البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات ياسين الشيخ سليمان أبو أحمد

 57  58  59  60  61 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
شكرا لأستاذنا    كن أول من يقيّم

تحياتي أستاذنا الغالي، زهير ظاظا، حفظك الله ورعاك،
وأشكرك من صميم قلبي على ما تتحفنا به من فوائد جمة لا يمكننا معرفتها دون الاستعانة بفكرك النير، وعلمك الواسع، وفي مختلف المواضيع. وشكرا على نبأ الإخوة من بني الشهيد، الذين آواهم قبر واحد، مثلما كان همهم واحدا.
 

25 - نوفمبر - 2010
في تاريخنا عبرة لأولي الأبصار
لدي مشكلة..    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

رأي الوراق :

لدي مشكلة مثلما هي لدى كل محب للحق والعدالة
 
مشكلتي مع أخبار التعذيب والقتل التراثية وغير التراثية أنني آلم ليس من التعذيب الجسدي فحسب؛ وإنما من الآلام النفسية التي تنتابني مدة طويلة كلما طالعت شيئا من ذلك. فامتهان الكرامة الإنسانية لنفس المعذَّب أشد ألما عندي من التعذيب الجسدي. 
إنني كلما أتخيل الشهيد أبا بكر بن النابلسي وهو يلطم ويرجو ويتوسل ثم يسلخوه حيا، أو أتخيل غيره ممن دفنوا أحياء ، أو دقت المسامير في آذانهم أو في عيونهم ، أو ما يعجز الوصف عن بيان بشاعته من أنواع التعذيب والقتل، يقشعر جلدي ، ويكاد اليأس ينتابني من صلاح البشرية.
قبل خمسة وثلاثين عاما حدثت في منطقتنا جريمة قتل بشعة كان ضحيتها رجل مسن من قريتنا ، قتلته زوجته(يبدو أن طينتها من طينة السلاخين) بالتعاون مع أهلها (وهم من قرية أخرى) لأسباب لا مجال لذكرها.اعترف الجناة بالجريمة ودلوا الشرطة على مكان الجثة. حضر ذوو المجني عليه فمنعتهم الشرطة من رؤية الجثة في هذه الحال؛ خشية أن يثوروا وينتقموا من عائلة الجناة، أو يتطور الأمر إلى العداء بين قريتين؛ فتطوع بعض الأشخاص وكنت أنا منهم بجلب الجثة من المكان الذي كانت مخفاة فيه، فإذا بها مقطوعة الرأس واليدين والرجلين ومحروقة.. ندمت ندما شديدا على تطوعي، فقد كان تطوعي " نخوة عرب " كما يقال، وخجلا من ذوي القتيل، وليس حبا بالمساعدة في وضع كهذا. وكان الواجب على الشرطة أن تحضر من يقوم بهذه المهمة..
مكثت مدة سنة كاملة لا أذوق أي نوع من اللحوم بما فيها اللحوم المعلبة، ومكثت سنة أخرى بالتدرج في اعتياد أكلها؛ ولكن الذي يؤرقني كلما فطنت لتلك الحادثة هو كيف تطوع للإنسان نفسه أن يرتكب ما يرتكب من جرائم في حق أخيه الإنسان؟! أما الإجابة فما زلت لا أعلمها .
إنني لم أشاهد في حياتي، وأنا ابن بيئة قروية، حمارا يقتل حمارا، أو قطا يقتل قطا، او كلبا يقتل كلبا، وإن يحدث هذا فلا بد ان يكون قليل الحدوث.. كل ما يفعله الحمار بعد صبره على ما يفعله به صاحبه الإنسان من أفاعيل أنه ربما يعض أو يرفس من يضربه ضربا مبرحا، أو إنه يعلو نهيقه ويعنفص كلما اشتم رائحة أتان إذا لم يكن (طواشة)، وهذا حقه وغريزته. وأنظر إلى القطط من حولي، فأراها تتسابق لنيل ما ألقيه إليها من طعام، ثم لما تشبع أراها تلعب وتقفز وتتدرب صغارها على صيد ما في الأرض من خشاش. أما الكلاب فلا حاجة لذكر وفائها وإخلاصها. فقد فضلها (المرزباني) على كثير ممن لبس الثياب. ومدح شاعر خليفة فشبهه بالكلب في الحفاظ على الود، وكان الشاعر يومها بدويا جافيا. ونعمت البداوة الجافية الصادقة!، وبئست المدنية الكاذبة الخاطئة!
أما الرجل الكردي العراقي، الذي أعلن قبل بضعة أيام عن إنشاء جمعية أو حزب سماه حزب الحمير؛ احتراما منه للحمير وفضلها وصبرها، فهو عندي ناقد اجتماعي وسياسي يهدف إلى الإصلاح. وهو رجل منصف يرى في الحمير خيرا لا يراه في الكثير من بني الإنسان المنحرفين عن فطرتهم السوية، وقد كنى نفسه بأبي الصابر كما هي كنية الحمار، وهو بصدد إنشاء خان( مركز) لحزبه، وافتتح لحزبه بعض الفروع؛ والنقد عنده اسمه الرفس، والشكوى اسمها النهيق، وهو بصدد إنشاء إذاعة يسميها صوت النهيق... والذي فاته خبر جمعية أو حزب الحمير هذا، فليكتب، إن شاء، في خانة البحث على قناة "يوتيوب" جملة: " حزب الحمير".
والحيوانات المفترسة إن تقتل وتفترس وتلعق الدماء فلا يلومها لائم . فحياة الحيوان من السباع قتل وافتراس ؛ ولكنها إن اعتدت اعتداء لا عن جوع وفاقة، وإنما طمعا واستئثارا على غيرها فربما يحاسبها الله، وقد ورد معنى ذلك في الأثر. فكيف ببني آدم إذا غدا التعذيب والقتل أشهى لديهم من كل شهي؟!
 

26 - نوفمبر - 2010
في تاريخنا عبرة لأولي الأبصار
أسعد الله اوقاتكم استاذنا زهير    كن أول من يقيّم

وبارك في جهودكم ونفعنا بها،
لقد طالعت قصيدة الشدياق مرارا لتزول حيرتي فلم تزل .فقد حرت في هذا الغزل الواضح من الشدياق بمصطفى وهبي ، والذي تبينه أبيات كثيرة العدد في القصيدة ، فهل هي طريقة من طرق الشعراء في العتاب والمدح وإبداء الإعجاب بواسطة الغزل، أم إن المقصود هو الغزل على وجه الحقيقة ؟!
لقد طالعت على الإنترنت معلومة صغيرة تفيد بأن المرحوم مصطفى وهبي كان مملوكا للشيخ شهاب شاعر محمد علي ونديمه، فهل كان الشدياق  ما زال متأثرا بأشعار الغزل بالذكور من المماليك وغيرهم عند بعض السابقين؟ وهل من نبذة عن الشيخ شهاب المذكور؟
 
 

26 - نوفمبر - 2010
ذكرى مصطفى وهبي مؤسس المطبعة الوهبية بمصر
مبدأ الشورى مبدأ فطري    كن أول من يقيّم

تحياتي أستاذنا الدمنهوري ، وشكرا لك على هذه المساهمة الهامة المفيدة، ذات اللغة والأسلوب الرائعين،
إن من أهدافي في هذا الملف بلا ريب أن أتعظ من حالنا الماضية لأنظر كم وكيف تنفع الموعظة في حالنا الحاضرة ، مع ركوبي مركب العقل والعقلانية؛ مبحرا نحو شاطئ السلامة الفكرية ما أمكنني، وذلك بابتعادي ، ولو مجبرا أحيانا،عن العاطفة والتحيز لبني ديني وجنسي . فالنقد الذاتي لدي كأنه طبع طبعه الله فيّ في سن باكرة. وكم تفكرت في هذا الطبع فوجدته أقرب ما يكون إلى الحق، وأبعد ما يكون عن الضلال.
إن تاريخنا العربي الإسلامي لا يخلو كما نعلم كلنا من محاسن بزت كل المحاسن، ومن مشاعل نور أخرجت كثيرا من أبناء البشرية من الظلمات إلى النور، وكيف لا وهذا النور من نور الله تعالى!، وكل هذا كان في برهة ليست بالطويلة؛ ولكن مسيرتنا التاريخية ظلت بعد تلك البرهة تكبو مرة وتنهض مرة، ثم تكبو وتكبو مرات عديدة، إلى أن وصلت إلى ما نحن عليه الآن من فرقة وتشرذم، وإلى ما نحن فيه من هوان على مختلف الأصعدة الأممية والدولية.
وعندما نتفكر في أحوال الأمم من غير العرب والمسلمين، نجدها وقد أفادت كثيرا من العبر من تاريخها الذي ربما بلغ في معظمه من السوء مبلغا بعيدا جدا، إلا أن غالب هذه الأمم الآن فيها الكثير من الخير، وفيها الكثير من التقدم في جميع مجالات الحياة بأنواعها، وفيها الكثير من حرية الرأي والقول، بل وفيها من نظرة الإنسان إلى أخيه الإنسان نظرة الحب والرحمة والمساواة، باستثناء من نشئوا على التعصب للجنس أو العرق أو االمعتقد وما زالوا. ولا أعني نظرة الحكومات وقادة الدول، فهؤلاء في غالبهم تحكمهم طبيعة السياسة الدولية ومصالحها، مع أنهم تجاه شعوبهم هم لا يألون جهدا في خدمتها. ولو قارنا حال تلك الأمم بحالنا نحن الحاضرة، لوجدنا البون شاسعا، والتشابه شبه معدوم.
ما السبب في انعدام التشابه؟
