقتراحك يا سيد لؤي فسنكتب قوله تعالى (أنلزمكموها) على النحو التالي (أانولزيموو كومووها ا) ولكي لا نقع في مثل هذه القافلة من الأحرف لأداء كلمة واحدة ارتأى قدماء العرب أن يكتفى في كتابة الكلمة بكتابة أحرفها الأصلية غير ملتفتين إلى ما يعتريها من حركات الإعراب، إلا في القليل النادر الذي اتفقوا عليه وجروا على استعماله منذ القرون الأولى. لذلك أرى أن المحافظة على علامات التشكيل خير من تضييع الوقت في ما دعوتنا إليه. وليس من الإنصاف أن نقيس اللغة العربية في هذا الموضوع بغيرها من اللغات التجارية، ناسين مكانتها المرموقة وما تميزت به من خصائص يطول الحديث عنها ويتشعب. أضف إلى ذلك أن حجم الكتاب حسب اقتراحك سيزيد بلا شك، وتزيد حروفه وتزيد كلفته، وتزيد الرفوف التي تحمله، وتزيد الخزائن التي تضمها، ويزيد خوف الناس من الكتاب ونزيد الطين بلة.

20 - فبراير - 2006
إصلاح الإملاء العربي وجعله سهل القراءة للأجانب
شبهة استراق السمع والرد عليها    كن أول من يقيّم

قال في الحيوان (الوراق: ص 553):

