البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات يحيي رفاعي سرور سرور

 7  8  9  10  11 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
ابن تيمية... فيلسوف عصر النهضة (40)    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

لا زلنا بصدد "المفارقة الأم" المسيطرة على العقل الجاهلي, والتي مضمونها : أن علاقة العقل الجاهلي بكل من الحضارة الإسلامية من ناحية وعصر النهضة من ناحية أخرى, هذه العلاقة المركبة في واد, والعلاقة الحقيقية بين الحضارة الإسلامية وعصر النهضة في واد آخر, وشتان بين الحقيقة والخيال, وبهدف إصابة العقل الجاهلي بالصدمة, وإخراج الفئران منه, أشرنا إلى التطابق بين موقف كل من شيخ الإسلام وعصر النهضة من منطق أرسطو, بل وأشرنا إلى أمر آخر لا يقل أهمية, هو أن عصر النهضة ليس شيئا آخر غير هذا التطابق. كان هذا الشيء الآخر الذي لا يقل أهمية هو الذي جعلنا نمهد لموضوع المنطق نفسه بمناقشة وجهة النظر التي تقول:
"إن عصر النهضة وإن تشابه مع ابن تيمية في نقضه لأرسطو, إلا أنه يتجاوز مجرد هذا النقض, عصر النهضة ليس هو أفكاره ذاتها, بل هو الروح التي استطاعت النأي بالعقل عن الدين"
أصحاب هذه الدعوى, بعدما وجدوا أن عصر النهضة قد فشل في ترشيح أفكار تكون هي رسالته, انتقلت, في تقديمها لعصر النهضة, من الأفكار ذاتها إلى طبيعة الأفكار, ولسان حالهم يقول:
"علينا أن نتجه في عصر النهضة, لا إلى أفكاره ذاتها, بل إلى كونه نموذجا للعقل المنزه عن الأغراض الدينية", فهل كان هذا العصر حقا منزها عن الأغراض الدينية?
آن لنا أن ننزع تلك الفكرة من رؤوسنا, عصر النهضة كما أنه عصر الهجوم على الكنيسة, إلا أنه, وبنفس القوة, عصر الاستماتة في الدفاع عن الكنيسة وترميمها من الداخل, أليس عصر النهضة هو عصر الإصلاح, عصر لوثر وكالفن, لكن دعونا من تلك الحركات الاجتماعية الدينية, ولنقصر حديثنا على الشأن الفلسفي...
فيما يخص علاقة عصر النهضة بالدين نذكر أن عصر النهضة تميز بسقوط منطق أرسطو, لكن أرسطو لم يكن مجرد فيلسوف, بل كان هو, ومنذ توما الأكويني, التبرير العقلي للكنيسة, والغطاء الفلسفي لها, فلنا أن نتخيل أن سقوطه لم يحدث فقط خواء عند العقل الغربي, بل وأيضا خواء عند الكنيسة, ومن الميسور جدا أن نتوقع أن الغاية القومية لفلاسفة عصر النهضة لم تكن فقط الإحلال محل أرسطو كفيلسوف, بل كان الإحلال محله كدعامة عقلية للكنيسة, وكذا كان شأن "ديكارت" و"كانط" و"هيجل" و"باركلي" , و" كيركجور"؛ وقد أصبحت علاقتهم بالمسيحية, فيما أظن, واضحة لدى العرب عما كان الأمر عليه منذ سنين, وإذاً.. فخطأ واضح ذلك القول بأن ما يميز الحياة العقلية لعصر النهضة هو استقلالها عن الدين.
