البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات abdelhafid akouh

 70  71  72  73  74 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
إلى الأستاذ بنلفقيه..    كن أول من يقيّم

Neon Banner
 
تحية طيبة أستاذنا الفاضل بنلفقيه .
لدي سؤال هذه المرة حول هذه النبتة " الغريبة زهرتها " وهي متواجدة عندنا بالمنطقة .
بالأمازيغية نسميها "قرنوش" اسم مرتبط في المخيال الجماعي بـ عام الجوع ... حيث كان الناس يصنعون
من جذورها مسحوقا شبيها بالدقيق ...
 
tqabbi10.jpg
 
 

24 - يونيو - 2009
نباتات بلادي
" في الصميم "    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

 
 

6 - يوليو - 2009
لغة الشعر
" أهل مكة أدرى.."    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم

المذهب المالكي بالمغرب بين الإهمال والاستغلال
-أحمد الريسوني-
 
 
 
 
مما لا نزاع فيه ولاشك، أن المذهب المالكي هو أحد الأركان الكبرى التي قام عليها الكيان المغربي، وإحدى السمات البارزة للمغرب منذ ما يزيد عن عشرة قرون، وما فتئ علماء المغرب وملوكه وزعماؤه يشهدون ويؤكدون أن المغرب مدين في وحدته وتماسكه وانسجامه واستقراره إلى المذهب المالكي، وأن وحدته المذهبية هذه أعطته قوة وصلابة وتميزا ثقافيا وسياسيا واجتماعيا، قلما حظي به قطر إسلامي آخر.
لقد وحد المذهب المالكي في المغرب العلماء فيما بينهم، ووحد العلماء والأمراء، ووحد العامة والخاصة، بمختلف طوائفهم وانتماءاتهم. فقد دمج بين المحدِّثين والمتكلمين، وبين الأشاعرة والسلفيين، واستوعب الصوفية بكافة طرقهم ومسالكهم. واستوعب خصوم الأشعرية والتصوف أيضا، فهؤلاء جميعا عرفهم تاريخ المغرب، فاختلفوا وتنافسوا، وربما تصارعوا وتعاركوا، ولكنهم جميعا كانوا مالكية، ويسلمون للمذهب المالكي، حتى صارت "الوطنية المغربية" هي "المذهب المالكي".
ويظن بعض الناس أن قوة المذهب المالكي وهيمنته بالمغرب، إنما تحققت بفضل ترسيمه ونصرته من بعض الدول الحاكمة التي اعتمدته مذهبا رسميا في التدريس والقضاء والإفتاء. ولا شك أن شيئا من هذا صحيح، ولكن الصحيح الأصح هو أن للمذهب المالكي أهليته وقوته الذاتية، وله علماؤه وفقهاؤه الذين استماتوا ـ وأحيانا ماتوا ـ دفاعا عنه ودفاعا عن حق المغاربة في التمسك به والتوحد حوله.
إن قوة المذهب المالكي الحقيقية إنما ترجع إلى قدرته على الاجتهاد والتجدد، من خلال أصوله وقواعده التي تجعله أقدر المذاهب على استيعاب التطورات والمستجدات، كما ترجع إلى ريادته في الأخذ بمقاصد الشريعة المستمدة من نصوصها، إذ لا مقاصد بلا نصوص. كما لا نصوص بلا مقاصد.
وإذا كانت بعض الدول قد خدمت المذهب المالكي بتبنيها له ودفاعها عنه، فإنها لا شك قد استفادت منه ومن قوته ومن علمائه أكثر مما أفادته.
على أن من أعظم تجليات القوة الذاتية للمذهب المالكي والرسوخ الذاتي له بالمغرب ـ وبالغرب الإسلامي عامة ـ هو تلك الحملات الشرسة التي استهدفته وحاولت استئصاله. وأخبثها وأشدها ما قامت به الدولة العبيدية (المتشيعة) التي قامت في مصر، ثم امتد نفوذها وشرها إلى بقية أقطار شمال إفريقية، بما فيها المغرب.
وقد أصيب فقهاء المذهب المالكي على يد العبيديين وأعوانهم بشتى صنوف الضغط والقمع والترهيب؛ من سجن وقتل وتعذيب وتهديد... فصمدوا وتحملوا، حتي ذهب العبيديون، وبقي المذهب المالكي قويا راسخا.
وفي المغرب خاصة ـ حاول الموحدون ـ وهم في أوج قوتهم وشعبيتهم ـ إقصاء المذهب المالكي والقضاء عليه ومحوه من المغرب. وقد قام ملوك الموحدين الأوائل بضغوط وحملات شديدة ضد المذهب المالكي وفقهائه، فهددوا وعذبوا وسجنوا وقتلوا، وزادوا فأحرقوا قناطير مقنطرة من كتب الفقه المالكي، ثم في النهاية انتصر المذهب واستسلمت الدولة الموحدية أمامه.
ومن اللحظات التاريخية الشهيرة في حرب الموحدين ضد المذهب المالكي، ما رواه المؤرخون عن الفقيه المالكي أبي بكر بن الجد، قال: "لما دخلت على أمير المؤمنين أبي يعقوب أول دخلة دخلتها عليه، وجدت بين يديه كتاب ابن يونس (في الفقه المالكي)، فقال لي: يا أبا بكر أنا أنظر في هذه الآراء المتشعبة التي أحدثت في دين الله، أرأيت يا أبا بكر المسألة فيها أربعة أقوال أو خمسة أقوال أو أكثر من هذا، فأي هذه الأقوال هو الحق؟ وأيها يجب أن يأخذ به المقلد؟ فافتتحت أبين له ما أشكل عليه من ذلك، فقال لي ـ وقطع كلامي ـ: يا أبا بكر، ليس إلا هذا، وأشار إلى المصحف، أو هذا، وأشار إلى كتاب سنن أبي داود، أو السيف". (انظر كتاب: العلوم والآداب والفنون على عهد الموحدين، للعلامة المرحوم محمد المنوني).
وإذا كان خصوم المذهب المالكي من الموحدين قد حاولوا أن يفرضوا على العلماء التخلي عن المذهب وفقهه والاقتصار على ظاهر القرآن والسنة، وإلا فالسيف" هذا، أو هذا، أو السيف"، فإن للمذهب المالكي وللفقه المالكي ـ والفقه الإسلامي عامة ـ اليوم خصوم لا هم من الموحدين، ولا هم يعترفون أصلا بالكتاب ولا بالسنة. وإذا كان الخليفة الموحدي قد خير الفقهاء بين "هذا، أو هذا، أو السيف" فإن الخصوم من غير الموحدين اليوم يقولون للفقهاء: "لا هذا ولا هذا، وإنما هو السيف"، سيف العلمانية، وسيف "المواثيق المزعومة"، والحداثة الموهومة، وسيف الاستئساد بالضغوط والتدخلات الأجنبية. عن هؤلاء "المغاربة الأجانب" يقول العلامة الأستاذ علال الفاسي رحمه الله: "فقد أصبح هؤلاء يعتقدون في القاضي الأجنبي والقانون الأجنبي واللسان الأجنبي، أكثر مما يعتقدون في أنفسهم وفي مقدساتهم، زيادة على ما أصبح يربط بعضهم مع الأجانب من رباط مادي ومصلحة شخصية، لا يبالون أن يقفوا من أجلها في صف الدفاع عن مخلفات الاستعمار" (دفاع عن الشريعة ص 23).
................................................
............................................
 
