البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات ياسين الشيخ سليمان أبو أحمد

 49  50  51  52  53 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
اختيارات رائعة    كن أول من يقيّم

أحيي أستاذنا أجمل تحية، وأشد على يديه الكريمتين؛ معجبا أيما إعجاب بما اختاره لنا من لزوميات المعري، التي تبين وبصدق ما ذكره أستاذنا  من القول:
أما موضوع هذه المختارات فهي تحكي معاناة أبي العلاء في بحثه عن الحق،
وبهذا يكون أستاذنا زهير قد أتى على أنصع الأدلة، التي كنا بحاجتها في ملف " الزندقة والإلحاد " في الوراق، لكي ننفي تهمة الزندقة التي ألصقت بالمعري ، إما زورا ، وإما جهالة وتنطعا، أو تسرعا وسوء فهم.
ولقد كنت نويت تكثير مشاركاتي في الملف المذكور، وأعددت لذلك بعض العدة مما سيظهر شيء منه في مشاركتي هذه؛ قاصدا إلى ما ِقصده أستاذنا؛ ولكنني لما طالعت هذا الملف المفيد الرائع، أحجمت عما كنت نويته. ففي ملف أستاذنا هذا من الإيجاز المعبر بدقة عن فكر المعري ما يكفي وزيادة فوق ما كنت أنوي المشاركة به. على أنني أود أن أذكر قولا، وأعلق عليه، قاله المرحوم الرافعي في " إعجاز القرءان والبلاغة النبوية" ، وذلك بعد أن نفى تهمة معارضة القرءان التي اتهموا بها المعري، قال:
"...وما نشك في أنه كان يستسر بهنات مما يضعف اعتقاده ولكن أمر القرءان أمر على حدة، فما هو عند البرهان عليه وراء القبر ولا وراء الطبيعة.". هذه التي دعاها الرافعي بالهَنات، ليته بينها ليريحنا من عناء استنتاجها، وحتى نستنير بصائب نظرته ودقة أحكامه
؛ إلا أن الهنات التي ذكرها ، ولم يشك في أن أبا العلاء كان يخفيها في نفسه، لا بد واستنتجها الرافعي استنتاجا من أدب أبي العلاء وفكره وفلسفته وأخباره، مما حفلت به الكتب التراثية الأدبية والتاريخية. فتلك الهَنات لم تكن ظاهرة واضحة ، وإلا ما كان ليقول" يستسرها ". والداعي الذي دعا الرافعي إلى الاستنتاج لا بد وأن كان منهج الشك لدى أبي العلاء، بل والارتياب أحيانا، الذي اتبعه المعري في برهة أو أكثر من برهات عمره المديد . وهذا الشك عند أبي العلاء لم يكن شك الجاحد المماري في الحق؛ وإنما هو شك الباحث عنه بما يقتنع به قلبه منه. والشك لدى أبي العلاء كان يتراوح أحيانا بين الظن والحيرة ، وأحيانا ينقلب إلى ارتياب ؛ وفقا لما يمليه عليه عقله من فهم، ثم كان ينقلب إلى يقين في بعضه، بعد روية وحسن تفكير ؛ مدعوما بنفس خيرة شفافة، وفطرة سليمة، تنشد الحقيقة بصدق وسلامة نية. وهذا اليقين الذي أعنيه هو الإيمان بالله تعالى وبما جاءت به الرسل الكرام من لدنه جل وعلا. وهو، أي الشك، وإن كان محمودا أحيانا في غير المعتقدات، فليس بمحمود فيها، بطبيعة الحال، عند المؤمنين، وهذا مما يمكن أن يعد من هنات المعري التي ذكرها الرافعي، ومما جعل من حملوا على أبي العلاء يطغون في حملتهم. فأبو العلاء المعري لم يكن يسلم بشيء من العلم النابع من التقليد وإن كان في المعتقدات، إلا بعد أن يعرضه على عقله. قال في (اللزوميات):
الـناسُ يَطغَونَ في دُنياهُمُ أَشَراً  لَولا المَخافَةُ ما زَكّوا وَلا سَجِدوا
فـي كُلِّ أَمرِكَ تَقليدٌ رَضيتَ به  حَـتّـى  مَقالُكَ رَبِّيَ واحِدٌ أَحَدُ
 فهو بهذا يعد، وبجدارة، عند من يضعون العقل في منزلة سامية قدام النص، مستنيرا فكريا إلى أبعد حدود الاستنارة، وباحثا عن الحق بوساطة الشك فيما يؤمن به الناس إيمانا موروثا. والمعري لهذا،فر من التقليد وكأن التقليد هو المجذوم يفر منه الناس فرارهم من الآساد، كما جاء في الخبر النبوي ، واتهم الناس أيضا بالجهل وبالكذب والاختلاق. قال المعري ، وقد ذكر هذا أستاذنا زهير:
