البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات ضياء العلي

 55  56  57  58  59 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
فيروز في الشام    كن أول من يقيّم

 

 فيروز تروي ظمأ الدمشقيين إلى بردى: ينسى الغفا عيوني إذا بنساكم

دمشق - ابراهيم حميدي      الحياة     - 30/01/2008

حدث غير عادي ان تضرب مدينة ما موعدا مع فيروز ذات مساء. وان تكون دمشق هذه المدينة، فهذا امر ترتعش له جوارح قلوب السوريين. عاد صوت فيروز الى «عاصمة الامويين». وعاد اهل الشام على جناح الشوق الى فيروز... واستراحوا. 
  
مساء الاثنين، كان استثنائيا في " بوابة التاريخ ". كانت قلوب آلاف السوريين تخفق مع اقتراب شهب الليل. بعضهم حاذى بردى الى «مجده»، ونزل آخرون من قاسيون حيث تغفو دمشق. بعضهم بللته قطرات البرد، واستحم آخرون بعطر الياسمين. نسيوا جميعا فروقاتهم وحزموا في معاطفهم الكثير من العواطف لرشها في «دار الاوبرا» على مرمى التاريخ من ساحة بني امية.
 
في الحارات الضيقة من بوابة «دار الاوبرا» الى صالة العرض، استذكر بعضهم اللقاء الاخير بين فيروز ودمشق قبل ثلاثين عاما، وبينها وبين السوريين قبل 21 عاما في «مسرح بصرى» (جنوب البلاد). بينما كان آخرون، وما أكثرهم، متسمرين في منازلهم يتذكرون مواعيد ضربوها مع فيروز قبل عقود وعقود في الهواء الطلق في مسرح معرض دمشق الدولي. واكتفوا بالذكرى والاشرطة المسجلة والحنين، طالما ان الاجراءات والاسعار (بين 20 و200 دولار اميركي) تحول دون تكرار التجربة.
 
تخلى الجميع، ربما الجميع، عن هواتفهم وكاميراتهم. جلبوا هوياتهم الشخصية وارقامهم الوطنية. ووقفوا في خط طويل. تأبط بعضهم بعضا. الغوا مواعيدهم المهمة وامتيازاتهم وجلسوا في المقاعد المتسلسلة في الانتظار. لم لا؟ فيروز تفرض هيبتها، تذيب الفوارق وتكسر الحواجز وتفتح نوافذ للحوار تساوي الجميع في الانتظار والتأهب.
 
كان الموعد الغنائي لفيروز مع «احبابها في الشام اواخر الصيف، ان الكرم يعتصر». لكن المفاجأة انها جاءت في «برد الشتي» وما اعظم هول المفاجأة. ترفع الستارة. تقف «قرنفل» في الزاوية اليمنى لمسرح «دار الاوبر». تحمل مظلتها وتدير ظهرها الى الجمهور. وما ان تلف كتفها، حتى تهتز القاعة بألفي وأربعمئة يد تصفق لفيروز. دوي يصل الى ينابيع بردى حيث جاء «صوتي منك مثلما نبعك من سحبي» وتعرجات قاسيون حيث «ينهمر الصباح».
 
كان التصفيق الاول امتنانا للقاء الاول وتمرينا للموجات الآتية والمرتدة طيلة عرض مسرحية «صح النوم» على مدى ساعة ونصف الساعة. ولعل العنقودة الثانية من ارتجاف جدران الاوبرا كانت عندما فاجأت اهل الشام بقولها «ينسى الغفا عيوني اذا انا بنساكم»، وكأنها تستذكر انها «بالفعل غابت عن اهل الشام، لكن مالي بالغياب يد».
 
بعدها استسلم الحاضرون جميعا الى حضور فيروز، الى هيبتها. وبين الحين والاخر يتجاوبون مع الحوارية النقدية القائمة بين الوالي وقرنفل والجمل السياسية.
 
