البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات عبدالرؤوف النويهى الحرية أولا وأخيرا

 48  49  50  51  52 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
البحث عن شريعة حمورابى (4)    كن أول من يقيّم

البحث عن شريعة حمورابى (4)
 
لم يكتف الفرس بالقتل والتقتيل والنفى والتشريد لزعماء المقاومة وسمل العيون وفتح السجون و قمع الألسنة بل اصطنعوا الذرائع كى يكملوا حصارهم وإبادتهم للوطنيين الشجعان ،وجرت أبشع محاكمة لقرية صغيرة من شعب أعزل لايملك سوى العمل فى الحرث والفلاحة والزراعة وتربية المواشى ،وشارك فيها الخونة من البابليين المنتفعين ،كهان معابد وخدمة هياكل وكتبة ألواح و قادة جيش ورجال عسس 0
كان نصيب المتمردين، الشنق وترك الجثث تطوحها الريح ،ولتصبح عبرة لمن يتمرد أو حتى يحلم بالتمرد 0
وعاش الشعب البابلى الأبى كابوسا طال ليله وثقل سواده على النفوس 0000
 
وبدا، فى الآفاق، للبابليين الجدد أن التصادم مع الغزاة ،الحاكمين البلد بالنار والحديد والمهيمنين على مقاليد الأمور،  مضيعة للوقت وإهدار للجهد وسفه للعقل وتكدير للقلب وعصيان للمكتوب وتمرد مرفوض وأن الوطنية رجس ودنس ونوبات صرع ،وشرعوا فى التخطيط الدقيق للإقتداء بالأوائل أصحاب العفة والتقوى وسدنة مردوك الخالد ،وسعت القوافل تجتاح البلاد ،تشييدا وبناءا للمعابد والهياكل ، وانعقد العزم على البحث الدؤوب وتكريس العقول والتشميير عن الهمم وتحبير الدراسات والمطولات  عن شريعة حمورابى هذا الملك الخالد ،خلود الشمس عبر الأجيال،والسير على خطى الماضى العريق0
 
هذا الفاتح العظيم  والمشرع الأعظم تصوره الأختام والنقوش البدائية شاباً يفيض حماسة وعبقرية وبيانا فصيحا ، ذو عاصفة هوجاء في الحرب، يقلم أظافر الفتن ويقطع أوصال الأعداء، ويسير في شعاب الجبال الوعرة، ولا يخسر في حياته واقعة؛ وحد الدويلات المتحاربة المنتشرة في الوادي الأدنى، ونشر لواء السلام على ربوعها وأقام فيها منار الأمن والنظام بفضل كتاب قوانينه التاريخي العظيم. وقيل عن هذه الشرائع أنها منزلة من السماء. فترى الملك على أحد أوجه الأسطوانة يتلقى القوانين من شمش إله الشمس نفسه.
وتقول مقدمة القوانين:
ولما أن عهد أنو الأعلى ملك الأنوناكي وبِلْ رب السماء والأرض الذي يقرر مصير العالم، فقد عهد حكم بني الإنسان كلهم إلى مردوك؛... ولما أن نطقا  باسم بابل الأعلى، وأذاعا شهرتها في جميع أنحاء العالم، وأقاما في وسطه مملكة خالدة أبد الدهر قواعدها ثابتة ثبات السماء والأرض - وفي ذلك الوقت ناداني أنو وبِل، أنا حمورابي الأمير الأعلى، عابد الآلهة، لكي أنشر العدالة في العالم، وأقضي على الأشرار والآثمين؛ وأمنع الأقوياء أن يظلموا الضعفاء... وأنشر النور في الأرض وأرعى مصالح الخلق. أنا حمورابي، أنا الذي اختاره ِبل حاكماً، والذي جاء بالخير والوفرة، والذي أتم كل شيء لنبور ودُريلو،... والذي وهب الحياة لمدينة أرك؛ والذي أمد سكانها بالماء الكثير؛... والذي جمل مدينة بارسيا؛... والذي خزن الحب لأوراش العظيم؛... والذي أعان شعبه في وقت المحنة، وأمن الناس على أملاكهم
فى بابل)))0
 