لَقَد صَدِئَت أَفهامُ قَومٍ فَهَل لَها         صِقالٌ وَيَحتاجُ الحُسامُ إِلى الصَقلِ
وَكَم غَرَّتِ الدُنيا بَنيها وَساءَني         مَعَ الناسِ مَينٌ في الأَحاديثِ وَالنَقلِ
سَأَتبَعُ مَن يَدعو إِلى الخَيرِ جاهِداً         وَأَرحَلُ عَنها ما إِمامي سِوى عَقلي
أما الشك في التراث مما يتعلق بفروع الدين دون أصوله، مما حفلت به الكتب التي دونها العلماء في الفقه والتفسير وغيرهما من العلوم، فقد نزع المعري في بعضه إلى الريبة والتهمة ، واتهم الفقهاء بالتخبط والضلال. قال (اللزوميات):
وَكَم مِن فَقيهٍ خابِطٍ في ضَلالَةٍ         وَحِجَّتُهُ فيها الكِتابُ المُنَزَّلُ
وقال:
 وَيَنفُرُ عَقلي مُغضَباً إِن تَرَكتُهُ         سُدىً وَاِتَّبَعتُ الشافِعيّ وَمالِكا
وهذا يذكرني بكتاب المعري المفقود (تظلم السور) ،وكان هذا الكتاب موضوعا لمسابقة من مسابقات الوراق عرفنا الكتاب عن طريقها، والذي جعل المعري ينعى فيه على المفسرين والفقهاء ما فعلوه بسور القرءان على ألسنة السور والآيات نفسها.
أما تهمة الإلحاد يلصقونها بالمعري وهو القائل ( إضافة متواضعة لما ذكره أستاذنا في مختاراته من دعوة المعري إلى استئصال الملاحدة):
أَمّا المُجاوِرُ فَاِرعَهُ وَتَوَقَّهُ       وَاِستَعفِ رَبَّكَ مِن جِوارِ المُلحِدِ
لَيسَ الَّذي جَحَدَ المَليكَ وَقَد بَدَت       آياتُهُ بِأَخٍ لِمَن لَم يَجحَدِ
وَأَرى التَوَحُّدَ في حَياتِكَ نِعمَةً       فَإِن اِستَطَعتَ بُلوغَه فَتَوَحَّدِ
فهو اتهام يبدو في غير محله أبدا.
يبقى علي التعرض لأبيات المعري وقد وردت في (اللزوميات):
قُلتُم لَنا خالِقٌ حَكيمٌ         قُلنا صَدَقتُم كَذا نَقولُ
زَعَمتُموهُ بِلا مكانٍ         وَلا زَمانٍ أَلا فَقولوا
هَذا كَلامٌ لَهُ خَبيءٌ         مَعناهُ لَيسَت لَنا عُقولُ
هذه الأبيات تنبئ عما ذهب إليه في وقت من الأوقات من خطأ في تصور المكان والزمان وعلاقتهما بالله تعالى ، مما جعل ابن الجوزي يقول (المنتظم):
" انظر إلى حماقة هذا الجاهل، أنكر أن يكون الخالق موجوداً لا في زمان، ولا في مكان،ونسي أنه أوجدهما. وإنما ذكرت هذا من أشعاره ليستدل بها على كفره، فلعنه الله." .
والأبيات المذكورة تعني عندي أن أبا العلاء كان في مرحلة البحث الدقيق في الصفات الإلهية، وبدا حينها كبعض علماء الطبيعيات المؤمنين بما تطاله الحواس وحسب ، أو بدا كالمجسمة تقريبا. هو يؤمن بان الخالق حكيم، فحكمته تتجلى فيما خلق؛ ولكنه يحار في العلاقة بين تصوره للزمان والمكان، وبين ذلك والطبيعة الإلهية . ولا يستغرب هذا كثيرا من باحث يقع في الحيرة بين الطبيعة وما وراءها. ولكن هذه الحال لم تدم لدى المعري طويلا ، ويتبين ذلك من العديد من أشعاره.
ولعل سائلا يسأل: ولماذا الاهتمام إلى هذا الحد بتبرئة المعري مما اتهم به؟
والجواب: ليس مقصودنا المعري الإنسان لذاته؛ وإنما مقصودنا فكره وهو يبحث عن الحق، ففي هذا فائدة جلّى لجيلنا ولكل الأجيال.
والباحث عن الحق بصدق يجب أن يكون محل الإعجاب والتقدير، ولن يغمطه الله تعالى حقه من الهداية بطبيعة الحال. أما الذين اتهموا المعري، فمنهم ، لو لم ترد قصة أبينا إبراهيم عليه السلام، في القرءان، لقالوا إنما كان إبراهيم ملحدا ، أو كان شاكا ، أو ، وفي ألين الأقوال ، كان حائرا، ويقال إنه ربما تاب وأذعن. فإبراهيم أشار للشمس وهي بازغة وقال : هذا ربي...
وأخيرا،
أعتذر من أستاذنا على مقاطعة ملفه من قبل أن ينهيه ، فلم أطق صبرا على بيان ما بنفسي من إعجاب بالمعري وبملف أستاذنا. وإن رغب أستاذنا في وضع مشاركتي هذه في آخر ملفه بعد ان ينهيه، فهذا يعود له.
 

