البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات ياسين الشيخ سليمان أبو أحمد

 48  49  50  51  52 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
الزندقة والإلحاد    ( من قبل 6 أعضاء )    قيّم

تحياتي لشيخي أبي بشار، الذي يشجعنا على الدرس والبحث،
وهل من فرق بين الزندقة والإلحاد؟
معنى الزندقة استقر استعماله بعد الإسلام دلالة على الإلحاد  والملحدين عموما ، مع أن معناه في القديم لم يطلق على كل كافر أو ملحد ، فهو اسم لديانة فارسية قديمة اسمها المانوية وقد انبثقت من الثنوية* . وقد ذكر أبو حيان التوحيدي في البصائر والذخائر أديان العرب قبل الإسلام وعد منها الزندقة دينا لقريش. وفي القرءان الكريم من سورة الجاثية : " وقالوا إنما هي حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر". في تفسير القرطبي :" هذا إنكار منهم للآخرة وتكذيب للبعث وإبطال الجزاء". والإلحاد بمعنى الإنكار والتكذيب لا يتضمن دائما إنكار وجود الله جل وعلا كما هي حال ملحدي العصور الحديثة. فقد كانت قريش تتقرب إلى الله بعبادة الأصنام ، وكان إلحادها في صفات الله وأسمائه المقدسة . قال تعالى في سورة الأعراف: " ولله الأسماء الحسنى وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون بما كانوا يعملون" .
 ولما قال ابن الجوزي : إن زنادقة الإسلام ثلاثة ، فإن قوله يمكن ان ينطبق على ابن الراوندي، أما التوحيدي والمعري فانطباقه بعيد ..  في معجم العين :  زندقة الزنديق أن لا يؤمن بالآخرة ، وبالربوبية .وفي لسان العرب: الزنديق القائل ببقاء الدهر. فارسي معرب." زند كراي".
إن ما يهمني هنا هو المعنى الذي استقرت عليه الزندقة بعد الإسلام ، وهل أن كل من اتهم بالزندقة كان بالفعل زنديقا؟
 في العصر الأموي كان انتشار الزندقة ضئيلا جدا، فلم يتهم بها سوى نفر قليل، أما في عصور بني العباس، فقد انتشرت الزندقة انتشارا ملموسا، لدرجة أن الخليفة المهدي قتل العديد من الناس بتهمة الزندقة. ولم يكن معنى الزندقة عند الناس واحدا. فمعناها عند الخاصة ( كأصحاب الفرق الإسلامية)غيره عند العامة . فالعامة كانت تتهم الخليع الماجن بالزندقة وهو منها براء . وكان الذي يتعاطى الفلسفة ربما يتهم في دينه، وكذلك بعض المتصوفة اتهموا ،  واتهم أيضا بعض من اشتغلوا بشيء من العلوم الطبيعية . في الوافي بالوفيات ذكر الشيخ صلاح الدين الصفدي قصة مؤداها أن آلة الاصطرلاب كانت تسمى عند بعض الناس بآلة الزندقة. وفي" التذكرة الحمدونية: " :
" قدم محمد بن الحسن الفقيه العراق، فاجتمع الناس عليه يسألونه ويسمعون كلامه فرفع خبره إلى الرشيد وقيل له: إن معه كتاب الزندقة. فبعث بمن كبسه وحمله وحمل معه كتبه، فأمر بتفتيشها. قال محمد: فخشيت على نفسي من كتاب الحيل، فقال لي الكاتب: ما ترجمة هذا الكتاب؟ فقلت: كتاب الخيل، فرمى به.".
ومما  لا شك فيه أن الزناديق الملحدين وجدوا في أكثر الأزمنة . قال المعري في رسالة الغفران: " ولكن الزندقة داء قديم... ولا ملة إلا ولها قوم ملحدون..." .
في عهد بني العباس ؛ كثر  اتهام  الناس بالزندقة كما بينا، وكثيرا ما كان الاتهام باطلا وزورا، خاصة اتهام شعراء وأدباء عرفوا بالمجون وكان لهم أعداء أو حساد وشوا بهم . فقد ذكر ابن المعتز في طبقات الشعراء ، وذكر غيره، أن المهدي لما قتل بشاراً ندم على قتله وأحبّ أن يجد شيئاً يتعلق به، فبعث إلى كتبه، فأحضرها وأمر بتفتيشها طمعاً في أن يجد فيها شيئاً مما حزبه عليه، فلم يجد من ذلك شيئاً، ومرّ بطومار مختوم، فظن أن فيه شيئاً، فأمر بنشره، فإذا فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم، إني أردت أن أهجو آل سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس، فذكرت قرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله، فمنعني ذلك من هجوهم، ووهبت جرمهم لله عز وجل، وقد قلت بيتين لم أذكر فيهما عرضاً ولم أقدح في دين، وهما:
دينار آل سليمان ودرهمهم         كالبابليين شدّاً بالعفاريت
لا يوجدان ولا يرجى لقاؤهما         كما سمعت بهاروت وماروت
فقال( يعني المهدي): الآن والله صح الندم. أ.هـ
 