ومن الصعب أن يجد الإنسان فى تاريخ الشرائع كلها ألفاظا أرق وأجمل واشمل وأجمع وأعمق من الألفاظ التى يختتم هذا البابلى العظيم شريعته 00
إن الشرائع العادلة التى رفعها منارها الملك الحكيم حمورابى والتى أقام بها فى الأرض دعائم ثابتة طاهرة صالحة 0000أنا الحاكم الحفيظ الأمين عيها ،هنا فى قلبى حملت أهل أرض سومر وأكد 000وبحكمتى قيدتهم ،حتى لايظلم الأقوياء الضعفاء ،وحتى ينال العدالة اليتيم والأرملة 000فليأت أى إنسان مظلوم له قضية أمام صورتى أنا ملك العدالة ،وليقرأالنقش الذى على أثرى ،وليلق باله إلى كلماتى الخطيرة !ولعل أثرى هذا يكون هاديا له فى قضيته،ولعله يفهم منه حالته !ولعله يريح قلبه00 فينادى :حقا أن حمورابى حاكم كالوالد الحق لشعبه000لقد جاء بالرخاء إلى شعبه مدى الدهر كله ،وأقام فى الأرض حكومة طاهرة صالحة 0

6 - مارس - 2007
يقول المستشرقون ان الفلسفة الاسلامية تمت و ماتت بموت ابن رشد. ما رأيكم في هذا القول، أصحيح ام لا?
الأخ الأعز /زهير 0000وحشتنى0    كن أول من يقيّم

الأخ الأعز / زهير 0000وحشتنى

16 - مارس - 2007
ويرحم الله والدي
مقال فى العبودية المختارة    كن أول من يقيّم

 
 
مقال فى العبودية المختارة
 
 إتين دى لابويسيه
 
1/11/1530
14/8/1562
***************
 
سنوالى نشرها تباعا  
                                                                                                      

23 - مارس - 2007
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
مقال فى العبودية المختارة ....إتين دى لابويسيه (1)    كن أول من يقيّم

كثرة الأمراء سوء
كفى سيد واحد ،ملك واحد
 
بهذه الكلمات خطب أوليس القوم فى هوميروس ،ولو أنه وقف عند قوله :
كثرة الأمراء سوء
لأحسن القول بما لامزيد عليه ،لكنه حيث وجب تعليل ذلك بالقول بأن سيطرة الكثيرين لايمكن أن يأتى منها الخير  ما دامت القوة المسندة إلى واحد ،متى تسمى باسم السيد ،صعبة الاحتمال  منافية للمعقول راح يعكس الكلام  فأضاف :
كفى سيد واحد ،ملك واحد
بيد أن أوليس ربما وجبت معذرته إذلم يكن له مفر من استخدام هذه اللغةحتى يهدئ ثورة الجيش مطابقا بمقاله المقام بدل مطابقة الحقيقة.
فإن وجب الحديث عن وعى صادق فإنه لبؤس ما بعده بؤس أن يخضع المرء لسيد واحد يستحيل الوثوق بطبيعته أبدا ما دام السوء فى مقدوره متى أراد،فإن تعدد الأسياد تعدد البؤس الذى ما بعده بؤس بقدر ما نملك منهم . وما أريد فى هذه الساعة طرق هذه المسألة التى كثر الجدل فيها :إذا ما كانت أشكال الجمهورية الأخرى تفضل حكم الواحد . ولو أردت لوددت قبل النظر فى مكانة هذا الحكم بين الأشكال الأخرى أن أعرف أولا من له مكانة ما . لأن من الصعب الاعتقاد ببقاء شيىء يخص  جمهور الناس  حيث ينفرد واحد بكل شىء .ولكن هذه مسألة متروكة لوقت آخر وتقتضى مقالا يفرد لها وإلا جلبت معها جميع المنازعات السياسية .
 
