البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات ضياء العلي

 7  8  9  10  11 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
بطاقة شكر    كن أول من يقيّم

 

أريد أن أتقدم هنا ببطاقة شكر وعرفان لنجم الوراق الأوحد ، شاعرنا الكبير الأستاذ زهير ظاظا . وذلك لكل ما أبداه نحو هذا الملف من عناية وتشجيع وإضافات ، فاقت حجماً  وقدراً ، محتواه   الأصلي ، وأغنته بتجربة واسعة ، لا يقل البعد الإنساني فيها قيمة  عن البعد الجمالي الذي تضمنه شعره . في قصائد وأراجيز ، مشغولة بعاطفة ووجدان " ابن البلد " الأصيل ، الذي يعبر  بفطرة وعفوية عن هموم بيئته وآلامها . ولكن أيضاً بقوة العارف القادر ، على توجيه ناصية     الكلام ، وتعميق الفكرة وإخراجها إلى حيز الضوء والعلن ، بفن ودراية لا يرتقي إليها الكثيرون .

شكري وامتناني وتمنياتي لك بالمزيد من التألق والإشعاع . ولا أنسى في هذا القصيدة المضافة حول بنبوك بابا .

شكري الكبير أيضاً للأستاذ السعدي الذي أمتعنا ولا يزال بشعره ومقالاته والذي يبدو أننا سنكتشف موهبته قطرة فقطرة .

تحياتي للجميع وأخص هنا الأستاذ النويهي الذي لا زلنا نشرق به كلما أطل علينا . والسلام .

 

16 - أبريل - 2006
البنت التي تبلبلت
هذا شعر محير    كن أول من يقيّم

 

أستاذي الكريم : صباح الخير

شعرك هذا الأخير أثار عندي رغبة بالتصفيق ، وأنا لا أصفق عادة إلا لفيروز ...... لو لم تكن قد صرحت مراراً عن أصولك الكردية لظننت أنك من التركمان ! جدتي كانت منهم ، وأنا لم أر لها مثيلاً في العناد والكبرياء . إلا ان لوعتك كردية بإمتياز ، وأما بيانك ، فهو عربي حتى القاع .

أخشى أنني فهمت ما تريد قوله ، وهو في هذه الحالة تفصيل سآخذه بعين الإعتبار .

وفيما يخص الصورة ، عندي منها مشهد من مدينة طرابلس أظنه مناسباً فلو أردتم أرسلته إليكم على البريد الإلكتروني ، وأرجو ان تعلموني عن الطريقة المناسبة . وشكراً .

 

18 - أبريل - 2006
البنت التي تبلبلت
هذا شعر محير( 2)    كن أول من يقيّم

 

أستاذي العزيز ، صباح الخير :

أعترف بأنني لم أفهم ! وأنا أحاول منذ يومين ولم أفهم !

كنت قد إعتبرت بطاقة الشكر التي أرسلتها أول امس ، رسالة وداع لهذا الملف الذي ظننت بأنه قد وصل إلى منتهاه . يبدو بأنني قد أخطأت ! إلا أنني لم أفهم كل ما جاء في قصيدتك . تحايلت عليها ولم أفهمها . فما المطلوب ?

عاد إلى ذاكرتي مشهداً كنت قد رأيته ذات يوم على التلفزيون . مشهد صيد ثعبان البوا الذي هو اكبر الثعابين حجماً على الإطلاق وبإمكانه أن يبتلع ثوراً كاملاً خلال دقائق . كان الصيادون الأفارقة يعرفون وكره غير أن إخراجه منه كان مستحيلاً إلا بحيلة بارعة . كانوا يختارون بينهم أشدهم شجاعة ، فيلفون على جسمه كله من قدميه إلى ما تحت إبطيه ، قماشاً سميكاً ويدرجونه به درجاً على طريقة المومياء  ويربطونه جيداً بحبل متين ، ثم يلقونه في وكر الثعبان فيبتلع طرفه السفلي للحال . وما أن يطبق عليه ، حتى يبدأون بسحبه بقوة ، يجتمعون عليها من ستة إلى عشرة أشخاص مجتمعين لكي تستطيع قوتهم بأن توازي قوة ذلك الثعبان الرهيب .