وعندما صحا من النوم الوالي ( انطوان كرباج) ليقول ان اهالي امارته التي ورثها، أباً عن جد، يتمتعون بـ «حرية التعبير» وعندهم «الحق بأن يصرخوا (في مطالباتهم) والسلطة عندها الحق في سد اذنيها»، راح الحاضرون يصفقون كما هو الحال مع قول مستشار الوالي (ايلي شويري) ان «الدولة تستطيع كشف السرقات عندما تريد» حتى لو لم تكن موجودة.
 
وبدا ان الحاضرين استظلوا فيروز ليرووا ظمأ الاشتياق الى تلك الكلمات المرهفة للاخوين رحباني. تلك المفردات البسيطة التي تلهب المشاعر: لم تسرق قرنفل خاتم الوالي كي توقع فرمانات الموافقة على طلبات فقراء الامارة، بل انه هو «الذي سرقني لأنه ضجران»، وكان يريد اللعب مع الريح. صحيح ان الوالي لم يستطع عقاب قرنفل سارقة الختم لأن القرار غير ممهور بختمه الضائع في «دولة الخشب» لكن «القمر بضوّي دون ختم». ألم تغني فيروز الى سماء الشام: «خذني بعنيك واهرب ايها القمر».
 
يستسلم الوالي الى رحيق قرنفل. ويقرر الخلود الى «النوم كي تختمي (طلبات) الناس كما تريدين». وتنتهي «صح النوم». لتبدأ الجولة الكبرى من التصفيق. يقف الجميع. في الصف الاول الذي ضم نائب الرئيس فاروق الشرع ووزير الثقافة رياض نعسان اغا والصفوف التالية التي جلس فيها كبار قادة الدولة ورجال اعمال كبار وسفراء، حيث ترتفع موجة كبيرة من التصفيق الى فيروز. تقابل الود بتحيتها الملائكية. ولسان الحال كل عضو في «حزب فيروز» يقول: «يا قلب تحملني هم الأحبة ان غابوا وان حضروا».
 

30 - يناير - 2008
دمشق بين الثقافة والسياسة (( أتركوا الثقافة والفنون لأهلها))
كآبة الروح    كن أول من يقيّم

 
كــآبة الروح
 
 
ضاق الحنين :
فطفقتُ أدقُّ
أبواب السدودِ
وفاض بي
دمعٌ حزينٌ
وتثاقلتْ
شمسُ الحدودِ
عن المضي في أثوابيَ المرحى
كما شمس الحقول  ...
 
 
وتمنَّعتْ
أشتاتُ قلبي عن الذبولِ
تروم تعصفُ بالسكونِ
تأبى عليَّ
هوان حال
تأبى عليَِّ
صبابة المشتاق
يضنيه المحال  ...
 
 
وتناثرتْ
أشتات قلبي
كما القضيضِ
كالربضِ
كالبرد الثقيلِ
تأبى عليَّ صبابة
تأبى عليَّ
هجعة الليل الطويل  ...
 
 
لملمت أشلاء البذور
ورحت أضمها
في تربة الصدر الصبور
ورحت أسقيها
نذوري
وها أنا !
روح حبيسة ...
أنهار قد جفتْ
وأوتار عنيدة
قد جفَّ صبري
والطلول
أقفار تستجدي السلام
قد يهتدي فيها الغريب
قد يستوي فيها الهبوب
قد تعتريها
حمأةُ الصبح الطهور ...
 
 
لملمت أشلاء النذور
ورحت أخيطها
شالاً لشباكي
لعل الريح تأتي
فيستريح به الهوى
لعل الشمس تأتي
لعل النجمة البيضاء تأتي
والقمر المسافر
شباكي يزور ...
 
