البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات ضياء العلي

 65  66  67  68  69 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
أخبار المعتقلات الكبيرة     ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم

 
هزتني كلماتك يا أستاذ هشام لأنني مثلك أعيش هذا الإحباط في صميم ذاتي وأكابر عليه ظلماً وبهتاناً . عدت لمتابعة الأخبار مثلك في الفترة الأخيرة بعد أن كنت قد انقطعت عنها لفترة طويلة وبقرار التزمته حيال نفسي ورأفة بأعصابي المرهقة ، لكني عدت إليها في الأسبوع الأخير كما يعود المدمن إلى موضوع إدمانه ، أي بقوة وعنف وكأن هذه الحاجة لمعرفة ما يجري من أحداث كافية لطمئنتي والتخفيف من حدة توتري ولو إلى حين . كأنها جرعات كحول أو مخدر أو دواء مهدىء ينتهي تأثيره بعد ساعات من تناوله ثم تتجدد حاجتنا إليه .
 
وكلما نظرت إلى الواقع وردود فعل الناس حيالها ، كلما انتابني سخط شديد وإحساس بالضيق وبأننا في معتقلات كبيرة سميناها بلداناً وأوطاناً . نحن معتقلون في سجون كبيرة ، وحلبات الصراع التي تجري في بلداننا لا علاقة لها بالواقع الحقيقي الذي يجري ترسيم العالم على أساسه ، بل هي أشبه بحلبات المنافسة التي كان الرومان ينظمونها في المسارح الكبيرة ويتبارز فيها العبيد سواء فيما بينهم أو مع الوحوش الضارية . هي معارك جانبية " للفرجة " وتقرير من هو أقوى عبد بين العبيد وهو الذي سيقود مجموعته . نحن عبيد ومعتقلون ولا نقرر شيئاً وليس أمامنا من أفق سوى هذه المعارك الصغيرة ، في هذه السجون الكبيرة ، شئنا أم أبينا ، لأن أفق الخيارات المطروحة أمامنا أصبح يساوي صفراً كبيراً ، ولأننا دفعنا وسندفع ثمن سذاجتنا والأوهام التي راهنا عليها .
 
تحياتي لك ولعائلتك الكريمة ودمتم سالمين .
 
 
 

15 - مايو - 2008
أحاديث الوطن والزمن المتحول
ألا تزال صورتي فوق طاولتك ؟    كن أول من يقيّم

 
للشاعرة الألمانية ماشا كاليكو ( 1907 - 1975 )
 
ترجمة : عبد الرحمن عفيف :
 
بدون عنوان
 
 تعال، وليغلقني الباب بسكونٍ خلفك.
 كان النهار صعبا. فليبق الآن واقفا في الخارج.
 اترك المطر وحده بهدوء يسيل بتواصل،
 نحن الاثنين أحدنا مع الآخر. ما الذي سيصيبنا؟

 دع الآخرين يتشوّقون إلى ضياء النجوم.
 أمّا أنا فيسرّني، كيف يقع ضياء المصباح.
 -  أتصدّق أخيرا، أن البعد لا يفي
 بأيّما وعد؟

 أعذّبك هذا؟ أغيّرنا الخريف؟
 بلى، تذبل أحلامنا مع الزمن،
 ويكتفي المرء بالواقع،

 حين يتسكّع بصدق كامل عبر السنين.

 ... يا للسكون! الساعة المنبّهة فقط تتكتك، حين نصمت.
 الشجرة الوحيدة أمام نافذتنا تهمهم.
 وإن أصغى المرء إلى الحوش في الأسفل،
 فهناك وقع الصوت بعيدا، كأنما يعزف أحدهم شوبان على الكمنجة.

 لا. هذا شيء غبيّ! هكذا فقط خطر ببالي.
 - إنه ليس "سقوطا" كما تقصد، في الرومنطيقية!-
 إنها بالتأكيد تلك الجوقة الموسيقية المبهرجة
 في فندق أتلانتيك الراقي.


 آخ، لو أنك لم تمض بخطو قلق
 من جدار إلى جدار.
وتتركني وحيدة.
 لو أن الشخصين فيَّ لم يتشاجرا ثانيةً،
 لكنت صمتُّ الآن وكنت قريبة منك.

 يمرّ المساء مرّة أخرى عابرا.
 يستطيع ولد أن يقول: "سوف لن يكرّر فعلته أبدا!"
 إني متعبة من الحياة القليلة هذه
 ولا أملك الهدوء، لأهدأ...

