البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات عبدالرؤوف النويهى الحرية أولا وأخيرا

 82  83  84  85  86 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
الشكر ..حقُ وواجبُ    كن أول من يقيّم

              
أشكر الأستاذ /يوسف الزيات ،وأقول.. لاجفاء  بعد اليوم.
 
وأشكر أستاذنا الجليل /ياسين ..
وأرجو أن تتاح لى الفرصة أن أرد على بعض التساؤلات التى طرحها ،فهى وبحق من الأسئلة التى يفنى العمربحثاً عن الإجابة ، ولا ينتهى التساؤل .
 
وأسعد بكلمات الأستاذة /ضياء .. فدائماً، خيرها العميم ،بل التشجيع على الإستمرارية فى الكتابة ،أفضل ما تغمرنى به وتحثنى عليه.
 

31 - يناير - 2009
الفلسفة والموسيقى
ضياء القمر    كن أول من يقيّم

ضياء القمر
من سوناتات بيتهوفن الشهيرة ومامن عازف مبتدىء ،إلا ويشمر عن ساعديه ويعزفها .
وقد ذهبت العقول فيها كل مذهب فلم يستقر عقل على تفسير هذه السوناتة .
 
ويُحكى أن بيتهوفن كان يتمشى ليلا فى طرقات فيينا  والقمر بدر ،فشاهد غلاما كفيفا يعتمد على ذراع أخته ،ويشكو لها أنه تعيس جدا لأنه ايستطيع رؤية عظيم عظماء الموسيقى بفيينا . فيتقدم بيتهوفن إليهما ويصاحبهما إلى منزله .ويجلس أمام البيانو ويرتجل سوناتة ضياء القمر مستوحياً ضوء القمر المتساقط من النافذة ،وجمال عيون الشقيقة واختفاء الضياء من عيون الغلام .وبعد أن تم عزفها ،قام بيتهوفن بالإفصاح لهما عن شخصيته .
لكن رواية أخرى تقول ،أن تأليف السوناتة ،كان تحت تأثيرأزمة نفسية ، لغرامياته الفاشلة واليائسة مع بعض سيدات المجتمع كالكونتيسة جوليتا جويتسارى أو الكونتيسة تريزا فون برونشفيك .
أما الرواية القاطعة ،تؤكد أن سوناتة ضوء القمر وهى وكما سماها بيتهوفن "sonata quasi una fantasia   "سوناتة كوازى أونا فنتازيا ،هى إحدى إبداعات بيتهوفن الموسيقية والتى تعبر عن حزن دفين وعن شجن ويأس عميق.
 
بل أزعم أنها إحدى ثورات الإحباط التى تعترى الإنسان حين يرى نفسه وقد صار اسمه فى عنان السماء ثم لايجد تقديراً ورفعةً.
 
وأذكر واقعة شهيرة له ،أنه وجوته كان يتمشيان فى حدائق فيمار  ثم فجأة وجدا أمامهما على البعد ،بعضاً من أبناء الأسرة المالكة يتجولون بالحدائق ،فما كان من جوته إلا وانتحى جانباً ،حانيا الرأس  ،حتى تمر الأسرة المالكة.
إلا أن بتهوفن لم يصنع صنيع جوته ومضى فى طرقه غير مبالٍ بأحد من الأسرة المالكة ،رافعاً رأسه فى شموخ ،يسير فى كبرياء،الأمر الذى حدا بأمير الأسرة المالكة ،أن هز رأسه فى إنحناءة ملحوظة ، وقال بصوت مسموع :حقاً علينا أن نحنى الرأس لبتهوفن.

31 - يناير - 2009
الفلسفة والموسيقى
أصل كلمة الموسيقى    كن أول من يقيّم

الفيلسوف وفن الموسيقى
جوليوس بورتنوى
 
                                          (2)
أصل كلمة الموسيقى
 
يواصل المؤلف بأن أصل كلمة الموسيقى ترجع إلى اليونانية ،وكان ينظر إليها فى الأصل ،بطريقة أسطورية،على أنها فن أوحت به مباشرة ربة الفن"muse".  إذ1 يُذكر أن لليونانيين ثلاث ربات :ربة العلم وربة الذاكرة وربة الغناء.
ويروى عن أسطورة أورفيوس خادم أبوللوالذى كان مطرباً ساحراً ومنشداً للشعر ،كان ذاته ابنا لإحدى الربات.
وتروى الأساطير أن صوته كان له خصائص سحرية تشفى المرضى وتبعث التقوى فى النفوس عند أدائها الطقوس الدينية. ويؤكد أرستوفان أن موزياوس "museaus "` تلميذ أروفيوس بأنه "طبيب النفوس "،ويُنسب لأرسطو  أنه قال"الموسيقى أعذب مايتمتع به جنس البشر".

