البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات عبدالرؤوف النويهى الحرية أولا وأخيرا

 77  78  79  80  81 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
رواية "البنت التى تبلبلت " ضياء العلى . (15)    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

                                 الفصل الثانى عشر
                                  مذكرات  (12)
 
                             تهيؤات في لحظة اكتمال الدور
 
 أمشي في ذلك الليل الطويل .. أمشي يكتنفني ذلك الألم الكبير أحس به في داخلي ومن  حولي وأمشي .... أهرب إلى تلة خضراء فسيحة كأنها صحراء ذات عشب ! ليل أحمر يغطي المكان ، موسيقى حزينة تشبه أجراس النجوم ، أسمعها من البعيد .. حفيف اهتزازات شفيفة يشق المدى .. في الأفق ، ألمح حصاناً طائراً بجناحات بيضاء يتهلل في قبة السماء : الحصان الطائر يحوم فوق التلة فارداً ريشه الوثير مظللاً به عتمة الليل ... قلبي يخفق بشدة ! قلبي يرتعد ويرفرف في صدري الذي يكاد أن ينشق عنه ، يريد أن يطير إليه . أمد كلتا يدي نحوه وبكل الرجاء الذي يعتريني تجاهه أستطيل ... أحاول أن أتشبث بجناحيه وأستطيل .. لا أصل إليه .. أراه يبتعد وحده . يضم جناحيه بانكسار وهو يحني رأسه بحزن ظاهر ، ويبتعد .... قلبي ينخلع من مكانه ثم يهوي ..
 أسقط من الخيبة ، أتدحرج عن التلة لأتهاوى في الفضاء السحيق ولا شيء من حولي إلا العدم ....... لا نبي من حولي ، ولا أرض ، ولا سماء .......... النبي الذي كنت أعرفه وأحفظ كلماته ، مر من قربي ولم نلتق ! كنت أريد أن أسمعه يردد تلك الكلمات التي كنت أعرفها ،  لأعرف بأنه هو ! كنت تمنيت لو كان أخذ بيدي وسار بي ..... لكنه مر بقربي دون أن    يراني ، ورأيته يمشي متجهاً إلى عكس المكان .......  أسمع صوت الله يناديني قائلاً :
 
   " لقد ظلمت نفسك ! "  ......
 
  " ما أغناني عنه ما قلته يا ربي !  وسأدفع الثمن ! " ، أقول في نفسي ......... 
 
  أهوي وأهوي في عراء ذلك الفضاء اللامتناهي والخاوي إلا من خوفي القاتل .
 
   في لحظة ما ، أرتطم بذكرى ......... يوم قذفني أبي إلى العالم وصرت أتساقط في ذلك الفضاء  السحيق ، قبل ان أغرق في الملوحة !
 
  ووجدتني أسبح ، ثم أسبح ، بكل ما أوتيت من قوة نحو رغبة عمياء تدفعني إليها بصيرة لا أعرف لها قراراً ........... وحدي ، ولا ألوي .......... كيف وصلت إلى هنا ?
 
  أمشي أجر قدمي العاريتين ....... لغط كبير في سوق الخضار ، باعة ومشترون وسط أكوام من الزبالة والليمون المتعفن . مسلحون في لاند عسكري ، عليه مدفع "دكتاريوف" ، يجمعون التبرعات   للمقاتلين ، ويتخاطبون مع تجار السوق بصوت عال ........  رائحة التفاح تختلط برائحة النعناع والبصل الأخضر في تلك الصناديق المكدسة رتلاً طويلاً ومنفرجة عن ممرات ضيقة تمر فيها قدماي العاريتان .......... نسيم شجيرات الآس القادمة من المقابر المجاورة تملأ المكان ...... أشعر ببيت جدتي يقترب مني وأنا أقترب منه . أسمع أزيز المنشرة يصم الآذان ، كلما اقتربت أكثر ، ونشارة الخشب الناعمة بدأت تدفأ لي قدميَّ ........
 
  أمام باب الدار القديمة ، أجدني مبطوحة على بطني ، لأبدأ بصعود الدرج المظلم ، مستندة  إلى  أكواعي المرتجفة ! برودة درجاته الإسمنتية الناعمة صارت تمدني بخدر خفيف  . في البهو الكبير ، أمام البيت ، اجتمع الجيران من حولي :
 
 " الحمد لله على السلامة ! " ، سمعتهم يقولون . أبتسم ، أهز لهم برأسي ، " الحمد لله على السلامة ! " ، يزحفون نحوي بالعيون .......
 
