 | تعليقات | تاريخ النشر | مواضيع |  | ماهى بسمة ..قمر كن أول من يقيّم
كنت عائدا ليلا بعد منتصف الليل ، من سهرة مع أصدقائى ، وقبل أن أفتح الباب ، سمعتها وهى وحدها فى وسط البيت والجميع نيام ، تقول : يارب أنا تعبت قوى ، وبعدين مش قادرة أمشى ، طب أعمل إيه ??? تراجعت عن فتح الباب وضربت الجرس الموجود فى الشارع ، ووجدتها تقوم بفتح الشقة وتسأل مين ???
ضحكت وقلت لها : أنا يا قمورة (إسم الدلع )
فردت: إقفل البوابة ، أنا سهرانه مستنياك عشان تتعشى أصلهم كلهم ناموا وسابونى .
يا إلهي كيف أضغط على ذلك الوجع الذي يتخبط في صدري وأنا أعلم إنها أيام قليلة وسترحل ... الحمى الملعونة وصلت إلى القلب الحنون تهاجمه بضراوة البطش .
في زيارتها الأخيرة للطبيب ، انفرد بي بعيداً عن مسمع أمي و أبي وقال لى "أختك بتموت وسيبها تاكل إللى هى عايزاه" .
خرجت من عيادة الطبيب مجاهداً وخافياً عصف الصراع الدائر في صدري و محاولاً إخفاء قسوة الحزن الذي صعق كل آمالي ووجدت نفسي – ضاحكاً - أعاكسها بأغنية فيروز (قمرة يا قمرة ما تطلعي عالشجرة ، والشجرة عالية وأنتى بعدك صغيرة ... يا قمرة ) .
اصبحت تلك الأغنية مدار الجد و الهزار في تعاملي مع "قمـر" كنت أرددها مبتهجاً ومعاكساً إذا لم تستطع قراءة كتاب أحضرته لها. كنت أُشدد على أنها ستنهض من كبوتها و المستقبل الزاهر ينتظرها.
قلت لها يوماً كانت تلابيب المرض مرسومة ألماً في وجهها : "إنتى كويسة قوى وعايزين نشوف لكى عريس" .... و بمعرفة المؤمن نظرت إلي جادة و راضية بما تعرفه و تشعره و كأنها تؤنب محاولتي لإخفاء الحقيقة عنها قائلة ... "بـلاش تضحـك علـيَّ" ..
لم يكتمل ذلك الأسبوع قبل رحيلها ... و انتقلت "قمـر" من قبضة المرض و الألم إلى رحمة الله تعالى و رأفته .
ثلاثون عاماً مضت على رحيلها من بيتنا ... ثلاثون عاماً عشتها في عيني تتربع ضحكتها و في قلبي ينبض ذكراها و بقي وجهها الباسم وترحابها الحار "أمـل" يستقبلني على باب الدار ... إذا غبت عن البيت أياماً ، وأنادى ابنتى بسمة (ياقمر) ثم أضحك من نفسى واقول يابسمة ........تتأملنى زوجتى بصمت ثم تقول بحنان:ما هي بسمة ... قمر ؟؟؟؟؟ .
| 20 - يناير - 2010 | غواية العشق ووهم الوصال |  | لماذا قمر؟؟ كن أول من يقيّم
الفصل الثانى فلاح بوهيميا / محاكمة الموت بعد قراءة أعمال الشاعر المصري الكبير "صلاح عبد الصبور"، وجدت نفسي مأخوذاً بما كتبه و مشغولاً بما جاء في أدبياته . بعد قراءة "موت فلاح" و "زرنا موتانا في يوم العيد" و "شنق زهران" قمت بكتابة دراسة قيمة عن رؤية الشاعر للموت و الحب و القصائد التي تصور الإنسان ما بعد موت أحبته كانت وفيرة و مثيرة..
أتذكر الفاروق عمر بن الخطاب ،عندما سمع بموت الرسول الكريم، لم يتوان فى الإنكار ومهاجمة من أذاع هذا الخبر المُفزِع،ويرفع السيف فى وجه كل من يقابله .
كلما هجست لى نفسي أتساءل و أضع الموت في قفص الإتهام أستجوبه صارخاً: لماذا "قمـر" لماذا قمر و هناك الملايين أمامك من البشر ، الذين تضيق بهم الحياة و تتمنى زوالهم !!؟؟ ألست_ أنا _بشراً أيضاً؟؟؟؟؟
و بثبات المؤمن أجد نفسي تثوب راضية و أعود الى نفسي قائلاً : لكل أجلٍ كتاب .
8- الموت
لقد كتب الله الجنة للأطهار, وجهنم للأشرار وأورثنا نحن (الموت) الأرض والديار. وخص الجنة بالسلام والثواب لما فيها من فضائل, كما اختص النار بالشقاء والعقاب لما فيها من بحار,فقد كلفنا بها القوى القهار, وأمرنا بأن نقتلع منها الزائد ونجتث الفائض.
