البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات ضياء العلي

 58  59  60  61  62 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
العنف أيضاً يكذب    كن أول من يقيّم

العنف أيضاً يكذب
 
عباس بيضون : السفير اللبنانية 25/02/2008
 
تقال «الحقيقة» دائما بلغة قطعية، بلغة راديكالية، لا نتخيل طريقة أفضل لقولها. بل نفكر أحياناً بأن شيئا من الليونة يجعلها أقل حقيقية، يجعلها نصفا أو ربعا أو ثلثا. نفكر بأن قولها هكذا لا يعدم ان يكون تواطؤاً ومناورة وربما مساومة وتقربا من الطرف الآخر. السؤال ليس هنا، يمكن أن نعيد المسألة من الاوّل. ماذا لو لم يكن القطع والجزم والراديكالية للا شيء. اذ أحيانا العنف المجرد، الراديكالية اللفظية يظنان نفسيهما حقيقة، لنعد المسألة من الاول:
 
ماذا لو كانت الراديكالية والقطع حجراً، مجرد سقف واطئ مظلم وسيئ الرائحة. ماذا لو كانت سوراً لا يسوّر شيئا، مجرد سور، مجرد حاجز، مجرد عزلة وباب مغلق، أحيانا يمكن أن نفكر بأن الحقائق الكاملة الختامية هذه قد تكون محنطة وقد تكون ميتة وقد لا نرى في الواقع سوى ناووسها. ان ما يقال باسم الحقيقة قد يكون عنفنا وعدوانيتنا فحسب. ثمة قنابل صوتية في كل مكان وهي موجودة في الكلام أكثر منها في أي شيء آخر. نخاف أحيانا ان ينفجر الكلام في أيدينا أو ينفجر في حلوقنا. قد نكون حبساء كلامنا، قد نسجن أنفسنا فيه. ثم لا نستطيع أن نغادره، إننا نغدو عبيده، العنيف يستجرّ الأعنف، العدواني يستجرّ الاكثر عدوانية. اننا ندخل في حلقة لا مخرج منها، وعلينا ان نتقدم دائما الى الحافة. علينا ان نبقى مع قنابلنا الصوتية وان نسمع وحدنا دويها. ماذا لو غدونا تحت رحمة كلماتنا ووطأتها، ماذا لو تحكمت هذه بنا وصاغتنا على مثالها. إن عالما من القرقعة قد يطلب لنفسه مقابلا، قد يطلب جسداً ومحلاً. مع ذلك لا تزال القرقعة تظن انها على حق. لا يزال الدوي والعنف اللفظي يسميان نفسيهما صدقاً ومثالية، ما زلنا نقول ان الناس لا يغضبون للاشيء. ان الناس لا يحتدون بدون سبب. سبب في نفوسهم وأجسادهم وان سبباً كهذا لا بد ان يكون مباركاً، مهما كان موضوعه فإنه آت من الحياة، من اللحم والدم، من التوق والمعاناة. ماذا لو لم يكن الأمر كذلك. ماذا لو كان في استطاعتنا ان نكذب بالعنف وان نكذب بالغضب، وان نكذب بالقطع والجزم، ماذا لو كان في العنف مناورة أكثر من اللين، لو كان الغضب مشهداً فحسب. لكان الغضب دوراً أكثر مما هو اللين، فاللين لا ينتج أبطالاً، واللين لا يدفع الناس الى الواجهة، واللين لا يصنع أدواراً اولى. اللين في العادة متهم متوار ثانوي. واللين في العادة يليق بالدبلوماسيين والمحامين اكثر مما يليق بالثوار واكثر مما يليق بالقادة والمناضلين. اللين غالبا بلا وجه. أما العنف والراديكالية فلهما جسد من حديد، ولهما صوت من ديناميت، ولهما شوكة وسلاح وفأس. ماذا لو كان العنف مجرد لباس وزيّ. وليس صوتا إلا بمقدار وليس عصبا إلا بمقدار وليس نفساً إلا بمقدار. ماذا لو كان كذباً ايضا. علينا ان نبدأ من الأول .
 

25 - فبراير - 2008
أوقفوا الحرب على لبنان...
هذا عجيب !    كن أول من يقيّم

استغربت كثيراً أن تترجم كلمة : drogman  بمعنى آخر غير : مترجم أو ترجمان . والكلمة موجودة في كل القواميس الفرنسية المعروفة القديمة منها والحديثة ( يعود أقدم استخدام لها إلى القرن السادس عشر ) . فكيف يقع ترجمان بخطأ مماثل ؟ هذا غريب جداً ! ؟؟؟؟؟؟؟؟
 
وتقول القواميس بأن مصدر هذه الكلمة عربي يعود إلى فترة الحكم العثماني حيث كان " الباب العالي " يستخدم مجموعة من الموظفين ( المترجمين ) بغية التواصل مع الدول الأوروبية ، وكان غالبية هؤلاء من اليونان أو الروم البيزنطيين كما كانوا يدعون ، فكان واحدهم : ترجمان turdjouman . وهكذا انتقلت هذه الكلمة إلى البلاط الفرنسي وأصبحت Drogman ، فكان شاتوبريان مثلاً يقول :
"Je me suis rendis chez le drogman de son excellence  "
( Itinéraire de Paris à Jerusalem )
 
وقد أدى نقل هذا المصطلح لإدخال كلمة أخرى إلى الفرنسية مشتقة من المصدر عينه : ترجمان ، هي كلمة : le truchement . وتعني واسطة إتصال ، أو واسطة تعبير .
 