14 - يونيو - 2010
نداء أبي العلاء
استفسارات    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

 
تحياتي لأستاذنا زهير حفظه الله، وأرجو الله تعالى أن يثيبه جزيل الثواب،
القصيدة:
" تثني عليك البلاد..."
ورد في تقديمها في طبعة لسقط الزند مطبوعة في بيروت عام 1376-1957ما يلي :
" كان أبو عبد الله ابن السقاء الكاتب سأله في أن يعمل قصيدة إلى صاحبه يصف له ما شاهد منه من الوفاء والإخلاص". ولست أدري كيف استنتج المحقق هذا القول. فالممدوح أمير من الأمراء وينعته بصاحب ابن السقاء الكاتب. أما قولكم ، بارك الله في علمكم، في أبي علي النهاوندي من انه ابن فورجة، فقد اتفق معكم فيه محقق الكتاب المذكور. أما ابن السقاء الكاتب، فقد بحثت عنه فلم اوفق في ربطه بأبي العلاء المعري.
وقد وقعت في حيرة من أمر البيت:
قائلها فاضل وأفضل من قائلها الألمعي منشدها
إذ كيف يصف المعري نفسه بالفاضل أمام ممدوحه الأمير وهو الذي اعتاد تحقير نفسه تواضعا!
والبيت:
جاءتك ليلية شآمية كأنها بالعراق مولدها
يشي بأن الممدوح من أهل العراق .فما قولكم دام فضلكم؟  ففي قولكم كل الفائدة. وهل يتفق هذا وكون الممدوح صالحا ابن مرداس الكلابي كما تفضلتم؟ أم أن في القصيدة أبياتا ليست منها؟
أما (ضوء السقط) المنشور في الموسوعة، فمليء بكلمة " وقوله" ، وكأن الكاتب هو نفسه من شرح سقط الزند ونقل نقلا عن نسخة لضوء السقط  في زمنه أو عن نسخة تشرح سقط الزند لأحد الشارحين. ولقد قمت بمقارنة ما في ضوء السقط من نشرة الموسوعة مع شرح التبريزي من كتاب (شروح سقط الزند) ،الذي حققه خمسة من المحققين من بينهم عبد السلام هارون، وبإشراف طه حسين، فتحقق لدي ما أقوله.  بل إن ضوء السقط  في الموسوعة قد خلا من خطبة المعري وهي خطبة الكتاب، والتي ذكرها التبريزي. أرجو من أستاذنا توضيح أمر (ضوء السقط) المنشور في الموسوعة،مشكورا، ولماذا أكد لنا أن الكتاب ليس للمعري؟

16 - يونيو - 2010
نداء أبي العلاء
شكر وعرفان    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

إلى شيخي، دكتور يحيى، حفظه الله،
 بارك الله فيك وكثر من أمثالك، وثبت قدمي على التقوى كما ثبت قدمك . أما ما وهبك الله تعالى من علم ، فلن أطمع في مثله . واعذرني بما تأخرت به من الثناء عليك ، وأنت  أهل للثناء دون شك، أقولها دون مراءاة  أو نفاق. ولا يفوتني هنا شكرك لجهودك في الوراق، ولما تتحفنا به من فوائد مواضيعك ومختاراتك . فجزاك الله عنا خير الجزاء.
 
 

20 - يونيو - 2010
نداء أبي العلاء
والشكرأيضا لأستاذنا    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

واشكر أستاذنا زهير، حفظه الله، على ما كشف لي ما غم أمره علي من سبب شكه في (ضوء السقط) المنشور في الموسوعة ، فهو العالم المحقق المدقق، الذكي الأريب، حفظه الله ونفعنا به، ووهبنا من بعض ما وهبه من خير.

20 - يونيو - 2010
نداء أبي العلاء
أبو العلاء قائد الكتيبة الخرساء    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

