البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات صبري أبوحسين أبوعبدالرحمن

 71  72  73  74  75 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
آخر المقال    كن أول من يقيّم

تظل نهاية القصيدة تحمل مفارقة ما بين زمن أخير خفت فيه صوت امرأة القصيدة وتحول إلى رماد، ولم تعد فيه اللوحة لوحة، وزمن سابق بدأ بلوحة "النمرة" وتمني شراستها . تظهر امرأة القصيدة تكره الضعف الذي تتضمنه الوداعة(صورة القطة) فتود التخلص منه، لكنها تعي أنها ستكره البديل أيضا أن تتحول إلى الشراسة(صورة النمرة) فترفض اللوحة. لكن الرفض للوحة لا يعني نفيا لأمنيات النفس أو نفيا لتناقضات النفس ، وإنما يعني رفض الوعي عند امرأة القصيدة أن تتجسد الأمنيات الشريرة إلى حقائق. http://www.alriyadh.com/2007/10/25/article289088.html

18 - يونيو - 2008
النسوية في الشعر الإماراتي المعاصر: صالحة غابش نموذجًا
مقال:(صالحة غابش: إماراتية تكتب عطب الروح وشموخها)    كن أول من يقيّم

مقال:(صالحة غابش: إماراتية تكتب عطب الروح وشموخها)
للأستاذ ناصر أبو عون[جريدة عمان ملحق شرفات الأدبي]
في (الآن عرفت) تدخل صالحة غابش إلى الذات العربية المنكسة حينا والشامخة أحايين كثيرة موصولة بمنجز إبداعي ينتمي إلى جيل الرواد في قصيدة النثر الإماراتية وتجربة شعرية ثرّة يؤرخ لها بديوانين سابقين يعد (المرايا ليست هي) أكثر تعبيرا عن رؤيتها الشعرية حيث تنكشف فيه عورة الروح وتتوارى الذات خلف زجاج هش تتبدى على سطحه الخارجي انكسارات العقل العربي بينما المرايا كاذبة تعكس تضخم الذات بينما هي تنطوي على خراب وخواء معرفي ونفسي.
وربما يكون ديوانها الأول (بانتظار الشمس) يحمل طزاجة التجربة وإن كان يشي بمحاولة جادة للبحث عن موطئ قدم للشاعرة على طريق الذائقة الشعرية العربية.
وفي ديوانها الجديد تحاول أن تفتح كوة تتسع شيئا فشيئا في جدار التقاليد وخيمة الأعراف تحاول أن تخلق لها وجودا وتحقق بالنص الشعري حياة باذخة بالأسرار وزاخمة بالزمن لا تصلح ما أفسده الدهر ولكنها تكتب عطب الروح وعلوها وكسور الداخل وشموخه في الوقت ذاته 0
وشعرية صالحة غابش شعرية تسيّد العناصر الحلمية والسريالية وتلك الشعرية تسربت للأجيال العربية  الجديدة عبر كتابات جماعة (إضاءة السبعينية) في مصر ويعتقد ادوار الخراط أن (الإخلال المتعمد بالحواس (رامبو) و الهذيان الإرادي (بريتون) و الجمال التشنجي (إيلوار) هذه كلها تكون تيارا تحتانيا يسري في معظم شعراء هذه الجماعة ومن ثم نرى الشاعرة تسعى إلى تحطيم الجران المفتعلة المسلم بها في سياق المنطق اليومي العادي بين الصحو والحلم بين الذات والآخر بين الجواني والخارجي
تقول الشاعرة في (المايسترو) :
تتشنج فيه اللغة
حتى تفقد وعيها
وحين يستردها الواعي
تكون المقاعد قد فرغت 0
إن الفردوس المفقود من الخصائص السريالية الأساسية هنا ويراها ادوار الخراط عقيدة – أو أطروحة على الأقل – في شعرية الجيل السبعيني  0أما الفردوس هنا فهو مقدرة الكلمة على الفعل وعلى التغيير المباشر والسطوة غير المحدودة للشعر إيمانا منهم بالقومية ووعي البراءة والأمل غير المحدود ولكن سرعان ما جارت الأحداث الجسام وتزلزل هذا الفردوس 00 هذا الفقدان كان له أصداؤه الفاجعة أحيانا والسخرة حينا والصاحية الواعية في كل الأحيان 0
تقول في (ظلال متوارية):
هنا أقف
في نظرتي المتدلية من خجلها
أبحث عن ظلي
وراء أحجبة السائرين
أملأ جرتي بلآلئ مهملة في الطريق
من دون أن يراني أحد
قد يمسك بي شرطي
سأقول له : أنا لا أسرق
لكنني فقط
وقراءة الحالة الشعرية عند صالحة غابش نرى حالة من التشيؤ الحقيقي وهناك عالم من الأجواء الكابوسية واستثمار طاقات الحلم والتخيل والجملة المرنة القصيرة والاحتفاء باليومي وطقوس الإنسان العادي وينكمش النص في مقطوعات من الكولاج لصالح العبرة ويغيب الأسلوب لصالح الدهشة والنكتة السوداء والشعرية هنا كما يقول (بورخيس) صناعة الخرافة أي محاولة لإيجاد مطابقة أكثر دقة بين الواقع الذي هو خيال والخيال الذي هو واقع  وليس هذا تزييفا للواقع كما اعتقد أفلاطون فعلى العكس من ذلك فإن الأدب نجح أكثر من الفلسفة في مواجهته للواقع إن هذه الشعرية تنتمي إلى أدب ما بعد الحداثة والبنيوية ذلك الأدب الذي يقترب من الواقع من خلال صناعة الخرافة وعكس الواقع من خلال مرآة الذات وخارطة الخيال.
ويوضح روبرت شولز في مقالته (صناعة الخرافة والواقع) أن تخيلاتنا حقيقية في نفسها لكن على أنها إشارات تشير إلى أي  عالم خارج الخيال أو الحلم إذ ليس لها وجود حقيقي مستعينا بمقولة (بورخيس) : "(تتكونالقصائد من كلمات أما الواقع فلا) ومع ذلك ثمة شئ ذو أهمية هنا بين الواقع والكلمات توسطات بين اللغة والعالم فالواقع لامتناهي الغنى وإن لغة الإنسان لا تستنفد ذلك الكنز الذي يصيب بالدوار وعمل الشاعر هو المرآة التي تعكس مزايا القارئ وهو خارطة العالم أيضا 00إن الشاعر منشغل بعصره على مدى الزمان 00وإن قيمة القصيدة تكمن في شموليتها أكثر من أصالتها .