المعلوم أن من أساسيات استقامة حياة المجتمعات أن تتبنى مبدأ الشورى نظاما لحياتها، والذي ذكره الله تعالى في كتابه الكريم. فـ " وشاورهم في الأمر" و " أمرهم شورى بينهم" متضادتان تمام التضاد مع الاستبداد. ومن العجيب أن مبدأ الشورى لم يتحقق لدى العرب والمسلمين إلا في صدر الإسلام ! فبدل أن يعتاد المسلمون هذا المبدأ الهام، الذي باعتياده يتخلصون من الشقاق والنزاع والفرقة، رأيناهم وقد تناسوه تناسيا شبه تام، ونبذوه وراء ظهورهم؛ متعللين بأن واقع الحال السياسي والاجتماعي ، وأهمية العصبية والقوة هي التي تنفعهم في تثبيت دعائم ملكهم واستقرارها. وظل المسلمون على هذه الحال حتى الآن على الرغم من أن كثيرا من شعوب العالم وحكوماته التزمت مبدأ الشورى بشكل أو آخر، فاستراحت مما يسببه كبت حرية الرأي من مصائب، وما يجره من ويلات.
ويأتي اليوم الذي يضطر فيه العرب والمسلمون إلى اتخاذ مبدأ الشورى منهجا بأمر وهدف من دول الغرب القوية، التي تتحكم في السياسة، وفي القوة العسكرية، وفي الاقتصاد العالمي، لينصاع العرب انصياعا ظاهريا فقط، ذلك أن مبدأ مثل هذا لا يتبع قسرا، بل إن اتباعه يجب أن يصدر عن اقتناع و عن رغبة تسعى إليه دون ضغط أو إكراه ، فكانت النتيجة أن ما يسمونه بالديمقراطية طغى عليه عندنا المكر والخداع، وتلون بألوان الزيف والبهتان ، فصارت حالنا أسوأ من حال الاستبداد البين الواضح. وكانت النتيجة أيضا أن أنظمة الحكم لدينا ظلت تسير على نفس المنوال وإن اختلفت مسمياتها، بين نظام ملكي، أو جمهوري، أو سلطاني ، أو أميري، فهي مسميات متعددة لنظام واحد. وأصبح الحزب يمثل العشيرة أو القبيلة، وظل التمسك بالنسب والعرق وبالطائفية سائدا، فتفرق الناس شيعا وأحزابا، لا عن ديمقراطية؛ ولكن ليذوق بعضهم بأس بعض.
وتنشأ بيننا جماعات تطالب بالحريات، منها من يحاول التشبه بالإسلام في أول أمره أو كما تفهمه هي أو منظروها من القرآن والسنة والتاريخ، كالجماعات الإسلامية، ومنها من يحاول التشبه بالنظم الديمقراطية الغربية؛ فتولد لدينا الليبراليون، والعلمانيون، والديمقراطيون، الذين غدوا يطالبون بفصل السياسة عن الدين، وان تكون الدولة مدنية ويظل الدين شأنا شخصيا لكل فرد من الأفراد. ولقد فات أولئك أن الدين لا ينحصر أمره في إقامة الحدود والعبادات؛ وإنما الدين هو الفطرة السوية التي تكره الظلم، وتسعى إلى إحقاق الحق والقضاء على الباطل بالزوال.. وهو الدين الذي أكبر همه سعادة الإنسان في آخرته وفي دنياه، وهو الدين الذي يسعى إلى المساواة بين الناس على اختلاف أجناسهم ومعتقداتهم، ويسعى إلى تحرير نصف المجتمع من الإناث من عقاله،أو من ابتذاله، ويسعى إلى ضبط الحرية الشخصية حين تصادمها مع المصلحة العامة.. وهو الدين الذي نص على الشورى وحرية الرأي..
إن الدين بهذا المعنى الذي ذكرناه لا يبقى فيه مجال للعبث أو الإفساد، لا من مسلم من أي طائفة كان، ولا ليهودي ، ولا لمسيحي، ولا لبوذي، ولا لهندوكي، ولا حتى لملحد منكر للدين من أصله.
ونعود إلى مبدأ الشورى، لنرى فيه أنه مبدأ يتماشى مع فطرة الإنسان السوية، التي لا يمكن ان ترضى بالاستبداد وفرض الرأي بقوة السيف. 
البقية تأتي إن شاء الله

