البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات ضياء العلي

 60  61  62  63  64 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
شمس الله تشرق .....    كن أول من يقيّم

صباح الخير أستاذ زين الدين :
 
أشكر لك متابعتك وملاحظاتك الدقيقية ، وأظن بأن كاتبة المقالة تتوخى من قولها في تعريف " الأدب الإسلامي " إدراج فكرتها ضمن مقولة " عالمية الأدب والإبداع الإنساني " وأن شعوباً وطوائف أخرى شاركت في بنائه وهي فكرة إيديولوجية أيضاً تفتح الباب لبعض " المشاركين " خصوصاً في الأندلس . هذا لا ينفي بأن المؤلفين الأشد تأثيراً في مخيلة الغرب الأوروبي هما : " كليلة ودمنة " و " ألف ليلة وليلة " وهي ليست مؤلفات عربية ولا إسلامية بالمعنى الحرفي والدقيق للكلمات إنما هي مما احتضنته واحتوته ( ثم نقلته ) هذه الثقافة .
 
ولا شك عندي في أن كتابتك لاسم المستشرقة الألمانية بهذه الطريقة " زيغريد هونكه " هو الأصح لأنك تعود به إلى أصله بينما ترجمته أنا عن الفرنسية . أما ترجمة الكتاب إلى العربية فأنا لم أطلع عليها ، وترجمة العنوان على هذا النحو : " شمس العرب تسطع على الغرب " أجدها باهتة ومسطحة بعض الشيء فأنا أميل بطبعي إلى تحميل الكلمات أبعاداً جمالية وانفعالية خصوصاً وأن الكاتبة تقصدت البحث عن عنوان باهر وأفضل أن نقول : شمس الله ، وتشرق بدلاً من تسطع .
 
ولك خالص الشكر والتحية .

15 - مارس - 2008
أثر الأدب الإسلامي في دراسات الأدب المقارن 1
شوقتنا يا أستاذ أحمد    كن أول من يقيّم

عندما قرأت تعليقك الأول ، خطر لي بأن أهديك أغنية فيروز " انشالله ما بو شي " ، لأنك في كل مرة كنت تعدنا " بأخبار " جديدة عن إنجيل بارنبا ثم تتركنا على عطش ، فأردت أن أقول لك ( من باب الممالحة ):
 
خبرني عن أخباره ، وشو أخباره ؟ انشالله ما بو شي
كل مرة بصدف جاره ، وهيدا جاره ، ما بيخَبِّر شي !
 
لكني بحثت عنها على الأنترنت ولم أجدها .
 
وعدت فوجدتك قد نشرت منه مقطعاً ولم تتمكن من الثاني لأسباب فنية تصادفني أحياناً عندما أقوم بنشر بعض الملفات ، أرجو ان يتمكن الأستاذ زهير من مساعدتك في هذا .
 
شوقتنا يا أستاذ أحمد ، مرة لبيروت وربيع لبنان ، ولا بد أن اللوز قد أزهر ، وهو أجمل ما في الربيع . ومرة أخرى لمتابعة بحثك الهام عن إنجيل بارنبا ... شكراً لك مشاركتك الثمينة جداً في ملف ابن خلدون وكل التمنيات بأن تتمكن قريباً من طبع كتابك الجديد .
 

18 - مارس - 2008
إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟
حكاية الكومبيوتر الذي انطفأ    كن أول من يقيّم

أستاذنا الكريم الدكتور أحمد إيبش
أجدني بغاية الأسف لتأخري بالرد على تعليقك الأخير . أضعت كل شيء لوحة المفاتيح والجهاز والملفات كلها ضاعت .... أبحث عن النقطة والفاصلة فلا أجدها إلا بصعوبة ولولا أني أحفظ مكان الحروف على لوحة المفاتيح لما استطعت الكتابة الآن . لست على مكتبي وهذه برقية مستعجلة أعتذر بها عن تأخري السابق واللاحق . أعتذر أيضاً للعزيزة لمياء عن عدم تمكني من التعليق على أقصوصتها التي نشرتها في ملف البنت التي تبلبلت وهي بنظري من روائع الكتابة الأدبية . سأعود لأكتب عن هذا الاكتشاف يا لمياء عندما أتمكن من استعادة أشيائي التي أجمعها من حولي وتشكل لي طقوس الكتابة . والحكاية هي أن هذا الجهاز العتيق  كانت تبدو عليه إمارات اللخبطة وقلة الهمة منذ مدة ، لكني  لم أكترث له كثيراً . وآخر مرة منذ أيام ، ابتلع بحثاً عن تاريخ نشأة الإنسية أمضيت في كتابته أكثر من ساعتين ، فأصابتني منه الحمى وعضبت عليه وأطفأته ، ثم أعدت تشغيله بعد مدة لأرى ما حدث له بالضبط ؟ .... عندها ، سمعته يهأهأ ثم يجعر بقوة وهو يحاول الدوران ، فكان صوته يعلو ثم يهبط ليعيد المحاولة من جديد وذلك قبل أن تصيبه رعشه مباغتة ، أطلق معها الروح ثم انطفأ . قلت لنفسي بأنه قد مات ولم يعد هناك فائدة ترتجى منه ! وأعدت تشغيله مرة أخرى لكنه رفض أن يستجيب ، وظل مشلول الحركة ، فقررت بأنه قد وقع بالكوما ربما ، ثم قلت لنفسي بأنه لو كان مرضه من صنف مرض أرييل شارون الذي لا يزال بالكوما منذ سنتين ، لتحتم علي شراء جهاز جديد .
لكن ابني آريان مصر على أنه جهاز ممتاز ، رغم كل ما حدثتكم عنه ، وأن بإمكانه إعادة الحياة لتدب في شرايينه من جديد . أنا أنتظر أعجوبة ، ولا زلت بالانتظار .
 

25 - مارس - 2008
إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟
عن الأمير والحب وأشياء أخرى    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم

إلى عزيزتي لمياء أهدي هذه الترنيمة أعبر فيها عن امتناني وسعادتي لما جادت به علي ، وعلى هذا الملف المجبول باللوعة ، من إضاءة فريدة وصاعقة ، أشاعت الدفء في حنايا نفسي ، وما أضافته إليه من سحر بيانها وألق روحها الشاعرة : 
 
حكايات العشق والقلوب تشبه نفسها في كل مكان وزمان ، لكن في كل مرة ، ما بين الدهشة والرحيل ، تبحر بنا الكلمات نحو عالم من الكشف ، عالم من السحر يتربع في حنايا النفوس لا تدركه سوى الحروف المضيئة النابضة التي تترقرق بماء الحياة ويتقطر منها فيض من الجمال  .
 