19 - يونيو - 2008
النسوية في الشعر الإماراتي المعاصر: صالحة غابش نموذجًا
تابعمقال(صالحة غابش...    كن أول من يقيّم

وانتماء الشاعرة للمشهد الإبداعي الإماراتي الذي اتهمته ظبية خميس في سياق التجربة المشتركة لعدد من الكتاب رجالا ونساء ـ بداياتهم متقاربة ـ بشحوب التجربة مع مرور الوقت فتقول : (إن هناك شحوبا حقيقيا لأسماء أنا أعتقد أنها كانت موهوبة ومبدعة) وتعتقد أن المبدع الذي يعيش في الإمارات عليه التعامل بشكل غير جاهز مع الأشياء فمن أجل أن أعيش في الإمارات كمبدع يتطلب الأمر مني عدة أشياء أهمها أن أكون بديناميكية التحول الذي يحدث في الإمارات بمعنى أن الإمارات لم تنته بعد إلى الشكل النهائي لها كدولة وكمجتمع فهذا المجتمع رغم كل التعددية السكانية التي به تلمس فيه حواجز بين البشر وهناك بشر غير مرئيين في المكان لا يرونك ولا تراهم وبهذا تبقى هناك خبرات وتجارب إنسانية غائبة عن الطرفين  لأنني كمواطن قننت لنفسي صورة أعيشها ونتيجة لذلك نقلت الحالة كمبدع .
إلى مجال إبداعي كما تم تقنين النفس كروح إبداعية ضمن هذه الصورة في حين أن تجربة الإمارات وربما بعد مسافة من الزمن من الممكن آن تصنع تجارب إبداعية لها نكهة خاصة جدا إذ بدأ النشء والجيل الجديد الذي تنتمي إليه (صالحة غابش) ينتبه إلى أن الإمارات لا تعني الكسب المادي والمنجز المادي وإنها منجز ينبغي أن تكون له روحانيته والروحانية تشمل كل شئ نعيشه ونفكر فيه ونبدعه وطريقة حياة تتساوى مع هذا اللهاث المادي التكويني للدولة.
 
وتعتقد ظبية خميس أن المبدع الإماراتي إذا وصل إلى تلك النقطة (يقرر أن اللامرئيين مرئيون وإنه غير مهدد بأن يكون لا مرئيا 00بهذ البصيرة والبصر سيرى العالم في مكان واحد لو أخذ هذا الواقع أطرا تتسم بشيء من التعايش الذي يخلق طمأنينة إنسانية وأخوة إنسانية تتجاوز أي حاجز آخر عند اللامرئيين وعند الآخر من الممكن أن تخلق ثقافة رفيعة المستوى إنسانية في تواصلها وفي حيويتها وفي عدم تقليديتها لكن هذا يشترط عند المبع الإماراتي التحررمن الخوف والقدرة على الغوص في هذا البحر الجديد وربما وجد اللآلئ في هذه الرحلة.
 
وثمة ملاحظة جديرة بالاهتمام في شعرية صالحة غابش هي كثافة عناوين قصائدها وهذا العنوان ليس مجرد اسم يحدد الهوية والانتماء إنه عنصر دال من عناصر النص بل إنه تسرب إلى مفاصل النص واندمج معه في علاقة بالغة التعقيد وهذا ما دعا جاك دريدا فيلسوف ورائد التفكيكية أن يصفه بـ(ثريا النص) التي لايسمح تعدد أضلاعها بالعد أو الاختزال 00وعند بورخيس (بهو النص) الذي إن لم ندخل من خلاله عالم المبدع أصبحت مقاربة النص معوقة.
 
بل إن العناوين تطرح عبر تنظيم سيميائي يحمل من الدلالات والعناصر المشعة رؤى متعددة ولا نهائية تنتمي إلى (الذاكرة الخطابية) للقارئ ولكن الشاعرة قامت بتوجيه هذه الصور إلى ناحية تمثيل العالم وإحالتها إلى موضوعات خارجية.
 
تقول الشاعرة في قصيدة (وحدة) :
يد الريح
التي تهز مقبض الباب
معزوفة صمت موحش
تمنح الشرارة المتحركة في الذات
فرصة سانحة للاشتعال
 
فنرى الصور تتوزع في ترتيبها إلى مسارات صورية تشغل ذاكرة القارئ اشتغال قاموس الصور غير أن النص الذي نحلله يستعمل الصورة استعمالا خاصا نضبطه باقتفاء أثر المسار الذي نشأت وتنشأ في الصورة وتتنامى في النص إذا فحصنا المثال الخاص بصورة ( الباب) يمكن أن نتساءل عن مسارها : باب مفتوح للتنقل في بداية أو نهاية السفر ، باب مغلق (منفرج ، مغلق تارة  ،ومفتوح تارة أخرى) لتحديد فضاءين متميزين ، اختبار يجتازه البطل ، نقطة محددة للقاء يتم بين فردين 00إلخ وفي هذه النقطة من التحليل ينبغي أن نحذر من التأويلات المتسرعة التي تجنح إلى الحكم بشكل خاطف على دلالة الصور أو التي تحيل الصور على الأشياء المعروفة سلفا وإذا كنا نتعرف في أثناء القراءة على الصور فإن ملاحظة المسارات الصورية كفيلة بقيادتنا إلى وصف قيمتها 0
 
و ثمة ملاحظة أخيرة جديرة بالدراسة في شعرية صالحة غابش هي ذلك البناء الفلسفي الشعوري باعتبار أن الشاعر الكبير يتقدم على الفيلسوف ويسبقه في الرؤية وهذه مسلمة مؤكدة في التاريخ البشري ولا يدركها إلا الطليعيون الحداثيون و(الما بعد حداثيين).
 