30 - نوفمبر - 2010
في تاريخنا عبرة لأولي الأبصار
فضلكم علينا لا ينسى    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

أحييكم أستاذنا الغالي زهير ظاظا؛ شاكرا لكم جهودكم المغنية في هذا الملف وفي غيره من الملفات، هذا، وإنني أعتبر وجودكم في هذا الموقع المحترم  من أكبر السلوان لي في هذه الحياة ، واكبر معلم وموجه لي إلى الطريق السوي، الذي يؤدي إلى استراحة البال وهدوء الحال. ففضلكم أستاذنا، علينا لا ينسى.
ولا يفوتني أن أبدي إعجابي بصديقكم الأستاذ السريحي وفقه الله، كما وأشكركم على "أيام لا تنسى"، وعلى المعلومات المفيدة عن الأب أنستاس ماري الكرملي، الذي عرفنا عنه حبه للغة العربية وخدمته لها، حبا وخدمة لا شك في صدقهما، وذكرتنا كتابتكم عنه بالأديب والمربي الفلسطيني  المرحوم خليل السكاكيني.
إنني وأنا أحاول إعادة كتابة التاريخ لنفسي( بمعنى قراءته قراءة أخرى غير قراءتي إياه وأنا في مقتبل العمر) ، أكون مطمئنا إلى توجيهاتكم وتوجيهات السادة القراء، ففيها الخير كل الخير، وفيها الفائدة كل الفائدة.
من وحي ابن خلدون
وإنني ، ومنذ بضعة عقود، وأنا أطالع وأعيد مطالعة مقدمة ابن خلدون، وأركز على اعتباره العشائر والعصائب أهم مقوم لقيام الحكم والسلطان، بل إن ابن خلدون ، كما تعلمون حضرتكم، عد الانتصار بالعشيرة والعصبية عادة مستقرة في الناس بما فيهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. فابن خلدون وصف واقعا جرت العادة عليه عشرات القرون . أما الأنبياء عليهم السلام، فأمرهم يبدو مغايرا. فمنهم من حماهم رهطهم من الرجم كالنبي شعيب(ع) فقد كان رهطه أعز على الكفار من الله تعالى، ومنهم من أعانهم كونهم من عشيرة لها موقعها بين العشائر كالنبي محمد(ص) رغم أن من عشيرته الأقربين من كانوا من ألد أعدائه، وما نصره بإذن الله إلا تضحياته وتضحيات من معه من المؤمنين من مختلف القبائل والأعراق. ومنهم من لم تكن لديه قوة ولا ركن شديد يأوي إليه كلوط (ع)، ومنهم من حرّقه قومه انتصارا لآلهتهم كأبي الأنبياء(ع) ، ومنهم من نشره قومه بالمناشير كزكريا(ع)، ومنهم من أسلمه قومه للذبح كيحيى(ع)، ومنهم من قتله وصلبه قومه ( ظنا منهم انه هو) كالمسيح (ع)، ومنهم من آذاه قومه وأتعبوه وعصوه وكلهم من أقربائه أبناء إسرائيل كموسى(ع)، ومنهم صالح(ع) ، ومنهم هود(ع) وغيرهم ممن لم تنفعهم عشيرة ولا قبيلة إلا قلة من الذين آمنوا. ومنهم كذلك يوسف(ع) الذي آذاه أقرب الناس إليه.. كل أولئك الرسل والأنبياء ما نفعهم في حقيقة الأمر إلا إيمانهم وتضحياتهم ومن معهم من المؤمنين القلائل، وكل ذلك بعون من الله تعالى وتوفيق. ولهذا أرى أن فكر ابن خلدون في مسألة العشائر والعصائب لا ينطبق كثيرا على الأنبياء والرسل، فهم مستثنون من العادة الاجتماعية التي ركز عليها ابن خلدون، وهم قد أرسلوا في الأصل من أجل هدم أسس تلك العادة وتحويلها إلى اعتياد الإيمان بالله وطاعته بصرف النظر عن الانتماء القومي المعرض للتغير والتبدل على مر السنين باختلاط الناس بالنسب والمصاهرة، والذين يعودون جميعا إلى أب واحد وأم واحدة.
ومهما يكن فكر ابن خلدون صادقا في مسألة العصبية والاعتزاء بها لدى بني آدم الذين سبقوا، فإن من لحقهم من بني آدم المعاصرين لم تعد أنظمة الحكم الفاعلة ترتكز عندهم على العصبية القبلية، بل على توافق الآراء والأهداف وخدمة شعوبهم بأعراقها المتباينة؛ ممثلة في الأحزاب السياسية الحاضرة، خاصة في الدول التي تسمى بالمتقدمة ، بل إن كثيرا من الدول التي تسمى بالعالم الثالث اضطرت إلى انتهاج نفسج نهج الدول المتقدمة ولو ظاهريا على الأقل. لهذا كله كانت إعادة قراءة التاريخ  واستخلاص العبر منه لإصلاح حال الأمة أمرا لا بد منه .
أستودعكم الله، وأعود إلى ما كنت أعددته للنشر في هذا الملف.
 