وقد طعن قومٌ في استراق الشَّياطينِ السمعَ بوجوهٍ من الطَّعن، فإذْ قد جرى لها من الذّكر في باب الهزْل ما قد جرى، فالواجبُ علينا أن نقول في باب الجدِّ، وفيما يرد على أهل الدِّين بجملة، وإن كان هذا الكتابُ لم يُقصد به إلى هذا الباب حيثُ ابتدئ، وإن نحنُ استقصيناه كنَّا قد خرجْنا من حدِّ القول في الحيوان، ولكنا نقول بجملةٍ كافية، واللّه تعالى المعين على ذلك.
رد على المحتجّين لإنكار استراق السمع بالقرآن
قال قوم: قد علمنا أن الشياطينَ ألطف لطافةً، وأقلُّ آفَةً، وأحدُّ أذهاناً، وأقلُّ فضُولاً، وأخفُّ أبداناً، وأكثرُ معرفةً وأدقُّ فِطنةً منّا، والدّليلُ على ذلك إجماعهم على أنّه ليس في الأرض بدعةٌ بديعةٌ، دقيقةٌ ولا جليلة، ولا في الأرض مَعصِيةٌ من طريق الهوى والشّهوة، خفيّةً كانت أو ظاهرة، إلاّ والشَّيطانُ هو الدَّاعي لها، والمزيِّنُ لها، والذي يفتحُ بابَ كلِّ بلاء، ويَنصِب كلَّ حبالةٍ وخدعة، ولم تَكن لتَعرِف أصناف جميع الشرور والمعاصي حتى تَعرف جميعَ أصناف الخير والطّاعات.
ونحن قد نجدُ الرّجلَ إذا كان معه عقْل، ثمّ عِلم أنّه إذا نقب حائطاً قُطِعت يدهُ، أو أسمع إنساناً كلاماً قطع لسانه، أويكونُ متى رام ذلك حِيلَ دونَه ودونَ ما رام منْهُ - أنّه لايتكلّف ذلك ولا يرُومه، ولا يحاولُ أمراً قد أيقَنَ أنّه لا يبلغهُ.
وأنتم تزعمون أنّ الشّياطين الذين هم على هذه الصِّفة كلّما صعِد منهم شيطانٌ ليسترقَ السّمعَ قُذِف بشهاب نار، وليس له خواطئ، فإمَّا أن يكون يصيبه، وإمَّا أنْ يكون نذيراً صادقاً أو وعيداً إنْ يقدمْ عليه رمى به، وهذه الرُّجوم لا تكون إلا لهذه الأمور، ومتى كانت فقد ظهر للشَّيطان إحراق المستمع والمسترِق، والموانع دون الوصول ثمَّ لا نرى الأوَّلَ ينهي الثّاني، ولا الثّاني ينهي الثّالث، ولا الثّالث ينهي الرّابع عَجَب، وإن كان الذي يعود غيرَه فكيف خفي عليه شأنهم، وهو ظاهر مكشوف?.
وعلى أنّهم لم يكونوا أعلَمَ منّا حتّى ميّزوا جميع المعاصي من جميع الطاعات، ولولا ذلك لدعوا إلى الطّاعة بحساب المعصية، وزينّوا لها الصَّلاح وهم يريدون الفساد، فإذا كانوا ليسوا كذلك فأدنى حالاتهم أن يكونوا قد عرفوا أخبار القرآن وصدقوها، وأنّ اللّه تعالى محقّق ما أوعَدَ كما يُنجِز ما وعد، وقد قال اللّه عزّ وجل: "وَلقَدْ زَيَّنّا السَّماء الدُّنيا بِمَصابيح وجَعَلْنَاها رُجُوماً للشَّياطينِ"، وقال تعالى: "وَلَقَدْ جَعَلْنَا في السَّماءٍ بُرُوجاً وَزَيَّنّاها للنَّاظِرينَ، وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كلِّ شَيْطان رَجيمٍ" وقال تعالى: "إنّا زَيَّنّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينةٍ الْكَوَاكِبِ وحفْظاً منْ كلِّ شَيْطانٍ ماردٍ" وقال تعالى: "هَلْ أُنَبِّئكمْ عَلَى مَنْ تَنَزّلُ الشّياطينُ تنَزَّلُ على كلِّ أفّاكٍ أثيمٍ، يُلْقون السَّمعَ وأكثَرُهم كاذِبُون" مع قولِ الجنّ: "أنَّا لا نَدْري أشَرٌّ أُرِيدَ بمَنْ في الأرْضِ أمْ أرَاد بهمْ رَبُّهم رَشَداً" وقولهم: "أَنَّا لَمسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلئَتْ حَرساً شديداً وَشُهُباً، وأنّا كنَّا نقعُدُ منْهَا مقَاعِد للسَّمع فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآن يَجدْ لَهُ شِهَاباً رصَداً".
فكيف يسترق السَّمع الذين شاهدوا الحالَتين جميعاً، وأظهروا اليقين بصحَّة الخير بأنَّ للمستمع بعد ذلك القذْفَ بالشُّهب، والإحراقَ بالنار، وقوله تعالى: "إنَّهُمْ عَنِ السَّمعِ لَمعْزولُونَ" وقوله تعالى: "وَحفْظاً مِنْ كلِّ شيْطاَنٍ مَاردٍ، لا يَسَّمَّعُون إلى الْملإ الأعْلى وَيُقْذَفُون مِن كُلِّ جانبٍ دُحوراً وَلَهُمْ عذَابٌ وَاصِبُ" في آيٍ غيرِ هذا كثير، فكيف يعُودُون إلى استراق السَّمع، مع تيقنهم بأنَّه قد حُصِّن بالشهب، ولو لم يكونوا مُوقِنين من جهة حقائق الكِتاب، ولا من جهة أنّهم بَعْدَ قعودِهم مقاعدَ السَّمْع لمَسُوا السَّماء فوَجَدوا الأمرَ قد تغيَّر - لكانَ في طول التَّجْربة والعِيان الظّاهِر، وفي إخبار بعضِهم لبعض، ما يكونُ حائلاً دُونَ الطّمع وقاطعاً دون التماس الصُّعود،   وبعد فأيُّ عاقل يُسرُّ بأنْ يسمع خبراً وتُقطعَ يدهُ فضْلاً عن أن تحرقه النَّار? وبعد فأيُّ خبر في ذلك اليوم? وهل يصِلون إلى النَّاس حتَّى يجعلوا ذلك الخبَر سبباً إلى صرْف الدّعوَى? قيل لهم: فإنّا نقول بالصّرْفة في عامَّة هذه الأصول، وفي هذه الأبواب، كنحو ما أُلقي على قلوب بني إسرائيل وهم يجُولون في التِّيهِ، وهم في العدد وفي كثرة الأدِلاَّء والتجّار وأصحاب الأسفار، والحمّارين والمُكارينَ، من الكثْرَة على ما قد سمعتم به وعرَفْتموه؛ وهم مع هذا يمشُون حتّى يُصبِحوا، مع شدّة الاجتهاد في الدَّهر الطويل، ومع قُرْب ما بينَ طرفي التِّيه، وقد كان طريقاً مسلوكاً، وإنّما سمَّوه التّيه حين تاهوا فيه، لأنَّ اللّه تعالى حين أرادَ أن يمتحِنَهم ويبتلِيهم صرَف أوهامَهم.
ومثل ذلك صنيعُه في أوهام الأُمة التي كان سُليمان مَلِكَها ونبيّها، مع تسخير الريح والأعاجيبِ التي أُعطِيَها، وليس بينهم وبين ملِكهم ومملكتهم وبين مُلك سَبأ ومملكةِ بِلقيس ملِكتهم بحارٌ لا تُركب، وجبالٌ لا تُرام، ولم يتسامَعْ أهل المملكتين ولا كان في ذكرهم مكانُ هذه الملِكة.
وقد قلنا في باب القول في الهُدهُد ما قلنا، حين ذكرنا الصَّرفة، وذكرنا حالَ يعقوب ويوسف وحالَ سليمان وهو معتمدٌ على عصاه، وهو مَيِّتٌ والجنُّ مُطيفة به وهم لا يشعُرون بموته، وذكرنا من صَرْف أوهام العرَب عن محُاولة معارضة القرآن، ولم يأتوا به مضطرِباً ولا مُلَفَّقاً ولا مُستكرَهاً؛ إذا كان في ذلك لأهل الشَّغبِ متعلّق، مع غير ذلك، ممّا يُخالَف فيه طريقُ الدُّهريّة، لأنّ الدّهريّ لا يُقر إلاّ بالمحسوسات والعادات على خلاف هذا المذهب.
ولعمري ما يستطيعُ الدّهريّ أن يقولَ بهذا القول ويحتجَّ بهذه الحجّة، ما دام لا يقول بالتّوحيد، وما دام لا يعرف إلا الفَلك وعمَلَه، ومادام يرى أن إرسال الرسُل يستحيل، وأن الأمر والنَّهي، والثوابَ والعقاب على غير ما نقول، وأنّ اللّه تعالى لا يجوز أن يأمر من جهة الاختبار إلا من جهة الحزْم.
وكذلك نقول ونزعم أن أوهَام هذه العفاريت تُصرف عن الذكر لتقع المحنة، وكذلك نقول في النبي صلى اللّه عليه وسلم أنْ لو كانَ في جميع تلك الهزاهز مَنْ يذكر قوله تعالى: "واللّه يَعصِمُك من النّاسِ" لسَقَطَ عنه من المحنة أغلظها، وإذا سقطَت المحنة لم تكن الطاعة والمعصية، وكذلك عظيم الطاعة مقرونٌ بعظيم الثّواب.
وما يصنع الدهري وغير الدّهري بهذه المسألة وبهذا التسطير? ونحن نقول: لو كان إبليس يذكر في كلِّ حال قوله تعالى: "وَإنَّ عَليْكَ اللّعْنَةَ إلى يَوْمِ الدِّينِ" وعلم في كلِّ حالٍ أنّه لا يُسْلِمُ لوَجَبَ أن المحنة كانت تسقط عنه، لأن من علِم يقيناً أنّه لا يمضي غداً إلى السوق ولايقبض دراهمَه من فلان، لم يطمع فيه، ومن لم يطَمعْ في الشيء انقطعت عنه أسباب الدواعي إليه، ومن كان كذلك فمُحالٌ أن يأتيَ السّوق.
فنقول في إبليس: إنه يَنْسى ليكون مُختَبراً ممتَحناً فليعلموا أن قولنا في مسترقي السمع كقولنا في إبليس، وفي جميع هذه الأمور التي أوْجَبَ علينا الدِّين أن نقولَ فيها بهذا القول.0 وليس له أن يدفَع هذا القولَ على أصل ديننا، فإن أحبَّ أن يسأل عن الدين الذي أوجب هذا القول علينا فيلفعَلْ، واللّه تعالى المعين والموفِّق.
وأما قولهم: منْ يُخاطر بذَهابِ نفْسِه لخبرٍ يستفيده فقد علِمْنا أن أصحاب الرِّياساتِ وإن كان متبيَّناً كيف كان اعتراضهم على أنّ أيسر ما يحتملون في جَنْب تلك الرِّياسات القتل.
ولعلّ بعض الشّياطين أن يكون معه من النّفْخ وحب الرِّياسة ما يهوِّن عليه أن يبلغ دُوَين المواضع التي إن دنا منها أصابه الرَّجْم، والرَّجمُ إنما ضمن أنه مانع من الوصول، ويعلم أنه إذا كان شهاباً أنه يُحرقه ولم يضمن أنه يتلف عنه، فما أكثر من تخترقه الرِّماح في الحرب ثم يعاودُ ذلك المكان ورزقُه ثمانون دِيناراً ولا يأخذ إلا نصفه، ولا يأخذه إلا قمحاً، فلولا أن مع قَدَم هذا الجنديِّ ضروباً مما يهزُّه وينجِّده ويدعو إليه ويُغْريه - ما كان يعود إلى موضعٍ قد قطعت فيه إحدى يديه، أو فقئت إحدى عينَيه.
ولِمَ وقع عليه إذاً اسمُ شيطان، وماردٍ، وعفريتٍ، وأشباه ذلك? ولِمَ صار الإنسانُ يُسمَّى بهذه الأسماء، ويوصَف بهذه الصفات إذا كان فيه الجزء الواحد من كلِّ ما همْ عليه?.