  عيونهم تتفرس بفضول ، أسمع غوغاءهم وهم ينكبون فوقي ، ماذا يريدون أن يعرفوا ? أتساءل !
 
  أرفع إليهم ببصري وللمرة الأخيرة ، ينصرفون عني بصمت .......
 
  أمام العتبة التي تفصلني عن بيت جدتي ، أستجمع قواي الأخيرة لأدفع بنفسي إلى الداخل ........ كان صوت إغلاق الباب هو آخر ما سمعته ، ولم أعد أرى شيئاً ...........
 
 
                                  الرسالة الثانية عشرة والأخيرة     
 
 
                                                دائماً أبــي ....
 
 
عزيزتي الغالية :
 
  هي آخر رسالة أكتبها إليك ، صفاء ، حول هذا الفصل من حياتي ، الذي انتهى على هذا الشكل المؤلم . فالباقي تعرفينه ، وتعرفين أنني لم أمت رغم أن الدواء أتلف أحشائي ، وأنني عانيت من المرض وآثاره لمدة طويلة . إلا أن أسوأ ما خرجت به من هذه التجربة ، كان ما تركه علي الانهيار العصبي من ندوب في نفسي ، لم أشف منها أبداً .
 
  بقيت حوالي الشهرين في عزلة تامة ، كانت أمي خلالها تعتني بي بصبرها المعهود ، وصمتها المضني ، دون أن تسألني شيئاً ......... تغير لي الشراشف ، وتعطيني الدواء ، وتشتري لي عصير الخرنوب ، وتسألني إذا كان باستطاعتي أن آكل لتصنع لي بعض الحساء ........ تغطيني عند اللزوم ثم تذهب إلى أمورها الأخرى ........ تترك لي بقرب المخدة ، عينيها الباردتين ، بكل ما فيهما من ملامة وقسوة ، وكرمها الزائد في العناية بي ، بكل ما فيه من عزاء ورحمة ........ تعيدني إلى  طفولتي التي عشت فيها دائماً معها في هذا الحد الفاصل ، بين تلك الأمومة الباردة ، وطقوس الواجب المقدس .........
 
  أبي ، كان يصل به ما تبقى لديه من علائق بأمورنا وحياتنا ، ما تبقى لديه من حنان الأبوة ، إلى باب الغرفة ، دون أن يجتازه يوماً . فيقف هناك ، عند العتبة ، ليلقي علي نظرة من عينيه السوداوين الكبيرتين ، وأنا متكورة في فراشي ، دون أن يدفعه فضوله ، أو يتجرأ أن يكلمني أو يسألني شيئاً . نظرته كانت تعذبني وتعيدني إلى حزني القاتل ، حزني المسجى في فراش مريح ، كان قد تمطى وأصبح طويلاً تحت تأثير الدواء ............ حزني صار هو حزنه ، وخيبتي هي  خيبته ، وانهزامي هو انهزامه السحيق المزمن ......... ثم يعود لينسحب ببطء من حيث أتى ، إلى عالمه هو المنهار أيضاً والمطبق عليه ......... هو لا يعرف كيف حدث كل هذا ، هو لا يعرف كيف وصلنا إلى هنا ، هو كان يظن أنه أسد وأننا جراؤه . وكان يظن أنه قادر على أية حال على إطعامنا وحمايتنا .........  حوله ، كنا نجلس على الطاولة ، في غرفة الطعام الكبيرة ، فنأكل ونشرب ثم نتبارى بالشعر :
 
   ـ " اشرحي لي هذا البيت " :
 
  ـ " صنت نفسي عما يدنس نفسي ........ " ، أسمعه يقول .
 
  اليوم ، وأنا أنظر إليه أتذكر :
 
  " لا أنت أنت ولا الديار ديار ..... "
 
........................................................................................
 