والكلمة في اليونانية هي : Dragoymanos ، وفي الإيطالية : Dragomanno ، وفي الإنكليزية : Dragoman وكلها مشابهة للفظة الفرنسية . فكيف يمكن لمترجم أن يخطأ بها ؟
 
والبحث عن كلمة ترجمة وترجمان في لسان العرب يكون في الجذر : رجم .
 
كل التحية للأستاذ زين الدين وأتمنى عليه أن يعود للتدقيق في سياق الجملة التي وردت فيها ترجمة الكلمة على هذا النحو فربما يكون السر هنا . 
 

25 - فبراير - 2008
حول كلمة ترجمان ...
نحمد الله على سلامتكم    كن أول من يقيّم

نحمد الله على عودتكم بالسلامة أستاذ أحمد ، ونحن بانتظار ما ستجود به علينا من إنجيل بارنبا أو مما تبقى منه . أظن بأن حضوركم سوف يفتح باب النقاش من جديد حول هذا الموضوع الشائق وأن عودتك ، كما ترى واستنتجت بنفسك ، مطلوبة وبإلحاح من قراء وأصدقاء هذه المجالس الذين استحسنوا عملكم وأحبوا متابعته . نحن جميعنا إذن بالانتظار

25 - فبراير - 2008
إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟
الكلمة بين اللفظ والمعنى    كن أول من يقيّم

أستاذنا الكريم الدكتور يحيى : مساء الخير
 
لا أظن أستاذي بأن أحداً منا هنا يتنكر لذوي الاختصاص الدقيق ، بل أن أكثر الغاية المرجوة من النقاش هي الاستفادة من هذه الخبرات وتجميعها وإضافتها بعضها إلى بعض . وكان الأستاذ زين الدين قد نقل لنا مشكوراً رأي الدكتور عبد الرحمن سليمان وهي ليست أول مرة نعود فيها لنستشهد برأيه ونستدل به .  والآراء التي وردت حتى الآن تتكامل بدون تناقض بل أن وجهة النقاش تحددت وأصبحت أكثر دقة بفضل تنوع الاختصاصات
 
وبالميزان الدقيق ، ورغم تعليقه السريع ، غير أن الرأي الأشد خبرة واختصاصاً حتى الآن ، إذا كنا نبحث عن المفاضلة ، هو كما أراه ، رأي الأستاذ أحمد إيبش ، لأنه ينقل لنا ما سمعته أذنه الخبيرة التي ألفت تلك الأصوات وأصبحت قادرة على التمييز بينها وهذا هو الأصعب . فاللغات أصوات منطوقة وليست بالضرورة أصواتاً مكتوبة . الكتابة حدث عارض وغير إلزامي للغة وكل اللغات كانت منطوقة قبل أن تكتب ومن ثم دونت بشكل ما ، بشكل بدائي جداً في البداية ثم تطورت عبر الزمن ، بغية حفظ الصوت المنطوق . واللغات القديمة التي لم نسمعها تبقى شيئاً غامضاً وغير مؤكد بأصواتها ومعانيها لأن أساليب تدوينها كانت بدائية وكل ما نعرفه عنها هو افتراضات وتكهنات تشبه تماماً كتابة التاريخ القديم بالاستناد إلى البحوث الأثرية . هذا طبعاً لا يلغي بأنها أصل لا يمكن الاستغناء عنه لكن هذا الأصل لا زال كالرمال المتحركة .
 
فكلمة ترجمان هي لفظة محددة لها موسيقى معينة وهويتها تتحدد بموسيقاها بقدر ما تتحدد بمعناها ومن المؤكد بأنه يحب عدم إهمال هذا الجانب في البحث عن أصل الكلمة .
 
تحياتي وشكري لكم جميعاً .
 

26 - فبراير - 2008
حول كلمة ترجمان ...
نحن نعدّ الموج(1)    كن أول من يقيّم

سأنقل لكم هنا وقائع نقاش كان قد دار في مؤتمر الجلسة الخامسة عشرة للمجمع اللغوي العربي بالقاهرة وذلك في العام 1949 . وكان ذلك النقاش قد حصل بعد أن تلا الدكتور خليل محمود عساكر الخبير بلجنة اللهجات تقريراً قدمه إلى لجنة المؤتمر حول موضوع الأطلس اللغوي الذي كان قد أعده وهو نوع من الخريطة للهجات المحكية في المنطقة العربية على غرار ما فعل فنكر Wenker في ألمانيا وجيلييرون Gilièron في فرنسا بحيث قام كل منهما برسم أطلس للهجات العامية المحكية في بلاده في بداية القرن العشرين .
 