31 - يناير - 2009
الفلسفة والموسيقى
قلبى ..ونشيد الفرح    كن أول من يقيّم

 
من قراءاتى المتعددة ،كانت الفتنة قد أصابتنى بداء تتبع ما كتب عن بتهوفن ،فبتهوفن يُمثل عندى.. الحرية والنغم .
كم تمتعت بسماع معظم موسيقاه ،فحرصى على سمعها ،جعلنى أسابق نفسى فى الحصول على موسيقاه مهما غلا ثمنها.
كانت سيمفونيته العملاقة وأقول العملاقة السيمفونية التاسعة  والمشهورة بالكورالية .
سيمفونية من أعمق وأعظم ما كتبه بيتهوفن ،تتكون من أربع حركات  مغايرة لأوضاع تكوين السيمفونية التى تتكون من ثلاث حركات فقط.
فالحركة الأخيرة  تتلحم الأصوات البشرية مع االموسيقى فى نسيج نغمى غير مسبوق ،هذه الإبتهالات التى تنشد الفرح والخير لكل البشر .
كان بيتهوفن يصارع قدره ومرضه اللعين الذى أصابه بالصمم ،و يعلو فوق آلامه وأحزانه .
ما أقسى أن تصنع خلوداً ثم تُحرم من سماعه.
ما أقسى أن يرى بيتهوفن موسيقاه تُعزف ويصرخ الناس من الفرح والبهجة  ولايرى إلا الأكف تُصفق.
كان نشيد الفرح قصيدة فردريك شيللر الألمانى النابغة التى رحل فى أوج مجده وريعان شبابه.
ويأخذ بيتهوفن نشيد الفرح ،ختاماً لسيمفونيته الخالدة ، ويكون نداءً جميلاً واستنهاضاً للبشر فى كل مكان ..أن أحبوا بعضكم  واسجدوا لفاطر السماوات خلقكم فسواكم  .
 
ما مرة أسمع هذه السيمفونية وأصل إلى الحركة الرابعة ..ويبدأ الغناء  إلا وأهتز فرحاً ويتملكنى شعور القوة  ويستنهضنى اللحن مع الكلمات، ألا أركن لمتاعب قلبى الجريح ،هذا الذى أتعبنى معه وأتعبته معى .
هذا الذى لم يسلم من المرض ومشارط الجراحين التى طالته وعبثت به.
 
وأقدم مقطعاً من نشيد الفرح:
إيه  أيتها الفرحة.
يا سليلة إليزيوم .
منك كان النور المقدس .
وبنارك القدسية تطهرنا .
وإلى محرابك مسعانا .
بك اجتمع البشر على إخاء .
بعد أن فرقتهم الأهواء .
التى ورثوها شرورا عن الآباء .
وغدا الناس إخوانا .
يظلهم جناحاك الوديعان .
للملايين من البشر تتسع صدورنا .
وإليكم _إخواننا _فى العالم كله .
نهدى قبلاتنا .
إن وراء قبة النجوم .
أبا يحمل الحب لنا جميعا .
ألا فليشاركنا فرحتنا .
من أصفى للناس كلهم قلبه .
 
 

31 - يناير - 2009
الفلسفة والموسيقى
الفلاسفة ..قادمون    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

الأستاذة الفاضلة / نورة آل عمران
 
عاطر التحية وعظيم التقدير
منذ مايزيدعن ثلاث سنوات ،طرحتُ سؤالى.. لماذا لايوجد لدينا فلاسفة ?
وتناقلته المواقع وبلا إستثناء ،وأصبح السؤال يبحث عن إجابة.
 
وجامعة الوراق الموقرة ،كان لها قصب السبق ..فى المناقشات  الجادة والحوار البناء ،وصارت الإجابة هماُ من الهموم الثقافية التى تعترض الثقافة العربية وتبحث عن إجابات.
 
وفى آخر مداخلة قيمة للأخ العزيز الدكتور / وحيد الفيقهى  ..لخص ماهية الطرح،
فى سؤال الهوية  وسؤال الآخر وأخيراً سؤال الواقع.
كان الدكتور /وحيد الفيقهى ..متميزاً فى طروحاته فى هذا الملف ولفت الأنظار بأدبه الجم وثقافته الموسوعية ،ويظل هذا الملف محط إهتمامه .
بل كانت الأخت الفاضلة الأستاذة ضياء العلى والأخ العزيز يحيى رفاعى والأخ العزيز الأستاذ عبد الحفيظ  والأخ الفاضل /محمد فادى  والأستاذ العياشى  والسادة والسيدات الأجلاء من المتحاورين.. ممن حاولوا طرح الإجابة على هذا السؤال.
 