2 - ديسمبر - 2010
في تاريخنا عبرة لأولي الأبصار
لزوم الجماعة    كن أول من يقيّم

رأي الوراق :

 
ابن تيمية رحمه الله ،الذي ذكره الأستاذ الدمنهوري، وغيره من علماء المسلمين، والذين أشاروا إلى ضرر الخروج على السلطان، وإن ضرر هذا الخروج أكبر من نفعه بكثير، كانوا يصفون أحوال العهود التي عاشوها، والتي لم تختلف كثيرا عن عهود من سبقهم من دول المسلمين، ولا من لحقهم منها من جهة أحوالها السياسية. فالحكم فيها للأقوى، ولذي العزوة والمنعة . فخروج الضعيف على القوي لانتزاع السلطان منه، أو محاولة تقويمه، عمل فيه من التهور ما فيه، وفيه من الخطأ في حسابات الربح والخسارة الشيء الكثير. وابن خلدون نفسه، وهو عالم في الاجتماع وممارس للسياسة خطير، أشار إلى أولئك المتدينين السذج، الذين كانوا يدعون إلى إحقاق الحق، وإرساء قواعد العدالة؛ مستندين في ذلك إلى تقوى وإيمان أتباعهم من عامة الناس، ثم لا يلبثون إلا قليلا حتى يتمكن السلطان من رقابهم . يقول ابن خلدون في مقدمته: "  ...ومن هذا الباب أحوال الثوار القائمين بتغيير المنكر من العامة والفقهاء فإن كثيرا من المنتحلين للعبادة وسلوك طرق الدين يذهبون إلى القيام على أهل الجور من الأمراء داعين إلى تغيير المنكر والنهي عنه والأمر بالمعروف رجاء في الثواب عليه من الله فيكثر أتباعهم والمتلثلثون بهم* من الغوغاء والدهماء ويعرضون أنفسهم في ذلك للمهالك وأكثرهم يهلكون في هذا السبيل مأزورين غير مأجورين لأن الله سبحانه لم يكتب ذلك عليهم وإنما أمر به حيث تكون القدرة عليه..." .
على أن تاريخنا حفل بذكر خليفة مسلم رفض الانصياع للأمويين مثلما الأمويون رفضوا الانصياع إلى خلافة علي بن أبي طالب(ر)، وهو عبد الله بن الزبير(ر)**، أول مولود في الإسلام، والذي لم يكن من عامة الناس ودهمائهم، فقد كان عينا من أعيانهم، وأبوه صحابي كبير ، وأمه ذات النطاقين صحابية كبيرة .
 دانت بلاد كثيرة لخلافة ابن الزبير منها خراسان والعراق ومصر وأجزاء من بلاد الشام معقل الأمويين مدة تسع سنين ونيف؛ ولكن عبد الملك بن مروان استطاع أن يقضي عليه ويتخلص منه عن طريق الحجاج، بعد أن قتل أخاه مصعبا، وهدم قصر الإمارة بالكوفة.
عبد الله ابن الزبير إذن لم يكن مثل الذين ذكرهم ابن تيمية وابن خلدون، ولا يمكن أن يوصف بما وصفوا به. فهو لم يكن مغمورا لا حول له ولا قوة ولا عزوة مثلهم حتى يلام على ثورته على بني أمية، وليوصف بأنه لا دينا أظهر ولا دنيا أبقى . فما العمل إذن مع من هم مثل الأمويين ومثل ابن الزبير على مر التاريخ العربي الإسلامي؟ أليس الحل السليم المريح، والخالي من سفك الدماء وهضم الحقوق، هو أن تتاح للناس، عربا وغير عرب، مسلمين أو من أي دين آخر في كل زمان ومكان حرية الاختيار دون ضغط أو إكراه أو تزوير لنتائج الانتخابات؟!