وقالوا في باب آخر من الطّعن غير هذا، قالوا في قوله تعالى: "وَأنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقَاعِدَ للِسّمْعِ فَمَنْ يسْتَمعِ الآن يَجدْ لَهُ شِهاباً رصداً" فقالوا: قد دلَّ هذا الكلام على أن الأخبار هناك كانت مُضَيَّعةً حتّى حُصِّنت بعد، فقد وصفْتُم اللّه تعالى بالتَّضييع والاستِدْراك.

قلنا: ليس في هذا الكلام دليلٌ على أنهم سمعوا سِرّاً قط أوْ هجموا على خبر إن أشاعوه فسد به شيءٌ من الدين، وللملائكةِ في السَّماء تسبيحٌ وتهليلٌ، وتكبيرٌ وتلاوة، فكان لا يبلغُ الموضعَ الذي يُسمَعُ ذلك منه إلا عفاريتُهم.
وقد يستقيم أن يكون العفريتُ يكذب ويقولُ: سمعت ما لم يَسْمع ومتى لم يكن على قوله برهانٌ يدلُّ على صدقه فإنما هو في كذبه من جنس كلِّ متنبئٍ وكاهن، فإن صدقه مصدقٌ بلا حُجَّة فليس ذلك بحجّةٍ على اللّه وعلى رسوله صلى اللّه عليه وسلم.