بهذه الطريقة ، كانوا يخرجونه من وكره ثم يقومون بقتله في الحال قبل ان يلتهم صديقهم . المدهش في هذه الطريقة هو الحيلة ، ولكن أيضاً الشجاعة التي تدفع بإنسان لأن يلقي بنفسه في فم الثعبان معتمداً على قوة وسرعة إستجابة رفاقه .

 

19 - أبريل - 2006
البنت التي تبلبلت
الحق معي ....    كن أول من يقيّم

 

أستاذي الكريم :

أدين لك بكل لحظة إنبهار وسرور وقفت فيها أمام شعرك الجميل الذي لا يضاهيه شعر آخر في وقتنا الحاضر ، وهذا كلامي شاهد علي .

لست ممن يقف أمام السطور كمن يقف أمام لوحة جميلة . كنت وما زلت أحاول رؤية ما خلفها وما يرسمها من دوافع وأحاسيس ، ما تكتنزه من تجربة وما تنطوي عليه من مفاهيم ، للكون للإنسان ، وما يحرك طموحها من غرائز مضمرة . ليس إعجابي بشعرك إعجاب بفن الصياغة الشعرية ، الذي تتقنه بمهارة ، بل هو رؤية شاملة لمشروع الإنسان الذي يختفي وراءه . أشعر بأنني مع هذا الإنسان ، وخلفه ، وبجانبه ، وأحياناً شعرت بأنني يجب أن أكون أمامه : في هذه أتردد ! أخاف ربما فأفكر مرتين . لا يضيرني في شيء في أن تصفي حسابك مع ثعابين الأرض جميعاً ، بل هو لازم وضروري بأن يكون لدينا ردة فعل ، حتى ولو لم تكن دائماً مدروسة أو موزونة أو مبرمجة ، المهم أن لا ننام على الضيم ، المهم أن لا نستكين ونتحول إلى أشياء مهملة ....... الباقي سنتعلمه بالتجربة وبالإصرار .

أظن بأنني قادرة على تمييز نفسي كضياء ، كائن إجتماعي ، عن ضياء ملهمة الشاعر وذريعته في تصوير مثاله الأنثوي المكمل لوجوده كأنسان شاعر . إنما مسألة الصورة هذه حيرتني ولم أجد لها تفسيراً . ظننتك تكلفني بمسألة معينة وتعتمد على ذكائي في فهم ما تريد . أعتدنا منك على هذه الأحاجي ولم أتخيل المسألة بهذه البساطة . في هذه معك حق .

على أية حال ربحنا منها قصيدة جميلة ! في هذه ، الحق معي !

  

19 - أبريل - 2006
البنت التي تبلبلت
حول الترجمة واللغة والموضوعية وأشياء أخرى .........    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

 

أبدأ بالإعتذار إلى الأستاذ وحيد الذي " استدرجته " إلى الحلبة في مقالتي السابقة ، ثم تأخرت بالرد عليه حتى اليوم .

إقتنعت بوجهة نظرك بإعتبار أن إطلاق لفظة " أخلاق" يعطي المعنى أبعاداً أكثر شمولية ، ربما لا يقصدها المؤلف . إلا أن المشكلة ظلت قائمة حول شكل الجملة : هل الرأسمالية أخلاقية ? فأنا لا أجدها صحيحة . لما لا نقول عندها : هل تكون الرأسمالية أخلاقية ? .......

إن إثارة موضوع الترجمة يلزمه اختصاصيين وما نقوله هنا هو مجرد ملاحظات عابرة الهدف منها الإشارة إلى وجه من وجوه المشكلة . لاحظت مثلاً بأن الكتب التي تترجم من العربية إلى الفرنسية ، وهي في غالبيتها روايات أدبية ، تكون ترجمتها ممتازة ، بل أن النص الفرنسي يفوق أحياناً النص العربي تماسكاً . بينما عندما نقرأ نصاً مترجماً إلى العربية ، فهو غالباً ما يأتي مهلهلاً غير مترابط الأجزاء وبلغة مصطنعة همها إدخال أكبر عدد ممكن من المصطلحات         " الحديثة " ، أكثر مما همها الجري وراء الفكرة أو المعنى المقصود من هذا النص وهذه المصطلحات .