الزندقة في عصر المعري كانت علنية:
قال المعري في" رسالة الغفران" بعد أن سرد مقتل بشار بن برد : "ولا أحكم عليه بأنه من أهل النار، وإنما ذكرت ما ذكرت فيما تقدم لأني عقدته بمشيئة الله، وإن الله لحليم وهاب." . وأضاف المعري: " وذكر صاحب كتاب الورقة جماعة من الشعراء في طبقة أبي نواس ومن قبله، ووصفهم بالزندقة، وسرائر الناس مغيبة، وإنما يعلم، بها علام الغيوب. وكانت تلك الحال تكتم في ذلك الزمان خوفاً من السيف، فالآن ظهر نجيث القوم،وانغاصت التريكة عن أخبث رأل." في " الصحاح" : بدا نجبث القوم: إذا ظهر سرهم الذي كانوا يخفونه . وفي المحكم والمحيط الأعظم: " التريكة: البيضة بعدما يخرج منها الفرخ . وفي اللسان: " الرأل ولد النعام".
وإلى لقاء آخر بإذن الله تعالى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*انظر "فجر الإسلام" للمرحوم الأستاذ أحمد أمين ، فقد أفاض في أصل الزندقة وما استقر عليه معناها. أما في الجزء الأول من كتابه"ضحى الإسلام" فقد عقد فصلا(السادس) سماه : " حياة الزندقة وحياة الإيمان" ، وهو يتحدث عن عصر بني العباس .
 

24 - مايو - 2010
الزندقة والإلحاد
شكر وتوارد افكار    ( من قبل 6 أعضاء )    قيّم

أشكر شيخي العزيز أبا بشار على هذا الدعاء الطيب، فبارك الله فيه وفي أهله الطيبين المحترمين، وفي أولاده النجباء. كما وأشكر أستاذنا العزيز زهير على مشاركته الثمينة، التي تبين لي منها أن هناك تواردا في الأفكار بيني وبينه، وأنا سعيد بهذا التوارد كل السعادة. هذا، وكان في نيتي أن أكتب تعليقا يقرب فحواه من تعليقه دون أن يكون قيما مثله ، فسبقني، وخيرا فعل، وله الفضل. وأنا الآن بصدد تحضير مشاركة عن أبي العلاء رحمه الله . وأرجو أن أتمكن من نشرها في هذا الملف.
 وتأييدا لما ذكره أستاذنا زهير من تصحيف جرى لأسماء كتب ابن الراوندي أقول:
قرأت في( إعجاز القرءان والبلاغة النبوية) للمرحوم مصطفى صادق الرافعي أن كتاب ابن الراوندي (الفريد) ورد في تاريخ أبي الفداء باسم الفرند.قال : وهذا تصحيف .
 
وإلى لقاء آخر بعون الله

25 - مايو - 2010
الزندقة والإلحاد
فقرة الوصية التي تخص الساعة    كن أول من يقيّم

كل الشكر لأستاذنا الغالي زهير.وآسف كثيرا لأنني لم اطلع على كتاب (وصية المؤيد بالله) حين نشر أستاذنا مقتطفات منه. وأظن أني كنت يومها غائبا عن الوراق مدة . على أية حال، فإن نافذة المواضيع الساخنة في الوراق ذات فائدة كبيرة. ولقد قمت بتحميل الكتاب من على الشبكة لأطالع النص بكامله ، وأكملت ما نشره أستاذنا بخصوص الساعة حتى يتضح لي الأمر أكثر:
ص 45: (لا حول قوة إلا بالله العلي العظيم: الشيخ أحمد شمسان أهدى لي ساعة صغيرة حتى أنه (1)، ونظر إلي قيمتها، وبقيت عندي مدة، وما أعلم أني قد صيرت إليه شيئا مقابلها. وتناقص فيها العيرانات، وبقيت منذوقة =مهملة= مدة، ثم إنه وصل السيد عثمان الحلبي من الهند وأخبر أن له قريبا توفي في صنعاء وخلف مخلفا بنظر أحمد شمسان، وأخبر أنه  سأل أحمد شمسان عن مخلفه فأقر به وأخبر أن الساعة هذه من جملة المخلّف، فلا حول ولا قوة إلا بالله، فليتحقق، فإن كان أحمد الشمسان يعترف بذلك فقد أخطأ بتسليم  ذلك إلي، وأنا أستغفر الله العظيم وأتوب إليه وغرم *للسيد هذا المتوفى ما فات وهو اليسير ما أظن يقاوم سبعة أو ثمانية حروف ولترجع هذه الساعة إلى وارث الميت إن شاء الله تعالى وتسلم قدر ثمانية حروف فيما فات من النفالات (4) وغيرها وحسبي الله ونعم الوكيل إن يكن احمد شمسان غير معترف أرجعت إليه إنشاء الله مع الثمانية حروف إن شاء الله وحسبي الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.)
(1) علق المحقق على (حتى أنه) أنها يمكن أن تقرأ (صرانة) أو (حزانة) أو (صران) وكذلك كلمة العيرانات فهي كما يقول: تقرأ الصرايات، والخزانات وكأنها جمع عيار وهو لولب الساعة، أو نحوه.
قلت أنا زهير : وربما تكون الكلمة الفصل عند أستاذنا ياسين الشيخ سليمان
مع شكري الجزيل أستاذنا، أقول:
ذكر المحقق في حاشية الصفحة ال 46، قدام الرقم(4) :
في الأصل انتقالات. والنفالات الأدوات الملحقة بالساعة وغيرها غير المهمة. أ.هـ
وأغلب الظن أن الكلمة ليست انتقالات ولا النفالات وإنما هي الثقالات ، وهي الكلمة التي أضاءت لنا ما عتم من كلمات النص. والثقالات ( في العادة يكون للساعة ثقلين ؛ واحد لتشغيل الساعة وآخر لتشغيل الدقات ) وهي أوزان من المعدن تعلق بسلاسل معدنية متصلة بمسننات الساعة من الداخل ، وتقوم بتشغيل الساعة بدلا من الطاقة الكامنة في اللولب (الزمبرك) الذي يملأ باليد بوساطة مفتاح . ولما وصف الإمام المؤيد رحمه الله، الساعة بأنها صغيرة فذلك بمقارنتها بمثيلاتها من ذوات الأحجام الكبيرة ممن توضع داخل خزانة خشبية كبيرة الحجم، أو تكون من الساعات التي توضع على الأبراج. أما هذه فيمكن وضعها على رف مثبت على حائط غرفة، وذلك لإيجاد الارتفاع المناسب للسلاسل المعلق بها الثقالات، وتسمى هذه النوعية من الساعات يالإنجليزية Braket clock ، وقد صنعت في القرن السابع عشر وظلت تصنع في القرن الثامن عشر، وكل الساعات التي صنعت بعد هذه النوعية وتعمل على الزمبرك الذي يملأ باليد بواسطة مفتاح ظلت تشبه الساعة المذكورة في الشكل، وصارت تسمى بساعات الطاولة إذ لا حاجة لوضعها على رف، فهي بلا أثقال . ولو ظننا أن الساعة المذكورة في الوصية كانت من النوع المسمى بساعة الجيب، فظننا يكون بعيدا جدا، فلا أثقال تعلق بها بطبيعة الحال . ويمكن أن يطلق اسم العيارات على الثقالات . فهي معيرة على وزن معين لا يجوز أن يزيد أو ينقص بشكل ملحوظ. وقوله : وتناقص فيها العيرانات، يدل على ان الثقالات ضاعت وفقدت ، وبقيت الساعة مهملة لأنها لا تعمل من دون الثقالات. وهي الثقالات المفقودة نفسها التي أراد الإمام المؤيد رحمه الله دفع ثمنها ثمانية حروف. والله تعالى أعلم.
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*لعلها أغرم أو أغرّم