أغمضت عيني على هذه الأقصوصة فانقشع المشهد من أمامي ، ورأيته في ثيابه البالية فارساً وأميراً يمتطي صهوة الريح على سجادة حاكتها له امرأة تسكن على تخوم الشرق البعيدة . كانت يتيمة ومنبوذة في أهلها فعاشرت الريح واستسلمت لعناقها ، وسكنت صحراء الرمال العقيمة ، وانتبذت لنفسها هناك مكاناً قصياً لتحيك من دموعها ومن خيوط قلبها سجادة بلون الدم ، سكبت فيها صوتها وحزنها وعنفوانها والولع المعشش في الحشايا كله على شكل رسوم أطبقت فيها على المعنى الوحيد الذي أدركته ثم قالت له : " خذها وارحل ، هذا كل ما عندي ، انت ابن الريح وقد نذرتك للرحيل " :
 
 فكان شريد الزمان ومشرَّده، وعاشق الأكوان ومعَذَّبها، وكان يرسم لنفسه في كل يوم عبلة جديدة ، ويبقى عنترة بكل المقاييس . ولعله كان أعف من على الأرض ، إلا أنه كان أجمح من من سكب خياله فوق أوراق تموج "
 
ولما رأيته هناك منتصباً في تلك الساحة ، عرفته للحال ، بقامته الفارهة وشعره المنفوش حول رأسه كأنه رادارات ذهبت لتستطلع في كل اتجاه .
الثلج غطى الساحة ، والرسامون قل عددهم بسبب البرد وتناقص عدد السياح ، لكني عرفت من بينهم صاحب المعطف الأخضر ، كأنه من مخلفات حرب ستالبنغراد ، بذلك الحذاء العسكري الضخم الذي فتح شدقه من الأمام  بفعل الزمن حتى صار يتسرب منه الماء إلى قدميه الباردتين . " عشرة أيام هزت العالم " قلت في نفسي ، قد جاء للتو من الأسطورة ولم يجد الوقت ليبدل ملابسه بعد ، لكنني عرفته من ملامحه الدقيقة التي قرأت عنها في الرواية :
 
ومع هذا ، لم أكن الوحيدة المخدوعة بظله الدقيق، ولا بوجهه الشاحب، فقد كانت الأزهار والأشجار والأحجار تذكر نغمه، وكانت الرياح والأمطار تعيد لحنه، ذلك لأنه كان علما بين النكرات، ولأنه كان الوحيد الذي أدرك سر الوجود، ولأنه أول من داس على هذه الأرض دون أن يؤلمها، وآخر من خانها ومزق أوصالها، وكان حبيبها الذي قتلها ببينه .
 
ــ هل لديك شوكولا ؟ قال لي ...
وأعطيته حبة الشوكولا الوحيدة التي عندي فتلقفها مني بفرح ، وراح يأكلها بتلذذ وكأنها آخر حبة يأكلها في حياته .
ــ البرد شديد ، سنتدفأ بسيجارة . قال .
ــ أنا لا أدخن !
ــ ولا أنا أدخن ...
يذهب ليتسول سيجارة من صديقه البولوني المرابض في مكان استراتيجي ،يكاد يتجمد من الصقيع وحده هناك بقرب الباب .
 
يعطيني السيجارة فآخذ منها نفساً قصيراً ، ثم يستعيدها مني ليدخنها بنهم وكأنها آخر سيجارة يدخنها في حياته .
 
ينظر إلي بغرابة : " أليس لديك شال تضعينه حول عنقك ؟ " يسألني . وهو ينتزع من حول رقبته شاله الرقيق الناصع البياض ليلف به رأسي ورقبتي وليعقده بنعومة فوق صدري وهو ينظر إلي بنشوة قبل أن يستعيده بعد لحظات . " لا لا أستطيع أن أعطيك إياه ، إشتر لك واحداً ، اشتريته بقرب المترو ، هناك بائع يبيع القفازات والشالات بثمن قليل ، إشتريته من هناك بنصف السعر ... " , ينتزع الشال من حول عنقي ، والدفء الذي يلفني ، ونظرته الحانية التي يستعيدها ليسرح بها إلى البعيد البعيد : " أنا متشرد ولن أكون إلا كذلك ... أنا لا أملك في هذه الدنيا سوى سجادة أمي وهي لا تصلح بيتاً ، إنها ملعب الريح وهي ستحملني معها في كل اتجاه ... "
 
كان صديقه البولوني ينظر إلينا من مكانه ، " هيه فيشو ! هل وقعت على زبائن ؟ " يصرخ له من بعيد . " لا ، إنما علينا أن نبدل مكاننا لنبتعد قليلاً عن المدخل ، هكذا يريد الحارس " يجيبه ، " أسرع ، هيا بنا ! " يقول . 
 
وبالرغم من أنه لم يكتب لحكايته نهاية ، ولا لأثره عنوانا، إلا أن اسمه ظل يتردد مع الصدى وشدو الطيور، كما لا تزال روحه تنسكب مع كل قطرة ندى على شفاه الورود، فهل كان بعيني طيف إنسان أناني ؟ أم هو كان في الأزمان رحّالة وإنسان...
 
وبالرغم من أنه لم يكتب لحكايته نهاية ، ولا لأثره عنواناً ، إلا أنه في كل مرة يعود ، ليكتب حكاية جديدة يسكب فيها شيئاً من روحه ، وبضع قطرات من شذى النرجس ، وتغريدة بلبل يعشق أضواء الصباح . إنه الأخضر !
 

31 - مارس - 2008
البنت التي تبلبلت
توضيح واعتذار    كن أول من يقيّم

صباح الخير وكل التحية والسلام على الأساتذة الأفاضل :
 
تمكنت أخيراً من الحصول على جهاز كومبيوتر جديد ، لكني لا زلت بحاجة لتنظيم أمور أخرى تستدعي مني التفرغ لها وسوف تشغلني لبعض الوقت ، وأنا أعتذر عن عدم تمكني حالياً من إدارة المجالس ، ومن إتمام بعض المواضيع والنقاشات التي كنت قد بدأتها وأرجو أن تجدوا لي العذر في ذلك .  سأنقل لكم  اليوم هذه المقالة المتعلقة بموضوع الأستاذ أحمد إيبش رغبة مني في إعادة إثارة النقاش في هذا الملف الهام جداً الذي يستحق منا كل الاهتمام ، وأكرر شكري واعتذاري لأستاذنا الكبير وكل الأساتذة والسراة الذين غبت عن ملفاتهم ولم أتابعها بالشكل المطلوب :
 
