البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات abdelhafid akouh

 62  63  64  65  66 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
أمريكا بين رحلة التمييز و التطهير..(مصالحاتهم )    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

أجمل تحية وأزكى سلام أستاذينا المكي والشيخ ياسين سليمان .
 
محمد العلمي
تجمع وراء جدران البيت الأبيض على غير العادة، جمع من المواطنين في انتظار باراك أوباما في أول زيارة يقوم بها كرئيس منتخب، رفع بعضهم لافتات تدعو الى محاكمة الرئيس برلمانيا، في حين وقف بعض السود المتقدمين في السن بهدوء وبعيون دامعة يرمقون الجموع الصاخبة ورجال الشرطة القلقين، في حين كان الرئيس الثالث والاربعون يمشي الهوينا مع الرئيس الرابع والاربعين في حديقة البيت الابيض في اتجاه المكتب البيضاوي الذي يدخله اوباما لاول مرة في حياته.
ممثلو اليسار الغاضب مازالوا يطالبون برأس بوش على الرغم من ايامه المعدودة في الحكم، وعلى الرغم ايضا من ان مسألة محاكمته في هذا الوقت المتأخر، لكنهم يتجاهلون حقيقة مرة انه لولا ألذ اعدائهم جورج بوش لما نجحوا في ايصال باراك اوباما كرجل اسود الى بيت ابيض.
الكثير من الناخبين المستقلين-حسب استطلاعات الخروج - ارادوا معاقبة الجمهوريين بعد ان وصلت الازمة لجيوبهم واعتبروا صناعة التاريخ بانتخاب رئيس اسود جائزة اضافية لاثبات طهارتهم من داء العنصرية ومساعدة بلدهم على التطهر منها ايضا.
احد الناخبين البيض المستقلين سُئل كيف حمل نفسه على التصويت لباراك اوباما فرد قائلا «كان الامر سهلا.. حرب سيئة واقتصاد سيئ وسمعة سيئة في الخارج».
لكن ناخبة سوداء في الثمانينات من عمرها لم تصوت منذ ثمانية واربعين عاما بعد ان اقترعت اول وآخر صوت لها قبل اوباما للرئيس الديموقراطي الاسبق جون كينيدي عام 1960 قالت ببساطة انها لم تجد سببا يحملها على التصويت خلال كل هذه السنين.
من شبه المؤكد أن السود الامريكيين كالكثير من الاقليات والجماعات اليسارية والعرقية التي تعتبر أن اوباما مدين لها بشئ ما، مرشحة للشعور بخيبة أمل، لأن اوباما لن يستطيع وربما لن يحاول ارضاءها لانه حاول النأي بنفسه ايضا عن لونه كمحاولاته النأي عن المسلمين خلال الحملة الانتخابية خشية إغضاب الاغلبية البيضاء.
لكن بالنسبة للسود، كانت اللحظة التي يدخل فيها «واحد منهم » الى بيت بناه اجدادهم العبيد ومازال ابناء جلدتهم يعملون فيه كطباخين ومنظفين ونادلين، لحظة كانت مستحيلة حتى على التخيل وربما كانت ستبقى كذلك لو لم يأت جورج بوش وسياساته الكارثية.
جورج بوش لم يدمر سمعة امريكا واقتصادها وجيشها فحسب، بل يبدو انه دمر حزبه ايضا، بما في ذلك فلسفته السياسية ومصادر قوته التقليدية.
ابراهام لنكولن محرر العبيد الذي جاء كأوباما من ولاية الينوي في الستينات من القرن التاسع عشر، كان رئيسا جمهوريا دخل في حرب اهلية مع ولايات الجنوب في حرب ضروس للقضاء على امتلاك العبيد، وخلق انتصاره في الحرب عداء مستحكما للجمهوريين في تلك الولايات حتى الستينات من القرن العشرين.
الحرب الاهلية حررت العبيد تدريجيا لكنها لم تمنحهم حقوقهم المدنية وكان عليهم العيش في غيتوهات منفصلة في كبريات المدن الصناعية التي نزحوا اليها وعاشوا على هوامشها بدون حق في التصويت او الاختلاط مع الجنس الابيض، سواء في المدارس او الكنائس او حنفيات الماء والمراحيض.
عام 1958 مثلا في ولاية كارولينا الشمالية وضعت طفلة صغيرة بيضاء في التاسعة من عمرها بكل براءة قبلة على خد طفل اسود في مثل سنها اسمه هانوفر.الشرطة اعتقلت الطفل وصديقا له لم يتعد السابعة من العمر وحكمت عدالة الجنوب الامريكي على الطفل البريئ باثني عشر عاما سجنا نافذة بعد «ادانته» بتهمة محاولة الاغتصاب.
الضجيج الذي اعقب صدور الحكم حمل سلطات الولايات على اطلاق سراح الطفل، لكن الادانة في حد ذاتها تعد ادانة للعدالة في معظم ولايات الجنوب الامريكي بعد عقد ونصف من انتهاء الحرب العالمية الثانية، وقبل عقد من الصعود الى القمر.
الديموقراطيون ربما تحت تأثير عقد الذنب المترسبة من الوقوف على الرصيف السيئ من الحرب الاهلية اصبحوا مع ال كينيدي- الرئيس جون واخيه روبرت وزيره في العدل- ومن بعدهما الرئيس ليندل جونسون اصبحوا جميعا زعماء الحقوق المدنية الذي وقعه جونسون في ذروة فييتنام في منتصف الستينات.
الديموقراطيون اصبحوا منذ ذلك الحين ابطال الحقوق المدنية وضمنوا ولاء السود -حينما يصوتون طبعا- لكنهم خسروا اصوات البيض في ولايات الجنوب الذين ارتموا في احضان الحزب الجمهوري وساعدوه في الفوز بالبيت الابيض سبع مرات من اصل عشرة مواسم انتخابية الى ان جاء باراك اوباما او بالاحرى سنوات حكم جورج بوش.