تحياتي لأساتذتي الفاضل،
خلال بحثي على الشبكة العنكبوتية عما يخص المعري رحمه الله ، اتفق لي العثور بكتابين معاصرين عنوان الأول: " هداية الحيران في مسألة الدوران" للشيخ عبد الكريم الحميد ، ولم أجد له رابطا للتحميل ؛ ولكني عرفت  بعضا من فحواه ( نفي دوران الأرض) من نقاشات طالعتها في بعض المنتديات، أما الكتاب الآخر فقد قمت بتحميله ، وهو بعنوان: " الصبح الشارق في الرد على ضلالات عبد المجيد الزنداني في كتابه توحيد الخالق"، للشيخ يحيى بن علي الحجوري، ويتضمن الكتاب نفيا قاطعا لبعض الحقائق العلمية ، ومنها دوران الأرض، فعجبت لشيخين معاصرين يجهد الواحد منهما نفسه ليؤلف في نفي دوران الأرض في زمن بات القول فيه بدوران الأرض قولا مفروغا من صحته، وتخيلت أني في حضرة أبي العلاء المعري رحمه الله، وهو يذوق الأمرين من عقول من نسبوا إليه ما نسبوا من مفتريات، منها  ما يعود إلى سوء فهمهم لحكمته وفلسفته وتدينه، ومنها جهلهم بوجوب عذرهم من كان حائرا( ذكروا أن ابن دقيق العديد عد المعري في حيرة) يبحث عن الحق في برهة من برهات حياته . وتذكرت ما قرأته مما ذكره الصفدي في نكت الهميان وذكره غيره : " ودخل عليه القاضي المنازي فذكر له ما يسمعه عن الناس من الطعن عليه. فقال: ما لي وللناس وقد تركت دنياهم! فقال له القاضي: وأخراهم، فقال : يا قاضي، وأخراهم! وجعل يكررها.".  ألم كان يحز في نفسه حزا مما يسمع من طعن يؤيد الطاعنين فيه قاض من القضاة ، فكيف بجهلة العوام! ولكنه لم يكن يرى فائدة في جدال من لا يفهم ؛ ولذا، فقد كان يعد نفسه ؛ وفقا لظني، من جماعة ( الكتيبة الخرساء)  .. وما اصدق ما ورد في الأثر مما ينطبق على حال أبي العلاء: "... وفقيها تلعب به الجهال" . وقلت لنفسي : لقد صدق المعري في قوله:  مـا لِـلأَنامِ وَجَدتُهُم مِن جَهلِهِم  بِـالـدينِ  أَشباهَ النَعامِ أَوِ النَعَم . وقوله: أَفادَ غَوِيٌّ غَيَّهُ عَن شُيوخِهِ  فَهُم  دَرَجاتٌ لِلضَلالِ وَسُلَّمُ... ولقد مضت ألف سنة على  فراق المعري هذه الدنيا الفانية، والحال هي الحال ، وام دفر هي ام دفر، وسوف تظل أم دفر كما كانت زمن أبي العلاء وفي جميع الأزمان.
أَخوكِ مُعَذَّبٌ يا أُمَّ دَفرٍ       أَظَلَّتهُ الخُطوبُ وَأَرهَقَتهُ
وَما زالَت مُعاناةُ الرَزايا       عَلى الإِنسانِ حَتّى أَزهَقَتهُ
سَقَتهُ زَمانَهُ مِقراً وَصاباً       وَكَأسُ المَوتِ آخِرُ ما سَقَتهُ
رحم الله أبا العلاء، الذي كان يدعو نفسه بأبي النزول، وغفر له ولنا.
وهذه قصيدة وردت في الكتابين المذكورين أعلاه، وقد نقلها الثاني عن الأول ، وقال قبلها:
" أخي في الله قد أطلنا عليك في دفع هذه العقيدة الباطلة وقد عرف بطلانَها عوام الناس فضلاً عن علمائهم فلقد ذكرت عند بعض العامة فقال: والله إنَّهم كاذبون أنا أربط حماري في هذه الشجرة فيصبح وهو لا يزال في مكانه ما قد تحول إلى جهة أخرى، ولقد رأيت قصيدة في رسالة هداية الحيران ص (111-112): وافقت الحق وكل فطرة سليمة قال صاحبها:
ومن العجائب إن عجبت مقالة =  الله يعلم أنها البهتان
راجت لأن عقول أهل زماننا =مما يطيش بكفة الميزانِ
حرموا الذكاء مع الزكاء وليتهم= عرفوا جهالتهم مع الخسران
لكنهم ملأوا ثياب نفوسهم= عجبًا وكبرًا بئس ذا الخلقان
بل آثروا الدنيا ونيل رئاسةٍ = لو كان دينهم هو الأثمان
فلذا استجابوا للمعطل عندما=  زعم الضلال وواضح البطلان
من قوله إن البسيطة طبعها = ليس الثبات وإنما الدوران
كذب المعطل والذي فلق النوى= ما دارت الأرض على القطبان
والله لو دارت لأصبح شغلهم =طول الصياح مخافة الرجفان
ولما هناهم أن يعيشوا ساعة= أو يستلذوا نومهم بأمان
أو ليس تعتبر الزلازل نقمة= كم هدمت من شامخ البنيان
كيف البسيطة لو تحرك كلها =بعدًا لعقل تائه حيران
والحمد لله من باللطف أمسكها= والرب ذو منن وذو إحسان
كي  لا تميد فتكفأ الحمل الذي =حملت     والفضل      للرحمن" .
وبعد،
فالعجب من اختلال القصيدة في قوافيها، فمرة رويها مرفوع بالضمة ومرة مجرور بالكسرة، ومن اختلالها في وزنها، فشطر من البسيط وشطر مختل الوزن من الكامل، يزول  تماما أمام العجب من استنباط الأدلة الخاطئة على نفي دوران الأرض من بعض آي القرءان الكريم، فتامل يا رعاك الله، ( بعد الاستئذان من الدكتور محمد توفيق البجيرمي) الذي  سبق وذكرنا به استاذنا زهير في واحدة من مشاركاته الثمينة .
 