                                  ضياء سليم العلي

30 - يناير - 2008
أحاديث الوطن والزمن المتحول
3 - موقف كنت من الدين    كن أول من يقيّم

ليس من الممكن عزل فكر كنت عن الأجواء السياسية والفكرية التي نشأ فيها وعايشها وتأثر بها رغم أنه في طريقه الطويل نحو معرفة خالصة مجردة ، حاول تحرير عقله من هذه التأثيرات ، كما أنه حاول بناء فلسفة نقدية تجعل من البحث الفلسفي الذي حدوده الماورائيات ، علماً يقينياً ذا منهج تجريبي . ويصف كنت عصر التنوير على أنه " مرحلة استقلال العقل وتحمل الإنسان مسؤولية تفكيره " وبأن هذه المسؤولية لن تحصل ، وهذا الإستقلال لن يتم ، إذا لم يتم فصل الدين عن الأخلاق والسياسة .
 
يجب أن لا ننسى أبداً بأن موقف كنت هو موقف البروتستانتي المعارض لسلطة الكنيسة والكهنوت ، وهذا ما تلقاه في تربيته البيتية ، وكان مؤمناً بأن الإرادة الإنسانية ليست لأية سلطة خارجة عنها . وكتابه " الدين في حدود العقل الخالص " الذي أصدره في العام 1793 هو في الحقيقة نقد للدين . ويؤكد كنت في هذا الكتاب بأن الدين لا يجب أن يرتبط بالعواطف بل بالعقل . وأنه من الخطأ أن نعتقد بأن الدين هو الضابط للآخلاق في حين أن الأخلاق وحدها هي التي يمكن ان توصلنا إلى الدين فالقانون الأخلاقي العقلي يتفق مع إرادة الله عز وجل ، والأخلاق التي التي ينص عليها الدين تختلف عن الشعائر والعبادات الخارجية التي نتمسك بها . 
 
لقد أراد كنت أن يؤسس لمعرفية " قبلية " قائمة على النقد للمعطيات البديهية التقليدية التي ورثتها الفلسفة عن المنطق الأرسطي وهادمة لفكرة إمكان " إدراك الشيء في ذاته " أي المعرفة المطلقة المؤسسة على اليقين الديني أو المعرفة بالجوهر والمطلق كما حددها أفلاطون . وأراد جعل الماورائيات علماً كالرياضيات والفيزياء والطبيعيات ، فلم يعد هدف الفلسفة هو البحث عن حقيقة مطلقة خارج الذات ينبغي الوصول إلى معرفة متطابقة معها ، بل أصبح مجالها البحث في الإمكانيات المتاحة للعقل من أجل التوصل إلى المعرفة ، أي البحث في حدود هذه المعرفة وقوانينها وآليتها .
 
ويكون كنت بنقله مجال المعرفة إلى حدود العقل الإنساني ، ونقل مهمة التفلسف من مجال الكشف عن حقيقة مطلقة تتولد عن تطابق التصور و" الكائن "( الوجود أو الشيء بذاته ) ، إلى البحث عن معايير الحقيقة في الأشكال والمفاهيم القبلية التي تنظم التجربة لكونها صلة الإنسان بالعالم . وهو يكون بهذا قد هدم سلطة المطلق اللاهوتي وأقصاه عن مجال العلم والمعرفة وأعطى للإنسان سلطة مستقلة ، مؤسسة على التجربة ، وعلى معرفة يقينية ذات منهج علمي خاضع لقوانين بحث صارمة . وبهذا أصبح الإنسان سيد نفسه بعد أن استغنى عن المعرفة المطلقة ليؤسس لمعرفة " يقينية " في حدود سلطة العقل ومعارفه " القبلية " المرتبطة بالزمان والمكان .
 