المحتجون بالشعر لرجم الشياطين قبل الإسلام:
 وذهب بعضهم في الطّعن إلي غير هذه الحُجّة، قالوا: زعمتم أن اللّه تعالى جعل هذه الرَّجومَ للخوافي حُجّة للنبي صلى اللّه عليه وسلم، فكيف يكون ذلك رَجْماً، وقد كان قبل الإسلام ظاهراً مرْئيّاً، وذلك موجودٌ في الأشعار، وقد قال بشر بن أبي خازم في ذلك:
فجأجأها مـن أول الـرِّيِّ غُـدوة= وَلَمَّا يسَكّنْهُ من الأرْضِ مَـرْتـعُ
بأكْلـبةٍ زُرْقٍ ضـوارٍ كـأنّـهـا= خطاطيفُ من طول الطريدة تلمعُ
فجال على نَفْر تعرُّضَ كـوكـبٍ= وقد حالَ دُون النّقْعِ والنّقْعُ يسْطَعُ
فوصف شَوْط الثّور هارباً من الكلابِ بانقضاض الكَوكب في سُرعته، وحُسْنه، وبريق جلده، ولذلك قال الطّرِمّاح:

يَـبْـدُو وتُضْمِرُه البلاد iiكأنّهُ سيفٌ علَى شَرَفٍ يُسَلُّ ويُغْمَدُ
وأنشد أيضاً قولَ بِشْر بن أبي خازم:
وتـشُـجُّ بـالـعير الفلاة iiكأنّهَا فـتْخاءُ كاسِرةٌ هَوَتْ من iiمرْقبِ
والعير  يُرْهِقُها الخبَار iiوجَحشُها ينقضُّ خلْفهُما انْقِضاض الكوكبِ
قالوا: وقال الضّبّي:
يَـنَالها  مهتك iiأشْجارها بذي غُروب فيه تحريبُ
كـأنّه  حيِنَ نَحَا iiكوكبٌ أو  قبَسٌ بالكفِّ iiمشبوبُ
وقال أوس بن حَجَر:
فانقضَّ كالدّريءِ iiيَتْبَعُهُ نَـقْع يثُورُ تخالُه iiطُنُبَا
يَخفى وأحياناً يلوح كما رفع  المشيرُ بكفِّهِ iiلهبَا

ورووا قوله:
فانقضَّ كالدّرّي من مُتَحدِّر لَمْعَ العقيقةِ جُنْحَ لَيل iiمُظْلِمِ
وقال عَوْف بن الخرِع:
يردُّ علينا العَيْرَ من دون أَنْفه أو الـثَّوْر كالدُّرّي يتْبَعُهُ الدَّمُ
وقال الأفوه الأودي:
كشِهاب  القَذفِ يَرمِيكُمْ iiبه فارسٌ في كفِّه للحَرْبِ نارُ
وقال أُميَّةُ بن أبي الصّلْت:
وترى شياطيناً تَرُوغُ مُضافةً ورَواغُها  شتّى إذا ما iiتُطْرَدُ
يُلْقى  عليها في السَّماء iiمذلَّة وكـواكبٌ  تُرمى بها iiفتعرِّدُ
قلنا لهؤلاء القوم: إن قَدَرتم على شعرٍ جاهليٍّ لم يُدرِكْ مَبعث النبي صلى الله عليه وسلم ولا مَولِده فهو بعضُ ما يتعلَّق به مثلُكم، وإن كان الجوابُ في ذلك سيأتيكم إن شاء اللّه تعالى، فأما أشعار المخضْرمين والإسلاميّين فليس لكم في ذلك حُجَّة، والجاهليُّ ما لم يكن أدرك المولد، فإنَّ ذلك ممَّا ليس ينبغي لكم أن تتعلَّقوا به، وبِشرُ بنُ أبي خازم فقد أدرك الفِجار، والنبي صلى الله عليه وسلم شهِد الفِجار، وقال: شهدتُ الفجار فكنْتُ أنبل على عمومتي وأنا غلام. والأعلام ضروب، فمنها ما يكون كالبشارات في الكتب، لكون الصِّفة إذا واقفت الصِّفة التي لا يقع مثلها اتفاقاً وعرضاً لزمتْ فيه الحجة، وضروبٌ أُخَرُ كالإرهاص للأمر، والتأسيس له، وكالتعبيد والترشيح، فإنَّه قلَّ نبيٌّ إلاّ وقد حدثت عند مولده، أو قُبيلَ مولِده، أو بعد مولده أشياءُ لم يكنْ يحدُث مثلُها، وعند ذلك يقول الناس: إنّ هذا لأَمرٍ، وإنّ هذا ليراد به أمرٌ وقع، أو سيكون لهذا نبأ، كما تراهم يقولون عند الذوائب التي تحدث لبعض الكواكب في بعض الزمان، فمن التّرشيح والتَّأسيس والتَّفخيم شأنُ عبد المطلب عند القُرعة، وحين خروج الماء من تحت رُكْبة جملة، وما كان من شأن الفيل والطيرِ الأبابيل وغير ذلك، مما إذا تقدم للرّجل زاد في نُبله وفي فَخامة أمره، والمتوقَّع أبداً معظّم.
فإن كانت هذه الشهب في هذه الأيام أبداً مرئيّة فإنما كانت من التأسيس والإرهاص، إلا أن يُنْشِدونا مثل شعر الشعراء الذين لم يدركوا المولد ولا بعد ذلك، فإنّ عددهم كثير، وشعرهم معروف.