 
  هكذا عزيزتي ، بدأت رحلتي الجديدة مع الغربة الثانية ، ومع ما خرجت به من تجربتي الأولى من استنتاجات . كانت تلك أول مواجهة فعلية لي مع الحياة ، وخسرتها بالضربة القاضية . بمرور الأيام ، شفيت ولم أشف .... انكسر الحلم في داخلي ، ماتت الأسطورة ! لم يعد عندي مسكن لذاتي الحائرة بين ذلك الوهم المتسربل بالبراءة ، والواقع المخيب ... لم أنجح بتبديل أسطورتي بما يماثلها ،  لأستعيد معها الحلم وأستعير منها شهوة الحياة . نأيت بنفسي عن الأحداث  لأحميها ، بقيت خارج اللعبة ، أرقبها من بعيد ، دون ان أجرؤ على الانضمام إلى هذا المهرجان . صرت أحسد أولئك الذين لا يزالون ، بدون كلل ، يستبدلون الأبطال بالأبطال ، والقرابين بالقرابين ، في زمن يدور ، وفي احتفالات صاخبة ، تموت فيها الذاكرة في كل يوم ، مرات ، إلى ما شاء الله ، تمجيداً لدورة الحياة السرمدية ............  في هذا الزمن المتحول أبداً ، المنتج أبدأ لعناصر ديمومته ، صرت أشعر وكأنني ، بت خارج التاريخ .
 
  في رحلة الحياة والموت هذه ، لحظات من النداوة تتبدى لي أحياناً في تخيلات ألقيها على الواقع لأخفف عني  من عبء وطأته . أخلق منها الحلم ....... ومن الحلم ،  وجودات متعددة أخترعها لأسلي بها وحدتي ، ثم تستعصي على فهمي أحياناً ! أتتبعها طويلاً  في خيالي وفي ذاكرتي المنتقصة لأستعيد منها رغبة الوجود ......... في العمق ، لا تزال شعلة ضئيلة تنتج في داخلي ذلك الشوق إلى الوجود الذي يستعصي ويتمرد على الذاكرة ........
 
  أتعبتك معي ، لا شك ، أتعبتك وأنا أعلم بأنك لا تشاركينني مواقفي وأفكاري ، وأعلم بأنك أكثر مني  حذراً وتعقلاً واعتدالاً وربما " واقعية " ?  لكنني أردت أن أشرح لك ، بكلام لم أخترعه أبداً ، شيئاً تعرفينه ، لكنك تنسينه . أردتك أن تعرفي مني ، بكلمات تأتي  من القلب ، الذي ظننت يوماً أنني فقدته إلى الأبد ، أو أنه قد أصيب بالصمم والبكم والعمى والكساح ........ حتى إنني ظننت يومها أنه قد مات ! ويومها  فقط ، عرفت أن السمع مركزه القلب ، والنظر ، مركزه القلب ، والحلم مركزه القلب ، وأن الكلام يأتي من القلب أو لا يأتي أبداً .
 
سلامي لك كبير صفاء ، وعلى أمل بأن نلتقي قريباً ، لك مني كل المودة .
إلى اللقاء .
 
 
 

11 - أكتوبر - 2007
نون النسوة فى مسيرة الإبداع الفنى والفكرى والأدبى0
رسالة خاصة جداً ..... زهير ظاظا    كن أول من يقيّم

الأخ الأعز / زهير ظاظا .
          تحية طيبة وبعد
كل عام وكل الأعوم القا دمة ،والصحة والسعادة  تملأ  حياتك وحلك وترحالك.
الجفاء منك يقتلنى ،وما وجودى بالوراق إلا حباً وتقديراً لشخصكم الكريم .
لقد وحشتنى والقلب مشتاق لصفاء مشاعركم  وروعة كلماتكم  وصدق أشعاركم .
والله ............لقد وحشتنى  والجفاء منك يقهرنى  ويحزننى .
                                                      عبدالرؤوف النويهى

12 - أكتوبر - 2007
رحلة المعتمر 0000عبادة وشجون
ذكرى حزينة ومؤلمة    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

(((الموت يخنق الحياة ، و الخوف يشل العقل ...
        هل هناك حياة بدون عقل ?????  ))) سلوى
 
 
 
أعود إلى الوراء سنوات تجاوزت الربع قرن من السنين ، وتحديدا 25/ 7/1980
هذا التاريخ محفور بذاكرتى ، قد أنسى تواريخ ميلاد بسمة ويوسف ، لكن هذا التاريخ لاينسى مهما تقدم بى العمر .
 