3 - فبراير - 2008
بين الدين والفلسفة
نظرية المعرفة عند كنت : الزمان والمكان (3 )    كن أول من يقيّم

يعتقد كنت بأن العقل الإنساني غير مؤهل لمعرفة " الأشياء بذاتها " كما أسلفنا ، وأن كل معرفة بالأشياء هي معرفة تجريبية مرتبطة بالحواس . غير أنه يوجد في العقل الإنساني ما يعرف ب " القبليات " التي تمكننا من الوصول إلى معرفة يقينية ، وأن هذه القبليات هي معطى بديهي سابق على التجربة ، إلا أن إدراكنا لهذه القبليات لا يتم إلا بعد التجربة :
 
" وهكذا نحن لا ندرك الموضوعات قبلياً إلا بصورة العيان الحسي . ومن هنا فلا يمكن معرفتها إلا كما تبدو لحواسنا ، لا كما يمكن أن تكون في ذاتها ، وهذا الزعم ضروري على الإطلاق إذا كنا نريد أن نسلم بأن القضايا التركيبية القبلية ممكنة ، أو إمكانها في حالة وجودها يجب أن يكون مفهوماً ومتعيناً من قبل .
 
أما المكان والزمان فهما العيانان اللذان تبنى عليهما في الرياضة البحتة كل المعارف وجميع الأحكام التي تكون ضرورية لازمة في نفس الوقت . لأنه يجب أولاً في علم الرياضة أن نتمثل كل تصوراته في العيان ، وفي علم الرياضة البحتة يجب تمثلها في العيان المجرد أي يجب علينا بناء هذه التصورات . وبدون ذلك فإن الرياضة التي لا تتبع غير المنهج التحليلي الذي يحلل التصورات لا المنهج التركيبي ، لا يمكن ان تتقدم خطوة إلى الأمام طالما تفتقر إلى العيان المجرد الذي يحتوي على مادة الأحكام التركيبية القبلية . إن علم الهندسة يجعل العيان المجرد للمكان أساساً . وعلم الحساب يشكل بنفسه تصوراته عن العدد عن طريق الإضافات المتتالية للوحدات في الزمان ، وعلم الميكانيكا بوجه خاص لا يستطيع أن يشكل تصوراته عن الحركة إلا بواسطة تمثل الزمان . وهذان التمثلان ليسا غير عيانين ، لأننا إذا جردنا العيانات التجريبية للأجسام ولتغيراتها من كل عنصر تجريبي فيها ، أي إذا جردناها من كل ما ينتمي إلى الإحساس فسيتبقى لنا الزمان والمكان وهما بالتالي عيانان مجردان ، وهما الأساس القبلي الذي تقوم عليه جميع العيانات الأخرى وبذلك لا يمكن أبداً فصلها عنه ؛ وعلى وجه التدقيق لما كان هذان المعنيان عبارة عن عيانين مجردين قبليين فذلك يؤكد أنهما صورتان بسيطتان للقوى الحاسة ينبغي أن تكونا سابقتين على كل عيان تجريبي ؛ أي على إدراك الموضوعات الواقعية قبلياً ، لكن في الحق كما تبدو لنا فقط . "( " مقدمة لكل ميتافيزيقا مقبلة يمكن أن تصير علماً " لإيمانويل كنت ترجمة : الدكتورة نازلي اسماعيل حسين ، دار الكتاب العربي بالقاهرة 1968  ، فصل : في المسألة المتعالية الرئيسية كيف تكون الرياضة البحتة ممكنة ؟ ص 78 - 79 )
 
المعرفة عند كنت هي " تركيب " بين معرفة تجريبية ترفدنا بها الحواس ، ومعرفة قبلية مجردة : تتم هذه العملية في الذهن البشري . يعني بمعنى آخر بان هذه المعرفة هي نتيجة لتركيب ما تراه وتلمسه وتختبره الحواس وما يضيفه إليها الفكر ضمن شروط معارفه القبلية .
 