أما الجماعة التي يجب علينا لزومها فمن هي؟ هل هي الجماعة التي استولى زعماؤها على مقاليد الأمور بقوة السلاح، أو هي الجماعة التي تدعي حكم الناس بتفويض من الله تعالى، أو لقرابتها من النبي صلوات الله عليه، أم هي الجماعة التي ينتخبها عباد الله اتباعا للشورى التي أمر الله بها؟! وهل هي الجماعة التي زعماؤها من الأغنياء وذوي الجاه ، والفقراء ليس لهم عندها نصيب؟! أو هل هي الجماعة التي زعماؤها من ذوي اليسار والانتماء القبلي والعشائري،أو العرقي، وأن من ليست له قبيلة أو عشيرة تمنعه، فلا حظ له في إدارة أو حكم؟ لا شك في أن اتباع الشورى هو الأمثل، وهو الأولى والأفضل، بل هو الواجب المفروض.
إن الجماعة التي يجب علينا لزومها هي جماعة المؤمنين الخيرين، أهل الفطر الصافية السليمة النقية، الذين لا يبطشون بصاحب رأي، ولا ينقمون على أحد شكوى أو نصح أو توجيه نقد جريء .. والذين حبهم للعدالة ولأوطانهم وشعوبهم يكاد يعدل حبهم اللهَ ورسوله. والذين يرون في حكمهم المسلمين وأصحاب الأعراق أو الديانات الأخرى من شعوبهم أمانة ثقيلة في أعناقهم ، ويخافون يوما تشرئب فيه الأعناق، وتتقلب فيه القلوب والأبصار.
لقد ولي الخلافة كبار الصحابة أول الأمر، فما كان لأحد منهم مطمعا في جاه أو سلطان أو مال، وما كانوا ليرضوا أن يتولاها أحد من أبنائهم.. وما كانوا ليضيقوا بنقد ناقد، ولا بنصيحة ناصح.
ولو كانت الشورى محل اهتمام المسلمين جميعهم في عهد ابن الزبير، وأن الخليفة هو المرشح الذي يحصل على أكبر تأييد من الناس، وأن على المرشحين الآخرين التزام النتائج الانتخابية، لما ضربت الكعبة المشرفة بالمنجنيق، ولما قتل من قتل من المسلمين، ولما قتل ابن الزبير وقطع رأسه** وصلب وسلخ جلده على بعض الروايات، ولمَا رجت السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق( رضي الله عنهما) الحجاج إنزال جثة ابنها من على خشبة الصلب قائلة والحزن والألم يعتصر قلبها: " أما آن لهذا الفارس أن يترجل!"، ولما اضطر عروة ابن الزبير أخو عبد الله أن يلجأ إلى قتلة أخيه يستعطفهم ليبقوا عليه حيا، ولما اضطر الكثيرون إلى النفاق للمنتصر ؛ رغبة في نوال، أو طمعا في رد تهمة.
والنفاق، أعاذنا الله منه، داء شره مستطير، وضرره كبير وخطير. ويكفينا من أمر النفاق أن الله جل وعلا جعل المنافقين في الدرك الأسفل من النار، هذا من جهة النفاق في العقيدة كما نفهم من علماء الدين، إلا أن النفاق في غير العقيدة أيضا رذيلة ما بعدها رذيلة. فالنفاق يمحو شخصية الإنسان السوية، ويستبدلها بشخصية ليس فيها من الإنسانية غير الشكل الظاهري، ويجعل كرامة الإنسان وشرفه في الحضيض..
يتبع..