أناجيـل مخفيـة وأناجيـل منحولـة
 
سعود المولى
يأتي نشر «إنجيل يهوذا الاسخريوطي» ليشعل من جديد اهتماما علميا وأكاديميا كان يثور في كل مرة كان يُعلن فيها عن الكشف عن «مخطوط» لإنجيل ما، أو لأوراق لها صلة بحياة وأعمال وأقوال السيد المسيح ... وقصة الأناجيل «غير الشرعية»، المزعومة أو المزيفة (أو الابوكريفا حسب اللغة العلمية ومعناها باليونانية: المخفية، وتسمى في الكنيسة الأناجيل المنحولة) لها تاريخ في الكنيسة يعود إلى الحقبة التي قررت فيها المجامع الكنسية شرعنة الأناجيل الأربعة المعروفة (متى، مرقص، لوقا، يوحنا، ومعها أعمال الرسل والرسائل الملحقة وهي كلها تشكل ما يعرف باسم العهد الجديد) باعتبارها وحدها »الصحيحة«، ورفض ما سواها من مخطوطات كانت معروفة ومتداولة في زمنها (أي منذ مجمع نيقية الشهير).. وهذه الابوكريفا تضم نوعا من الأناجيل، وأعمال الرسل، والرسائل، والتنبؤات الرؤيوية المنسوبة إلى عدد من تلامذة السيد المسيح وحوارييه... ومع أن الكنيسة رفضتها ونبذتها كلها، فقد جرى إحراق وإنهاء وجود بعضها باعتبار أنها هرطوقية، في حين لقي بعضها الآخر حظا من البقاء باعتبار أنها لم تكن تشكل تهديدا للعقيدة القويمة... وسمحت الكنيسة ببقاء بعض هذه الكتابات ولكن على مستوى أدنى من مستوى الأناجيل الشرعية أو القانونية (والثلاثة الأولى منها تعرف بالازائية بحسب لغة الكنيسة تمييزا لها عن إنجيل يوحنا الذي ينتمي إلى مدرسة مختلفة)، وهو مستوى الحكايات والفولكلور الشعبي وروايات وقصص القديسين... وبكل الأحوال فإن هذه الكتابات تظل شديدة الأهمية لدراسة الفرق والشيع والآراء المسيحية، والمسيحية ـ اليهودية، للفترة التأسيسية من تاريخ الكنيسة المسيحية الرسمية، إذ هي تحوي أقوالا وقصصا مروية عن السيد المسيح تعود إلى القرن الأول أو الثاني ميلادي، كما أنها تعطينا فكرة عن طبيعة الآراء اللاهوتية المتداولة آنذاك حول القضايا الكبرى مثل التثليث والتجسد والصلب والقيامة.. وقد جرى اكتشاف مخطوطات لهذه الأعمال خلال أزمنة مختلفة تعود حتى إلى العصور القديمة وصولا إلى القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين اللذين حفلا بالعديد من هذه الاكتشافات تبقى لفائف قمران أشهرها (1947) وان لم تكن أهمها... إلا أن الأناجيل والكتابات المخفية أو المنحولة ذات الشعبية في زمنها، لا تنتمي إلى أوراق قمران اليهودية بقدر انتمائها إلى الفرق والشيع المسيحية للقرون الأولى للميلاد... وتبرز هنا خصوصا اكتشافات صعيد مصر وأكبرها وأهمها في بهنسة ـ مطلع القرن العشرين ـ ثم في نجع حمادي ـ1945ـ، ومن ثم بني مزار بالمنيا حيث اكتشف مخطوط يهوذا عام ,.1978 كما أن هناك كتابات أخرى اكتشفت مخطوطاتها وأوراقها في أماكن متفرقة من أوروبا... وقد انتشرت في الغرب ترجمات كثيرة لهذه «الأناجيل المخفية»، دون أن تترجم بكاملها إلى العربية، رغم أن معظمها اكتشف في مصر أو سوريا أو الأردن وفلسطين... والمعروف أن هناك كتابات ابوكريفية تنتمي إلى العهد القديم من الكتاب المقدس حيث نجد اختلافا في كتب العهد القديم بين النسخة المعتمدة في الكنيسة الكاثوليكية وتلك المعتمدة في الكنائس البروتستانتية، كما اليهودية... فالنسخة الكاثوليكية تحوي كتبا ابوكريفية غير معترف بها لدى اليهود والبروتستانت، وان كان عدم الاعتراف لا يصل إلى حد وصفها بالهرطقة.. غير أن هذا له علاقة بالعهد القديم، وما يعنينا هنا هو تلك الأناجيل والأعمال العائدة إلى العهد الجديد وقصة حياة وآلام السيد المسيح... فهذه المخطوطات لكتب مزعومة من أناجيل وأعمال رسل ورسائل ونبوءات للرسل، تعود كلها إلى زمن تجميع الأناجيل الشرعية وقوننتها، أو إلى ما قبلها أو بعدها بقليل... وكانت الروايات الشعبية عن «طفولة يسوع» هي الأكثر شيوعا في ذلك الزمن إذ أن الناس لم تستطع أن تفهم كيف تخلو الأناجيل الشرعية من أي ذكر لسنوات الطفولة والنشأة والفتوة من حياة عيسى... (الأناجيل الشرعية تتحدث فقط عن ولادته والهرب إلى مصر ثم العودة، ثم حادثة واحدة وهو في الثانية عشرة من العمر، ثم بداية دعوته وتبشيره وهو قريب من الثلاثين)... ومعظم الأناجيل المخفية مكتوبة عادة على لسان احد الرسل (بطرس وبولس وتوما ويعقوب... وحتى برنابا المثير للكثير من السجالات الإسلامية ـ المسيحية).... وبعضها كان هو الإنجيل الرسمي لفرق مسيحية ـ يهودية بادت وانقرضت (مثل فرق الابيونيين والآسينيين والناظوريين وغيرها... الخ...)...كما أن هناك نتفا من أناجيل وكتب مخفية ورد ذكرها في أعمال كبار كتاب الكنيسة (جيروم واكليمنتوس وهيبوليتوس وابيفانوس وايزيبيوس وغيرهم) التي صارت هي المصدر الوحيد المعتمد لإعادة تجميع ما تبقى من بعض هذه الأناجيل ... وفي ما يلي نبذة عن أشهر المكتشفات المعروفة والمنشورة من هذه الكتب المخفية أو المنحولة .....