 

13 - يوليو - 2009
مذاهب
ها أنا أرى كيف أصبح "نَبْتُ الصمت" شجراً باسقاً..    كن أول من يقيّم

17 - يوليو - 2009
أطروحـة كونـية..!
استدراك..    كن أول من يقيّم

رأي الوراق :

شاكر النابلسي


-1-
قرأت قبل أيام، خبراً على الموقع الاليكتروني "الساحة العربية" في الانترنت وعنوانه
www.alsaha.com  يقول أن جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض، قد فصلت الأكاديمي سعيد ناصر الغامدي من الجامعة، وسحبت درجة الدكتوراه التي سبق ومنحتها له على رسالته الصاخبة "الإنحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها"، في 2003.
لقد سبق وكتبت حول رسالة الدكتوراه هذه، وهي رسالة دكتوراه في أكثر من 1500 صفحة وفي ثلاثة أجزاء، يلعن بها الأستاذ الغامدي (سنسفيل) الحداثة والحداثيين كما فعل من قبله الأصولي السعودي المتشدد عوض القرني في عام 1988 في كتابه (الحداثة في ميزان الإسلام) والذي قدم له الراحل مفتي السعودية الشيخ عبد العزيز بن باز، الذي كان له مع الحبيب بورقيبة سجال طويل وحاد، انتهى بتكفير الزعيم بورقيبة.
-2-
ما غاظني وأزعجني في كتاب الأستاذ الغامدي، ليس هجومه الحاد والمتطرف على الحداثة والحداثيين. فمن حقه أن يبدي رأيه، ومن حقه علينا أن نحترم هذا الرأي. ولكن ليس من حق الأستاذ الغامدي، أن يهدر دماء كل الحداثيين في العالم العربي كما فعل الشيخ عوض القرني عام 1988. فمن صفحة لأخرى، يؤكد الباحث الغامدي، من أن خطاب الحداثيين العرب، عبارة عن "الضلال، والزيغ، والإلحاد، والانحراف، والسخف، والتهافت، والانحدار، والتبعية، والغثائية، ونحو ذلك" (ص 12). ويكفي أن نصف كتاب الغامدي، بأنه مجزرة ثقافية، من خلال اتهامه للشعراء العرب بـ "الدعارة، والعهر، والإلحاد، والكفر، والضلالة، والظلام. وبأنهم شعراء الشرك النجس، والفكر الدنس، والانحطاط، والتخلف ، والمادية" (ص 1762). وهذا لا  يليق بأي جزّار في أي مسلخ حيواني أن يقوله، فما بالك بباحث أكاديمي، يقوله ويكتبه، في بحث أكاديمي في جامعة إسلامية رسمية، وشرعية، هي "جامعة الإمام محمد بن سعود"، ويُمنح على بحثه المجزرة هذا، درجة الدكتوراه، مع مرتبة الشرف بامتياز!
وهو ما دفعني إلى كتابة رسالة مفتوحة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.
-3-
وقلت في رسالتي آنذاك:
"أن التزمت، والتشدد، والنظرة الضيقة إلى واقعنا وإلى العالم، هي التي أودت بنا إلى مهالك كثيرة في الماضي والحاضر. وأن التسامح، والجدل، بالحُسنى، واحترام الرأي، والرأي الآخر، هو الذي أدى إلى احترام العالم لأفكارنا، ومبادئنا، ورسالتنا.
لقد وقع في المملكة العربية السعودية يا صاحب الجلالة حدث ثقافي خطير، يجب أن نتنبه إلى خطورته قبل أن يتنبه له الآخرون، ويستغلونه للطعن في ثقافتنا، والنيل من قيمنا. وهو يتلخص بقيام الباحث السعودي سعيد بن ناصر الغامدي، طالب الدكتوراه بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بكتابة رسالة دكتوراه تحت عنوان: "الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها" وبما أن المصائب لا تأتي فرادى، فقد قامت بمباركة هذه الأحكام الجائرة لجنة من أساتذة جامعة الإمام محمد بن سعود الحكومية الرسمية، ومنحت الباحث درجة الدكتوراه بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى. وهذا يعني أن الأكاديميا السعودية الرسمية المتمثلة بهذه الجامعة وبأساتذتها، قد حرصت على اهدار دماء  أكثر من مائتي مثقف في العالم العربي، مذكورين في هذا البحث بالاسم.
أعلمُ جيداً، إن المملكة العربية السعودية يا صاحب الجلالة، وهي تخوض الآن حرباً لا هوادة فيها ضد الإرهاب المدمر لكل القيم الإسلامية والعربية الحقة والصحيحة، حريصة كل الحرص على أن لا تكون مثل هذه الأحكام صادرة عن جامعة حكومية رسمية كبيرة، تورّط المملكة إعلامياً ودبلوماسياً.
إننا نلتمس من جلالتكم الأمر بتشكيل لجنة تحقيق في هذا الموضوع الخطير، لتبرئة ذمة جامعة الإمام محمد بن سعود الحكومية من هذه الفتاوى الإرهابية بالجملة، والتي لا تخدم غير الإرهابيين داخل المملكة وخارجها".
-4-
فما كان من الجامعة إلا أن سحبت رسالة الدكتوراه من الأستاذ الغامدي، وطردته من الجامعة، حسب ما قال موقع "الساحة العربية"، الذي أضاف:
"لا يسعنا إلا أن نشكر أستاذنا الكبير شاكر النابلسي الذي وقف معنا في الثمانينات وقفة البطولة بكتابه (نبت الصمت) الذي كبح به بعض عنفوان التيار التقليدي المحافظ الذي شن حملته آنذاك بكل شوفونية وحقد وتشنيع، ثم ها هو يبقى ليرى أن "نبت الصمت" (وهو عنوان كتاب نقدي للشعر الحداثي السعودي، نشرته عام 1992 ) أصبح شجراً للثقافة والإصلاح والتغيير، يستظل المجتمع السعودي تحت ظلاله الآمنة، ولكنه يقف وقفة البطولة مرة أخرى، ليطرد آخر فلول التتار."
-5-
وأكرر أن من حق الأستاذ ناصر بن سعيد الغامدي، أن يقول في الحداثة وفي غيرها من مفاهيم العصر الحديث ما يشاء، وأن يبحث ما يشاء، ويُطلق الأحكام كما يشاء، فهذا من حقه كباحث، ومن حقنا أن نرد عليه. ولكن ليس من حق الأستاذ الغامدي، أن يهدر دماء الحداثيين، ويرميهم بالإلحاد، والدعارة، والعهر، والكفر، والضلالة، والظلام. ويطلق على شعرائهم تُهم الشرك النجس، والفكر الدنس، والانحطاط، والتخلف ، والمادية. كما قال في كتابه (ص 1762).
السلام عليكم.
أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر ايلاف تسبب ملاحقه قانونيه

17 - يوليو - 2009
أطروحـة كونـية..!
صورة " النرجسي الذي.."    ( من قبل 5 أعضاء )    قيّم

يعنيه كيف يبدو في عيون الآخرىن و كيف يثير أعجابهم، و يستفزه التجاهل جداً و يحنقه النقد، ولا يريد أن يسمع إلا المديح و كلماتِ الإعجاب.(منقول).
 