وقد قيل الشِّعر قبل الإسلام في مقدار من االدهر أطولَ ممّا بيننا اليوم وبين أوّل الإسلام، وأولئكم عندكم أشعرُ ممن كان بعدهم.
وكان أحدهم لا يدع عظماً منبوذاً بالياً، ولا حجراً مطروحاً، ولا خنفساء، ولا جُعلاً، ولا دودة، ولا حيةً، إلا قال فيها، فكيف لم يتهيأ من واحدٍ منهم أن يذكر الكواكب المنقضّة مع حُسْنها وسُرعتها والأعجوبة فيها، وكيف أمسكُوا بأجمعهم عن ذكرها إلى الزَّمان الذي يحْتَجُّ فيه خصومُكم.
وقد علمْنا أنّ النبي صلى الله عليه وسلم حين ذُكر له يوم ذي قار قال: هذا أوَّلُ يومٍ انتصفَتْ فيه العربُ من العجم، وبي نُصروا.
ولم يكن قال لهم قبْل ذلك إنّ وقْعةً ستكون، من صِفَتها كذا، ومن شأنها كذا، وتُنصرون على العجَم، وبي تنصرون.

فإن كان بشرُ بن أبي خازمٍ وهؤلاء الذين ذكرتُم قد عايَنُوا انقضاض الكواكب فليس بمستنكرٍ أنْ تكون كانت إرهاصاً لمن لم يُخبر عنها ويحتجُّ بها لنفسه، فكيف وبشر بن أبي خازم حيّ في أيّام الفِجار، التي شهدها النبيُّ صلى الله عليه وسلم بنفسه، وأنّ كنانة وقُريشاً به نُصروا.

وسنقول في هذه الأشعار التي أنشدتموها، ونُخبِر عن مقاديرها وطبقاتها، فأما قوله:
فانقضَّ كالدُّرِّي من متحدِّرٍ= لمْعَ العقيقةِ جُنْحَ ليل مُظلمِ
فخبّرني أبو إسحاق أن هذا البيت في أبياتٍ أخر كان أسامة صاحب رَوْح بن أبي هَمَّام، هو الذي كان ولَّدها، فإن اتَّهمت خبر أبي إسحاق فسمِّ الشّاعرَ، وهات القصيدة، فإنَّه لا يُقبل في مثل هذا إلاّ بيتٌ صحيح صحيح الجوهَرِ، من قصيدةٍ، صحيحة لشاعر معروف، وإلاّ فإن كلَّ من يقول الشِّعر يستطيعُ أن يقول خمسين بيتاً كل بيتٍ منها أجودُ من هذا البيت.

وأسامة هذا هو الذي قال له رَوْحٌ:

اسقِني  يا iiأُسامَهْ مِنْ رحيق مُدامَهْ
اسْـقـنيها فإنِّي كـافرٌ  iiبالقيامَهْ
وهذا الشعر هو الذي قتله، وأمَّا ما أنشدتم من قول أوس بن حجر:
فانقضَّ كالدريء يتبعه نَـقْعٌ يثُور تخالُه طُنبا
وهذا الشّعر ليس يرويه لأوسٍ إلاّ من لا يفصِل بين شعر أوس بن حجر، وشُريح ابن أوس، وقد طعنت الرُّواة في هذا الشِّعر الذي أضفْتموه إلى بشر بن أبي خازم، من قوله:
والعير يرهقها الخبارُ وجَحْشهـا = ينقضُّ خلفهما انقضاض الكوكبِ
فزعموا أنه ليس من عادتهم أن يصِفوا عََدْو الحمار بانقضاض الكوكب، ولا بَدَن الحمار ببدن الكوكب، وقالوا: في شعر بشر مصنوعٌ كثير، مما قد احتملتْه كثيرٌ من الرُّواة على أنَّه من صحيح شعره، فمن ذلك قصيدته التي يقول فيها:
فرجِّي الخيرَ وانتظِري إيابي إذا مـا الـقارِظُ العَنَزِيُّ iiآبا
وأما ما ذكرتم من شعر هذا الضَّبِّي، فإنَّ الضّبيَّ مخضرم.
وزعمتم أنَّكم وجدتُم ذِكْر الشُّهب في كتب القُدماء من الفلاسفة، وأنّه في الآثار العُلْوية لأرسطاطاليس، حين ذكر القول في الشُّهب، مع القول في الكواكب ذوات الذوائب، ومع القول في القَوس، والطَّوق الذي يكون حول القَمَر بالليل، فإن كنتم بمثل هذا تَستعِينونَ، وإليه تفزعون، فإنّا نوجدكم من كذب التَّراجمة وزيادتهم، ومن فساد الكِتاب، من جهة تأويل الكلام، ومن جهة جهْل المترجِمِ بنقل لغةٍ إلى لغة، ومن جهة فَسادِ النَّسخ، ومن أنه قد تقادمَ فاعترضَتْ دونه الدُّهورُ والأحقاب، فصار لا يؤمن عليه ضروبُ التّبديل والفساد، وهذا الكلام معروفٌ صحيح.