المعطيات الحسية هي إمدادات تردنا من العالم الواقعي ( لا مجال إذن للشك فيها ) وهي تمثل موضوعات المعرفة ، لكنها تتحول في ذهننا إلى معارف بفضل ما نضفي عليها من مكونات العقل الإنساني ، وهذا هو موضوع البحث الفلسفي ، أن نحدد هذه المعارف القبلية من صور أولية سابقة على التجربة ولا تتكشف لنا إلا بالتجربة . المكان والزمان هما صورتان أوليتان تضفيهما المعرفة على كل الموضوعات المتأتية لها من الخارج ، ودون أن يكون لهما أدنى وجود خارجي على الذات . فالزمان والمكان هما الشرط الذي يجعل " العلم " بالشيء ممكناً والمعرفة بهما هي إذن معرفة قبلية . إن كل ما نتمثله من صفات وخصائص للمكان مثلاً في عالم الهندسة ينطبق على عالمنا المحسوس ، فالزمان والمكان هما إذن صورتان قبليتان للحس الباطن وكل ما لدينا من معرفة بالأشياء تنتظم وفقاً لهاتين الصورتين القبليتين .
 

3 - فبراير - 2008
بين الدين والفلسفة
نظرية المعرفة عند كنت : الأحكام الكلية والموضوعية للتجربة (4)    كن أول من يقيّم

إن أحكام الإدراك الحسي لا قيمة لها لأنها ذاتية إلا أنها تصبح بفضل تصور الذهن لها أحكاماً للتجربة . فلة قلنا مثلاً بأن الحجرة دافئة فهو حكم ذاتي . وينبغي أن نحلل التجربة عموماً لنعرف ما تتضمنه من أثر للحواس وللذهن ، ولنعرف كيف يكون حكم التجربة نفسه ممكناً .
 
" سنضرب المثل الأتي : إذا سقطت أشعة الشمس على الحجر ، سخن الحجر . وهذا مجرد حكم للإدراك الحسي ليست فيه أية ضرورة مهما كان عدد المرات التي أدركنا أنا وغيري من الناس فيها هذه الظاهرة : إننا قد اعتدنا على وجود هذا الترابط بين الإدراكات الحسية ، أما إذا قلت بأن الحجر يسخن بأشعة الشمس ، فأنا أضيف هنا التصور العقلي للعلة إلى الإدراك الحسي وبذلك أربط بالضرورة تصور الحرارة بتصور ضوء الشمس ، وهكذا يصبح الحكم التركيبي حكماً صحيحاً كلية وبالضرورة حكماً موضوعياً كما يصبح حكم الإدراك الحسي حكماً للتجربة . " ( هامش الصفحة 107 من الكتاب المذكور سابقاً : مقدمة لكل ميتافيزيقا مقبلة يمكن أن تصير علماً ... )
 
" وجملة القول أن العيان من اختصاص الحواس ، والتفكير من اختصاص الذهن ، لكن عملية التفكير هي العملية التي تتحد بها التمثلات في الشعور ويحصل هذا الاتحاد بين التمثلات إما بالنسبة إلى الذات فيكون عارضاً وذاتياً ، أو على جهة الإطلاق فيكون ضرورياً وموضوعياً . والحكم هو اتحاد هذه التمثلات في الشعور ، والتفكير إذن هو الحكم أو هو عملية رد التمثلات إلى الأحكام عموماً .......... ص111 "
 
" إن تصورات الذهن المجردة لا تكون لها أية دلالة على الإطلاق إذا كانت لا تنطبق على موضوعات التجربة وإذا طبقناها على الأشياء في ذاتها ( النومينا ) فهي لا تساعد إلا على تهجي الظاهر حتى يمكن أن نقرأها من حيث هي تجربة ؛ والمبادىء التي تتعلق بعالم الحس لا يستخدمها الذهن إلا في التجربة ....... إن الحل الكامل للمسألة التي طرحها هيوم هو على الرغم من تعارضه مع كل ما نتبأ به ، الحل الذي يحافظ على المصدر والأصل القبلي لتصورات الذهن المجردة ، ويحافظ أيضاً على صحة قوانين الطبيعة العامو بوصفها قوانين الذهن إنما هو يجعل استعمالها مقصوراً على التجربة لأن إمكانها يقوم أساساً على صلة الذهن بالتجربة ، لا على اعتبار أن هذه القوانين مشتقة من التجربة ، بل على اعتبار أن هذه التجربة مشتقة منها ؛ ولم يفطن هيوم أبداً لعذه الصلة التي هي على هذا النحو العكسي .
 
