البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات ضياء العلي

 51  52  53  54  55 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
تعتزم بيع هدايا الملك السعودي    كن أول من يقيّم

 
ورد في جريدة السفير ، في الصفحة الأولى ، بتاريخ الأمس 17/ 12/ 2007 الخبر التالي أورده بدون تعليق :
 
الأكوادور
 
طلب رئيس الأكوادور رفاييل كوريا موافقة وزارة الخارجية السعودية على عرض الهدايا التي قدّمها الملك السعودي عبد الله لزوجته البلجيكية آن ماليرب، خلال زيارتهما للمملكة الشهر الماضي، للبيع في المزاد العلني.

وقال كوريا أمس الأول «لقد أهدى الملك السعودي زوجتي عقدا وأساور وخواتم وأقراطا من الأحجار الكريمة والذهب الأبيض، وهي هدايا تبلغ قيمتها مئات الآلاف من الدولارات، ولا يمكنها أن تقبلها، فهي حصلت عليها كونها زوجة الرئيس وبالتالي فإن هذه الهدايا ملك لشعب الأكوادور».
 
وفي حال حصل كوريا على الموافقة السعودية، ستطرح هذه الهدايا في مزاد علني، للاستفادة من عوائد بيعها في تمويل برامج المساعدات الاجتماعية، وإلا فإنها ستعرض في القصر الرئاسي في العاصمة كيتو .
 

18 - ديسمبر - 2007
أحاديث الوطن والزمن المتحول
أقنعة في مرآة الحداثة    كن أول من يقيّم

 

أقنعة في مرآة الحداثة

 

جمال القصاص   :  الحياة     - 17/12/2007

 
بعد خمسة وسبعين عاماً على رحيل شوقي، كيف يمكن النظر اليه. هل ننظر اليه في مرآة نفسه وعصره أم في ما هضمه وتمثله في ظلال هذه المرآة من تراثات ومعارف أسلافه من الشعراء.
 
وهل نعتبره حلقة وصل قوية ومهمة بين مدرسة الإحياء الشعري التي قادها سلفه محمود سامي البارودي، وبين مدرسة شعراء جماعة «أبوللو» التي انبثق منها تيار الرومانسية في الشعر المصري الحديث. أم ننظر اليه في مرآة منتقديه ومعارضيه، وكان ألدهم خصومة له جماعة «مدرسة الديوان»، عباس محمود العقاد والمازني وابراهيم شكري؟
 
شوقي الذي كان يخاف من ركوب الطائرة، ويكره ربطة العنق لأنها تذكره بالمشنقة. شوقي صاحب المزاج الخاص، نديم بارات القاهرة الليلية، المتردد ألف مرة في عبور الشارع مخافة أن تصدمه عربة طائشة. شوقي الذي كان يحرص دائماً على أن يرتدي ملابس ثقيلة صيفاً وشتاءً خوفاً من أن تداهم جسده النحيل سحابة مرض شاردة. شوقي الطفل الخجول من شعره لا يستطيع إلقاءه أمام الناس. شوقي الذي ولد ونما وترعرع في كنف السلطة العلوية الحاكمة (اسماعيل – توفيق – عباس الثاني) واحتفظ دائماً بشعرة معاوية في علاقته بها، وقدم لها كل ما يمكن من فروض الولاء والطاعة، محتفظاً أيضاً بتدفقه ووهجه الشعريين. بعد كل هذه السنوات كيف يمكن أن نحتفل بشوقي ونعيد قراءته وتمثله في سياق يجاوز عصره ويشتبك مع لحظتنا الشعرية الراهنة؟
 
مبدئياً وفي السياق: بأي مقاييس يمكن النظر الى حداثة أحمد شوقي؟ هل هو شاعر مجدد بروح كلاسيكية أحيا القديم وتفوق عليه أحياناً، وأعاد في عباءة هذه الروح للقصيدة العربية جزالتها اللغوية والايقاعية، ورصانتها البلاغية، وغيرها من المقومات الفنية التي افتقدتها في ما سمي عصور الانقطاع أو التردي الشعري؟ أم هو شوقي الذي عرف باريس وتعلم في واحدة من أعرق جامعاتها، وجال في مسارحها ومنتدياتها الأدبية والفنية، في عصر صعود نجم الرومانسية الأوروبية، وكان من أعلامها حينذاك بودلير ومالارميه، وفرلين ورامبو... وغيرهم. وعلى رغم ذلك وقف من كل هذا موقف الحذر والممانعة، متشبثاً بتراثه الاحيائي السلفي، لا يبالي كثيراً بمظاهر الحداثة التي بدأت تطرق أبواب العالم آنذاك – ولا تزال – من المدخل الأوروبي، في السينما والمسرح والفن والشعر والموسيقى والرواية؟ أم هو شوقي الشاعر المداح، الراثي، الهجاء، الوصّاف، المتغزّل، الشاكي، الباكي، الواقف على الأثر والطلل... شاعر الأمثولة والمسامرة، شاعر الأغنية والطقطوقة، والذي مهد الأرض وغرس اللبنات الأولى لمسرحنا الشعري؟ أم هو شوقي السياسي بالفطرة، عضو مجلس الشيوخ (1927). صديق الزعماء الوطنيين: مصطفى كامل، محمد فريد، سعد زغ لول، وفي الوقت نفسه أحد الأعداء الألداء للزعيم الوطني أحمد عرابي؟ كل هذه الأقنعة، بتدرجاتها وظلالها هي شوقي ومن الصعب أن ننظر الى أحدها في معزل عن الآخر.

 

18 - ديسمبر - 2007
دفاعا عن أمير الشعراء ( أحمد شوقي)
يوم في بغداد    كن أول من يقيّم

 

بغداد تموت كل لحظة ... لتحيا كل لحظة

شوقي عبد الأمير   :  الحياة     - 14/12/2007

 
عبرنا الكرّادة متّجهين إلى منطقة الباب الشرقي، وبالطبع لا بد من المرور بـ «ساحة القهرمانة» النصب الذي أنجزه الفنان العراقي محمد غني حكمت الذي يصور حكاية من «ألف ليلة وليلة» عندما صبّت القهرمانة الزيت على «البساتيج» كما تسمى بالعراقي وهي الزيرات (جمع زير) التي اختبأ فيها «الأربعون حرامي» لتخرجهم منها كالنحل من خلايا الشمع وأنا أقول في نفسي كم طنّاً من الزيت المحترق وكم قهرمانة نحتاج اليوم لنخرج كلّ «حرامية» بغداد من ثغورهم و «بساتيجهم» التي يختبئون فيها؟!
 