 ولن يتسع المقام هنا للبرهنة على علاقة كل واحد منهم بالكنيسة, بعرض قول له أو بمضاهاة فكره بأفكار الكنيسة, لكن سأكتفي بعرض الإهداء الذي توجه به "ديكارت" في كتابه "تأملات في الفلسفة الأولى":
إهداء إلى العمداء والعلماء بكلية أصول الدين المقدسة بباريس
حضرات السادة:
يدفعني إلى تقديم هذا الكتاب إليكم سبب وجيه جداً, ويقيني أنكم ستجدون حين تقفون على القصد منه سببا وجيها كذلك لتشملوه برعايتكم. ولهذا رأيت أني لا أستطيع أن أجد ما يشفع له عندكم خيرا من أن أبين لكم قصدي فيه بيانا موجزا. لهذا كان رأيي دائما أن مسألتي الله والنفس أهم المسائل التي من شأنها أن تبرهن بأدلة الفلسفة خيرا مما تبرهن بأدلة اللاهوت (يحيى: هذه فكرة دينية مسبقة ستحكم كل النشاط العقلي بعد ذلك) ذلك أنه ون كان يكفينا نحن معشر المؤمنين أن نعتقد بطريق الإيمان بأن هنالك إلها وبأن النفس الإنسانية لا تفنى بفناء الجسد, فيقيني أنه لا يبدو في الإمكان أن نقدر على إقناع الكافرين بحقيقة دين من الأديان, بل ربما بفضيلة من الفضائل الأخلاقية, إن لم نثبت لهم أولا هذين الأمرين بالعقل الطبيعي. وحيث أن الغالب في هذه الحياة أن تثاب الرذيلة أكثر مما تثاب الفضيلة, فإن أغلب الناس كانوا يؤثرون سبيل المنفعة على سبيل العدالة, لو لم يردهم خوف الله أو توقع حياة أخرى. ومع أن من الحق إطلاقا أنه ينبغي أن تعتقد بوجود الله, لأن هذا هو ما جاءت به الكتب المقدسة, وأنه ينبغي من جهة أخرى أن نؤمن بالكتب المقدسة. لأنها جاءت من عند الله, وذلك لأنه لما كان الإيمان هبة من الله, فإن الموجود الذي يهبنا من فضله ما يعيننا على الاعتقاد بالأشياء الأخرى يستطيع أيضا أن يهب ذلك الفضل لنعيننا على الاعتقاد بوجوده هو, إلا أننا لا نستطيع أن نعرض ذلك على الكافرين. فإنهم قد يتوهمون أن الاستدلال على هذا النحو وقوع في الغلط الذي يسميه المناطق دورا.
وأنا أعلم أنكم وجميع رجال الدين تذهبون إلى أن وجود الله يمكن إثباته بالعقل الطبيعي. وتزيدون على ذلك أنه يؤخذ من الكتب المقدسة أن معرفتنا له أوضح جدا من معرفتنا لكثير من الأشياء المخلوقة, وأن هذه المعرفة بلغت من السهولة حجا يجعل غير الواقفين عليها مذنبين, كما يبدو من أقوال "سفر الحكمة" في الإصحاح الثالث عشر, إذ ورد فيه: "إن جهلهم, لا يغفر, لأنه إذا كانت عقولهم قد أوغلت إلى هذا الحد في معرفة أمور الدنيا, فكيف أمكن أن لا تكون معرفتهم للرب الأكبر أيسر?", وجاء في رسالة بولس إلى أهل رومية, أنهم "لا عذر لهم"..."
وإذاً.. فلقد بدأ عصر النهضة نشاطه العقلي لتبرير أفكار دينية مسبقة, بل وبعدم التسامح مع المخالفين وإن كان ذلك جهلا منهم بها.
 