 
 

22 - يونيو - 2010
نداء أبي العلاء
من دون تعليق    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم

تحياتي لشيخي أبي بشار، واعتذر منه لقلة مشاركتي في هذه الاختيارات  من على الشبكة العنكبوتية، وشيخي ممن يقبلون العذر إن شاء الله . وهذا مما تيسر لي اختياره الآن، وهو من الموقع الرسمي لسماحة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين رحمه الله
 س: ما قول فضيلتكم فيمن يسمح للخادمة سواء كانت نصرانية أو وثنية بأن تمارس عبادتها وصلاتها في بيت المسلمين وبعيدا عن أنظار الأطفال؟
 هذا خطأ؛ وذلك لأنه إذا احتيج إلى استقدام الكفار سواء كانوا رجالا كعمال أو نساء كخدم -اشترط عليهم ألا يظهروا دينهم وألا يعلنوا كفرهم، ولا شك أن إعلانهم يكون منه مزاولة عباداتهم، فالنصارى مثلا يعبدون الصلبان، فإذا كان معه صليب ينصبه ويتمسح به مثلا أو يرسمه على صدره منع من ذلك في بلاد الإسلام، وبالأخص في جزيرة العرب التي هي مهبط الوحي، فيمنع من ذلك.
 وكذلك يمنعون من إحداث الأماكن التي يتعبدون فيها، فيمنعون من بناء الكنائس التي هي معابد النصارى، وكذلك البيع والصوامع التي هي متعبدات لهم لليهود والنصارى ونحوهم، وهكذا أيضا متعبدات غيرهم، فالبوذيون لهم عبادات يتعبدون بها ولكن لا يمارسونها في البلاد الإسلامية ولا يقيمون معابدهم ولا يظهرون شعائرهم، كذلك الهندوس الذين هم وثنيون لا يمكنون في بلاد المسلمين من أن يظهروا شيئا من عباداتهم وشركياتهم، بل يمنعوا ذكورا وإناثا.
 فهذا الذي يمكن تلك الخادمة أو ذلك السائق مثلا من أن يزاول عبادته أو صلاته أو شركه أو كفره في بيته -مخالف للشروط التي تشترط على الوافدين وعلى جميع العمالة الذين يأتون بهذا السبب؛ لأنهم ما أتوا إلا لحاجتهم، يعني: فاقتهم وفقرهم دفعهم إلى أن يذلوا أنفسهم ويأتوا كخدام يخدمون بأجرة، فما داموا أنهم أذلة فينبغي أن نزيد في إذلالهم وأن نبعدهم عن دينهم؛ حتى يشعروا بعزة الإسلام وحتى يشعروا بذلهم هم وبهوانهم وحقارتهم؛ فهذا الذي يمكن الخادمة من مزاولة عبادتها قد فعل خطأ، فعلينا أن ننتبه لذلك وننبه الإخوة.نعم.
 

28 - يونيو - 2010
اخترتُ لك ، وأنتظرُ اختيارك.
نقلا عن جريدة "عرب تايمز"    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

من قلم د. ياسر العدل
 
 التفكير بالوكالة
 
تلقيت على بريدى الالكترونى خطابا من أحد طلابى السابقين بالجامعة، أخبرنى فيه انه تخرج من الجامعة وحصل على عقد عمل فى دولة خليجية، وانه الآن يغرف من المال غرفا، ويعانى من سوء المعاملة قهرا، وانه يشكرنى على ما أعطيناه من علم.
 فى الفقرة الهامة من الخطاب طلب منى تلميذى أن أكتب مقالا واحدا يظهر وجهة نظرى فى سيل من الأحداث، الأزمة المالية العالمية والكساد الاقتصادى، والقرصنة فى خليج عدن، وحالة الشتات العربى، والوضع فى السودان، ومشاكل عبودية وسخرة يتعرض لها المصريون فى الخارج، هكذا زحمنى تلميذى بكل هذه المشاكل وطلب رأيى فيها مجتمعة دون أن يقدم وجهة نظره فى واحده منها، وفى نهاية الخطاب أسرف فى مدحى وكاد أن يجعل منى القادر الوحيد على إصلاح كل فساد حول العالم.
 المديح من تلميذى وقع موقعا طيبا فى صدرى، لكن طلباته أصابت موقعا سيئا فى عقلى، ذلك بأنه يمثلا نموذجا صارخا لمنهج فكرى مريض غرسناه فى عقول خريجينا الجامعيين، انه منهج التلقين والتسميع دون فهم، تلميذى يريد منى أن أكون وكيلا عنه فى رصد الأحداث وتحليلها والتعبير عنها، لا يريد أن يبذل مجهودا بنفسه تجاه حل ما يواجهه من مشاكل، كأنه يخشى المسؤولية عن آرائه، هكذا يعيش تلميذى عصر تخلفنا المهين، يشعر كل منا بأزمات يجمعها فى بؤر شعورية ولا يبذل مجهودا فرديا فى محاولة حلها، إننا ننتظر المخلص والفادى والشهيد والأب الكبير ونسعى لتوريطهم فى الحلول، نأخذ على يديهم مزايا النجاح ونلقى عليهم مسؤولية الفشل، هكذا وجدتنى أدرك حجم المأساة التى شاركت فى صناعتها حين تخرج جامعاتنا هذا الصنف من البشر على هذا المستوى المتدنى حضاريا.
 الأصل فى المسائل أن يكون للإنسان مواقف وأن يكون قادرا على التعبير عن مواقفه بوسائله الخاصة، وأن يشارك الآخرين فى إيجاد الحلول، لكن أن يلقى مسئولية الفهم والتحليل والتعبير على أكتاف الآخرين فذلك هو التخلف الثقافى والحضارى بعينهما.
 إن أصل العطب فى خريجينا هو نظام تعليمنا الفاسد المتدنى فكريا وأخلاقيا، انه نظام يقدس ما لا يستحق القداسة، يبطل الفكر ويحاصر الإبداع، فلا ينتج غير عبيد يجأرون بالشكوى ولا يتقدمون بالحلول، انه نظام ينتج بلهاء يجلسون أمام شاشات العرض العام وشيخ الجامع وقسيس الكنيسة وكاهن المعبد وكاتب الأحجبة وحامل البوق الحزبى والوزير والخفير، انه نظام مريض ينتج شعوبا لا يشقيها جهل فكرى ولا يؤرقها تخلف حضارى.
 د. ياسر العدل