على أي حال النصبُ في غاية الجمال والهارمونيا بين جسد القهرمانة والزيرات والحكاية و «ألف ليلة وليلة»... وألف مفخخة ومفخخة.. وكل شيء ما زال يجري، الدم والتاريخ والزيت والحراميّة، الغائبة الوحيدة هي القهرمانة التي أعاد محمد غني حكمت شبحها إلى شوارع بغداد لتبقى من بين كل الأشباح الراحلة وحدها تَتَمثلُ في جسدٍ رخامي وفي حديث منذ أكثر من ألف عام لم يصمت بعد ولم تتوقف شهرازدُهُ عن الكلام المباح.
 
أُبيحَ الكلام اليوم في بغداد ومعه أُبيح الموتُ والظلامُ والدمُ والنهبُ والغياب والتــشردُ والنعيُ. أُبيحَ الكلامُ في بغداد ولَن تســكت بغداد عن كلامــها المـــباحِ المســتباح مــن بــعد.
 
يا لها من مفارقة، في حكاية «ألف ليلة وليلة» كانت شهرزاد تُدافع عن حياتها وتدفع ساعة موتها بالكلام المباح، كان الكلام هو هواؤها الذي تتنفسه وجسدُها الذي يلوذ ويحتمي بنفسه من سيف شهريار وبغداد اليوم تموت ألف مرّة كل يوم من أجل أن تدافع عن كلامها عن صوتها وحريّتها. إنها تموت ليبقى صوتُها، تقدم آلاف القرابين لتكسر أسوار الصمت التي كبّلتها عقوداً طويلة دامية. بغداد تموت كل لحظة لتقول كل لحظة أنا أحيا... لقد قَلَبَتْ معادلة شهرزاد التي كانت لا تكف عن القول والكلام كل لحظة لتبقى ولتدفع الموت عنها.
 
تُرى أي معادلة هذه بين الكلمة والموت، بين الجسد والماوراء بين الدم والكلمات؟
 
إذا كانت «ألف ليلة وليلة» قبل ألف عام وعام رمزاً لانتصار الكلمة فإن بـــغداد اليوم بألف قتيل وقـــتيل تـــعيد صوغ مفردات هذا الرمز تُعيدُ تأســـيس كيانها بين المــوت والكلام بين الصوت والجـــسد تلــك هي خـــارطتُها الأعمـــق وتلك هي مــسيرتُها غايتها.
 
ولهذا يمكننا القول إن العلاقةَ بين الكلام والحياة كمعادلة وجودٍ وموتٍ، موتٍ ووجود، ابتكارٌ بغداديٌّ بمعنىً ما. هي براءة اختراعها حَمَلها نصٌّ عجيبٌ ساحر إلى العالم «ألف ليلة وليلة». ماتت هي مرّات عدّة، ماتت بغداد العبّاسية بكل شيء فيها وبقي النص. مات شهريار والامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، وظلّت شهرزاد وظلّت الكلمة الحكاية. مات سيفٌ وجاءت سيوفٌ وسالت دماءٌ ولم تزل شهرزاد... لم تزل الحكاية التي خرجنا من رحمها لا تَرثُ إلاّ أصقاعَ الحلم والرؤى. وعلى أي حال لم ترث بغداد من بغداد المنصور إلاّ الكلام، أقصد، بكل بساطة، الحياة بمعنى ألف ليلة وليلة... لم ترث بغداد قصوراً وأعمدة من الرخام ولا نصباً أو تماثيل بل ورثت شهرزاد والمتنبئ وأبا نؤاس والجاحظ وأبا حيان، هؤلاء هم أعمدةُ معابدها وجُدرانُ مساجدها وأسوارها. لقد عبرت القرون على صفحات كتبهم وفي حناجر قصائدهم. أُحرقتْ مراراً وأُغرقتْ أخرى ودُمّرتْ وابتُليتْ بالطاعون والكوارث وظلّت تحمل سرَّها «اللوغوس» الخالق والحامي لكيانها، وهو الكلام منثوراً وقصيداً. أيّة علاقة بين الجسد – الكينونة - الخلود من ناحية وبين الصوت – الزمن - الميتافيزيقيا من ناحية أخرى؟ وهل هي أَنسغٌ متعاقبةٌ تتوالى في صعود وهبوط بين الانسان والهيولى، بين الماضي والحاضر، بين السماء والأرض في غابة معمّرة اسمها بغداد؟
 
*
 النص من كتاب لشوقي عبد الأمير بعنوان : " يوم في بغداد " يصدر عن المؤسسة العربية .
 
 

18 - ديسمبر - 2007
أحاديث الوطن والزمن المتحول
بائعة السمسمية ، بائعة الكبريت ...    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

 
كنت قد شاهدت هذه الصورة الأسبوع الماضي في جريدة السفير وفي صفحتها الأخيرة وشدت انتباهي لدرجة أنني تأملتها طويلاً في محاولة التعرف إلى ملامح هذه الصغيرة التي تنكب على كتابة فرضها وأمامها " بسطتها " المتواضعة التي تكسب منها قوتها : كأنني أعرفها ، كأنني أنا هي أو كأنها من عائلتي أو من حارتي أو من مدينتي ...... هو مشهد سوريالي رغم واقعيته الشديدة . تذكرت بائع الغزلة ، والصبي الذي رمى بمحافيره إلى النهر ، وتذكرت قصة بائعة الكبريت التي كتبها " أندرسن " في وقت كانت أوروبا لا تزال غارقة في الظلم الإجتماعي ، وقلت لنفسي بأنه في الزمن الآت ، لا بد لهذه الصغيرة من أن تقلب بسطتها ، ولا بد أنها ستتعلم وستصبح معلمة ربما ، وربما كاتبة أو شاعرة ، فمن ذا الذي سيمنعها أو سيوقف تقدمها ، ومن ذا الذي سوف يتجرأ على الوقوف أمام هذا العزم ، هذه الإرادة وهذا التصميم ؟؟؟
 
ثم قلت بأنها " ميسون " أخرى من بلادي ، كتلك التي كتب عنها الأستاذ زهير قصيدته الرائعة والتي نشرها الأستاذ أحمد ( ملك البرغي الألماني ) هنا ، في أحاديث الوطن والزمن المتحول ، بائع الصبَّار :
 