 
* عن النهار اللبنانية بتاريخ الأربعاء 14 أيار 2008

16 - مايو - 2008
من روائع الشعر العالمى
صفحة من تاريخ طرابلس والتبانة    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

المقاومة الشعبية في طرابلس : من اليسار إلى الإسلامية دُر
 
 
يروي الرجل الثاني في المقاومة الشعبية ومسؤول اللجنة الأمنية وعضو هيئة التنسيق والمقرب من خليل عكاوي محمد بلال مطر قصة المقاومة الشعبية في طرابلس وانتقالها من اليسارية إلى الإسلامية على النحو التالي :
 
ينتمي خليل عكاوي ( أبو عربي ) إلى أسرة يعمل الأب فيها فراناً ، وهي متواضعة . شقيقه الأكبر هو علي عكاوي الذي شكل منظمة أسماها " الثائرون " ، كان لخليل أخوات ينتمين إلى منظمة العمل الشيوعي . وبهذا المعنى كان مقرباً من أجواء الحركة الوطنية ، كان صديقاً للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين . من جانبي كنت قد التحقت بالمنظمة ( منظمة العمل الشيوعي ) وكانت لدينا " اللجان الشعبية المستقلة " وكان نضالها مطلبياً : ضد البلدية ، الغلاء ، الاحتكار ... وكانت أجواؤنا في طرابلس تشابه أجواء المنظمة في بيروت ، حيث توفر لنا عدد من المعجبين بتجربتنا لا سيما بعد استشهاد علي ( علي عكاوي ) . من هؤلاء : روجيه نبعة ، سهيل القش ، الياس الخوري ... و.. شاركنا في الحرب ككل الناس وشكلناخلالها المقاومة الشعبية وكنا نتعاون مع فتح والجبهة الشعبية والمنظمة وغيرهم . دخلنا الحرب من مدخل الصراع ضد السلطة والانعزال والمارونية السياسية . أثر التطورات التي حدثت بعد دخول قوات الردع العربية توجهنا نحو مخيم نهر البارد وعلى رأسنا خليل عكاوي ، ثم عدنا لاحقاً ، واضطررنا للدفاع عن المنطقة ( يقصد منطقة باب التبانة ) ، وهو ما حاول كثيرون توظيفه لحسابهم . فيما نحن من جانبنا لم نكن نمتلك أي أفق سياسي أو قدرة على صياغة قرار .
 
بعد الاجتياح الإسرائيلي لبيروت ، حدث ارتباك على الساحة الوطنية وصعدت أسهم القوات اللبنانية ، ونزحت العديد من القوى السياسية إلى طرابلس . كان شعورنا أننا مستهدفون في باب التبانة . وكان لدينا وجود أيضاً في الزاهرية . وقلنا أن لا بد من اشتراك كل طرابلس في الصراع الذي افتتحه الاجتياح والغزو . خلالها قمنا بمراجعة على مستوى وعينا . اعتبرنا بموجب هذه المراجعة أن الأصل في بلاد العرب هو الإسلام . وتوجهنا تبعاً لذلك نحو كتب سيد قطب وحسن البنا . علماً أننا في حينه لم نكن نعرف كيف نصلي أو أركان الإسلام . عندما بدأنا نقول بالإسلام غادرنا المسيحيون والعلويون . لكن المجموعة الأساسية ظلت قائمة . كنا نقرأ قليلاً ونأتي بشيخ ليعلمنا أركان الإسلام . خلال هذه الفترة حاول الكثيرون استيعابنا . كان المتضررون منا هم الجماعة الإسلامية التي كانت في حينه القوة الإسلامية الوحيدة ، قبل هذا التحول حاولنا أن ننسخ تجربة " مجاهدي خلق " الإيرانية كإسلام يسار ولم ننجح .
 
أخذنا نطرح أسئلة تنطلق من كيفية توسيع إطارنا وحماية أنفسنا في منطقة التبانة ، والتقينا بحركة لبنان العربي وعلى رأسها د. حكمت مراد ( الذي أغتيل هو أيضاً في الميناء بعد مدة قصيرة ) وفواز آغا وتنظيم جند الله . وبعد مداولات وأفكار من نوع : تربية الأجيال وتثقيفها ، طرحوا علينا اسم خطيب مسجد التوبة ( منطقة الدباغة ) الشيخ سعيد شعبان . والتقيناه حوالي عشرمرات . ويبدو أن الموضوع قد راق له ، لا سيما وأنه خريج الجماعة الإسلامية مثله مثل آغا وآخرين . على ضوء هذه اللقاءات تشكلت حركة التوحيد الإسلامية ، التي استمرت طوال 18 شهرا ثم خرجنا منها وانفرطت ( ترافق ذلك مع عودة أبو عمار من تونس إلى طرابلس وخوضه لمعارك ضارية ضد الوجود السوري فيها ومن ثم فشل هذه المحاولة وانسحابه منها ) ، وأسسنا ما يسمى في حينه " لجان المساجد والأحياء " وتابعنا انضواءنا في إطار اللقاء الإسلامي .
 