الجمهوريون لعبوا على امتعاض البيض التاريخي من السود ولم يتردد سياسيو الجنوب من استخدام التقنيات العنصرية الظاهر منها والمستثر لاحكام قبضة الحزب على تمثيل تلك الولايات في الكونغرس.
في انتخابات عام الفين في ولاية جنوب كارولينا من اكثر ولايات الجنوب محافظة، نجح بوش مثلا في القضاء على فرص جون مكين في الانتخابات التمهيدية باتهامه بأبوة طفلة سفاحا من سيدة سوداء. الدعاية كانت قاتلة سياسيا ولم تستطع اسرة مكين تجاوز اثارها النفسية حتى الان..
الطفلة المقصودة تم تبنيها في ميتم للاطفال في بنغلاديش، لكن اللعب على كراهية السود أتى أكله ومهد الطريق امام بوش الصغير امام البيت الكبير.
اعتماد الجمهوريين على ولاء الجنوب ويأس الديموقراطيين منه اصبح يعرف في القاموس السياسي الامريكي باستراتيجية الجنوب.
خلال الحملة الانتخابية وفي مناسبة لجمع تبرع في مدينة سان فرانسيسكو في الغرب الامريكي سجل الميكرفون تصريحات مثيرة للجدل لباراك اوباما يتحدث فيها عن الناخبين البيض في الجنوب الذين«يدفعهم الاحباط الى التشبث بالدين والسلاح والتصويت ضد مصالحهم الاقتصادية»
التصريحات اثارت جدلا كبيرا واتهمت هيلاري كلينتون اوباما بالنخبوية، ونجحت بالفعل في استثمارها للحصول على بعض اصوات اولئك مما عمر حملتها الانتخابية اكثر من اللازم.
الجمهوريون اضافوا الدين الى الوصفة للحصول على دعم هؤلاء الفقراء للاحتفاظ بالاغنياء في السلطة مصرين، كما قال اوباما،على التصويت ضد مصالحهم الاقتصادية بسبب معارضتهم للاجهاض وزواج المثليين والسود.
العنصرية المستثرة كانت ايضا وراء تركيز حملة مكين على ولاية بنسلفانيا الديموقرايطة تقليديا، لكن فوز كلينتون بها اعطى حملته الانطباع بأن بعض سكانها من البيض من ذوي الدخل والتعليم المحدودين قد «يتحلون» بعنصرية كافية لقلب توجهات الولاية لصالحه.
في مكتبه في جامعة شيكاغو أبلغني استاذ التاريخ الاسود ادم غرين بأن اكبر خطأ سيرتكبه الكثيرون في امريكا والعالم هو الاعتقاد بأن فوز اوباما سيعنى اننا اصبحنا في عالم ما بعد العنصرية، لان المرشح الديموقراطي نفسه قدم هويته على انها ما بعد العنصرية وحاول جاهدا طمأنة مخاوف البيض اكثر من تودده للسود.
تعقد ظاهرة العنصرية وتجذرها في التاريخ الامريكي تجعل من امر تراجعها او اندحارها بمجرد وصول رئيس اسود الى البيت الابيض على الرغم من القوة الرمزية، امرا مستبعدا في المستقبل القريب على الاقل.
يكفي ان تلقي نظرة على نسب الفقر والسجون والامية والجريمة لتدرك ان السود يحصدون اغلبيات في تلك القوائم القاتمة اكثر بكثير من نسبهم الديموغرافية في المجتمع الامريكي.
قبل بضع سنوات اجرت جامعة برنستون بحثا ميدانيا بعثت فيه طالبي عمل ليتقدموا لمجموعة من المناصب، فوجدت ان المشغلين البيض على استعداد لتشغيل ابناء جنسهم على الرغم من وجود سوابق جنائية في ملفاتهم واستبعدت السود على الرغم من كفاءتهم وخلو ملفاتهم من السوابق. بل وجدت الرئاسة ان الامريكيين المتحدرين من اصول لاتينية وحديثي العهد بالهجرة كانوا افضل حظا من السود الذي جاؤوا مع البيض ولو قسرا الى العالم الجديد في بدايته الاولى.
جيل السود الذي عايش مواجهات الستينات في موجة الحقوق المدنية والذي اسال الكثير من الدماء والدموع بهدف تحقيق الكرامة الانسانية، لم يتحمس في البداية لحملة باراك اوباما حينما اعلن عن نيته للترشيح في يوم قارس من فبراير 2007 في ولاية الينوي.
تحفظ السود «التقليديين» على طموح اوباما استند على عنصرين رئيسيين اولاهما انه ليس اسود بما فيه الكفاية، كما انه لم يعش تجربة جيله من السود، لأن أباه كان مهاجرا من كينيا جاء بمحض ارادته فحسب، بل لانه ايضا عاش في كنف امه وجدته البيضاء.
العنصر الثاني هو الاعتقاد واسع النطاق بين السود، خاصة بعد تجربتي جيسي جاكسون، ان المرشح الاسود لن يستطيع ابدا الحصول على دعم البيض للوصول الى الرئاسة.
قبل انتخابات ايوا التي فاجأت باقي الامريكيين كانت معظم اصوات القواعد السوداء تدعم هيلاري كلينتون لانها ديموقراطية اولا، ولانها ثانيا زوجه بيل كلينتون «اول رئيس اسود» كما وصفه احد الزعماء السود بسبب تعاطفه معهم وتحدثه لغتهم.
لكن انتصار اوباما في ايوا ذات الاغلبية البيضاء في الانتخابات التمهيدية فاجأ الجميع وحمل السود على تغيير رأيهم وحمل القيادات التقليدية على تغيير ولائها من هيلاري الى اوباما.
ليلة الاقتراع وفرز الاصوات ظهرت المعجزة التي كان ينتظرها الكثير من الامريكيين وسكان العالم بفوز اول مرشح اسود، لكن تفاصيل المعجزة ظهرت في انهيار استراتيجية الجنوب التي ساهم فيها جورج بوش والذي يعود له «الفضل» بطريقة ما في تحقيق طموح اوباما وآمال أجيال من السود الامريكيين.
http://www.alittihad.press.ma/affdetail.asp?codelangue=6&info=82303