وهذه النتيجة التي نستخلصها الآن من كل هذه البحوث : كل المبادىء التركيبية القبلية ليست غير مبادىء التجربة الممكنة  ، ولا يمكن أبداً أن تنطبق على الأشياء في ذاتها ، بل فقط على الظواهر بوصفها موضوعات للتجربة . ولهذا السبب أيضاً فإن علم الرياضة البحتة وعلم الطبيعة المجرد لا يمكن ان يتجاوزا حدود الظواهر البسيطة ولا يمثلان شيئاً غير ما يجعل التجربة ممكنة ، أو إن ما يشتق من هذه المبادىء يجب أن يكون من الممكن تمثله بالضرورة وفي كل وقت وفي أية تجربة ممكنة . " ( ص : 123 - 124 - 125 )
 
 

4 - فبراير - 2008
بين الدين والفلسفة
نظرية المعرفة عند كنت : الفكرة النفسية السيكولوجية (5 )    كن أول من يقيّم

ينفي كنت ، بناء على ما تقدم ، نفياً قاطعاً إمكانية إدراك العقل الإنساني لجوهر الأشياء أو الأشياء في ذاتها ( النومينا ) كما يسميها . وما إدراكنا ل " الأنا " التي هي الذات المفكرة سوى إشارة إلى موضوع الحس الباطن الذي هو موضوع للتجربة وهو في الوقت عينه مركزاً للقبليات السابقة على التجربة ، أي أن معرفتنا به هي قبلية وبعدية ، والتي لا يمكن أن تكون جوهراً بحسب معرفتنا بها ( في هذا نقد لنظرية ديكارت أو الكوجيتو الديكارتي : أنا أفكر إذن أنا موجود ) وأن مسألة خلود النفس هي من المسائل الخارجة على إدراكات العقل ولا تخضع لقوانين التجربة العقلية .
 
 " نحن نسمي إذن جوهر هذا الأنا المفكر ( النفس ) بوصفه الذات التي ينتهي إليها تفكيرنا والتي لا يمكن أبداً أن نتمثلها كمحمول على شيء آخر ، مع ذلك سوف يبقى تصور هذا الجوهر فارغاً تماماً ولا نتيجة منه ، إذا لم يكن في إمكاننا إثبات دوامه .....
 
وإذا كنا نريد إذن أن نستدل من تصور النفس بوصفها جوهراً على دوامها ، فإن نتيجة هذا الإستدلال لا تنطبق على النفس إلا بالنظر إلى التجربة الممكنة ، ولا تنطبق عليها من حيث هي شيء في ذاته خارج عن كل تجربة ممكنة . إن الشرط الذاتي لكل تجاربنا الممكنة هو الحياة ؛ وبالتالي فلا يمكن أن نستنتج إلا دوام النفس في الحياة لأن موت الإنسان هو نهاية كل تجربة بالنسبة إلى النفس موضوع التجربة ، إن لم يثبت لنا العكس وهو بالضبط موضع سؤالنا ........ " ( مقدمة لكل ميتافيزيقا مقبلة يمكن أن تصير علماً ص : 158 -159 )
 

4 - فبراير - 2008
بين الدين والفلسفة
نظرية المعرفة عند كنت : العقل المجرد (6)    كن أول من يقيّم