وما يهمنا اليوم هو النقاش الذي دار عقب تلاوة التقرير بين أعلام الفكر والثقافة في ذلك الوقت :
 
مناقشة البحث
 
        وبعد الانتهاء من تلاوة البحث شكر الأستاذُ الرئيسُ مقررَ اللجنة وخبيرَها   على ما بذلاه من مجهود محترم.
* الأستاذ علي الجارم: لسنا في حاجة إلى شيء من هذه البحوث؛ لأن لغتنا الفصحى  لم تستكمل دراستها ولم تستوف خصائصها، فأولى بنا أن نوجه عنايتنا إلى اللهجات العربية الفصحى التي تتصل بلغتنا، أما البحث في اللهجات العامية فإنه لا يجدي. فإن كان الغرض منه إثبات تعدد اللهجات فهذا أمر بديهي لا يحتاج إلى إثبات، وإن كان الغرض الإحصاء فإنه غير ممكن. وهذا العمل يستنفد جهدًا طويلاً في غير طائل.
* الأستاذ ل. ماسينيون: هذا البحث يفيد في دراسة الأدب والتاريخ، كما يؤدي إلى وحدة العالم العربي.
* الدكتور طه حسين: عند وضع مرسوم المجمع كنت من أشد الناس خصومة لتكليفه دراسة اللهجات، وكنت أرى أن هذه الدراسات تحتاج إلى إعداد طويل عسير، وأن هذا الإعداد من شأن جمعيات خاصة تستقصي وتستقري وتستنبط وتعطي المجمع   نتائج عملها لينتفع بها في دراسة الفصحى والمحافظة على سلامتها . ولكن المرسوم صدر كما ترون وكلف المجمع دراسة اللهجات. فهذا أمر كلفنا به رضينا أو أبينا. ودراسة اللهجات من الموضوعات الخطيرة التي يعنى بها العالم الحديث عناية عظيمة. فمن الطبيعي ألا نتخلف عن العالم في دراسة أساسية في تاريخ اللغة العربية. وقد شهدت مؤتمر اللغويين بباريس في العام الماضي ممثلاً للمجمع ، ومكثت أسبوعًا أشهد جلساته مصبحًا وممسيًا، وسمعت أشياء قيمة ممتعة، ولكن الله لم يفتح عليّ بحرف واحد لأني   لم أكن مختصًّا. وقد علمت أن مصر احتفظ لها بمكان في لجنة الدراسات اللغوية الدائمة، ومن الطبيعي أن المجمع هو الذي سيمثل مصر في هذه اللجنة، وقد تتصل بنا اللجنة في هذا الشأن لنشارك علماء الأرض كلهم في دراسة اللهجات وتطور اللغات.
        وجدَّ عندنا بحكم المرسوم لجنة لدراسة اللهجات، وقد تقدمت إلينا هذه اللجنة بمنهج هو نفس المنهج الذي يشتغل به علماء اللغات في العالم كله غربه وشرقه، بل في بعض البلاد العربية. فقد أنبأني الأستاذ حسن حسني عبد الوهاب بأنه قد عمل في الجزائر أطلس لغوي من أحسن الأطالس اللغوية التي عملت إلى الآن.
        فلنهيئ للجنة ما تستطيعه من وسائل العمل، ومنهجها كما سمعتم جدير بالدرس والعناية. لذا أقترح:
        أولاً: إقرار المنهج الذي وضعته اللجنة بعد الدرس والاستقصاء.
        ثانيًا: أن يبدأ المجمع بنشر النصوص التي تتصل باللهجات العربية الفصحى.   وقد سمعتم وستسمعون كثيرًا عن تطبيق اللهجات على القراءات . فلا أقل من أن نعمل منذ الآن على نشر ما يتعلق بالقراءات؛ ليكون أساسًا لدراسة اللهجات العربية الفصحى. ونصوص القراءات كثيرة جدًّا وخطيرة جدًّا ككتاب (المحتسب لابن جني) و( الحجة لأبي علي الفارسي )، وقد حاولت أن أنبّه جامعة القاهرة إلى ضرورة نشر بعض هذه النصوص، وكدت أوفق إلى ذلك لولا ما قام في ذلك الوقت من تنافس    بين الأزهر والجامعة في شأن نشر الكتب المتعلقة بالقراءات. وما دام التنافس قد أضاع على  الأزهر والجامعة جميعًا ذلك العمل الجليل، والمجمع مكلف به بحكم المرسوم، فلا أقل  من أن يضطلع به.
*الأستاذ علي الجارم: رأيي أن يتجه المجمع إلى دراسة اللهجات العربية القديمة، ويعدل عن هذه الطريقة في دراسة اللهجات العامية في الأقطار العربية.
*الأستاذ عباس محمود العقاد: دراسة اللهجات العامية نافعة جدًّا لمعرفة اللغة العربية الفصحى نفسها، فإذا لاحظنا تحول الكلمات في اللهجات العامية أمكننا الوصول إلى وضع قواعد لتحوّل هذه الكلمات في اللغة الفصحى أو إلى الاستئناس بهذه القواعد في معرفة هذا التحول. وأضرب لذلك مثلاً لبعض الظروف التي لا معنى لها الآن، ولكنها ترجع إلى جمل أو كلمات ذات معنى. ففي الصعيد يقولون ( ضَلَك ) بمعنى ( الآن )، هذه الكلمة لا نفهم كيف وصلت إلى أداء هذا المعنى إلا بموازنة بين نطق هذه الكلمة عند القبائل المختلفة، فنجد بعضهم ينطقونها ( ضَلَك ) وغيرهم (ضُلْوَكيتْ) وآخرين  ( ضُلْوكْتِ ) فنعرف من هذا كيف تطور الظرف إلى لفظ لا معنى له وكان عبارة  ذات معنى. ومثله كلمة (لِسَّهْ) نسمعها في السودان ( لِلسَّاع ) وفي الصعيد ( لِلسَّعْ ) وكذلك الحال في بعض الحروف. فقد سمعت في أدفو: ( فلان كيف الجَمَر ) وفي منطقة أخرى مجاورة ( فلان كي الجمر ) وفي منطقة ثالثة ( فلان كالجمر ) . ومن هذا نستطيع أن نعرف كيف تطورت كاف التشبيه في اللغة العربية. وكذلك حرفا التنفيس لا يؤديان معنًى مستقلاًّ، لكن إذا قورنا بما يساويهما في العامية فقد نهتدي إلى أصلهما. ففي الصعيد يقولون ( فلان عمال يِجْرا ) وفي جهة أخرى ( فلان عَمَّا يِجرا ) وفي جهة ثالثة ( فلان عايِجْرا ). ونسمع في جهات أخرى ( فلان رايح يكتب ) و( فلان راح يكتب ) و( فلان حَيِكْتِب ) فمثل هذه الملاحظات تؤدي إلى وضع قواعد لتطور النطق بالكلمات تفيدنا في دراسة الفصحى نفسها.
        وكذلك تفيدنا دراسة اللهجات في معرفة التاريخ، ففي إقليمي ( أسوان ) يبدلون الميم باء فيقولون ( البكان ) بدلاً من ( المكان ) و( البُسمار ) بدلاً من ( المُسمار ). فقد نفهم من هذا أن أصول القبائل التي نزلت في هذا الإقليم ترجع إلى القبائل العربية التي كانت تقلب الميم باء .
        هذه فوائد في دراسة التاريخ ومعرفة تطور الكلمات نستفيدها من دراسة اللهجات. ولئن كان هذا بعض ما يستفاد من تلك الدراسة، إنها لجديرة بالعناية. ولكني أعتقد أنها ستفيدنا فائدة أكثر.
( تابع )
 