فى ملف( أحاديث الوطن والزمن المتحول) بمجلس التاريخ ، وفى بدايات الصفحات الأولى ، نشرت جزءا حميما من حياتى مجموعة شخبطات سميتها _وهج الألوان _وتكرر ظهور إسم أختى قمر كثيرا ، وموتها بعد معاناة مريرة مع المرض (حمى روماتيزمية ) والتى أكلت النضارة والجمال وأحالت ضجة الحياة وصخبها إلى شبح يتهاوى إعياءا وهزالا وتساقط تاج الشعر الناعم المسترسل ، وانهيار الجسد تحت سياط المرض اللعين ، وفى أخريات أيامها ، وهى الشابة الفتية 16سنة لاتتمكن من المشى إلا بمساعدة الآخرين. 
كنت عائدا ليلا بعد منتصف الليل ، من سهرة مع أصدقائى ، وقبل أن أفتح الباب ، سمعتها وهى وحدها فى وسط البيت والجميع نيام ، تقول :  يارب أنا تعبت قوى ، وبعدين مش قادرة أمشى ، طب أعمل إيه ???
تراجعت عن فتح الباب وضربت الجرس الموجود فى الشارع ، ووجدتها تقوم بفتح الشقة  وتسأل مين ???
ضحكت وقلت لها :  أنا يا قمورة (إسم الدلع )
فردت:   إقفل البوابة ، أنا سهرانه مستنياك عشان تتعشى أصلهم كلهم ناموا وسابونى .
وطبعا كنت متلخبط ومش عارف أأقول إيه ،وأنا عارف إنها أيام قليلة وسترحل ، فالحمى هاجمت القلب .
والدكتور المعالج طلبنى على إنفراد بعيدا عن أمى وأبى ، وقال لى أختك بتموت وسيبها تاكل إللى هى عايزاه .
وخرجت من عند الدكتور أضحك وعاكست أختى ورددت أمامها أغنية فيروز (قمارة يا قمارة ما تطلعيش الشجرة والشجرة عالية وأنتى لسه صغيرة )،وقلت : إنتى كويسة قوى وعايزين نشوف لكى عريس .
لكنها نظرت لى نظرة جادة وكأنها تقول :بلاش تضحك علىَ.
 
لم يمر أسبوع إلا وقد لحقت بالرفيق الأعلى ،غفر الله لها ولنا ورحمها رحمة طيبة 0
وبعده بفترة ،كتبت عن حياتها وطفولتها وشقاوتها ومراهقتها ومرضها وقفشاتها ونكتها وروحها الطاهرة .
وسميت هذه الكتابات (وجه أختى )،ولست أدرى حتى اللحظة إختفاء الكراسة رغم البحث المضنى.
 

27 - أكتوبر - 2007
أغانٍ لها ذكرى في حياتي
الغضب الساطع    كن أول من يقيّم


كنتُ عاشقاً ولم ينته عشقى لفيروز بعد .
أثناء وجودى بجامعة القاهرة ،كلية الحقوق ،معقل الانتفاضات الطلابية  فى سبعينيات القرن الماضى ،وكانت أحداث 18و19يناير سنة 1977م ،ثورة الجوعى كما سميتها آنذاك ،وأطلق عليها الرئيس المؤمن / أنور السادات ،انتفاضة الحرامية ، والهتاف بصدرى يضج وينفجر وهتافات الطلاب والطالبات ترج جامعة القاهرة  رجاً عنيفاً ومدوياً،وحصار الجنود من كل جانب.
 
فجأة أجد نفسى  _وفى وسط هذه الثورة الثائرة والطوفان البشرى يهدر بسقوط النظام _.
فجأة ..أجد نفسى أُردد ما أحفظه من أغانى فيروز  ،وسطعت هذه الأغنية برأسى وسيطرت على تفكيرى ،بل تهدر بداخلى (الغضب الساطع أتٍ وأنا كلى إيمان )
 
وحتى اللحظة ....إذا سمعت هذه الأغنية /الثورة ،أتذكر أيام المجد الطلابى وزلزلة النظام من هتافاتهم  المدوية ،وريادة الحركة الطلابية فى الإحساس بمشاكل الشعب ، والتعبير عنها بقوة وحماس ،وأتحسس فخذى الأيسر ،من ضربة قاسية من أحد الجنود بهراوة فى يده ،الذى عانى معاناة طويلة وألم شديد .
 