المشكلة ، برأيي ، هو أن من يترجم إلى الفرنسية ، يترجم لنفسه ولقراء الفرنسية الذين هم جمهوره ويجهد في تقديم أفضل ما عنده لإرضاءهم لأنه يخاف النقد ، ويعلم بأنه أمام جمهور واع ومقدر لثقافته ولغته . بالمقابل ، فإن من يترجم لنا إلى العربية ، هو غالباً من يريد إرضاء صاحب النص الأصلي ، وذلك بإيصال أفكاره إلينا ، وهو في ذهنه ، يتعامل مع جمهور متعطش لثقافة الآخر ومستلب بها سلفاً . هو يأتي إليه كوسيط بينه وبين ثقافة الآخر التي وضعناها ، حتى قبل الشروع بالترجمة ، كهدف أعلى ، ونسينا الباقي . في كل هذا تضيع اللغة العربية ، وتتم خيانتها في اليوم مرات .

المشكلة إذاً ، هي كيف نتموضع أمام النص ، وبأية ذهنية نتعامل معه ، وما هي الأولويات التي حددناها إنطلاقنا من رؤيتنا لذاتنا ، ومن الغاية المرجوة من الترجمة . كل هذه الحثيثيات ستقودنا للتعامل مع النص بصورة مختلفة ، انطلاقاً من حاجتنا له ، وهي حاجات ذاتية ، ودون أن يمنعنا ذلك من الحفاظ على النزاهة العلمية والموضوعية كمعايير أخلاقية موجهة .

فالموضوعية معيار أخلاقي وليست تمرينات رياضية يمكن أن نستغني عنها في حال تكاسلنا . المعايير الأخلاقية لا تطبق ولم تطبق يوماً بحذافيرها : الصدق ، النزاهة ، الإستقامة ، الفضيلة ........ هذه معايير لا تمشي على الأرض ولا يطبقها البشر إلا بنسب متفاوتة . مع هذا هي باقية منذ الأزل لأنها مرجعيات وضوابط أخلاقية لوجودنا . حتى السارق الذي يسرق كل يوم يعرف بأن السرقة شر دون ان يمنعه ذلك من ممارستها . وحتى لو جاء اليوم الذي سيصبح فيه جميع الناس سارقون ، ستبقى الأمانة هي الخير وهي المثل الأعلى .

هل الغرب موضوعي ? قطعاً لا ! الغرب نفعي ومتسلط ، وهذا ما يوجه سلوكه لو نظرنا إليه نظرة عامة غير فاحصة . لكنه اخترع فكرة الموضوعية كقاعدة للبحث العلمي وأحد الضوابط الهامة الموجهة للفكر والعلوم الإنسانية . فهل سنرفضها وننسفها كقاعدة وضمانة لنزاهة البحث العلمي لمجرد أن الغرب إخترعها ولم يطبقها بحذافيرها ? أم نتخذ منها مرجعاً يتم على أساسه محاسبته وفضح دوره الملتبس بل ونطالب بإعادة النظر في الكثير من الأحكام والنظريات التي كانت قائمة ، على أسس ذاتية ، لجعلها أكثر " موضوعية " وبالتالي أكثر قرباً من الحقيقة ?

لنأخذ مثلاً على ذلك ، مسألة كتابة التاريخ . الكل يعلم بأن كتابة التاريخ هي المسألة الأشد عصياناً على الموضوعية لجهة أن رؤيتنا للتاريخ تحمل رواسب الماضي والثقافة المتجذرة في اللاوعي ، وتحمل أيضاً طموحاتنا ورؤيتنا للمستقبل ، لذا فهي ، أي كتابة التاريخ ، ذاتية بإمتياز .

الكل يعلم ، وبإعتراف الغرب بأن أشد المؤرخين حيادية و" موضوعية " في التاريخ ، هم المؤرخون العرب . هذا الموقف أخلاقي وثقافي وينبع من رؤيتنا للتاريخ أيضاً بصفته عجلة تدور فيها الرابح ، وفيها الخاسر وبأن التأريخ لا غاية له سوى تسجيل وقائع حياة البشر على الأرض . الغرب كتب التاريخ من وجهة نظر مغايرة تماماً ، من وجهة نظر الغرب المسيحي ، ومن ثم الغرب الإستعماري . هناك كتاب صغير من تأليف : أمين معلوف ، عنوانه : الحروب الصليبية من وجهة نظر المؤرخين العرب ، أظن بأنه ترجم مؤخراً إلى العربية وعنوانه بالفرنسية :