عندماحدثت معركة طرابلس ( بين السوريين وعرفات ) رفضنا قتال الشيوعيين . وبعد مجزرة الميناء التي استهدفت الحزب الشيوعي ( كان الحزب الشيوعي اللبناني قد انضم إلى السوريين ومن قام بالمجزرة هم قوات أمن ال17 التابعين لعرفات ) رأينا أن المستفيد منها هو الرئيس أمين الجميل والقوات اللبنانية ، سارعنا إلى ساحة الكورة لنمنع الهجوم على أكبر تمركز للشيوعيين ( كانت مكاتب الحزب الشيوعي ومنظمة العمل والنادي العربي متمركزة في ساحة الكورة ) وحدثت لقاءات معهم ، ولم يكونوا قادرين على التمييز بيننا وبين المشايخ الآخرين .
 
بالنسبة لي ، أنا لم أبايع الشيخ سعيد شعبان . فقد اعتبرت في حينه أن الأمور ليست ناضجة لندخل في حركة إسلامية وأكثر من نصف شبابنا لا يعلمون كيف يؤدون الصلاة . أبو عربي ( خليل عكاوي ) كان معي . وطلب مني أن أسافر . وفعلاً توجهت إلى فرنسا حيث أقمت حوالي أربعة أشهر فيها ، وقد تدبرت أوضاعي نهلة الشهال ( مناضلة يسارية كانت عضواً في المكتب السياسي لمنظمة العمل الشيوعي ) . بعد حوالي أربعة أشهر أرسل لي لكي أعود فرحعت . عندما التقيته شكا لي من ازدواجية القوى وأحادية القرار ودعاني إلى البقاء إن كنت حريصاً على التجربة ، وليس شرطاً الالتزام بقرارات الحركة . في ذلك الوقت أنشأنا لجان المساجد ، وتقريباً في غضون تلك الفترة ترك جند الله الحركة وانقسموا ، فيما ظلت حركة التوحيد مكونة من حركة لبنان العربي والشيخ سعيد شعبان الذي باتت له جماعته .
 
في شباظ 1986 تم اغتبال خليل عكاوي عندما كان عائداً من اجتماع مع الشيخ سعيد شعبان بقرب القلعة ، بعد التطورات المعروفة التي انتهت بدخول القوات السورية إلى المدينة فغادرها الكثيرون .
 
يحدد مطر العامل الحاسم في هذه الاستدارة من اليسار إلى الإسلاميين بأنه اللاثبات الفكري ، إذ لم يكن للمقاومةالشعبية مدرسة إيديولوجية تنتمي إليها . كنا شباباً تجربتنا محدودة وتعلقنا بأسماء كبيرة مثل : هوشي منه ، غيفارا ... لكن لم يكن لدينا مرجع نظري . كنا عبارة عن مجموعة شعبية مستقلة ، تفكر في كيفية تخليص الناس من الاضطهاد والقهر ... عندما وصلنا إلى المفترق وعلى ضوء التطورات التي كانت تعصف بلبنان قلنا أن الإسلام هو الحل . البيئة مندون شك أثرت في تحولنا ، وعبرنا عن إعجابنا بالصحابة الفقراء . أسلمنا أو عدنا إلى الإسلام .لكن إسلامنا كان على طريقتنا ويختلف عن إسلام سوانا .
 
*الإضافات الموجودة بين هلالين من عندي ، وهو يلخص في هذه المقابلة تجربته الممتدة بين عامي 1982 - 1986 .
 