حيث في مرحلة مابعد الحداثة يتم الاختلاف على المبدع لا على نصية إبداعه ولهذا فإننا في مرحلة ما قبل الحداثة التي نصر على أن نُبقِي فيها على حداثة النص ولا نتردد في إلغاء مبدعيها ـ كنقاد شيفونيين ـ إن الحداثة هي الضمير الحي الذي لا يصمت ولا يمكن أن يصمت وقوة الحداثة تكمن في عدم القدرة على تقعيدها وتحويلها إلى قواعد والحداثة وحدها هي التي تجيز ما هو إبداعي كلما تجاوزها إلى ما بعدها وشعرية صالحة غابش شعرية تبرهن ومعنية بالبرهان الدائم أنها من جيل ما بعد الحداثي. [http://nasseroon.maktoobblog.com]

19 - يونيو - 2008
النسوية في الشعر الإماراتي المعاصر: صالحة غابش نموذجًا
في مقال بعنوان: (مفردات المكان لدى شعراء من الإمارات)    كن أول من يقيّم

في مقال بعنوان: (مفردات المكان لدى شعراء من الإمارات)
المنشور في موقع(دار الخليج):
الأمكنة الجاذبة والطاردة
 
بالانتقال إلى الشاعرة صالحة غابش، نرى أن قصيدتها تُظهر مدى غناها بالأمكنة، وهي في الغالب الأمكنة المغلقة والضيقة والمحصورة بين الجدران والحواجز ووراء السواتر. أمكنة تبدو انعكاسات لرغبة عالية في الابتعاد والاعتكاف والاعتزال. ومن المعروف أن الأمكنة المغلقة هي تعبير عن مثل هذه الرغبة. ويستطيع قارئ قصائد صالحة أن يجد التمثيلات المتعددة لرغبتها في الهروب من العالم الذي فقد براءته.
مقهى المهزومين، ردهات المدن المعزولة، هضاب الرؤية، خريطة المتاه، سواحل الفراغ، المغاصات، أحراش الشتاء، أمواج الألق، كثبان الصحراء، بيوت مهجورة، غابة قلقة، مدينة تعيش البحر، زجاجة القصيدة الخانقة، عرش العفة، حدائق، منابر، ظلال الشجر، القرية، القدس، النوافذ المغلقة.. بلاط المتاهة/ القصر، اللؤلؤ المتمحور في امرأة/ شارقيّتها حلم يتمهل في أعين العابرين.. ارتجاف تحت نوافذ قصر/ تزوره حمى الهزيمة.. حافة الخوف.. الخ، هذه هي بعض عوالم قصيدة صالحة غابش وأمكنتها، منذ بداياتها في مجموعتها الأولى “بانتظار الشمس” (1992)، و”المرايا ليست هي” (1997)، حتى “الآن عرفت” (1999)،  وصولاً إلى آخر قصيدة في مجموعتها الرابعة “بمن يا بثين تلوذين؟” (2002).
وتنقسم العوالم/ الأمكنة الخاصة هنا قسمين رئيسين: عوالم الأمكنة الأليفة والحميمة، وهذه في الغالب تنتمي إلى قيم ومبادئ وأفكار سامية كما أنها تعبر عن هذه المبادئ والقيم والأفكار، فهي أمكنة الطفولة والبراءة، وليس بالضرورة طفولة الشاعرة، بل ربما طفولة العالم نفسه. وثمة عوالم تنتمي إلى مجموعة الأمكنة المرفوضة والنابذة والطاردة، وهي الأمكنة التي تجسد التحولات السالبة وتعبر عنها  
ليس حولي غير أكواخ الرمالِ
وقفارات رحيل وزيارات الليالي
وعيون خلف أحراش الشتاء
كل درب في رحاها لقرى الدفء يضيع
لم يباغتني النسيم
رافعاً وجهي إلى بيت النجوم
فأراك
نستفتح بالغابات وما تنطوي عليه وما يدل عليها. وأول ما يقودنا إلى الغابة استعارة الأحراش للشتاء في قولها “عيون خلف أحراش الشتاء” التي تعبر فيها الشاعرة عن علاقة خاصة بالسماء وخالقها. وحيث تغيب الأشياء كلها في لحظة ولا يبقى سوى وجهه تعالى. ولكن لا شيء يحسم مستوى الرمزية في هذا النص الذي يحيل إلى الله، أو القوة العظمى المتخفية في ذات الخالق:
غابتي    
لك هيأت أشجارها    
وعصافيرها    
ومسافات ماء تسير بمجهول أقدامها..  
وتمتزج في قصائد الشاعرة صور الكثبان العطشى بمشاهد الحقول النائمة والمواسم المختبئات وراء التلال، وتحضر من الذاكرة المتأرجحة رائحة الشتاء والموقد والمهرة والسائس والبيوت المهجورة سوى من الغبار، وتفوح رائحة الطين في الحقول البعيدة. وتحضر ذكريات دهشة السفر البحري وحلم الأزرق المفتوح على المجهول عمقاً واتساعاً، لتنتهي الرؤى عند المقولة الكبرى في سياق الغربة.
وفي الرحلة من بيت النجوم، إلى بيت النوارس، حتى بيت الشِعر الذي تبنيه الشاعرة “ليسكنه الفقراء”، وصولاً إلى البيت الذي “تسكنه شاعرتان توّهتهما قليلاً أرجوحة الذاكرة القديمة”، وليس انتهاء بتلك البيوت المهجورة إلا من الغبار. ثمة الكثير من الصور التي تحيل إلى بيوت أليفة مرغوبة ومشتهاة، بيوت ربما كانت هي الفردوس المفقود الذي تهجس به شاعرة تشتهي أن تختلي بنجومها ونوارسها وصلوات عشقها العلويّ النقيّ المتعفف عن الدنيوي. 
هناك أمكنة أخرى تحضر في شعر صالحة، ولكنها ليست على القدر نفسه من الحضور الذي تمتلكه الأمكنة السالفة الذكر. ف”الفضاء” مكان من الأمكنة التي تمتلك حضوراً ما في القصيدة، وهو ليس الفضاء المخصص للطيور الطليقة، بل هو فضاء الشاعرة و”بطلة” قصيدتها. فضاء عرفته القصيدة وعاينت ملامحه وأبعاده كي تحيلنا إلى سفر ما، حتى لو كان سفراً “في غابتك القلقة”. حيث الغابة فضاء نفسي ومعنوي ينفتح على دلالات عدة كما ذكرت. 
وتبرز “الخيمة” كمكان آخر، نقيض البيت في أشياء وشبيهته في أمور أيضاً، وهي تحضر في صور متعددة من الماضي المبتعد بقسوة، وتجيء بدلالات كثيرة، وتمنح ظلالاً مختلطة للأشياء:  
من أين جئت؟
 كيف مزقت يداك “خيمتي”؟
فالخيمة الممزقة ليست أقل من صورة من صور الذات التي سكنت هذه الخيمة، وشكلت الخيمة جزءاً من ذكرياتها، وهي شوق إلى ماض لم يمضِ تماماً، بل هو عالق في الذات وأعماقها، هذه الذات التي ترفض المدينة والعصر وتتشوق لخيمتها. تقول امرأة القصيدة:  لعلني أنظم فوق خيمتي التي استبحتها
 ستائر الرجز وموقدي المحفوف بالشتاء ينتظر
 ان تنحني خطوتاك عن مسار القافلة
 يا حادي الرحيل
 ما زلت قرب موقد الشتاء انتظر.