 

28 - أكتوبر - 2007
أغانٍ لها ذكرى في حياتي
مكتبتى تحت أمرك    كن أول من يقيّم

رأي الوراق :

الأخ الأستاذ الدكتور /أحمد أيبش
 
أن تفقد كتاباً فهذه مصيبة ،وأن تفقد مكتبة فالمصيبة أعظم وأعظم وأعظم.
مكتبتى تضم 20ألف كتاباً .
فلنتقتسمها معاً.
كيف لى بإرسال الكتب ، أرجو عناوين الكتب وسأحاول  إرسالها .
                                                          أخوكم
                                                 عبدالرؤوف النويهى
                                                        المحامى
                                              بالنقض والدستورية العليا
محمول 0101891872
مكتب 3348866
منزل 3298605
مصر ..طنطا                             

31 - أغسطس - 2008
مكتبة د. أحمد إيبش
شكراً ..جامعة الوراق    كن أول من يقيّم

رأي الوراق :

ما الحب إلا للحبيب الأول.
 
وجع البعاد  يضنينى .
 
 
وتظل جامعة الوراق الملتقى والعناق.
 
شكراً شاعرنا الكبير /زهير ظاظا ..وعلى هذا الحديث العاطر الذى أثلج صدرى .
شكراً أستاذنا الدكتور أحمد إيبش على هذا الكلمات الرقيقة التى لن أستطيع أن أوفيها حقها.
شكراً حفيظ القلب ولؤلؤته النادرة .
 
شكراً لقلب الوراق المفعم بالصدق والنور والجمال، أختنا الجليلة ضياء العلى .
شكراً لكل من خطرت بباله لحظات  .
 
فليكن أستاذنا الكتور /أحمد أيبش ،نبع الصفاء الذى آب  بى من رحلة طويلة ،لم أبتعد فيها عن الوراق ولوللحظات.
 
فليكن هذا الشهر الفضيل كريماً علىّ بعودتى لجامعة الوراق  وعودة أعمدة الحكمة السبعة .
 
كل عام وأنتم جميعاً بخير
ورمضان كريم .

1 - سبتمبر - 2008
مكتبة د. أحمد إيبش
القياصرة ..قادمون    كن أول من يقيّم

كلمات سبارتاكوس الأخيرة

للشاعر /أمل دنقل


(مزج أوّل ) :

المجد للشيطان .. معبود الرياح
من قال " لا " في وجه من قالوا " نعم "
من علّم الإنسان تمزيق العدم
من قال " لا " .. فلم يمت ,
وظلّ روحا أبديّة الألم !

( مزج ثان ) :

معلّق أنا على مشانق الصباح
و جبهتي – بالموت – محنيّة
لأنّني لم أحنها .. حيّه !
... ...
يا اخوتي الذين يعبرون في الميدان مطرقين
منحدرين في نهاية المساء
في شارع الاسكندر الأكبر :
لا تخجلوا ..و لترفعوا عيونكم إليّ
لأنّكم معلقون جانبي .. على مشانق القيصر
فلترفعوا عيونكم إليّ
لربّما .. إذا التقت عيونكم بالموت في عبنيّ
يبتسم الفناء داخلي .. لأنّكم رفعتم رأسكم .. مرّه !
" سيزيف " لم تعد على أكتافه الصّخره
يحملها الذين يولدون في مخادع الرّقيق
و البحر .. كالصحراء .. لا يروى العطش
لأنّ من يقول " لا " لا يرتوي إلاّ من الدموع !
.. فلترفعوا عيونكم للثائر المشنوق
فسوف تنتهون مثله .. غدا
و قبّلوا زوجاتكم .. هنا .. على قارعة الطريق
فسوف تنتهون ها هنا .. غدا
فالانحناء مرّ ..
و العنكبوت فوق أعناق الرجال ينسج الردى
فقبّلوا زوجاتكم .. إنّي تركت زوجتي بلا وداع
و إن رأيتم طفلي الذي تركته على ذراعها بلا ذراع
فعلّموه الانحناء !
علّموه الانحناء !
الله . لم يغفر خطيئة الشيطان حين قال لا !
و الودعاء الطيّبون ..
هم الذين يرثون الأرض في نهاية المدى
لأنّهم .. لا يشنقون !
فعلّموه الانحناء ..
و ليس ثمّ من مفر
لا تحلموا بعالم سعيد
فخلف كلّ قيصر يموت : قيصر جديد !
وخلف كلّ ثائر يموت : أحزان بلا جدوى ..
و دمعة سدى !