*السفير اللبنانية في 10 / 02 / 2003
 

17 - مايو - 2008
أحاديث الوطن والزمن المتحول
حكاية دعاء    ( من قبل 5 أعضاء )    قيّم

مساء الخير عليكم جميعاً :
 
تفاجأت بسؤالك يا أستاذ هشام ! وأنا أشكر لك اهتمامك برأيي لكنك هنا تسألني عن سباح ماهر وليس عن هاو يتعلم السباحة . أعتذر سلفاً من الأستاذ أحمد تطفلي عليه بما سأكتبه هنا :
 
هذه قطعة أدبية جميلة جداً ذات بناء متماسك وتحتوي على جميع العناصر التي تجعل منها نصاً شعرياً منثوراً . موسيقى اللغة التي كُتِبَ بها النص تتناسب مع مضمونه ، فاللحن بطيء وموقع ، لكنه إيقاع هادىء تتساوى فيه النبرات فلا نسمع فيه نبرة واحدة تعلو أو تشذ على اللحن . هو كما قال الأستاذ عبد الحفيظ سلس ومتناغم ولا يبدو فيه أثر للجهد أو التكلف .  والكلام شفاف ومعبر . وقوة النص تكمن في حساسيتة العالية والقدرة على التقاط الجميل واستخراجه من الحياة اليومية الاعتيادية ومن ثم التعبير عنه .
 
تنقل لنا هذه الخاطرة الشعرية إيقاع الحياة الرتيبة التي كان يعيشها الأستاذ أحمد في بيئته الدمشقية ، وترسم فضاء داره الملاذ ، التي كان يميزها وجود ذلك الكائن الوديع والخائف ( الأم ؟ أو الجدة ؟ ) الذي كان ينتظم على وقع تمتماته إيقاع الحياة ، كأنها تكات الساعة ، والذي كان وجوده يمنح لذلك المكان المتواضع بعده الجمالي . ورغم الدفء الذي كانت تشيعه تلك التمتمات في فضاء البيت ، إلا أن هناك شعوراً خفياً بعدم الأمان كان يتسرب بين الدعاء والآخر ، وكأن تلك الأدعية هي التمائم التي كانت تمنع انهيار ذلك العالم الوديع .  وبينما يشرح لنا الأستاذ أحمد كيف يحاول بدوره ترتيل ذلك الإيقاع في غربته القسرية بغية استراجاع الدفء المفقود ، ومنح الأمان المؤقت لهؤلاء الصبية النائمين ، غير أنه يشعر بأنه نجح باسترداد اللحن فقط  ، دون ذلك الأمان المؤقت ، الذي لا يحس به كما يبدو إلا الصغار " النائمين " .
 
 

19 - مايو - 2008
تمتمات
النهضة الفنية    كن أول من يقيّم

 
 نظرة جديدة للفضاء والمساحة : تصوير الإنسان والعالم
 
يؤكد الفلورنتي جورجيو فازاري في كتابه المنشور في العام 1550 ، وهو أقدم كتاب وصلنا عن تاريخ الفن يتناول فيه " حياة أفضل الرسامين والمثَّالين والمهندسين المعماريين " بأن :" نهضة الفن قد بدأت في إيطاليا اعتباراً من 1250 ميلادية " . هذا الاستخدام لكلمة " نهضة " في ذلك العصر يدلل على عمق الشعور الذي كان يعيشه المبدعون والإنسيون في ذلك التاريخ ووعيهم بأنها كانت مرحلة ولادة جديدة للأدب والفن .
 
وفعلاً ، كانت تلك النهضة قد بدأت في روما وفلورنسا والبندقية في الوقت الذي كانت تدور في أوروبا رحى حروب دينية طاحنة بين المذاهب المتنازعة على شرعية التفسير لرسالة المسيح والكتاب المقدس ( الكاثوليكية والبروتستانتية ) ، وهي تخفي ما تخفي وراءها من مصالح الأقلية اليهودية والصراع الطبقي والتجاذبات السياسية والصراعات الإقليمية . وتتميز تلك الفترة بالشعور بالقلق وعدم الاستقرار الذي كان يستولي على الإنسان ، وبأن الأشياء تتحرك باستمرار من حوله ، وبأنه قد ترك عالماً وراءه ليدخل إلى عالم جديد مجهول وغير واضح المعالم .
 
كانت فلورنسا مقاطعة مستقلة بذاتها تدار من قبل مجموعة من التجار الأثرياء وكانت تشتهر بإنتاجها الحرفي والفني الراقي ، وكانت تحكمها عائلة ميديشي Médicis التي كانت في الفترة الممتدة ما بين عامي 1434 - 1495 تنفق قسماً مقطوعاً من عائداتها لاستيراد وشراء التحف والمنتوجات الفنية وعلى تمويل أعمال الإنسيين من أدباء وشعراء ومفكرين . وبهذا أصبحت فلورنسا عاصمة للثقافة والإشعاع الفني ونجحت بأن تكون نموذجاً رائداً للمدينة والانسجام .
 