 
يعتقد كنت بأن نزعة العقل الإنساني إلى التفكير بالماورائيات لا يمكن الحد منها أو إيقافها ، غير إن هذا العقل في اندفاعه نحو التفكير الميتافيزيقي يقع في المغالطات ، لذلك ، فإننا لو تمكنا من معرفة كيفية حدوث المعرفة في الذهن الإنساني ، وانطلقنا من حقيقة المنهج العلمي الذي اثبتت نتائجه على أنها صحيحة ، فسيكون بإمكاننا تحديد نهج مماثل للمعرفة المجردة إنطلاقاً من القبليات ( التي أفنى عمره في البحث عنها ) الموجودة في الذهن والتي يمكن مقارنتها بالمسلمات الرياضية . فالذهن في انطلاقته نحو المعرفة : " قد يندفع خارجاً عن دائرته ، إما لكي يتمثل موضوعات التجربة في سلسلة يبلغ امتدادها حداً لا يمكن إدراكه بأية تجربة ، أو حتى لكي يبحث في الخارج عن النومينا التي يمكن أن يربطها العقل بهذه السلسلة والتي يمكن بواسطتها أن تكتمل وظيفة العقل تماماً وقد تحرر أخيراً في هذه المرة من شروط التجربة " ( مقدمة لكل ميتافيزيقا يمكن أن تصير علماً ص : 155 ) .
 
لهذه الغاية وضع كنت ما أسماه بالمنطق الترانسندنتالي وقصد به أن يكون علماً مجرداً وركناً أساسياً من ركن فلسفته النقدية : " يجب أن يكون لدينا منطقاً لا نستبعد منه كل مضمون المعرفة . يجب أن يستبعد هذا المنطق ما له مضمون تجريبي ، ويجب أن يحوي فقط قواعد الفكر الخالص في شيء ما " ( كنط وفلسفته النظرية : د . محمود زيدان ، دار المعارف بمصر 1979 )
 
يتناول المنطق الترانسندنتالي بحثاً في مصدر هذه القواعد والتصورات والمبادىء وحدودها . رأى كنت أنه يوجد لدينا إثنتي عشرة مقولة صنفها في أربعة قوائم هي :
 
1ـ مقولات الكم وتحوي : الوحدة ، الكثرة ، الجملة
2 ـ مقولات الكيف وتحوي : الإثبات ، النفي ، التحديد
3 ـ مقولات العلاقة وتحوي : الجوهر ، العلة ، المعلول
4 ـ مقولات الجهة وتحوي : الإمكان والاستحالة ، الوجود واللاوجود ، الضرورة والحدوث .
 
ويعتقد كنت بأن أرسطو قد أخطأ في اعتبار الزمان والمكان من المقولات وذلك لأنهما لا يصدران عن العقل الفعال وإنما عن القدرات الحسية .
 
ليست التصورات القبلية شرطاً ضرورياً لاستقبالنا الحدس الحسي ، لكنها شرط ضروري للإدراك ، هي شرط للمعرفة وهي شروط قبلية لكننا لا نتمكن من معرفتها إلا بعد التجربة .
 
فالفكر الواعي بحسب كنت ليس نفساً أو روحاً وليس وجوداً على الإطلاق ، إنما هو مجموعة تلك الشروط الضرورية التي تتيح لنا إمكانية الإدراك الحسي وإمكانية المعرفة . وهذه ثورة في عالم المعرفة بل هي " ثورة كوبرنيكية " كما أسماها .
 
 

7 - فبراير - 2008
بين الدين والفلسفة
تابع لائحة تعليقات الدكتور مروان (1)    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

ــ غريب الحديث : أبو عبيد القاسم بن سلاّم
ــ نظم اللآل في الحكم والأمثال : عبد الله فكري
ــ طبقات الشعراء : إبن المعتز
ــ فضل علم السلف على الخلف : الحافظ ابن رجب ، تحقيق الدكتور مروان العطية
ــ الوفيات : إبن رافع السلامي
ــ أشعار الشعراء الستة الجاهليين : الأعلم الشنتمري
ــ أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار : الأزرقي

7 - فبراير - 2008
أمنيــــــــــة ؛ ليتها تتحقق !!!
شاعر خالد    كن أول من يقيّم

كل الشكر للعزيزة المُجيدة لمياء تعريفها بهذا الشاعر الجزائري الكبير الذي ترك أثراً لا يمحى في ذاكرة كل عربي . ومن منا لم يحفظ ويردد : قسماً بالنازلات الماحقات ... وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر ! فاشهدوا .... وما أبلغ القول عندما يقترن بالفعل .
 