28 - مايو - 2010
كتاب (وصية المؤيد بالله الزيدي)
أبو العلاء اعاد لي الذكرى    ( من قبل 6 أعضاء )    قيّم

 
" ليس من شعراء العرب من مس القلب كثيرا، والعقل أكثر،  مثل أبي العلاء المعري..
الشاعر الذي حرم نعمة البصر، ومع ذلك كشف من حقائق العيش وفلسفة الحياة ما لم يكشفه البصراء" - الدكتور زكي المحاسني.( سوري من مواليد دمشق1972-1909)
من مقال للمرحوم الدكتور زكي المحاسني، نشرته مجلة العربي في عددها الأول . والمقال بعنوان : وقفة في معرة النعمان على قبر أبي العلاء . وكان المحاسني قد قام بزيارة قبر أبي العلاء من قبل سنوات من كتابته المقال ..
والدكتور المحاسني ممن ألفوا في آراء المعري وفلسفته . وله كتاب مطبوع بعنوان: أبو العلاء المعري ناقد المجتمع. أما الرسم المعبر المرفق، فهو بريشة رسام مجلة العربي في ذلك الحين، الفنان المصري أحمد الوردجي رحمه الله. وتبدو في الرسم مظاهر الزهد والتقشف الذي أُثر عن المعري. هذا ، وكنت قد اطلعت على العدد الأول من مجلة العربي عام 1963 وبقي رسم ابي العلاء عالقا بذهني . فكلما تذكرت أبا العلاء، تذكرت هذا الرسم . ولما كان هذا الملف قد تضمن شيئا عن ابي العلاء رحمه الله، فقد وددت ان يطلع  محبو ابو العلاء على هذا الرسم المعبر .
ومن محاسن الاتفاق أن العدد الأول من مجلة العربي فيه قصيدة للمرحوم الشاعر الصادق القدير أحمد الصافي النجفي عنوانها: الحقيقة المرة . وهذه جملة أبيات منها:
بعض الأنام يرى الحقيقة مرة= فيفر منها مطبقا عنها الفما
كيلا تلاحقه فتدخل فاه أو= يبقى يشاهد وجهها المتجهما
وأنا أراها مرة فألوكها= كي أغتذي منها وإن تك علقما
ألام روحي غير آلام الورى = ولكم فرحت بما رأوه مؤلما
عيني ترى ما لا يرون وعينهم = ما لا أراه ترى ففي أي عمى؟
إن يبصروا فتقا بثوبي يأسفوا= فأجيل فيهم ناظري متهكما
ما شأن جسمي والرداء فإنني = مهما بي اتصلا غريب عنهما
أبكي على الحيوان أكثر من بني الإنسان مهما يقتلا أو يظلما
إذ لا أرى الحيوان مالك حيلة= عنه يرد بها البلاء المبرما
ولقد أرى الحيوان حينا ظالما= لكن أرى الإنسان منه أظلما
كل يقلد غيره بجهالة= وأشدهم جهلا يسمى أعلما
ذا جاهل غر يقلد جاهلا= ولعلني في الجهل أعظم منهما
روحي تفر من الدميم وإن غدا =مضنىً فقيرا عدت فيه متيما
حتى أمرضه وأسعفه فإن= أثرى وعوفي وازدهى واستعظما
أبغضته وفررت منه لأنني= أهوى الشقي وأبغض المتنعما
لنواقص الدنيا أُساء فهل ترى= عن كل نقص سوف أُسأل مرغما
عندي نواقص جمة وكأنني = لنواقص الدنيا أتيت متمما
ترى لو عاش النجفي في زمن المعري ألم يكن ليُتهَم في معتقده مثله؟!
 