 
نارسيس رسمها كارفاجيو وفيها يتطلع نارسيس لجماله
 

17 - يوليو - 2009
المذهب السريالي
حوار مع أدونيس..    كن أول من يقيّم

: الطاقة الخلاقة عند العرب غير موجودة وبهذا المعنى فهم منقرضون
 

18 - يوليو - 2009
لغة الشعر
هل خذ ؟؟    كن أول من يقيّم

 
 
    على وزن ......... ( في أمريكا طبعا )

21 - يوليو - 2009
أطروحـة كونـية..!
تصريحات القدومي ..    كن أول من يقيّم

وإغلاق مكتب الجزيرة: ما لم يقل أهم مما قيل


كيف يمكن فهم تغطية الجزيرة لتصريح القدومي
ماهي بدائل السلطة عن إغلاق مكتب الجزيرة؟
ينبغي ملاحظة أن مأ ساطرحه في هذا المقال لا يهدف إلا إلى إضاءة بعض التفاصيل المهملة والتي رافقت تصريحات السيد القدومي وليست من منطق الدفاع عن أي جهة كانت، وأعتقد أن هذه التفاصيل أهم من تصريح السيد القدومي ذاته.
عندما سأل أحد الصحفيين الذين حضرو مؤتمر أبو اللطف في منزله في عمان عن مصدر الوثيقة الذي عرضها، أجاب بأنها وصلته عبر أحد الأخوة، وقال حرفيا بأن الرئيس الراحل قد اتصل به للتأكد من استلامه للوثائق، وهنا مربط الفرس.
إذا كانت هذه الوثائق قد وصلت السيد القدومي قبل وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات، فإن السيد القدومي مدان بها أكثر من الأشخاص الذين وردت أسماءهم بداخلها، بغض النظر عن النقاش في صحتها.
وفي حادثة أخرى ذات صلة، فقد استضافت قناة الجزيرة وإبان حملة الانتخابات الرئاسية السابقة السيد القدومي للتعليق على ترشح الأسير مروان البرغوثي ومنافسته للرئيس أبو مازن، وما كان من السيد القدومي إلا الاستهزاء بالأسير البرغوثي ومتسائلا عن التاريخ النضالي للبرغوثي وافتقاره للقيادة الحقيقة التي تتجسد بالرئيس أبو مازن، بل وهدده بفصله من الحركة إذا لم يسحب ترشحه. هذا يعني أنه إذ صدق امتلاكه للوثائق التي عرضها فهو مدان فيها بل ومدان لإخفاءها، لانه وحسب قوله كان يملكها قبل وفاة الرئيس، لكنه في الوقت ذاته دعم ترشح الرئيس عباس على حساب الأسير البرغوثي. وحسبما نشرت صحيفة القدس العربي، فإن أحد الصحفين سأل القدومي عن سبب تأييده لانتخاب الرئيس أبو مازن إبان الحملة الانتخابية رغم ما يدعي امتلاكه من وثائق، فأجابه بأن الجميع حينها كان متشجعا وصوت للرئيس أبو مازن وليس هو وحده من دعم ترشحه،
ثم في مقابلة صحفية ليست ببعيدة حول الخلاف الفتحاوي على عقد المؤتمر السادس، قال القدومي في تصريحات له بتاريخ 2-6-2009 ونشرتها كثير من وسائل الإعلام حرفيا:" نتخلف مع أبو مازن ولا نختلف عليه".
تعكس الشواهد السابقة مؤشرات إضافية باتجاه التساؤل عن حقيقة مضمون الوثائق التي عرضها القدومي وصحتها وتوقيتها. كما ينبغي ملاحظة أن المعلومات التي كشفها القدومي هي ليست بجديدة، بل ومتداولة على مواقع لحركة حماس منذ تاريخ 28-1- 2008 ولا تزال موجودة حتى الآن، ويمكن التأكد منها بالدخول إلى هذه المواقع الإلكترونية عبر البحث في جوجل. وحسب ما تذكر مصادرهم- أي مواقع حركة حماس- فإن هذه المعلومات جاءت كتسريبات من مركز دانيال زيف الصهيوني للأبحاث، وتكاد تكون المعلومات المنشورة متطابقة حرفيا ومضمونا مع ما تحدث به السيد القدومي.
الغريب في تغطية الجزيرة المكثفة لتصريحات القدومي عدم ذكرها لانتشارهذه المعلومات على الانترنت مسبقا خصوصا أنه وكما يدعى بأن مصدرها إسرائيلي، مما يعني أنه مشكوك بها وبالكيفية التي تم تسريبها للحكم على مدى صحتها. ولو أن الجزيرة ذكرت بأن المعلومات قد تم نشرها سابقا، وليست حصرية للسيد القدومي خصوصا في توقيتها، لربما كانت ردة الفعل الجماهيرية والرسمية أقل، إلا أن فعل الحجب هنا يخدم تعظيم رسالة القدومي وإبرازها كمصدر موثوق للمعلومات؛ و إبعادا للتساؤلات التي قد تثار حولها وانحيازا لتصديقها بمعزل عن السياق الذي وردت فيه، وتحديدا سياق أزمة المؤتمر السادس لحركة فتح.
 