 
 

4 - مارس - 2007
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
الأخ زياد    كن أول من يقيّم

الشكر والتقدير للأخ زياد.. والحزن والرثاء على حالة للأخ "محمد"..
إذا كان الحديث عن دور الآباء في إيجابيات العصر الحديث, حديثا محظورا, كي لا نضبط "متلبسين" بجريمة تمجيد ماضينا, فلم نتحدث عن دور ماضي الآخرين في تلك الإيجابيات? أليس هو ماضٍِ أيضا? ولِمَ يسمح لهم بإحالة أي فكرة حديثة, بشكل متعسف ومتكلف, إلى اليونان? "برتلاند راسل" مثلا, يقول دفاعا عن التخلف العقلي "لطاليس" الذي كان يقول أن العالم يتألف من الماء, وذلك في كتابه "حكمة الغرب":
على أن أهم آراء طاليس, هو قوله إن العالم يتألف من الماء, وهي عبارة ليست مسرفة إلى الحد الذي تبدو عليه للوهلة الأولى, ولا هي مجرد نتاج للخيال المنفصل عن المشاهدة, فقد تبين في عصرنا هذا أن الهيدروجين, الذي هو العنصر المولد للماء, هو العنصر الكيميائي الذي يمكن تخليق جميع العناصر الأخرى منه(يحيى: هذا تدليس متعمد على علم الفيزياء). والواقع أن الرأي القائل أن المادة كلها واحدة, هو فرض علمي جدير بالاحترام.(يحيى: الفيزياء الحديثة تنكرت لموضوع المادة أصلا ولا تستخدم ذلك المصطلح) أما عن الملاحظة, فإن وجود المرء قريبا من البحر ييسر عليه ملاحظة عملية تبخر المياه بواسطة الشمس".
نفس الكاتب يدافع عن فكرة انكسيمندر في أن الإنسان أصله "سمكة"!, بقوله:
أما رأي انكسيمندر في أصل الإنسان فكان "حديثا" إلى حد بعيد. ذلك لأن ملاحظته أن الإنسان يحتاج في صغره إلى فترة طويلة من الرعاية والحماية جعلته يستنتج أنه لو كان الإنسان دائما على ما هو عليه الآن, لما تمكن من البقاء. وعلى ذلك فلا بد أنه كان فيما مضى مختلفا(يحيى:!!).....وأيد ذلك بملاحظات عن حفريات باقية(يحيى:علم الحفريات الحديث لم يستطع البرهنة على نظرية التطور, واستطاع ذلك علم الحفريات أيام انكسيمندر!), كما أيده بملاحظة الطريقة التي تطعم بها أسماك القرش صغارها(يحيى: يا بن الجنية يا انكسيمندر. عرفت تعمل كدة إزاي?). وبناء عليه كان من الطبيعي أن ينصحنا انكسيمندر بالامتناع عن أكل الأسماك. أما مسألة ما إذا كان إخوتنا في أعماق البحار يبادلوننا نفس هذه المشاعر الرقيقة, فتلك مسألة لم يقم عليها دليل.

4 - مارس - 2007
قوانين نيوتن ... ليست قوانين نيوتن
عزاء    كن أول من يقيّم

ترك فقيدنا ( أحمد يوسف ظاظا ) للدنيا شعاعرنا الكبير "زهير ظاظا", ولا أعتقد أنه نال منها بقدر ما أعطاها, حسبه  الآن ولد صالح يذكره دائما بالدعاء... إنا لله وإنا إليه راجعون.. يارب .. تغمده برحمتك, وألحقنا به على خير.

5 - مارس - 2007
ويرحم الله والدي
الأخ خالد..    كن أول من يقيّم

شكرا جزيلا لك أخي الكريم خالد, وعفوا لتأخري في التعليق, في الواقع, وبمنتهى الصدق, ودون ادعاء أجوف بالتواضع, أنا على يقين من أنني لا أستحق أن ينسب إلى شيئا مما ذكرت.