18 - نوفمبر - 2008
مصالحاتنا ومصالحاتهم !
السيجارة وجاهة ثقافيّة...    كن أول من يقيّم

...وماركيز أشهر المقلعين عنها
تغريد السميري من بيروت
Sunday, November 16, 2008
قيل إنها الإصبع السادس الذي يكتب به الشعراء والروائيون، فلا يكتمل أي عمل إبداعي من دونها، وقيل أيضاً إنّها المخلوق الذي يحترق من أجل الكاتب وحده، لذا يصعب التخلي عنه لأنه يصبح جزءاً من الكاتب ونصّه، فلا يبدو تدخين السيجارة لدى الروائيين إدماناً فحسب، بل هو طقس لاستحضار الكلمات وجزء من مظهر المثقّف والكاتب.
لم تفارق اللفافة فم كبار الكتّاب الفرنسيين الذين اعتُبروا رموزاً لمدارس فكرية بارزة، كالفيلسوف الوجودي جان بول سارتر الذي قال إن التدخين هو «غذاء الفلاسفة». كذلك لم تفلت السيجارة من بين شفتي الروائي ألبير كامو حتى في الصور الفوتوغرافية التي كانت تتصدّر أغلفة رواياته، على رغم أنه كان مصاباً بالسل.
137 يوماً
تعلُّق الكتّاب والشعراء بالسيجارة (منهم الروائي بول أوستر والشاعر السوري محمد الماغوط والكاتب البير كامو وغيرهم) تخطى كونها رمزاً للرجولة، فهي السبب الذي يجعلهم يمضون في الكتابة. يروي الكاتب السوري حنا مينه عن العلاقة الوطيدة بين سيجارته ونصوصه مستذكراً نصيحة أحد المناضلين له بترك السيجارة حين قال له: «إنك تكثر من التدخين إلى درجة مقلقة، وما دمت تشكو من جهاز الهضم فإن دواءك الوحيد هو الإقلاع عن التدخين». يقول مينه: «طبعاً شكرت الصديق بابتسامة ماكرة، وأضفت أنا لا أستطيع ترك السيجارة إلاّ بشرط أن أتوقف عن الكتابة». يبدو من إجابة مينه أن ثمة رابطاً قوياً يجمع الكاتب والنص الجيد بالسيجارة ليتشكل ثالوث محيّر يزيده دخان السيجارة المتصاعد ضبابية.
على رغم ذلك، حاول مينة الإقلاع عن التدخين مرات عدة: «في إحداها حزمت أمري على الكتابة بغير سيجارة، فإذا بخطّي يصبح ناعماً كخط آنسة مدللة، والكلمات كالفراشات تطير من حولي من دون أن أستطيع القبض عليها، فأحسست كأني أجّر عربة صعوداً، والسيجارة يد مساعفة تدفع معي إلى الأمام أو أستشعر نفسي قطاراً يصعد جبلاً وأن مزيداً من الوقود وحده يساعده على الصعود، وأن السيجارة هي الوقود السحري الخاص وهي المعادلة الكيميائية السائلة التي أطلقت مراكب الفضاء».
يصف مينه تعلّقه بالسيجارة: «السيجارة الأولى لم أعد أذكر تاريخها بالضبط، أما الأخيرة فسأطلبها قبل أن أغمض عيني. بين السيجارتين الأولى والأخيرة ينقضي القسم الأكبر، من هذا الذي أسميه عمري، فإذا ذكرت لذاذاته كانت السيجارة على رأسها»،‏ لهذا لم يتوقف مينه عن التدخين حتى الآن سوى مرة واحدة، كان حينها في العاصمة اللبنانية بيروت التي قصدها بعدما فقد وظيفته في صحيفة «الإنشاء» الدمشقية التي أغلقها حسني الزعيم إثر الانقلاب الذي قام به عام 1949.
استأجر مينه في بيروت غرفة على سطح أحد المباني وتوقّف عن التدخين طوال 137 يوماً كي لا يبدد المال القليل الذي بين يديه. أوحى هذا الحرمان القسري لمينه بكتابة قصة مشوّقة مستمدة من واقع حياته الجديدة حملت إسم» علبة التبغ». تنتهي هذه القصة المنشورة في مجموعته «الأبنوسة البيضاء» بحصول مينه على علبة تبغ كاملة من فتاة يطل سطحها على سطح غرفته، حين عرفت أنه توقّف عن التدخين لضيق الحال.‏
شيء تافه
في المقابل، يرى الفيلسوف الفرنسي سارتر أنه بإمكان المفكّر التخلّص من السيجارة من دون أن يؤثر ذلك على إنتاجه. يروي سارتر كيف استجاب لنصيحة صديق بالإقلاع عن التدخين: «كانت المعركة مع هذا الامتناع شاقة. لم أهتم بطعم التبغ الذي أفقده بقدر اهتمامي بمعنى فعل التدخين».
بعد هذه التجربة، تبلورت أفكار كثيرة لدى سارتر عن التدخين: «كنت أدخن في المسارح وصباحاً وأنا أعمل مساء، وبعد تناول طعام العشاء وكان يبدو لي أنه بالكفّ عن التدخين فإني سأنتزع من المسارح تشويقها ومن طعم العشاء طعمه، ومن عمل الصباح نضارته الحية. قلّت قيمة الحياة في نظري وكان عليَّ للحفاظ على قراري بالإقلاع عن التدخين تحقيق نوع من تفكيك التبلور، أي أن أحوِّل من دون وعي كبير ذلك التبغ إلى ألاّ يصبح شيئاً آخر غير ذاته». يضيف سارتر: «قطعت علاقتي (التدخين) الرمزية بالعالم وأقنعت نفسي أنني لن أنتزع شيئاً من المسرحية والنظر والكتاب الذي كنت أقرأه إذا نظرت إلى هذه الأشياء من دون سيجارتي»، ومنذ أن اقتنع سارتر بهذا الكلام «تقلّص أسفي إلى شيء تافه ضئيل».
فوائد!
المحاولة الأولى لا مكان لها في الإقلاع عن التدخين، ولعلّ أكثر ما يدل على ذلك ما قاله الكاتب الأميركي مارك توين حين سأله أحدهم عن إمكان إقلاعه عن التدخين، بعدما أدمنه، فأجاب بنبرة ساخرة «الإقلاع عن التدخين؟ إنه من أسهل الأمور، شخصياً أقلعت عن التدخين آلاف المرات».
لم يحصل توين، في الحقيقة، على فرصة حقيقية للإقلاع عن التدخين، بل كانت مجرد محاولات فاشلة، فهذا القرار يتخذه كثيرون في أماكن ربما التدخين من أبرز الأمور فيها، وهذا ما حصل مع شاعر المهجر اللبناني إيليا أبو ماضي الذي أدمن التدخين إدماناً شديداً بحيث كان يستغني عن الولاعة أحياناً، إذ يشعل السيجارة من عقب الأخرى، لكنه توقّف عن التدخين فجأة. يروي أبو ماضي قصة إقلاعه قائلاً: «في إحدى السهرات الحميمة كنت أدخن كعادتي. كان بين الساهرين طبيب خفيف الروح. قال لي أحدهم: يا صاحبي لماذا لا تقلع عن التدخين فهو يضر بصحتك ويحرق مالك على غير طائل». أجابه أبو ماضي من دون تردد: «للتدخين حسنات كثيرة، على رغم سيئاته، منها أن السيجارة هي رفيقك الدائم، تسلّيك وتفرج همك وتساعدك في التفكير وتشحذ القريحة، لا سيما بالنسبة الى الشاعر». الربط بين السيجارة والقدرة على التفكير واستحضار القريحة الشعرية معادلة أثارت حفيظة الطبيب، فحين انتهى أبو ماضي من كلامه قال له «لقد نسيت يا صديقي فوائد أخرى للتدخين».
تعجّب الحاضرون كيف أن الطبيب يتحدث عن فوائد التدخين! يروي أبو ماضي: «تشجعت أنا، إذ رأيت في الطبيب حليفاً. لكن سروري لم يدم طويلاً بعد أن ذكر الطبيب هذه الفوائد وشرحها، فالتدخين يبعد الكلاب عن المنزل ويقضي على البرغش والهوام وكذلك المدخن لا يذوق طعم الشيخوخة». عندما رأى الطبيب الذهول على وجوه الحاضرين تابع شارحاً: «التدخين يبعد الكلاب لأن المدخن يسعل سعالاً شديداً يخيف الكلاب، وبرائحته القوية السامة يقضي على الهوام، ثم أنه يقصّر العمر فلا يذوق صاحبه طعم الشيخوخة لأنه معرّض لمرض القلب فيموت فجأة». أطفأ أبو ماضي سيجارته فوراً وودعها الى الأبد، لكنه لم يقلع عن كتابة الشعر ولم يفقد قريحته الشعرية وأيقن بعد هذه الحادثة أن لا علاقة للسيجارة بين شفتيه بالقلم والورقة بين يديه.
أشهر المقلعين
أما أشهر المقلعين عن التدخين فهو الروائي غابريال غارسيا ماركيز الذي أخبره الطبيب النفسي بأن التدخين هو «الإدمان الذي يصعب التخلّص منه أكثر من سواه، لذا سيكون بالنسبة إليك أشبه بقتل كائن عزيز».
بعد أن تلقى ماركيز هذه الإجابة من صديقه يروي في الجزء الثاني من مذكراته أن ما حدث: «كان أشبه بتفجير بصيرة، لم أعرف أبداً السبب ولم أشأ معرفته، لكني سحقت في المنفضة السيجارة التي كنت أشعلتها للتو ولم أعد للتدخين بعدها، بلا جزع ولا أسف، طوال ما تبقى من حياتي». بهذا استطاع ماركيز أن يقضي على «الكائن العزيز» الذي رافقه لفترة طويلة من حياته وربما كان يمسك به أكثر مما يمسك القلم، لكنه أخيراً استطاع التخلص منه من دون حتى أن يعرف السبب، ووراء عدم رغبته في معرفة السبب تكمن سعادة بالتخلّص من هذه العادة المضرّة.
مع إقلاع ماركيز عن التدخين تظهر صورة جديدة للأدباء، فهو الآن مثقف «من دون تبغ» كمعظم المقاهي التي يرتادها الكتاب في العواصم الأوروبية، ومعه ربما تختفي صورة المثقّف النمطيّة كدخان سيجارة في الهواء الطلق.
وجاهة السيجارة
على عكس ماركيز، يتمسك معظم المثقفين بالسيجارة وكأنها جزء من عالمهم ويومياتهم الأدبية التي تفوح منها رائحة التبغ. هذه العلاقة يفسرها ريتشارد كلاين في كتابه «وجاهة السيجارة»، الذي يستعرض فيه النشوة الممتعة التي يحصل عليها المدخّن حين يملأ رئتيه برائحة التبغ. كذلك يتناول الكاتب قدرة الفنان على الإبداع من خلال علاقته الوثيقة بالسيجارة، ويشرح إحساس المثقف بالتحضّر والانتماء من خلال التدخين، وربما الشعور بالعظمة أو البطولة.
يستند كلاين في تحليله سر التدخين الى تعريف الفيلسوف كانط لمعنى السمو أو الوجاهة باعتبارها حالة «فردانية» لتجاوز عوالم الخوف والألم والقلق والوقوف في وجه الصدمات، فيصف عالم السيجارة الخطر صحياً ووجدانياً، فيشير الى «المتعة في مقابل الضرر الصحي، والنكهة في وجه الموت المحقق»، والسيجارة برأيه «تحمل متناقضات سافرة، لكنها متجاوزة، فهي أداة قاتلة لإيقاع القلب، معطلة للحواس، إلا أنها وسيلة للتركيز في العملية الإبداعية لدى البعض». إنها «محظية جميلة ومتوحشة» كما يصفها كلاين «والأهم أنها رفيق وفيّ» برأيه.
 