كيف يمكن فهم تغطية الجزيرة لتصريحات القدومي؟
لفهم كيفية تغطية الجزيرة لتصريحات القدومي، سأناقش مثالين هآمين ومن خلالهما يتضح فعالية ونوعية التغطية الإعلامية، لكن مجددا وبعيدا عن السؤال عن مصداقية أي من الخبرين، فما يهمنا هنا هو كيفية التغطية وكيف تحكم الوسيلة الإعلامية على صدق الخبر الذي يردها من عدمه.
الخبر الأول يختص بتغطية الجزيرة لما نشرته مجلة" فانتي فير" الأمريكية العام الماضي لما قالت أنه مخطط" أمريكي دحلاني" لإنهاء وجود حماس في غزة، والخبر الثاني ما نشرته مجلة " دير شبيغل" الألمانية قبل الانتخابات اللبنانية الأخيرة حول ما قالت أنه تسريبات من داخل المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الحريري. وقد ذكرت المجلة أن هذه التسريبات تتحدث عن تورط رجال من حزب الله في عملية الأغتيال.
بالتأكيد تذكرون التغطية المكثفة للجزيرة حول ما نشرته المجلة الأمريكية وجملة البرامج التي تناولت الموضوع، لكن دعوني اسألكم من منكم يتذكر كيف غطت الجزيرة ما نشرته دير شبيغل؟
بالتأكيد الغالبية منا لا تزال تذكر ماجاء في المجلة الأمريكة أكثر من ما نشرته دير شبيغل لأسباب مختلفة منها: درجة أهمية الحدث، إلا أن زمان التغطية ورغم أنه أقرب لخبر المجلة الألمانية، إلا أننا لا نتذكره كما نتذكر ما نشر في المجلة الأمريكية، وأحد الأسباب الأخرى في ذلك هو نوعية وحجم التغطية الإعلامية.
بتاريخ 16-6- 2009 وضمن حلقة الاتجاه المعاكس والتي خصصت لتغطية نتائج الانتخابات اللبنانية، سخر فيصل القاسم من المعلومات الذي ذكرتها دير شبيغل ووصفها بأنها فبركة إعلامية- يمكن مشاهدة الحلقة على الأنترنت- هذا ولم تخصص الجزيرة ما يكفي من تغطيتها لمناقشة ما جاء في المجلة الألمانية عند مقارنتها بما خصصته لعشرات البرامج لمناقشة ما ذكرته المجلة الأمريكية، وهذا يعني من منطق منهجية تحليل الخطاب الإعلامي أن الخبرين قد تم تغطيتها بشكل مختلف وفقا لما ترغب الوسيلة الإعلامية بتقديمه للجمهور، أي أن اختلاف تعامل قناة الجزيرة مع خبرين متشابهين من حيث مصدرهما وأهميتهما يعني أن نوعية التغطية ستصبح جزءا من الحدث ذاته، سواء بتأكيد الحدث أو نفيه، ومن هنا فإن السياسة التحريرية في الجزيرة خصوصا وفي عموم وسائل الإعلام مرتبطة بسياسات وأجندة معينة تحكم كيفية تغطيتها للأحداث، وليس مقبولا هنا السؤال عن الموضوعية والحيادية بشكل عام، فليست هنالك أيه مؤسسة إعلامية تعمل بالمجان، بدون أجندة وأهداف.

ما هي بدائل السلطة عن إغلاق مكتب الجزيرة
باعتقادي، فإن السؤال الغائب، ليس مدى صحة إغلاق مكتب الحزيرة من عدمه؛ لأن ذلك خاضع لوجهات النظر ولا أرغب بالتوقف عندها، وإنما السؤال الأهم عن بدال السلطة وكيف ستتعامل مع تبعات إغلاق مكتب الجزيرة، وهل لدى السلطة مؤسسات إعلامية قادرة على المناكفة الإعلامية، خصوصا في ظل تكثيف الجزيرة لتغطيتها لموضوع منعها من العمل في الضفة. والقادم هو الأهم حيث تعد الجزيرة لبث حلقة الأتجاة المعاكس الثلاثاء القادم تحت عنوان" اتهام السلطة بالتعاون مع شارون لقتل عرفات"، وبالتأكيد فإن الجزيرة وبعد إغلاق مكتبها فهي معنية بالدفاع عن ما بثته من تصريحات للقدومي وبالتالي توقعو أن يضم النقاش القادم في الاتجاه المعاكس- المصارعة غير المتكافأة- ضيفين إحداهما قوي والآخر ضعيف.
أود أن الفت انتباه المشاهدين الذين سيتابعون حلقة الأتجاه المعاكس القادمة إلى ملاحظة نوعية الأسئلة التي سيتم طرحها على كل من الضيفين والوقت المخصص لكل منها إضافة إلى طريقة إدارة الحلقة وسترون ما أتوقعه، لأنه مبني على دراسة علمية لي حول قناة الجزيرة ستنشر في كتاب قريبا، وفي الغالب ستكون تحت عنوان" الجزيرة وقطر: خطابات السياسة وسياسات الخطاب".
لنعود إلى قضية الإمكانيات الإعلامية للسلطة ومدى قدرتها على الدفاع عن الاتهامات الموجة لرأس هرمها السياسي، وهل بإمكانها إقناع الجمهور الفلسطيني بوجهة نظرها.
باعتقادي، فإن وسائل الإعلام الرسمية على حالها لن تستطيع تقديم الرأي الآخر في قضية تصريحات القدومي بالوجه المقنع، وربما يقول البعض بأن ضعف الرد سيقوي وجهة النظر الأخرى.
قبل أن تفكر الحكومة بوقف عمل الجزيرة كان عليها التفكير أولا بما سيترتب على هكذا قرار، كان عليها تقييم كفاءة مؤسساتها الإعلامية والتي ما تزال عاجزة عن تقديم خطاب فعال ضمن أجندة وتقنيات خطابية تستطيع إقناع الجمهور الفلسطيني، بل وعليها أن تتوقع المزيد من الضغوطات الإعلامية والتصريحات المعاكسة قبل انعقاد مؤتمر حركة فتح القادم.
ضمن تقييم الوضع الحالي، فإن حكومة الدكتور سلام فياض خصوصا والسلطة بشكل عام ستواجه كثيرا من الضغوطات الإعلامية التي لا تمتلك الكثير من الوسائل الناجعة للرد خلالها، وإذا كانت فعلا معنية بالرأي العام الفلسطيني، فإن الوضع الحالي لا يسير لصالحها وعليها أن تبحث عن بدائل سريعة تمكنها من تقديم وجهة نظرها في ما يجرى لا أن تترك الساحة برد ضعيف، فإن ضغف الرد على القضايا الطارئة هو تأكيد لوجهة النظر الأخرى، والجمهور الفلسطيني طواق لسماع وجهة النظر الأخرى، ليصدر حكمه حول ما يثار من قضايا حاليا.
وأخيرا، فإن اغلاق مكتب قناة الجزيرة على المدى القصير سيسب أضرارا للحكومة أكثر من المكاسب، وإذا لم تستيقظ الحكومة بقرارات فعلية لإعادة بناء خطابها الإعلامي فستكون أيضا خاسرة على المدى البعيد.
محمد أبو الرب
أكاديمي وباحث إعلامي
    عن إيلاف ..