الأناجيل والأعمال «المنحولة» المعروفة والمنشورة:

«إنجيل توما» : ويوجد منه نسخ يونانية أصلية تعود إلى 3 مخطوطات اكتشفت في بهنسة بصعيد مصر مطلع القرن العشرين، ونسخة قبطية مترجمة عن اليونانية اكتشفت في نجع حمادي عام ,,.1945 وأقدم المخطوطات اليونانية يعود إلى حوالى العام 200 ميلادي... كما أن وجود 3 مخطوطات يونانية مختلفة يشير إلى أن هذا الإنجيل كان متداولا في مطلع القرن الثالث ميلادي... والنسخ اليونانية كما القبطية طبعت ونشرت وترجمت إلى عدة لغات.. والمخطوطة القبطية الأصلية موجودة اليوم في المتحف القبطي في القاهرة القديمة، كما أن المخطوطات اليونانية موجودة في 3 مكتبات بريطانية (اوكسفورد، لندن، وهارفارد)... وتوما حسب الشائع هو ديديموس يهوذا توما الذي كان محترما جدا في الكنائس السورية الأولى باعتباره رسولا وأيضا أخا توأما للمسيح (كلمة توما بالعبرية تعني تؤام: وكذلك كلمة ديديموس اللاتينية، ولاحظ أيضا أن اسمه يهوذا)...وقد جاء ذكر هذا الإنجيل في أعمال هيبوليتوس في مطلع القرن الثالث ميلادي.

2ـ «إنجيل المصريين»: وما يوجد منه اليوم نتف متفرقة باللغة اليونانية يذكرها اكليمنتوس الاسكندراني (عاش في أواخر القرن الثاني) الذي يبدو من كتاباته (كما من كتابات غيره) أن هذا الإنجيل كان معروفا ومتداولا بين المسيحيين المصريين في القرنين الثاني والثالث.. وهذا النص المصري يختلف عن إنجيل آخر يحمل نفس الاسم إلا انه قبطي اكتشف في نجع حمادي وهو اليوم محفوظ في المكتبة القبطية.. أما الإنجيل المصري الذي يذكره اكليمنتوس فهو يقوم على تعاليم زهد وعفة جنسية ينسبها إلى السيد المسيح...

3ـ «ورقة البردى رقم 840»: من مكتشفات بهنسة في صعيد مصر وهي عبارة عن ورقة واحدة تحوي باليونانية حوارا بين المسيح وأحد الفريسيين الذي تذكر المخطوطة انه رئيس الكهنة في معبد القدس... جرى اكتشاف المخطوطة عام 1905 وهي اليوم في متحف جامعة اوكسفورد...

4ـ «الإنجيل المخفي ليعقوب (جيمس)»: وهو ترجمة قبطية عن نص يوناني يحوي تعاليم السيد المسيح على شكل حوار بينه وبين اثنين من تلاميذه هما بطرس ويعقوب، ويقول النص معرفا بنفسه إن عيسى المسيح أوحى به بعد قيامته من الموت، إلى أخيه يعقوب العادل الذي كتبه بالعبرانية على شكل رسالة إلى جماعة من المسيحيين... اكتشف في نجع حمادي عام 1945 ويرجح انه كان قد دفن هناك في القرن الرابع... وهو اليوم في المتحف القبطي... وهو يختلف عن الأناجيل الازائية أو الشرعية في انه لا يحتوي على قصة أو رواية للأحداث وإنما مجرد أقوال ونبوءات وحكم وأمثال وقواعد وقوانين منسوبة إلى المسيح... والمعروف في أوساط الغنوصية المسيحية الأولى أن يعقوب العادل هو «أخ» المسيح وأنه تولى رئاسة كنيسة القدس بعد عيسى...

5ـ «الإنجيل السري لمرقص»: وهو مقطع من نسخة أولية قديمة لإنجيل مرقص تحوي رواية عن قيامة شاب صغير من بين الأموات، وطقس انتساب إلى فرقة سرية، ولقاء بين المسيح و3 نسوة... والنص كان محفوظا باليونانية ضمن مقطع من رسالة لإكليمنتوس الاسكندراني يدين فيها فرقة الكاربوقراطيين الباطنية (التي عاشت خلال القرن الثاني للميلاد)... اكتشف الباحث الأميركي الدكتور مورتون سميث هذه الورقة المخطوطة عام 1958 في دير مار سابا الموجود على مسافة 12 ميلا جنوب شرق مدينة القدس... ودلت الأبحاث اللاحقة أن تاريخ النسخة المكتشفة من رسالة اكليمنتوس يعود إلى النصف الثاني من القرن الثامن عشر، وهي منسوخة على الغلاف الخلفي لنسخة من مجموعة رسائل اغناطيوس الإنطاكي (عاش في مطلع القرن الثاني) تعود للعام ,,.1646 في الرسالة الخاصة بإكليمنتوس يجيب هذا الأخير على أسئلة وردته بخصوص «إنجيل سري»لمرقص... حيث يبدو أن هناك إنجيلين لمرقص: واحدا للعوام، وآخر للخواص من الصوفيين الغنوصيين (العرفانيين الباطنيين) الذين يفهمون وحدهم لغة الأسرار والالغاز ويعرفون تأويلها...

6ـ «الإنجيل المجهول»: وهو عبارة عن 3 أوراق بردى اكتشفت في صعيد مصر مطلع القرن العشرين ونشرت عام 1935 (وهي اليوم محفوظة في المتحف البريطاني في لندن).. وقد دلت الأبحاث إلى أنها تعود للنصف الأول من القرن الثاني.. وهي باليونانية وتحوي أقوالا وقصصا عجائبية وغريبة عن السيد المسيح.. القصة الأولى هي عبارة عن حوار عنيف بين عيسى وقادة اليهود حول تفسير أمور في شرع موسى، تبعها محاولة اليهود الإمساك به لقتله، وفشلهم في ذلك «لان ساعته لم تكن قد حانت بعد».... والقصة الثانية رواية لحديث عيسى عن دفع الضرائب للسلطة (أعط لقيصر...) وأخرى عن معجزة له على ضفة نهر الأردن... وقد أشار الباحثون إلى ورود هذه القصص في الأناجيل الازائية الشرعية إلا أنها هنا أكثر بدائية مما يشير برأيهم إلى كون هذا المخطوط أقدم تاريخا من الأناجيل المعروفة... وقد سمي بالمجهول لضياع معظمه وعدم التوثق من حقيقته...