 
سؤالك _سيدتى الفاضلة _ هل وجدتُ الإجابة؟
 أقول وبصدق : ما تم طرحه فى هذا الملف الفارق ،قد قرّب المسافة الشاسعة بين صعوبة السؤال وتهيّب الإجابة.
فوجدنا الأطياف الفكرية والفلسفية تحاول الإجابة .
لكن هل الحقيقة المطلقة ملكٌ لآحاد الناس دون غيرهم؟
 
الكل يسعى  ويبحث وتبقى الإجابة القاطعة رهن المستقبل.
 

16 - فبراير - 2009
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
البنت أم مريلة كُحلى.    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

ذكرى جميلة
******
كانت ابنتى بسمة.. فى أعوامها الأولى ،ورغبت زوجتى أن تتعلم ابنتها فى مدارس خاصة ،ورضيتُ غصباً عنى ،وكنت أذهب إلى مجمع المحاكم يومياً بمواصلات شعبية "أتوبيس ،أو باصات"،أما ابنتى يأتى إليها تاكسى خاص لذهابها وعودتها من المدرسة الخاصة.
وفى يوم ،تعطل التاكسى عن الحضور بل استمر العطل لأيام،وأصبحتُ آخذ بسمة صباحاً إلى المدرسة ثم العودة بها.
وكانت شنطة كتبها كبيرة ومليئة بكتب ..لا أدرى لماذا؟
سألت زوجتى قالت:كتب الدراسة بتاعة الوزارة والمدرسة الخاصة.
قلت لها على الفور:الشنطة تقيلة قوى .دى عايزة حمار يشيلها؟؟!!
فقالت زوجتى :والعمل!
فقلت :أمرى لله أشيلها!
كنت أمشى بجوار ابنتى شايل شنطة كتبها الكثيرة،وكان محمد منير.. قد غنى فى ألبوم له أغنية كتبها صلاح جاهين"
يابنت يا أم مريلة كحلى ياشمس هله وطله من الكولة
لو قلت عنك فى الغزل قولة مايكفينى عشر دواوين"
هذا ما أتذكره الآن.
وتمر الأيام وتنقضى السنون وتشترى ابنتى سيارة خاصة لها وتصبح زميلة مهنة "محامية" وتأخذنى معها ..وأتأملها وهى تقود السيارة ..وابتسم وأتذكر "البنت أم مريلة كحلى " والتى كانت ترددها ورائى ،أثناء حملى الشنطة المليئة .

19 - فبراير - 2009
أغانٍ لها ذكرى في حياتي
الشعراء المنشدون    كن أول من يقيّم

الفيلسوف وفن الموسيقى
جوليوس بورتنوى
                   
 
(3)
 
واستمر أرسطو يؤكد :أن الموسيقى يمكن استخدامها وسيلة تسرّى عن الإنسان العناء"
 
ويواصل المؤلف ..بأن هوميروس فى الأوديسية. قد قال :أن الشعراء المغنين هم أقرب البشر إلى قلوب الآلهة؛فقد وهبتهم الربة فن الغناء ،لا لكى يطربوا نفوس الناس فحسب ،وإنما لكى يسهروا على رعاية أخلاق البشر أيضاً،فهؤلاء الشعراء هم الرسل الذين يعيشون على الأرض وبنقلون الرغبات الإلهية إلى الإنسان ؛وبالموسيقى يستطيع الإنسان بدوره أن يبتهل إلى الآلهة  لتخلصه من الوباء والمرض؛وقد وصف هوميروس، كما روى بلوتارك بعده بقرون عديدة ،كيف أوقف الأغريق نقمة أحد الأوبئة بقوة الموسيقى وسحرها الذى بدد غضب الآلهة :((بالأناشيد والأغانى المقدسة  هدأت الآلهة راضية))
 
بل ظلت علاقة الشاعر المنشد بربة الغناء علاقة وثيقة ، بل يحكى هزيود الذى عاش فى القرن الثامن قبل الميلاد ..
 
