تقرير النيابة فى كتاب الشعر الجاهلى (12) كن أول من يقيّم
والذى نراه أن موقف الأستاذ المؤلف هنا لايختلف عن موقف الأستاذ (هوار) حين ينكلم عن شعر أمية بن أبى الصلت وقد وصف المؤلف نفسه هذا الموقف فى ص82،83من كتابه بقوله : مع أني من أشد الناس إعجابا بالأستاذ (هوار) وبطائفة من أصحابه المستشرقين وبما ينتهون إليه في كثير من الأحيان من النتائج العلمية القيمة في تاريخ الأدب العربي وبالمناهج التي يتخذونها للبحث ، فإني لا أستطيع أن أقرأ مثل هذا الفصل الذي أشرت إليه آنفا دون أن أعجب كيف يتورط العلماء أحيانا في مواقف لا صلة بينها وبين العلم . حقا إن الأستاذ المؤلف قد تورط فى هذا الموقف الذى لاصلة بينه وبين العلم بغير ضرورة يقتضيها بحثه ولافائدة يرجوها لأن النتيجة التى وصل إليها من بحثه وهى قوله (إن الصلة بين اللغة العدنانية وبين اللغة القحطانية كالصلة بين اللغة العربية وأى لغة أخرى من اللغات السامية المعروفة وأن قصة العاربة والمستعربة وتعلم إسماعيل العربية من جرهم كل ذلك حديث أساطيرلاخطر له ولاغناء فيه ) ماكانت تستدعى التشكك فى صحة إخبار القرآن عن إبراهيم وإسماعيل وبنائهما الكعبة ثم الحكم بعدم صحة القصة وباستغلال الإسلام لها لسبب دينى 0 ونحن لانفهم كيف أباح المؤلف لنفسه أن يخلط بين الدين والعلم وهو القائل بأن الدين يجب أن يكون بمعزل عن هذا النوع من البحث الذى هوبطبيعته قابل للتغيير والنقض والشك والإنكار "ص22من محضر التحقيق "وإننا حين نفصل بين العلم والدين نضع الكتب السماوية موضع التقديس ونعصمها من إنكار المنكرين وطعن الطاعنين ص24من محضر التحقيق " ولاندرى لم يفعل غير مايقول فى هذا الموضوع 0لقد سئل فى التحقيق عن هذا فقال: إن الداعى أنى أناقش طائفة من العلماء والآباء والقدماء والمحدثين وكلهم يقرون أن العرب المستعربة قد أخذوا لغتهم عن العرب العاربة بواسطة أبيهم إسماعيل بعد أن هاجر ،وهم جميعا يستدلون على آرائهم بنصوص من القرآن ومن الحديث فليس لى بد من أن أقول لهم إن هذه النصوص لا تلزمنى من الوجهة العلمية ،أما الثابت من نصوص القرآن فقصة الهجرة وقصة بناء الكعبة وليس بها يستدل على تقسيم العرب إلى عاربة ومستعربة ،على أن إسماعيل أبو العرب العدنانيين ،ولا على تعلم إسماعيل العربية من جرهم ،ونص الآية التى أثبتت الهجرة (ربنا إنى أسكنت من ذريتى بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ) لايفيد غير إسكان ذرية إبراهيم فى وادى مكة أى أن إسماعيل هو جرهم صغيرا( كنص لحديث)إلى هذا الوادى فنشأ فيه بين أهله وهم من العرب وتعلم هو وابناؤه لغة من نشأوا بينهم وهى العربية لأن اللغة لاتولد مع الإنسان وإنما تكتسب اكتسابا وقداندمجوا فى العرب فصاروا منهم وهذا الاندماج لايترتب عليه أن يكون لجميع العرب العدنانيين من ذريته إذ الحكم يقتضى أن لايكون مع إسماعيل أحد منهم حتى لايوجد غير ذريته وهو ما لم يقل به أحد- وياليت الأستاذ المؤلف حذا حذو ذلك المبشر هاشم العربى فى هذه المسألة حيث قال (ولا إسماعيل نفسه بأب للعرب المستعربة ولاتملك أحد من بنيه على أمة من الأمم وإنما قصارى أمرهم أنهم دخلوا وهم عدد قليل فى قبائل العرب العديدة المجاورة لمنازلهم فاختلطوا بها وما كانوا منها إلا كحصاة فى فلاه ) تراجع ص356من كتاب مقالة فى الإسلام – ولو أن المؤلف فعل هذا لنجا من التورط فى هذا الموضوع أما مسألة بناء الكعبة فلم يفهم الحكمة من نفيها واعتباره اسطورة من الأساطير اللهم إلا إذا كان مراده إزالة كل أثر لإبراهيم وإسماعيل ولكن ما مصلحة المؤلف فى هذا ? الله أعلم بمراده0 |