7ـ «إنجيل العبرانيين»: وهو معروف فقط من خلال المقتطفات التي نقلها عنه كتاب الكنيسة الأوائل... ومن اسمه يبدو واضحا انه كان خاصا بالفرق المسيحية ـ اليهودية الأولى التي حافظت على الشريعة الموسوية في حياتها.. ومن المهم الإشارة إلى أن معظم الاستشهادات المطولة عن هذا الإنجيل نقلها كتاب مسيحيون كانوا يعيشون في الإسكندرية.. فقد نقل عنه اكليمنتوس الاسكندراني (أواخر القرن الثاني) وجيروم (حوالى العام 400)، واوريجينس (مطلع القرن الثالث) وكيريلوس (مطران القدس حوالى العام 350)... كما أشار إليه اوزيبيوس (مطلع القرن الرابع) وهيجيبيوس (أواخر القرن الثاني)، دون أن ينقلا عنه... وفي لائحة الأناجيل الازائية والأناجيل المخفية والتي أعدها نيسيفوروس (بطريرك القسطنطينية 806ـ818)، يرد ذكر إنجيل العبرانيين وانه يحتوي على 2200 سطر.. وقد شاع لدى المستشرقين والمستعربين المسيحيين وبعض تابعيهم المشرقيين أن هذا الإنجيل كان إنجيل القس ورقة بن نوفل في مكة قبل البعثة النبوية.

8ـ «أعمال الرسول يوحنا»: وهو عبارة عن رواية أدبية تحوي حكايات وقصصا عن أعمال الرسول يوحنا وبعضها على شكل أناشيد غنائية... وأشهر النصوص المعروفة اليوم هو العائد إلى المخطوطات المكتشفة في مدينة فيينا العام 1886 (ونشرت عام 1897).. وفيها أنها منسوخة عن مخطوط أقدم يعود للعام ,,.1324 ويرى العلماء أن القديس أوغسطين قد نقل مقطعا من هذه النصوص في رسالة له تاريخها القرن الخامس... كما أن مقاطع أخرى قرئت وجرى إدانتها في المجمع النيقوي الثاني عام ,,.787 ويرى العلماء أيضا أن هذه النصوص وثيقة الصلة بنشوء وتطور الشيع الصوفية الباطنية المسيحية المبكرة... (علما أن إنجيل يوحنا الازائي الشرعي نفسه كان مدعاة للتأويل الصوفي والباطني)... وبحسب العلماء فإن نصوص أعمال يوحنا قد تكون تعود إلى النصف الثاني من القرن الأول أي إلى نفس فترة تأليف إنجيل يوحنا.. وقد ذكر هذه النصوص العديد من الكتاب المسيحيين السوريين خصوصا إضافة إلى اوزيبيوس من قيصرية (مطلع القرن الرابع)..
 
9ـ «إنجيل الناظوريين»: والترجمة الصحيحة باعتقادي لكلمة ناظور العبرية هي «المنذور»... أي أنها طائفة «المنذوري» أو أولئك الذين كان ينذرهم أهلهم لحياة المعبد والعفة والزهد (وكانوا يطيلون شعر الرأس ولا يحلقونه ويلبسون الأبيض.... ولعل السيدة مريم كانت واحدة منهم إذ نذرها أهلها لخدمة الرب)... وهناك خلط كبير بين هؤلاء الناظوريين المنذورين وبين كلمة نصارى، خصوصاً وأن مدينة الناصرة التي ينسب إليها السيد المسيح لم تكن أصلا موجودة في زمنه... وهذا الإنجيل يرد ذكره بكثرة في أعمال جيروم واوزيبيوس... وهم عرفوه من أصل أرامي أو سرياني وجدوا فيه شبها بالنص اليوناني لإنجيل متى....

10ـ «إنجيل الابيونيين»: ومقتطفاته متفرقة في أعمال أبيفانيوس (عاش في أواخر القرن الرابع)... والابيونيون كانوا جماعة مسيحية ـ يهودية ناطقة باليونانية نمت وتطورت في القرنين الثاني والثالث للميلاد... والنقطة الأساسية في تعاليم الابيونيين أنهم يجعلون يوحنا المعمدان (النبي يحيى) وعيسى من النباتيين الذين يدينون أكل اللحوم والذبائح... وان طعام يحيى كان من العسل البري فقط... وان عيسى أعلن انه جاء لإلغاء شريعة تقديم الأضاحي...

11ـ «الإنجيل الأصلي ليعقوب (جيمس)»: وهو من أناجيل طفولة يسوع أي تلك التي تجمع مرويات عن قصة ولادة مريم ونذرها للمعبد ثم ولادة وطفولة المسيح... والنص الكامل لهذا الإنجيل موجود باليونانية في حوالى 130 مخطوطة معظمها يعود إلى ما بعد القرن العاشر.. كما أن هناك العديد من الترجمات إلى اللغات القديمة... ويعرف هذا الإنجيل بالإنجيل الأصلي أو الأول على اعتبار القول بأنه أسبق من الأناجيل الأربعة الشرعية ـ القانونية... وأول طبعة معروفة له تعود إلى ترجمة لاتينية نشرت عام ,1552 وأخرى للأصل اليوناني نشرت عام ,,.1564 كما أن مخطوطة يونانية على ورق البردى تعود للقرن الثالث اكتشفت في منتصف القرن العشرين ونشرت عام 1958 (وهي الآن محفوظة في مكتبة بودمر في جنيف)... إن كثرة عدد نسخ هذا الإنجيل وترجماته ومخطوطاته يشير إلى شيوعه وسعة انتشاره في الكنائس المسيحية... ويسود اعتقاد بأن تجميعه جرى في سوريا أو مصر في منتصف القرن الثاني...

12ـ «إنجيل طفولة يسوع بحسب توما»: وهو يجمع قصصا ومرويات عجائبية عن الطفل يسوع قبل بلوغه الثانية عشرة... وأقدم نسخة مخطوطة منه تعود للقرن السادس وهي بالسريانية ومحفوظة في المتحف البريطاني... أما النص اليوناني فهو موجود بعدة نسخ مخطوطة تعود للقرون الرابع عشر إلى السادس عشر... وهناك ترجمات قديمة كثيرة له في اللغات القديمة مما يشير إلى موقعه الممتاز في الكنيسة تلك الأيام... والمعروف أن معظم الكتابات أو الأقوال المنسوبة إلى توما موطنها شرق سوريا... وقد وجد العلماء ان الفرق المسيحية الصوفية الباطنية التي انتشرت في القرن الثاني (والتي ذكرها ايرينيوس في كتاباته أواخر القرن الثاني) استخدمت هذا الإنجيل...