Les croisades vues par les Arabes

في هذا الكتيب الصغير الذي يبين الإختلاف في وجهات النظر بالنسبة لرؤيتنا للتاريخ ، ويبرز الجانب الموضوعي والنزاهة العلمية التي أرخ فيها العرب للحروب الصليبية وكانوا هم الأقرب فيها إلى الموضوعية . هذا ما سيبقى ، وهذه حقيقة سيضطر الجميع للرجوع إليها عاجلاً أم آجلاً . وقد بدأ هذا فعلاً . فمنذ مدة قليلة ، وتحت ضغط مجموعات من المثقفين ، وبعض الجمعيات الأهلية ، وحرصاً على "الموضوعية " ، وعلى السلم الأهلي ، تجري إعادة النظر هنا في فرنسا في الكتب المدرسية للتاريخ ، وقد تم بالفعل إدخال تعديلات مهمة وجوهرية تتعلق بالدين الإسلامي وتاريخ الحضارة الإسلامية تضع التلميذ في موقف متساو بينها وبين الديانات والحضارات الأخرى ، بل أن هذه التعديلات تعترف وللمرة الأولى بالدور الذي لعبته الحضارة الإسلامية في العصور الوسطى كوسيط بين الغرب وثقافة اليونان . وهذا مثل صغير . فكيف نضحي بالمعايير العامة لأجل أهداف ذاتية وآنية مباشرة ، بل ومن الممكن أن نغير رأينا فيها بعد ثلاثة أيام ?

 

 

 

20 - أبريل - 2006
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
شكر من القلب    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

 

شكراً لك أخي النويهي ، شكراً للطفك الدافىء ، وحنينك الصاخب . شكراً للملايين التي أسعدتنا بها وصدقني ، أنا لم أبحث في حياتي عن الملايين في حياتي بقدر ما بحثت عمن هم بنقاء سريرتك وصفاء روحك . أشعر اليوم بكم بأنني مليونيرة !

شكراً لكل الأصدقاء الذين شاركونا في هذا الملف الذي سيبقى ذكرى خالدة في ضمير كل منا :

شكري للأستاذ الكبير يحي الرفاعي الذي أعتبره نجماً مضيئاً في هذا الملف ، والذي أرجو له ، وشعوري بأن ما أرجوه هو نبؤة ساطعة في دلائلها ، كأنني أقول بديهيات ، أن يكون قائداً وموجهاً ونبراساً في هذه الأمة التي تحتاج ، أكثر ما تحتاجه ، إلى المخلصين من أبناءها . إختلفنا وسنختلف ربما في وجهات النظر ، لكن الإحترام موجود لأن الثقة موجودة ، والإيمان كذلك .

شكري الكبير للأستاذ عبد الحفيظ ، الذي سيظل في مخيلتي ، نموذجاً للطهر والأخلاق السامية ، وقلباً ينبض بالمحبة . هو المعلم الأول والأخير .

شكري للسعدي ، الشاعر والفنان ، الذي يستعصي على التصنيف . هو روح حائرة في هيكل الحياة ، لكن إرادته وحساسيته المرهفة تعد بالكثير الكثير مما لا أستطيع الإحاطة به . شكراً لك كل الجمال الذي وهبتنا إياه .

شكري للأستاذ العملاق ، بفنه وروحه ، شاعرنا زهير المعذب ، معذبنا زهير الشاعر ، لفنه ، وعمقه ، وسطوة كلماته الأخاذة . شكراً له ، شعره ، وفنه ، وتسلطه ، ونرجسيته التي لم يرقى إليها سوى العمالقة من الشعراء . شكراً له لحظات السعادة والإنبهار وتشظي الروح المفتونة ، التي تبحث عن معنى لوجودها ، التي تسعى وراء اللحظة العابرة ، النادرة ، المشحونة بروح التمرد والعصيان ، الثائرة على قدرها ، الساعية لإمتلاكه بخبث ورهبانية . شكراً له ما منحنا أياه من معان جديدة نضيفها إلى قاموسنا الفقير والمبهم .

شكري للأستاذ فادي ، أمين سر هذا الديوان ووجهه الآخر الذي لا يبين إلا نادراً .

سلامي وتحيتي للأستاذ وحيد ، عميدنا جميعاً ، وكبيرنا علماً وادباً ونقاء روح . شكراً له ما علمنا إياه من رفعة ونبالة ، وما أحاطنا به من حرارة صدقه ، ورهافة حسه ، ورقيق كلامه الذي وقانا من زلات شكنا ولوعة يقيننا المذبوح . شكري له من القلب وتمنياتي له بالتوفيق في مسعاه الذي انطلق إليه .