19 - يونيو - 2008
النسوية في الشعر الإماراتي المعاصر: صالحة غابش نموذجًا
مقال (من دلالات المكان في الشعر النسوي الإماراتي)    كن أول من يقيّم

مقال (من دلالات المكان في الشعر النسوي الإماراتي)

منشور في مجلة الرافد:العدد 89/ ذو القعدة 1425هـ /يناير 2005

عندما نقرأ نصوص الشعر نجد مفاهيم أخرى للمكان، لأن اللغة تأتي بمدلولات فيها الكثير من البوح .. وهنا يمكن لكثير من الكائنات أن تأخذ لها أمكنة هي رموز تحترم هذه الكائنات وتعبر عن التشخيص الجديد ما يطلق عليه النقاد بـ "شعرية الأمكنة" ولعل حداثة المصطلح تفرض معايير مبتكرة منها " أمكنة داخل الأمكنة "، أو " أمكنة ورموز".

ولما كان المكان يجسّد هوية الإبداع، فإننا أمام تأصيلات لغوية عرفتها القواميس العربية إضافة إلى الموروث الشعبي الذي يثبت تاريخياً معاني تسميات المواقع "الإمارات" بشكل كليّ أو جزئي دون أن يتدخل  الطبو غرافي في الإرث الثقافي وإن تمكن هذا الطبو غرافي في فرض معالم حديثة تبنّتها حضارة القرن العشرين.

حليف وساد منذ عشرين ليلة
ينادي ويرجو فيك خير مجيب
أعيذك أن ألفى قتيلاً لفاتكٍ
من الداء مجهولاً وأنت طبيبي
ومن دلالات المكان في الشعر الإماراتي:
ا- الصحراء والنخيل.. والخيام: ولما كان النخيل من نتاج
الجزيرة العربية ودول الخليج عموماً، فإن الصحراء هذا المكان
الذي يقطن فيه النخيل، وهذا ما عرّج عليه الشعر وشخص
النسيج اللغوي العادل لمفرزات الفكر الناتج عن الاشتقاق
الجمالي فقصيدة)نخلة( للشاعرة صالحة غابش المنشورة في
د يوا نها )ا لآن عرفت( تقول
:

"أنا النخلة العائدة
إلى خريطة المتاه
كي أكمل دورتي السداسية
 في سواحل الفراغ ".
والشاعرة (صالحة غابش) تقول في مكان آخر من الديوان
نفسه في قصيدة (تتويج):
وأنا في الشرق متوجة
وبلاطي صوت امرأة
تمشي في إثر نبي
يتبع ظل رسائلها
في صحراء انفلتت
من قافلة البر"
واذا أمعنا النظر في مفردات هذا المقطع الشعري فإننا ندرك
تماماً معاني المفرد ات التالية (الشرق، ظل، صحراء، قافلة).
وهذء الاشتقاقات اللغوية لم تأت عبثاً في السياق، وانما
استطاعت المفردة الواحدة ان تشغل معنيين: محسوس مجرد،
ومعنوي فيه القيمة الرمزية، والشاعرة (صالحة غابش) لها
أكثر من قصيدة تجسد مدلول المكان الذي نرمي إليه، وفي
قصيدتها (هنا في الخليج) تلخص علاقة هذا المكان بالبوح
الشعري.. حيث تقول في مطلع النص:

هنا في الخليج أماكن
يمر عليها الأمان صباح مساء
ويمكث يحكي لأطفالنا قصص الأنبياء
 هنا في الخليج قناديل حقٍ مضاءه
جباه تمس تراب الوطن سجوداً لرب بحضرته كل قلب سكن.
لقد حققت الشاعرة ثوابت المكان- الخليج: الكل- و-
الإمارات- الجزء- بوعي جمالي فيه من الإبداع الشعري
وصوفية الروح بعيداً عن الصخب الإنشائي، حتى غنائية
( تفعيلة المتقارب ) شاركت في حركة الواقعي في صحراء الخليج.
.....
وفي مجموعة (بانتظار الشمس) تخصص الشاعرة (صالحة غابش) مجموعة من القصائد التي تتخذ فيها من المدرسة مكاناً للطفولة (بنت النهر، بانتظار الشمس، مديرة، سوسنة، أمل) وفي هذه النصوص تسترجع الشاعرة الزمان والمكان معاً، وهي تقول في قصيدتها (سوسنة)(5 ):

"إني بلغت السادسة
أماه أين حقيبتي أين القلم؟
أصبحت بين الدارسين الأذكياء دارسة
وعلى جواد الأمنيات فارسة
وتركض خلفي ذكريات للعب
كل ابتساماتي سأزرعها حروفاً في الكتب
فالكون كله دفتري"
فالمدرسة في هذا النص مكان فسيح، وهو أشبه بنظرية هندسية فيها جدار مضروب بجدار آخر، وفي رأي الرياضيات معادلة قد تكون من الدرجة الأولى أو من الدرجة الثانية، وهنا يتحقق وأقصد المكان، فالصف أو المدرسة مكان القوس الكبير، ش القلم والحقيبة والدراسة والفارسة شخوص الأقواس والجداء، وأيضاً لمكان جواد الأمنيات والكتب.

هذه روافد لنهر المكان، وليست كل الروافد ويمكن للهم الشعري الذي جاء في المنجز الشعري النسوي في الإمارات أن يحمل المكان كثيراً من الدلالات وفق تفكير هذه الشاعرة أو تلك ومخبوئها النفيس، أو ما يأتي به الانزياح في خطاب المكان.
ولعل فضاءات الأمكنة في الشعر النسوي الإماراتي تعطينا إشارات مرخصة بين الحس والتخييل لتجسّد حركية المكان.
www.womengateway.com/arwg/thaqafa/adab/min+dalalat.htm

19 - يونيو - 2008
النسوية في الشعر الإماراتي المعاصر: صالحة غابش نموذجًا
مقال(قصيدة العباءة لصالحة غابش:نعي سردي لأحلام الطفولة)     كن أول من يقيّم

مقال(قصيدة العباءة لصالحة غابش:نعي سردي لأحلام الطفولة) للأستاذ· يوسف حطيني:
ثمة في قصيدة ''العباءة'' لصالحة غابش توجّه سردي غير مألوف في النصوص الشعرية، وهو الاعتماد على حكاية حاملة لحكاية أخرى موازية لها، إنها سردية شعرية تقوم ببساطة على سيرة حياة ثوب، منذ كان صغيراً نزقاً، حتى كبر وطال، وبين الزمنين يفرّ عمر من بين الأصابع، وتنكسر أحلام لا حصر لها..