26 - فبراير - 2008
حول كلمة ترجمان ...
نحن نعدّ الموج(2)    كن أول من يقيّم

*الدكتور عبد الوهاب عزام بك: لا أنكر أن لهذه الدراسة فوائد لغوية وتاريخيّة، ولكن لا ينبغي أن تشغلنا عما لدينا من أبحاث أكبر منها فائدة.
        خطر لي حين سمعت هذا البحث مثل سمعته في مدينة (مارسين) بتركيا: كان رجل جالسا على شاطئ البحر ذات يوم، فمر به صاحب له فسأله: متى أتيت إلى هنا؟ قال الأول: أنا هنا منذ الصباح. فسأله صاحبه: وماذا تفعل؟ فأجاب: أعد الموج. عند ذلك سأله صاحبه: كم عددت؟ فما زاد على أن نظر إلى موجة وقال: هذه واحدة. فعد الأمواج قد يكون ذا فائدة ومتعة. ولكنه يشغل عن أمور أهم منه. ولئن كانت دراسة اللهجات أكثر فائدة من عد الأمواج، إن بينهما مع ذلك بعض الشبه، فليخصص المجمع لهذا العمل جانبًا صغيرا من جهده لا يشغله عما هو بصدده من أمور هامة.
*الأستاذ الشيخ عبد القادر المغربي: أرى أن دراسة اللهجات على هذه الطريقة تنافس عمل المجمع، فعمل المجمع تثبيت اللغة الفصيحة ولا أعني لغة امرئ القيس ولبيد، بل لغة عربية فصيحة تصلح للصحف وللاستعمال الحديث، فإن قام المجمع بعمل هذه الخرائط اللغوية وأثبت عليها الألفاظ العامية فإنـه يعطي العاميـة بذلك اعتبارًا في أعين الناس
يعرضون به عما نعلمهم من الفصيح.
        وقد يكون بحث اللهجات مفيدًا لأولئك الغربيين المستعمرين الذين ينـزلون بالبلاد العربية المختلفة ذات اللهجات المختلفة ليشتغلوا بالتجارة أو ليسعوا بالفتنة.أما اشتغالنا نحن بهذا العمل فحرام حرام.
*الدكتور طه حسين: ضرب لنا الدكتور عزام مثل التركي الذي يعد الموج، فأنا أضرب هذا المثل لكل عالم، فليس للعالم عمل إلا أن يعد الموج، وإن لم يعد الموج فليس بعالم. وإذا كان من عملنا هنا أن نعد الموج في اللغة العربية فلنعد الموج ولا بأس بألا نصل إلى إحصاء الموج كله، فسنحصي منه شيئًا، ويحصي من بعدنا أشياء، وتظل الإنسانية كلها محاولة عد الأمواج.
        فعد الأمواج لا يخيف، أما ما يخشاه زميلنا الشيخ المغربي من تثبيت اللهجات العامية بدراستها هذه الدراسة العلمية فخشية مبالغ فيها، ذلك أن بعض القدماء ألفوا كتبًا في تسجيل المعرب والدخيل والتنبيه على الأغلاط إلى آخره، فلتكن دراستنا لهذه اللهجات لتصحيح ما يصح في العربية منها، والتحذير مما لا يصح، والعلم على كل حال يقصد لذاته لا للمنافع القريبة.
        فلنترك حديث السياسة والاستعمار حين نتكلم في العلم، ومع أني لست من أنصار الاستعمار الفرنسي في أفريقيا الشمالية، أستطيع أن أفاخر في كثير من الغبطة بدراسات ( مرسيه ) في اللهجات العربية في أفريقيا الشمالية، ومهما يكن غرض       ( مرسيه ) من هذه الدراسة فلا شك أنه خدم العربية خدمة جليلة، وليس مما يليق أن يطوف ( مرسيه ) بشمال أفريقيا وأن تبلغ به المغامرة على تقدم السن فيذهب إلى  (فزان) وإلى أقصى البلاد المعمورة في الصحراء، ونظل نحن لا نعمل شيئًا من هذا ولا شيئًا يقارن به. بل نترك الناس يعملون حتى إذا عملوا قلنا استعمار وخلطنا بين الاستعمار والبحث العلمي. وإني لأرجو بفضل حرص المجمع على دراسة اللهجات أن يوجد عندنا من الشبان والشيوخ من يعملون مثل عمل ( مرسيه ). فإذا استطاع الملائكة المصريون والعرب أن يعملوا مثل عمل ( مرسيه ) استطعنا أن نطرد هؤلاء الشياطين الذين يسعون في الأرض فسادًا.