ويميز تلك الفترة تحول جديد طرأ على فن الرسم والنحت والهندسة المعمارية : هذا التحول كان جذرياً لأنه يتناول مفهوم الفن كطاقة إبداعية لم تعد مهمتها الأساسية تعليمية أو تبشيرية تهتم بتثقيف الناس وتوجيههم في وجهة محددة بقدر ما تحولت إلى الرغبة في التعبير والإبهار وإثارة الإنفعال  .
 
في هذه الفترة ، سوف تولد نظرة جديدة تماماً لرؤية المساحة ، بالاعتماد على المفاهيم الجمالية للقدماء ( الإغريق والرومان ) وبالاعتماد على هندسة المساحة الفراغية ، أي بالأبعاد الثلاثية للمسافات . ستنتقل فنون الرسم إلى تصوير الإنسان والمشاهد بطريقة أكثر حيوية وتأثيراً في نفس المشاهد وأكثر قدرة على توليد الانفعال لديه ، فالانسان ( الحديث ) سوف يتخلى عن دوره كمتلقي سلبي وجامد ويبدو متحركاً ، فالفن أصبح يمثل تلك القدرة على الفعل والخلق . والقدرة على الخلق بمفهوم ذلك العصر هي تلك التي تحاكي ما خلقه الله على الأرض من كائنات حية ومنفعلة . وقد تمكن الفنانون من التعبير عن قدرتهم تلك بواسطة اللغة الأدبية ، أوبواسطة ما كانوا يصورونه من رسوم وتماثيل ، أو يشيدونه من صروح . ( يمكن الرجوع لمشاهدة أمثلة على ذلك مثل : كنيسة سانت ماريا دل فيوري الفلورنتية Santa Maria Del Fiore ) .
 
والإنسان الذي أصبح في قلب العالم ، واستعاد قدرته المسلوبة منه بسبب رضوخه الطويل لعبودية الإوهام والخرافات التي حاكتها من حوله عصور الظلام ، سيصبح هو المقياس لكل ما حوله ، تماماً كما كان يفعل القدماء ( الوثنيون ) . فالمعابد اليونانية والرومانية كانت تشيد حول تماثيل الآلهة التي كانت على شكل الإنسان ، بل أن تركيبها الجسماني كان يحاكي التركيب المثالي لجسم الإنسان . وكانت المعابد تبنى حولها . وهكذا سيأخذ المثَّالون المثال الرمزي للقدماء في الجمال ، كما فعل الرسام الأشهر في التاريخ : ليوناردو دافنشي (1452 - 1510 ) ، أو كما فعل ميكال إنجلو ( 1475 - 1564 ) الذي سيكشف عن القدرة الخارقة للتعبير لنماذجه الذكورية ، أو كما فعل Botticelli  ( 1445 - 1510 ) الذي بحث عن الرمز المثالي للجمال المتعالي في الأساطير القديمة . أو كما فعل رافييل ( 1483 - 1520 ) الذي يعبر فنه عن فكرته التي يؤمن بها ، وهي أن الإنسان هو إبن الله ( لأنه المسيح عليه السلام هو بنظره تجسيد للذات الإلهية ) ومن هذا المنطلق فإننا لا نستطيع رؤيته ( أي الإنسان ) إلا كبيراً ، عملاقاً ، قادراً ، جليلاً ، هادئاً ومتناسق الأجزاء .
 

20 - مايو - 2008
عصر النهضة الأوروبية : النظرة الجديدة إلى العالم
حول النقد والتقييم    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

 
شكراً للأستاذ أحمد تعليقه وأتمنى أن نعود لمناقشة الأسئلة التي طرحها في مرات قادمة . وشكراً للأستاذ هشام ثقته الغالية التي أثقل بها كاهلي : أحب كثيراً كل ما تكتبه يا أستاذ هشام لحيويته وما يتميز به من تمرد وشغب يخفي الكثير من الشاعرية ، وخصوصاً أبياتك الأخيرة في مسابقة الوراق عن الفيل الذي طار ، لكني لم أكتب نقداً علمياً ، وبإمكان من يريد أن يحتج على ما كتبته أن يجد فيه الكثير من الثغرات " العلمية " وأنا لا أدعي معرفة عميقة بالنقد ولا أقارن نفسي بأصحاب الاختصاص ( خصوصاً في موقع الوراق ) بل أكتب انطباعاتي ورؤيتي الخاصة جداً التي لا تلزم أحداً غيري .  أشكرك ، ويسرني دائماً أن نتحاور في بعض المسائل التي لا نتجرأ عليها في كل حين

20 - مايو - 2008
تمتمات
قصة الدبكة من صوت الشرق    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