16 - مارس - 2007
من يقتل الغذامي تقربا لله?
ملخص    كن أول من يقيّم

على ما أذكر.. كان الموضوع خاص بتعيين الفكر الإسلامي بطريقة غير مباشرة, كانت هي تعيين الفكر الإسلامي ليس من خلال الفكر نفسه بل من خلال البيئة الطبيعية له, لكن الاستدلال على البيئة الطبيعية للفكر الإسلامي إنما يتم عبر طبيعة الفكر الإسلامي نفسه, أي الطبيعة الإقصائية.. الصراعية.. المتعالية, وإذا.. فيمكن بسهولة الاستدلال على طبيعة تلك البيئة من خلال ما سبق.
أول كلمة في الإسلام هي "لا", وبشكل أو بآخر, ترتد طبيعة الفكر الإسلامي, ومن ثم.. الحياة الإسلامية, إلى هذه الكلمة التي تجعله: إقصائي.. صراعي.. متعالي. الإسلام هو: "لا إله إلا الله". وكشكل من أشكال تعبير الفكر الإسلامي عن نفسه بهذه الكيفية, كان الشكل الاجتماعي للبيئة الطبيعة له, أي ذلك الشكل غير الممتزج بالسلطة, وكما ذكرنا, ليس عدم الامتزاج هذا نوعا من الاعتزال, بل نوعا من علاقة أخرى, قوامها التحفز والاستقلال, إن عدم الإمتزاج هو تكريس للعلاقة وليس نفيا لها, وذلك بالنظر إلى وظيفة السياسية للعلماء "كأهل الحل والعقد".
خاصية "عدم المباشرة" في هذه الطريقة للاستدلال على الفكر الإسلامي يترتب عليها أمر هام, هو أن البيئة الطبيعية لهذا الفكر غير مستغرقة تماما للفكر, إذا هي مجرد علامة, وهذا يعني أننا لا ننكر على أي شخص خارج تلك البيئة أن يصيب في قضية أو أخرى من قضايا الفكر الإسلامي, "البوطي" نموذج, ولكن هذا الخاصية تعني أيضا, أن كل من ليس من بيئة الفكر نفسها, فلا يعتد به "كمرجع" يجب الاطمئنان إليه.
أما الاستدلال على الوضعية المتعالية للفكر الإسلامي في التاريخ, فلا يتسع المقام لذكر أسماء, بل يمكن إحالة القارئ إلى كتاب: "ما رواه الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين" للإمام السيوطي, ويمكن العثور على الكتاب في قسم "السياسة الشرعية والقضاء" من "المكتبة الشاملة" بعد تحميلها من الشبكة.
وأخيرا نذكر أن علاقة الفكر بالسلطة في الحضارة الإسلامية هي الصورة "غير الرسمية" لمبدأ الفصل بين السلطات, ذلك المبدأ الذي عرفه "المتخلفون" فيما بعد.
تمنياتنا للأستاذ النويهي بوافر الصحة.

17 - مارس - 2007
يقول المستشرقون ان الفلسفة الاسلامية تمت و ماتت بموت ابن رشد. ما رأيكم في هذا القول، أصحيح ام لا?
أبعاد أخرى    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