تغريد السميري من بيروتHESPRESS.com
 
 
Sunday, November 16, 2008
 

20 - نوفمبر - 2008
مقالات طريفة ولاذعة
العروي: التقليد والحداثة لا يتعايشان إلا على مستوى الخطاب.    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

 
حوار                                    
عبد الله العروي
 
 
.........................
ترجمة - سعيد الشطبي
                                       
- تقول في كتابك الأخير: «لم أرفع أبدا راية الفلسفة، ولا راية الثيولوجيا، ولا راية التاريخ؛ كل ما قمت به، ببساطة، هو أنني دافعت عن التاريخانية». عموما، مازلت تقوم بذلك. بم تبرر استمرارك في السير على نفس الطريق في الوقت الذي شهدت فيه التاريخانية تخلي الكثيرين عنها وتعرضت للنقد وتخوف منها آخرون من حيث ما يمكن أن يترتب عنها؟ ألا يزعجك أن تبقى وحيدا في مواجهة الجميع؟
< يمكنني أن أرد بما يلي: «ما الذي أتت به اللاتاريخانية؟». لا شيء، اللهم أنها هيأت سرير التقليدانية في معناها القح وصيغتها الصلبة. وهو ما نراه حولنا اليوم في كل مكان. فالمجتمعات الغربية جميعها آخذة، الآن، في اكتشاف أنها مجتمعات دينية؛ بل حتى في موطن فولتير نفسه، صرنا نسمع يساريين سابقين ينتقدون غياب التعالي والكينونة ما بعد العالم المادي.
إننا ندرك، اليوم، أن الفيلسوف، بالوظيفة، الذي لم يكن يكف عن الحديث عن وجود بنية ضمنية إنما كان يعني بذلك الانسجام الإلهي. أنا لست ضد الثيولوجيا، بل إنني أستغرق وقتا طويلا في دراستها والاستفادة منها؛ بيد أنني أجدني ميالا إلى ثيولوجيا متبناة، لا ثيوصوفية مخجلة أو مهربة.
لماذا قلت إنني لا أريد أن أكون فيلسوفا ولا ثيولوجيا ولا حتى مؤرخا حقيقيا؟ لأنني، كما قلت سابقا بكل تواضع، لا أعتقد أن الإنسان، أعني أي إنسان كان، أنت أو أنا، يمكنه في يوم من الأيام أن ينجح في أن يُلزم الحقيقة المطلقة الانكشاف أمامه مهما ملك من وسيلة في سبيل ذلك. ما يمكنه أن ينكشف أمامنا، أمام أي كان منا، ما هو إلا حقيقة نسبية، مشتركة، مقتسمة. فالحقيقة الموضوعية ليست هي الحقيقة المطلقة؛ إنها حقيقة اتفاق أو حقيقة صفقة، تسمح لنا بالتعايش في الحياة. أذكّر هنا بأننا نتكلم دائما عن العلوم الإنسانية، أو بالأحرى عن الحياة في المجتمع.
- لنعد إلى كتابك الأخير، الذي تتحدث فيه عن قراءة القرآن من خلال الحديث عن أثرها على الوجدان أكثر من العقل. ترى، كيف يمكن قراءة هذا الكلام الصادر عن رجل عقلاني؟
< لم يسبق لي، أبدا، أن قلت إن العقل هو شمولية تلغي كل ما ليس عقلا. عموما، أنا أستعمل كلمة «عقلانية» التي تقحم في معناها مشاركة الإنسان كما تشير إلى ذلك الكلمة في العربية. وقد وضحت في العديد من المناسبات أن مجال العقلانية محصور (العلم التجريبي، السياسة والتاريخ من حيث هو خادم للسياسة). غير أن التجربة الإنسانية لا تتوقف هاهنا؛ بل هنالك مجال واسع حيث لا تلعب العقلانية دورا كبيرا، بل دورا ثانويا، فحسب.
إن ما بدا لي، دائما، خطيرا عند استحضار السوابق التاريخية هو إقحام اللاعقلاني في موضوع الأولى به أن يظل تحت عنوان العقلانية، إما بحكم التوافق أو بحكم نفعية ما. فاللاعقلاني مُبعد عن الخير المشترك لسبب بسيط يتجلى في كونه منفلتا، لا يُتحكم فيه (ما العمل بالسحر في العلوم، أو بالعنف في السياسة، أو بالجنون في التاريخ؟). أما ما تبقى للاعقلاني فهو مجال التجربة الفردية الشاسع، من قبيل الفن، والأدب والدين.
لدي استطراد هنا. يحز في نفسي أن أرى في مدارسنا أن الكتاب المدرسي حول التربية الدينية يبدأ بفصل حول الغيب؛ لست لأنني أنفي الغيب، بل إنني أستغرب أن نكلم الأطفال عن الغيب، والحال أنه ينبغي أن نتحدث في الموضوع مع البالغين بعد أن يكونوا غادروا المدرسة بزمن طويل. مكان هذا النوع من مواضيع الحديث ليس مناسبا.
- : في إطار هذا السؤال حول الجانب الوجداني، نكاد نذهب حد اعتبار أن هنالك جانبا صوفيا فيكم ينكشف للقراء...
< العلم هو الحقيقة المشتركة فكريا؛ السياسة هي الحقيقة المشتركة اجتماعيا؛ أما الحقيقة الفردية فهي حقيقة ممنوحة للغير، لكنها ليست مشتركة بالضرورة والمبدإ. سموها كما تريدون، لكن هذا التمييز بين الأنواع الثلاثة للحقيقة، إذا بحثتم عنه جديا، ستجدونه حاضرا عند أكبر العقلانيين.
- كتبت في «الإسلام والحداثة» ما مضمونه أن مسعاك ليس هو وصف حالة من دون مخرج، بل هو بلوغ أقصى ما يمكن على مستوى الموضوعية حتى لا تكون ضحية لحلول خادعة. وفي كتابك الأخير «السنة والإصلاح»، تعود إلى عهد النبي إبراهيم. هل الباعث على ذلك هو الموضوعية دائما؟
< العنوان الحقيقي لكتابي هو «سنة وإصلاح»، الذي من خلاله سعيت إلى تعميم ما أريد قوله. إن إبراهيم يمثل مركز البرهنة، ويرمز إلى ظهور الذاكرة. وقد ظهر في وقت توقفت فيه الإنسانية (إنسانيتنا وليس إنسانية الآخرين، كالصينين والهنود، إلخ... التي نجهلها جهلا فظيعا، للأسف) والتفتت إلى ماضيها. الزمن كله، هنا، يتلخص في رؤية تكشف، في لحظة واحدة، ما سبق وما سيكون. هكذا وُلد التقليد.
إبراهيم هو الذاكرة، هو التقليد؛ إنه كلٌ متعدد مختزل في وحدة. التقليد هو اختزال التاريخ كله في نقطة واحدة من الزمكان. أما في ما يخص حالتنا نحن، فإن سنتنا تلخص تاريخ ملايير (كوسموس)، وملايين (حيوات)، وآلاف (الوعي) السنين في ما قيل عنه، نظريا، خلال عقد (في ما يسمى، كذلك، سنة) من الزمن. إنها إعادة منح التاريخ، الطبيعي والإنساني، غير الواعي ثم الواعي، كل كينونته؛ إنه، بمعنى من المعاني، الدخول «في الإصلاح». من دون ذلك، سنكون نواجه التقليد بالتقليد ليس إلا، ونجد أنفسنا في حرب تقليد مشتعلة؛ وهو ما نعيشه اليوم.
- نلاحظ اليوم أن الزوج «تقليد/حداثة» مازال يفرض ذاته بكثير من الإصرار، سواء على مستوى خطاب الدولة أو داخل المجتمع. وقد سبق أن كتبت أن دائرتي «التقليد والحداثة» لا يمكنهما أن تتعايشا في زمكان واحد. من أين لك هذا اليقين؟
< أُذكر هنا أن مفهومي التقليد والحداثة لا يتعايشان إلا على مستوى الخطاب، لا في الأفعال. فنحن نتحدث عن الطب التقليدي والمعمار التقليدي والفن التقليدي كما لو أنها أمور تثير الفضول. لكن، هل سبق لكم أن رأيتم في الشارع دراجات نارية تقليدية، وفي الجو طائرات تقليدية، وفي المستشفيات أجهزة كشف تقليدية؟ اللهم إذا تعلق الأمر بثنائية من نوع خاص كأن نقول: الجسد حديث والدماغ تقليدي. في هذه الحال يتعلق الأمر بنظرة (تقليدية) نلقيها على حقيقة (حديثة).
لكن، عندما نعود إلى النصوص القديمة، ندرك جيدا أن التقليد المكتوب، والذي نحتفظ ببعض أثره، هو دائما خطاب حول حقيقة. والسنة هي دائما محاكمة لبدعة معينة. والأخيرة تحيل على المعيش، على الملموس؛ أما السنة فما هي إلا إدانة شفهية، اجتماعية، وسياسية للبدعة. وما نسميه «بروز السنة» هو، بكل الصرامة، إعادة تسمية ما يخلقه ويجدده التاريخ. و»الجديد»، الذي يقابل بالنقد، لا يزول بالمرة، بل يعاد تصنيفه بشكل مختلف، فحسب. هذا ما نعيشه، اليوم.
أفليست أسلمة الحداثة و«تحويلها إلى تقليد» تكييفا لما لا نستطيع تجاوزه تحت اسم آخر مختلف؟ لقد رأينا ذلك جليا في شأن المنتوجات المالية الإسلامية: فقد كانت معروفة، واستُعملت قبل أن يُتخلى عنها؛ لكن يمكن دائما استعمالها والتخلي عنها مجددا. فهي ليست إسلامية إلا بالاسم لأنها كانت سائدة في الماضي في البلدان الإسلامية.
 