21 - يوليو - 2009
ملف العدوان على غزة
الخلاف والاختلاف ..    ( من قبل 6 أعضاء )    قيّم

رأي الوراق :

أو الفصل بين الواحد والمتعدد
 
custom image
يميز المشتغلون بأصول الفقه عادة بين أربعة مستويات في تناول النص ومحاولة الإحاطة بدلالاته. فالنص عندهم يكشف عن معانيه من خلال عبارته أو إشارته، أو يقوم بذلك من خلال اقتضائه أو دلالته، ولكل مستوى من هذه المستويات سيرورة وحكم وغاية. يتعلق الأمر بمساءلة النصوص بغية استيفاء حاجات إنسانية متنوعة تكشف عنها الدلالات التي تُبنى استنادا إلى تمثيل رمزي لا إلى رغبة في استعادة واقع مفقود. " فأصول الفقه إنما هو بحث في الدلالات لفظا وجملة، ونصا وسياقا، وذلك عن طريق مبدأ التلازم بين قوانين اللغة في فهم الخطاب، وضوابط السياق في تحديد دلالاته، وبين قواعد الشرع في توجيهها على نحو مخصوص" (1).
ولا ريب في ذلك، فمن شروط الاجتهاد التفقه في اللغة : الاجتهاد توسيع لدائرة السياقات الممكنة من خلال الكشف عن قصديات جديدة، أما التفقه فهو، في معناه العام، الإحاطة بإواليات اللغة وتحديد طريقتها في التعيين والتسمية والتقطيع المفهومي، وطريقتها أيضا في الكشف عن العوالم التي تُبنى ضمن المتخيل والمحتمل والقابل للإسقاط. فبدون امتلاك القدرة على تحديد مجمل الذاكرات القريبة والبعيدة التي تحبل بها الكلمات أو بعضها على الأقل، سيظل فهم النصوص ناقصا أو مبتسرا أو عاجزا عن الذهاب بالتأويل إلى أقصى حالات التدليل التي يمكن أن تستثيرها نصوص جامحة، كما هي حالة النصوص الدينية مثلا.
وهذا ما تؤكده النظرة الأصولية للوقائع النصية. فالأصوليون يركزون على الطابع المفتوح للطاقات الدلالية التي تختزنها وحدات اللسان العربي. وليست النصوص سوى بناء يتم استنادا إلى هذه الوحدات ووفق إكراهاتها." فالقرآن أُنزل على لسان معهود العرب في ألفاظها الخاصة، وأساليب معانيها، وأنها فيما فطرت عليه من لسانها تُخاطب بالعام يُراد به ظاهره، وبالعام يُراد به العام في وجه والخاص في وجه، وبالعام يراد به الخاص، وبالظاهر يُراد به غير الظاهر – وكل ذلك يعرف من أول الكلام أو وسطه أو آخره، وتتكلم بالكلام يُنبئ أوله عن آخره، أو أخره عن أوله، وتتكلم بالشيء يعرف بالمعنى كما يُعرف بالإشارة، وتسمي الشيء الواحد بأسماء كثيرة، والأشياء الكثيرة باسم واحد " ( 2).
 ولا يتسع المجال هنا لتحديد أنماط التدليل هذه ( تجب العودة إلى كتب أصول الفقه ففيها تفصيل لهذه الدلالات)، ونكتفي بالإشارة إلى أن الأصل في هذا التمييز هو الاعتراف صراحة أن النص ( كل الوقائع الإنسانية في واقع الأمر) لا يفشي أسراره بسهولة، فهو غامض ومبهم بالطبيعة والاشتغال، غموض وتعدد الحاجات الإنسانية ذاتها. وأمر ذلك بين وجلي، فالنص يبني عوالمه الدلالية استنادا إلى وحدات تشتمل بشكل سابق على ممكنات دلالية هي في الأصل سلسلة من السياقات المضمرة من طبائعها الاحتمال والإمكان والكمون، فهي لا ترى بالعين المجردة، ولكنها تُبنى ضمن إكراهات الثقافة وضرورات المخيال الإنساني وتوجيهات التصنيفات المسبقة. وهو ما يعترف به الأصوليون حين يؤكدون تعدد وجوه المعنى وتنوع حالات تجسده كما يشير إلى ذلك الشاطبي أعلاه.
بل هناك ما هو أبعد وأعمق من هذا. فقد كان الأصوليون حريصين على الفصل الصارم بين التأويل باعتباره مساءلة " بريئة " للنصوص بغية الكشف عن دلالاتها استنادا إلى ما تبيحه ممكناتها الدلالية الأولى، وبين الاستعمال (3) باعتباره بحثا عن دلالات تمكن من توظيف النصوص خدمة لغاية معينة. " فلا يجوز في العمل الأصولي تطويع النص الشرعي تعضيدا لمذهب لغوي أو انتصارا لقاعدة نحوية، كما لا يجوز عندهم الأخذ بالنقل الحرفي للمقرر في الكتب اللغوية إذا تعلق الأمر بالمفاهيم الأصولية" ( 4).
ولقد رد بعض الأصوليين ذلك إلى ما يسمى ب" شرف العربية وعبقريتها"، أو إلى قدرتها التعبيرية التي تفوق كل اللغات في تغطية حاجات الإنسان ومناطقه الأكثر غموضا وإبهاما. فالقرآن، في نظر هؤلاء، " نزل بلسان العرب دون غيره لأنه لا يعلم من إيضاح جمل علم الكتاب أحد جهل سعة لسان العرب وكثرة وجوهه وجماع معانيه وتفرقها " (5)، لأنه " جل ثناؤه خص اللسان العربي بالبيان، وسائر اللغات قاصرة عنه وواقفة دونه "(6). وهذا أمر عار من الصحة، وليس هناك من دليل يثبت ذلك، ولا يمكن أن يقبل به الحس السليم أحرى أن تتبناه النظرة العلمية الدقيقة. وبيان الأمر أننا أمام خاصية لسانية كونية تشترك فيها ألسنة العالم أجمع، بحكم ارتباط هذه الألسنة بتعددية الأبعاد المشكلة للكيان الإنساني. فوجود مناطق للنفعي والعارض، وأخرى للانفعال الخارجي  أو الأحاسيس الثابتة، يقتضي وجود مستويات في التعبير، وطرقا مختلفة في تغطية هذه الحاجات، وهو ما يعني أيضا غياب التلازم بين المنطوق الظاهر وبين القصديات الضمنية التي تتسرب في غالب الأحيان إلى هوامش النص ومحيطاته البعيدة في غفلة من لحظة التلفظ وبعيدا عنها.
ذلك أن " وجوه الفضل معروفة، وإنما هي بعمل أو اختصاص ولا عمل للغة، ولا جاء نص في تفضيل لغة على لغة"، كما يرى ذلك ابن حزم في إحكامه (7). فلا وجود للسان تقف وحداته التمثيلية عند حدود الوصف الخارجي للأشياء، ولا تخبئ داخلها سوى حالات التعيين المباشر. فاللسان في المقام الأول شكل رمزي، أي استعادة مجردة لمعطى موضوعي يستعصي على الضبط خارج ما تبيحه آليات التمثيل الرمزي. فالثابت علميا أن كل لسان له طريقته في تقطيع المدرك الموضوعي استنادا إلى خصائصه هو لا إلى خصائص الموجود في العالم الخارجي. ولو كان الأمر على عكس ذلك لثبت المثنى في كل اللغات، كما هو ثابت في العربية مثلا، ولتوحدت رؤيتنا للألوان والأعداد أيضا، ولكان لأشياء الكون جميعها موقع واحد في كل الألسنة. وهذا أمر لا يقبله واقع الحال ولا يجيزه المنطق أو التجربة المشتركة.
 وما هو أساس هنا لا يكمن في إثبات أحقية هذه اللغة في التعبير عن كلام الله دون سواها، فهذا أمر لا إجماع حوله، وهو بالإضافة إلى ذلك لاتاريخي ولاإنساني ولا علمي، وحكم القرآن في هذا المجال بين وصريح " وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم " ( إبراهيم)، بل يكمن في التسليم باستحالة الإحالة الدلالية الواحدة والوحيدة. وتلك ميزة كل اللغات، فالمعنى ليس معطى قبليا، بل هو بناء بعدي، كما تشير إلى ذلك تصنيفات الأصوليين أنفسهم للدلالة. فالمعطى الموضوعي أوسع من التمثيل وأغنى منه. والقول بخلاف ذلك، معناه ادعاء القدرة على الإحاطة بمعنى كلي صافي ونقي ومودع في النص في غفلة من القارئ وفي غفلة من التاريخ والممارسة الإنسانية.