ذكرت أمرا هاما, هو أن العلاقة بين الفكر والسلطة في الحضارة الإسلامية, علاقة فريدة من نوعها, لم توجد في حضارة أخرى, ولم تستلهم بشكل جيد من حضارة أخرى أيضا, هذه الملاحظة يمكن أن تقودنا إلى تعميم مشروع, هو أن تلك الحضارة ليست كالحضارات, والنتيجة المترتبة على ذلك هي: عدم مشروعية تحليلها بعيون الآخرين, لأن هذا التحليل يتضمن نوع من إسقاط صورة تلك "الذات الأخرى" عليها, وهذا يعني, بشكل مؤكد, تشويه صورة الموضوع المراد تحليله.
أقصد بـ "الآخرين": "الجاهلية السائدة".. أيا كانت الحضارة المعبرة عنها, وهذه الحضارة هي حاليا: الحضارة الغربية, وهذا للأسف ما حدث بالفعل, أي استلهام الصورة المشوهة للحضارة الإسلامية والتي استقرت في عيون "جاهلية", والذين استلهموا تلك الصورة المشوهة للحضارة الإسلامية هم أبناء تلك الحضارة.
100% من محتوى الدعاية المضادة للحضارة الإسلامية, هي بالأساس, اسقاط لأمراض الجاهلية الخاصة بها على الحضارة الإسلامية, وهذه النسبة غير مبالغ فيها, بمعنى أن كل ما يقال افتراءا على تلك الحضارة إنما هو أصلا يرتد في الواقع إلى من قال لا إلى من قيل عنه.
مثال: النشأة الاقتصادية للدولة, هي خاصية للدولة الجاهلية, تم اسقاطها على دولة الإسلام واتهامها بذلك. في حين أن "جمال حمدان" في كتابه: "استراتيجية الاستعمار والتحرير" يؤكد أن ظهور دولة الإسلام كان ظهورا "ميتافيزيقي" غير متوقع من الناحية السببية الخاصة بقوانين ظهور القوى السياسية.
مثال آخر: خلق الدولة لمعتقداتها, هي خاصية جاهلية, تم اسقاطها على دولة الإسلام واتهامها بذلك, في حين أن الإسلام هو العقيدة السياسية الوحيدة التي ظهرت قبل ظهور دولتها, وبمعزل عنها, وبدون أي إمكانيات مادية تبشر بها, البداية كانت صحراء. في المقابل.. سنجد أن المسيحية لم تخلق دولتها, بل دولتها هي التي خلقتها, أي "روما", تحديدا.. الإمبراطور "قسطنطين", لذلك كانت علاقة "الغرب السياسي" بالمسيحية, دائما وعلى مدار التاريخ هي علاقة استخدام. الدول الشيوعية ليست مثال للدول التي خلقتها أفكارها, بل الحالة السياسية لأوروبا هي التي خلقت الفكر الشيوعي, بدليل أنه بالنظر إلى المعطيات المادية السببية لأوروبا توقع خبراء الاستراتيجية ظهور معسكرين أحدهما اشتراكي والآخر رأسمالي.
مثال ثالث: اضطراب العلاقة بين الوحي والعقل, هي خاصية جاهلية خاصة بالوحي كما تتصوره الجاهلية في الكتب السماوية المحرفة المتداولة بينهم, تم اسقاط هذه التهمة أيضا على الإسلام, أي على العلاقة بين القرآن والعقل, ودون أي مبرر, فولتير يتحدث عن التناقض بين أن ينسب المسيح إلى الله "عقائديا", وبين أن ينسب إلى (يوسف النجار) "كما هو في الإنجيل".. ليس ذلك في القرآن.
مثال رابع: "الكهنوت" خاصية جاهلية سواء على المستوى الديني أو حتى على المستوى العلماني, لا تنفك الجاهلية أبدا عن الرغبة في تقديس الأشخاص, حتى لو كانت جاهلية علمانية تدَّعي "ازدراء المقدسات", هذه التهمة أيضا تم اسقاطها على الإسلام, أي فيما يخص علاقة "أهل الحل والعقد" بالدولة من جهة, وبالرعية من جهة أخرى, "أهل الحل والعقد" ليسوا كهنة, وليسوا معصومين, من آداب الفتوى في الإسلام هي أن تكون الفتوى مرفقة بالدليل عليها, وهذا يشبه إلى حد بعيد تقاليد إصدار الأحكام في القوانين الوضعية, والتي تحتم على القاضي ذكر "حيثيات الحكم" أثناء صدوره, ارتكازا على أن شخصية القاضي نفسها ليست هي مصدر السلطات, بل القانون, في حين أن تعاليم الكنيسة كانت مقدسة لذاتها ودون أن تحاول الكنيسة, حتى ولو بطريق التدليس, أن تنسبها إلى نص من الكتاب المحرف, أو إلى بديهية عقلية. الكتاب المقدس كان محرما على عموم المسيحيين قراءته حتى قيام الثورة اللوثرية, في حين أن القرآن كان كتابا مفتوحا للجميع. وتفسيره إنما يتم عبر قواعد اللغة التي يستخدمها الجميع. العلماء كانوا رقباء على السلطة, لكن الشخصية الاعتبارية للأمة كانت رقيبة على العلماء.
بمناسبة الكهنوتية.. فالصورة المعاصرة لها عند الغرب هي صورة علمانية.. تمثلت في التغامض في أسلوب الكتابة الفلسفية أو الفكرية عموما, "كارل يونج" عرض التحليل النفسي بشكل مبسط يفهمه القارئ العادي, فقوبل لأجل ذلك بهجوم شديد.. الوضعية المنطقية هي أصلا ثورة على "الكهنوتية" في أسلوب عرض الأفكار بشكل غامض.      

18 - مارس - 2007
يقول المستشرقون ان الفلسفة الاسلامية تمت و ماتت بموت ابن رشد. ما رأيكم في هذا القول، أصحيح ام لا?
الأخ خالد...    كن أول من يقيّم

 
رغم أن المرء, في الأمور الطبيعية, لا يقدم الشكر لمن آذاه, إلا أنني مضطر أن أشكرك على إطرائك الذي كان فيه مبالغة, وتشويه للحقائق, وتقليل من شأن الآخرين, أخشى أن يقال فيك: "لقد أهلكت صاحبك", شكرا جزيلا, ورجائي ألا تعد لمثل ذلك.