13
ـ «رسائل الرسل»: هذا النص الكبير هو توثيق لسجال مسيحي مع فرق بادت وانقرضت... فهو يبدأ برسالة مزعومة للرسل جميعا موجهة إلى كل الكنائس لدحض أقوال وأفعال أتباع شمعون وسيرنتوس (وهما قادة فرق باطنية اشتهرت في القرن الثاني).. ثم تأتي النصوص التي ينطق بها يسوع إلى تلامذته على شكل تعليمات والزامات عقدية ونصوص عقائدية مختلفة، وكلها تصب في اتجاه تدعيم النص الاورثوذكسي القويم للكنيسة في مواجهة بدع وشيع غير معروفة تماما... والنص الأصلي مكتوب على الظاهر باليونانية إلا أن اغلب المخطوطات الموجودة اليوم هي ترجمات إلى القبطية والحبشية.. والنص القبطي هو أقدمها ويبدو انه ترجمة مباشرة عن الأصل اليوناني.. وهو محفوظ اليوم في أوراق بردى تاريخها يعود إلى القرن الرابع أو مطلع الخامس.. اكتشفت هذه المخطوطة في صعيد مصر عام 1895 ونشرت عام 1919 ، وهي اليوم موجودة في محفوظات معهد البعثة الاركيولوجية الفرنسية في القاهرة... أما النص الحبشي فهو الوحيد الذي يحفظ النص الكامل للأصل اليوناني للرسائل... وهذا النص موجود في عدة مخطوطات أهمها وأشهرها تلك التي اكتشفت في القرن الثامن عشر وهي موجودة اليوم في المتحف البريطاني... وبحسب العلماء فإن النص الحبشي هو ترجمة عن نص عربي مترجم عن الأصل اليوناني... أما تسمية هذه النصوص فتعود إلى الجملة الأولى التي تبدأ بها وهي: «هذه رسالة عن مجلس الرسل»...

14ـ «إنجيل مريم»: وهو أيضا من مكتبة نجع حمادي والظن انه يعود إلى أواخر القرن الثاني.. وهو موجود في نسختين غير كاملتين باليونانية تعودان إلى القرن الثالث، ونسخة قبطية أشمل تعود إلى القرن الخامس.. ومريم الإنجيل هي مريم المجدلية مما يشير إلى موقعها المميز في بدايات المسيحية.. ومريم هنا هي التي تواسي التلاميذ وتدعوهم إلى الصبر والسلوان بعد موت المسيح وتحثهم على دراسة أقواله وأعماله والتفكير فيها.. وفيه أيضا رؤية لمريم عن حديث بينها وبين المسيح حول مصير الروح وخلودها الأبدي...

15ـ «إنجيل برنابا»: أو الإنجيل المسلم كما يسميه العلماء المسيحيون... وهذا الإنجيل له قصة شيقة وطريفة تستحق أن يفرد لها مقالة خاصة.. والمهم تسجيله هنا انه لم يعترف به أبدا ككتاب ينتمي إلى تلك الكتابات الصادرة في القرون الخمسة الأولى من المسيحية... واعتبرته الكنيسة تزويرا فاقعا... فيما اعتبره المسلمون (الذين يقومون بنشره وتوزيعه) الإنجيل الأصح أو الأدق وان لم يقولوا بأنه هو «إنجيل عيسى الحقيقي»... (باعتقادي أن هذا الإنجيل يستحق دراسة علمية مدققة أكثر مما جرى حتى الآن إذ هو صار موضوعاً لسجالات وادعاءات أضاعت قيمته الحقيقية إذ هو واحد من الأناجيل المنحولة أصلا طرأت عليه تعديلات لاحقة لا تلغي قيمته التاريخية ومضمونه الأهم في ما يتجاوز مسألة التبشير بقدوم مسيح مخلص اسمه محمد)..

16ـ «الإنجيل العربي عن طفولة عيسى»: وهو من أشهر الأناجيل وقد ورد ذكره لدى آباء الكنيسة أمثال اوزيبيوس واثاناسيوس وابيفانيوس ويوحنا الذهبي الفم.. ترجمه هنري سايك أستاذ اللغات الشرقية في جامعة كمبردج ونشره عام ,.1697 وكان احد المجامع قد أدانه (1599) باعتباره إنجيل النساطرة... ويذكر بعض الكتاب المسيحيين قصصا منقولة عنه خصوصا حول سنوات طفولة عيسى في مصر.. منها أن عيسى حفر بئرا بلسما. جرة لغسل ثيابه.. وأن الشجرة صارت تطرح بلسما.. وعن بطرس الشهيد مطران الإسكندرية في القرن الثالث أن المكان الذي شهد طفولة ومعجزات عيسى في مصر يعرف باسم المطرية وهو على بعد عشرة أميال من القاهرة وأن سكانه يوقدون الشموع لتذكر عيسى وأن هناك حديقة أشجار تطرح بلسما كان عيسى زرعها في الطفولة... ويذكر العلامة احمد ابن إدريس أن هذا الإنجيل العربي كان خامس الأناجيل المعتبرة في كنائس مصر وسوريا...
 
* عن السفير اللبنانية ، الملحق الثقافي 7 نيسان 2008
 

7 - أبريل - 2008
إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟
هدهدات باردة في أصقاع خالية ...    كن أول من يقيّم

هدهدات باردة ....
 
في وحشة الانتظار ، تنساني همومي ، ينساني الوجع المتربص في الركن القاتل ، تندف قطناً أبيض في ذاكرتي ، فتنبت لي جناحات الإوز ...
أنسلُّ من ثلوج البحيرة ، كبجعة نبتت في صقيع القطب الميت ، لأنفض عن جناحيَّ رذاذ القطن المتمرجح مع الهواء : خفقة ، خفقتان ، ثم أعلو .... تحملني السماء ما بين جناحيها وتهدهدني بهدهدات باردة .
الهواء الذي يلفح وجهي باردٌ أيضاً والرذاذ .
سماء باردة ، وأرض باردة ، وبحيرة باردة ، ماؤها متجمدة من شدة الصقيع والثلج المتساقط من حولي يثقل جناحاتي بأوزان غريبة .
يسحق البرد عظامي ، ثم يحفر فيها بمسلة الوقت المستطيلة ثقوباً فارغة .
 لا أتزحزح عن مكاني بل أستوي فيه متصلبة جامدة !
يتجمد الوجع الصارخ في صدري وتنساني همومي ...
كل شيء يتوقف .
لا شيء معي على حافة الطريق
إلا الانتظار !
.........................................
 

13 - أبريل - 2008
البنت التي تبلبلت
مواسم الحزن    كن أول من يقيّم


مساء الخير : أحسنت الاختيار والله يا أستاذ عبد الحفيظ . هل تعلم ماذا يعني هذا ؟ يعني بأنك فيلسوف ! فالفيلسوف هو من يستطيع إيجاد الجواب المناسب لكل موقف . أما الحزن فدعك منه لأنه عندي مواسم تغيب عني مدة لتعود أقوى في كل مرة وأتمنى أن لا تكون معدية .