تخيل _ أيها الأحمق_ تريث وأمعن الفكر وحكم العقل, فلعلك تفهم مايلى: لو أننا منذ عصور البشرية الأولى تركنا الأعداد تتزايد من بنى الانسان ومن الحيوان ومن الديدان فى الصحارى وفى لغابات الكثيفة, ثم تركنا الماء بما فيه من الأسماك, ذات الحراشف منها والثعابين, ولم نستأصل منها الزائد والفائض, لما استطاع أحد اليوم أن يقاوم البعوض , وماجرؤ أحد على الخروج خوفا من الذئاب, كما أن الانسان قد يفترس أخاه الانسان, ويفترس الحيوان بنى جنسه,ويقضى كل كائن حى على غيره , ذلك لأن الغذاء سوف ينقصهم وتضيق عليهم وبهم الأرض بما رحبت. أحمق هو كل يبكى على الأموات .... دعك من هذا وخفف عن نفسك. دع الأحياء يعيشون , والموتى فى قبورهم , فتلك سنة الحياة للآن, يحسن بك أيها المأفون أن تفكر فيما هو بالشكوى جدير.
| 20 - يناير - 2010 | غواية العشق ووهم الوصال |  | محاكمة الموت كن أول من يقيّم
الفصل الثانى فلاح بوهيميا /محاكمة الموت 9- أكرمان
لقد فقدت أغلى الكنوز الى الأبد_ أفلا يصح أن أحزن وأغتم, خصوصا وأننى سأقضى بقية عمرى محروما من كل المباهج؟ أسأل الله اللطيف القدير أن ينتقم لقلبى الكسير من كل الملذات والنعم, وسرقت منى أحلى ايام, وحرمتنى كبير الشرف والمقام. كنت أزهو عندما كانت الطيبة العفيفة الطاهرة تلعب كالملاك مع أطفالنا المولودين فى عشنا الطاهر. ماتت الدجاجة التى دأبت على تربية هؤلاء الكتاكيت..... ياالهى, ياقوى, كم كنت منشرحا مسرورا كلما رأيتها تخطو فى حياء واحتشام, لدرجة جعلت الناس يتابعونها بأنظارهم فى حب واعجاب ويقولون  لتلك الرقيقة الشكر والثناء والشرف, بارك الله فيها وفى فلذات كبدها, وأنعم عليها وعلى طيورها بالخير والبركة). _ لو كنت أعرف كيف أقدم لله خالص الشكر على ذلك لما ترددت أبدا. هل هناك من رجل فقير من الله عليه بمثل ماوهبنى؟ _ وقد تختلف الآراء والمفاهيم, لكنى أعتقد أن من يهبه الله زوجة طاهرة فاضلة جميلة, فقد أنعم عليه بنعمة تعلو على كل نعم الدنيا. يا الهى ياقوى ياقهار....... ماأسعد من وهبته زوجة طاهرة لم يمسسها بشر...... فلتفرح يامن شرفك الله بزوجة طاهرة. ومتعكما الله سويا بالسعادة.... ماذا يعلم أى أحمق عن ذلك, طالما وأنه لم ينهل من ماء البئر الطاهر؟ _ورغم ما أصابنى من ظلم وفجيعة, فأننى أشكر الله من الأعماق على أن جعل الكاملة الطاهرة من نصيبى. فليمقتك الله الى الأبد , أيها الموت الخبيث, ياعدو البشرية! 10- الموت
يبدو من حديثك أنك لم تشرب من ينبوع الحكمة, ولم تمعن الفكر فى أمور الطبيعة وأثارها, ولم تتبصر أمور الدنيا وتدرك التغيير الدائر بها. انك جرو ساذج وأهوج..... أفلا تلاحظ كيف أن الورود الجميلة, والزنابق الشذية الفياحة بالحديقة, وأعشاب العقاقير الفعالة, والزهور التى تشرح الصدر فى البساتين, وكيف أن الأحجار الراسخة والأشجار الباسقة فى الغابات, وكيف أن الدببة القوية والأسود الجبارة فى البرارى الموحشة, وكيف أن الأبطال المغاوير, وذوى المهارات والموهوبين, والأحبار العالمين, وذوى الكفاءات الحرفية المختلفة, وكيف أن مخلوقات الدنيا جميعا_ مهما كانوا أذكياء, ظرفاء, أقوياء, ومهما عاشوا وعمروا , ومهما طالت ممارستهم لأعمالهم_ فأنهم مقضى عليهم بالفناء ومصيرهم الى الزوال؟ _ فاذا كانت جميع أجناس البشر, السابقون منهم واللاحقون, يسيرون إلى زوال, وينتقلون من الحياة الى العدم, فكيف يصح لمنشودتك التى تبكيها أن تتمتع, وألايصيبها مايصيب الأخرين,أو كيف يمكن ألا يحدث للآخرين ماحدث لها ؟ _ أنت بنفسك لن تفلت منا , مهما قل توقعك الآن لهذا الأمر. لابد وأن يقول كل منكم اننا جميعا على هذا الباب واردون, شكواك اذن لامعنى لها ولاطائل وراءها, فهى لن تساعدك فى شىء, لأنها تصدر عن بلادة ذهن ( وقلة احساس).