19 - مارس - 2007
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
ردود سريعة    كن أول من يقيّم

الأخ العزيز خالد: عفوا.. لم أكن أقصد شيئا يتعلق بالتملق, فليس بيني وبينك ما يدفعك لذلك,  أعلم أن مشاعرك تلقائية ولم ترد بها شيئا غير الشكر, إلا أن هذا الشكر جاء في صيغة المفاضلة, فشعرت بحرج بالغ.
الأخت الكريمة صفاء: مرحبا.. أعد بالمقارنة المذكورة, لكن لن تكون متتابعة زمنيا بشكل منتظم, لأنني لا أجلس للكتابة إلى في أوقات قصيرة هذه الفترة, وعلى فكرة.. اللغة العربية بتاعتك مضروبة بالنار قبل كدة, شكرا لاهتمامك.
صديقي القديم الحبيب, المقيم بالعربية السعودية: "أحمد النجار", خالص الشكر لمتابعتك يا "إِكسْلانس", وشكرا للوراق أن كان سببا في تنشيط صداقة قديمة بين اثنين حال بينهما البحر الأحمر.
الأخ هشام: المهم.. إنت عامل إيه ?

20 - مارس - 2007
يقول المستشرقون ان الفلسفة الاسلامية تمت و ماتت بموت ابن رشد. ما رأيكم في هذا القول، أصحيح ام لا?
قصة الاستشعار عن بعد    كن أول من يقيّم