يبدو الثوب في صورته الأولى معادلاً نفسياً لزمن الطفولة بفرحه وشغبه وفاعليته، إذ إنه يقود حركة الحكاية وحركة الحياة، فهو ''ثوب صغير نزقٌ/ يعشق الأرجحة الوسنى/ يرسم الأحلام/ يحضن العطر/ يبكي غضباً..

إن الثوب في آونة الطفولة فاعل ليس بالمعنى اللغوي فقط، بل بالمعنى الدلالي أيضاً، فهو رديف للأنثى نفسها/ الأنثى التي كانت سعيدة بعدم اكتمال أنوثتها، أو بالأحرى بتلك الحرية التي تؤمّنها لها الطفولة، لأنها كانت من خلال رمز الثوب تعيش بعيدة عن سلطة المجتمع، الذي كان يستعدّ لكبرها بالعباءة.. فقد كان الثوب إذاً من خلال رموزه وموازياته يَصنع ما حوله ويؤثّر فيه، فهو يتمتّع بالأرجحة التي تبعث الفرح، ويواجه الهواء بأحلامه، ويحضن العطر، ويجابه المطر ببكائه الغاضب.. إنه باختصار يعيش حياته الطفولية عيشاً كاملاً:

كان لي ثوبٌ صغيرٌ نزقٌ

يعشق الأرجحة الوَسنى على حبل

المساءْ

يرسم الأحلام في وجه الهواء

كان ثوبي يحضن العطر إذا غازله

كان يبكي غضباً

لو مطر باغتهُ

إنه إذاً قادرٌ في برهة الصغر على فرض علاقته مع الجسد، ومع الآخرين الذين يريدون أن يسرقوا من الطفولة زمنها، والعمرُ يبدو لصّاً جاهزاً لسرقة فرح الطفولة من الذات الشاعرة، فلا يكون أمام الطفولة إلا الاحتماء بالثوب، لأنه الملاذ حتى من خلال مرموزاته الأخرى الوارفة، فهو ليس مجرد دلالة على زمن جميل، بل هو أيضاً أشجار ذات ظلال يحتمي في ظلّها الهاربون من قيد زمان الذي يهدد بالكبر:

''أحتمي من رقة اللص بأشجار الطفولة

التي تنبت في كفّي.. عيني وصوتي''

غير أنّ الزمن الفيزيائي يمرّ على الأنثى، وتختار صالحة غابش أن يمرّ الزمن على الثوب، فينتقل ذلك الانتقال الأليم نحو اكتمال الأنوثة، وهنا تختلف وظيفة الثوب الذي كان نزقاً/ يعشق الأرجحة الوسنى/ يرسم الأحلام/ يحضن العطر/ يبكي غضباً، وتصبح له مهمة وحيدة هي حفظ أسرار الجسد، منتقلاً بذلك من الفاعلية إلى نقيضها، ويصبح تابعاً للجسد، وخادماً له، وحارساً عليه، لأن الثوب/ الجسد ''رحلت عنه تفاصيل البراءة'' أما اللص الذي كان يحاول أن يسرق عطر الطفولة، فلم يعد لديه أي مطمع، وهو الأمر الذي يستنفر آليات الدفاع الطفولي ضدّ الكبر في نفس صاحبة الثوب، ولكن اللص يبتعد ويتلاشى:

وأصيح... أيها اللص المشاغب

وهو يختال بعيداً ضاحكاً

يتلاشى في الفضاءْ

لقد كانت حركة الانتقال من الثوب النزق إلى العباءة مؤلمة وحاسمة وسريعة، دون أن تحاول الشاعرة رصد مخاض هذا الانتقال الذي كان من الممكن أن يضيء فترة زمنية تمّ القفز عنها، باستثناء تلك الإشارة الذكية إلى ''موج شبيه بالهزيمة'' التي توحي بنذير التغيّر الذي تخافه الذات الشاعرة، فالموج يحمل نهايته المحتمة في لحظة ولادته، بمجرد مرور الزمن، والطفولة التي لا تنعي نفسها تنعيها الشاعرة عبر هذا الانتقال..

وعوداً على تحميل المعادل النصي بعده الدلالي فقد أثّر هذا الانتقال في وظيفة الثوب ذاته، كما لاحظنا، ومع تكرار عبارة ''كبر الثوب وطال''، سيؤثّر في كلّ الأشياء ذات الصلة الحميمية بالأنثى بدءاً من تغيّر الأحلام، ومروراً باتساع مساحة السجن الاجتماعي، وليس انتهاءً بحزن الأيام على ما مضى وانقضى:

كبُر الثوبُ وطالْ

صار للأحلام لونٌ آخر

أثقلت كلّ الصناديق

التي أودعها الليل الرؤوس

صارت الأنسام تخجل

إذ تراني - أنا والبحر - رفيقين

يسيران على غيمة شعر

صار للأيام مشي الكبرياء

ولها حيناً غياب

في مرايا كسر الحزن زوايا الشمس فيها..

وهنا نتساءل ما الذي يبقى للأنثى بعد حركتين سرديتين، انقضت الأولى منهما، وبقيت الثانية حاضرة أمامها:

ـ هل تملك خياراً في أن تعود إلى ما مضى؟

ـ وهل تملك القدرة على التوافق مع ما سيأتي؟

إنها محاصرة بحقيقة مرور الزمن، فالوقت يضحك، واللص المشاغب يراقبها من بعيد، لذلك لا يكون أمامها سوى أن تطلق صرخة هي مزيج من الشوق والاستسلام لنعي الطفولة الهاربة التي يتجلى رحيلها في رحيل الثوب، وفي انتقال الحبل ذلك الانتقال المعبّر من الأرجحة الوسنى بفرح الثوب النزق إلى الأرجحة الثكلى بفقدانه:

وأنادي: يا هواء

تتذكّر؟..