لا أعلم يا أستاذ أحمد مصدر كلمة " خطَّة " . ونحن نعلم وجود كلمة " خَبْطَة " العامية التي تعني " الضربة " ومصدرها فعل خَبَطَ  ، وكلمة " خطوة " التي تعني الخطو بالرجل ، إنما كلمة " خَطَّة " فهي ليست شائعة ومن هنا أعطيك العذر في شكوكك .
 إنما عنوان الأغنية موجود عندي على الأسطوانة المضغوطة CD على هذا الشكل . وأنا أسمعها هكذا ، وربما  يكون لهذه الكلمة أصل نجهله لكني متأكدة من أنها تكتب على هذا النحو : وبالعودة إلى هذه المجموعة الغنائية وجدت قصة الدبكة مكتوبة في كتيب صغير يرافق الأسطوانة الصادرة عن " صوت الشرق " ( شاهين وأولاده ) في العام  1996 وفي هذه القصة إجابة على بعض التساؤلات التي طرحتها عن عدم انتشار الدبكة في المدن الكبيرة ، أنقلها بنصها الحرفي كما وجدتها :
 
" منذ كان الإنسان وجد الرقص . وهو مثل الموسيقى لغة الشعوب قاطبة . ومع تطور المدنية اتخذ الرقص أشكالاً متعددة وباتت له مدارس عدة .
والدبكة تؤديها الشعوب في الجبال بين شاطىء البحر الأبيض المتوسط ونهر دجلة . ولهذا فهي رقصة شديدة الخصوصية لم تعرفها غير الأرياف في لبنان وسوريا وفلسطين والعراق وبعض قطاعات العشائر شبه البدوية في لبنان وجواره .
ويقول الموسيقار زكي ناصيف أن أصل الدبكة هو اجتماع القرويين لآداء واجب " العونة " أي مساعدة صاحب البيت الجديد على رصِّ سطح بيته بالأرجل . وقد ظهرت هذه العادة الجماعية قبل استخدام المحدلة في هذه المهمة ويدل على صحة هذا الرأي ثلاثة عناصر : أولها أن الرقصة جماعية ولا تقدَّم إلا في حلقة تكاد توحي بشكل المساحة المحصورة التي تؤَدَّى فيها . الثاني هو أن ضرب الأرجل بالأرض شرط من شروط الدبكة على تنوع رقصاتها . والثالث هو اسم دبكة " الدلعونا " المشتق من الصيغة الآرامية لكلمة " العونة " .
إن شمول هذه الرقصة وطابعها العام في حياة الأرياف في بلادنا ، يفسر تنوع الدبكة لا في إيقاعها فقط ( البطيء والمتوسط والسريع ) ولا في خطواتها العديدة ( مثنية ، مثلثة ، عرجا ) بل في تعدد ألحانها الموروثة ( دلعونا ، هوَّارة ، النَّدَّى ، هيكالو ، الزينو ) .
وقد عمل الموسيقيون اللبنانيون وعلى رأسهم الأخوان رحباني وزكي ناصيف وعفيف رضوان منذ تأسيس مهرجانات بعلبك في العام 1957 على إدراج الدبكة في سياق أعمالهم الغنائية والمسرحية ونمقوها ونقلوها إلى مستوى الفنون المدن الكلاسيكية .
وهكذا في لبنان ورغم تعدد مناهج الرقص ، كانت الدبكة ولا تزال أساس الفن اللبناني الراقص . ولم يعد هذا اللون الفني يقتصر فقط على المناسبات والأعراس بل دخل في صميم الحركة الموسيقية والفنية وباتت الدبكة جزءاً لا يتجزأ من أي مشرع موسيقي وخصوصاً الاستعراضات الغنائية .
" صوت الشرق " التي تبنت منذ البداية نشر الفن الموسيقي اللبناني في العالم تقدم اليوم في هذا الإصدار الجديد ( جزء أول يليه جزء ثان ) " دبكات " لبنانية أصيلة بصوت مطربتنا الكبيرة " سفيرتنا إلى النجوم " السيدة فيروز ."