2 - ديسمبر - 2010
في تاريخنا عبرة لأولي الأبصار
هامش المشاركة السابقة    كن أول من يقيّم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*أقاموا معهم لا يبرحونهم(أنظر لثث في لسان العرب)
** قلة من المؤرخين من عدوا ابن الزبير خليفة من خلفاء المسلمين، فكأن واقع السيطرة الأموية، وقصر مدة خلافته ، والنهاية التي انتهى إليها، كل ذلك جعلهم ينسون أو يتناسون كونه خليفة.
 

2 - ديسمبر - 2010
في تاريخنا عبرة لأولي الأبصار
الضغط والإكراه غالبا ما يؤدي إلى النفاق    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

رأي الوراق :

 
إن الضغط والإكراه والترهيب الذي يقع على الناس من الحكام أو من غيرهم، كثيرا ما يؤدي إلى جعلهم منافقين دون قصد سابق منهم إلى النفاق، ويضطرهم إلى اللجوء إلى تبرير أفعالهم أمام منتقديهم بطرق ملتوية غير مقنعة، وهذا مما يُفقد الناس الثقة بمن كانوا يقتدون بهم؛ سواء كان المقتدى بهم من العلماء بالدين، أو من موظفي الحكومات، أو من الصحفيين والكتاب والأدباء والنقاد، أو من غير هؤلاء ممن يقع عليهم الإكراه الملجئ إلى النفاق.
ونضرب مثلا ببعض من علماء الدين السابقين ومن تبعهم على رأيهم في زماننا هذا. فقد قالوا بحرمة الخروج على الحاكم الفاجر، ولو أزهق أرواح الناس ظلما، وابتز أموالهم بغير حق، بل لو ارتكب الكبائر جميعها. فما دام مسلما، لا يجوز الخروج عليه؛ لأن الخروج عليه عندهم يمكن أن يتسبب في مفسدة أكبر وفتنة أعظم ربما يروح ضحيتها أعداد كبيرة من الناس، ويكون مصير بلاد المسلمين في كف عفريت . فهم استندوا إلى أن درء المفسدة أولى من جلب المنفعة ، ورأوا أن بقاء الحاكم الفاجر مرتكب الكبائر أقل سوءا من الخروج عليه. وقد ذكرت بعض كتب الحديث النبوي أحاديث عديدة، وهي إما موضوعة، أو ضعيفة بمعنى الضعيف عند المتأخرين، أو في أحسن الأحوال بعضها مرسل، في الأمر بالصلاة وراء كل بر وفاجر...الخ.
ويرد الآن على خاطري سؤال لأولئك العلماء: لو كان الرئيس اللبناني مثلا ، وهو مسيحي، رجلا مرتكبا للكبائر ظالما ، ويزهق الأرواح البريئة، (وهو ليس كذلك طبعا) فهل يجوز الخروج عليه من رعيته المسلمين لأنه غير مسلم؟ أعني أنني لو كنت ملكا أو أميرا أو رئيسا، وقد سجلت ديانتي في هويتي الإسلام، ولكني أعمل السبع الموبقات واختزنها في ذمتي، فهل لأن ديانتي الإسلام لا يجوز الخروج علي؟! حقيقة الرأي عندي أنني أولى بالخروج علي من غيري؛ لأن ديانتي الإسلام، وقد خالفت ديانتي مخالفة صريحة.
ومن حقنا أن نتساءل: هل القول بأن بقاء السلطان الجائر أقل مفسدة من إزالته قول لا يحتمل الخطأ؟ وما يدرينا أن إزالته أقل ضررا أحيانا بكثير من الإبقاء عليه؟
إننا لا ندعو هنا إلى الإبقاء على سلطان نفاقا له، أو الخروج عليه بقوة السيف كما كان السابقون من أهل القوة والعزوة يفعلون، فنحن يا قوم، لسنا من أولي القوة ، وحتى لو كنا أقوياء فلن ندعو إلى انقلاب على سلطة أو نظام حكم كما كانت الانقلابات العسكرية في العالم العربي في عصرنا الحديث،والتي سفكت فيها دماء ودماء، وسُحلت فيها أجساد على الطرقات حتى تمزقت أشلاءً، أوصلبت أيضا أو شنقت على الأعواد، والتي أراحنا الله منها وله الفضل والمنة. فنحن لا نبتغي سوى حرية الرأي، ونروم أن تكون الشورى لدينا مقدسة، ولكننا في ذات الوقت لا نرضى بأن يجد النفاق لدينا سبيلا. فالذي يُبقي السلطان عدله وحب الناس له ومشورته إياهم. والسلطان إن طالت مدة بقائه، فهو في نهاية الأمر إلى زوال؛ سواء كان ظالما أو كان عادلا. فإن كان عادلا فهنيئا له عند ربه. ونذكر هنا حكمة ترددت بين الناس: لو دامت لغيرك ما وصلت إليك..
ترى لو كان لأولئك العلماء المفتين حرية القول مكفولة، أكانوا يفتون بما أفتوا؟ لا نظن ذلك.
أليست الشورى إذن وما يلزمها من منح الحريات أنجع علاج لداء النفاق وأهله؟! فالذي يكون حرا في التعبير عن رأيه، ولا يخاف عقابا من أحد إن هو خالف رأي المتنفذين، لن يكون منافقا أبدا.
يتبع...

2 - ديسمبر - 2010
في تاريخنا عبرة لأولي الأبصار
ملحق بالمشاركة السابقة    كن أول من يقيّم

فطنت إلى ما روي عن ابن تيمية رحمه الله بخصوص الدولة العادلة والدولة الظالمة بعيد إرسالي مشاركتي السابقة بقليل ، وها هي الرواية انقلها من ملتقى اهل الحديث كما هي ، وأرى لها علاقة وثيقة بمشاركتي: (( قال الشيخ رحمه الله في الفتاوى 28/63: فَإِنَّ النَّاسَ لَمْ يَتَنَازَعُوا فِي أَنَّ عَاقِبَةَ الظُّلْمِ وَخِيمَةٌ وَعَاقِبَةُ الْعَدْلِ كَرِيمَةٌ وَلِهَذَا يُرْوَى : " { اللَّهُ يَنْصُرُ الدَّوْلَةَ الْعَادِلَةَ وَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً وَلَا يَنْصُرُ الدَّوْلَةَ الظَّالِمَةَ وَإِنْ كَانَتْ مُؤْمِنَةً } " .
وكلامه رحمه الله عما هو واقع قدرا وكونا.
ومصداقه أيضا الوضع المعاصر الآن .))