| 20 - يناير - 2010 | غواية العشق ووهم الوصال |  | صفات الحبيبة كن أول من يقيّم
11- أكرمان
أعهد بأمرى إلى قاهرى وقاهرك, إلى القوى فوق عباده, فهو سوف يحمينى وينتقم لى منك أشد الانتقام لقاء ما ارتكبت فى حقى . ان ماتتحدث به الآن أمامى, لهو ضرب من ضروب المغالطة والشعوذة, اذ تخلط فيه دائما بين الزيف والحقيقة, وتريد أن تقضى على الألم البالغ المعتمل فى نفسي وعقلى ووجدانى , تريد أن تصرف عنه عينى وحواسى وأعماق نفسى. عبثا تحاول, فلن يكون لك ماتريد, ذلك لأن خسارتى الفادحة_ والتى لن أستطيع أبدا تعويضها _ تؤلمنى وتحز فى نفسى, فقد كانت ( الفقيدة) دائما بلسمى الشافى من كل ألم وضيق, كانت العبدة المطيعة لربها, المستجيبة لزوجها, الحارسة على بدنى, الساهرة ليلا ونهارا على شرفى وشرفها. كانت تنفذ كل ماتؤمر به, وتؤديه على خير الوجوه, كاملا غير منقوص بل وتزيد عليه غالبا . لقد أقام فى منزلها كل من الاعتدال والحرص والعناية والتعقل والحكمة دائما. كما رفعت الحشمة مرأة الشرف دائما أمام عينيها. كان الله خير حماتها, كما كان كريما رحيما معى من أجل خاطرها. حباها الله بكل ماتستحق, ونالت منه كل ماتبتغى: الحياء والعفاف وهما شرف البيت الطاهر, اللهم فأجزها خير الجزاء, ياخير من يجزل العطاء, يامثيب الأوفياء, ويا أغنى الأغنياء..... كن رحيما بها بأكثر مما أتمنى لها! آه آه ثم آه, أيها الموت, أيها السفاح الذى لايعرف الحياء, فيك تستتر الرذيلة فى أخبث رداء.... فليحكم عليك الشديد العقاب, ويكتب عليك العذاب وكلما ترجوه غفرانا يزيدك من العذاب ألوانا !!!!!
12- الموت
لو كنت تستطيع أن تحسن القياس والتقدير, أو الحساب والتفكير, لما تفتق رأسك الأجوف عن مثل هذا الحديث المعجرف. انك تصب اللعنات وتطالب بالانتقام دون فهم أو مدعاة . فماذا يعود عليك من هذة الحماقة؟ سبق أن قلنا بعاليه: أن كل كائن مهما كان غنيا بالأفكار والحيل نبيلا, فاضلا, جريئا, نشيطا, وكل ماهو حى لابد وأن ينتهى على يدنا. ومع ذلك فأنت تنبح وتولول قائلا بأن كل سعادتك كانت مجسمة فى زوجتك الطاهرة الماهرة, فاذا كان من رأيك أن السعادة لاتتوفر إلا فى النساء , فأننا نريد أن نخلص إليك النصيحة بأن تداوم على السعادة, ولكن حذار أن تنقلب السعادة إلى تعاسة. أخبرنا: هل وجدت زوجتك ماهرة شاطرة عند زواجك منها, أم أنك علمتها المهارة والنشاط؟ اذا كنت وجدتها كذلك, فعليك البحث ( عن غيرها) بشىء من التعقل والروية.... انك تجد فى الدنيا كثيرا غيرها من النساء الطاهرات, ممن ترضى بك احداهن زوجا ... أما اذا كنت علمتها الهمة والنشاط, فأبشر.. فمازلت أنت المعلم على ظهر الحياة وتستطيع أن تتخذ زوجة تربيها وتعلمها. ولكن دعنى أقول لك شيئا أخر: كلما زاد حبك, زاد بعد ذلك ألمك. فلو كنت تحفظت فى الحب , لما كنت تشعر الآن بفداحة الكرب. فكلما زادت فرحة المرء بحبه, كلما زاد أساه عند الحرمان من الحب. فالنساء والبنون, والكنوز وكل عقار دنيوى_ هى جميعا تجلب بعض السرور فى البداية, وتأتى بمزيد من الغم فى النهاية. ولابد أن ينقلب كل حب دنيوى إلى كرب قوى. فالكرب هو نهاية الحب, كما أن الحزن نهاية الفرح, والتعا سة تعقب السعادة, ونهاية المزاج هى تعكير المزاج, وهذه هى نهاية الشوط الذى تسعى اليه كل الكائنات الحية . افهم وتعلم, يامن تدعى النباهة والذكاء.