ميسون  يا وجعي ودمعي iiالجاري
 
مـازلـت أكـتم جرحه iiوأداري
أنـا  بـائع الصبار في iiسحارتي
 
قـمـر  الحواكير الشريد iiالعاري
كـسّـرتـه  لـما كبرت قصائدا
 
وأكـلـت  مـنه خلاصة iiالأقدار
مـا  أطـول الـمـشوار إلا iiأنه
 
طـعـم الشقاء الحلو في iiأشعاري
مـازلت  حتى اليوم أذكر iiرحلتي
 
فـي  الـبـيد بين مزارع iiوقفار
وعـيـون  ناطور تفيض iiوداعة
 
وعواء  كلب حين أخطئ iiضاري
والـشـوك  في كفي سواد iiقبورها
 
مـثـل القباب السود في iiالصبار
فـي الـمزة العذراء كم من iiدمية
 
ركـض  الجمال بها أمام iiغباري
وأنـا  عـلى كتفي ثياب طفولتي
 
واهـي الإزار مـقـطع iiالأزرار
مـيسون: ما زالت خدودك iiقِبلتي
 
فـي  قُبلتي، وعلى يديك iiسواري
إنـي لـمـشـتاق لأنسل iiشوكها
 
يـومـا  بـكل سعادتي iiووقاري
لـم ألـق أطـيب لذة من iiريحها
 
عـبق  الزمان ومصحف الأسمار
قالوا: حرمت دمشق، قلت حرمتها
 
وحـرمت  ضحكة غادةiiالنوّار
لا  تـقـبلي ميسون أنت iiأميرتي
 
أنـي  أبـاع بـأبـخس iiالأسعار
لا  تـقـبـلي ميسون تلك iiإهانة
 
لـدمـشق  فهي حقيقتي وشعاري
ومـن اسـتـهان بكل باب راعه
 
رد  الـجـواب عـليه من ثرثار
أنـا  كنتُ في بلدي أميرة iiحسنها
 
فـرأيـتُ غـيداً أطفأت iiأقماري
فـإذا  كَـبُرتَ فلا تُروعْكَ iiالمُنى
 
فـعسى  تكون كَبُرْتَ بين iiصغار
 
وأحب أن أستعيد هذه الجملة التي كتبها يوماً الأستاذ معتصم في ملف " في سبيل النهضة " وقال فيها :
 
" إذا كان المقصود بالأدب هو مجرد النصوص ذات الألفاظ الرفيعة و الصور الرائعة و المعاني المثيرة أو ما يسمى صناعة الأدب , ففعلاً سيكون غياب النقد الأدبي و "أحاديث الأربعاء" و الصالونات و المجلات الأدبية السبب وراء ضعف الأدب العربي بدءاً من الربع الأخير من القرن العشرين .
أما إذا كنا نتكلم عن الأدب من حيث كونه مرآة الحياة التي تعكس الواقع و الأمراض و المشاكل فيجب إذا أن نفتش عن أسباب أخرى لضعف الأدب " .
 
أقول يا أستاذ هشام : بأن هذه الصورة هي من الأدب ومن الفن الرفيع .
 

20 - ديسمبر - 2007
أحاديث الوطن والزمن المتحول
عساها تكبر بكرامة !    كن أول من يقيّم

 
صحيح أستاذ هشام ، قلقك وقلق الأستاذ عبد الحفيظ في محله وكلماتي لا تعبر عن واقع الحال بقدر ما تعبر عن رغبة دفينة في نفسي أشعر بها في كل مرة أقف فيها أمام مشهد كهذا المشهد ، وما أكثر المناسبات ، وكانت قد عصفت بي في الصيف الماضي خلال زيارتي للبنان ولمدينتي طرابلس مشاعر مماثلة لشدة ما راعني من مشاهد البؤس الذي يزحف إليها من شارع لشارع ، ومن حارة لحارة ، حتى خيل لي بأن الزمن يمشي بها إلى الوراء . لن أتمكن من أن أصف لك معاناة البشر بدءاً من نقص الماء والكهرباء وانعدام النظافة وأبسط شروط العيش الكريم ، مع أن بعض المناطق لا تزال واجهة سياحية ، لكنت لو توغلت في الأحياء والأزقة الداخلية لظننت بأنك في بنغلادش أو في إحدى ضواهي نيو دلهي ، وكل ما لم تنجح الحرب في تدميره فلسوف يقضي عليه الفقر والحرمان ، ولسوف يخضع إرادة البشر ويحطم عزمها وقدرتها على المواجهة ، هذا هو العدو الأكبر ، وهذا هو الخوف الأكبر .
 
رأيت الكثير من الأولاد أمام بسطة كهذه يضعونها أمامهم أو يتجولون بها ، بعضهم يمسح زجاج السيارات ، والبعض يمسح الأحذية ، والبعض الآخر يفتش في القاذورات عن قناني بلاستيكية فارغة يجمعها في كيس كبير ليبيعها : صبي منهم شاهدته كان قد وجد في الزبالة قطعة " كرواسان " فجلس ليأكلها على جانب الرصيف . كان يتناولها برفق شديد بيديه الملطختين بالسواد ، ثم يقضم منها بتلذذ ، وهو يحرص على نفض الفتات التي كانت تقع منها ، أو إلتقاطها بأناقة ، برؤوس أصابعه ، كيلا تتسخ منها ثيابه .
 
رؤية هذه البنت أعادت الأمل إلى نفسي ، هي في الشارع نعم ، وعرضة لكل الأخطار ، لكنها تحاول بأن تمسك بمصيرها ، تقاوم بعزمها الصغير ، تتمرد على واقعها وتحاول الخروج منه بطريقة سليمة ، تواجه واقعها بشجاعة وتتحمل معاناته وهي تفكر وتعمل لتغييره ، فمن ذا الذي سيمنعها أو يوقف تقدمها ؟ ..... نعم الطريق شاق وصعب ، ومليء بالمطبات كما قلت ، لكن من ذا الذي سوف يتجرأ على الوقوف أمام هذا العزم ، هذه الإرادة وهذا التصميم ؟؟؟ إنها مسألة كرامة وليست فقط مسألة بطن جائعة !
 

22 - ديسمبر - 2007
أحاديث الوطن والزمن المتحول
بكل المودة    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

يا مرحباً بهبة هشام الأرغا : كم تفاجأت يا هبة عندما عرفت سنك من الأستاذ زهير لأن كلماتك أكبر من عمرك بكثير ! يسعدني جداً حضورك بيننا لأنه علامة التواصل بين الأجيال .
 
والمفاجأة السارة الثانية كانت حضور مولانا لحسن بنلفقيه الذي افتقدناه طويلاً ، رعاه والله وسلمه من كل مكروه ، كل عام وأنت بخير أستاذنا الفاضل واعلم بأننا نترجى عودتك في كل يوم . دمت بخير وكل الشكر لك كلماتك التي تستعصي علي كثيراً فأتركها للزمن .
 
وكل الشكر والمودة للأساتذة الذين شاركوا حتى اليوم في هذا الملف : الشاعرة هبة عوض الله و خالد صابر ولمياء ومها ودرصاف وسعيد الهرغي الذي غاب عنا طويلاً وافتقدنا مشاركاته القيمة ، وزياد عبد الدايم ( بدماثته التي تشبه القدود الحلبية ) وأستاذنا صادق السعدي الذي أطال الغياب أيضاً إنما ظل وفياً للشعر وبغداده وخالص التحية للأستاذ الكريم يوسف الزيات المرابط دائماً على التخوم ، شكراً لكم مشاركتكم وحضوركم الكريم ودمتم . 
 