2 - ديسمبر - 2010
في تاريخنا عبرة لأولي الأبصار
التعصب للرأي ضرره جسيم كالنفاق    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

رأي الوراق :

وهناك بالإضافة إلى داء النفاق وأضراره، الضرر الجسيم الذي يلحق بالمتعصب إن أصر على اتباع ما نشأ عليه من فهم للدين والتاريخ فهما متوارثا وتقليديا، والذي يأبى أن يُعمل فكره في ما يقرأ أو يرى أو يسمع. هذا المتعصب إن كان يظن أن ما لقنه إياه غيره من فهم أن مخالفتة فيها عداء للدين وخروج عليه، فهو مخطيء تماما. فقواعد الدين وأصوله معروفة محفوظة في كتاب الله وسنة نبيه الصحيحة، يؤمن بها ويتعبد الله تعالى بها، فلا يُخشى عليه من إعمال فكره في أقوال السابقين واللاحقين من المجتهدين، ليتبين فيها ما ترتاح إليه نفسه، وما يقوي فيه إيمانه.
 والإيمان خصيصة فكرية ووجدانية معا. فهو هدى من الله للذي يعلم الله في قلبه خيرا، فيعينه ويرشده إلى الصواب، أو على العكس من ذلك: إن الله لا يعينه ولا يوفقه إلى خير إن كان وجدانه لا يُقبل على الله الحق، ولو كان مفكرا وعالما جهبذا. وكم من عالم أضله الله  على علم!
والنفاق لم تسلم منه الشعوب المعاصرة الديمقراطية المذهب؛ ولكنه انحصر أكثر ما انحصر في أمر واحد، وهو النفاق لحزب الصهيونية العالمية. فقد جعلت دول الغرب من قوانينها عونا على معاقبة كل من ينتقد الصهيونية لغير صالحها؛ ولذا، رأينا كل من نقد (الهولوكوست) من الأجانب بتشكيكه في حقيقة مقدار ما جرى لليهود من سطوة النازية قد مثل أمام محاكم تلك الدول الديمقراطية لينال جزاءه على ما اقترفت أفكاره من مخالفة الدساتير والقوانين الغربية، التي تعمل لصالح الصهيونية . أما الظلم الذي ألحقته الصهيونية بالفلسطينيين خصوصا، وبالعرب وبكثير من الدول عموما، فلا خصيم له إلا الله. وقد ساهم العرب أنفسهم في نصرة الصهيونية دون قصد مسبق. فالدعاية لصالح الصهيونية ضد العرب والمسلمين قوية ومنتشرة بين شعوب الغرب، بينما دعاية العرب لصالح أنفسهم لدى الغربيين لم تكن بالمستوى المطلوب، من حيث الاهتمام بإقناع تلك الشعوب بحق العرب والمسلمين. إن تهاون العرب والمسلمين في أمر الدعاية تقصير منهم تجاه أنفسهم واضح كل الوضوح. ويضاف إلى هذا ما هو أهم؛ فالمسلم الذي يفد على بلاد الغرب يجب أن يكون قدوة صالحة تمثل أخلاق العرب الحسنة، والتي حث عليها القرآن الكريم وكل الكتب السماوية، فكيف إذا لمس الغربيون من المسلمين الوافدين عليهم عكس ذلك تماما؟!
لقد تحدثنا عن حوادث تاريخية انتهى زمانها ولكن آثارها ما زالت ماثلة للعيان. ونحن ربما لو خلقنا الأعذار لأجدادنا بأن بيئتهم الاجتماعية والسياسية كانت تتطلب منهم أن يفعلوا ما فعلوا، وبأن كتاب الله أبان لهم الحق في أمر الدين والدنيا ولكنهم لم يتمكنوا من اتباعه تماما مثل أول الإسلام، فهم غلبت عليهم العادات والتقاليد واستقرت فيهم، وتناوشهم التفاخر بالأنساب، وأن السياسة بمفهومهم العملي لها لا بد وأن تدع أمور الفطرة السوية جانبا لتستقيم أمور الدول وتستديم سيطرتها، لما أمكننا خلق نفس الأعذار لأنفسنا في هذا العصر، الذي تخلص فيه الناس من الرق والعبودية، وسعوا إلى تشكيل نظم سياسية تتلاءم مع زمانها، هذا، ولا ننسى أن الله تعالى هدانا إلى منهج الشورى وأمرنا بالتزامها.
يتبع..

2 - ديسمبر - 2010
في تاريخنا عبرة لأولي الأبصار
 57  58  59  60  61