وأما ما رويتم من شعر الأفوه الأوديّ فلعمري إنّه لجاهليّ، وما وجدْنا أحداً من الرُّواة يشكُّ في أن القصيدة مصنوعةٌ، وبعد فمِنْ أين علم الأفْوهُ أنّ الشهب التي يراها إنما هي قذْفٌ ورجْم، وهو جاهليٌّ، ولم يدَّعِ هذا أحدٌ قطُّ إلا المسلمون? فهذا دليلٌ آخر على أن القصيدة مصنوعة رجع إلى تفسير قصيدة البهراني ثم رجع بنا القولُ إلى تفسير قصيدة البهرانيّ: وأما قوله:

جـائـباً للبحار أُهدي iiلِعِرْسي فُـلفلاً  مجتنًى وهَضْمة iiعِطْر
وأحلّي  هُرَيْرَ مِنْ صدف iiالبَحْ ر وأسْقي العِيال من نيل مِصرِ
فإن الناس يقولون: إن السَّاحر لا يكون ماهراً حتَّى يأتى بالفلْفُل الرّطب من سرنديب، وهُريرة: اسم امرأته الجنِّيّة.

وذكر الظِّبي الذي جعله مَرْكبه إلى بلاد الهند، فقال:

وأجـوبُ  الـبلاد تحتيَ iiظبيٌ ضـاحـكٌ سِـنُّه كثيرُ iiالتَّمرِّي
مُـولـج  دَبْـرَهُ خَـوَايَة iiمَكْوٍ وهو باللَّيل في العفاريت يَسْري

يقول: هذا الظَّبي الذي من جُبْنِهِ وحذره، من بين جميع الوَحْش، لا يدخل حَراه إلا مستدبِراً، لتكون عيناه تلقاء ما يخاف أن يغشاه هو الذي يسري مع العفاريت باللَّيل ضاحِكاً بي هازئاً إذا كان تحتي.

وأما قوله:

يحسَبُ النَّاظِرُون أني ابنُ ماءٍ ذاكـرٌ عُـشَّـهُ بـضَفّةِ iiنَهْرِ

فإن الجنّيَّ إذا طار به في جوِّ السماء ظنَّ كلُّ من رآه أنّه طائر ماء. 

21 - فبراير - 2006
الجاحظ والقرآن
رد مطاعنهم في الآية فمثله كمثل الكلب    كن أول من يقيّم

وقال في الحيوان (ص 119)

وسنذكر مسألة كلاميَّة، وإنَّما نذكرها لكثرة من يعترض في هذا ممَّن ليس له علم بالكلام، ولو كان أعلمُ الناس باللغة، لم ينفعك في باب الدين حتّى يكون عالماً بالكلام، وقد اعترض معترضون في قوله عزّ وجل: "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبأ الَّذي آتيناهُ آياتنا فانسلخَ منها فأتبعه الشيطانُ فَكَانَ من الْغاوين، وَلوْ شئنا لَرَفَعناهُ بِهَا وَلكنَّهُ أخْلدَ إلى الأرض واتَّبَع هَوَاهُ فمثُلهُ كمثل الكلب إنَ تحْمِلْ عَلَيه يَلهثْ أو تَتْركْهُ يلهثْ ذلك مَثلُ القومِ الَّذين كذَّبوا بآياتنا" فزَعَموا أنَّ هذا المثَلَ لا يجوزُ أن يُضرَب لهذا المذكور في صدر هذا الكلام، لأنه قال: "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنا فَانْسَلَخَ مِنْهَا"، فما يُشبَّه حالُ من أُعطي شيئاً فلم يقبله - ولم يذكر غير ذلك - بالكلب الذي إن حملتَ عليه نبح وولى ذاهباً، وإن تركته شدَّ عليك ونبح، مع أنّ قوله: يلهث، لم يقع في موضعه، وإنما يلهث الكلب من عَطشِ شديد وحرٍّ شديد، ومن تعب، وأما النُّباح والصِّياح فمن شيء آخر، قلنا له: إن قال "ذلكَ مَثَلُ القَومِ الَّذين كذَّبوا بآياتنا"، فقد يستقيم أن يكون الرادّ لا يسمَّى مكذباً، ولا يقال لهم كذَّبوا إلا وقد كان ذلك منهم مراراً، فإن لم يكن ذلك فليس ببعيد أن يشبَّه الذي أوتي الآيات والأعاجيب والبرهانات والكرامات، في بدء حرصه عليها وطلبه لها، بالكلب في حرصه وطلبه، فإنَّ الكلبَ يُعطي الجِدَّ والجُهْد من نفسه في كلِّ حالةٍ من الحالات، وشبَّه رفضه وقذفه لها من يديه، وردَّه لها بعد الحرص عليها وفرط الرغبة فيها، بالكلب إذا رجع ينبح بعد إطرادك له، وواجبٌُ أن يكون رفض قبول الأشياء الخطيرة النفيسة في وزن طلبهم والحرصِ عليها، والكلب إذا أتعب نفسه في شدَّة النُّباح مقبلاً إليك ومدبراً عنك، لهث واعتراه ما يعتريه عند التَّعب والعطش، وعلى أنَّنا ما نرمي بأبصارنا إلى كلابنا وهي رابضةٌ وادعة، إلا وهي تلهث، من غير أن تكون هناك إلا حرارة أجوافها، والذي طُبعت عليه من شأنها، إلا أنَّ لهث الكلب يختلف بالشدَّة واللِّين.