لا شك أنه عندما يضيء مصباح.. فنحن نرى, أي نستخدم الأشعة الضوئية في الرؤية, ولا شك أنه عندما يهتز جسم صلب بقدر معين من التذبذب.. فنحن نسمع, أي نستخدم الموجات الصوتية في السماع, ولا شك أنه عندما نقطع جسم ما بأشعة الليزر.. فنحن نستخدم التردد العالي جدا لتلك الأشعة في القطع. وهكذا أبت نفس الإنسان إلا أن يستخدم الموجات الصوتية والضوئية في الأمور الحياتية, ولكنه غفل عن الجسم الذي يصدر الإشعاعات أو الموجات, فلم يعره اهتمام. إذ هو وسيلة لإصدار الموجات المستخدمة لا أكثر. أما الغاية فهي مثل: السماع.. الرؤية.. القطع.. إلخ.
ولكن.. قدر على الإنسان أنه كلما مر عليه حين من الدهر, غفل عن نفسه, وانتبه إلى ما كان قد غفل عنه في سالف الأيام, فبدأ ينتبه إلى إمكانية جمع معلومات عن الجسم الذي أصدر الموجات نفسه من خلال الموجات التي أصدرها, فلم يعد الأمر يقتصر على استخدام الموجات وتجاهل الجسم المسكين الذي أحدثها, كما في سلك "التنجستين" الذي يخرج الضوء من المصباح. فتسائل العلماء..إذا كانت الأجسام تصدر موجات.. وإذا كان كل نوع من هذه الموجات يختلف عن الآخر بحسب طبيعة الجسم الذي يصدره.. أفلا يمكن استخدام الموجات في الكشف عن طبيعة جسم ما قد أشكل علينا أمره? هكذا تسائل العلماء.
لكن لماذا يُشكَل علينا أمر الجسم وهو أمامنا بلا حراك, مستسلم لأي عالم يقلبه يمينا ويسارا وكأنه سيخترع الذرة, ولماذا نلف وندور ونستكشف الجلي الذي أمامنا من موجاته الخفية التي يصدرها? الحقيقة أن هناك أسباب معقولة لهذا اللف والدوران, منها: بُعد الجسم عنا.. مثل النجوم, أو دقته.. مثل الخلايا التي يستدل عليها بعد صبغها بمواد مشعة, أو استتار الجسم خلف جسم آخر.. مثل استتار العظام تحت اللحم, واليهودي خلف الحجر.
من هنا نشط الإخوة العلماء, لا فُضَّ فُوهم, في اختراع أجهزة عجيبة.. غريبة, وكأن كل منها ساحرة عجوز ترى الأشياء من خلف بلورتها, فهذا جهاز يلتقط الأشعة الكونية, وذاك يباريه فيلتقط الأشعة تحت الحمراء, وثالث يزعم لنفسه القدرة على التقاط ما خفي من الأشعة الصوتية, ورابع قد ألفناه في الرحلات والمناسبات, عرف باسم "الكاميرا", له قدرة يعجب منها جن الملك سليمان, على التقاط وتثبيت الضوء بما يحمله من مناظر خلابة, على ألواح ورقية قد توقف عليها الزمان فلا حراك له, وكأن الكهرباء قد انقطعت عنه فسكن. ولا غرو وقد سبقهم الخفاش إلى تلك الميزة, هو أعمى لكنه مجبول على أن يطلق من فمه  أصواتا غير مسموعة لبني الإنسان, فما أن ترتطم تلك الموجات بجسم صلب, حتى ترتد إليه, وما أن يستشعرها, حتى ينحرف خشية الهلاك, وقد أدرك أن أمامه ما لا تحمد عقبى الارتطام به.
أضمر الإنسان في نفسه المكر, بعدما رأي كل أجهزته تطاوعه في التقاط ما لذ وطاب من موجات الدنيا وإشعاعاتها, فوق الحمراء وتحتها, ويمين البنفسجية ويسارها, فقال: "لأوَسِّعَن من استخدامات هذه الفكرة, ولأتسلطن على مزيد من الظواهر", وشجعه على ذلك قول (شوقي): "ولكن تؤخذ الدنيا غلابا".
وما أن أعلن (شوقي) تلك المفاجئة, حتى هرع كل عالِم نحو أشعة من الإشعاعات التي كان أبوه يتمنى له أن يبرع في التقاطها, وما لبثت الأقمار الصناعية أن كانت لهم خير معين في الفضاء كما كانت سائر الأجهزة المترصدة للإشعاع لهم خير معين على الأرض, فصعدوا إلى الفضاء, رجاءا في أن تصغر الدنيا في أعينهم, فتهون عليهم ظواهرها, ويستطيعون إليها سبيلا. فتلصصوا على البترول تحت الأرض, ورأوا بأم أعينهم آبار المياة التي لم تحفر بعد, واستنتجوا بُعْدَ كل نجم من النجوم لما رأوا أن تغيرا يصيب موجاته كلما ابتعدت عنه. أما "السيكوباتيين" منهم.. فصنعوا صواريخ تتبع الموجات الحرارية الصادرة من جسم الطائرات, فتفجرها, غير عابئين بمصير الطيار الذي ربما تكون وجهته بالطائرة شراء لعبة لطفله يرسم بها البسمة على وجهة.

21 - مارس - 2007
قوانين نيوتن ... ليست قوانين نيوتن
تابع.. قصة الاستشعار عن بعد    كن أول من يقيّم