 
 

28 - مايو - 2010
الزندقة والإلحاد
ابن العديم أنصف المعري    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم

ما أنصف ،على حد علمي، صاحب كتاب من كتب التراث الأدبي والتاريخي أبا العلاء المعري كابن العديم . ففي (بغية الطلب في تاريخ حلب) بدا ابن العديم ناقدا عالما، وعاقلا منصفا وواعيا. فهو لم يسلك مسلك النقلة دون أن يمحص ما ينقل أو يروى . وهاهو يحدثنا عما قرأه في كتاب غرس النعمة بخصوص المعري، يقول:
وقرأت في تاريخ غرس النعمة ابن الصابىء: أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي المعري الشاعر، الأديب الضرير، وكان له شعر كثير، وفيه أدب. غزير، ويرمى بالالحاد، وأشعاره دالة على ما يزن به من ذاك، ولم يك يأكل لحوم الحيوان ولا البيض، ولا اللبن، ويقتصر على ما تنبته الأرض، ويحرم ايلام الحيوان ويظهر الصوم زمانه جميعه، ونحن نذكر طرفا مما بلغنا من شعره ليعلم صحة ما يحكى عنه من الحاده، وله كتاب سماه الفصول والغايات عارض به السور والآيات، لم يقع إلينا منه شيء فنورده.*
وذكر أشعارا: نسبها إليه، فمنها ما هو من شعره في لزوم ما لا يلزم وفي استغفر وأستغفري قد أجاب عنها في كتابه المعروف بزجر النابح والكتاب بنجر الزجر، وإذا تأملها المنصف حق التأمل لم يجد فيها ما يوجب القدح في دينه، ومنها ما وضع على لسانه وتعمل تلامذته المنحرفون وغيرهم من الحسدة نظمها على لسانه وضمنوها أقاويل الزنادقة، وفيها من ركاكة اللفظ والعدول عن الفصاحة التي هي ظاهرة في شعره ما يوجب نفيها عنه وبعدها منه، فمما أورده وهو موضوع عليه:
إذا كان لا يحظى برزقك عاقل         وترزق مجنوناً وترزق أحمقا
فلا ذنب يا رب السماء على إمرىء         رأى منك ما لا يشتهى فتزندقا
وهذا شعر في غاية السقوط والنزول والهبوط، يقضي على ناظمة بالجهل والعمه والكفر والسفه
ومما أورد من الأشعار الموضوعة على لسانه البعيدة عن فصاحته وبيانه.
صرف الزمان مفرق الإلفين         فاحكم إلهي بين ذاك وبيني
أنهيت عن قتل النفوس تعمداً         وبعثت أنت بقبضها ملكين
وزعمت أن لها معاداً ثانياً         ما كان أغناها عن الحالين
ولم يعز غرس النعمة شيئا من هذه الأشعار المكذوبة إلى كتاب يعتمد عليه، ولا: نسب روايتها إلى ناقل أسندها إليه، بل اقتصر في ذكرها كما ذكر على البلاغ ولم يتأمل أن مثلها مما يختلق عليه زورا ويصاغ.
وقد نسج أبو يعلى بن الهبارية** على منوال غرس النعمة من غير فكر ولا روية، فقال في كتابه الموسوم بفلك المعاني المشحون بقول الزور فيما ينقله ويعاني: وقد قال أبو العلاء أحمد بن سليمان مع تحذلقه ودعواه الطويلة العريضة وشهرته نفسه بالحكمة ومظاهرته:
ونهيت عن قتل النفوس تعمداً         وبعثت تقبضها مع الملكين
وزعمت أنّك في المعاد تعيدها         ما كان أغناها عن الحالين
قال ابن الهبارية**: وهذا كلام مجنون معتوه يعتقد أن القتل كالموت، والموت، كالقتل، فليت هذا الجاهل الذي حرم الشرع وبرده، والحق وحلاوته، والهدى ونوره، واليقين وراحته، لم يذع ما هو
برىء منه بعيد عنه ولم يقل:
غدوت مريض العقل والرأي فأتني         لتخبر أنباء الأمور الصحائح
حتى سلط الله عليه أبا نصر بن أبي عمران داعي الدعاة بمصر، فقال: أنا ذلك المريض رأياً وعقلاً، وقد أتيتك مستشفياً فاشفني، وجرت بينهما مكاتبات كثيرة، وأمر باحضاره حلب، ووعده على الإسلام خيراً من بيت المال، فلما علم أبو العلاء أنه يحمل للقتل أو الإسلام سم نفسه فمات. ويعلق ابن النديم فيقول:
وابن الهبارية لا يعتمد على ما ينقله، وأبو نصر بن أبي عمران هو هبة الله ابن موسى، المؤيد في الدين، وكان اجتمع بأبي العلاء بمعرة النعمان، وذكرنا فيما نقله ابن الزبير باسناده أنه كانت بينه
وبين أبي العلاء صداقة ومراسلة، وذكر حكايته معه. وأما الرسائل التي جرت بينه وبين أبي العلاء فإنني وقفت عليها، وملكتها نسخه، والمؤيد في الدين ابتداه وقال: بلغني عن سيدنا الشيخ بيتاً، وذكر البيت المذكور، وقال: أنا ذلك المريض عقلاً ورأياً وقد أتيتك مستشفياً، لم امتنعت عن أكل اللحم؟ فأجابه أبو العلاء أن ذلك لرقة تأخذه على الحيوان، وأن الذي يحصل له من ملكه لا يقوم بسعة النفقه. فأجابه بجواب حسن وقال: إنه قد تقدم إلى الوالي بحلب أن يحمل إليه ما يقوم بكفايته، لا كما ذكرابن الهبارية بأن يحمل إلى حلب، وأنه وعد عن الاسلام خيراً من بيت المال، فامتنع أبو العلاء عن قبول ما بذله له وأجابه عن كتابه بجواب حسن، فورد جواب المؤيد في الدين يتضمن الاعتذار إليه عن تكليفه المكاتبة في المعنى المذكور، وشغل خاطره، لا كما ذكر ابن الهبارية.
وكذلك قول ابن الهبارية أن أبا العلاء سم نفسه فمات، خطأ فاحش من القول فإن أبا العلاء مات حتف أنفه بمرض أصابه، وسنذكر ذلك إن شاء الله في ذكر وفاته.
يتبع إن شاء الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ما لم يقع لابن الصابيء ذكرته كتب عديدة وهو نص من كتاب للمعري اسمه: الفصول والغايات في تمجيد الله والعظات . والفقرة التي ذكرتها الكتب هي:
أقسم بخالق الخيل والريح الهابة بليل بين الشرط ومطالع سهيل إن الكافر لطويل الويل، وإن العمر لمكفوف الذيل، اتق مدارج السيل، وطالع التوبة من قبيل تنج وما أخالك بناج. قال ابن العديم في بغية الطلب:
وقرأت بخط الشيخ أبي محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان الخفاجي الحلبي في كتاب له تتبع الكلام فيه على الصرفة ... وقد حمل جماعةً من الأدباء قول أرباب الفصاحة أنه لا يتمكن أحد من المعارضة بعد زمان التحدي على أن نظموا على اسلوب القرآن وأظهر ذلك قوم وأخفاه آخرون...
وعلق ابن العديم قائلا: وهذا الكلام الذي أورده ابن سنان هو في كتاب الفصول والغايات في تمجيد الله تعالى والعظات وهو كتاب إذا تأمله العاقل المنصف علم أنه بعيد عن المعارضة وهو بمعزل عن التشبه بنظم القرآن العزيز والمناقضة، فإنه كتاب وضعه على حروف المعجم، ففي كل حرف فصول وغايات، فالغاية مثل قوله: بناج، والفصل ما يقدم الغاية، فيذكر فصلاً يتضمن التمجيد أو الموعظة ويختمه بالغاية على الحرف من حروف المعجم، مثل تاج، وراج، وحاج، كالمخمسات والموشحات في الشعر.
** ابن الهبارية : ذكره العماد في خريدة القصر (وذكره غيره) قال: الشريف أبو يعلى محمد بن محمد بن صالح من بغداد من شعراء نظام الملك. غلب على شعره الهجاءُ والهزل والسّخف، وسبك في قالب ابن الحجّاج، وسلك أسلوبه، وفاقه في الخلاعة والمجون. والنّظيف من شعره في نهاية الحسن.
وقد ذكر العاملي في الكشكول قصة أعف عن ذكرها من كثر ما هي مخزية، وقد عزا روايتها للشريف ابن الهبارية هذا . وأرجو أن لا تكون صحيحة بحال. وليت شعري هل كان ابو العلاء المعري إلا رجلا نظيفا عفيفا طاهر الذيل!
 