 وفي جميع الحالات، فإن هذا أمر تأباه طبيعة المعنى وتأباه آليات التمثيل ذاتها، فلا وجود لتأويل كلي نستطيع من خلاله " وضع اليد " على كل الدلالات الممكنة، إلا إذا كان بإمكاننا الادعاء بوجود زاوية نظر واحدة ووحيدة نطل من خلالها على كل مكنونات الذات الإنسانية. وهذا أيضا أمر لا يمكن القبول به، وقد رفضه تراث الإسلام من قبل، رفضه في الفقه وعلم الكلام ورفضه في التفسير أيضا. وهنا أيضا يؤكد النص القرآني ما يجحد في قبوله الكثيرون من المشتغلين بتأويله " وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب" ( آل عمران آية 7). وهي دعوة إلى التأويل لا نهي عنه، كما يبدو ذلك من ظاهر النص. فما دام التأويل الصحيح ( أي المعنى الحقيقي للنص ) لا يعلمه إلا الله، فإن كل تأويل إنما هو بحث عن جزئية دلالية ممكنة مدرجة ضمن سيرورة تبنى ضمن السياقات المتنوعة، لا ادعاء بامتلاك لكلية الدلالة المودعة في النص.
فما تستبعده الآية وتدينه هو الاستعمال المغرض، أي التأويل الهادف إلى زرع الفتنة  زعزعة القناعات : " فأما الذين في قلوبهم زيغ يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تاويله " (آل عمران آية 7)، فالزيغ ليس خطأ ولا يمكن أن يكون زلة، إنه قصد سيء مسبق ومشبوه غايته من التأويل استنبات توجه على حساب آخر أو تبرير هذا السلوك دون ذاك. وهو ما لا يدخل في إطار الخلاف الذي يتحدث عنه الأصوليون، بل هو حصيلة استقطابات إيديولوجية تروم تحقيق غايات " أرضية" صريحة ولا تبحث عن ثواب يأتي من السماء.
والحاصل، كما يقر بذلك الأصوليون وكل العارفين بأسرار اللسان، أن المعنى في ذاته لا متناه. " فحكم المعاني خلاف حكم الألفاظ، لأن المعاني مبسوطة إلى غير غاية، وممتدة إلى غير نهاية، وأسماء المعاني مقصورة معدودة، ومحصلة محدودة " (8). وهذا ما يبيح لنا النظر إلى المعنى باعتباره سيرورات تبنيها الغايات التأويلية، وليس كما سابقا ومكتف بذاته. ولو كان الأمر غير ذلك لصح القول بالقراءة الواحدة والمعنى الواحد، والسياق الوحيد، وهو ما يفنده تنوع المذاهب وتنوع أحكامها بل تؤكده الصراعات والتنكيل بالفقهاء والأئمة في التاريخ الطويل للإسلام. لذلك، وجبت النظرة إلى المعنى باعتباره كيانا متعددا ومتشعبا في الوجود و المسارات والتحقق، فالفكر الإنساني ناقص بطبيعته، ويشتمل على الضمني والممكن والمحتمل كما يؤكد ذلك بورس.
وبناء عليه، فإن الأحكام ليست معطى جاهزا وقائمة بذاتها وتتمتع بوجود قبلي مثواه النصوص وليس فعل التأويل ( وإن وجد هذا الوجود فهو وجود في ذات الله لا خارجها، باعتباره الذات الكلية التي تنتهي عندها كل تناقضات الوجود). استنادا إلى هذا، فإن الأحكام هي نتاج سيرورة أخرى؛ إنها مبثوثة في اللغة، بسياقاتها القريبة والبعيدة، بشكل صريح أو خفي أو متوار أو يستعصي مطلقا على الإدراك والضبط، إلا ما يبيحه الاجتهاد، أو يشير إليه التأمل الصوفي، أو ما يمكن الوصل إله من خلال مضاعفة فرضيات القراءة وتنويعها.
وهو ما يعني، من جهة ثانية، أن الفعل الإنساني ذاته، وهو أصل الأحكام ومبررها الأول والأخير، لا يدرك من خلال تحققاته المحسوسة ( النسخة التي ترى بالعين المجردة)، وإنما يتم تدبره من خلال صورته داخل اللغة وقوانينها، ولسنا في حاجة هنا أيضا للوقوف عند تباينات التقطيع المفهومي استنادا إلى المعطى الموضوعي الواحد، وهو الأمر الذي يترتب عنه القول إن كل تمثيل يشتمل بالضرورة على جزئية تأويلية، فما يُرى وما يُسمع ويدون باعتباره كذلك إنما يتم استنادا إلى مصفاة هي الموحد للرؤى والضامن للتواصل وهي الخالقة للصورة المجردة كذلك. لذلك، فإن ما يُمثل لا يعيد إنتاج صورة أصلية عن الممَثل، بل يقوم برسم حدود صورة مجردة لا يستقيم وجودها إلا حين تتخلص من كل أشكال تحققها. ولهذا السبب، يسلم الناس بأن الفعل يصاغ ويدرك ويؤول باعتبار موقعه داخل اللسان وضمن إكراهاته، لا ضمن الفعل الإنساني المباشر، فالقاعدة التي تصدق إلا على حالة واحدة لا يمكن أن تكون مبدأ عاما أي قانونا علميا منه تستنبط الأحكام. لذلك، فنحن لا يمكن أن نعرف عما وصلنا من الوقائع، التي هي أصل التشريع وأصل القياس والاستنباط أو الافتراض أو التناظر، إلا ما يسمح به هذا  اللسان ويجيزه.
وهذا ما يبرر القول إن استنباط الأحكام هو حصيلة فعل للتدبر ( قراءة تبحث عن العام أو القابل للتعميم)، فلا وجود لحكم سابق على القراءة أو متعال عليها : لقد ألغيت في التاريخ الطويل للإسلام أحكام كثيرة أو استبدلت بأخرى أو استحدثت أحكام جديدة ( يحرم على النساء سياقة السيارات في السعودية، ولن يطول بنا الزمن كثيرا حتى نرى من يحلل السياقة ويستحسنها). وفي هذه الحالة أو تلك، فإن الأمر يتعلق باستعادة لقصدية لا تقبلها بعض القراءات، ولكنها ممكنة ضمن أخرى، وهي التي ستكون الأصل في الحكم الجديد ومبرر وجوده. وبعبارة أخرى، فإن الاقتراب التأويلي، لكي يكون كذلك، لا بد له من الاستناد، كما يقول الأصوليون، إلى " دليل معتبر" هو مفتاح الفهم والتأويل، وعليه الاعتماد من أجل استخراج قاعدة للفعل. وهو ما يعني بعبارة أخرى استنبات النصوص ضمن سياقات جديدة هي غير سياقاتها الأولى، وهو ما تتطلبه الشروط الحياتية الجديدة.
ومع ذلك، فإن " الدليل المعتبر" ذاته ليس معطى مفصولا عن سياق نظرة المؤول وأهوائه ومبررات الاستعمال أيضا. وحكم الاستعمال ليس هو حكم التأويل، فالثاني يخضع للتوجيهات الأولية للموضوع، أما الأول فيكيف المعطى وفق ما يقتضيه الموقف المسبق. إن التأويل كشف عن طاقة دلالية داخلية مهدها عناصر النسق التعبيري ذاته، أما الاستعمال الحر فهو إثارة للمخيلة، أو هو قراءة مرتبطة باستراتيجية أخرى – إيديولوجية، سياسية، دينية – لا علاقة لها بالقصديات التي يمكن أن تشتمل عليها الوقائع (9). ولهذا السبب، فإن الاجتهاد ذاته يستند، لكي يتحقق، إلى فرضيات مسبقة هي أصل التأويل واتجاهه وغاياته، وهو ما يتحكم في طبيعة الأحكام ويحدد سعتها أو ضيقها، شدتها أو لينها. إن التأويل يتم في هذه الحالة وفق غايات نفعية، أو فرضيات مسبقة، أو هو كذلك في حدود وجود فرضيات للقراءة.
وما يعود إلى " رفع الضرر" و" سد الذرائع" وغيرهما من الحالات المشكلة لأصول الأحكام لا يمكن أن يخرج عن دائرة استراتيجيات الاستعمال هذه. وهي أحكام تستبق الضرر ولا تكتفي بمعاقبته، وما كان لأحد أن يخلط بين " الضرر" أو "الذريعة" في حجمهما الحقيقي، وبين صورتهما المجردة التي تتخذ منطلقا لاستنباط الحكم. فالضرر حقيقي ومرئي وملموس، أما قياس حجمه وامتداده وتأويله فهو من تقدير المؤول. إلا أن المؤول ليس استراتيجية كلية توجد خارج كل الأهواء ولا تحكمها  " مصالح " الوجود الإنساني ذاته. لذلك فهو لا يكتفي بتأويل ما في النصوص، بل يؤول ما في نفسه من مسبقات مصدرها التوجه الفكري والميل والاستعداد والأهواء. وهنا مكمن الخلل ومصدر كل التباينات في قراءة النصوص وخطر تحويل اتجاهها خدمة لمبدأ " كل ما من شأنه".