شكراً لك اختيارك إيدير ، هذا الطفل الرقيق ، فهو من أحب الشخصيات إلى قلبي ولا زلت أسمعه منذ اكثر من ثلاثين سنة . وأما زيدان فهو السنبلة التي أنبتت سنابل ويسرنا أن نرى اليوم ناصري وبن زمة وبن عرفة يحتلون مركز الصدارة في الملاعب الفرنسية .

كل التحية والشكر لك وسلامي لعائلتك الكريمة : ندى وزكرياء والأستاذة نجاة ، أدامكم الله جميعاً سالمين .

14 - أبريل - 2008
البنت التي تبلبلت
مبروك للأستاذ عمر    كن أول من يقيّم

مساء الخير عليكم جميعاً :

فاتني الاشتراك بهذه المسابقة ولو كنت شاركت بوقتها لقلت ربما كما قالت الصديقة الجديدة الأستاذة عبير بأنها سورة النجم لأن الإسراء والمعراج كان أهم ما خص الله به نبيه محمد عليه الصلاة والسلام . لكني جئت اليوم لأهنىء الأستاذ عمر خلوف وأتمنى له المزيد من التألق والنجاح ، وأتوجه بالتحية إلى كل الإخوة والأخوات الذين شاركوا في هذه المسابقة التي أشاعت جواً من الألفة وكانت مناسبة لجمع الشمل . فتحياتي لكم جميعاً ومبروك للأستاذ يوسف النجمة الحمراء وللأستاذة درصاف أيضاً .

 

14 - أبريل - 2008
مسابقة الشهر
بصفتي كلباً    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم


لولا حرب العراق وذيولها وما تفعله في ضمائرنا وعواطفنا، لكنت سأروي لكم حكاية "سعيد الكذاب" والذئب، او أصف وصفة أعشاب تشفي السرطان والبواصير والحازوقة المزمنة، او اصف ايضاً وصفة اضافية تعيد الشيخ الى صباه. ولكنت سميتُ لكم ايضاً اولاد بعض المسؤولين الذين يسرقونكم بحجة بعض الضرائب المستحدثة بواسطة مؤسسات مستحدثة، ولكنت أوصيتكم ايضاً كيف تجنّبون وطنكم المصير الذي نفّذه العلوج في العراق. لكني سأعتذر منكم فأنا متفرج عاجز ومقهور على ما شاهدناه وسمعناه من احداث عبثية مؤلمة، حقيقية لا ممسرحة في العراق. لكم تمنيت لو التقيت بكلب يرضى بمقايضتي: انسانيتي مقابل حيوانيته. وبصفة الكلب لكنت هبهبت استنكاراً لمرأى الاطفال يموتون قبل ان يسمح لهم عمرهم بأن يختاروا ما بين بوش وصدام ، ولكنت هبهبت اكثر لدى استشهاد مراسل تلفزيون أغروه ليموت ، موهمينه ان برنيطة الفلّين التي يعتمرها ستقيه قذائف الاميركان.

مذيع الاستوديو (في غرفة مكيفة وهو في بدلة سهرة أنيقة، وبعدما رطّب إصبعه بريقه ومسح حاجبيه، يقول للجمهور الحبيب ) : معنا مباشرة من بغداد زميلنا محظوظ وهو سيوافينا بآخر التطورات على الساحة العراقية . محظوظ ، اما زلت معنا ، نحن ننتظر ؟

محظوظ ( وسط أكياس الرمل والغبار وغيم القنابل الاسود ) : شكراً زميل موفّق . كما تشاهدون ، خلفي منظر شارع المنصور وقد تحوّل رماداً ، وتشاهدون ايضاً نحيب أهالي الشهداء الابرياء وهم يبكون موتاهم . انه يوم صعب على بغداد إنما الأمل كبير بالله عزّ وجلّ .

مذيع : محظوظ ، هل في امكانك تحديد عدد الضحايا . انا لا اسأل طبعاً عن تحديد دقيق مئة في المئة ، انما اسأل هل عدد الضحايا بالمئات ام بالالوف ؟

محظوظ ( بعدما حكّ برنيطته وتلبّك ) : ليس في استطاعة أحد ان يحدد عدد الضحايا ، فالمنطقة رُمدّت وكأن بركاناً اهلكها .

مذيع : محظوظ ، سؤالي الاخير : هل تعتقد ان نسبة الخوف لدى الضحايا كانت اكبر من نسبة الوجع ؟ ( لم يستطع محظوظ ان يجيب لهلوب الاستوديو لأن قذيفة علوجية كانت تسقط على برنيطته الفلّين غير تاركة له مهلة لتحديد النسبة المطلوبة ) .

دخل العلوج بغداد وغاب عن الشاشات زغلول العلوج .

وكما في كل مأساة عربية ، يكثر قطّافو المناسبات الجنائزية : شعراء ومسرحيون وموزيكيتيون . ونعود الى اصولنا قبائل تسرق وتنهب بعضها البعض . بصفتي كلباً لم يعد يهمني نُهب المتحف في بغداد ام لم ينهب ، صمد تمثال صدام أم لم يصمد ، فأنا اكره كل التماثيل ولولا حاجتي ( بصفتي كلباً بالطبع ) لأبول عليها في ساعات الحشرة لما اقتربت منها . قهرني فقط نهب المستشفيات ورمي الجرحى على البلاط ، ومنظر الاطفال يبكون من الوجع والخوف ، الاطباء وقد تحوّلوا الى مشايخ يتمتمون الصلاة ظناً منهم انها تقوم مقام الدواء .

وكما قلت ، لم تكن الاذاعات افضل من غيرها ، فقد استمعت صدفة الى اذاعة عربية ، وكانت المذيعة تحاور دكتوراً في كل شيء الاّ في اللغة العربية اذ يعتبر ان تشكيل الكلمات تشكيلاً صحيحاً هو عدوّه الاكبر بعد بلير وبوش . ونسبة الدكاترة في العالم العربي 99،99 في المئة .

المذيعة: دكتور نبيه ، الا تعتقد ان للثقافة دوراً يجب ان تلعبه لمجابهة العدوان وتحدي أعداء الأمة ؟

د. نبيه : بداية وبدون تردد ، أقول أكيداً . للثقافة دور عظيم وهو " دوراً " أفعل من المدفع والدبابة ، ولا تنسوا أننا أم الحضارة و" أبيها " اذ لولا الثقافة لما استطعنا ان نقهر الفرس ، يوم لم يكونوا عرباً وأرجو المعذرة سيدتي لأنه عليّ كشاهد على الحضارة ان اسمّي الاسماء باسمائها من دون أي خلفية سياسية او عقائدية ، ولولا ثقافتنا المتجذرة فينا لما استطعنا ان نقهر الاستعمارات التي توالت علينا ثم اندحرت وبقينا نحن . اتريدين سيدتي ان أسمّي كل ابطالنا ؟

المذيعة (مقاطعة) : لا ، أرجوك دكتور فأنا لا اعرف مع أي بطل يقف مديرنا العام في المؤسسة .