 
 

29 - مايو - 2010
الزندقة والإلحاد
نصان متعارضان    ( من قبل 5 أعضاء )    قيّم

نصان متعارضان أرجو كل من يشك في عقيدة المعري أن يتعاون معنا ويعقد بينهما مقارنة ليتبين له الحق من الباطل في المعري. ونحن هنا لا نقصد إلى تبرئة المعري مما اتهم به بشكل شخصي. فالرجل أوى إلى دار الحق من زمان. ولاينفعه منا دعاء ولا رجاء، ولا يزيد في ذنبه ، إن كان مذنبا، اتهام أو إبراء ؛ ولكننا نرمي من وراء ذلك إلى العبرة والاعتبار، وإلى التحقق من سبل من سلف من كتابنا وأدبائنا وعلمائنا في كيف كانوا يحكمون على عقائد الناس بالصلاح أو بالفساد، وهل كانت تلك السبل كلها صحيحة ، أو كان منها غير الصحيح؟
النص الأول ورد في:( الروضة الفيحاء في تاريخ النساء ـ ياسين الخطيب):
" وممّن أظهر الزندقة فغضب الله عليه، ومحقه أحمد بن عبد الله الضرير أبو العلاء المعرّي الشاعر المشهور، فإنه كان يُظهر الزندقة، وعارض القرآن العظيم بكلام ذميم، وممّا ظهر من كلامه السخيف قوله: أقسم بخالق الخيل، والريح الهابّة بالليل، بين الشّرط ومطالع سُهيل، إن الكافر لطويل الويل، وإن العمر لمكفوف الزّيل، اتّق مدراج السيل، وطالع التوبة من قبيل تنجُ، وما إخالك بناج ومِنْ شعره وجرأته قوله:
إذا ما ذكرنا آدمَ وفعالهِ         وتزويجهُ بنتيهِ ابنيه ِبالخنا
علمنا بأنَّ الخلقَ منْ نسلِ فاجر         وأنَّ جميعَ الناسِ منْ عنصرِ الزّنا
قبّحه الله ما أجرأه على الفكر، وقد ردّ أهل ملّة الإسلام، وأثبتوا أنّه هو مقرٌّ بالزنا، فإقراره عليه هكذا ذكره السّيوطي، وقال في "تاريخ ابن الوردي": كان علاّمة عصره في النحو واللغة، وله تصانيف، وله من النظم "لزوم ما لا يلزم" في خمس مجلدات و"سقط الزّند" ولا يبعد أنّه تاب وأناب." أ.هـ
أقول أنا ياسين الشيخ سليمان:
لو كنت مكان ياسين الخطيب، لفكرت مليا قبل أن أنقل عمن سبقوني من الكتاب في حق أبي العلاء المعري، وأتبين صدق ما أنقله من كذبه، هذه واحدة، أما الأخرى، فقد نقل ياسين الخطيب أن المعري لا يبعد أنه تاب وأناب. وما دام هناك احتمال أنه تاب وأناب، فلماذا التشنيع عليه إلى هذا الحد بعد مئات السنين من موته!؟ وأما البيتان اللذان قام الخطيب بنقلهما والمنسوبان إلى المعري الذي كان علامة عصره في النحو واللغة كما نقل الخطيب نفسه، فهل قرأهما في كتاب من كتب المعري؟!
والحق أن هذين البيتان يتمثل معناهما الكثيرون ممن يدعون الإلحاد من أشباه المتعلمين من جهلة العوام في كل عصر، الذين يظنون في أنفسهم المهارة في القول والنباهة في العقل، ومنهم من لم يسمع بالمعري طوال حياته . وأعرف من هؤلاء واحدا إذا جلس إلي أظهر لي كل تدين ورجاحة عقل؛ خشية أن أتهمه بفساد العقيدة . فهو يعلم أني من ذوي العقائد السليمة في نظره، والله أعلم بي في كل حال. مر هذا يوما على ثلة من معارفه وهم يجلسون في مقهى، فقال : السلام عليكم يا أولاد الحرام! فاندهش السامعون أول الأمر وانبغتوا؛ لظنهم أنه يتهم أمهاتهم أو آباءهم بالزنى؛ ولكنهم لما سمعوا منه قصده بأنهم أبناء لأبناء آدم وبناته، ضجوا بالضحك، وقالوا: يا ابن الحرام، من أين أتيت بهذه الفكرة؟! وسر هو سرورا عظيما؛ لأنهم امتدحوا فطنته وذكاءه كما ظنوا وظن هو. سألته مرة: هل سمعت بابي العلاء المعري؟ أجاب أذكر انه شاعر قرأنا له في المدرسة بعض الأبيات. قلت: هل تحفظ شيئا منها؟قال: رب لحد قد صار لحدا مرارا ضاحك من تزاحم الأضداد. وسألته: هل تعلم أن المعري اتهم بفساد الدين؟ قال مستغربا: معقول؟!
وما سردت القصة المذكورة إلا أدلل بها على استحالة أن ينحدر عالم علامة إلى هذا الدرك من السفالة الفكرية مما ينحدر فيه الجهلة من الناس، الذين يدعون الفطنة والذكاء، وهم عن الفطنة والذكاء أبعد من السها عن كوكب الأرض. وهم ، أي هؤلاء الجهلة، لو كانوا من ذوي النوايا الطيبة، وصرحوا بما يرد على خواطرهم من تساؤلات في الدين والعقيدة ؛ راجين ، وبصدق، أن يهديهم الله تعالى إليه، لما خيب الله رجاءهم. فالتساؤلات ترد على خواطر الناس جميعا، خاصة من هم في هم دائم وسعي دائب إلى الاستقرار النفسي والاطمئنان على المصائر.
 النص الثاني يتبع