| 20 - يناير - 2010 | غواية العشق ووهم الوصال |  | الحرمان من الحب كن أول من يقيّم
13- أكرمان
بعد الخسارة تأتى الشماتة_ هذا مايشعر به المحزونون. وهذا مايحدث منك لى وأنا المصاب المحزون. لقد حرمتنى من الحب, وأنزلت بى الأسى, وعلى أن أتحمل ذلك الى ماشاء الله. ولكن مهما كنت متبلد الحس, ومهماكان تحصيلى من الحكمة على أيدى أربابها الأحبار تحصيلا قليلا,فأننى أعلم علم اليقين أنك أنت اللص الذى سلبنى مبعث شرفى,أنت سارق أفراحى, وخاطف أجمل أيام حياتى, ومبيد ملذاتى, ومدمر كل شىء من شأنه تدبير وضمان حياة هانئة لى. فعلام أفرح وأستبشر؟ أين أبحث عن السلوى والعزاء؟ أين أجد الملجأ والملاذ؟ أين أعثر على دار للشفاء؟ بل أنى لىبنصيحة تقوم على صدق ووفاء؟_ ماضاع ضاع, وقضى الأمر. لقد هجرنى السرور قبل الأوان, وأصبحت أفراحى فى خبر كان, وبسرعة البرق انتزعت منى المخلصة الوفية , وجعلتنى أرملا وأطفالى يتامى بلا رحمة ولاشفقة. وها أنذا أقف وحيدا تعيسا, مشحونا بالألام لاأستطيع منك القصاص , وأنت لاتريد مواساتى أو تعويض خسارتى, نعم لم تعوضنى عن أفراحى أو تضمد جراحى, رغم جريمتك الكبرى فى حقى. فما هو الوضع أيها الموت, يامفرق الأزواج؟ لايستطيع أحد أن يحصد من ورائك خيرا, فأنت لاتريد تعويض أحد عن ضرر ألحقته به,ولاتريد أن تمسح دموع من تبكيهم. اننى أعلن هنا أن الرحمة ليس لها فى قلبك سبيل, وأنك لم تتعود إلا على اللعنة, فأنت عديم الرأفة حيث أتيت. أبتهل الى من بيده مقاليد الأمور, من موت وحياة, أن يرسل عليك مثل ماتؤديه للبشرية من خدمات, ومثل ماتمنحهم من بركات, أو تعطيهم من جزاءات, وأن ينزل عليك نفس النهاية التى تفرق بها الجماعات. يارب الملائكة الأبرار, عوضنى عما لحق بى من خسارة وأضرار.عوضنى عن ألمى البالغ أما هذا التحدى الصارخ. ثم انتقم لى من المجرم الغادر_ وهو الموت_ يا الهى يامنتقم ياقادر!
14- الموت
حديث لاجدوى منه, والصمت أبلغ منه, لأن الرجل المرتبك لايجنى من حديثه الأحمق سوى الخلاف, والخلاف يولد العداء, وبعد العداء الاعتداء , وبعد الاعتداء التجريح , وبعد التجريح الألم وأخيرا الندم. إنك تعلن الخلاف علينا, وتشكو بأننا فجعناك فى زوجتك العزيزة جدا عليك. إنه لم يحدث لها سوى الخير والبركة: فقد ضممناها تحت لوائنا, دون المساس بشرفها وهى فى ريعان الشباب, وجميل القوام, وأبهج الأيام, وأفضل احترام واجب, وأحسن وقت مناسب . ذلك هو ماامتدحه وابتغاه كل الحكماء حيث قالوا ماأحلى الموت عندما تحلو الحياة)... فلم يمت خير موتة ذلك الذى يشتهى الموت ويتمناه, ولابد أن من يدعونا لقبض روحه, قد زهق طول حياته. ياحسرة على كل من بلغ بة العمر أرذله, فهو فعلا مسكين فقير, مهما كان لديه من المال الوفير.فى ذلك العام,وبعد عيد الصعود, وعند عملية ولادتها, تركنا الأم الشهيدة تودع الدار الفانية ببؤسها وخداعها البراق. وكان هدفنا أن تلحق بالرفيق الأعلى فى سعادة أبدية وحياة متصلة باقية, وأن تخلد لراحة لانهائية هى أهل لها. ورغم كرهك الشديد لنا فأننا نتمنى لك أن تصمد روحك وتلتقى بروحها هناك فى أعلى عليين, وأن يبقى جسدك بجوار جثمانها فى مقابر الدار الدنيا. أردنا أن نكون شفعاء لك, نضمن لك التمتع بحسن صنيعها. صه اذن وكف عن الحديث..... انك لو استطعت أن تنتزع من الشمس ضوءها, ومن القمر برودته, ومن النار جذوتها, ومن الماء سيولته, فأنك لن تستطيع أن تجردنا من سلطتنا. | 20 - يناير - 2010 | غواية العشق ووهم الوصال |  | طاغور وأنشودة الموت كن أول من يقيّم
الموت توأم الحياة
كان كتاب الشاعر الهندى "طاغور" (قربان الأغانى ) السفينة التى مخرت به عباب المحيط العاتى ليحصد فى آخر المطاف جائزة نوبل للآداب سنة 1913م. كنت معجباً به وباسمه (ربندرانات طاغور) إسم كان لحروفه عند سماعه رنين السحر و نغم الموسيقى الحالمة . كم طال وقوفى عند نظرته الإيجابية المتفائلة للموت ، ورؤيته الراسخة بأن الموت ليس سوى الوجه الآخر للحياه ......