22 - ديسمبر - 2007
كل عام وأنتم بخير
وصية غارسيا ماركيز    كن أول من يقيّم

هل كتب ماركيز رسالته الأخيرة؟

جاد الحاج     الحياة     - 21/12/2007

 
على فراش المرض، غابرييل غارسيا ماركيز، بعدما أنهكه الداء الخبيث، كتب رسالة الى أصدقائه ومحبيه سرعان ما انتقلت الكترونياً الى ملايين الأصدقاء والمحبين حول العالم. هنا ما جاء في الرسالة بحسب الانترنت: «لو شاء الله أن ينسى انني دمية من خرق وأن يهبني حفنة حياة أخرى، سوف أستغلها بكل قواي. ربما ما قلت كل ما أفكر فيه لكنني حتماً سأفكر في كل ما سأقوله. وسأمنح الأشياء قيمتها، لا لما تمثله، بل لما تعنيه، سأنام قليلاً، وأحلم كثيراً، مدركاً أن كل لحظة نوم خسارة لستين ثانية من النور. وسوف أسير فيما يتوقف الآخرون، وسأصحو فيما الكلّ نيام، لو شاء ربي أن يهبني حفنة حياة أخرى سأرتدي ملابس بسيطة واستلقي على وجه الأرض عارياً ليس من جسدي وحسب بل من روحي أيضاً، وسأبرهن للناس كم يخطئون لو اعتقدوا انهم لن يكونوا عشاقاً متى شاخوا، فهم لا يدرون انهم يشيخون اذا توقفوا عن العشق.
 
للطفـــل ســـوف أعطي الأجنحة، لكنني سأدعه يتعلّم التحليق وحده، وللكهول سأعلّمهم ان الموت لا يأتي بسبب السنّ بل بفعل النسيان.
 
لقد تعلمت منكم كثيراً أيها البشر... تعلمت ان الجميع يريدون العيش في القمة غير مدركين ان سرّ السعادة في كيف نهبط من فوق. وتعلّمت ان المولود الجديد حين يشد على اصبع أبيه للمرّة الأولى يعني انه أمسك بها الى الأبد. تعلّمت أن الإنسان يحق له أن ينظر من فوق الى الآخر فقط حين يجب أن يساعده على الوقوف.
 
بل تعلمت منكم أكثر! لكن، قليلاً ما سيسعفني ذلك، فما ان انهي توضيب معارفي سأكون على شفير الوداع.
 
قل دائماً ما تشعر به وافعل ما تفكّر فيه.
 
لو كنت أعرف انها المرة الأخيرة أراكِ نائمة كنت آخذك في ذراعيّ وأصلّي ان يجعلني الله حارساً لروحك. لو كنت أعرف أنها دقائقي الأخيرة معك لقلت «أحبك» ولتجاهلت، بخجل، انك تعرفين ذلك.
 
هناك بالطبع يوم آخر، والحياة تمنحنا الفرصة لنفعل خيراً، لكن لو أنني مخطئ وهذا هو يومي الأخير أحب أن أقول كم أحبك، وكم انني لن أنساكِ. لأن الغد ليس مؤكداً لا للشاب ولا للكهل. ربما هذا آخر يوم نرى فيه من نحب. فلنتصرّف، لئلا نندم لأننا لم نبذل الجهد الكافي لنبتسم، لنحنّ، لنطبع قبلة، أو لأننا مشغولون عن قول كلمة فيها أمل.
 
احفظوا قربكم ممن يحبكم وتحبّون، قولوا لهم همساً انكم في حاجة اليهم، احبوهم واهتموا بهم، وخذوا الوقت الكافي كي تقولوا: نفهمكم، سامحونا، من فضلكم، شكراً، وكل كلمات الحب التي تعرفونها.
 
لن يتذكر أحد أفكاركم المضمرة، فاطلبوا من الربّ القوة والحكمة للتعبير عنها. وبرهنوا لأصدقائكم وأحبائكم محبتكم لهم».
 
* عن الحياة الصفحة الثقافية
 

24 - ديسمبر - 2007
اهتم بالآخر
كيف نعيد للمشهد حيويته ؟    كن أول من يقيّم

أستاذنا الكريم الدكتور يحي مصري :
 
بكل الحزن والأسف قرأت تعليقكم السابق عن مصاب والدتكم الكريمة . حزنت وشعرت في الوقت عينه مدى نبل موقفها وإنسانيته العميقة لأننا لا نعرف جوهر الإنسان إلا عند الشدة : عفت عنه وسامحته بعد أن أقر بخطئه وكان بمقدورها إدانته ، هذا هو معنى القول " العفو عند المقدرة " .
 
نحن عائلة يا أستاذ يحي ، وأنت فينا أخ ومعلم ، نتفق ونختلف لكن قلوبنا طاهرة ، ونفوسنا نقية بإذن الله ، كما قلت ، ونحن نعتز بك وبهذه الأخوة وهذه الصداقة حتى يوم الدين .
 
لا أعرف كيف نعيد للوراق ألقه ودسمه وعمق موضوعاته كما أشرت : رجعت إلى تلك الفترة فوجدتها فترة ذهبية تميزت بمشاركات سراة من الحجم الكبير : أولهم مولانا لحسن بنلفقيه الذي يغيب مضطراً ونتمنى عودة متى توفرت له الظروف المناسبة ، ومن ثم مجموعة من السراة الشباب منهم الأستاذ سعيد الهرغي والأستاذ طه المراكشي والأستاذ محمود الدمنهوري وهي طاقات واعدة وكبيرة لا يمكن أن يقف طموحها على مشاركتها هنا معنا . ثم كان هناك ملف الفلسفة الذي كان متألقاً بفضل مقالات الأستاذ يحي الرفاعي المميزة وتعليقات الأستاذ النويهي الصاخبة والمثيرة للجدل . وكان الأستاذ زهير لا يزال يساهم بموضوعات مهمة كملفه " في الدفاع عن أحمد شوقي " وبالكثير من التعليقات وخصوصاً القصائد البديعة التي شكلت ، في تلك الفترة ، خلفية المشهد والنسيج العاطفي الضروري لأية لحمة إجتماعية حقيقية .
 
فكيف نعيد إلى المشهد حيويته وتألقه ؟ لا أدري ! فهل لديكم جواب أو اقتراح ؟
 
فيما يخص مسألة التقييم ( بالنجوم الحمراء ) : أتفق معك بأنها لا تعبر عن مستوى التعليق ولا عن مدى " شعبيته " لكنها فرصة منحتها الإدارة للقراء بغاية التفاعل مع المقالات المقرؤة وإبداء رأيهم بها لكنها ( برأيي ) لا تستخدم بطريقة سليمة أولاً : لعزوف البعض نهائياً عن التقييم ، وثانياً لإستخدام البعض الآخر المفرط ( وبدون حساب احياناً ) لهذه الميزة . أما التقييم بالنجوم الخضراء فهو مفيد لأنه يضع الموضوع المراد التنويه به موضع الانتباه .
 