29 - مايو - 2010
الزندقة والإلحاد
النص الثاني    ( من قبل 7 أعضاء )    قيّم

النص الثاني من مقدمة ( ضوء السقط) وهو شرح من أبي العلاء المعري لكتابه(سقط الزند) . ومن أحسن دليلا على معرفة عقيدة الرجل مم قال هو عن نفسه؟! قال :
قَدْ عَلِمَ اللهُ تعالى جلَّتْ كلمته، أنَّ أحبَّ الكلامِ إليَّ ما ذُكر به عَزَ سلطانه وأثني به عَلِيه. وإذا تَكلَّمتُ بكلمة لِغيرِه، عَددْتُها من غبن وغَبْنٍ، تُريكَ الغُصنَ الشائكَ من الأُبَن. وأنا شيخ مكذوبٌ عَليَّ، يظن بعضُ العامة أني من أهل العلِم، وأنا من الجهالة نظير الخلم. ويخالني قوم دينا، ولم يَزْل تَقْصيري مُتبينًا. ويَحسبُني نَفَرٌ ذا يسارٍ، وإن قَضيتُ الزمن بالاعْتِسَار ِ، وَأَقلُّ مايَلْحَقُنِي من ذلك، أن يلتمسَ مني الضعيفُ فَعال الغنيّ، فإذا ظهرت المَعْجَزَةُ وصفني بلئيم دَنيٍ. وإذا نطقتُ بألفاظٍ ليست لله، فإنما أنا كما قال القائل: مكره أخاك لا بطلْ. هذا كان مذهبي أوان الشبيبةِ، فكيف مَذْهبي إذا أخْلقنِي الدهرُ إخلاقَ سَبِيبَةٍ، وربَّ كلمةٍ تقول دعني، والسَّيْلُ يَضْطركَ إلى المعْطَشَةِ. ولزمتْ مسكني منذُ سنةِ أربعِ مئةٍ معمِلاً ألا أُرسِلَ فيما يتصل بكلام العرب بنتَ شَفَة، وبليتُ بِنْوبٍ ليست بالمنكشفة، ومدَّ العمر، وكأنما سِنوه السمر، تُعدَم عنده الثّمرُ، وإنما يجود بِدَبىً ليس بطائل، لا يسمح بقوت العائل، فطرقني رجل بعد رجل، كلهم يلتمس مني أدبا، ويَحسِبُ أني مُعانٍ نَشَباً. وكان من آخر وارد علي: الشيخُ أبوعبد الله محمدُ بنُ عبدِ الله الأصفهاني، غَرَّه أحاديثُ بعض العامة في، فَلَقِيَ من الأسفار كُلَفا،وأصابني قد راهقْتُ تَلفا. وعَرَّفتُه أن غيري أَولَى بالقَصدِ، والمجُدِبُ يقنع من الناقة بِفَصْدٍ، كما قال القائل:
وقد يَتركُ العُذرَ الفتى وطعامُهُ         إذا هو أمْسَى حَلْبَةً من دَم ِالفَصْدِ
واجتهدت في النصيحة فلم يَقْبل والمثل: لَجَّ صاحبك فَحجَّ. وأبو عبد الله لم يَحْجُجْ أم رَحْمٍ، ولكنهممارسةُ جُرح محْجوج اتصل بدماغٍ مَشْجُوج، قال أبو ذؤيب الهذلي:
وصبَّ عليه المِسك حتى كأنه         أَسِيٌّ على أم الدِّماغِ حَجيجُ
ولم يمُكنِّي الزمنُ أن أعينه على السفر، فلما رضي بكَدِّ المُقْتِر، استغفرت الله عز سلطانه، وأجبته إلى أن قرأ أشياءَ كثيرةً، وسألني أن أشرح له ما يَستعجمُ عليه من الكتاب المعروف بسَقْطِ الزَّنْدِ، فأجبتُه إلى ما سألَ، وقد شهد الله وكفى به أني حَسيرٌ طَليحٌ، أُشفقُ من الأخطاءِ وأُليحُ، وهذا حين نبدأُ بشرح ما يمكنُ منه إن شاء الله.أ.هـ
ولو نظرنا نظرة عجلى فيما أوردناه من مقدمة (ضوء السقط) لعرفنا ما يلي :
1ـ حب أبي العلاء لما يرضي الله تعالى.
2ـ تواضعه الجم على سعة علمه ونفاذ بصيرته.
3ـ يعترف بالتقصير في التدين مما يدل على طموحه بالتدين أكثر، وأنه لا يحبذ التظاهر بالتدين لأن التدين الحقيقى لدى الإنسان لا يعلمه إلا الله.
4ـ يظنه الناس ولكثرة ما يقدم لمن يقصدونه موسرا وهو في الحقيقة إلى الإعسار أقرب . وتظاهره هذا يطمع الناس فيه ؛ ولكنه إن لم يستطع إجابة طلب الطامعين بإحسانه، والقيام بواجب الضيافة لمن يقصدونه، تحمل وصفه باللؤم والدناءة وهو منهما براء. أما قوله : ولم يمكني الزمن أن أعينه على السفر فيدل على أنه كان يعين من يقصدوه طلبا لعلمه عونا ماديا .
5ـ لم يكن ينطق بألفاظ يبتغي بها غير وجه الله، وإن نطق نطق مكرها.
هذه أوصاف خمس اتصف بها أبو العلاء في شبيبته، فكيف حاله في كبره، كما قال : فكيف مذهبي إذا اخلقني الدهر إخلاق سبيبة! فالشاب اطمع في زخرف الحياة وبهرجها أكثر بكثير ممن تقدم به العمر وصار كالثوب الخلق البالي ، ومع هذا ، فلم يكن أبو العلاء في شبابه من قبل هرمه إلا من الزهاد.
 
 
 
 

29 - مايو - 2010
الزندقة والإلحاد
هرقل عظيم الروم    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

تحية طيبة أستاذنا الغالي زهير، وأشكرك على انتقاء موضوع هذا الملف الهام ، وتحية كذلك لأستاذنا الفنان عبد الحفيظ ،
أما صعوبة الحصول على مواضيع تتعلق بعصر النبي(ص) ومصادرها غير عربية إسلامية، فأمر صعب كما قال أستاذنا. فغير المسلمين من العلماء والمؤرخين كثيرا ما اعتمدوا المصادر الإسلامية في كتاباتهم ، وذلك لندرة المخطوطات غير العربية، التي كتبت في عصر النبي (ص) على ما يظهر، وتتعلق بظهور الدعوة الإسلامية .
وأما ما ذكره أستاذنا زهير عن الأفلام السينمائية الهرقلية، فقد ذكرني هذا بتلك الأفلام، حيث كنت مغرما مثله بمشاهدتها أوائل الستينيات من القرن المنصرم ، وما أزال أذكر اسم (ستيف ريفز) ، أحد ذوي العضلات الضخمة المفتولة من الممثلين الذين قاموا بدور هرقل في تلك الأفلام. على أن هرقل الذي أذكره في السينما، إن كانت ذاكرتي تسعفني، كان هرقل الأساطير الرومانية أو الاغريقية، ولم يكن هرقل، عظيم الروم، الذي عاصر مبعث النبي (ص) ، وهزم أمام المسلمين في معركة اليرموك.
من أجل المشاركة في هذا الملف القيم أخذت بالبحث في الشبكة، فتيسر لي مقال في سيرة هرقل المذكور، ملك الدولة الرومية الشرقية . والمقال باللغة الانجليزية، وقد قمت بترجمة فقرات قليلة منه ، وبمساعدة من (غوغل) مع بعض التصرف السطحي الأثر،. وهذا رابط الموقع:
 