عن ج. المساء...

عن «لاروفي إكونوميا»

22 - نوفمبر - 2008
بين الدين والفلسفة
" ما هموني غير الرجال اللى ضاعوا"    كن أول من يقيّم

*أجمل" تمتمات" تغنى بها بلبل مجموعة ناس الغيوان.
http://musique.marocenligne.net/?p=619
 
مهداة لكل الأصدقاء .
 
ما هموني غير الرجال اللى ضاعوا
لحيوط الى رابو كلها يبني دار
ما هولوني غير الصبيان مرضو و جاعو
و الغرس الى سقط نوضو نغرسو اشجار
و الحوض الى جف و اسود نعناعه
الصغير ف رجالنا يجنيه فاكية و ثمار
مصير وحدين عند اخرين ساهل تنزاعه
وشعاع الشمس ما تخزنه لسوار
دارت وجات في يد الصهيون دار اتباعه
جاب خيه و خويله فين عزارى الدوار
زاد سبوعا تابعاه لتمناعه
من حرك عينه ف راسو مدوه للجزار
سربة هنا و سربة لهيه جثمو وداعو
و لا كلمة فوق كلمة الغضنفر
كثرو لعصيتهم اللبن و ماعو
و شكون يكول جدة سفت يا حضار
***************************
كولو ل هداك كولو له كولو للآخر كولو له
كولو له الى ما فهم دابا ليام توري له
كولو للايمي كولو له
كولو للايمي را لغدر حرام الا لة
****************************
الى انا معذب صابر الى انا مهجور نكابر
الى انا كلتو هاجر الى انا كلتو نافر
الى انا كلتو قفل عاسر ذي ليام راه ياسر
غير خليو اللي مابغا يفهم لا تكولو له
دابا ليام توري له وا دايني يا دايني
************************
الى انا معذب مهجور الى انا منبوذ محكور
غير انجا ليا انت خليني نجاري و ندور
و نقاوم غرق لبحور غير ما تصيبك كلتة
لكن امتى بلا ما يكولو ليك تفهم أنت
وا دايني يادايني
المرجع:كلام الغيوان-عمر السيد - نشر اتحاد كتاب المغرب -الطبعة الرابعة 2004-صفحات 37-38

25 - نوفمبر - 2008
تمتمات
الحـوار عندنا.. !!    كن أول من يقيّم

26 - نوفمبر - 2008
مصالحاتنا ومصالحاتهم !
" من خربشاتي.."    كن أول من يقيّم

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
اقتـرافات من إنجازي .
                           عبد الحفيظ .
.

26 - نوفمبر - 2008
" العين الرقمية "
تابع لما قبله..    كن أول من يقيّم

 
 
روبورطاج
مجموعة ناس الغيوان
حميد اتباتو(المساء)
 
فكرة تأسيس مجموعة «ناس الغيوان» كانت صيغة أنتجها وعي اختلال أهداف التجربة المسرحية التي ارتبط بها رواد المجموعة وانفتاح بعض الأعضاء على الأفكار الجذرية خاصة بعد الجولة في فرنسا، لأنه كما تقول مجموعة من تصريحات هؤلاء ففكرة الغيوان برزت بعد الإحساس ببعض الحيف داخل التجربة السابقة والتعرف على بعض الأسماء ذات العلاقة بالفكر اليساري العالمي أو العربي.

استحضار بوجميع نجم الغيوان الراحل، في ذكرى وفاته الرابعة والثلاثين، بأية صيغة له قيمة لأن ذلك يعني محاربة النسيان أولا، واستحضار الكبار بيننا إلى الأبد ثانيا وتوجيه كلمة لكل الصغار تقول: «إن آلة الزمن والموت بكل جبروتها لن تغيب إلا الأقزام أما الكبار فيخلدون في الذاكرة الجماعية إلى الأبد» وبوجميع هو أحد هؤلاء لأنه بنى الأرضية الفكرية والفنية لأغنية الاحتجاج الغيوانية بشكل صلب رفقة أعضاء المجموعة طبعا، إلا أن بصمته كان لها ما يميزها لأنه وعى الحاجة إلى هذه التجربة كما وعى وظائفها التاريخية ولهذا بالضبط اختار لها مرجعيات خاصة، كما اختار لها ملامح تميزها مباشرة بعد تأسيسها، وهذا ما تؤكده أشياء عديدة يمكن استخلاصها من خصوصية التعبير الفني، والخطاب الفكري للتجربة في بدايتها ومن تصريحات أخرى تقول عكس هذا، وتجعل من التجربة نتاجا للصدفة وحدها وللتوجيه العام الذي فرضه السياق التاريخي على أفق التجربة، فاعلية وعي التأسيس للغيوان مع بوجميع، وفاعلية تأصيل مشروعها مع باطما وبقية الرواد هي ما يمكن الوقوف عنده قبل العبور إلى تعبيرية هذه التجربة عن الأعماق وعن جراح كل الأزمنة.
الوعي التأسيسي