بأن الربات قد ظهرن له بينما كان يطعم قطعان أبيه،وعهدن إليه بأن يكون رسولهن وشاعرهن ،وأعطينه عصا الشاعر لتكون آية على رسالته كمنشد.
وقبل أنا يفارقنه قلن له: إننا نعرف كيف نقول كثيراً من الأكاذيب التى تقع من الآذان موقع الحقيقة ،ولكنا نعرف أيضاً كيف نصرح بالحقيقة عندما نشاء"
 

19 - فبراير - 2009
الفلسفة والموسيقى
هللوا أيها الأصدقاء    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

استمع ريتشارد فاجنر إلى سيمفونية بيتهوفن التاسعة والشهيرة بالكورالية ،هذا العمل الفذ .لم يجد فاجنر.. أمام عظمة هذا العمل إلا أن يكتب شهادة تاريخية"إننا ننظر إلى هذا العمل كعلامة تاريخية تحدد عهداً جديداً فى هذا الفن العالمى ...فمن خلاله عاش العالم ظاهرة نادرة ..قلما يجود التاريخ بمثلها ..فى أى زمان أو مكان"أما سنتيانا فيقرر مؤكداً"إن الله قد خلق بيتهوفن حتى يكتب السيمفونية التاسعة "
وتأتى النهاية بأسرع مايمكن ويرقد بيتهوفن على فراش الموت ،ويلتف حواليه أصدقاؤه ومحبوه وأخوه يوهان،فبيتهوفن حتى الرمق الأخير ،كان يقرأ وبجواره بعض مؤلفات أوفيد تناسخ الكائنات ..وتشرق الإبتسامة على وجهه ،فقد وصلت له تواً من أحد أصدقائه الإنجليز .. دراسة عن الموسيقى الأشهر هيندل ..

وفى الثالث والعشرين من مارس 1827م ...يلوح فى الأفق طائر الموت..وأصبحت النهاية قريبة قريبة ..

وتأتى اللحظة الأخيرة ..ويصبح ملاك الموت وجهاً لوجه مع بيتهوفن ،فيقول :هللوا أيها الأصدقاء ..فقد انتهت المهزلة ..
ثم يفقد وعيه ..فلايفيق وفى 26مارس 1827م ،كانت العواصف صرصراً عاتية والرعد يعوى مرعداُوالبرق يلمع متتابعاً ..يرفع بيتهوفن رأسه،ويفتح عينيه...وهى آخر نظرة ودع بها الدنيا وما فيها ومن فيها ،ويغمض عينيه ..وتخرج الروح إلى بارئها..
وتفجع فيينا فى موسيقاها الأشهر وتودعه بكل تقدير واحترام وتكريم ..ويسير ،خلف نعشه ، الجموع يرددون نشيد الفرح..
ولم يجد الموسيقار فرانز شوبرت ، تعبيراً منه لهذا العملاق ،سوى حمل مشعل ، ضمن حملة المشاعل، للذى لم يلتق معه فى الحياة .وبعد عام يلحق به ويُدفن على مقربة منه.

19 - فبراير - 2009
الفلسفة والموسيقى
فى نشوة الوصال     ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

السيمفونية الكورالية.. للأشهر بيتهوفن ، وخاصةً الحركة الرابعة والتى فيها كان الإعجاز الفنى لبيهوفن والتصاعد النغمى مع الأصوات البشرية المتضرعة ونشيد الفرح ،الذى كان ختاماً فاتناً ورائداً ، للسيمفونية الخالدة .
 
الحركة الرابعة ،وكما أزعم ،هى الحاضة والدافعة والملهمة لفاجنر على التأليف الأوبرالى (شعر وموسيقى ومسرح وغناء) وتلاحم الموسيقى مع الصوت البشرى فى شدو بديع.
 
كانت الأسطورة التى قامت عليها هذه الأوبرا المذهلة  ،والتى قامت بسردها كاملة ،الأستاذة ضياء ،من الأساطير الجميلة والراقية .
 
بل لا أنسى ترجمة الدكتور ثروت عكاشة ..للمشهد الأخير،(المنظر الثالث من الفصل الثالث) .عندما تصل سفينة تحمل الملك مارك ،وكانت وصيفة إيزولدا قد حكت له عن وصفة الحب الذى أدى إلى عشق تريستان وإيزولدا ،وجاء الملك ليعفو عنهما ،غير أنه وجد تريستان قد مات ،وبجواره وقفت إيزولدا تنعيه بحزن شفيف .
 
 
على شفتيه الباسمتين ،
ترف أرق عذوبة،
وغرام جياش يسبح فى عينيه،
أترون معى ؟
أم خفى عليكم ياصحاب؟
إشراق ينجلى ،
يتلألأ،
يلمع تحت بريق النجم،
ويحلّق أعلا ..أعلا..
أترون معى؟
خفقان قلبه يعلو ببسالة،
بجلال يتسامى،
يطفو فوق الصدر.؟
والغبطة ناعمة،
تنحدر من شفته:
أنفاساً عذبة تخفق حانية.
 