(كل أبياتى المعبرة عن البهجة تمتزج بآخر أغنياتى تلك البهجة التى تجعل التوءمين الحياة والموت يرقصان عبر العالم )
لقد كان يرحب بالموت بذات الحرارة التي نرحب بها ولادة الحياة فلا نرى رجفة التردد في كلماته و لا تهيب الخائف في سرده . و تأتي أشعاره لتؤكد لنا بيقين لايخالجه شك أنه كما كُلِّف بالحياة فهو أيضاً كلف بالموت ...
(عندما يحين الموت فإن المجهول سينحسر أمامى كأننى أعرفه منذ الأزل ولأننى مكلف بالحياة فسأكلف بالموت أيضا)
كلما وقعت عينى على الكلمات التسع التالية أشعر برعدة تتنشلنى من ظنون الخلود وتهتف بى أن الرحيل قريب.
( قد انطفأ المصباح وقد بلغنى النداء وإنى مستعد للرحيل)
وأقف مندهشاً لهذا الثبات والشجاعة التى تشى بها السطور اللاحقة من الرضاء والخشوع والاستسلام لما هو مقدر ومكتوب . الموت في نظره هو إنجاز آخر لا يختلف عن إنجازات النجاح بل هو آخر إنجازات الإنسان ، و لابد أن يلقاه بسعة صدر وبقلب مطمئن وابتسامة مضيئة وروح تذوب شوقاً ولهفة إلى لقاء الموت.......
(أيها الموت ياموتى آخر انجازات حياتى تعال وتحدث إلى همساً لقد انتظرتك يوماً بعد يوم وتحملت من أجلك أفراح الحياة وأتراحها نظرة أخيرة من عينيك ستجعل حياتى كلها لك)
و يستفيض "طاغور" ليكتب أنشودة تفيض رقةً وعذوبةً وشجناً مؤثراً فى العقل والوجدان عن ألم الفراق وحضور الموت فجأةً لاستلاب أرواح الأحبة .....
(هو ألم الفراق ينبسط فى كل أرجاء الكون ويولد فى السماء الرحيبة أشكالاً عديدة إن حزن الفراق يحدق فى صمت طوال الليل وينتقل ببصره من نجمة إلى أخرى ثم يصبح أغنية بين حفيف الأوراق هذا الشقاء الذى يعزو كل شىء ينصهر فى مشاعر حب ورغبات وأفراح وأتراح فى مسكن البشر )
منسجماً مع نفسه و مع إيمانه بتوأمية الموت و الحياة ، يتواصل طاغور مع حقائق الوجود ويضحك ويهمس فى صدق وجلال وصراحة بالغة ويقين مؤكد ......
(إن الزمن لقصير فلتأت إذا ياليالىّ الممطرة بخطوات سريعة صغيرة ولتضحك ياخريفى الذهبى ولتأت يانيسان الخالى البال يا أحبائى إنكم تعلمون أننا فانون) | 20 - يناير - 2010 | غواية العشق ووهم الوصال |  | مع هوجو كن أول من يقيّم
وأعيش مع العظيم فيكتور هوجو (1802_1885م)فى ديوانه الأخير( التأملات) وفى قصيدته الإيمانية ( ما الموت؟ أو(هذا هو الموت) أُقدم بعضاً منها:
(لاتقولوا نموت ،قولوا نولد ترى ما أراه .......وماترونه نحن الرجل الخاطىء ..هو أنت ،وهو أنتم ننغمس فى الملذات فى الزوابع فى الاحتفالات نحاول أن نتناسى الباطن،النهاية والصخور بالمساواة المظلمة للشر والتابوت التى تساوى الأصغر بالأغنى .
إنهم نفس الدمعة وسيصبحون نفس العين نحيا مضيعين أيامنا فى الإمتلاء غرورا نسير ،نهرع ،نحلم،نعانى ،نتمنى فنسقط نصعد فما هذا الفجر ؟؟إنه القبر أين أنا وسط الموت ،آه! ريح مجهولة تلقى بنا عند عتبة السماوات نرتجف ،نرى أنفسنا عراة ملوثين مستبعدين معقدين بألف عقدة حزينة من أخطائنا من عارنا المظلم. فجأة نسمع هاتفا يأتى من الأبدية ونجد أنفسنا مباركين بالحب دون أن نرى اليد التى تسقطه على أرواحنا المدنسة نعود بشرا.... ونحيا ومن النشوة من الأفق نمتلىء ) هذا الإيمان الذى تمتلىء به نفس الشاعر، وتحليقه فى سماوات العلا ،مؤمناً شديد الإيمان بأخطائه، معترفاً بها ،ذاكراً إياها ،لكنه آملُ فى الخلاص وأن الموت تتبعه حياة أكثر جمالا ،وأفضل سعادة ،وأرق ريحاً، وأعذب نشوة وأرقى إنتشاءً. إنها الفردوس والغد المأمول.وأن رحمة الله فوق كل شىء،هذه اليد الحانية التى تنشر فى قلوبنا الحب وتبارك أرواحنا باليقين والنشوة والحياة.