ذلك الثوب الذي كان صغيراً نزقاً

كنتَ أنتَ المشكلة

تخرج اليوم وحيداً

من ديار مقفلة

بقيت فيها حبال فزعت

إلا من الأرجحة الثكلى

على وجه السراب.

إنها رؤية صالحة غابش التي تنعي الطفولة من خلال النص الشعري الحكائي الذي يقول بوضوح: إن الإنسان لا يستطيع أن يوقف حركة الزمن التي تتجاوز كلّ ما هو جميل.. وربما كان على الإنسان أن يبحث في تحقيق سعادته في جيل آخر ما زال يرتدي أثوابه الصغيرة النزقة.
http://www.alittihad.ae/details.php?id=25609

19 - يونيو - 2008
النسوية في الشعر الإماراتي المعاصر: صالحة غابش نموذجًا
هذا الشكل    كن أول من يقيّم

أخي زهير قراءتي العروضية لهذا النص الارتجالي من قبل شخصكم الشاعر، تدل على أنه قالب جديد، نسقه التفعيلي مكون من:
فاعلْ/فاعلْ/فعولن   فاعلْ/فاعلْ/فعولن 
فهو قريب الشبه من المتدارك المجزوء، أو ما يسمى الخبب(الذي دخل تفعيلته(فاعلن)[الأولى والثانية في كل شطر) علة القطع أو زحاف التشعيث ...
و ما حدث في كل من العروض والضرب من تحول (فاعلن) إلى (فعولن)  تغيير جديد في الشعر التراثي، ومعهود في شعر التفعيلة!!!! 
ونظمُك عليه أنت والأستاذ يحيى دليل على لذاذته وقبول الذائقة العربية إياه....
وأنتظر -مثلك- تعليق الأستاذ عمر خلوف على هذا النسق الشكلي الجديد...

22 - يونيو - 2008
البحر الدكالي
إذن    كن أول من يقيّم

إذن أستاذي زهير هذا الوزن يُسجل باسمك فقط، إلى أن يقول الأستاذ عمر خلوف  كلمته الفصل في تاريخ هذا النسق العروضي في ديوان شعرنا العربي، من لدن جاهليته إلى حيث حداثته الحالية، وأنا مقصر في عدم اطلاعي على نص الأستاذ عبد الحي....

22 - يونيو - 2008
البحر الدكالي
ثمرة الحوار البناء    كن أول من يقيّم

بهذا الحوار البنَّاء تحول النسق العروضي الجديد إلى قالب معروف، له نموذج إبداعي عند الأستاذ زهير(نموذجان) والأستاذ ياسين(نموذج)، وله كذلك تنظير عروضي... وتلك من بركات موقع الوراق علينا...
لكن لي ملحوظتان إلى الأستاذ عمر: 
* نص الأستاذ زهير على نسق(فعْن/فعْلن/فعولن    فعْن/فعْلن/فعولن) أو كما عبر هو(مستفعلاتن فعولن     مستفعلاتن فعولن)؛ فالتفعيلة الثانية-إذن- مقطوعة أو مشعثة. وليست مخبونة كما في تنظيرك وأمثلتك يا شيخي عمر....
*أنا أعرف كثيرًا من الباحثين المعاصرين يفرقون بين المتدارك والخبب، فالمتدارك يبنى على تفعيلة(فاعلن أو فعِلن) والخبب يُبنَى على تفعيلة(فعْلن) أي (فاعلن) التي دخلها القطع أو التشعيث، في كل أجزاء البيت.... لكني عبَّرتُ حسب الرؤية التراثية للبحر المتدارك التي تجعل الخبب من مرادفات المتدارك... والله أعلم   

23 - يونيو - 2008
البحر الدكالي
شعراء الإمارات والشعر في الإمارات    كن أول من يقيّم

شعراء الإمارات والشعر في الإمارات


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، رسول الله محمد، وعلى آله وصحبه المتقين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد :
فها نحن قمنا نخاطب بعضنا بلغه غير المحادثة.. نعم إنها لغة الشعر لغة القصيد .. لغة الإحساس والمشاعر لغة لا يعرفها إلا من جربها وأتقنها .. لغة لها أحكام وأصول في تعلمها وممارستها نعم إنها الشعر ، وها هي حركة الشعر في دولتنا الحبيبة تنمو وتتطور بسرعة فائقة جدا.
ولهذا دفعتني رغبتي لأكتب في هذا الموضوع لإفادة نفسي ولإفادة غيري في هذا الموضوع راجي أن تعم الفائدة لقارئ هذا الموضوع.
ونسأل الله أن يكون قد وفقنا لنفع دارسي هذا الموضوع .

ومن المصاعب التي واجهتني في بحثي هذا هو تشابه المحتوى للبحث لأني تخصصت في دراسة وهو شعراء الإمارات والشعر في الإمارات فقط ، وليس على صعيد العربي.. وأيضا صعوبة اختيار الموضوع .. لكي يكون موضوعًا يفيد من يطلع عليه في المستقبل ..