شكري وتقديري لكل الأصدقاء الذين شاركوا في هذا الملف ولم أذكرهم ، تجمعنا كلنا نفس واحدة ومشاعر واحدة ، مشاعر جيلنا الفاشل المغلوب على امره والذي يسعى بكل ما استطاعه لتغيير هذا الواقع البائس . وما تخبطنا هذا إلا دليل على أن الحياة فينا لا زالت تنبض بالإرادة ، وأن هذه الإرادة تسعى لإمتلاك ذاتها ، وأن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة .

إلى اللقاء لكم جميعاً ، والسلام .

 

 

24 - أبريل - 2006
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
حب الوطن    كن أول من يقيّم

 
 
 
  هذه الحكاية مهداة مني للسعدي المشتاق إلى أرض السواد التي آلمته ولا تزال بذكراها وحاضرها .
والحنين إلى الوطن شعور عجيب لا يعني الأرض ( بسوادها )  ولا الذكريات ( بجورها )  ولا الطفولة ( بحلوها ومرها )  ولا الطير والجدول ورائحة الطين المبلول . الوطن فينا ، هو ذلك الجزء المبتور ، الامتداد الطبيعي للجسد الذي تم قطعه والاستغناء عنه قسراً ، والذي سنظل من دونه شيئاً مشوهاً ، مهما كابرنا على أنفسنا .
 
  فضلت كتابة هذه الحكاية هنا بدلاً من ملف الحرية لأنها ، وإن كانت في روحها تحمل من معاني  الحرية ، إلا أنها حكاية بنت كانت قد أتت من دفء هذا الشرق الكبير ، ثم بلبلها الحنين إلى الجذور ، بعد أن كانت قد استقرت بها الرحال ، زمناً طويلاً ، في أصقاع باردة ، حتى أنها ظنت بأنها قد نسيته تماماً .
 
  هي قصة حقيقية ، لكنها وردت في سياق رواية ، كتبها الجزائري : "واسيني الأعرج" ، تحت عنوان : " شرفات بحر الشمال " وصدرت في بيروت عن دار الآداب عام  2002
 
  البنت اسمها "كنزة"، اقتلعها الفقر من "بجاية " ، في الجزائر ، ورماها في مقاهي باريس لتعزف البيانو للساهرين .
كانت عازفة استثنائية ، وكما في حكايات الحب والأساطير ، يسمعها الأمير ، وهو أمير حقيقي من العائلة المالكة في هولندا ، فيهيم بها ويتزوجها ، ويحط بها في أمستردام في شتاء العام 1946 مخالفاً قواعد البروتوكولات الملكية وواضعاً لقبه الملكي قيد المراهنة . إلا أن تلك البنت سحرت الناس ، والعائلة المالكة ، بروحها وفنها ، وعزفها للسمفونيات الأكثر صعوبة بإبداع يفوق كل تصور ، حتى صارت عضواً في الفرقة الكلاسيكية الملكية ، وصار الناس يتدافعون إلى دار الأوبرا لسماع فنها المميز
 
  حصلت على كل شيء  : المجد  والثروة والشهرة ، وحب الناس وتقديرهم ، والزوج الذي تطمح له أي فتاة ، والحياة الكريمة المطمئنة ....... إلا شيئاً واحداً ! وكانت قد نسيته .
 
  يقال: إنه ، وفي إحدى جولاتها في المدينة ، تعرفت إلى رجل غامض . مجرد عابر طريق ، مغامر قذفته الأقدار إليها ..... رجل قادم من نفس المدينة التي أتت منها ، تعرفت إليه بالصدفة .
 
  ثم ، التقته في حياتها ، بضع مرات ، جلسا فيها معاً أمام طاولة ، في مقهى بقرب الميناء ، في أمستردام ، كانت تستمع فيها إلى حكاياته . حضوره ، كان قد أشعل في نفسها الشوق إلى ذلك الجزء المبتور من ذاتها ، هز يقينها وقوض كل قمم المجد التي كانت قد بلغتها وظنت بأنها قد استقرت فيها . لم يكن ذلك الرجل نصاباً ، ولا محتالاً ، ولم يطلب منها شيئاً آخراً ، سوى الرحيل معه ! لكنها أبت وعاندت رغبتها الجارفة ، خوفاً من الخيانة . إلا أنها ، ومنذ ذلك الحين ،  انشطرت بين شيئين .
 