| 20 - يناير - 2010 | غواية العشق ووهم الوصال |  | الأقدار كن أول من يقيّم
الشعر الفرنسى .... أحب قراءته بلغته أو مترجماً ،توقفت كثيراً عند الفريد دو فينى(1797_1863م)،هذا الشاعر/ المفكر والذى يعد وبلا منازع من أعظم شعراء الفرنسية وقصيدته ((( الأقدار))). أقدم سطوراً منها:
تقول بنات الأقدار:نحن _ يارب _الأقدار الباردة نحكم بين أصابعنا الأيام والسنين أن نسوق هذه القطعان الضعيفة المستسلمة من البشر ! الذين يعيشون لحظتهم والمحكوم عليهم بالموت_ إلى نهايتهم التى نحددها نحن لهم. وعم صمت كأن الأرض قد توقفت ثم ملأ الأعماق صوت منبعث من الأعالى: عودوا باسمى _أنا القدر_ أيتها الملكات فالانسان سيظل دائما سباحا تائها فى أمواج الزمان الذى يقاس ويمضى. ستلمسن جبهته يابنات الأقدار بينما ذراعه تتخبط فى المياه . باحثا عن مكانه مخمنا لنهايته ستزداد مقاومته معتقدا أنه سيدحر فى صراعه معكن _ذلك النزال الخاسر_ الذى أحفظ توازنه أنا فى الأعالى ومتى ينبع زفيره وقوته وإلى الأبد أحدد مصيره وفقا لقانون أبدى . أن يفعل ما أريد ليصل إلى حيث أعرف. هذه الأقدار المهيمنة والمسيطرة والتى يقف حيالها البشر مسلوبى الإرادة،لاحول لهم ولاقوة ،فهى القوة الساحقة والماحقة ،ورغماً عن ذلك فالاستسلام للقدر هو ما تؤكده أشعار دو فينى ،هذه اللمحة الإيمانية الصادقة أن بعد الموت حياة ،وأن الإله الخالد سيكلأنا برعايته ويشملنا بعطفه. فهو الذى يرسم لنا الخطى ويحدد لنا المصير.(أن يفعل ما أريد ليصل إلى حيث أعرف). | 20 - يناير - 2010 | غواية العشق ووهم الوصال |  | الخوف من الموت كن أول من يقيّم
الفصـل الثالـث فلاح بوهيميا و محاكمة الموت هل هو الخوف من الموت يسيرنا أم هو فراق الأحبة نتركهم وراءنا أو يسبقون رحلينا ، ما يرعبنا حقاً ؟؟؟ لنتابع "أكرمان" في محاكمته للموت الذي سلبه رفيقة العمر و أنيسة الدرب. 15- أكرمان لاينمق حديثه سوى المذنب. وهكذا أنت فاعل. إنك تعودت أن تثبت لمن تنوى خدعتهم بأنك تجمع فى شخصك بين الحلاوة والمرارة, بين اللين والجمود, بين الطيبة والقسوة, وقد وضح ذلك فى حالتى. فمهما دبجت حديثك ونمقته, فأنا واثق تماما أن قسوتك الصارمة كتبت على الأسى وفقدان الشريفة الفاتنة كما أعلم علم اليقين أنه لم يؤت أحد من العالمين مثل مالله ولك من بطش وجبروت. ولكن الله لم يعذبنى مثل هذا العذاب: لأننى لو كنت خالفت الله_ الأمر الذى يحدث للأسف كثيرا_ لكان قد انتقم منى, أو لكانت الطاهرة قد ردتنى الى صوابى وهدتنى. اذن فأنت الآثم الجانى: لذلك أود أن أعرف من أنت, وماهى وظيفتك, وأين أنت, ومن أين تأتى (ماهو أصلك وفصلك). وماذا تفعل حتى استجمعت كل هذه السلطة الواسعة التى جعلتك تتحدانى وتؤذينى دون سابق انذار, وتتسبب فى خراب روضتى وهدم قوتى وتقويض دعائم قلعتى؟ أواه ياربى, ياعزاء كل القلوب الحزينة! هبنى العزاء والصبر وعوضنى ( فى مصيبتى), فأنا عبد بائس حزين, وحيد مسكين. اللهم أنزل بالموت الفظيع عذابك وانتقامك,واضرب اللهم عليه بالقيود, وامحه من الوجود , فهو لك ولنا جميعا العدو اللدود.... يارب ليس فى خلقك أفظع ولاأشنع, ولاأفضح وأبشع , ولاأظلم وأقذع من الموت. انه يعكر صفو عرشك فى الدنيا ويخربه,فهو يتوفى الصالح قبل الطالح, ولايترك غالبا فى الدنيا إلا كل مضر ومسن وسقيم ومالافائدة فيه. أما الصالحون والنافعون فهو يحصد أرواحهم. فاقض يا أعدل القضاة على هذا القاضى الذى لايقضى بالعدل.