ابتهج العلماء أيما ابتهاج لما رأوا أنهم أدخلوا السرور على قلب الإنسان, فأخذ يمرح بين الموجات والإشعاعات, وليسجلوا إنجازهم, أطلقوا على فعلتهم اسما هو.. "علم الاستشعار عن بعد".
ظهر النزاع بين بني الإنسان, كل يدعى فضل علم الاستشعار عن بعد, وقد جُبِل الإنسان على أن يحمد على ما لم يفعل, وكحلاً للنزاع.. انبرت طائفة من بني الإنسان, تسجل تاريخ الخطوات التي أدخل بها العلماء السرور على قلب الإنسان, أي تسجل تاريخ العلم.
لكن.. أليست هذه الفئة التي اعتلت منصة الحكم دون رقيب.. هي فئة من بني الإنسان? نعم.. هي كذلك, فسريعا ما دب الخلاف بينهم, كل منهم ينتمي لأمة قد أراد بها خيرا, وما حشر نفسه في زمرة المؤرخين إلاَّ لهذا الغرض, ولو على حساب الحقيقة. عملا بقول الشاعر: "الحقيقة دائما نسبية", وأضمروا في أنفسهم أن: لو افترق المجد عن الحقيقة.. فهم مع المجد حيث كان.
إلا أن بعض المحظوظين, تصادف بغير استحقاق منهم, لكن تفضلا من الله عليهم, أن حقيقة أمرهم تحمل مجدهم, ولا فراق لهذا عن تلك, فليسوا مضطرين كغيرهم إلى تزييف الحقيقة خلوصا إلى المجد. فقالوا في "الاستشعار عن بعد" قولا لا أخالكم تردونه. فهو, كما ذكرت, فيه مجدا, ثم إنه حقيقي.
قالوا: إن الاستشعار عن بعد.. وإن تعدد وسائله, ليرتد إلى فكرة أولية بسيطة, هي أن ثمة موجات تخرج من الأجسام, تنبئ عن أحوالها, وما تعدد استخداماته وتعقدها إلى توزيعا على هذا اللحن, ووجدوا أن خير من يمثل الموجات هو الضوء, وتراجعوا رويدا وريدا في التاريخ, إلى أن وصلوا إلى النقطة الحاسمة في تاريخ علم البصريات, وهي تلك النقطة التي قلبت علم البصريات رأسا على عقب, حيث كان اليونان يظنون أن الضوء إنما ينبعث من العين إلى الجسم, إذ خرج من العرب رجل اسمه "الحسن بن الهيثم", وقال لهم: "إنما الضوء وجهته من الجسم إلى العين", وكان اليونان عن هذا غافلين. يصفهم ابن الهيثم فيقول:
"وقد بحث المتحققون بعلم الطبيعة عن حقيقة هذا المعنى بحسب صناعتهم واجتهدوا فيه بقدر طاقتهم، فاستقرت آراء المحصلين منهم على أن الإبصار إنما يكون من صورة ترد من المبصر إلى البصر منها يدرك البصر صورة المبصر(يحيى: المقصود بالمتحققون بعلم الطبيعة هنا هو أرسطو والأبيقوريين, أرسطو كان يعتقد في عدم وجود الضوء, ومن ثم.. انتقال الصورة إلى العين مباشرة دون حملها على الضوء, والأبيقوريين كانوا يعتقدون بوجود أشباح للجسم هي صوره المرئية). فأما أصحاب التعاليم (يحيى: المقصود بأصحاب التعاليم هنا هو أفلاطون والرواقيين الذين كانوا يعتقدون بخروج الضوء من العين إلى الجسم) فإنهم عنوا بهذا العلم أكثر من عناية غيرهم، واستقصوا البحث عنه، فاهتموا بتفصيله وتقسيم أنواعه، وميزوا المعاني المبصرة، وعللوا جزيئاتها، وذكروا الأسباب في كل واحد منها، مع اختلاف يتردد بينهم على طول الزمان في أصول هذا المعنى، وتفرق آراء طوائف من أهل هذه الصناعة. إلا أنهم على اختلاف طبقاتهم وتباعد أزمانهم وتفرق آرائهم متفقون بالجملة على أن الإبصار إنما يكون بشعاع يخرج من البصر إلى المبصر وبه يدرك البصر صورة المبصر."
أما هو فيقول بعد تأمل وشرح وممارسة تجريبية:
"فقد تبين من جميع ما استقريناه وشرحناه وبينا طرق اعتباره أن إشراق الضوء من كل جسم مضيء من ذاته إنما هو على سموت خطوط مستقيمة، وان الضوء يشرق من كل جسم مضيء من ذاته في جميع الجهات التي بينه وبينها خطوط مستقيمة لا يقطعها شيء من الأجسام الكثيفة"
ولما كان الاستشعار ليس في جوهره إلا تلقي موجات عن جسم, كانت فكرة صدور موجات عن جسم هي الفكرة الأساس لهذا العلم, ولكن أول من قال بصدور موجات عن جسم هو "ابن الهيثم", الذي عبر عن الموجات باسم الضوء, وكان بذلك يمهد لتحليل هذا الضوء على يد "نيوتن" إلى سبعة أطياف, إذاً.. فصح أن ابن الهيثم جديرا بكل تقدير.

21 - مارس - 2007
قوانين نيوتن ... ليست قوانين نيوتن
 7  8  9  10  11