حلب الشهباء3 كن أول من يقيّم
فكان فيهم الشعراء: من أمثال المتنبي، والصنوبري، والسّريّ الرفّاء، وكشاجم، والببغاء، والوأواء الدمشقي، والأخوين الخالديين، وابن نباتة السعدي، وغيرهم. وفيهم علماءُ اللغة والنحو، وعلى رأسهم:ابن جني، وأبو علي الفارسي، وأبو الطيب اللغوي، وابن خالويه. ومن الكتاب والمنشئين: أبو الفرج السامري، وأبو محمد الفياص، وابن البازيار، وآخرون. أما الأدباء فكان في مقدمتهم: أبو بكر الخوارزمي، وأبو الفرج الأصفهاني. هذا إلى عددٍ من الفلاسفة: كالفارابي، والقضاة، كأبي الفرج سلامة بن بحر، والمنجمين والفلكيين: كأبي القاسم الرقي، والمغنين: كالهنكري... لقد وفد هؤلاء وغيرهم على سيف الدولة من أصقاع شتى، وانتظموا في عاصمة الدولة الحمدانية، وزينوا مجالس أميرها بآرائهم الناضجة، ونتاجهم الثقافي، فكانوا دعائم الحياة العلمية والأدبية في ظل سيف الدولة الذي كان غرة تلك المجالس في إثارته لمختلف القضايا، وتوجيه الحوار والمناقشة بما يرضي العلم والأدب، يرفده في ذلك ثقافة أصيلة، وذكاء وقاد، ولباقة آسرة، وحافظة جيدة، إضافة إلى ما نشأ عليه من شاعرية وموهبة نقدية. وقد تنوعت المسائل والقضايا التي كانت تطرح في تلك المجالس، ولكن قد يغلب على بعضها طابع معين يطغى على غيره. فهناك ما يسمى "بالمجالس السياسية المصحوبة بالأبهة وإظهار الهيبة حين يأتي رسول الروم مفاوضاً". وهناك ما يسمى "بمجالس المناظرة والعلم" بين اللغويين والنحويين والمتكلمين، ومجالس أخرى يمكن أن ندعوها "مجالس الشعر والأدب والنقد" وإلى مثلها أشار المتنبي بقوله مخاطباً سيف الدولة: ولكنْ كلُّ شيءٍ فيه طيبٌ *** لديك من الدقيق إلى الجليل وميدانُ الفصاحة والقوافي *** ومُمْتَحَنُ الفوارس والخيول(7) وقد يكون للغناء والطرب مكانهما في مجلس الأمير الحمداني، فيوسم عندئذ بأنه "مجلس الأنس"، والأصل فيه رغبة سيف الدولة في سماع المغنين البارعين في فنهم، وترويح النفس من مشاغل الدولة، والاستمتاع بما هو رفيع من الموسيقا والألحان. |