( مزج ثالث ) :

يا قيصر العظيم : قد أخطأت .. إنّي أعترف
دعني
ها أنذا أقبّل الحبل الذي في عنقي يلتف
فهو يداك ، و هو مجدك الذي يجبرنا أن نعبدك
دعني أكفّر عن خطيئتي
أمنحك – بعد ميتتي – جمجمتي
تصوغ منها لك كأسا لشرابك القويّ
.. فان فعلت ما أريد :
إن يسألوك مرّة عن دمي الشهيد
و هل ترى منحتني " الوجود " كي تسلبني " الوجود "
فقل لهم : قد مات .. غير حاقد عليّ
و هذه الكأس – التي كانت عظامها جمجمته –
وثيقة الغفران لي
يا قاتلي : إنّي صفحت عنك ..
في اللّحظة التي استرحت بعدها منّي :
استرحت منك !
لكنّني .. أوصيك إن تشأ شنق الجميع
أن ترحم الشّجر !
لا تقطع الجذوع كي تنصبها مشانقا
لا تقطع الجذوع
فربّما يأتي الربيع
" و العام عام جوع "
فلن تشم في الفروع .. نكهة الثمر !
وربّما يمرّ في بلادنا الصيف الخطر
فتقطع الصحراء . باحثا عن الظلال
فلا ترى سوى الهجير و الرمال و الهجير و الرمال
و الظمأ الناريّ في الضلوع !
يا سيّد الشواهد البيضاء في الدجى ..
يا قيصر الصقيع !

( مزج رابع ) :
يا اخوتي الذين يعبرون في الميدان في انحناء
منحدرين في نهاية المساء
لا تحلموا بعالم سعيد ..
فخلف كلّ قيصر يموت : قيصر جديد .
و إن رأيتم في الطريق " هانيبال "
فأخبروه أنّني انتظرته مديّ على أبواب " روما " المجهدة
و انتظرت شيوخ روما – تحت قوس النصر – قاهر الأبطال
و نسوة الرومان بين الزينة المعربدة
ظللن ينتظرن مقدّم الجنود ..
ذوي الرؤوس الأطلسيّة المجعّدة
لكن " هانيبال " ما جاءت جنوده المجنّدة
فأخبروه أنّني انتظرته ..انتظرته ..
لكنّه لم يأت !
و أنّني انتظرته ..حتّى انتهيت في حبال الموت
و في المدى : " قرطاجه " بالنار تحترق
" قرطاجه " كانت ضمير الشمس : قد تعلّمت معنى الركوع
و العنكبوت فوق أعناق الرجال
و الكلمات تختنق
يا اخوتي : قرطاجة العذراء تحترق
فقبّلوا زوجاتكم ،
إنّي تركت زوجتي بلا وداع
و إن رأيتم طفلى الذي تركته على ذراعها .. بلا ذراع
فعلّموه الانحناء ..
علّموه الانحناء ..
علّموه الانحناء ..
من ديوان (البكاء بين يدى زرقاء اليمامة)
 
لا تحلموا بعالم سعيد
فخلف كلّ قيصر يموت : قيصر جديد !
وخلف كلّ ثائر يموت : أحزان بلا جدوى ..
و دمعة سدى !"



القياصرة يحكمون
القياصرة لايموتون
إنهم كالحزن الساكن بالقلوب ولامفر منهم.
كلما طالعتُ خريطة العالم العربى ،وأنا المغرم دوماً بمطالعة الخرائط وأرسم البلاد و الحدود والأنهار والسدود والهضاب والجبال والصحارى، أتحسّر على هذه الجغرافية الشاسعة ولاتملك من أمرها شيئا.
يقتلنى الاستبداد والطغيان والطغاة .