  وفي ذلك المساء الأخير ، وفي سطوة الحنين ، قامت إلى بيانو قديم كان مركوناً في زاوية من زوايا المقهى ، وعزفت لحناً لا يعرفه الحاضرون ، فانبهروا  ، وبكوا وصفقوا حتى إن منهم من تعرف إليها وأتى ليصافحها أو يقبل يدها .
 
  بعد أن عادت إليه سألته :
 
  ـ " هل تعرف لمن هذه المقطوعة ? "
 
  قال : " لا "
 
  قالت : " أنت لا تعرف إذاً أرضك ، هذه المعزوفة ألفها رجل من طينتك كان في الكونسرفتوار الملكي ، اسمه ايقربوشن " ثم ودعته وانصرفت . 
 
  كانت العودة إلى زوجها بنظرها مستحيلة بعد أن سرقها منه الحنين إلى غير رجعة . زوجها الذي أنقذها من الموت البطىء والتسكع في مقاهي باريس القاسية ، زوجها الذي وهبها المجد والأمن والطمأنينة ووهبها كل ما تحلم به الأميرات . أما ذلك الشريد ، فلقد أعاد إليها ذاكرة الحب المفقود ، ودون أن يكون قادراً على إدراك معانيه .
 
  وفي ذلك المساء ، توجهت إلى الميناء القديم ، ورمت بنفسها إلى البحر . ولا يزال على حافة الميناء هناك ، في أمستردام ، تمثال صغير من الرخام ، باسم الأميرة" كنزة " عازفة البيانو الشهيرة ، شيده لذكراها ذلك الأمير الهولندي الحالم .
 
 
 

29 - أبريل - 2006
البنت التي تبلبلت
حب الوطن (2 ) أو حكاية الدبة التي تبلبلت    كن أول من يقيّم

 

  إلى شاعرنا  الكبير الذي لا يشق له غبار ، الأستاذ زهير :

  لا يوجد في قاموسي الفقير كلمات أعبر بها عن إعجابي بفنك الجميل غير الذي قلته سابقاً . أكرر ما قلته فيك مجتمعاً ودون أن أتمكن من إظهار كل الذي أشعر به كلما توقفت أمام صورة ، أو جملة ،  أو عطفة ، أو أرجوحة عيد ، في ذلك المهرجان من الشعر والموسيقى ، الذي أرجوه طوفاناً على الدوام ، كما هو اليوم ، في أيار ، أو كما كان في الأمس ، في نيسان وآذار و..... صدقني ، لا شيء من الجمال يوازي ذلك الاحتفال الكبير . ولا اجد داعياً ( غير اللياقة ) للاعتذار في كل مرة على إضافة جديدة لهذا الملف الذي لك فيه أكثر مما لي بكثير . أما السعدي ، فهو أيضاً من أهل الدار .

  تهاني القلبية للأستاذ النويهي الذي لم تتح لي الفرصة بعد للتنويه بما أكنه من التقدير للمجهودات التي يقوم بها في ملفات عديدة رائدة ، وأريد أن اخص بالذكر اليوم رده على مقالة " خطوط نقدية   حمراء " الذي أرى فيه رداً مميزاً وذكياً كنت تمنيت لو كان باستطاعتي القيام به ، ولقد سررت بما كتبته أيما سرور يا أستاذ عبد الرؤوف ......... بالملايين !

 شكري أيضاً الأستاذ عبدلة الذي يقترب بدماثته من عبد الحفيظ وبسعة أفقه من الأستاذ وحيد فيجمع بينهما . يبدو أن المغرب سيكون حاضراً بقوة بيننا ، وسيكون لنا فيه ، كما كان دائماً ،  عزوة ورفعة .  

 شكراً على اختياركم لي ضمن سرب السراة ، أشعر اليوم أنني حصلت على شهادة الوراق التي أعتز بها .

 

    مقالة اليوم

  طالعنا في الصحف الفرنسية هذا الأسبوع ، وأذكر منها للشهادة صحيفة ال : لو موند ، بتارخ الخميس الماضي 27 نيسان 2006 ، نبأ إلقاء القبض على دبة من الجنسية السلوفانية عمرها من 4إلى 5 سنوات ، ترعرعت في غابات سلوفانيا ، وتم القبض عليها هناك ، فخدرت ، ثم كبلت بالسلاسل ، ثم تم نقلها تحت إشراف الخبراء العلميين ، وتحت حراسة أمنية مشددة ، من مسقط رأسها في يوغوسلافيا سابقاً ، سلوفانيا حالياً ، إلى أحراش جبال البيرينيه الفرنسية .