ياصحابى القوا نظرة..
ألا ترون؟
ألا تحسّون؟
أم وحدى أسمع ؟
هذا اللحن.
ما اعجب !
ماأحنى ما فيه من الغبطة وهى تئن!
وتبوح بكل الأسرار!
وتوائم فى رقة ،
تطفو من جسده،
لتغوص إلى أعمق أعماقى،
ولتسموعالية،
فى أصداء غرام،
رنان حولى ،
وتعود تدوّى ،
حولى سابحة ،
أتراه أمواجا؟
أم نسمات من ريح عذبة؟
أم غيماً،
من عطر آسر،
ينتشر ويعلو،
ويدمدم حولى؟
أترانى أستنشق؟
أترانى أصغى ؟
أترانى أرشف؟
أم أغرق نفسى
فى الشذى الجذاب،
أتنسم آخر أنفاسى
 وسط الجيشان الصاخب،
فى رجع الصوت،
فى الرحب الممتدالشامل:
أنفاس الكون.
فلأغرق ،
فلأهوى  حتى الأعماق،
بلا وعى ،
فى نشوة الوصال الباهرة..

20 - فبراير - 2009
الفلسفة والموسيقى
من هو مصطفى سعيد بطل «موسم الهجرة إلى الشمال»؟    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

مقالة ممتازة ..قرأتها حين نشرها،كانت ،بالنسبة لى ،مفتاحاً، لشخصية مصطفى سعيد،الأمر الذى حدا بى.. إلى قراءة الرواية، أكثر من مرة.
                                          عبدالرؤوف النويهى


من هو مصطفى سعيد بطل «موسم الهجرة إلى الشمال»؟

شاهدة على زمن الرواية وأبطاله تستجمع خيوط القصة

الخرطوم: جريزلدا الطيب

كاتبة هذا المقال جريزلدا الطيب، هي فنانة بريطانية وباحثة في الأدب الأفريقي بلغت اليوم ثمانيناتها. كانت قد تزوجت من عبد الله الطيب، الكاتب السوداني الراحل المعروف، وعايشت الحقبة التي تستوحي منها رواية «موسم الهجرة إلى الشمال أحداثها وأبطالها» في السودان كما في لندن. وهذه الباحثة تكتب اليوم، مفككة الرواية، باحثة عن أصول أبطالها في واقع الطيب صالح، لا كدارسة أكاديمية فحسب، بل كشاهد حي على فترة، لم يبق منها الكثير من الشهود. انها قراءة مختلفة ومثيرة لرواية لا تزال تشغل النقاد...


جيل اليوم يعرف الطيب صالح من خلال كتاباته الروائية والمقالات، ومعلوماتهم عن حياته، تعتمد على مقولات وفرضيات، معظمها غير صحيح، تحيط بفلك هذا الكاتب المشهور وروايته ذائعة الصيت «موسم الهجرة إلى الشمال».

وهذه المقالة تغطي فجوة زمنية مهمة، تقع بين جيل قراء ومعجبي الطيب صالح الجدد وجيلنا نحن. فأنا أنتمي الى جيل قديم انطفأ عنه البريق، ولكنه عرف الطيب صالح شخصيا في شبابه، وكذلك عرفت الأشخاص والأحداث التي شكلت، على الأرجح، خلفية لـ«موسم الهجرة الى الشمال» لأنها كانت رابضة في وعي المؤلف. والدراسة هذه هي عملية تحليل لمعرفة مفاتيح رواية «موسم الهجرة الى الشمال» roman a_clef بدلا من الفكرة السائدة عنها في المحيط الأدبي كسيرة ذاتية للكاتب كما في دراسة سابقة للناقد رجاء النقاش الذي تعرّف على الطيب صالح في الخليج عندما كان الأخير يعمل هناك، وفي غيرها من الدراسات النقدية لنقاد تبنوا نفس التحليل رغم أن معظمهم لم يتعرّف على طبيعة الحياة في السودان أو في بريطانيا!

وندعي من طرفنا، أن مصطفى سعيد بطل رواية «موسم الهجرة الى الشمال» ليس هو الطيب صالح، ولا يستعير جانباً مهماً من سيرته؟ فمن يكون هذا البطل الروائي اذاً؟

هذا سؤال مثير ليس علينا أن نجفل من إجابته، ولكن دعونا أولاً نؤسس تحقيقنا على أن مصطفى سعيد ليس ولا يمكن أن يكون سيرة ذاتية للكاتب. الطيب صالح ذهب الى المملكة المتحدة عام 1952 لينضم الى فريق القسم العربي بالـ«بي بي سي» حيث ظل يعمل هناك على مدى 15 عاما، قام فيها بأعمال متميزة وبدأ وظيفته كمؤلف. ولكن الحقيقة أنه لم يدرس أبدا في أي جامعة في المملكة المتحدة، بينما مصطفى سعيد بطل الرواية يفترض أنه ذهب الى المملكة المتحدة في منتصف العشرينات، وحقق نتائج أكاديمية رفيعة ونجاحا باهرا. وفي الحقيقة أنه لا يوجد سوداني ذهب الى المملكة المتحدة في العشرينات، وهي واحدة من الأحداث المدهشة في الكتاب. ولكن في الثلاثينات ذهب الى المملكة المتحدة كل من الدرديري إسماعيل ويعقوب عثمان لدراسة القانون.