*الأستاذ خليل السكاكيني: من يدرس اللهجات الفلسطينية يجد أمرًا عجبًا؛ فإنك تستطيع أن تعرف بلد الرجل ودينه من لغته. حتى المدينة الواحدة مثل ( القدس ) نجد فيها لغة للمسلمين ولغة ثانية للنصارى. بل إن النصراني الأرثوذكسي يتكلم لهجة مغايرة للهجة النصراني الكاثوليكي. فالمسلمون يقولون مثلاً ( تجرُبة ) ويجمعونها على ( تجارُب )، والمسيحيون يقولون ( تجرِبة ) ويجمعونها على ( تجارِب )، والمسلم يقول  ( أُكتُب ) والمسيحي يقول ( اكِتِب ). والمسلم يقول ( أُسم ) والمسيحي يقول ( اسم ) إلى كلمات كثيرة هذه.
        وأعتقد أن اللغة الحميرية شائعة في فلسطين ؛ فمن ذلك قلب اللام ميمًا فيقولون في ( البارحة ) ( امبارح ) ويحققون التاء المربوطة فيقولون ( اللُّغت العربيَّت ). وليس قصدي البحث في هذه اللهجات بل استنباط فائدة منها، هي أننا يجب أن نتتبع هذه التطورات، ونستخلص منها قواعد لفهم لغتنا. ورأيي أن من أظهر القواعد في تطور اللغات العدول عن الكلمات الطويلة إلى كلمات قصيرة. فبعد أن كان يقال: (هذه الساعة) يقال فقط: (اِسَّا)، وكذلك استبدال الحروف السهلة بالحروف الصعبة، فأهل البادية يقولون مثلاً: ( هَسَّعّ )بالعين المشددة. والعربية الفصحى نفسها خضعت لمثل  هذا التطور. فالقواعد التي نستنبطها من دراسة اللهجات تنفعنا في دراسة الفصحى.
*الأستاذ أحمد أمين: كنت أريد القول إن البحث عن فائدة لكل علم من العلوم ليس من دأب العلماء ولا من مصلحة العلم، وقد أغناني زميلنا الدكتور طه حسين عن الكلام في ذلك، ولكني أحب أن أضيف إليه ملاحظة التناقض في مسلكنا كلما عرض موضوع " الفائدة ": حين يمس البحث اللهجات العامية نقول ما الفائدة ونحن نكتب بالفصحى. أما إذا رأينا شيئًا لا فائدة فيه في الفصحى فنحن نلزم الصمت. نجد في العربية كلمات ميتة. فإذا أريد منا أن نحذفها من المعجم لزمنا الصمت. ونرى قواعد للإملاء ككتابة الهمزة أشكالاً وألوانًا، والألف اللينة أشكالاً وألوانًا كالبهلوان. فلا يقول أحد: ما الفائدة؟
        إذا قلنا: ما الفائدة؟ فلنلتزم هذا القول في العامية والفصحى على السواء.
        ودراسة اللهجات عمل مجيد ولا شك، بما يتضمنه من تقييد الأصوات وتسجيلها إلى آخره. فسنجني من هذه الدراسة فوائد تاريخية واجتماعية عظيمة تلذ الباحث، وهذه اللذة نفسها فائدة، ولكن المجمع بحالته الحاضرة لا يستطيع القيام وحده بهذه الدراسة، فمن الخير أن نتعاون مع قسم اللهجة بكلية الآداب. ومع المعهد  الفرنسي بما عندهما من المراجع والكفاءات.