وهناك ما هو أهم من كل ما سبق. إن موضوع التأويل ليس نصا من نصوص الأرض، فالنص الديني خلاف نصوص الدنيا، إنه عميق وعام وشديد الكثافة ويحكمه هاجس السمو والتعالي واعتناق كل السياقات الممكنة. إنه بذلك يطمح أن يكون عابرا لكل الأزمان ( أي لا زمني). وذاك سر معناه المضاعف ( أو معانيه المضاعفة)كلما اقتربت منه ازداد تشعبا وتملصت معانيه وانتشرت في كل الاتجاهات. لذلك يعتقد البعض ( المتصوفة مثلا) أن تحريره من السياقات المباشرة هو السبيل الوحيد نحو الدفع به إلى أن يسلم دلالات أخرى مخبأة في الوجه الخفي للحكايات أو في صور مشخصة تمثل أمامنا على شكل جزئيات حياتية مألوفة. لذلك لا يكترث المتصوف في تأويله لوجود أو غياب قاعدة للفعل، فاللذة عنده هي الكشف عن حالات التسامي المبثوثة في لغة النص ذاتها.
والثابت في هذا الأمر أن الكم الدلالي لا يمكن الوصول إليه من باب التصريح والمنطوق المباشر، بل يجب الإمساك به من باب الإشارة والإيحاء والتلميح. والفرق جلي بين نشاط يقوم على استنطاق معطيات نصية ليست محكومة بهاجس الوصول إلى قاعدة للفعل، وبين تأويل يستند إلى غايات استعمالية. ولنا في التاريخ الإسلامي ما يبرر ذلك ويؤكده. فالفرق بين " الفرق " لا يستند، ولم يستند، إلى خلاف حول التأويل. إنه يقوم، على العكس من ذلك، على تباين في الخلفيات والمصالح التي تتحكم في الآليات التأويلية، الإيديولوجية منها والسياسية، وربما الطائفية أيضا.
ومن هنا كان الخلاف الذي يتحدث عنه الأصوليون ويبحثون عن سبل لتدبيره. والاعتراف بوجود الخلاف وضرورته هو اعتراف بجزئية القراءة ونسبية الأحكام، واعتراف بتضارب المصالح أيضا: مصالح السلطة والجماعة والفرقة وربما الفرد أيضا. وهو كذلك اعتراف بضرورة الفصل بين مقولتي " الصواب " و " الحق " كما يرى ذلك الأصوليون عن حق، فالصواب أو الخطأ هما حصيلة لفعل التدبر، وبذلك وجب إدراجهما ضمن زمنية معدودة تلغي وتضيف وتعدل وتؤجل وتعجل، وتتقدم وتتراجع وتكيف الحكم وتراعي " خصوصية السبب وعموم الحكم "، وتراعي كل ما يؤكد تعددية الأبعاد الإنسانية وغناها. أما الحق فمجرد وعام، أو هو صيغة مثلى لفعل إنساني كلي غير قابل للتحقق. وهو بذلك متعدد التجليات والمظاهر. لذلك، فإن طريق الحق لا يمكن أن يكون واحدا، وإلا أتلفت الغاية من التكليف، فالتكليف ليس خلقا للتطابق بين البشر، بل هو إسقاط لفكرة التنوع في التحققات التي هي وحدها ما يغني الوجود ويقوده إلى الرقي المتصاعد.
لذلك فالخلاف، بما هو " تضاد " و" تقابل" و" تباين" في الرؤى والمصالح والتقديرات الشخصية، لا يتم داخل البناء الثقافي الواحد، ولا تجب إدارته بالعودة إلى تأويل أصلي واحد تتوحد داخله كل الرؤى. إن القيام بذلك يقودنا حتما إلى البحث عن تقابل أصلي بين حالات للتشابه وأخرى للاختلاف، حيث يُربط الوجود الشرعي والمقاصدي بفكرة التشابه كحالة نهائية مثلى لا شيء بعدها، وينظر إلى الخلاف باعتباره ما يأتي من العرضي والزائل، أي كل ما يمكن أن يكون نتيجة تأويل خاطئ. إنه بحث عبثي في جميع الحالات.
والحال أن التشابه لا يمكن أن يكون أصلا، فهو في أحسن الحالات علاقة شبيهة بالعلاقات الأخرى، فهذا الشيء يتشابه مع هذا الشيء في حدود اختلافهما مع شيء آخر وليس في اتحادهما. والحاصل أن التشابه هو علاقة وليس أصلا، أي نقطة بداية لا شيء قبلها، وهو بذلك شبيه بعلاقات أخرى منها التقابل والتضاد والتناظر وما شئتم من العلاقات التي يصاغ وجداننا وفكرنا وميولاتنا، نحن البشر، داخلها ومن خلالها، ونتحدد باعتبارنا كائنات منتجة للاختلاف لا التطابق. وستظل الرغبة في الوصول إلى دائرة تنتهي عندها كل العلاقات الممكنة حلما يسعى من أجله الإنسان ويكد ويجتهد ويصارع ويقاوم : سيرورة تقود إلى مآل.
لذلك، فإن " الأصل"  هو حالة افتراضية للعمل، وليست حقيقة موضوعية. فالله تعالى يسقط حالة مثلى لا يمكن أن تتم ضمن الزمن المرئي ومن خلال الفعل الإنساني، وهي الحالة الكلية التي يمثلها العالم الآخر حيث يتم الفصل النهائي بين طرفي الوجود الشر والخير باعتباره – أي الفصل- حكما نهائيا يستعيد طولية الزمان على شكل دائرتين تشيران إلى كمال كلي مجسدا في عالمين لا رابط بينهما : الشر في جهة والخير في جهة أخرى. إن الأمر لا يتعلق بحالة إيجابية ضمن إيجاب مطلق، بل " فصل بين الخير والشر والقضاء نهائيا على قوى الشر لكي يعود العالم طيبا ونقيا وكاملا كما كان، أو من أجل الارتقاء به من حالة الوجود المادي إلى حالة الوجود الروحاني " ( 10).
وعلى هذا الأساس، إذا كان الحق واحدا، فإن السبيل إليه لا يمكن أن يكون كذلك. فطرق شتى تقودنا إلى تملي عظمة الكون وخالقه. لذلك وجب ربط الخلاف بتعدد السبل المؤدية إلى الحق. ومتى تم ذلك، ثبت أن الخلاف أصل وليس عرضا، وهو جوهري وليس تفاوتا في التقدير. وحينها سيتحول الخلاف إلى اختلاف، وحكم الخلاف ليس هو حكم الاختلاف. فالخلاف مضادة وتقابل وتنازع حول الحق في امتلاك هذا المعنى دون ذاك، أو هذه المعاني دون تلك، بل قد يكون صراعا يقود إلى التطاحن والاقتتال وتنظيم حملات القمع والترهيب كما تشهد على ذلك الكثير من الوقائع التي عرفها التاريخ الإسلامي. لذلك، فإن الخلاف يستدعي جوابا تقبله الثقافة وترضى عنه وتجيزه باعتباره يمثل حالة توازن قائمة على التسامح العرضي لا الاختلاف المبدئي.
أما الاختلاف فشيء آخر، بل هو نقيض الحالة الأولى. إنه تعدد وتنوع في الرؤية وتباين في توزيع المضامين واستثارة ردود الأفعال. إن الخلاف مرتبط بإدارة شأن محلي لا تُفهم مراميه وغاياته إلا ضمن الثقافة التي أنتجته، أما الاختلاف فهو موقف أو حالة وعي يجيز كل الثقافات الإنسانية بما هي إفراز لسلوك تحكمت فيه عوامل متعددة منها التاريخ والجغرافيا واللغة والمعتقدات.
 إن الأمر يتعلق بعودة صاحية إلى ماهية الإنسان ذاته. فإنسانية الإنسان، كما يقول الشيخ حسين فضل الله، سابقة على الكفر والإيمان " لذلك فالعدل لا دين له، فالعدل لكل الناس، والظلم لا دين له فهو مرفوض من كل الناس".(11) ولهذا السبب كُرم الإنسان لإنسانيته قبل أن يتم له ذلك استنادا إلى مبدأ يعتنقه أو عقيدة يؤمن بها. " فالإنسان، وإن كان موجودا من قبل علل كثيرة، فإن علته التي هو بها موجود بذاته هي الإنسانية، لأنه إنسان بذاته " (12). ولا شيء في الوجود يمكن أن يعد ضمانة على هذه الإنسانية أكثر من الاختلاف الذي يجيز كل الخلافات إلا ما يمس إنسانية الإنسان.
www.saidbengrad.com
 