  إلا أن مجيء هذه الدبة " المهاجرة " والتي من المفترض ان يتبع بها خمسة دببة آخرون ، لم يكن بالبساطة التي كنا نتصورها . فلقد انقسمت على أثرها المنطقة إلى حزبين متعارضين : الحزب المناهض للدبة " الدخيلة " التي ستهدد سلامة قطعان الماشية ، والحزب المناصر للدبة    " البطلة " التي ستعيد تأهيل البيئة بدببة صغار يعيدون التوازن البيئي الطبيعي المفقود للمنطقة .

  إلا أن حزب المعارضة قام بأعمال شغب هددت الأمن السلمي القائم ، والمرتكز إلى قواعد الديموقراطية العريقة  في تلك المنطقة ، مما دفع بوزيرة البيئة : السيدة": " نيللي أونو " إلى الخروج على قواعد اللياقة ووصفهم ب : " الحمير والأغبياء " .

  أما أنصار البيئة ، المتحالفون مع الدبة الأم ( التي كانت حتى تلك اللحظة مقيدة ، وفي رقادها الإجباري بسبب تأثير الحقنة المخدرة  ) فقد نجحوا في إيصالها إلى محمية طبيعية في منطقة تدعى " بالوما " ووعدوا بالمضي قدماً لإلحاق الدببة الأربعة المتبقية بها ، والذين سوف يتوقف على مزاجهم " العاطفي " إعادة تأهيل البيرنيه بدببة " طبيعيين " .

   لما رأيتها ، كما رأيتها مغلولة ، ومغلوبة على امرها ، حسبت أني أعرفها ، تلك الدبة المهجرة  " قسراً " من وطنها تحت الأصفاد والحقن المخدرة . أظنها ستستفيق يوماً ، لتجد نفسها في مكان آخر ، غير ذلك المكان الذي تعرفه بالسليقة ، محاصرة ببنادق الصيادين الخائفين منها على أغنامهم ، وبرعاية أنصار البيئة الطامحين هم ، إلى استخدامها لإعادة التوازن لبيئة كانوا قد خانوها ، حتى اليوم ، مراراً وتكراراً ، ولا شيء يبشر بأنهم لن يعاودوا .

  من منا يستطيع الدخول إلى عقل الدب ، ليعرف ما يريد هو لنفسه ? وهل يستطيع الدب شيئاً غير أن يكون له مخالب وأنياب ?

 

 

1 - مايو - 2006
البنت التي تبلبلت
سلامي إلى أم زهير    كن أول من يقيّم

 

أستاذي الكريم زهير ظاظا :

شكري لا حدود له لكلمات لا تقدر بثمن أحطتماني بها ودعائي للوالدة الكريمة بطول العمر .

وصلتني المواويل وأثارت في نفسي ذكريات الطفولة التي عشناها على وقع هذه الموسيقى الشعرية الجميلة والتي جعلتني استعيد فصلاً قديماً مع هذه المواويل ومع صندوق الفرجة ظننت انه قد اندثر . الصورة ليست مشكلة وسأجد لها حلاً وكنت أريدك بأن تسأل الوالدة إذا كانت قد قرأت أو سمعت في قصص الملاحم أو ألف ليلة وليلة عن الأميرة ضياء .

أعتذر عن التأخير لكني مشغولة أكثر مما تتخيل .

3 - مايو - 2006
البنت التي تبلبلت
وين ? ع رام الله    كن أول من يقيّم

 

  كل الشكر والتحية لك أخي أسامة على تشجيعك الثمين والذي يمنحني أيضاً الفرصة لأن أيمم وجهي شطر رام الله لأتوجه من خلالك بالسلام إلى أرض فلسطين وشعبها الذي لا يزال يلهمنا منذ قرن من الزمان ويرسم لنا التاريخ ، ويخط ملحمة الكرامة ، شعلة تتقد فينا على الدوام ، وحتى يومنا الموعود وهو آت لا محالة .

7 - مايو - 2006
البنت التي تبلبلت
 7  8  9  10  11