وكل عام وأنت بخير أستاذنا الجليل وكل التحية والسلام منا للوالدة الكريمة رعاها الله وحفظها من كل مكروه ، آمين .
 

25 - ديسمبر - 2007
كناشة الفوائد و النكت
حول أهمية دور الناشر (1)    كن أول من يقيّم

 
 
لبنانيــون وعــرب جعلــوا مــن بيــروت عاصمــة الكتــاب العربــي
لــم يتحــول النشــر برغــم ازدهــاره مــن حرفــة إلــى صناعــة
 
صقر ابو فخر :  ( السفير الثقافي )

 
الدولة اللبنانية التي ظهرت الى الوجود بحدودها الحالية في سنة 1920 لم تكن دولة شمولية على الاطلاق، بل ورثت من الانتداب الفرنسي الدستور والبرلمان وبعض المؤسسات الديموقراطية. واستمرت هذه الحال على ما هي عليه في الحقبة التي أعقبت الاستقلال في سنة ,1943 فنجا المجتمع اللبناني من أهوال الأنظمة الشمولية، بينما رزح تحتها العديد من شعوب البلدان العربية. ولعل انحسار سطوة الدولة في لبنان الحديث، وعدم تدخلها، ولو جزئياً، في أمور الرأي والفكر والثقافة، كان لهما الأثر الايجابي في اطلاق الامكانات الابداعية في المجتمع اللبناني. وفي هذا المناخ الحر تقريباً بدأت دور النشر تظهر في لبنان كحرف عائلية مع ولادته في سنة ,1920 لكنها تطورت، فعلياً، بعد الاستقلال، أي منذ سنة 1943 فصاعداً الى شبه مؤسسات. ولا ريب في أن حركة النشر بدأت مع الكتاب المدرسي والجامعي، ولا سيما حينما استقلت معظم البلدان العربية في أربعينيات القرن العشرين، وبرزت الحاجة الى كتب التعليم. ومع تطور التعليم في لبنان وفي العالم العربي ظهرت مكتبات متخصصة في هذا الحقل أمثال «مكتبة لبنان» (1942) و«دار العلم للملايين» (1944) و«دار الكتاب اللبناني» (1952) و«دار مكتبة الحياة» (1953) وغيرها، وخرجت من مطابعه قواميس كثيرة ومعاجم علمية مختلفة مثل قاموس «المورد» (منير البعلبكي) وقاموس «المنهل» (جبور عبد النور وسهيل ادريس) وقاموس«المغني» (حسن سعيد الكرمي) وغير ذلك الكثير. وقد أسهمت دور النشر اللبنانية إسهاماً فائق الأهمية في حركة الترجمة وفي نشر روائع الأدب العالمي، وفي تأسيس صلة ثقافية بين المثقفين في لبنان والأدب العالمي. وحينما أقام النادي الثقافي العربي في «الوست هول» في الجامعة الأميركية سنة 1956 أول معرض للكتاب في لبنان والعالم العربي، كان يؤسس، بالفعل، صلة ثقافية إضافية بين القارئ والمثقف والناشر معاً.

الثقافة والازدهار في لبنان

بدأ الازدهار العمراني اللبناني غداة النكبة الفلسطينية في سنة .1948 أما العصر الذهبي لدور النشر اللبنانية فقد بدأ في ستينيات القرن العشرين بعدما تحولت بيروت الى ملجأ للمثقفين العرب ورجال السياسة المنفيين اليها.

لم يكن لبنان في ثلاثينيات القرن العشرين ليختلف كثيراً عن الدول العربية المحيطة به مثل سوريا او فلسطين، بل ان فلسطين كانت أكثر ازدهاراً منه بأشواط. فلبنان، في تلك الفترة، كان عبارة عن مجموعة متناثرة من القرى الجبلية الجميلة، والمدينة الوحيدة المزدهرة فيه كانت بيروت، وذلك بفضل مينائها الذي أوقف خدماته التجارية على دمشق والدول العربية الأخرى، وبفضل النشاط التعليمي للإرساليات التبشيرية الغربية. ولم يبدأ الازدهار اللبناني فعلاً إلا بعد نكبة فلسطين في سنة .1948 ففي هذه السنة تدفق على لبنان أكثر من مئة ألف فلسطيني حملوا معهم نحو 150 مليون جنيه استرليني مرة واحدة (ما يعادل 15 مليار دولار بأسعار اليوم). وأطلق هذا التدفق فورة اقتصادية شديدة التأثير. فاليد العاملة الفلسطينية المدربة أسهمت في تنمية السهول الساحلية اللبنانية، والرأسمال النقدي أشاع حالة من النشاط الاستثماري الواسع. وكان لقفل ميناء حيفا ومطار اللد شأن مهم في ازدهار ميناء بيروت وفي الشروع في انشاء مطار بيروت الدولي بعدما كان مطاراً صغيراً في منطقة بئر حسن. وفي عامي 1957 و1958 استقبل لبنان آلاف السوريين الذين انتقلوا بأموالهم الى مصارف بيروت هرباً من الاضطرابات السياسية وللحيلولة دون تأميمها في سوريا؛ فكانت القفزة الثانية في الازدهار. وفي مطلع ستينيات القرن العشرين راحت أموال النفط تغرق المصارف اللبنانية، فكانت القفزة الثالثة. ولاحقا أنعشت نفقات م.ت.ف. الاقتصاد اللبناني في بعض قطاعاته، ولا سيما قطاعات التجارة والعقارات والمصارف والطباعة وتجارة الورق... الخ.