الهوامش
1- محمد سالم أبو عاصي: الدلالات وأثرها في تفسير القرآن، دار علي للطباعة والنشر، 1997 ص 8.
2- أبو إسحاق الشاطبي: الموافقات، الجزء الثاني دار المعرفة بيروت، المجلد الثاني، ص64-65.
3-  Umberto Eco : Lector in fabula, éd Grasset 1985, p76
4- عبد الحميد العلمي : مسالك الدلالة بين اللغويين والأصوليين،  2000 ص11 ويحيل المؤلف إلى كتاب بدائع الفوائد لابن قيم الجوزية.
5- الشافعي: الرسالة، ص 50 ذكره عبد الحميد العلمي، المرجع السابق ص 6.
6- ابن فارس :  الصاحبي ص 16، ذكره  عبد الحميد العلمي، المرجع السابق ص 5.
7- ابن حزم الظاهري: الإحكام في أصول الأحكام، دار الكتب العلمية، المجلد 1-4 ص 35.
8- الجاحظ : البيان والتبيين، تحقيق عبد السلام هارون، دار الفكر ، المجلد الأول ص76.
9- انظر سعيد بنكراد :  التأويل بين الكشف والتعدد ولانهائية الدلالات، علامات 25 ، 2006، ص 14.
10- فراس السواح : الرحمن والشيطان، دار علاء الدين ، 2000، ص 11.
11- مجلة الوعي المعاصر، حوار مع الشيخ حسين فضل الله، العدد 8-9 ربيع 2002.
12- ابن رشد : تفسير ما بعد الطبيعة، ذكره محمد المصباحي في : "  الحرية عند ابن رشد، بين العقل النظري والعقل العملي"، عالم الفكر المجلد 33 يناير مارس 2005 ص57.
 
 
 
 

23 - يوليو - 2009
سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً........
 70  71  72  73  74