22 - مايو - 2008
أغانٍ لها ذكرى في حياتي
سقف بيتي تراب    كن أول من يقيّم

 
هذه الحكاية عن أصل الدبكة هي " طريفة " حقاً كما صنفتها أستاذي ، لكنها تحمل شيئاً من الحقيقة ربما وهي تشبه حكاية اكتشاف صدفة الأرجوان . نحن لن نعرف على الأرجح أبداً كيف نشأت الدبكة حقيقة . الحمد لله بأننا لم نرقص السامبا أو الرومبا ، أو حتى الكازاتشوك ، وإلا لكان الأمر أصعب بكثير . وقصة " الدبكة " فوق سطح البيت ذكرتني بحكاية " عنزة العنوزية " التي راحت " تُدَبِّك " فوق سطح بيت الذئب ( الذي أكل لها أولادها ) حتى قال لها محتجاً :
 
ــ مين عم يرَطِّز ع سطايحنا ؟ تَلاَّ طبايخنا وجعايلنا كلها نِشَحْ !
 
وهذا يعني بأننا لو دبكنا فوق سطح بيت ( الحكاية ) ، فإن الغبار والتراب سوف يتساقط من السقف ؟ فكيف كانت تسقف البيوت ؟ وما هو نصيب الواقع في كل هذا ؟ أين تبدأ الحكاية ؟ وأين تنتهي الأسطورة ؟  وهل هذا يعني بأن الشاعر عندما قال : " سقف بيتي حديد " كان يحلم أيضاً ؟ لأن سقف بيتي كان من تراب ؟
 

23 - مايو - 2008
أغانٍ لها ذكرى في حياتي
عيد الأم : من مجتمع لآخر    كن أول من يقيّم

 
احتفلت فرنسا بالأمس ، أي في يوم الأحد الأخير من شهر أيار( مايو ) ، بعيد الأم . واحتلفت به الولايات المتحدة الأميركية في يوم الأحد الثاني من شهر أيار أيضاً . بينما تحتفل به غالبية الدول العربية في أول فصل الربيع ، أي في الحادي والعشرين من شهر آذار ( مارس ) . وهذه اللخبطة في المواعيد المعتمدة تجعلنا أحياناً ننسى بأن نتمنى عيداً سعيداً لأمهاتنا ، وللأمهات الصديقات والرفيقات العزيزات على قلوبنا المنتشرات في أرجاء هذا الكون الفسيح .  
 
 ولهذا العيد " الجديد " نسبياً والطارىء على تقاليدنا وعاداتنا الاجتماعية ذكرى في نفسي تعود إلى البعيد البعيد ، إلى بداية عهدي بالتعليم ، عندما كان علينا أن نتناول بالدراسة نصاً في كتاب القراءة العربية للصف الرابع الإبتدائي ( على ما أذكر ) يتحدث عن عيد الأم ! كنت أدرِّس حينها في قرية صنفتها وزارة التربية بأنها " نائية " مع أنها لا تبعد عن طرابلس أكثر من نصف ساعة بالسيارة وتقع مباشرة على الحدود السورية - اللبنانية لجهة الشمال . هي قرية نبتت ذات يوم على حافة النهر الكبير الجنوبي ، جل أهلها الفقراء يعملون في الزراعة ، والقلة الباقية منهم يعملون بالتهريب بين طرفي الحدود ويكسبون بهذا الكثير من المال غير أن ثمنه كان باهظاً جداً لأنهم كانوا يدفعون من حياتهم  المحفوفة بالمخاطر تقريباً في كل أسبوع  فدية . 
 
في تلك القرية ، تستيقظ الأمهات مع الفجر للذهاب إلى العمل في الحقول . ويستيقظ الأولاد بمفردهم ليذهبوا إلى المدرسة . غالبهم كان يأتي إليها بدون فطور ، وبدون لفة يأكلها على فرصة الساعة العاشرة ، وبدون نقود (خرجية ) يشتري بها كعكة أو غيرها ، وأحياناً بدون أن يغسل وجهه . البنات كن بشكل طبيعي أكثر نظاماً من الصبيان وأكثر عناية بهندامهن إلا من كان منهم محظوظاً وكانت لديه أخت كبيرة لتعتني به .
 
درس القراءة العربية كان عن عيد الأم : عن قصة قالب حلوى تعده بنت بمثل عمرهم لوالدتها بهذه المناسبة .
 