هناك ملاحظة حول كلمة ممات في جملة : نحن ثرنا فحياة أو ممات ، وهي مكتوبة في مقدمتك وكما نسختها عن الأنترنت بالتاء المربوطة . أظن بأنها يجب أن تكون بالتاء الطويلة ولكني لم أتمكن من تصحيحها لأنها صورة .
 
ولقد أحببت قوله الذي يشير به إلى أهمية البيئة والثقافة المحيطة ويعلن تذمره من عدم تمكنه بلوغ ما بلغه شوقي بقوله :
 
 
لـيس  الشمال بمثل شوقي iiعاجزا لـو أن فـي بعض النفوس iiسخاءَ
إن الـجـزائـر كـالـكنانة iiحرة تـلـد  الـرجال وتنجب iiالعظماء
نـشـأ  الأمـير مع الأمير iiمنعما بـيـن الـرياض يساجل iiالورقاء
ونـشأت  مقصوص الجناح iiمعذبا أقـضـي  الحياة مضاضة iiوعناء
لـو ذقـت من كاس النعيم iiصُبابة لـغـدوت  أحـمل للقريض iiلواء
ما اليأس في طلب العلا من شيمتي إنـي أعـد الـقـانـطـين iiإماء
لا يـأس فـي هـذا الوجود فإنني لا  أنـثـنـي أو أبـلغ iiالجوزاء.
 
ومع هذا فلقد كتب بنبض قلبه حبه للجزائر وخلد مجدها في نشيد ستردده الأجيال عبر الدهور ، وخلدته هي بأن ألهمته ذلك الحب الكبير الذي طبع وجوده ومسيرة حياته بالكامل :
 
بـلادي  وقـفت لذكراك iiشعري فـخـلد  مجدك في الكون ذكري
وألـهـمـتِـني  فصدعت iiالدنا بـإلـيـاذتـي بـاعتزاز iiوفخر
وكـنـت أوقـع فـي iiالـشاهقا ت خطى الثائرين بألحان صدري
فـخـلـد  قـدس اللهيب iiبياني وأذكـى  لـهيب الجزائر iiفكري
وإن يـجـحـدوني فحسبيَ iiأني وهـبت  الجزائر فكري وعمري
 

9 - فبراير - 2008
مُفدي زكريا ء، كاتب النشيد الوطني
إشارة وشكر    كن أول من يقيّم

كل الشكر للدكتور صبري أبو حسين تبنيه إدارة وتوجيه والمشاركة في كتابة هذا الملف القيم والممتع ، وكل الشكر للطالبتين النجيبتين : زينب عبدالله البشر وفاطمة البراشدي مشاركتهما في هذه التجربة الجديدة والمفيدة التي ستكون ، وهذا ما أتمناه ، عملاً رائداً ومثالاً يحتذى به على صفحات الوراق لجهة نشر البحوث الجامعية وتدريب الطلاب والطالبات على تقنية جديدة وإخضاع كتاباتهم للبحث والنقد والتدقيق .
 
وأود الإشارة إلى أنني قمت بحذف الفقرة :" تابع تصوير الشعر للحالة الإجتماعية " ، والفقرة جاءت تحت عنوان ثان هو : مجتمع العصر المملوكي في مرآة الشعر ، لأنها تكررت في التعليق الذي تلاها وهو بعنوان : فساد الموظفين . 

11 - فبراير - 2008
معالم الأدب العربي في العصر المملوكي
 55  56  57  58  59