قياصرة العصر الحديث..
من الخليج إلى المحيط .
فقر ومرض وأمية واستعباد وتخلف .
إذا لم نقف فى وجه الطوفان/ الطغيان /الاستبداد /الاستعباد

فالقياصرة ...قادمون
 
 

1 - سبتمبر - 2008
الحرية
محمد هشام ......أخى وصديقى وناقدى الأثير    كن أول من يقيّم

رأي الوراق :

سألت عليك نجم الوراق وشاعره.
كنت بحاجة لحديثك الشيق وروحك الواثقة وكلماتك العميقة .
 
 
محمد هشام ..أخى وصديقى وناقدى الأثير.
 
ها نحن نلتقى  مرة ثانية .......شكرى موصول للأستاذ الدكتور أحمد إيبش .
 
هل تنسى رسالتك القيمة؟؟؟
 
 (كن كاملا فى عالم ناقص ،يكمل العالم على مدى الزمن.)كانت
 
صدقنى ..كانت رسالة تحمل الكثير ،وفى أُخريات العمر أضاءت  أمامى الطريق.
 
لنا صولات  وجولات .
تحياتى العطرات وشوق بلاحدود .

1 - سبتمبر - 2008
مكتبة د. أحمد إيبش
مقال فى العبودية المختارة ..إتيين لابويسيه ..(16)    كن أول من يقيّم

(16)

وحتى لو صرفنا النظرعن هذه العوائق لتبينا أن من الصعب ان يضم فؤاد الطاغية حبا يوثق به،لأنه إذ علا الجميع وعدم رفيق قد خرج بهذا عينه عن حدود الصداقة التى مقعدها الحق هو المساواة والتى تأبى دوما التعثر فى خطواتها المتساوية أبداً.
لهذا ترى (فيما يقال) شيئاً من القسط بين اللصوص عند اقتسام الغنيمة لأنهم متزاملون متكافلون ، وإذا كانوا لايتبادلون الحب فهم على الأقل يتبادلون الحذر ولايرغبون فى إضعاف قوتهم بالتفرق بدل الوحدة .
أما الطاغية فما يستطيع المقربون إليه الاطمنئان إليه أبداً مادام قد تعلم منهم أنفسهم أنه قادر على كل شى وأنه لاحق ولا واجب يجبرانه ومادام تعريفه صار يقوم فى اعتبار إرادته العقل وفى إنتفاء كل نظير وسيادة الجميع.

أليس أمرأً يدعو للرثاء أن كل هذه الأمثلة الواضحة وهذا الخطر الدائم لاتدعو إليه أحداً إلى الإ تعاظ بها وأن يتقرب من الطاغية طواعيةً هذا العدد الغفير من الناس دون أن يجد أحد الحصافة اللتين تمكناه من أن يقول ما قاله الثعلب، على ماورد فى الحكاية ،للأسد الذى اصطنع المرض
؛كنت أزورك طواعية فى عرينك لولا أنى أرى وحوشاً كثيرة تتجه آثارها قدماً إليك وما أرى أثراً يعود"


هؤلاء التعساء يرون بريق كنوز الطاغية وينظرون مشاهد بذخه وقد بهرتهم أشعتها فإذا هذا الضوء يغريهم فيقتربون منهدون أن يروا أنهم إنما يلقون بأنفسهم فى اللهب الذى لن يتخلف عن إهلاكهم.

هكذا كان الساتير الطفيلى الذى تحكى الحكاية أنه شاهد النار التى اكتشفها بروميثيوس وهى تضىء فرأى لها جمالا ًفائقاً فذهب يقبلها فاحترق.
مثله مثل الفراشة التى تلقى بنفسها فى النار أملاً فى الحظوة بلذة من نورها فإذا هى تعرف قوتها الأخرى ؛ قوتها الحارقة، كما يقول الشاعر التسكانى.
ولكن لنفرض أن هؤلاء الأغرار يفلتون من قبضة من يخدمون ، أيعلمون أى ملك آت من بعد؟
إذاكان طيباً وجبت الإجابة عما صنعوه،ولما صنعوه، وإذا كان سيئاً شبيهاً بسيدهم فلسوف يصحبه أيضا أتباعه الذين لايقنعون بالاستحواذ على مكان الآخرين بل تلزمهم أيضا فى معظم الأحايين أملاكهم وحياتهم.
أيمكن إذن،وهذا مدى التهلكة ومدى قلة الأمن أن يكون هناك إمرؤ يرغب فى ملءهذا المكان البائس هذا، أيها الرب الحق!
أن يقضى المرء النهار بعد الليل وهو يفكر كيف يرضى واحداً بينا هو يخشاه مع ذلك أكثرمما يخشى أى إنسان آخر على وجه البسيطة.