كان الوضع محرجاً بالنسبة لي لأنني شعرت يومها بأنني أتحدث من كوكب المريخ  لأنهم لم يكونوا قد سمعوا عن عيد الأم ، ولأن ذلك النص الذي كان بين يدي لا علاقة له بهم ولا بحياتهم ولا بواقعهم اليومي . هو يصلح لأن يكون موضوعاً لتمثيلية أو فيلماً من الصور المتحركة يشاهدونه على التلفزيون إنما لا يصلح لأن يدرَّس في تلك المدرسة . ولما اقترحت عليهم بكل سذاجة بأن يقدموا هدية لأمهاتهم في تلك المناسبة ( كان يجب أن نتحدث عن المناسبة ) أخذوا يتغامزون فيما بينهم ويضحكون في سرهم بشيء من الخجل . وعندها أصريت عليهم بالسؤال لأنني أردت أن أفهم : ما المشكلة ؟ قال احدهم : " لو قدمت لها هدية فستسخر مني ! " . وقال الثاني : " لو قطفت لها زهوراً فسترميها للأبقار ! " واما البنات فاكتفين بالقول بأنهن غالباً من يحضر الطعام للعائلة بمناسبة أم من دون مناسبة ، وبما تيسر .
 
كان هذا الكلام قاسياً وصادماً بالنسبة لي ، وليس لأنني اكتشفت فقط عمق المشكلة الاجتماعية وبعدي التام عن حقيقة ذلك الواقع ، إنما لأنني شعرت يومها عبر الحوار معهم إلى أي مدى كان التعبير عن العاطفة منوطاً بالشكل الإجتماعي المسموح به في كل بيئة ، وكم كان شيئاً مستهجناً ومرهوباً في تلك البيئة خصوصاً لدى الصبيان رغم كل العاطفة والاحترام الذي يكنونه لأمهاتهم . أحسست بيومها بأنني أقتحم مساحة ممنوعة ، وبأن التعبير عن العاطفة في تلك البيئة القاسية هو أصعب ربما من التعري في وسط الشارع ، وأن العلاقات الأسرية ضرورات حياتية لا يعلو عليها إلا ضرورات أقوى منها ، وبأن وظيفة الأمومة مقدسة بكل المعاني المتاحة غير أن أسلوب التعبير عنها يختلف من مجتمع لأخر .
 

26 - مايو - 2008
أحاديث الوطن والزمن المتحول
عن دور الأدب    كن أول من يقيّم

 
قرأت هذا النص بسرعة ، لكني استغربته جداً يا أستاذ يوسف ( رسالة إلى صديقة جيدة ) فهي أول مرة أرى فيها أديباً يستخدم هذا التعبير المترجم . نحن نقول عادة صديقة عزيزة ، أو غالية ، أو حميمة ، أو ملهمة ... ؟؟؟ واستغربت أن يتحول إنشتاين إلى " زيز الحصيدة " وأديسون داعية " إلى الفشل الدراسي " مع أنه كان يقول بأن العبقرية واحد بالمئة منها موهبة والباقي جهد وعمل . واستغربت أن يصبح شعار الأدب كشعار جبهة الرفض ( سابقاً ) : إني أعترض ؟؟؟ وهل هذه الطفولية في التفكير هي الحرية التي نبحث عنها ؟
 
الأدب كما أراه هو مرآة المجتمع وليس حزباً سياسياً أو حركة تمرد واستقلال . وأما الفكر النقدي فلا يعني الرفض والتمرد ، بل يعني تطوير مستوى الفهم والتمكن من أدوات التعبير التي تمكننا من امتلاك أهلية الحكم ، أي القدرة على التمييز بين الصالح والطالح ، بين المفيد والمضر ، بين الجميل والقبيح .
 
يعكس الأدب عادة مستوى الوعي للمجتمع وفئته المثقفة ، ويعطي صورة عن واقعه ، وعن تطلعاته وأحلامه وطموحاته التي يصبو إليها . من هنا يكون الشعور بالمسؤولية كبيراً لدى المثقف الواعي لأنه يتوجب عليه أن يواكب بوعيه حركة المتغيرات الطارئة من حوله ، وأن يعبر عن إرادة المجتمع الذي يمثله بالصورة الأقرب إلى وجدان وضمير هذا المجتمع . وكل التجارب الصغيرة والشخصية والعواطف الفردية لا تهمنا إلا بقدر ما تكون مهمتها كاشفة ومستطلعة لمكامن الضعف والقوة ، وبقدر ما تساهم في رفع مستوى الوعي العام والمساعدة في امتلاك أهليه الحكم والنظر مما يساعد المجتمع ، أي مجتمع على التحكم بقدراته وتوجيهها في خدمة مصالحه . أما المستوى الفني والجمالي فهو أداة من أدوات الأدب ، بل هو الضوء الذي نسلطه على الأشياء لكي نتمكن من رؤيتها ، ليس بعقولنا فقط ، بل بأحاسيسنا ووجداننا وفطرتنا السليمة .
 
 

27 - مايو - 2008
( الراوى) الجزء الثانى: نماذج من أدب الشباب
 65  66  67  68  69