وحده الفكر التبسيطي الذي يمكنه اعتبار تجربة الغيوان نتاجا للصدفة، وذلك لأن أشياء عديدة تدل على ذلك منها أساسا تبلور فكرة الفرقة من داخل تجربة فنية أخرى لا يمكن القفز عليها في حديثنا عن الممارسة الإبداعية الفاعلة في المجال المغربي، وهي تجربة الطيب الصديقي التي تم توجيهها من طرف أصحابها بشكل واع يخدم غايات مختلفة عما كان سائدا. فأن يختار الصديقي ومعه عبد الصمد الكنفاوي والبقية الانفصال عن التجربة المسرحية الرسمية ويرتبطون بالمسرح العمالي أولا، وأن تستثمر دروس وتداريب المؤطرين الفرنسيين خاصة أندري نوازان لبناء ملامح مسرح شعبي مرتبط بالعمق الثقافي للمغرب على مستوى الفضاء والملابس وشكل المكان المسرحي وباقي مكونات الفرقة المسرحية فذلك يبين أن كل ما يتولد عن هذه الممارسة لن يكون من عدم، بل سيكون نتاجا لهذا الوعي التأصيلي الفاعل الذي تبلور عن هذا النوع من الممارسة المسرحية وهذا ما ينطبق على أغنية الغيوان التي حاولت الانطلاق من الأسس التي حكمت بناء الفرجة والممارسة الفنية التي ارتبط بها أعضاء الغيوان قبل الانتقال إلى العمل داخل المجموعة خاصة بوجميع والعربي باطما. وحتى لو افترضنا غياب رؤية واضحة متحكمة في إنتاج فكرة التأسيس للمجموعة وبناء أفق فاعل لها فإن أثر الوعي التأصيلي الذي حكم تجربة الصديقي الذي كانت وراءه أسماء أخرى بارزة مثل عبد الصمد الكنفاوي. والطاهر واعزيز وغيرهما هاجر بالضرورة إلى التجربة الجديدة وتحكم فيها ولو بشكل غير واضح.
ما يدعم هذا أيضا هو أن فكرة تأسيس مجموعة غنائية كانت صيغة أنتجها وعي اختلال أهداف التجربة المسرحية التي ارتبط بها رواد المجموعة وانفتاح بعض الأعضاء على الأفكار الجذرية خاصة بعد الجولة في فرنسا، لأنه كما تقول مجموعة من تصريحات هؤلاء ففكرة الغيوان برزت بعد الإحساس ببعض الحيف داخل التجربة السابقة والتعرف على بعض الأسماء ذات العلاقة بالفكر اليساري العالمي أو العربي.
وحتى حين يرد بوجميع على مصور التليفزيون الذي لم يرقه أداء المجموعة لموال إحدى الأغاني وطلب منهم تنظيم الأداء «تكادوراه هادشي فوص نوت»، بالقول «هاد شي جديد عليك»، يعني أن المجموعة لم تكن غير عارفة بما هي بصدد اقتراحه خاصة بوجميع، وهو الأمر الذي تؤكده دلالات وقيمة الأغاني التي غنتها المجموعة رفقة هذا الأخير، ففيها تتكرس الإشارة إلى حتمية التغيير كحقيقة لا ترتفع «دوام الحال من المحال»، وروح الفداء والتضحية تؤسس للخلاص.. غير خدوني لله غير خدوني
روحي نهيب لفداكم غير خدوني
دم المغدور ما نسلم فيه
حق المظلوم أنا ما ندوزه».

التأصيل كضرورة للامتداد

ساعدت صيغة التأسيس والوعي المؤطر لها على توجيه المشروع الغيواني في الامتداد بخدمة الغايات التأصيلية التي حركتها حرقة الثقافة الوطنية داخل مجالات وحقول وأجناس إبداعية عديدة في سبعينيات القرن الماضي، فبعد أن تم استنبات هذا الشكل الغنائي الجديد في واقع الممارسة الثقافية المغربية أصبح تأصيله هاجسا لأصحابه ولكل الفاعلين الذين ارتبطوا بالتجربة لهذا سيكون التدقيق في اختيار الاسم خطوة مهمة تعلن عن خصوصية التجربة، وهكذا تم تجاوز «الدراويش الجدد» كاسم يحيل ضمنيا على تسميات برانية واقتراح اسم له ارتباط بالانتماء وبأعماق الوجود المغربي والإنساني أي «ناس الغيوان»، ولهذه الغاية لن يتم إصدار أغنية «قطتي صغيرة»، حيث تم اعتبارها علاقة فاصلة بين معنى الممارسة الفنية العفوية والبسيطة وبين المعنى الأصيل الذي سيبرز مع بقية الأغاني التي ستشكل إنجازا ثوريا يخلخل السائد الإبداعي في المجال الغنائي ويقلق الاستقبال الفني الذي نومته طويلا نماذج الأغنية التي كانت سائدة في تلك المرحلة. وما سيقترح كأوجه مؤصلة للتجربة الغيوانية هو ترسيخ الاحتجاج:
ترسيخ الاحتجاج

شكل الاحتجاج أحد أبرز أوجه هوية الأغنية الغيوانية، إنه الملمح الذي ميز أغنية ناس الغيوان طيلة مسارها وقد تم استنباته في المرحلة التأصيلية لهذه الأغنية. ذلك منذ مرحلة بوجميع، بل إن الوعي التأصيلي كان حاضرا في الفكرة التأسيسية نفسها، وهكذا ستتبنى أغنية الغيوان موقفا من الظلم وقهر الناس بل وقتلهم وهذا ما تؤكده إشارات في أغاني عديدة منها:
- «هاديك أرضي وبلادي
وباش من حق تبعادي» في غير خودوني
- «ما هموني غير الرجال إلى ضاعو
لحيوط إلى رابو كلها يبني دار» في ماهموني
- «جور الحكام زادنا تعب وقسوة
لا راحة ولعباد في نكد وتعسيف» في سبحان الله.
هذا الطابع الاحتجاجي سيبرز في الكثير من أغاني المجموعة منها «فين غادي بيا» و«تاغنجا» و«مهمومة» و«زاد الهم» و«السيف البتار» إلخ، وعلى الرغم من أن الاحتجاج يأخذ في الكثير من الأحيان طابع الشكوى إلا أن الإشارات التحريضية لتغيير الواقع كثيرا ما تبرز أيضا لتمنح للشكوى طابعا إيجابيا وتنقلها من التباكي إلى التحميس على التغيير من أمثلة ذلك:
- «كولوا له هداك كولو له
كولو للاخر كولو له
كولو له إلى ما فهم
دابا اليام توري له».
- كلت للخي خيي اضرب الحية
كلت لخي خيي راس الحية
- بـ حكمة تميازن نكافح
ما كفات فيكم كلمة
ولا غمزة من عين الحال
- ماشي بصياح الغراب كا تجي الشتا
والله وما قفلنا لا فورنا
لقد ترسخ الاحتجاج كوجه أصيل في الأغنية الغيوانية إلا أن الذي ساهم في تأهيلها أكثر هو الارتكاز على التراث الشعبي.

التراث الشعبي لمخاطبة المشترك

لقد ساهم الاحتجاج في تمييز الأغنية الغيوانية، وعلى الرغم من أن وجهه البارز قد تجلى في الكلمات إلا أن أوجهه المهمة الأخرى قد برزت من خلال أبعاد أخرى منها طريقة اللباس، وتفجير فكرة النجومية والتماثل مع كل الناس البسطاء من خلال الملابس والكلام إلا أن الذي يعمقه أكثر هو رفض السائد في الإبداع عبر اقتراح شكل فني جديد في خطابه وعميق في إبداعيته ليس لأنه يبني خطابه على مرجعيات جديدة، بل لأنه يعتمد طرقا جديدة في الاشتغال على المألوف وعلى المشترك إلى كل المادة التراثية الشعرية والإيقاعية وغيرهما.
إن أهم إبدال اقترحته التجربة الغيوانية هو إعادة ربط الممارسة الغنائية بالثقافة الخاصة وهو ما تجلى من خلال مكونات كالمعجم أولا الذي حين الكثير من الكلمات المغربية وساهم في إعطائها حياة وقيمة، فعبر ناس الغيوان أدركنا القدرة التعبيرية الباذخة للغة الخاصة التي كانت الكثير من الأصوات العالمة ترى أنها ليست لغة للإبداع بل للتواصل السوقي من طرف العامة، كما أدركنا كثافة المعنى التي يستدعيها التوظيف الفاعل للقاموس الخاص ولسحر اللغة الخاصة وحميميتها كما في النماذج التالية التي تحفل بها أغنية الغيوان: «الصينية – الجود – الغيوان – المحراث - ركوب الخيل – اللامة – الكلب - الحومة – الدوار - الرجلة – الكندرة – المهماز – الخيمة» إلخ. هذا الفعل من القاموس المشترك الدال سيتوارى مع النهل المشترك الإبداعي خاصة الإبداع الشعري، وهكذا شكلت إنتاجات المجاذيب والبوهالي والشعراء المجهولين وكلام الشيوخ مرجعية استلهمها الغيوان لتأصيل كلامهم، ونفس الشيء حصل مع الآلات، حيث تم الارتباط بعناصر محددة لها أصالتها وقيمتها الثقافية والرمزية والإيقاعية، خاصة السنتير والبانجو والطام طام والدف والدعدوع الذي توقف حضوره برحيل صاحبه بوجميع.
الشيء الآخر الذي ارتكزت عليه تجربة الغيوان لتأصيل ملامحها هو الموسيقى التي نهلت من الإيقاعات المحلية، خاصة بعض التعبيرات ذات الحمولة الصوفية مثل الحمدوشي والكناوي أو النغمات ذات الارتباط بأنماط خاصة من الرقص والغناء مثل الملحون والآلة وأفلال إلخ. الأهم في هذا الجانب هو أنه استطاع أن يطبع الإبداعية الغيوانية وأن يعطيها بعدا شعبيا وأن يحقق لها التواصل الفاعل مع قاعدة جد عريضة. وإضافة إلى هذا خدمت موسيقى الغيوان المعاني التي انشغلت بها أشعار المجموعة ورسخت أكثر تعبيرية الأعماق كميزة لهذه الأغنية.