في موازاة هذا الازدهار العمراني انتعشت دور النشر اللبنانية انتعاشاً كبيراً، ولا سيما في ستينيات القرن العشرين فصاعداً. وكانت ذروة الانتعاش في عقد السبعينيات، حينما جرى تأسيس العشرات من دور النشر العربية في لبنان. وهذه الحيوية إنما كانت تعكس الاتجاهات المختلفة للحياة الثقافية والسياسية في العالم العربي. فظهور الحركة القومية العربية (البعث والناصرية) ثم صعود اليسار، ثم انبثاق المقاومة الفلسطينية وأفكار الكفاح المسلح، أدى، ذلك كله، الى تدشين مرحلة السجال الفكري والنقدي في العالم العربي. وهذه المشاريع السياسية الكبرى حملت معها أفكاراً شديدة الجاذبية. وكانت الصحافة ودور النشر هي الميدان الطبيعي لنشر هذه الأفكار وللترويج لها في آن واحد. وفي معمعان هذه المساجلات الفكرية والسياسية والعقيدية انبثقت حركة التجديد في الشعر العربي المعاصر في بيروت بالتحديد، فظهرت مجلة «شعر» على أيدي مجموعة من الشعراء السوريين المهاجرين الى لبنان هم: يوسف الخال وأدونيس ومحمد الماغوط ونذير العظمة وفؤاد رفقة وكمال خير بك ورياض نجيب الريس علاوة على أنسي الحاج وشوقي أبو شقرا وعصام محفوظ. ثم أصدر توفيق صايغ، وهو فلسطيني من أصل سوري، مجلة «حوار» لتحتل مكانة مهمة في حركة تجديد الشعر العربي المعاصر. ولعبت مجلة «الآداب» التي أصدرها اللبناني سهيل ادريس دوراً مهماً في المساجلات النقدية في لبنان. وفي هذا المناخ الحيوي والتجديدي صارت بيروت مثل روما بعد سقوط القسطنطينية، أي مدينة كوزموبوليتية ازدحمت فيها أسماء كبار مثقفي العالم العربي ومبدعيه. فمن السوريين: قسطنطين زريق وادمون رباط ونزار قباني وعمر أبو ريشة وغادة السمان وصادق جلال العظم وخالدة سعيد وجورج طرابيشي ورفيق خوري وبطرس ديب وعبد الله المشنوق ومنير بشور وجميل صليبا وقدري قلعجي وجبرائيل جبور وحليم بركات ويوسف إيبش وغيرهم كثيرون، ومن الفلسطينيين: وليد الخالدي ومحمد يوسف نجم واحسان عباس ونقولا زيادة وبرهان الدجاني وزين نور الدين زين ونبيل خوري وأحمد شفيق الخطيب والياس صنبر وصلاح الدباغ وفايز صايغ ويوسف صايغ وأنيس صايغ وغيرهم كثيرون أيضاً.

في هذا الفضاء الحر من الإبداع باتت بيروت مرصودة للمشاريع الفكرية الكبرى، فظهرت فيها «موسوعة الفلسفة» وموسوعة «تاريخ الفن» و«موسوعة السياسة» و«الموسوعة العسكرية» وهذه الموسوعات الأربع أصدرتها المؤسسة العربية للدراسات والنشر. وكذلك ظهرت «الموسوعة الفلسطينية»، فضلاً عن عشرات المعاجم المتخصصة. وكان من الصعب جداً أن تظهر مؤسسات البحث العلمي في أي مكان آخر في العالم العربي بالصورة التي ظهرت بها في بيروت، حيث أُنشئت، على سبيل المثال، مؤسسة الدراسات الفلسطينية (1963) ومركز الأبحاث الفلسطيني (1966) ومركز التخطيط الفلسطيني (1969) ومركز دراسات الوحدة العربية (1976) ومعهد الانماء العربي (1977). واللافت ان هذه المراكز نشرت كوكبة من المجلات الشهرية والفصلية التي اعتُبرت الأكثر رقياً وتأثيراً في لبنان طيلة حقبة الستينيات من القرن العشرين وما بعدها، وشكلت إضافة نوعية إلى المجلات اللبنانية الأخرى أمثال «الطريق» و«الثقافة الوطنية» و«الآداب» و«دراسات عربية» وغيرها. وهذه المجلات هي: «شؤون فلسطينية» و«مجلة الدراسات الفلسطينية» و«المستقبل العربي» و«الفكر العربي» و«الفكر العربي الاستراتيجي» و«الفكر العربي المعاصر».

على أن هذه الحرية المميزة التي تمتع بها لبنان بعد استقلاله خرّقتها بعض الشوائب المنفّرة التي تمثلت بمنع بعض الكتب ومحاكمة مؤلفيها وناشريها. وعلى العموم وقفت جهات دينية وراء الحملات الهوجاء ضد كتب بعينها مثل كتاب «نقد الفكر الديني» لصادق جلال العظم (1970) ورواية «حديقة الحواس» لعبده وازن (1993)، علاوة على كتب الصادق النيهوم مثل «إسلام ضد الإسلام» و«الإسلام في الأسر» و«محنة ثقافة مزورة»، وكتاب «نزهة الخاطر في الروض العاطر» للشيخ النفزاوي، و«شيفرة دافنشي» لدان براون، و«تاريخ القرآن» لنولدكه، و«عندما صار اسمي 16» لأدونيس العكرة.

26 - ديسمبر - 2007
للكتب حظوظ في الذيوع
حول أهمية دور الناشر (2 )    كن أول من يقيّم

لبنانيــون وعــرب جعلــوا مــن بيــروت عاصمــة الكتــاب العربــي
لــم يتحــول النشــر برغــم ازدهــاره مــن حرفــة إلــى صناعــة
 
صقر ابو فخر :  ( السفير الثقافي )
( تابع )
لبنانيون وعرب

منذ أن دشن السوريان خليل صايغ وشقيقه جورج صايغ «مكتبة لبنان» في سنة 1944 توالى ظهور دور النشر في بيروت، فظهرت دار العلم للملايين في السنة نفسها (منير البعلبكي وبهيج عثمان)، ثم ظهرت دار الثقافة في سنة 1953 (خليل طعمة) ودار الآداب في سنة 1956 (سهيل ادريس) ومنشورات عويدات سنة 1957 (احمد عويدات) ودار الطليعة سنة 1959 (بشير الداعوق)، ثم دار النهار سنة 1967 ودار الفارابي سنة 1967 ايضا ودار ابن خلدون سنة .1972 وبينما كان عدد دور النشر في لبنان سنة 1962 نحو 95 داراً (ومعها 250 مطبعة) أصبح عددها في سنة 1985 نحو 490 داراً (ومعها 500 مطبعة)، وارتفع في سنة 2004 الى 640 داراً (ومعها 700 مطبعة). وفي هذه الحقبة شهدت بيروت فيضاً من دور النشر العربية التي إما جرى تأسيسها في هذه العاصمة طلباً للحرية، وإما أنها كانت فروعاً لدور عربية طلباً لسهولة المعاملات في الطباعة والتصدير واستعادة المرتجعات. ومن بين أشهر دور النشر الفلسطينية التي أسسها فلسطينيون في تلك الحقبة: دار العودة (1970 ـ محمد سعيد حمدية) والمؤسسة العربية للدراسات والنشر (1970 ـ عبد الوهاب الكيالي) ودار القدس (مازن البندك) ودار الفتى العربي (نبيل شعث) ودار الراتب الجامعية (أحمد قبيعة). وأبرز دور النشر التي أسسها سوريون هي: المكتب الاسلامي (1963 ـ زهير الشاويش) ودار الفكر المعاصر (1967 ـ صفوان جبري ومحمود سالم) ودار ابن رشد (1977 ـ سليمان صبح) ودار الكلمة (1978 ـ حسين حلاق) ودار التنوير (1981 ـ محمد الزنابيلي) ودار الحقيقة (ياسين الحافظ والياس مرقص) ودار ابن كثير (1986 ـ علي مستو) ودار الحقائق (أحمد منصور) ودار النفائس (1970 ـ أحمد راتب عرموش) والشركة المتحدة للكتاب (1992 ـ رضوان دعبول) ودار النضال (جوزف الياس) ودار ابن حزم (زهير قصيباتي) ومؤسسة الأبحاث العربية (هاني الهندي) ومنشورات نزار قباني ومنشورات غادة السمان، علاوة على دار الكتب الشرقية ودار الكتاب الحديث ودار رياض الريس للكتب والنشر ومركز الإنماء القومي (مطاع صفدي). أما دور النشر العربية الأخرى فكان ابرزها: دار المدى (فخري كريم) ودار الكنوز العربية (عبد الرحمن النعيمي) ودار الغرب الاسلامي (1980 ـ الحبيب اللمسي) ودار الملتقى ودار الكتاب الجديد ودار المدار الاسلامي. ولاحقاً، او الى جانبها، ظهرت دار الساقي والدار العربية للعلوم ومؤسسة الانتشار العربي والمركز الثقافي العربي ودار بيسان ودار الفرات ودار الجديد ودار نلسون وغيرها بالطبع.
 