26 - فبراير - 2008
حول كلمة ترجمان ...
نحن نعدّ الموج(3)    كن أول من يقيّم

*السيد الأستاذ محمد رضا الشبيبي: لاحظت في مجرى النقاش أن كثرة الآراء تميل إلى  أن دراسة اللهجات لا تخلو من فائدة، ولكن المسألة المهمة هي: أهذه الدراسات من صميم أعمال المجمع أم هناك أعمال ومواضيع أهم من هذا يجب أن يشتغل بها المجمع؟
        وأنا أوافق أكثرية الآراء على أن هذه الدراسة لا تخلو من فائدة للفصحى نفسها، ولكني أرى أن يتركها المؤتمر للأشخاص الذين توفروا عليها في كل قطر عربي . ومن هؤلاء عدد من اللغويين في العراق عنوا بمفردات العامية العراقية وقواعدها وأمثالها، وقد رأيت محاولات كهذه في مصر.
        أما المجمع فعنده أعمال أهم من هذا تستغرق وقته وجهده.
*الأستاذ عباس محمود العقاد: المثل الظريف الذي ساقه الدكتور عزام يؤدي بنا إلى تقرير فائدة للعلم ولو عن غير قصد، فوظيفة العلم دائما كما قال الدكتور طه حسين هي أن يعد الموج ولا وظيفة لعالم من العلماء إلا عد الموج. وإذا سئلنا مع هذا عن فائدة عد الموج لم يمكن أن تقطع بجواب. فقد لا ينتهي بنا البحث إلى عد الموج حقًّا، بل إلى أشياء أخرى مفيدة كأن يعرف اختلاف حال الموج في الشاطئ عنه في عرض البحر، واختلافه عند هدوء الجو عنه في الجو العاصف، فقد نستخلص من محاولة عد الموج قوانين ملاحية ذات نفع مادي قريب.
*الأستاذ أحمد العوامري: سمعت من الدكتور خليل عساكر أن دراسة اللهجات تفيد  في درس التاريخ، وقد سبق أن سمعت مثل هذا القول من المرحوم الأستاذ نللينو، فلعل أحدًا من حضراتكم يوضح لي هذا القول:
        ( وكان الدكتور خليل عساكر قد غادر الجلسة، فتولى الأستاذ محمد فريد أبو حديد الرد على استفسار الأستاذ أحمد العوامري بوصفه مقررًا للجنة اللهجات).
*الأستاذ محمد فريد أبو حديد: اللغة وثيقة الاتصال بالقوم الذين يتكلمونها، فدراسة اللهجات بما تكشفه من اتصال بين هذه اللهجات تدل على صلات كانت بين   الأقوام الذين يتكلمونها فقلب اللام ميمًا كما في لهجة فلسطين كما قال الأستاذ السكاكيني وقلب الميم باء في لهجة أسوان كما قال الأستاذ العقاد يصح معه أن نستنبط انتقال بعض القبائل التي تميزت لهجتها بهذا القلب إلى فلسطين أو إلى أسوان.
        وفي الإنجليزية مثلا كلمة (  Mutten )  تدل على لحم الضأن مع أن أصلها الفرنسي ( Mouton ) يدل على الغنم نفسها. وقد سمعت في تفسير ذلك طرفة من الطرائف لها دلالتها عند كتاب التاريخ، وهي أن النورمانديين أهل فرنسا حين ذهبوا إلى إنجلترا وكانوا السادة هناك كانوا يتحدثون بالفرنسية فإذا جلسوا إلى موائدهم وذكروا أن اللحم الذي أمامهم لحم ( Mouton )  أي لحم أغنام، حسب من حولهم من الإنجليز الذين لا يعرفون لغتهم أن هذه الكلمة اسم للحم نفسه فقالوا ( Mutton )  يريدون بها لحم الضأن.
        وفي العربية القديمة نفسها أمثلة لدلالة الدراسة اللغوية على التاريخ الاجتماعي، كوجود بعض الكلمات الفارسية وغيرها في اللغة العربية القديمة، ودلالة ذلك على اتصال العرب بالفرس من قديم الأزمان.
        هذا وأود أن أرد على ما قيل من خلو دراسة اللهجات من الفائدة لدراسة الفصحى. فالاستفتاء الذي بين أيدينا مثلاً قد نصل منه إلى جملة فوائد عملية، فيمكن أن نعرف منه مثلاً أي اللهجات الحديثة أقرب إلى الفصحى. وإذا وجد لفظ صحيح في إقليم ، محرف في إقليم آخر، عرفنا أن من السهل رده إلى أصله، وهذا ييسر لنا تقريب الفصحى من العامية.
        كذلك إذا وجدنا أن اللهجات الحديثة كلها أو جلَّها أجمعت على كلمة لم توجد في المعاجم القديمة، جاز لنا أن نفترض أن هذا اللفظ عربي فصيح، وإن ندَّ عن أصحاب القواميس.
        أما الخشية من أن تشغل هذه الدراسة وقت المجمع وجهده فيرد عليها بأن سوابق عمل اللجنة لا تدل على هذا، فقد جهدت اللجنة سنة أو تزيد لتقدم إلى حضراتكم هذا العمل الذي قدمته، فلن تزيد اللجنة عن الزاوية المقسومة لها، ولن يلح عليكم أعضاؤها بأبحاث لا تجدون فيها فائدة.
*الدكتور منصور فهمي: طالب الحقيقة كما أعلم وكما أشار كثير من حضرات  الزملاء لا يقصد إلى المنفعة قصدًا، بل يبحث عن كل ما غمض عليه، وهدفه الوصول إلى الحقيقة. وكل العلوم يساعد بعضها بعضًا؛ لأن كل العلوم تنتهي إلى الوصول إلى الحقيقة. هذا وكل هيئة مهما ائتلفت لأداء غرض من الأغراض فلكل فرد منها ميول خاصة، ولذلك قسم المجمع لجانًا، فإن كان من بين أعضاء المجمع من تدعوهم ميولهم إلى البحث في اللهجات، فلا ينبغي أن نقول لهم ونحن هيئة علمية تريد الوصول إلى الحقيقة من كل باب: لا تسيروا في اتجاهكم الذي هيأتكم له الطبيعة.
        هذا من جهة، وأعتقد من جهة أخرى أنه كما يساعد درس الجسم المريض أو المشوه في دراسة الجسم السليم، فكذلك دراسة اللهجات العامية إذا عددناها لغات مريضة تساعد على دراسة اللغة الفصيحة.
        وليس لدينا عمل يغمرنا لأن عملنا خالد، وقد تمضي لجنة اللهجات في درسها سنوات لتكتب لنا تقريرًا في صفحات. فمسألة الأهم والمهم، كمسألة الفائدة، لا  ينبغي أن تدخل في حساب المجمعيين .
*الدكتور طه حسين: أوافق على المنهج الذي وضعته اللجنة؛ لأنه هو المنهج الذي يعمل به المختصون في كل البلاد. وأستطيع أن أقول إنه منهج دولي أقرته كافة المؤتمرات الغوية.
        وأرجو أن يأخذ الأستاذ الرئيس الرأي على هذا التقرير.
        فاعترض الأستاذ علي الجارم وطلب أن يبحث المنهج فقرة فقرة، وأيده الدكتور عبد الوهاب عزام.
        ثم دارت مناقشة بين حضرات الأعضاء موضوعها:
        أيقر المؤتمر لجنة اللهجات على الخطة التي وضعتها بفقراتها الخمس أو يكتفي بإقرارها على البحث في اللهجات وإقرارها على أن تمضي فيه؟
 