21 - فبراير - 2006
الجاحظ والقرآن
رد مطاعنهم في أجنحة الملائكة    كن أول من يقيّم

قال في الحيوان (ص 240):
وقد طعن قومٌ في أجنحة الملائكة، وقد قال اللّه تعالى: "الحَمْد للّه فاطرِ السَّموَاتِ والأرض جَاعلِ الْمَلاَئكَةِ رُسُلاً أُولي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ في الخَلْقِ مَا يشَاءُ". وزعموا أنَّ الجناحين كاليدين، وإذا كان الجناح اثنين أو أرْبَعَة كانتْ معتدلة، وإذا كانت ثلاَثة كان صاحبُ الثَّلاثةِ كالجادِفُ من الطَّير، الذي أحدُ جناحَيه مقصوص، فلا يستطيع الطّىران لعدم التعديل، وإذا كان أحدُ جناحيه وافياً والآخرُ مقصوصاً، اختلفَ خَلْقُه وصار بَعْضُه يذهب إلى أسفْلَ والآخر إلى فوق.
وقالوا: إنَّما الجناحُ مثل اليد، ووجدنا الأيديَ والأرجل في جميع الحيوان لا تكون إلاَّ أزواجاً، فلو جعلتمْ لكُلِّ واحدٍ منهم مائَة جَناحٍ لم نُنْكِرْ ذلك، وإن جعلتموها أنقصَ بواحدٍ أو أكثرَ بواحدٍ لم نجوِّزه.
قيل لهم: قد رأينا من ذوات الأربع ما ليسَ له قَرن، ورأينا ما له قرْنَان أملسان، ورأينا ما له قرنان لهما شُعَبٌ في مقاديم القرون، ورأينا بعضَها جُمّاً ولأخَواتِها قرون، ورأينا منها ما لا يقال لها جُمٌّ لأنَّها ليست لها شكلُ ذواتِ القرون، ورأينا لبعض الشاء عِدَّةَ قرون نَابتةٍ في عظم الرَّأس أزواجاً وأفراداً، ورأينا قرُونًاً جُوفاً فيها قرون، ورأينا قروناً لا قرونَ فيها، ورأيناها مُصمََتَة، ورأينا بعضَها يتصُل قَرْنُه في كلِّ سنة، كما تسلخ الحيَّةُ جلدَها، وتنفضُ الأشجارُ ورقها، وهي قُرون الأيائلِ، وقد زعموا أنَّ للحِمار الهنديِّ قرناً واحداً.
وقد رأينا طائراً شَديدَ الطيران بلا ريشٍ كالخُفاش، ورأينا طائراً لايطير وهو وافي الجَناح، ورأينا طائراً لا يمشي وهو الزَّرزور، ونحن نُؤْمن بأنَّ جعفَراً الطَّيارَ ابنَ أبي طالب، له جناحان يطير بهما في الجِنان، جُعِلا له عوضاً من يديه اللتين قطعتا على لواء المسلمين في يوم مؤتة، وغير ذلك من أعاجيب أصناف الخلق.
فقد يستقيم - وهو سهلٌ جائزٌ شائع مفهوم، ومعقول قريبٌ غير بعيد أن يكون إِذا وُضع طباع الطائر على هذا الوضع الذي تراه ألاّ يطير إلاّ بالأزواج، فإذا وُضع على غير هذا الوَضع، وركِّب غيرَ هذا التَّركيب صارت ثلاثة أجنحة وَفُوق تلك الطبيعة، ولو كان الوَطواط في وضْعِ أخلاطه وأعضائه وامتزاجاته كسائر الطير، لما طار بلا ريش.
الطير الدائم الطيران وقد زعم البَحْريّون أنّهم يعرفون طائراً لم يسقط قطّ، وإنما يكون سقوطه من لدُنْ خروجهِ من بيضه إلى أن يتمَّ قصبُ ريشه، ثم َّ يطير فليس له رِزق إلاّ من بعوض الهواء وأشباه البَعوض؛ إلاّ أَنَّهُ قصيرُ العمر سريعُ الانحطام.
بقية الحديث في أجنحة الملائكة وليس بمستنكر أن يُمزَج الطائر ويُعْجَن غيرَ عجْنه الأوَّل فيعيش ضعفَ ذلك العُمر، وقد يجوز أيضاً أنْ يكونَ موضعُ الجَناح الثالث بين الجَناحين، فيكون الثالث للثاني كالثاني للأوّل، وتكون كلُّ واحدةٍ من ريشةٍ عاملةً في التي تليها من ذلك الجسم فتستوي في القوى وفي الحِصص.
ولعَلَّ الجَناح الذي أنكره الملحدُ الضَّيِّقُ العَطَن أن يكونَ مركزُ قوادِمِهِ في حاقِّ الصُّلب.
ولعَلَّ ذلك الجناح أن تكون الريشة الأولى منه معينة للجنَاح الأيمن والثانية معينة للجناح الأيسر، وهذا مما لايضيقُ عنه الوهم، ولا يعجِز عنه الجواز.
فإذا كان ذلك ممكناً في معرفة العبد بما أعاره الربُّ جلّ وعزَّ، كان ذلك في قدرة اللّه أجوز، وما أكثر من يضيقُ صدرُه لقلَّة علمه.
وقد علموا أنَّ كلّ ذي أربعٍ فإنّه إذا مَشى قدّم إحدِى يديه، ولا يجوز أن يستعمل اليَد الأخرى ويقدِّمها بَعْدَ الأولى حَتّى يستعمل الرِّجل المخالفة لتلك اليد: إنْ كانت اليدُ المتقدّمة اليمنى حرَّكَ الرِّجْلِ اليسرى، وإذا حَرّك الرجل اليسرى لم يحرِّك الرِّجْل اليمنى - وهو أقْرَبُ إليها وأشبه بها - حَتَّى يحرِّك اليَدَ اليسرى، وهذا كثير.
وفي طريقٍ أخرى فقد يقال: إنَّ كلَّ إنسانِ فإنما رُكْبَته في رِِجله، وجميعَ ذوات الأربَع فإنَّما رُكبها في أيديها، وكلُّ شيء ذي كفِّ وبَنان كالإنسان، والقرد، والأسد، والضَّبّ، والدُّب، فكفُّه في يده، والطَّائر كفّه في رجله.
استعمال الإنسان رجليه فيما يعمله في العادة بيديه وما رأيتُ أحداً ليس له يَدٌ إلاّ وهو يعمل برجليه ما كان يعمل بيديه، وما أقف على شيء من عمل الأيدي إلاّ وأنا قد رأيتُ قوماً يتكلّفونه بأرجلهم.
ولقد رأيتُ واحداً منهم راهنَ على أن يُفرِغ برجليه ما في دَسْتيجة نبيذ في قنانيَّ رِطليَّات وفقَّاعِيّات فراهنوه، وأزعجني أمرٌ فتركته عند ثقات لا أشك في خبرهم، فزعموا أنّه وَفَى وزاد، قلت: قد عرَفتُ قولَكم وفى فما معنى قولكم زاد قالوا: هو أنّه لو صبَّ من رأس الدّستيجة حوالي أفواه القنانيّ كما يعجِز عن ضَبطه جميعُ أصحاب الكمال في الجوارح، لما أنكرنا ذلك، ولقد فرَّغ ما فيها في جميع القناني فَما ضيّعَ أوقيَّةً واحدة.
قيام بعض الناس بعمل دقيق في الظلام وخبَّرني الحزَاميُّ عن خليل أخيه، أنّه متى شاء أن يَدْخُلَ في بيِت ليلاً بلا مصباح، ويفرغ قربة في قنانيّ فلا يصبُّ إستاراً واحداً فعله.
ولو حكى لي الحزاميُّ هذا الصَّنيعَ عن رجل وُلِد أعمى أو عمي في صباه، كان يعجبني منه أقلُّ، فأمّا من تعوّد أن يفعل مثل ذلك وهو يبصر فما أشدَّ عليه أن يفعله وهو مغمَض العينين، فإن كان أخوه قد كان يقدر على ذلك إذا غمَّض عينيه فهو عندي عجب، وإن كان يبصر في الظلمة فهو قد أشبه في هذا الوجه السِّنّورَ والفأر، فإنَّ هذا عندي عجبٌ آخر وغرائب الدُّنيا كثيرة عند كلّ من كان كلفاً بتَعرافها، وكان له في العلم أصلٌ، وكان بينه وبين التبَيُّنِ نَسَب.
وأكثر الناس لا تجدّهم إلاَّ في حالتين: إمّا في حالِ إعراض عن التبيُّن وإهمال للنّفس، وإمَّا في حالِ تكذيبٍ وإنكارٍ وتسرّع إلى أصحاب الاعتبار وتتبُّعِ الغرائب، والرغبةِ في الفوائد، ثمَّ يرى بعضهم أنَّ له بذلك التكذيب فضيلةً، وأنّ ذلك بابٌ من التوقِّي، وجنسٌ من استعظام الكذب، وأنّه لم يكن كذلك إلاَّ من حاقِّ الرَّغبةِ في الصِّدقِ، وبئس الشيء عادة الإقرار والقبول، والحقُّ الذي أمر اللّه تعالى به ورغب فيه، وحثَّ عليه أن ننكر من الخبر ضربين: أحدهما ما تناقَضَ واستحال، والآخر ما امْتنع في الطِبيعة، وخرج من طاقة الخلقة، فإذا خرج الخبرُ من هذين البابين، وجرى عليه حكم الجواز، فالتدبير في ذلك التثبت وأن يكون الحقُّ في ذلك هو ضالّتك، والصِّدق هو بُغيتك، كائناً ما كان، وقَع منك بالموافقةِ أم وقع منك بالمكروه، ومتى لم تعلم أَنّ ثوابَ الحقِّ وثمرَة الصِّدق أجدى عليك من تلك الموافقةِ لم تقَع على أن تعطِي التثبتَ حَقّه.

21 - فبراير - 2006
الجاحظ والقرآن
 94  95  96  97  98