ما نود تحقيقه الآن هو أن مصطفى سعيد بطل متخيّل على عدة مستويات في ذهن المؤلف، مصطفى سعيد قد صنع من مزج عدة شخصيات التقاهم بالتأكيد الطيب صالح أو سمع بهم عندما ذهب لأول مرة إلى لندن عام 1952، ولكن قبل أن نمعن أو ننطلق في هذه الفرضية علينا أن ننظر الى شخصية البطل ونقسمها الى ثلاثة محاور:

مصطفى سعيد- الأكاديمي السوداني الذي يعيش في لندن.

مصطفى سعيد- «دون جوان لندن».

مصطفى سعيد - وعودته الى موطنه الأول.

يرجح ان مصطفى سعيد الأكاديمي هو شخصية «متكوّنة» من ثلاثة أعضاء في دفعة السودانيين النخبة الذين اختيروا بعناية، وأرسلوا بواسطة الحكومة السودانية عام 1945 لجامعات المملكة المتحدة، وكلهم يمثلون شخصيات بطولية في الوعي الوطني الباكر للسودانيين، أحدهم هو د. سعد الدين فوزي وهو أول سوداني يتخصص في الاقتصاد بجامعة أكسفورد، حيث تزوج فتاة هولندية محترمة ومخلصة وليست شبيهة بالفتيات في الرواية، وحصل على درجة الدكتوراة في العام 1953، وعاد الى السودان، حيث شغل منصبا أكاديميا رفيعا الى أن توفي بالسرطان عام 1959. ولكن قبل ذلك التاريخ في الخمسينات حصل عبدالله الطيب على درجة الدكتوراه من جامعة لندن في اللغة العربية وعيّن بعدها محاضرا في كلية الدراسات الأفريقية والشرقية بالجامعة نفسها، وقبلها بعامين تزوج من فتاة إنجليزية، ومرة أخرى ليست شبيهة بصور فتيات الرواية.

إذا هنا مزج الطيب صالح الشخصيات الثلاثة: سعد الدين وحصوله على شهادة بالاقتصاد من أكسفورد والدكتور عبدالله الطيب وتعيينه محاضرا في جامعة لندن. أما الشخص الأكاديمي السوداني الثالث الذي اقتبس الطيب صالح جزءاً من شخصيته لتمثل الصفة الثالثة عند مصطفى سعيد وهي «الدون جوان، الى حد ما، فهو الدكتور أحمد الطيب. هذا الرجل كان جذابا وشخصية معقدة ومفكرا رومانسيا، وكما حال الأكاديميين من جيله شغله الصراع النفسي بين حياته الحاضرة وإرثه القديم، كما كان مجروح العواطف ومهشما بالطموح السياسي ومنافسات الوظيفة لجيله. وكطالب يافع فإن أحمد الطيب كان معجبا جدا بـ د.هـ. لورنس وفكرة «الحب الحر»، ومن المحتمل أنه عند ذهابه الى إنجلترا كان يضع في ذهنه ونصب عينيه إمكانية إقامة علاقات رومانسية مع الفتيات الإنجليزيات. ولكن أول رحلة له للمملكة المتحدة كانت عام 1945-46 وهي فترة قصيرة، ولكن زيارته الثانية عام 1951-1954 أنجز فيها درجة الدكتوراه في الأدب العربي وتزوج من سيدة بريطانية. وقد فشل هذا الزواج والتقي أحمد بزوجة سودانية لطيفة والتي لحد ما تشابه حسنة- ولكن أحمد الطيب لم يستقر في زواجه، كما هو متوقع، وانتهت حياته في السودان فجأة وبطريقة غامضة ومأساوية. وهو بكل تأكيد معروف تماما الى الطيب صالح، وكان يعيش في لندن عندما ذهب إليها الكاتب لأول مرة.