فأما الآن فلست أبتغى شيئا إلا أن أفهم كيف أمكن هذا العدد من الناس ،من البلدان ،من المدن ،من الأمم أن يحتملوا أحيانا طاغيا واحدا لا يملك من السلطان إلا ما أعطوه ولا من القدرة على الأذى إلا بقدر احتمالهم الأذى منه ،ولا كان يستطيع انزال الشر بهم لولا ايثارهم الصبر عليه بدل مواجهته. إنه لأمر جلل حقا وإن انتشر انتشارا أدعى إلى الألم منه إلى العجب  أن نرى الملايين من البشر يخدمون فى بؤس  وقد غلت أعناقهم دون  أن ترغمهم على ذلك قوة أكبر  بل هم  فيما يبدو  قد سحرهم  وأخذ بألبابهم مجرد الأسم الذى ينفرد به البعض ،كان أولى بهم ألا يخشوا جبروته ،فليس معه غيره ،ولا أن يعشقوا صفاته فما يرون منه إلا خلوه من الإنسانية ووحشيته .إن ضعفنا نحن البشر كثيرا ما يفرض علينا طاعة القوة  ونحن محتاجون إلى وضع الرجاء فى الإرجاء  ما دمنا لا نملك دائما أن نكون الأقوى . فلو أمة أجبرت بقوة الحرب على أن تخدم واحدا (مثل أثينا الطغاة الثلاثين ) لما وجب الهش لخادميها  بل الرثاء لنازلتها ،أو بالأحرى ما وجب الدهش  ولا الرثاء بل الصبر على المكروه والتأهب لمستقبل أفضل .
 
إن من شأن طبيعتنا أن تستغرق واجبات الصداقة المشتركة بيننا قسطا لا بأس به من مجرى حياتنا . فمن العقل محبة الفضيلة  وتقدير الأعمال الجليلة  وعرفان الفضل من حيث تلقيناه والالستغناء  أحيانا عن بعض ما فيه راحتنا  لنزيد به شرفا وامتيازا من نحب  ومن استحق هذا الحب . فلو أن بلدا  رأى سكانه كبيرا منهم يبدى بالبرهان فطنة كبيرة فى نصحهم  وجرأة شديدة فى الدفاع عنهم  وترويا جما فى حكمهم  فانتقلوا من ذك إلى طاعته واسلام قيادتهم له  إلى حد إعطائه ميزات دونهم  فما أدرى أهى حكمة أن ينقلوه من حيث كان يسدى الخير إليهم  إلى حيث يصبح الشر فى مقدوره .  إن التخلى عن خشية الشر ممن لم نلق منه إلا الخير  لحكمة  لو كان محالا  ألا يخالط طيبته نقص .
 
ولكن ماهذا ياربى ? كيف نسمى ذلك ? أى تعس هذا ?أى رذيلة  أو بالأصدق أى رذيلة تعسة ?أن نرى عددا لاحصر له من الناس لا أقول يطيعون بل يخدمون  ولا أقول يحكمون بل يستبد بهم ،لا ملك لهم ولا أهل ولانساء  ولا أطفال  بل حياتهم نفسها ليست لهم ! أن نراهم يحتملون السلب والنهب  وضروب القسوة  لا من جيش  ولامن عسكر أجنبى ينبغى الذود عن حياضهم  ضده  بل من واحد لا هو بهرقل ولاشمشون بل خنث ،هو فى معظم الأحيان أجبن من فى الأمة  وأكثرهم  تأنثا ،لا ألفة له بغبار المعارك  وإنما بالرمل  المنثور على الحلبات  إن وطئها  ولا هو يحظى بقوة يأمر الناس بها  بل يعجز عن أن يخدم ذليلا  أقل من أنثى ! أنسمى ذلك جبنا ?أنقول أن خدامه حثالة من الجبناء ? لو أن رجلين ،لو أن ثلاثة أو أربعة  لم يدافعوا  عن أنفسهم ضد واحد لبدا ذلك شيئا غريبا  لكنه بعد ممكن  ولو وسعنا القول عن حق  أن الهمة تنقصهم . ولكن  لو أن مائة ، لو أن ألفا  احتملوا واحدا ألا نقول :إنهم لايريدون صده ليس لأنهم لا يجرءون على الاستدارة  له ، لا عن جبن  بل احتقار له  فى الأرجح واستهانة بشأنه ? فأما أن نرى لا مائة ولا ألف رجل بل مائة بلد ،ألف مدينة ،مليون رجل ، أن نراهم لا يقاتلون  واحدا  أقصى ما يناله  من حسن معا ملته أى منهم هو القنانة والرق  فأنى لنا أن نسمى به ذلك ? أهذا جبن ? إن لكل رذيلة حدا تأبى طبيعتها تجاوزه .فلقد يخشى اثنان واحدا  ولقد يخشاه عشرة .فأما مليون ،فإما ألف مدينة  إن هى لم تنهض دفاعا عن نفسها فى وجه واحد فما هذا بجبن  لأن الجبن لايذهب إلى هذا المدى  كما أن الشجاعة لا تعنى أن يتسلق إمرؤ وحده حصنا  أو أن يهاجم جيشا  أو يغزو مملكة .فأى مسخ من مسوخ الرذيلة هذا الذى لا يستحق حتى اسم الجبن  ولايجد كلمة تكفى قبحه والذى تنكر الطبيعة صنعه  وتأبى اللغة تسميته ?
 