16- الموت إن أحمق الناس هو من يسمى الشر خيرا, والخير شرا , وهذا هو شأنك. تتهمنا بالظلم وبذلك تجور علينا. وسوف نثبت لك ذلك...أنت تسأل عمن نكون, ونقول لك : نحن آلة الله , نحن صاحب السيادة الموت , أى المحشة ( الحاصدة) الفعالة, التى تمضى فى طريقها, فتحصد الأبيض والأسود, الأحمر والبنى, الأخضروالأزرق, الرمادى والأصفر, وكل الأنواع من زهور زينة وحشائش, بصرف النظر عن جمالها أو قوتها أو فضائلها ومميزاتها, فلا يشفع لزهرة البنفسج لونها الجميل ولاعبيرها الفواح ولارحيقها ذو المذاق الطيب. تنبه, هذه هى العدالة... لقد اعترف لنا بهذا الحق كل من الرومان والشعراء, لأنهم عرفونا أحسن من معرفتك لنا. أنت تسأل عن كنهنا وجوهرنا. والاجابة أننا لسنا بشىء ولكننا مع ذلك بشىء: لسنا بشىء لانه ليست لنا حياة, وليس لنا كيان أو هيكل, ولسنا روحا كما لانرى أو نلمس. ولكننا شىء, لأننا نهاية الحياة, نهاية الكينونة, بداية العدم والفناء, نحن أمر وسط بينهما. نحن حدث تخضع له رقاب الناس جميعا. كل مارد جبار أمامنا ينهار. نحن نقضى على كل كائن تدب فيه الحياة. نحن متهمون بذنب عظيم.
أنت تسأل عن مكان وجودنا, ونحن لايمكن تحديدنا (بزمان أو مكان), ورغم ذلك فقد عثر على صورة لنا مرسومة على حائط أحد المعابد فى روما, ونبدو فيها كرجل امتطى ظهر ثور معصوب العينين, أما الرجل فهو يقبض بيده اليمنى على مغرفة, ويمسك باليسرى جاروفا, وبهما يبارز من فوق الثور, بينما أخذ حشد كبير من مختلف طبقات الشعب يواجهه ويخانقه ويضربه, ومنهم من يحارب بآلته اليدويه, وتظهر بين الجموع راهبة تحمل كتاب الترانيم, كانوا جميعا يقذفون بأسلحتهم ومعداتهم فى وجه ذلك الرجل الذى يمثلنا وهو فوق الثور. ولكن الموت غالبهم وغلبهم وواراهم جميعا التراب. أما فيثاغورث فهو يقارننا بهيكل رجل له عينان بارزتان قاتلتان, تحملقان فى كل أركان الدنيا وتكيل الموت لكل كائن حى. أنت تسأل : من أين نأتى . نحن من جنة الله فى أرضه, خلقنا الله ونادانا بإسمنا الحقيقى حيث قال فى اليوم الذى تأكلون فيه من هذه الفاكهة فسوف يدهمكم الموت وتهلكون). لذلك فنحن نلقب أنفسنا دائما بالآتى نحن الموت, السيد المهيمن على الأرض والجو والبحر). أنت تسأل عن معنى وظيفتنا, وقد سمعت بعاليه أننا ننفع الدنيا بأكثر مما نضرها, وتشكرنا لما أصابك من خير على يدنا. | 20 - يناير - 2010 | غواية العشق ووهم الوصال |  | أيها السيد الموت كن أول من يقيّم
17-أكرمان يحكى المسن قصصا جديدة, والمتعلم قصصا فريدة, أما من جاب بقاع الأرض, فلا يستطيع أحد أن يقارعه أو يعارضة. وربما قيل أنها قصص مكذوبة, لاعقاب على حاكيها, وذلك لجهل سامعها بها. فأذا كنت مسنا, فلا حرج عليك من التأليف والتحريف. ورغم أنك تدعى بأنك خلقت فى الجنة لتقبض أرواح الناس, بالعدل والقسطاس, فإن محشتك غير عادلة فى حصدها, فهى تطيح بالورود فى قسوة وجحود,بينما تترك الأشواك فى الوجود, محشتك تترك الضار من الأعشاب, أما النافع منها فتلحق به الدمار والخراب. أنت تدعى أنها تقضى بالعدل, فكيف يتأتى أنها تبقى على أشواك أكثر من الورود, وعلى أعشاب ضارة أكثر من النافعة, وعلى أشرار أكثر من الأخيار؟ أرنى أين المجتهدون المحترمون الأن, ممن كانوا فى غابر الأزمان؟ أعتقد أنك حصدتهم حصدا مثل محبوبتى, ولم يبق منهم جميعا سوى ذرات من رماد.