وعامل آخر يجب أن يذكر في الربط بين الدكتور أحمد الطيب ومصطفى سعيد، هو أن أحمد الطيب كانت له علاقة وثيقة جدا بصحافي لامع شاب وهو بشير محمد سعيد، جاء من منطقة أو حياة قروية تشابه الى حد بعيد بيئة الراوي في «موسم الهجرة الى الشمال».

وإذا عدنا لشخصية الدون جوان عند مصطفى سعيد، فان الطيب صالح لم تكن لديه مبررات عظيمة أو مقنعه لإلقاء نفسه على أجساد النساء الإنجليزيات كانتقام من الإمبريالية لوطنه. أولا، ولنقل بأمانة أن الإمبريالية المذكورة في الرواية ليست بهذا السوء، فإذا كان البريطانيون قد احتلوا السودان وإذا ما كانت لديهم مغامرات في أجزاء من هذا البلد، فذلك لأن التركيب الاجتماعي في تلك المناطق يسمح بإقامة مثل هذه العلاقات بل وحتى يشجعها، ولكن الاستعماريين البريطانيين لم يؤذوا النساء في شمال السودان الإسلامي، لذا فإنه ليس هناك تبرير منطقي لهذا الإنتقام. وترينا الرواية ان الفتيات الإنجليزيات كن ينظرن الى الطلاب الأفارقة كظاهرة مثيرة جديدة تسبح في أفق حياتهن الجنسية والإجتماعية. وفي رأيي أن الكاتب النيجيري شينوا أكليشي تعامل مع هذا الوضع في روايتهNo longer at ease وبطلها «أوبي» بطريقة أكثر واقعية وقابلية للتصديق من رواية مصطفى سعيد، الذي تعامل مع الوضع العام كله وكأنه حقيقة إجتماعية في ذلك الزمان. ولذا علينا هنا توضيح الأمر. ففكرة أن إعجاب النساء البيض بالرجال الأفارقة تتبع لأسطورة الرجل الأفريقي القوي جنسيا، هذه الفكرة موجودة لدى العرب أنفسهم، ومؤكدة في بداية رواية ألف ليلة وليلة فشهرزاد مهددة بالموت من زوجها الملك شهريار الذي خانته زوجته الأولى مع عبد زنجي.

كما هناك توضيح آخر يجب أن يوضع في الإعتبار، أن ذلك الجيل من الفتيات والنساء البريطانيات اللواتي تعرّفن على الطلاب الأفارقة في بلادهن في تلك الفترة هن بنات لأمهات حاربن طويلا لأجل المساواة مع الرجل وتخلصن مما يسمى بـ«عقدة أو أسطورة الرجل القوي». ولكن بلا وعي منهن فإن هؤلاء الفتيات كن يبحثن عن الذكر «الجنتلمان»- أو الحمش باللهجة المصرية، وهو الرجل الذي يوافق أدبياتهن وما قرأنه في «روايات جين آير» و«مرتفعات ويزرنج» ونموذج الرجل الغريب الأسود، وهذا ما جعلهن يتوقعن أن يجدنها عند الرجال الأفارقة الذين يبدون واثقين من أنفسهم وقوتهم وشجاعتهم وحمايتهم للمرأة وقناعتهم الثابتة بأنها المخلوق الضعيف الذي يحتاج الى الحماية! وهذا ما فشل الطيب صالح في تصويره. كما أن الفتيات البريطانيات اللواتي أقمن علاقات مع الطلاب الأفارقة كن يعملن على مساعدة هؤلاء الطلاب في بحوثهم الجامعية وكتابتها باللغة الإنجليزية الرصينة. لذا فليس الشكل الخارجي الجذاب لمصطفى سعيد هو الذي قاد الفتيات الإنجليزيات لأن يقعن في غرامه من أول وهلة!

ولحسن الحظ أنه لم تكن هناك قضية جنائية لرجل سوداني قتل فيها سيدة بريطانية أو عشيقة، ولكن كانت هناك قصة مأساوية حدثت في الخمسينات تناقلتها الصحف بتغطية واسعة، كانت القصة بين فتاة بريطانية تدعى ناوومي بيدوك وفتاها السوداني عبدالرحمن آدم، كان الإثنان يدرسان بجامعة كمبريدج ونشأت بينهما علاقة عاطفية. وقام والد الفتى بزيارة مفاجئة الى إنجلترا وعارض هذه العلاقة والزواج المخطط له بين الشابين، مما أعقبه انتحار الفتى بالغاز، ومن ثم انتحار الفتاة ناوومي بعده بأيام وبنفس الوسيلة. وكان والدها العطوف المتسامح بروفسور دان بيدو قد ألقى كلمة حزينة في التحقيق، تعاطف فيها مع قصة حب ابنته وأنه كان يتمنى لها زواجا سعيدا. وهو خطاب يشبه في عاطفيته الذي ألقاه والد الفتاة التي قتلها مصطفى سعيد في روايته للمحكمة.