سيرة هرقل:
ولد هرقل ، الذي أصبح يعرف رسميا باسم فلافيوس هرقل أوغسطس ، في وقت ما حوالي 575 ميلادي.
كان هرقل رجلا يحظى باحترام كبير ، وهو من أصول أرمينية ، وأصبح حاكما للإمبراطورية الرومية الشرقية( الدولة البيزطية).
خلال فترة حكمه التي دامت ثلاثين سنة، نشر السلام والوئام في ربوع الإمبراطورية . وهو الذي قام بتغيير اللغة الرسمية للإمبراطورية من اللاتينية إلى اليونانية . وقام هرقل بتوسيع الامبراطورية من خلال حملات ناجحة ضد الفرس والعرب ، على أن أهم أعماله التي اشتهر بها القيام بإعادة واحد من أقدس الآثار في العالم المسيحي إلى بيت المقدس ،ألا وهو الصليب الحقيقي المقدس .
وبمجرد أن قام هرقل بتحقيق السلام بينه وبين الفرس بعد حروب متعددة، واجه تهديدا جديدا من قوة الإسلام الصاعدة . ففي عام 634 م اجتاحت قوات عربية سورية وفلسطين . وبحلول ذلك الوقت كان هرقل قد شاخ بعد ان بلغ من العمر تسعة وخمسين عاما ، ونقص ما لديه من عبقرية تكتيكية في ميدان الحروب . في عام 636م، عانت قوات الإمبراطورية الرومية الشرقية واحدة من أكثر الهزائم حسما في تاريخها العسكري في معركة اليرموك . فبعيد هذه المعركة لم تعد الامبراطورية أبدا تدير الأراضي الواقعة إلى الجنوب من أنطاكية.
لقد كان الذل الذي أوقعته معركة اليرموك قد أدى خلال السنوات التي تبعتها إلى الفتح العربي الإسلامي للهلال الخصيب . فقد فاز العرب في آسيا وتبع ذلك فوزهم في مصر. وعندما مات هرقل من الوذمة (الاستسقاء) في 11 فبراير 641م، كان معظم الأراضي المصرية قد سقطت بيد العرب . وفي السنوات التي أعقبت وفاة هرقل انسحبت الإمبراطورية الشرقية إلى قرطاج . وفي قرطاج هذه احتاجت الإمبراطورية لقضاء ستين عاما لإعادة بناء نفسها قبل أن تصبح قادرة مرة أخرى على مواجهة العرب.
وعلى العموم، فقد كان هرقل ملكا جيدا، وكانت انتصاراته ضد الفرس رائعة . لقد كانت انتصاراته في الأناضول هي التي حافظت على الحدود الشرقية الرومية ، وهي ما نعرفه بتركيا اليوم.
 
 
 
click to zoom
هرقل وابنه قسطنطين على وجه عملة بيزنطية ( من ويكيبيديا)

9 - يونيو - 2010
عصر محمد في المصادر غير العربية
الإسلام كما رآه الآخرون    كن أول من يقيّم

تحية طيبة،
خلال بحثي على الشبكة، عثرت على كتاب  باللغة الإنجليزية  عنوانه Seeing Islam As Others Saw It يحتوي ترجمة  للعديد من نصوص المخطوطات  المسيحية، واليهودية، والزرادشتية، وبعض هذه المخطوطات يعود تاريخها إلى  زمن قريب جدا من عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم. فمن يرغب في مطالعة  بعض نصوص الكتاب ، عليه بهذا الرابط:
 
http://www.christianorigins.com/islamrefs.html

10 - يونيو - 2010
عصر محمد في المصادر غير العربية
الشكر لكم انتم    كن أول من يقيّم

 وكل الشكر لكم أنتم أستاذنا، على ما نستفيده من علمكم باستمرار ، وسأظل أفخر بكوني تلميذا من تلاميذكم الأوفياء،
ولقد فاتني( بما يخص أفلام السينما) فارق السن بيني وبين أستاذنا زهير حين تحدثت عن أفلام هرقل . فقد كنت في الثالثة أو الرابعة عشرة حين بدأت أشاهد تلك الأفلام وأتابع قصصها . على أية حال، فقد كسبت معلومة جديدة من أستاذنا حفظه الله ، عن التمثال الذي يجسد قصيدة النابغة . أما الأفلام الوثائقية التي تتحدث عن النبي (ص) وعن دين الإسلام ، إن كان هناك أكثر من فلم، فقد شاهدت واحدا منها على الشبكة على موقع اليوتيوب ، واسمه : امبراطورية الإيمانEmpire of Faith، قامت على إنجازه، من بضعة أعوام، محطة تلفاز أمريكية . وهو فلم يتتبع مسيرة الإسلام والمسلمين والحضارة الإسلامية  لأكثر من ألف عام.

12 - يونيو - 2010
عصر محمد في المصادر غير العربية
 48  49  50  51  52