24 - مارس - 2007
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
مقال فى العبودية المختارة ...إتين دى لابويسيه (2)    كن أول من يقيّم

ضع بجانب خمسين ألف رجل مدججين بالسلاح .وضع مثلهم بالجانب الآخر . دعهم يصطفون للمعركة ثم يلتحمون ،بعضهم أحرار يقاتلون دفاعا عن حريتهم  والبعض الآخر بغية سلبهم إياها . تُرى من تظنك تعد بالنصر ? من تظن أنهم ذاهبون إلى ساحة القتال بخطى مقدامة ?من يأملون الاحتفاظ بحريتهم جزاء على عنائهم أم أولئك الذين سواء كالوا الضربات  أو تلقوها  لم ينتظروا أجرا عليها سوى استعباد الغير ? الأولون يضعون نصب أعينهم سعادة الحياة الماضية  وتوقع نعيم يماثلها فى المستقبل  ولا يفكرون فى القليل الذى تلزم مكابدته زمن المعركة  بقدر ما يفكرون فيما سيفرض عليهم أبد الدهر ، هم وأولادهم وجميع ذريتهم . فأما الآخرون فلا حافز لهم  إلا وخز من الطمع لا يلبث أن يسكن أمام الخطر  ولايمكن أن يبلغ التهابه حدا لاتطفئه أول قطرة من الدم تنضو بها جروحهم . خذ المعارك المشهودة التى خاضها ميلسيادس وليونيداس وثميستوكل منذ ألفى عام  والتى مازلت تحيا فى صفحات الكتب وذاكرة البشر حتى اليوم  كأن رحاها لم تدر إلا بالأمس على أرض الإغريق ، من أجل الإغريق  ومن أجل أن تكون مثلا للدنيا قاطبة : ماالذى فى زعمك أعطى فئة قليلة  قلة الإغريق إذ ذاك  لا أقول القوة  بل الجرأة على الصمود فى وجه أساطيل بلغ من حشدها أن ناء بثقلها البحر وعلى أن يدحروا أمما بلغ من كثرتها أن كتيبة الإغريق بأسرها ما كان يكفى جنودها تزويد أعدائها ولو بالقواد ليس غير ? ماذا سوى أن المعركة لم تكن فى هذه الأيام المجيدة معركة الإغريق ضد الفرس بقدر ماكانت انتصار الحرية على السيادة وانتصار العتق على جشع الاسترقاق ?
 
إنا ندهش إذ نسمع قصص الشجاعة التى تملأ بها الحرية قلوب المدافعين عنها .أما ما يقع فى كل بلد لكل الناس كل يوم : أن يقهر واحد الألوف المؤلفة ويحرمها حريتها  فمن ذا الذى كان يسعه تصديقه  لو وقف عند سماعه دون معاينته ? ولو أن هذا القهر لم يكن يحدث إلا فى بلد أجنبى وأرض قاصية  ثم ترد نبؤة أكان أحد يتردد فى ظنه كذبا وافتراء لاحقيقة واقعة ? ومع هذا فهذا الطاغية لايحتاج الأمر إلى محاربته وهزيمته ،فهو مهزوم خلقة ،بل يكفى  ألا يستكين البلد لاستعباده .ولا الأمر يحتاج إلى انتزاع شىء منه بل يكفى الامتناع عن عطائه .فللبلد إذا أراد ألا يتحمل مشقة السعى وراء ما فيه منفعته ،كل ما يقتضيه الأمر هو الإمساك عما يجلب ضرره .
 