حركة تتسع وأسواق تضيق

حركة النشر في لبنان حركة عربية الى حد بعيد؛ فهي تعتمد، في نموها، على الأسواق العربية بالدرجة الأولى، وعلى المؤلفين العرب بدرجة أقل. كما انها شديدة الحساسية للأوضاع المتبدلة في العالم العربي. ومع ان عدد دور النشر يتزايد باستمرار في لبنان فإن الأسواق العربية تضيق بالتدريج. وهذه مفارقة عجيبة حقاً. فقد كان ثمة خمس أسواق رئيسة في العالم العربي في السبعينيات هي مصر والعراق والسودان والجزائر والكويت، وكانت ليبيا أيضا دولة مشترية للكتب بكميات كبيرة. وقد أدت الأوضاع السياسية الداخلية والخارجية المضطربة الى خروج العراق والسودان والجزائر، ولو مؤقتاً، من مكانتها كأسواق قارئة رئيسية، والاكتفاء بهوامش قليلة من الكتاب العربي. وفي الكويت أدى خروج الكتلة البشرية الفلسطينية منها جراء ملابسات الاحتلال العراقي الى انكماش عدد القراء الى حدود متدنية جداً. أما في مصر فإن نسبة تداول الكتاب اللبناني، والعربي عموماً، ضئيلة؛ لأن المصريين يكتفون، في الغالب، بما تنشره دور النشر المصرية.

ويبلغ عدد دور النشر المسجلة في لبنان نحو 640 داراً، أي ان لبنان يمتاز، عن غيره من الدول العربية، بوجود أكبر عدد من دور النشر، مع ان دور النشر الفاعلة والأكثر نشاطاً لا تتجاوز الخمسين داراً، وهو يتقدم بذلك على مصر. وتأتي بعد لبنان ومصر في هذا الميدان سوريا فالأردن. وتصدِّر دور النشر اللبنانية نحو 2700 عنوان جديد في كل سنة بما في ذلك الكتب المترجمة. أي ان لبنان يُنتج وحده أقل بقليل من 30٪ من مجموع العناوين الصادرة في الدول العربية كلها البالغة نحو عشرة آلاف عنوان في السنة، أي أقل من بلجيكا وحدها. بينما تُنتج مصر 2500 عنوان جديد سنوياً وسوريا 2500 والأردن 1000 والمغرب 750 والسعودية 500 والجزائر 350 واليمن .250 أما العناوين التي تطبع في لبنان سنوياً فتصل الى نحو 7500 عنوان، وهي تتضمن الكتب الجديدة علاوة على إعادة طباعة الكتب الصادرة سابقاً. وبسبب ضيق الأسواق العربية القارئة فإن الانتاج الكبير الحجم يبدو معدوماً لدى دور النشر اللبنانية. ومعدل عدد النسخ المطبوعة من الكتاب الواحد يتراوح بين 1000 و3000 نسخة فقط. أما الكتب التي تُطبع أكثر من ثلاثة آلاف نسخة فهي المعاجم وكتب الأطفال والمراجع المقررة في الجامعات فقط. وربما تُستثنى كتب كبار المثقفين والشعراء والكتاب أمثال محمد حسنين هيكل ودواوين محمود درويش ونزار قباني وأدونيس وروايات غادة السمان ونوال السعداوي والقليل من الكُتاب العرب الآخرين، ويُستثنى من ذلك الكتب الدينية والمدرسية وكتب التجميل والخرافات والأبراج.

إن حال الكتاب في لبنان هي مثل حال العالم العربي تماماً: اضطراب وبلبلة وعدم استقرار. لأن الانتاج العلمي والفكري والأدبي والفني مرتبط، ارتباطاً وثيقاً بمستوى التقدم العلمي والرقي الحضاري.

ومن البدهي ان يعاني الكتاب العربي في لبنان من عوامل كثيرة تعيق انتشاره، وأبرز هذه العوامل:

1 ـ الأمية: إن العالم العربي يرزح تحت وطأة 70 مليون أمي من بين 280 مليوناً من السكان. والعجيب ان عدد سكان العالم العربي كان يبلغ في مطلع القرن العشرين 50 مليوناً، وفيه ثلاث جامعات فقط. وكانت دور النشر تطبع من الكتاب الواحد ثلاثة آلاف نسخة. واليوم صار عدد السكان 280 مليوناً، وفيه 200 جامعة، وما زالت دور النشر تطبع من الكتاب الواحد ثلاثة آلاف نسخة.

2 ـ الرقابة: إن الرقابة في العالم العربي تُصنف في ثلاث جهات: رقابة الجهات الدينية، ورقابة الجهات السياسية، ورقابة الجهات الأمنية. وتتضافر هذه الرقابات لتجعل انتقال الكتاب من لبنان الى القارئ العربي عسيراً بعض الشيء، ولا سيما ان العالم العربي لا يشكل سوقا واحدة قط؛ فهو عبارة عن 22 سوقاً تختلف كل سوق عن الأخرى بقوانينها ولوائحها الرقابية، مع ان بعض الدول مثل الامارات العربية المتحدة وعُمان وقطر أزالت الرقابة الى حد كبير.