        وانتهى حضرات الأعضاء إلى الموافقة بالأغلبية على القرار التالي(1):
        " قرر المؤتمر الموافقة على الخطة التي تقدمت بها لجنة اللهجات، وتيسير   الوسائل التي تؤدي إلى تحقيق الأغراض التي تقدمت ببيانها في تقريرها الذي عرض على المؤتمر".
 

26 - فبراير - 2008
حول كلمة ترجمان ...
البطل والخائن والبنت التي تبلبلت    كن أول من يقيّم

 
كل التحية للأستاذ ياسين الشيخ سليمان والتقدير لكلماته الطيبة والنبيلة ، وأهلاً ومرحباً بالدكتور هاشم الشولي :
 
عندما قرأت مقالة الأستاذ ياسين السابقة وكلامه عن أفلام اللصوص ورعاة البقر ، تذكرت تلك الأيام التي كنت أذهب فيها مع أخي إلى السينما وكان في العاشرة ربما من عمره أو أقل ، وانا في الرابعة تقريباً ، وكان يهوى هذا النوع من الأفلام التي يكثر فيها القتال والمعارك وضرب الرصاص . ولما كنت في تلك السن لا أستطيع ، لا زلت ، قراءة الترجمة ، فقد كان يتعذر علي أن أفهم ما يدور من أحداث دون مساعدة ، فكنت أسأل أخي بعض الأسئلة ( الكثير منها ) وكان يجيب عليها أحياناً بتأفف ونفاذ صبر ، لأنها كانت تمنعه عن الاستغراق في أحداث الفيلم ، وأحياناً لا يجيب . كانت المشكلة بالنسبة لي هي أن أعرف ، ومنذ البداية ، من هو البطل ؟ ومن هو الخائن ؟ وغالباً ما كنت أتمكن من معرفتهم بسهولة لأن العادة التي كانت دارجة في تلك الأيام هي أن يتم الترحيب بالبطل في أول مشهد يظهر فيه على الشاشة بالتصفيق له بحرارة يرافقها أحياناً بعض الصفير الذي كان يعلو ويتواصل كلما ازدادت شهرته ونجوميته . وأذكر أنه كان يحصل الشيء نفسه عندما كانت تظهر صورة جمال عبد الناصر في الشريط الإخباري المصور الذي كان يسبق العروض ، فكانت الصالة تعلو بالتصفيق والصفير بل والهتاف أحياناً حتى تختفي الصورة عن أعيننا .
 