لقي الأدب وبخاصة الشعر اهتماماً عظيماً من المسئولين في دولة الإمارات العربية المتحدة منذ إنشائها وعلى رأسها صاحب السمو الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "رحمه الله" ، و صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان وإخوانهما أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمـارات .
ففي السنوات الماضية والممتدة حتى 1971م تطور الشعر في الإمارات تطوراً كبيرة بفضل الرعاية التي أولاها زايد لقطاع الشعراء في الدولة ، حيث أسس للشعراء مجالس ومنتديات ، كما أقيمت المراكز الثقافية العديدة في أبوظبي ومدن الدولة وأعطت الشعر جانباً كبيراً من اهتماماتها .
فعلى الصعيد العملي المباشر ، قامت هذه المراكز والمؤسسات وفي مقدمتها وزارة الإعلام والثقافة بطبع الدواوين الشعرية على نفقة الوزارة لشعراء إماراتيين بقصد دعم الحركة الشعرية ، وقامت بتوزيعها على الأوساط الرسمية والشعبية داخل الدولة وخارجها مجاناً ، بقصد التعريف بهؤلاء الشعراء ، وإبراز مكانتهم الأدبية والمعنوية ، وبالفعل قد تم طبع عشرات الدواوين الشعرية ، والكتب الأدبية الأخرى .
كما قامت الوزارة بتأسيس مجالس للشعراء في كل إمارة وبتوجيه من صاحب السمو رئيس الدولة أغدقت الوزارة على هذه المجالس من رعايتها المادية والمعنوية الشيء الكثير . فراحت هذه المجالس تحتضن الشعر الشعراء ، لا..لشيء ، إلا من أجل دفعهم نحو الإبداع والعطاء الشعري ، إضافة إلى أن إذاعة وتليفزيون الإمارات العربية المتحدة .. فتحاً أبوابها للشعراء المحلين ، فكان منبراً إعلامياً قدموا من خلاله أشعارهم إلى الناس .. كما لاقت المنتديات الأدبية والشعرية والنقدية كل تشجيع ودعم ورعاية من جميع المؤسسات الرسمية ، والتي انعقدت على أرض الدولة ، بهدف تطوير الأدب الإماراتي ، ودفعه إلى الأمام ليرتقي ، ويقف في مصاف الأدب في الساحات العربية الأخرى .
ولقد شهدت الحركة الأدبية في العقدين الماضيين زخمـاً ثقافياً كثيفاً ومتواصلاً في أبوظبي ، ودبي ، الشارقة ، والعين , ومدن الدولة الأخرى ، وتمثل هذا الزخم في مئات الأمسيات التي راحت المراكز الثقافية فيها ، تتنافس في العطاء كماً ونوعاً حتى إن الساحة الأدبية في الإمارات وصلت في عقد الثمانينات إلى مستوى من النشاط الثقافي والأدبي لم تصله أي ساحة عربية أدبية أخرى ، وصارت الحركة الشعرية خلال العقدين الماضيين في خطى سريعة نحو إثبات الذات ، صاعدة سلم التطور النوعي في الأشكال والمضامين الشعرية ، لمختلف أنواع الشعر : النبطي و العمودي الفصيح والشعر الحديث وبرز في هذه الأنواع شعراء مرموقون في كل نوع ، وأكدوا في عطائهم الشعري المتواصل رفعة الحركة الشعرية في الإمارات على المستويين الخليجي والعربي .
ويحتل الشعر النبطي مكانة مرموقة لدى الخاصة والعامة عند أهل المنطقة .
" وينبع الاهتمام الرسمي والشعبي ، الفردي والجمعي بالشعر النبطي – من أمرين بشكل رئيسي ومباشر : الأول : اهتمام زعماء المنطقة بهذا الشعر،بل أن كثيراً منهم شعراء ،وخير مثال لذلك صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "رحمه الله" ، الذي هو شاعر مكثر،وكثيراً ما تصدرت قصائده صفحات الجرائد والمجلات ، وكثيراً ما دارت بينه وبين شعراء من أرجاء الدولة مساجلات شعرية ومخاطبات وردود ، وهو علاوة على ذلك محب للشعر وللشعراء ، ويستمع إليهم ويتذوق أشعارهم ويوجههم ، ويبذل لهم العطاء تشجيعاً وإعجابا ،ولا تمر مناسبة من المناسبات الاجتماعية أو الوطنية أو الدينية إلا وجعل فيها دوراً للشعراء ،مما جعلهم يزدحمون على بابه وفي أركان مجلسه ،لأنه يعرف قيمة الشعر ويعطيه من وقته واهتمامه ، ولأنه أعز الشعراء ورفع مكانتهم إضافة إلى ما يتمتع به سموه من خصال الشهامة والجـود والأصالة التي يرى فيها الشاعر مجالاً خصباً يتغنى به مشيداً ومهللا ،إن اهتمام الشيخ زايد "رحمه الله" بهذا الشعر كان له تأثير مباشر وانعكاس باهر على ازدهار الشعر في الإمارات وكان "رحمه الله" هو نواة الاهتمام الرسمي والفردي بهذا الفن وكان هو منطلق المهتمين وقدوتهم ، ويقبل على نظم الشعر النبطي عدد كبير من الإمارات حتى وأن لم يكونوا على معرفة بالقراءة والكتابة ، ينظمونه بالسليقة وعفو الخاطر والبديهة ، يحركهم الوجدان الصادق بالانفعالات التي تواجههم في الحياة ، ودون اللجوء إلى كتابته أو تدوينه ، فنجد الشاعر النبطي يلقى أشعاره على الناس شفاهه في المجالس وندوات السمر ، فيحفظها الناس وتتداولها من الذاكرة .. وتنتقل من جيل إلى جيل .(1)

•°°°•ثـروة أدبيـة للأجيـال القادمـة •°°°•

غير أنه وبحرص واع ومتبصر من صاحب السمو الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "رحمه الله" على حفظ التراث الشعري من النسيان والاندثار فقد أصدر "رحمه الله" توجيهاته المخلصة إلى الجهات المعنية بضرورة حفظ هذا التراث

(1) نقوش على أبواب الضبط : قراءة في فنية القصيدة عند شعراء النبط بالإمارات / ظاعن شاهين / الشارقة، الإمارات العربية المتحدة / منشورات اتحاد كتاب و أدباء الإمارات 1995 / الطبعة الأولى/ الصفحة رقم 121 .
الأدبي ؛كما أنه رعي بصورة شخصية نفراً من البحاثة والدارسين والعارفين بأمور الشعر النبطي ..من أجل جمع وتدوين وتحقيق هذا التراث الشعري ، سواء كان قديماً توارثته الأجيال جيلا بعد جيل ..أو شعراً معاصراً لشعراء معاصرين وعلى قيد الحياة ، انطلاقاً من إيمان سموه..بأن الذاكرة البشرية معرضة للنسيان ،فراح نفر من أهل المنطقة يدونون هذا الشعر ويصدر في دواوين عديدة كي يكون ثروة أدبية للأجيال القادمة ،وكان من أبرز من قام بهذا العمل الشاعر النبطي الإماراتي الباحث و الشـــاعر و المعلم الكبيـــر حمد أبوشهاب
و الباحث الدكتور فالح حنظل من العرب المقيمين على أرض الإمارات ، والذين أمنوا بأهمية حفظ هذا التراث الأدبي ..وقد جمع هؤلاء قصائد الشعراء قديماً وحديثاً من ألسنة أصحابها أو من الرواة وحققوها ووثقوها في إصدارات شعرية عديدة .
وقد بلغ من حرص صاحب السمو "رحمه الله" في تشجيعه لعملية التدوين والنشر ..أن قام بتشريف أحد الشعراء الباحثين في كتابة مقدمة أدبية كريمة من سموه لأحد الإصدارات في مجال الشعر النبطي للشاعر حمد أبو شهاب عنوانها " تراثنا من الشعر الشعبي" جمع فيها أبو شهاب وحقق مئات القصائد لعشرات الشعراء القدامى والمعاصرين ..وأصدره عن مؤسسة الاتحاد للصحافة والنشر عام 1987ميلادية ..
ومما قاله "رحمه الله" في هذه التقديم الكريم للكتاب "الأمة التي لا ماضي لها هي أمة بلا حاضر ولا مستقبل، ولقد كانت امتنا.. والحمد لله غنية بماضيها التقليد،وحضارتها الزاهية الضاربة بجذورها في أعماق هذه الأرض عبر أحقاب طويلة من الزمن ، لذلك فإن هذه الجذور الأصلية ستظل تورق وتزهر في حاضر أمتنا المجيد ومستقبلها المرموق " .(2)