بل حتى مشهد المحاكمة نفسه نستطيع ان نجد له من مقابل، فقد حدثت في العام 1947 قضية مشهورة جدا حيث قام حارس مطعم سوداني يدعى محمد عباس ألقي عليه القبض لإطلاقه النار على رجل جامايكي، وقد حكم عليه بالقتل الخطأ. وهذه القضية أثارت حساسية لدى المجتمع السوداني بلندن حيث أن كل السودانيين كانوا معتادين الذهاب الى ذلك المطعم في إيست إند ليتناولوا فيه الأطباق السودانية المحببة. وهذه الحادثة كان قد سجلها عبدالله الطيب في صحيفة «الأيام» التي تصدر في الخرطوم عام 1954.

وفي الحقيقة كانت براعة من الطيب صالح أن يقوم بخلط كل تلك الشخصيات والأحداث وإخراج عمل فني رائع منها. أما أكثر الجوانب المثيرة، والمحيطة بمصطفى سعيد فهي عودته لبلده كمواطن غير سعيد، وظاهرة عدم الرضا، وعدم التوافق مع المجتمع الأصل، كان قد تناولها عدد من الكتاب الأفارقة. وهي مشاعر يمكن الإحساس بها في الروايات No Longer at Ease و The Beautiful one is not yet born و Morning yet in Creation و Not yet Uhuru. والقرية في الرواية شبيهة بقرية الطيب صالح التي قمت بزيارتها بمنطقة الشمالية، وهنا نجد السيرة الذاتية بالتأكيد قد دخلت في نسيج الرواية وتلاقي الأجيال هو حقيقي في القرى، إلا أن التعليقات التي قالتها المرأة العجوز في مجتمع محافظ كمجتمعات القرى يجعل المرء يتساءل من أين أتى الطيب صالح بهذه المرأة؟ وقصة حسنة وزواجها الثاني مناف للواقع حيث أن التقاليد القروية تمنح الأرامل الحرية في اختيار الزوج على عكس العذراوات.

وفي القرى حيث أن أي شخص له الحرية في التدخل في حياة الشخص الآخر وشؤونه وحيث الناس دائما في حالة إجتماع مع بعضهم البعض. ويمكننا تخيل مدى الفضول في قرية نائية تجاه كل جديد وافد. فمن الطبيعي أن شخصا مثقفا عائدا من أوروبا يريد أن تكون له مملكته الخاصة. وهذه الغرفة الخاصة بمصطفى سعيد شبيهة بغرفة كانت في حي العرب بأم درمان، وصاحبها هو المرحوم محمد صالح الشنقيطي. وهو شخصية سودانية لامعة ومن النخب المثقفة، وهو أيضا أول قاض وبرلماني ضليع تلقى تعليمه ببيروت، وقد جاء ذكره وذكر غرفته في رواية Black Vanguard للكاتب السوري إدوارد عطية التي صدرت في الأربعينات، والذي كان يعمل في مخابرات الجيش البريطاني في السودان. وبالطبع كانت هناك الزيارات العديدة الى منزل محمد صالح الشنقيطي بعد تناول الشاي وبعدها بالتأكيد يذهبون الى الغرفة المهيأة بالأثاث في «الديوان»-الاسم القديم للصالون، المحاط بالزهور. وهي غرفة تبدو عادية من الخارج يهتم بها الشنقيطي يغلقها ويفتحها بنفسه، والكتب بها مرصوصة من الأرض الى السقف ومفروشة بالسجاجيد الفارسية الثمينة والتحف الرومانية. وهذه المكتبة الخاصة تشابه بصورة دقيقة غرفة مصطفى سعيد حيث يسمح للراوي بإلقاء نظرة على الغرفة، وتم إهداء محتويات المكتبة الى جامعة الخرطوم في الذكرى السنوية لرحيله.

وبذا نكون قد حققنا تركيبة الشخصية المعقدة لمصطفى سعيد، في هذه الرواية الشهيرة «موسم الهجرة الى الشمال» ليس استناداً فقط إلى وثائق قرأناها، وإنما إلى حقبة كاملة سنحت الفرصة ان أكون شاهدة على أحداثها.




**********************


الشرق الأوسط ..جريدة العرب الدولية
الاربعـاء 24 ربيـع الاول 1428 هـ 11 ابريل 2007 العدد 10361

21 - فبراير - 2009
الطيب صالح ..الروائى السودانى الكبير ..فى رحاب الله.
 82  83  84  85  86