وحدث يومها أننا ذهبنا لمشاهدة فيلم كاوبوي فيه ثلاثة من الأبطال ومجموعة من الخائنين . فصفقوا لأكثر من واحد ، والأنكى أنهم كانوا بالنسبة لي يشبهون بعضهم البعض . وكان ذلك الفيلم مليئاً بالخائنين . ولم أعد أفهم شيئاً . فكنت كلما ظهر ممثل منهم على الشاشة سألت أخي : " هو بطل أم خائن ؟ " فكان مرة يجيب ومرة لا يجيب ! وأختلط علي الأمر ولم أفهم شيئاً على الأطلاق ، تبلبلت ، وبقيت على حسرتي حتى النهاية . عندما خرجنا من القاعة ، حاولت التوقف للنظر إلى الملصقات الدعائية لعلني أتميز وجه البطل فيها ، لكن دون جدوى لأن الزحام عند الخروج يكون شديداً . وأما أخي ، وبعدما عدنا إلى البيت ، فلقد أقسم وهدد وتوعد أمام أمي بأنه لن يصطحبني معه إطلاقاً في المرة القادمة .
 

28 - فبراير - 2008
أغانٍ لها ذكرى في حياتي
محاولة إعراب    كن أول من يقيّم

 
من بعد طلب الإذن من الدكتور مروان العطية الذي تطفلنا على موضوعه ههنا ، لكني لا أستطيع أن أترك جملة عبد الحفيظ بدون محاولة إعراب جديدة وهي المحاولة رقم X  بعد السنة الألف :
 
قصيدة عرجاء :

ثلاث ليال وأنا لا افلح في كتابة القصيدة، إنها لا تسير. أضع كلمة انفجار فلا تنفع في تحريكها. أجدها منزوعة القوة مع اني وضعت فيها كل عصارتي. صنعتها بمقاييس صحيحة، وبذلت فيها كل خبرتي ولا تعمل. أسمع كل مساء دوران عجلاتها على السكة وفي الصباح أجدها حديداً بارداً. هل ضعفت قدرتي على الحكم كما شحّ بصري، أم انها رغبتي في أن أضع كثافتي في هذا المكان؟ أن أجد محركاً أوحد للأشياء التي تتطاير في عقلي. وضعت كثيراً من الشِعر، كثيرا من الفؤاد في القصيدة فصارت عرجاء.

تتوقف القصيدة وأبقى في ظهرها منتظراً أن تنطلق إلى الخلف. أجول بمصباحي ومعطفي، وأقول أنا السائق وبوسعي أن أقودها إلى الوراء. لقد وضعت نفسي وعظامي الكبيرة هنا، وستكون هذه شحنتي. إن عصيَتْ فلأنها محصورة في جسدي. لقد وضعت فيها كثيراً من الشعر، كثيراً من الفؤاد. أثقلتها بنفسي وكان خيراً لي لو سرقتها، كان خيراً لي أن أكون لصاً لا قاضياً. لا تتحرك القصيدة، لأنني قصدت بها فوراً الى الحقيقة، كان أحرى بي ان ادور اولاً في مدينة الملاهي، ان ألعب على الارقام الحمراء والخضراء قبل ان اجد سطراً طويلاً من الانقاض قربي. القصيدة العالقة بفقرات ظهري، القصيدة التي ترفض ان تخرج من حياتي .......
 
  عباس بيضون
 ( وضعتُ كثيراً من الشعر كثيراً من الفؤاد في القصيدة فصارت عرجاء )
 
* عن السفير الثقافي 01/03 / 2008

1 - مارس - 2008
موضوع للمناقشة وإبداء الرأي .. أسلوب الاختصاص ، وأمه النداء !!!
إلى الأمام    كن أول من يقيّم

أضم صوتي إلى صوت الأستاذ صبري أبو حسين بأن الطالبة سلمى العمراني هي قاصة جيدة لأنها تمتلك القدرة على سرد الأحداث والتقاط التفاصيل التي تقربنا من روح الحدث ، بل وهي قادرة على استخدام العبارات المناسبة وانتقائها بعناية . وإذا كانت قد كتبت أقصوصتها الثانية " قطرة من شاطىء الحياة " في الصف التاسع ، فهذا يعني بأنها كانت تقريباً في الخامسة عشرة من عمرها وهذا جيد جداً ويدل على موهبة أكيدة : الموهبة كما أراها هي الرغبة والدافع التي تمنح الكاتب الإرادة والتصميم على الكتابة للتعبير عما يجول في نفسه . الباقي يأتي مع الخبرة والتعلم والتجارب المختلفة التي تصقل هذه الموهبة وتضع لها الإطار المناسب .
 
لدي ملاحظة ربما حول وحدة الموضوع ، ففي النص الثاني يبدو لنا بأن هناك حدثين لا نشعر بوجود الترابط بينهما ، حادثة موت الأخت وحادثة ضياع الأب : ولو كانت قاصتنا الشابة تريد أن تعني بأن موت الأخت كان قصاصاً غير مباشر وأن الموضوع واحد إلا أن هذا الشعور لا يصل للمتلقي على هذا النحو . وأما إذا كان مجرد سرد لسيرة هذه العائلة فيكون هناك فصل أكيد بين حياة الأب الذي اختفى من الصورة فيما بعد وموت الأخت .
 
مع خالص التحية للقاصة الشابة : سلمى العمراني وتمنياتنا لها بالتوفيق والنجاح ، وتحياتنا للأستاذ صبري الذي يرعى هذه المواهب الواعدة ويتيح لنا فرصة التعرف بها .
 

3 - مارس - 2008
أقصوصة:" أعادت لي الحياة أفريقيا":
 58  59  60  61  62