د. نبيه : أفهمك ... أفهمك . كنت سأقول إننا أمة متأصلة في الديموقراطية .

المذيعة (مقاطعة) : عفوك دكتور ، هل لك ان تسمّي لي البلدان الديموقراطية في شرقنا العربي ومغربنا ايضاً ؟

د. نبيه : يكفي ان نعود الى الاستفتاءات الشعبية . أليس الاستفتاء المتكرر هو الذي جعل صدام يحكم العراق اكثر من ثلاثة عقود فنعم الشعب العراقي بالحرية والديموقراطية ؟

المذيعة : ألم يخطىء ولو مرة واحدة ؟

د. نبيه (بحماسة الكذاب) : طبعاً واقولها صراحة للتاريخ . و" خطأه " هذا يعود الى نحو شهر فقط ، يوم اعلنت عليه اميركا الحرب .

المذيعة : واين الخطأ في هذا ؟

د. نبيه : كان يجب ان يسلّم الحكم لأحد ولديه في استفتاء شعبي طبعاً ، ثم يغادر العراق الى جزر هاواي .


وفي الختام
وبصفتي الكلبية
أتمنى من كل قلبي ان يكون صدام قد قتل منذ اليوم الاول لغزو بغداد كي لا يتفرج على منظر ذاك الحبوب " المؤيد له سابقاً " والذي قبل يوم من قصف بغداد كان يحمل خنجراً من القرون الوسطى ويقف تحت تمثال صدام صارخاً مهدداً العلوج : بالدم بالروح نفديك يا صدام ، ولما صار العلوج على بعد متر ونصف متر من التمثال وقف الحبوب ذاته ، منتظراً سقوط التمثال ثم سحب سرمايته باليد التي كانت تحمل " خنجر الصمود " وراح ينزل ضرباً على رأس تمثال صدام .

أتظنون ايها السادة ان الديكتاتوريين يأتي بهم اسياد الاستعمار ؟
اتتناسون دور التخلف والجهل وروح الخنوع المتأصلة في شعوب تخلصت من أصنام الوثنية لتتحول لعبادة أصنام من يذلها ؟

ريمون جبارة / النهار اللبنانية / الملحق الثقافي بتاريخ الأحد 20 نيسان 2003



15 - أبريل - 2008
مقالات طريفة ولاذعة
عصابة    كن أول من يقيّم

المعاشات خيالية الرداءة والطائفية في غاية الازدهار :

زياد الرحباني:

من المؤكّد أنّ السرقة أسرع من الاشتراكية . لذا، فإنّ السرقات تزداد يا إخوتي وستزداد. سيفكّر المواطنون الذين لم يفكّروا بعد بالسرقة، أن يسرقوا. جيّد. ونحن في غنى عن تعداد الأسباب فهي: بؤسٌ ببؤس. أما السرّاقون المزمنون المواظبون منذ أكثر من عشر سنين، الذين مهما بلغت الهستيريا العامة من قمة الهرم المضروب حتى أسفله، فلن يستطيعوا أن يؤسّسوا نقابة. طبعاً. فالنقابة لها ترخيص، والسرقة لا ترخيص لها بتاتاً. النقابة يلزمها علم وخبر، والسرقة يُفترض ألا يكون لها علم، لا مبتدأ ولا خبر. النقابة علنية أما السرقة فأقرب إلى الحميمية والدفء. لذا، يستبعد السرّاقون فكرة النقابة كلّياً ويؤسسون عادة عصابة. وهذا نتيجة فكرة مديدة. أما نحن، من لم نبدأ بعد بالسرقة ومن لم يقتنع مبدئياً بالسرقة بديلاً من الاشتراكية وحالتنا حالة، فما العمل معنا؟ ومن يسأل مَن ما العمل؟ كلّنا نسأل، إذاً لا أحد سيجيب فإلى متى؟ ألا يُفترض بنا على الأقلّ، وعلى غرار السرّاقين والعصابة، أن نؤسس، كعاملين، نقابة؟ لدينا نقابات، صحيح، ولكن، متى نبدأ بتأسيسها؟ وهذا بالضبط ما أقصد.

ما العقبة؟ إنها الطائفية؟ مفهوم، وهل سننتظرها تزول كالتجاعيد؟ وهل يزول النقش في الحجر عن الحجر؟ كيف؟ هل ننتظر «على وقع» المعاشات الحالية؟ بربّكم يا إخوان ما دخل المعاشات بالطوائف؟ فالمعاشات خياليّة الرداءة والطائفية في ذروة الازدهار. فأين العلاقة؟ لا علاقة. بل إنّ الطائفية هي بالضبط ما لن يدعكم تؤسسون النقابة ولا الوطن، على فكرة. تعالوا نؤسس عصابة إذاً. والعصابات، على فكرة، مختلطة طائفياً وفيها الكثير من علمانية التجّار وانفتاحهم. دعونا نؤسس عصابة متماسكة متراصّة، قادرة مثلاً على شلّ العمل في أكثر من مكان في وقت واحد. فبمجرّد اختفاء أعضاء العصابة ليومين أو ثلاثة من أماكن العمل سيحصلون على مطالبهم فور ظهورهم مجدداً. تستطيع العصابة، لمزيد من التشويق، أن تأتي إلى العمل عبر قساطل الشركة باكراً، أن تطالب بحقوقها عبر اتصال هاتفي من مجهول وتغلق الخطّ، أو هي تستطيع أن تسرق شنطة المعاشات، وخاصة أنها تعرف الرقم الإجمالي، وهي في النهاية تسرق أتعابها أساساً. ما رأيكم؟ هذا أكثر ديناميكيةً وحداثةً وتشويقاً من الرتابة والكآبة والنقابة. ما رأيكم؟

ملاحظة 1: إن النقابة عموماً أفضل من العصابة *.
ملاحظة 2: إن النقابة لا تؤدي بالضرورة إلى الاشتراكية، فلا تخافوا (للخائفين). إنها الطريق الأكثر أماناً، بوجود الرأسمالية على وجه التحديد. قد تصبح النقابة، كلما انتظمت، فزّاعة للرأسمالية بالاشتراكية على وجه التحديد.
ملاحظة 3: أحلى ما في حياة الإنسان، التحديد.
* أقلّه أخلاقياً.


جريدة الأخبار اللبنانية 16 تشرين الأول 2007


16 - أبريل - 2008
مقالات طريفة ولاذعة
 60  61  62  63  64