28 - يونيو - 2010
اخترتُ لك ، وأنتظرُ اختيارك.
ما حكم السرقات الأدبية والعلمية في الفقه؟    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

تحياتي أرسلها مضمخة بعطر المودة والاحترام إلى شيخي أبي بشار، وإلى جميع السادة القراء الكرام،
                           -1-
ماذا يقول الفقهاء حول السرقة الادبية؟
منقول عن جريدة الشرق الأوسط (الاحـد 11 جمـادى الثانى 1424 هـ 10 اغسطس 2003 العدد 9021 )
رشيد الخيُّون

ليس للسرقة الأدبية والفكرية حكم صريح عند الفقهاء والمشرعين المسلمين، لا قديماً ولا حديثاً، وكذا الحال في فقه وكتب أهل الأديان الأخرى، وإن وضعت لها مؤسسات الثقافة العالمية أحكاماً تصل إلى الغرامة ومصادرة المال المسروق ومنع ممارسة مقترفها الكتابة والنشر، فسارقو النصوص العربية ما زالوا محميين، لا يطولهم شرع ولا قانون وضعي. وربما ترددت بعض الصحف والمجلات العربية عن كشف هذا الضرب الخطير من السرقة، تحت ذريعة توارد بين الخواطر والخلل في الاقتباس، مع أن السرقة غير ذلك تماماً، فهنا لا نتكلم عن توارد خاطر أو إهمال في ذكر مصدر الاقتباس والتضمين، وإنما نتكلم عن سرقة نصوص كاملة تصل إلى فصول وكتب، مارسها أشخاص لو تعرضوا للمساءلة ظهر جلياً عوزهم وفقرهم لما يتصدون له من أدب وعلم، وهم محتالون لا يقل فعلهم ضحالة من مزيفي النقود.
ش ظلت السرقة الأدبية بعيدة عن الاهتمام البحثي والفقهي رغم كثرة السارقين والمنتحلين، بينهم وجوه معروفة، احتمت وراء شيوعها. لم نجد في المكتبة العربية ما يعالج تلك الظاهرة الأخلاقية غير كتاب «السرقات الأدبية» لبدوي طبانة (القاهرة 1956)، وهو الآخر لم يتجاوز الكتب التي تناولت سرقات الشعراء المبررة في أغلبها. ومع اهتمام المؤلف في الماضي وعدم إشارته إلى سرقات الحاضر إلا أنه اعتبر السرقة الأدبية جريمة أخلاقية لا تقل عن جريمة سرقة الأموال العينية، فالعمل على «انتزاع الفكرة من منشئها ومبدعها جناية لا تقل عن جناية سلب الأموال والمتاع من صاحبها ومالكها»، لم يكن تأليف الكتاب بريئاً من معاناة الحاضر، لكن طلب السلامة جعلت المؤلف يملأ كتابه بأمثلة من الشعر الجاهلي والعباسي، ويترك الإشارة إلى سرقة الكتب والمقالات، والسكوت عن فضح المدعين والمزيفين، مع أن سرقاتهم كانت حافزه في التأليف، لذا جاء كتابه بأسلوب «إياكَ أعني واسمعي يا جارة». حمل المؤلف الناقد الأدبي، قبل القضاة والفقهاء، مسؤولية صيانة ورعاية رد الأموال الفكرية إلى أصحابها، فهو الذي يقوم بمهمة الباحث الجنائي، ولا يستغني عن دوره في ظل عدم وجود قوانين لحماية هذا النوع من الملكية في فضح السارق محذراً من التعامل معه من قبل دور النشر والمكتبات والقراء، ودفعه إلى الاعتراف علناً بحق الآخرين. لقد باتت السرقة الأدبية صناعة في ظل تسهيلات الأجهزة الإلكترونية في النسخ والطباعة ونقل المعلومات وسهولة تحويرها، يستفيد منها مدعو الكتابة والبحث.
يتبع