3 ـ القدرة الشرائية: إن القدرة الشرائية لمعظم الفئات الاجتماعية في العالم العربي متدنية جداً ما يجعل الكتاب سلعة غالية الثمن. فالكتاب اللبناني الذي يبلغ سعر النسخة الواحدة منه عشرة دولارات على سبيل المثال يساوي نحو 5٪ من الدخل الشهري للموظف المتعلم في سوريا، وأكثر من ذلك بكثير للموظف نفسه في مصر والعراق. وهذا العامل يشكل عائقاً مهماً أمام انتشار الكتاب اللبناني في الدول العربية.

3 ـ غياب مؤسسات التسويق: على الرغم من ان قطاع النشر في لبنان هو قطاع حيوي ومهم من قطاعات الإنتاج الاقتصادي والثقافي معاً، ومع ان صناعة الكتاب قديمة العهد في لبنان، الا انها لم ترقَ، حتى الآن، الى مصاف الصناعة بالمعنى المعاصر لهذه الكلمة. فلا توجد شركات كبرى للتسويق، او مؤسسات عصرية للتوزيع، الأمر الذي يضيف أعباء ثقيلة على الناشر نفسه الذي يتولى، في الكثير من الحالات، تسويق انتاجه بنفسه عبر معارض الكتب في الدول العربية، ومن خلال الصلات المباشرة مع أصحاب المكتبات في العالم العربي.

في القرن التاسع عشر كان نشر الكتاب في لبنان مرتبطاً بالمطبعة مباشرة. فالمطبعة هي الناشر وهي الطابع في الوقت نفسه. وفي ما بعد، مع تطور صناعة النشر، ظهرت دور النشر المستقلة عن الطباعة، أي ان الطباعة صارت مهنة وحدها، والنشر بات مهنة مختلفة، وإن كانت المهنتان تشتركان في بعض الجوانب وتفترقان عن بعضهما في جوانب أخرى، وبهذه الصفة صارت دار النشر زبوناً لدى المطبعة. ومع اتساع الأسواق وازدياد الطلب على الكتاب منذ 1946 فصاعداً بات إنتاج الكتاب يتم في قطاعات منفصلة هي دار النشر ثم المطبعة ثم شركة التوزيع. وقلما تمكن قطاع النشر في لبنان من الوصول الى طراز من التكامل الأفقي او الرأسي، أي ان يكون الناشر، على سبيل المثال، شركة كبرى تتولى شؤون الطباعة والتوزيع واستيراد الورق والأحبار والأفلام والصفائح في الوقت نفسه. ومن المؤكد أن التكامل الرأسي كان غائباً أيضاً إلا في حالات محدودة جداً.
 
مستقبل حركة النشر في لبنان

كان للحرب التي اندلعت في لبنان في سنة ,1975 واستمرت حتى سنة ,1991 تأثير كبير في قطاع النشر، فجرى تدمير العديد من المطابع، واضطر بعض دور النشر إلى الانتقال من مراكزه القديمة إلى مراكز جديدة أكثر أمناً. ومع ذلك فقد نما هذا القطاع نمواً متسارعاً حتى في ظل الحرب على الرغم من ان الكثير من دور النشر اللبنانية اضطر الى الانتقال الى عواصم خارجية. ولعل هذه الأوضاع ساهمت في نشوء العديد من دور النشر في سوريا والأردن والخليج العربي، ما جعل المنافسة بين دور النشر اللبنانية ودور النشر العربية تزداد. ومع ذلك فما زال لبنان يتميز بأن أفضل الكتب العربية هي التي تصدر في لبنان، أكان ذلك في التقنيات الطباعية المستخدمة، أم في الإخراج، أم في التحرير، أم في دقة الترجمات، أم في المستوى الرفيع للمعاجم والقواميس والموسوعات التي تنشرها دور النشر اللبنانية في مختلف فروع العلم والمعرفة. وبهذه الصفة، وعلى الرغم من المعوقات الكثيرة، فإن هناك العديد من دور النشر العربية، ولا سيما السورية والأردنية، افتتحت فروعاً لها في لبنان لسهولة تصدير الكتب منه واستعادة المرتجعات، وبساطة المعاملات الرسمية في هذا المجال.

الاجراإن لبنان، بتكوينه التعددي، وبشيوع الحريات فيه، ولا سيما حرية التعبير، مرصود لأن يكون مركزاً مهماً جداً، بل من المراكز الأكثر تقدماً في العالم العربي على صعيد الثقافة والإعلام والنشر. ولا ريب في أن هذا البلد الصغير الذي يحتوي في أرجائه نحو خمسين جامعة، بينها أقدم جامعتين في العالم العربي هما الجامعة الأميركية والجامعة اليسوعية، مؤهل لأن يتصدر طليعة العواصم العربية في مضمار الطباعة والنشر. وحتى اليوم فما زالت أفضل الكتب تأليفاً وجمالية وطباعة وتحريراً وإخراجاً تصدر في بيروت بالتحديد، مع ان قطاع النشر في لبنان ينوء بأعباء كثيرة في الوقت الذي لا يتلقى فيه أي دعم حكومي. ولا شك في ان هذا القطاع يمكنه ان يقفز قفزات متتالية، خصوصاً في مجال النشر الالكتروني، لو بادرت الدولة اللبنانية الى ازاحة بعض العوائق التي تعترضه. والدولة اللبنانية، والدول العربية كلها قادرة، بالفعل، على اتخاذ بعض ءات من العيار التالي:
 
1 ـ إلغاء الرسوم الجمركية المفروضة على استيراد الورق بجميع أنواعه والأحبار والأفلام والصفائح وآلات الطباعة وجميع المواد الأولية لهذا القطاع.
2 ـ خفض تكلفة البريد والشحن الجوي للمطبوعات كلها، وتذاكر السفر للناشرين.
3 ـ قيام الوزارات والمؤسسات بشراء كميات من الكتب ذات القيمة العلمية او الأدبية او الفكرية او الفنية.

المصادر والمراجع

ـ أبي صعب، فارس، «صناعة الكتاب في لبنان»، في «الصناعات الثقافية في لبنان»، بيروت: المركز اللبناني للدراسات، .2002
ـ حمود، عدنان، «النشر في لبنان: واقع ومرتجى»، في «الكتاب والنشر في لبنان: الواقع والسياسات»، بيروت: المركز اللبناني للدراسات، .2003
ـ هاشم، مود اسطفان، «تجارة الحرف المطبوع» (ترجمة: خليل أحمد خليل)، بيروت: دار الساقي، .1993
ـ ميرمييه، فرانك، «الكتاب والمدينة: بيروت والنشر العربي» (ترجمة: يوسف ضومط)، بيروت: دار مختارات، .2006 وهي ترجمة تعتورها أغلاط كثيرة جداً مع أن الكتاب فائق الأهمية.

26 - ديسمبر - 2007
للكتب حظوظ في الذيوع
 51  52  53  54  55