1 - سبتمبر - 2008
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
مقال فى العبودية المختارة ..إتيين دى لابويسيه ..(17)    كن أول من يقيّم

(17)

أن يكون عيناً دائمة البص وأذنا تسترق السمع حتى يحدث مأتى الضربة القادمة وموقع المصائد وحتى يقرأ فى وجوه أقرانه أيهم يغدر به،يبتسم لكل منهم وهو يخشاهم جميعا ،لاعدوا سافرا يرى ولاصديقا يطمئن إليه،الوجه باسم والقلب دام، لاقبل له بالسرور ولاجرأة على الحزن!.
ولكن الأغرب هو أن نرى ما يعود عليهم من هذا العذاب الشديد والكسب الذى يستطيعون توقعه من مكابدتهم وحياتهم البائسة.
فالذى يقع هو أن الشعب لايهتم بالطاغية أبدا بما يقاسيه وإنما ينسبه طواعية إلى من سيطروا عليه؛ هؤلاء تعرف أسماءهم الشعوب والأمم ويعرفها العالم قاطبةً حتى الفلاحين والأجراء، يعرفونها ويصبون عليهم ألف قذيعة وألف شتيمة وألف سبة، كل أدعيتهم وأمانيهم تتجه ضدهم،كل ما يلحق بهم من البلايا والأوبئة والمجاعات يقع فيه اللوم عليهم،فإن تظاهروا أحياناً بتبجيلهم سبوهم معا فى قلوبهم ونفروا منهم كما لاينفرون من الوحوش الكاسرة .
هذا هو الشرف وهذا هو المجد اللذان ينالون جزاء على ما صنعوه تجاه الناس الذين لو ملك كل منهم جزءاً من أجسادهم لما إجتزأ ولارأى نصف عزاء عن شقائه،فإن أدركهم الموت لم يتوان من يجىء بعدهم عن أن يظهر بينهم ألف قلم يسود بمداده أسماء آكلى الشعوب هؤلاء ويمزق سمعتهم فى ألف كتاب،وحتى عظامهم ذاتها،إذا جاز هذا التعبير،يمرغها فى الوحل عقابا لهم بعد مماتهم على فساد حياتهم.

لنتعلم إذن، لنتعلم مرة أن نسلك سلوكاً حسنا.
لنرفع أعيننا إلى السماء بدعوة من كرامتنا أو من محبة الفضيلة ذاتها أو إذا أردنا الكلام عن علم فيقينا بدعوة من محبة الله القادر على كل شىءوتبجيله،ولهو الشاهد الذى لايغفل عن أفعالنا والقاضى العادل فى أخطائنا.
أما فيما تعلق بى فإنى لأرى ،ولست بالمخدوع مادام لاشىء أبعد عن الله الغفور الرحيم من الطغيان ،إنه يدخر فى الدار الأخرى للطغاه وشركائهم عقاباً من نوعٍ خاص.

****************
انتهى مقال فى العبودية المختارة .. للمؤلف إتين دى لابويسيه المولود فى 1/11/1530م بمدينة سارلا على الجنوب من ليموج وإلى الشرق من بوردو بفرنسا
ومات فى 18/8/1562م


وقام على ترجمة هذا النص الفارق.. الأستاذ الدكتور /مصطفى صفوان
ونشرته الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة 1992م

حاولت ومن منطلق الفكر الذى أعتنقه فى مسيرة حياتى العقلية والثقافية ،أن أنقل هذه المقالة /الكتاب/الدراسة فى الطغاة والطغيان .

ولى عنده وقفات تطول، فما أكثر ما أثاره لدىّ من فتوحات عقلية وثقافية وفلسفية ،قد أختلف فيها مع الكثيرين وقد يلحق بنا معاً التماسُ فى الموافقة على ماورد به.

1 - سبتمبر - 2008
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
 77  78  79  80  81