•°°°• الشـعر الشعبي ينبوع الحضارة•°°°•

وقال "رحمه الله" في معرض تكريمه للشعر الشعبي "ولا شك إن تراثنا من الشعر الشعبي هو أحد ينابيع هذه الحضارة التي تألقت فوق أرضنا وجدانا عربياً إسلامياً يفعم الحياة بالحب والجمال والمثل والقيم ..أن هذا التراث الغالي ليس بدعاً ابتدعناه ولكنه مفاخر ومآثر خلفها لنا الآباء والأجداد ،وأبدعوها من نبضات الأرواح ،وغذوها من اقتباس القلوب ، وبعثوا بها إلينا عبر القرون رسائل حكمة ووثائق أخلاق ومصابيح فكر وهداية حتى نواصل مسيرتنا على نفس الطريق ".
وقال "رحمه الله" أيضاً في هذا التقديم العظيم ،شارحاً مضامين هذا التراث من الشعر الشعبي وهو التراث الممتد من الماضي والذي مازال فاعلاً ومؤثراً في الحاضر على أيدي شعراء معاصرين في الشعر الشعبي (النبطي" قال "رحمه الله") ومن يتأمل هذا التراث يدرك أنه قد استمد روائع القيم والمثل العليا والحكم البالغة من القرآن الكريم والسنة الشريفة ، وتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف ،لأنه يشيد بالجوار وإكرام الضيف ، ويوضح مدى قوة وشائج القربى وأواصر الصداقة ، ويهيب بالحفاظ على سمات العشيرة والأصل ويصور شمائل النخوة والمروءة والصدق والشجاعة والوفاء ، ويحث على كريم السجايا .
وأضاف "رحمه الله" ولقد كانت حياة قومنا ترجمة أمينة وصادقة لكل ذلك الثراء الأخلاقي والنفسي العظيم ، الذي أراده الإسلام لأهله ، لتكون لهم عزة الحياة وشرفها ولذلك كان إبراز تراثنا القومي في كل مجالات الحضارة واجباً أساسياً ، لوصل الماضي بالحاضر والمستقبل ..ولاشك أن هذه الصور التراثية الشعرية التي يبرزها الشاعر حمد أبو شهاب في هذا الديوان النفيس ستكون زاداً لأجيالنا القادمة، تستلهم منه أسمى المعاني وأرفع المثل وأغلى المآثر ، التي خلفها لنا أسلافنا العظام (3)

•°°°• مجالـس الشـعراء •°°°•

وبفضل رعاية واهتمامه "رحمه الله" بالشعراء المعاصرين الأحياء ..فقد أصدر توجيهاته الكريمة بإنشاء مجالس للشعراء ينضوون تحتها يتبادلون سماع أشعارهم، وتتناقلها أجهزة الإعلام وبخاصة التلفزيون ، ليستمع إلى أشعارهم كـل الناس .
كما تم تخصيص مكافآت شهرية للشعراء أعضاء هذه المجالس ، كنوع من التشجيع المعنوي والمادي لهم ، فكان إن أنشئت مجالس للشعر النبطي في أبوظبي ، والعين ،والبادية ، ودبي ، والإمارات الشمالية .
ومن أبرز شعراء مجلس أبوظبي الشعراء محمد ثامر المنصوري وهو رئيس المجلس ، وأعضاؤه هم: سعيد ماجد راشد عامر المنصوري ،سيف سالم طماش المنصوري ، محمد علي حمد المنصوري ،سالم سعيد سلطان المنصوري ،سالم محمد خليفة الرميثي ،هادي صالح المنصوري ،عيسى سعيد مطوعي المنصوري ،مهدي هادي عوض الأحبابي ، غانم راشد شاهين المنصوري،محمد سالم حماد المنصوري ،قطامي عيسى مطوعي المنصوري ،حميد سعيد الضحاك المنصوري،خادم عبدالله قطامي المنصوري ،راشد سعيد صياح الرميثي ،صياح سلطان على المنصوري ،أحمد عبيد جابر المنصوري ، محمد خليفة محمد المنصوري ، خلفان سالم خلفان المنصوري ،جابر أحمد جابر المنصوري ، ماجد سيف سالم المنصوري ،سالم محمد خلفان سعيد المنصوري ،حمد علي المدحوس المرر، محمد بن حمد الفرنكح ،علي حمد المدحوس المرو،مبخوت عبدالله صالح المنصوري ،عوض مبارك سعيد علي المنصوري ،العصري محمد كراز المهيري ، سعيد محمد كراز المهيري ، سعيد بن محمد بن راشد حرمش ،عبيد حميد ثامر المنصوري .(4)



(2) ديوان قصيدة اللغز و الحل و الردود / شعر محمد بن راشد آل مكتوم و شعراء من الخليج و الجزيرة العربية/ دبي، الإمارات العربية المتحدة : مؤسسة البيان للصحافة و الطباعة و النشر، 1994/ الطبعة الأولى /الصفحة رقم 831.
(3) رسائل الرعيل الأول من رواد اليقظة في الإمارات العربية المتحدة / عبد الله علي الطابور/ الشارقة : دائرة الثقافة و الأعلام 1999 / الجزء الأول / الصفحة رقم 123 + 35
(4) موقع شبكة الإمارات الأدبي:
http://www.uae***.com/forums/showthread.php?t=18089
+ موقع شعراء الإمارات – للحصول على بعض الأسماء:
http://uaecom.com

23 - يونيو - 2008
النسوية في الشعر الإماراتي المعاصر: صالحة غابش نموذجًا
 71  72  73  74  75