30 - يونيو - 2010
اخترتُ لك ، وأنتظرُ اختيارك.
-2-    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

 
بعد البحث وثبوت خلو كتب فقه المذاهب الإسلامية، وما كتب حول السرقة وأحكامها في كتب قانونية وفقهية مختصة، من أي إشارة أو تلميح إلى السرقة الأدبية والفكرية استفسرنا الفقهاء المتقدمين في مذاهبهم عبر الرسالة التالية «ما حكم السرقة الأدبية والعلمية في الفقه، وأعني سرقة نص مكتوب من كتاب أو مجلة أو أي دورية أخرى، مطبوعة ومنشورة ونسبته إلى كاتب آخر، نصاً أو بعد تحوير وتحرير، وما حكم سرقة الأفكار والآراء الأدبية والعلمية بعد كشفها بالدليل القاطع، وهل يشبه حكمها حكم سرقة المال والحلال، مع أنها أكثر خطورة من غيرها».
أجاب على هذا الاستفتاء آية الله علي خامنئي مرشد الجمهورية الإيرانية الإسلامية، ورئيس لجنة الفتوى في الأزهر الشريف، والشيخ محمد حسين فضل الله، والشيخ الدكتور زكي بدوي عميد الكلية الإسلامية ببريطانيا، وآية الله الميرزا جواد التبريزي، والسيد الدكتور فاضل الميلاني أستاذ الجامعة الإسلامية وعضو مجلس أمناء مؤسسة الإمام الخوئي بلندن، وآخرون لم تصلنا ردودهم.
كتب آية الله خامنئي عبارة مقتضبة في حكم سارق الفكر والنصوص: «بسمه تعالى، لا يجوز على الأحوط»، ومعروف في لغة الفقه أن القول بالاحتياط يأتي بعد وجود إشكال ما، ومعنى عبارته: لا يجوز على الأقوى، ولا يظن القارئ أن في عبارة خامنئي تردد أو تهاون مع هذا النوع من السرقة، وإنما هي اصطلاحات الفقه الحذرة، وخاصة في مسألة لم تطرح من قبل، ولم يعانِ منها الفقيه، ولم يهتم فيها المجتمع المحيط به، فالكتاب والمثقفون كما هو واقع الحال أقل صلة والتصاقاً بالفقهاء. فإذا كان المشرعون اختلفوا حول اعتبار اختلاس الكهرباء سرقة، بحجة أنها شيء غير قابل للحيازة، ويحتاج إلى هضم لفلسفة العلاقة بين المادة والطاقة، فكيف سيكون التعامل مع سرقة أفكار وخواطر؟
كانت فتوى لجنة الأزهر في اختلاس الأفكار والنصوص واضحة، باعتباره سرقة قد يطول مقترفها حكم سرقة الأموال بتقدير وقياس الفعل، مع التمييز بين الاقتباس والسرقة، جاء في الفتوى: «تفيد اللجنة بأن الاقتباس بكل أنواعه من كتاب أو مجلة أو مرجع جائز شرعاً، ولا شيء فيه، بشرط أن ينسب إلى مصدره وصاحبه عند الكتابة والتسجيل، ورده إلى مصدره الأصلي. أما النقل من كتاب أو مصدر أو مجلة عند التأليف ونسبة ما كتبه الكاتب، وما نقله عن غيره إلى نفسه فهذا أمر حرمه الشرع والقانون، وهو نوع من السرقة. أما النقل للأفكار وكتابتها وتطويرها وتزويرها بأفكار أخرى وتحديثها فليس في ذلك شيء، وذلك ينطبق على سرقة الأفكار والآراء العلمية والدينية بشرط أنه عند هذا السؤال تنسب الفكرة إلى مخترعها ومبدعها، وذلك لا يشبه في حكمه شرعاً حكم سرقة الأموال والمتاع من قطع اليد وإقامة الحد، وإن كان يجوز في ذلك التقدير إذا كان الحال كما جاء بالسؤال، والله تعالى أعلم» (توقيع رئيس اللجنة 30 يناير 2003)». والحال المقصود في السؤال هو «هل يشبه حكمها حكم سرقة المال والحلال، مع أنها أكثر خطورة من غيرها»، وحسب التقدير والمشابهة يطول سارق الأفكار والنصوص ما يطول سارق المال العيني من قطع أو حبس.
يتبع