27 - نوفمبر - 2008
تمتمات
هل الصدفة كلمة عربية ؟؟    كن أول من يقيّم

 
 
مضى زمن كان فيه المبدع يحيط نفسه بعدد من القواميس المتنوعة التخصصات ؛ لا يشك في كلمة إلا ويبحث عنها ، ولا يهدأ له بال حتى يتأكد من معناها وصحة استعمالها .
كل ذلك بدافع الحرص على أشياء تعتبر في غاية الأهمية لكل كاتب مسؤول منها : الحذر من ارتكاب خطأ قد لا يغفره القارئ ، وتجنب الإساءة إلى اللغة العربية، والخوف من أن يصغر في أعين القراء بعد اكتشاف مستواه اللغوي الضحل.
إن الكاتب الحق هو ذلك الذي يحترم اللغة ويتعامل معها تعاملا لا يشي بالاستهانة بها. أليْستْ بحْـرا ؟ بلى ورب الكعبة إنها كذلك.
لذلك يُقرفني أحيانا استخفاف بعض مبدعينا الشباب الذين لا يخجلون من صفع القارئ بعدد كبير من الكلمات التي يوردونها في غير مواضعها؛ جاهلين استعمالاتها ومتكاسلين عن البحث عنها في المعاجم ..
ولقد أدهشني عنوان ديوان شاعر كنت أراه أحد الشعراء المغاربة الجدد الذين يحترمون أنفسهم ويجِدُّون في تقديم ماهو جيد .إنه الشاعر جمال الموساوي الذي اختار لمجموعته الشعرية الثانية عنوانا أراه غريبا جدا وهو "مَدِينٌ للصُّدْفَةِ" مع أن كلمة "الصُّدْفة" لا أصل لها في اللغة العربية .
من أين جاء بها إذاً؟ إنها لا توجد إلا في اللهجة المصرية وأغاني عبد الحليم وشادية ،وبعض النصوص التي لا يعتبر أصحابها حجة في اللغة كجورج جرداق الذي تغني له أم كلثوم :
صدفة أهدت الوجود إلينا وأتاحت لقاءنا فالتقينا
والموجود في العربية "الصَّدَفَة" (بفتح الصاد والدال) أي المحارة والقوقعة؛ ويقابلها في الفرنسية (le coquillage) .
أليس هذا مثالا على كسل المبدع وتهاونه واستخفافه بالعربية العظيمة.
من أين لك يا أخي الشاعر بكلمة صُدْفة المضمومة الصاد والساكنة الدال؟ لمَ لمْ تكلِّف نفسك عناء البحث في أبسط المعاجم كمنجد الطلاب - مثلا- إنك شاعرٌ وعضو اتحاد كتاب المغرب، وتكتب منذ التسعينيات لكنك الآن تقدم للقارئ ما ينال من مستواك .
ما ضرك ياأخي لو أنك قمت بتشغيل محرك البحث في الأنترنيت حيث يوجد عدد كثير من المعاجم القيمة كلسان العرب وحاولت التأكد من الكلمة .ارجع إلى لسان العرب والمحيط وأساس البلاغة وتاج العروس و.. و.. و لتعرف حجم الصفعة التي اعتمَدْتَها عتبةً أولى لديوانك الثاني وبئس هذا النوع من العتبات . كان عليك أن تقول : "مَدينٌ لِلْمُصَادَفَةِ" من فعل صَادَفَ ،يُصَادفُ . وليس صَدَفَ يصْدِفُ صَدَفًا وصُدوفًا بمعنى عَدلَ وأعْرَضَ( أنظر اللسان).
هذا وقد استفزتني عبارة أخرى في إحدى قصائدك، أوردتَ فيها الضمير "إياها " الخاص بالنصب في موضع الجر وهي قولك ".. في الفجوة إياها " هلا تفضلت عزيزي الشاعر بإعراب هذا الضمير إنك تصدمني وتصدم عشاق الشعر؛ وعليك أن تعتذر إليهم لأنك أسأت إلى اللغة والشعر وإليهم.
محمّـد شعّــــو HESPRESS.com
 
Tuesday, November 25, 2008
 
*

29 - نوفمبر - 2008
صدفة
عقدة السيد الحيوان ..    كن أول من يقيّم

 
عندما نتأمل الإشهار الذي يتم إبداعه هذه الأيام حول الخروف، يمكن أن نخرج باستنتاج فوري هو أن الإنسان، من شدة ما «شطّحو» الحولي، لم يجد من وسيلة يرد بها ثأره سوى أن «يشطحه» هو أيضا، ولو بالرسوم المتحركة وبالتلفاز (أقصد التلفاز طبعا) من تحت الجلابة!
لقد تحول الخروف الى عقدة كبيرة، ربما تضاهي عقدة أوديب لدى الغربيين.
فهذا أوديب، حسب الأسطورة الإغريقية القديمة، قتل أباه، ومن ذلك التاريخ، أما نحن فلنا حكاية سماوية أرفع تقول لنا بأن أبانا إبراهيم أراد أن يقتل ابنه إسماعيل، عليهما من الله السلام، فأنقذه ...حولي نازل من السماء.
نحن مدينون للغاية للخروف، ولعله من سوء حظ الغربيين أن السماء، في العهد الإغريقي كانت مليئة بالآلهة، ولم تكن لهم خرفان في الأولمب، باستثناء نعجات قليلات أخذها عوليس، كما تعرفون عندما تم مسخه.
في يوم أمس، كان صديقي جالسا إلى جانب صاحب الطاكسي الكبير يتحدثان عن الخرفان، وعن أنواعها، من السردي إلى الدماني إلى الشركي، وما إلى ذلك، وعن الأسباب التي تجعل الواحد منها خير من الآخر، وتبين لي من الحديث أن هناك حاجة ماسة الى دليل، كاطالوغ عن الخرفان.
لتتصوروا كيف سيكون إقبال الناس على كتاب أنيق، بورق صقيل، على الغلاف خروف «واقف»، وهو يحمل بين يديه شجرة الأنساب، مثل ما يحدث للكلاب «الدالماسية» التي تفتخر بلونها التي يجعلها قريبة من الحمير الوحشية.
ولابد من أن يضم الكاطالوغ تاريخ سلالات الخرفان، كما يليق بكل الأنساب العريقة والنبيلة.
ولعل النعجة دولي، هي الوحيدة التي لا تحتاج إلى دليل من هذا القبيل، لأنها مستنسخة، ولا يمكن أن تلد إلا مستنسخا ..نجانا الله وإياكم منه في هذا العيد.
وبالمناسبة، أتساءل، لماذا كل هذا الضجيج بخصوص استنساخ الخرفان، والحال أنه كان يكفي بأن نترك «الصوف» يكثر في الوسائد بدون تنظيف، لكي تتوالد الخرفان تحت رؤوسنا!
وعلى كل لابد من دليل، فقد نعرف مثلا أحفاد الخروف الذي نزل على سيدنا إبراهيم عليه السلام، وماذا فعلت بهم الأزمنة من بعد، وعن أحوال الخروف الذي ذبحه كسيلة ثم لطخ به ذقنه متوعدا عقبة بن نافع الفهري بالقتل، أو نعرف لماذا، في لحظة بلادة عضوية يتحول نفر من البشر إلى قطيع، وهو يعتقد بأن صراخه الجماعي صراخ من أجل الحرية، وهو في الواقع «بعبعة بدون طحين».
خرفان «بانيرج»، المعروفة في الحكاية، تتسابق بمجرد أن ينطلق الخروف الأول، حتى أنها ارتمت في البحر بعد أن رمى الخروف الأول نفسه وسط الأمواج، ولم تلتفت لكي نتأكد ما إذا كانت تبتسم أم لا؟
بالفعل، علينا أن نتأمل، ونتساءل لماذا يعتزل الأسود بعضهم بعضا، في حين تتدافع الخرفان نحو بعضها كما لو أنها مجرورة باندفاعة نهر كبير..؟
ولعلنا سنكون سعداء بمعرفة السبب الذي يجعل البشرية ...قطيعا يساق الى المسلخة، والموسيقى تصدح صاخبة، كما في شعوب الدكتاتوريات.
الجزارون من البشرية، والخرفان أيضا..
ومن حوليات السياسية أن الخرفان ضرورية في الحملات الانتخابية، كما أن نوعا من الساسة ...حولي!(من الحول، السنة)، كما جاء في قصيدة الشاعر الجاهلي ( ومن يعش ثمانين حولا لا أب لك يسأم)!
وهناك الموظف الحولي، الذي يطل من سنة الى أخرى على مكتبه،
والنائب الحولي، الذي يحضر مرة في السنة إلى البرلمان، والصحافي الحولي، الذي يكتب مرة كل سنة مقالا..
وطبعا هناك الحولي الحولي، الذي يشحذ قرنيه مرة كل سنة !
ولعلنا كنا نعتقد أن بعض باعة الهوى، نساء ووسطاء كانوا ينتقمون من الخليجيين الأثرياء فيسمونهم بالحولي في عين الذياب، إلا أن علينا في الواقع أن نطرح ما إذا كانوا في الواقع ينتقمون من ....الحولي الذي يعذبهم الحصول عليه.؟
نحن الآن أمام مرحلة حولية حاسمة، ولا يمكن أن نستهين بها في ظل الظروف الصعبة التي تمر منها الأمة، خصوصا وأن الدم الذي يسيل من أبنائها لا يقل عن دم خرفانها في أيام العيد!
*
 كسر الخاطر
عقدة السيد الحيوان
عبد الحميد جماهري (ج .الاتحاد الاشتراكي المغربية )