أين ذهب أولئك الذين عاشوا على الأرض, وناجوا الرب, وطلبوا منه اللطف والشفقة والرحمة؟ أين أولئك الذين أتخذوا من الأرض مستقر لهم, وتعاملوا مع النجوم, وحددوا مسار الكواكب والأفلاك؟ أين ذهب الحكماء والخبراء والعادلون والصناديد الذين تحكى كتب التاريخ الكثير عنهم؟ _ لقد اغتلتهم جميعا وبينهم محبوبتى الرقيقة, بينما مازال التافهون الحقراء على قيد الحياة. من الجانى اذن؟ فلو واتتك الشجاعة لتقول الحقيقة_ أيها السيد الموت_ فسوف تعترف بأنك أنت وحدك الجانى. أنك تؤكد فى ادعائك, بأنك عادل فى قضائك, فلا تعفى أحدا, بل أن ضربات محشتك تسقط العباد واحدا تلو الأخر. ولقد رأيت بعينى كيف أن جحافل جيشين عظيمين , يربو عدد كل منهما على ثلاثة ألاف رجل, التحمت مع بعضها, واتخذت من المروج الخضراء ميدانا للقتال, ورأيت كيف خاضوا حتى الركب فى الدماء. وفى تلك الأثناء كنت تصول وتجول فى كل الأرجاء. فقتلت بعض رجال الجيش بينما أبقيت على البعض الآخر. لقد لاحظت أن أغلب القتلى من السادة وليس من العبيد. لقد انتقيتهم واحدا واحدا من بين الجموع, كما ينتقى المرء مانضج من حبات الكمثرى. فهل حصدت بالعدل؟ وهل هذا حكم فصل؟ وهل تعدل المحشة فى القتل؟. تعالوا يا أعزائى الأطفال .... تعالوا .... لنأتى جميعا راكبين من كل فج مهللين مادحين وللموت مكرمين معظمين, فهو يدعى أنه أعدل العادلين وكأن حكمه يمتاز عن حكم الله فى العدل والمساواة .
18- الموت
من لايفهم الأمور فهو يجهلها ولايستطيع التحدث عنها. وهذا ماحدث لنا. فلم نكن نعرف أنك رجل بارع الى هذا الحد. لقد عرفناك مدة طويلة ولكننا نسيناك. كنا حاضرين ساعة وهبتك الآلهة( سبيلا) أسباب الحكمة, وعندما سلمك سليمان مقاليد حكمته وهو على فراش الموت, وعندما منحك الله ماكان لموسى من سلطان على أرض الكنانة, وعندما أمسكت أسدا من رجليه ونفضته فى الحائط, لقد رأيناك تعد النجوم وتحصى رمال البحر وأسماكه وتقيس قطرات المطر. رأينا بكل شغف ذلك السباق الذى شاركت فيه مع الأرنب. ورأيناك فى بابل أمام الملك سلطان تقدم له الطعام والشراب بكل تفخيم وتعظيم. ورأيناك وفرحنا لك وغبطناك الشرف عندما كنت تحمل الراية وتتقدم موكب الملك الاسكندر, تلك الراية التى أخضع بها الدنيا تحت لوائه . وغمرتنا السعادة عندما رأيناك فى أكاديمية (أفلاطون) وفى أثينا مع فطاحل العلم وجهابذته, الذين أبدعوا الحديث عن الرب وأظهروا معلوماتهم الغزيرة, وأخذت أنت تناقشهم وتتفوق عليهم بحديثك الحكيم. وأنصتنا إليك معجبين, عندما كنت تعلم القيصر نيرون كيف يفعل الخير ويتحلى بالصبر. وقد عجبنا عندما نقلت القيصر يوليوس فى قارب من القش عبر البحر الهائج ورغم كل الزوابع. ورأيناك فى ورشتك تصنع زيا وجيها من قوس قزح, ازدان برسوم الملائكة والطيور والحيوانات وجميع أنواع الأسماك, ثم نسجت فيه صورة البومة والقرد. وقد ضحكنا كثيرا وامتدحناك, عندما تربعت فوق عجلة الحظ فى باريس , ورقصت فوق ظهر الثور, ومارست السحر وحبست الشياطين فى زجاجة عجيبة. وتحققنا تماما من حكمتك البالغة عندما دعاك الإله للمشورة بشأن خطيئة حواء. فلو كنا عرفناك من قبل حق المعرفة لاتبعناك, ولتركنا زوجتك وكل الناس يعيشون إلى الأبد. نعم, لو عرفناك سابقا لفعلنا كل ذلك من أجلك, لأنك حقا حمار ذكر حكيم.
| 20 - يناير - 2010 | غواية العشق ووهم الوصال |
|