30 - يونيو - 2010
اخترتُ لك ، وأنتظرُ اختيارك.
-3-    كن أول من يقيّم

 
عدَّ الشيخ فضل الله انتحال النصوص تزويراً للحقيقة، مع حكم سرقة الأفكار مثل حكم سرقة الأموال، جاء ذلك في جوابه: «أولاً: لا يجوز نسبة النص الثابت لكاتب معين إلى كاتب آخر لأنه كذب وتزوير للحقيقة. أما اعتباره سرقة بالمعنى الشرعي للكلمة فيتبع اعتبار الملكية الفكرية للنص من قبل القانون العام، أو العرف بحيث يؤاخذ الشخص على ذلك تماماً كما لو نسب الكتاب إليه أو طبع المؤلف على حسابه لاستثماره من دون إذن صاحبه. ثانياً: الحكم هو الحكم إذا علم بأن الفكرة مأخوذة من الفكر الآخر لا على أساس توارد الخاطر، أو الإعلان بتبنيه من قبل الشخص الذي يتبناه» (توقيع محمد حسين فضل الله 3يناير 3003). توصل الشيخ زكي بدوي كباحث ودارس في الفقه إلى حقيقة أن الفقهاء لم يتعرضوا لهذه النوع من السرقة من قبل، ولم يخرجوا بتفسير آية السارق والسارقة أبعد من السرقات العينية، وأشار إلى نقطة مهمة وهي أن المال الفكري لا يحفظ بصندوق أو بنك، وسارقه سارق علانية لا سارق سر، ويرى وضع عقوبة تعزيرية على مرتكبها، ورد في جواب الشيخ بدوي: «أن الفقهاء لم يتعرضوا لهذه المشكلة، إذ كان اهتمامهم منصباً على السرقات العينية، والتي جاء حكمها في آية «والسارق والسارقة.. الآية». أما السرقات الأدبية فلا ينطبق عليها تعريف السرقة الفقهي، التي تشترط أن يستولي السارق خلسة على ملك الغير بقصد تملكه. والمواد الفكرية والعلمية لا توضع في حرز ولا تؤخذ خلسة بل تقع السرقة علناً. هذا من جانب ومن الجانب الآخر فقد كانت السرقات الأدبية بمعنى سرقة فكرة معينة في قصيدة (كلمة غير واضحة)، كما أن العلماء كانوا يقتبسون من كتابات غيرهم دون ذكر المصدر، إذ كانوا يرون العلم أمراً مشاعاً حتى كانوا يفتون بعدم دفع أجر لمعلم القرآن مثلاً. كل هذا لآن الظروف الاجتماعية في الماضي كانت لا تمنح الأديب ولا المفكر ثمناً في مقابل إنتاجه. أما اليوم فالمقالات الأدبية والفكرية لها ثمنها، فهي إذن مادة ينبغي حمايتها من جانب الشريعة، فأنا أرى أن مرتكبها قد تلبس بجريمة ينبغي أن يعاقب عليها عقوبة تعزيرية، أي غير محددة، يقررها الحاكم ردعاً لعامة الناس من ارتكابها، والله أعلم» (توقيع زكي بدوي 16 يوليو 2003). صحيح أن الفقهاء لم يطرقوا موضوع السرقة الأدبية لكنها كمشكلة كانت معروفة، عانى منها الكُتاب والأدباء، فحبروا ضدها المجلدات، واحتقروا مرتكبيها، وإن كان شاعراً علماً، وربما يبرر عدم اهتمام الفقهاء في حكمها بالتقليد الذي ساروا عليه في العصور كافة، فأئمة الفقه الخمسة أو السبعة لم تشغلهم هذه القضية، ولم يشغلهم ما هو خارج الهم الديني وما يتصل في العبادات والمعاملات، فكيف يهتم الإمام الشافعي بسرقة الشعر أو كتب الأدب، وهو الذي كبح فطرته الشعرية من أجل اهتمامه الفقهي بالقول:
ولولا الشعر بالعلماء يُزري لكنت اليوم أشعر من لبيد اكتفى آية الله الميرزا جواد التبريزي في حكم السرقة الأدبية بعبارة أخلاقية عامة: «لم ينبغِ للمؤمن أن يعمل عملاً يذهب بتعب الغير هدار، والله الموفق إلى السداد»، وهو رأي تحذيري يقال في كل شواذ المجتمع، ليس فيه مقارنات الفقيه وحججه واستقرائه.
غير أن أقوى رأي من بين المستفتين جاء على لسان السيد فاضل الميلاني، عندما قرن سرقة الفكر بسرقة الولد الصلبي، فكم هي خطيرة إذاً؟ دون أن يعطي حكماً صريحاً فيها لكن تشبيه الأفكار والجهد الذهني عموماً بالأولاد يعني أن هذا النوع من السرقة أخطر من سرقة الأموال العينية، جاء في جواب الميلاني: «بسمه تعالى.. رغم أن مصطلح السرقة بالوصف القانوني قد لا ينطبق على القضية المذكورة أعلاه، فإن أخذ نتاج الآخرين». ونسبته إلى مَنْ أخذه خيانة واضحة، ومخالفة صريحة لآداب المعاشرة والاعتراف بسلطة الكاتب والمؤلف، والشاعر ونحوهم على نتاجهم الفكري والأدبي. بل ربّما كانت هذه العملية أشد على صاحبها من اختطاف ولده الصلبي، ونسبته إلى غير أبيه. ومن الواضح أن الخيانة محرمة في الشريعة الإسلامية. وإذا استفاد (السارق) من هذه العملية فلا يبعد أن يكون مسؤولاً عن التعويض، والله العالم (سلخ جمادي الأولى 1423).
يتبع

30 - يونيو - 2010
اخترتُ لك ، وأنتظرُ اختيارك.
 49  50  51  52  53