29 - نوفمبر - 2008
مقالات طريفة ولاذعة
هشام الحمدوشي..    كن أول من يقيّم

اللاعب الأول عربيا وأفريقيا.(منذ عشرين سنة )
 
هشام الحمدوشي
 
في الحوار التالي الذي أجراه موقع «ماروك إيشيك» يشرح هشام الحمدوشي دواعي اختياره الانضمام للمنتخب الفرنسي للشطرنج. ويفتح النار على مسؤولي الجامعة.

- من يتحمل مسؤولية غياب المغرب عن أولمبياد الشطرنج بدريسدن الألمانية؟
< في نظري الأمر ليس سوى أحد أعراض المرض الذي أصيبت به الجامعة منذ سنوات، لقد اعتقدنا أننا نجحنا في الخروج من النفق بعد انعقاد الجمع العام في 2 نونبر الماضي، لكننا للأسف أصبنا بالخيبة..لن تختفي المشاكل بضربة عصا سحرية بل بالانكباب على معالجة الوضع الداخلي لرياضة الشطرنج.
- وكيف يمكن أن نصل إلى حلول لتجاوز الوضع الحالي؟
< نتوفر على كفاءات على جميع المستويات باستثناء مستوى قيادات الجامعة..لدينا فريق قوي وتنافسي ومواهب شابة: مخلص عدناني وعلي الصبار ورشيد حفاد وآخرين إلى جانب منظمين ذوي كفاءة عالية وهو ما تعكسه الدوريات المنظمة بشفشاون والرباط وطنجة، لكن للأسف لم تتم الاستفادة من هذه الطاقات لأننا نحتاج إلى مسؤولين قادرين على تأطير هذه الكفاءات والاهتمام بها، وجلب مستشهرين للجامعة..
- وكيف ترون المتابعة الإعلامية الوطنية لرياضة الشطرنج بالمغرب؟
< لاتنقصنا الإنجازات لأننا حصلنا على نتائج جيدة في السنوات الأخيرة، وهو ما حقتته مثلا الأختان العمري على المستوى العربي والافريقي والشاب أيت حميدو وتيسير الذي فاز بالميدالية الذهبية بأولمبياد كالفيا، كما أنني توجت بإحدى الميداليات بالألعاب الأولمبية بتورينو.ومازلت اللاعب الأول عربيا وافريقيا منذ عشرين سنة. لعبت نهاية لاتنسى بالجائزة الكبرى ببوردو أمام البطل الروسي كاربوف سنة 2005، ومرت هذه الإنجازات أمام صمت وسائل الإعلام المغربية. إذن، هل يجب لوم الهيئات العمومية لأنها لا تكافئ كل هؤلاء الأبطال؟ أمر ممكن لكن بالمقابل يجب أن نلوم المسؤولين عن الشطرنج لأنهم لم يستفيدوا من هذه النتائج.
- لن تشارك في الأولمبياد المقبل مما يعني أنك في عطالة تقنية لا إرادية، كيف ترى هذه الوضعية؟
< منذ سنتين، أصبحت قادرا على اللعب في اللائحة الفرنسية ولم يعد اللاعبون المصنفون المغاربة يتوفرون على الترتيب «إيلو» مما يعني حرماني إلى جانب تيسير وعنقود من تمثيل المغرب في البطولات الافريقية والعالمية.
لقد ندد اللاعبون المغاربة بالاختلالات والتجاوزات التي تمارسها الجامعة الملكية المغربية للشطرنج ووزعنا البلاغات الصحفية على الصحف نكشف فيها ماآلت إليه الأوضاع في الجامعة لكن الأمور لم تتغير أبدا.
لقد مثلت لي تلك الألعاب الأولمبية آخر فرصة وكان يجب الحفاظ على تواريخ الأولمبياد، لأن العديد من اللاعبين المغاربة اضطروا إلى تعليق حصصهم الدراسية ومنهم من قام باقتناء تذاكر الطائرة للسفر إلى دريسدن ليتم إخباره، وأقصد إسماعيل كريم أن السفر قد تم إلغاؤه قبل يوم واحد.
أبانت مناظرة الصخيرات والجمع العام الأخير أن الأمور في طريقها للتغيير، لكن ذلك سيتطلب وقتا طويلا..
- هل صحيح أنك ستغادر المنتخب الوطني لتلعب بالألوان الفرنسية؟
< لقد احتضنتني فرنسا في بداياتي الرياضية وهناك عشت أولى تجاربي في رقعة الشطرنج من خلال مشاركتي في الجوائز الكبرى لكاب داجد وبوردو، وكنت أحصل على جوائز مادية نظير مشاركاتي في الدوريات. لهذا قررت أن أغير اللائحة في يناير 2009 مما سيتيح لي التعرف على رهانات جديدة وأن أصبح لاعب شطرنج بكل ما تحمل الكلمة من معنى. لن أنتظر متى سيتم تصنيفي في الدرجة «إيلو» وهل سأتوصل بتذاكر الطائرة أم لا لأشارك في دوري دولي..إنها فرصة لاتعوض وحان الوقت المناسب لاغتنامها خصوصا عندما أفكر في صديقي على صبار الذي حرم من تمثيل بلده الأصلي المغرب.
قبل 16 سنة، تم حرماني من المشاركة في بطولة العالم للشباب لأن الجامعة لم تدفع للاعبين المغاربة المصنفين. أحسست وقتها بالخيبة لأن حظوظي كانت كبيرة لصعود منصة التتويج، ووقتها غيرت طريقة تفكيري في طرق ممارسة الشطرنج على غرار أصدقائنا المصريين الذين حققوا نتائج رائعة بإمكانيات تماثل إمكانياتنا..
الحمدوشي: سأطوي صفحة المغرب
ترجمة - سعاد رودي
جريدة المساء.
 

29 - نوفمبر - 2008
الشطرنج آراء وأخبار وطرائف
 62  63  64  65  66