الشعوب إذن ،هى الى تترك القيود تكبلها أو قل إنها تكبل أنفسها  بأنفسها مادام خلاصها مرهونا بالكف عن خدمته .الشعب هو الذى يقهر نفسه بنفسه ويشق حلقه بيده .هو الذى ملك الخيار بين الرق والعتق فترك الخلاص وأخذ الغل .هو المصاع لمصابه أو بالأصدق يسعى إليه . فلو أن الظفر بحريته كان يكلفه شيئا لوقف عن حثه : اليس أوجب الأمور على الإنسان أن يحرص أكبر الحرص على حقه الطبيعى  وأن يرتد ، إذا صح التعبير ،عن الحيوانية ليصير إنسانا? ولكنى لا أطمع منه فى هذه الجرأة ولا أنا أنكر عليه تفضيله نوعا آمنا من أنواع الحياة التعسة على أمل غير محقق فى حياة كريمة .ولكن ! ولكن إذا كان نوال الحرية لايقتضى إلا أن نرغب فيها وكان يكفى فيه أن نريد ،أكنا نرى على وجه الأرض شعبا يستفدح ثمنا لايعدو تمنيها أو يقبض إرادته عن استرداد خير ينبغى شراؤه بالدم ويستوجب فقده على الشرفاء  أن تصبح الحياة مرة عندهم والموت خلاصا ?
 
إن الشرارة تستفحل نارها وتعظم ،كلما وجدت حطبا زادت اشتعالا ثم تخبو وحدها دون أن تصب ماء عليها ،يكفى ألا نلقى إليها بالحطب  كأنها إذا عدمت ما تهلك تهلك نفسها وتمسى بلا قوة وليست نارا.
 
 كذلك الطغاة كلما نهبوا طمعوا ،كلما دمروا وهجموا ،كلما موناهم وخدمناهم زادوا جرأة واستقووا وزادوا اقبالاعلى الفناء والتدمير .فإن أمسكنا عن تموينهم ورجعنا عن طاعتهم صاروا ،بلا حرب ولاضرب ،عرايا مكسورين  لاشبه لهم بشىء إلا أن يكون فرعا عدمت جذوره الماء والغذاء فجف وذوى .

24 - مارس - 2007
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
مقال فى العبودية المختارة ......إتين دى لا بويسيه (3)    كن أول من يقيّم

إن الشهام لا يخشون الخطر من أجل الظفر بمطلبهم كما أن الأذكياء لايحجمون عن المشقة ، أما الجبناء والمغلفون فلا يعرفون احتمال الضرورة  ولاتحصيل الخير وإنما يقفون عند تمنيه ، يسلبهم الجبن قوة العمل عليه ، فالرغبة فى امتلاكه إنما تلصق بهم بحكم الطبيعة . هذه الرغبة ، هذه الإرادة الفطرية أمر يشترك فيه الحكيم والملتاث ويشترك فيه الشجاع والجبان ، به يودون تلك الأشياء  التى يجلب اكتسابها السعادة والرضا. شىء واحد لا أدرى كيف تركت الطبيعة الناس  بلا قوة على الرغبة فيه : الحرية التى هى مع ذلك الخير الأعظم  والأطيب حتى أن ضياعها لايلبث أن تتبعه النواكب تترى  وما يبقى بعده تفسده العبودية  وتفقده رونقه وطمعه .الحرية  وحدها هى ما لا يرغب الناس فيه لا لسبب فيما يبدو إلا لأنهم لو رغبوا فيها لنالوها ،حتى لكأنهم إنما يرفضون هذا الكسب الجميل لفرط سهولته .
 
يالذل شعوب فقدت العقل ويا لبؤسها ، يا لأمم أمعنت فى أذاها وعميت عن منفعتها ،تسلبون أجمل مواردكم وأنتم على السلب عيان ،تتركون حقولكم تنهب ومنازلكم تسرق وتجرد من متاعها القديم الموروث عن آبائكم ! تحيون نوعا من الحياة لا تملكون فيه الفخر بملك ما حتى لكأنها نعمة كبرى فى ناظركم  لو بقى لكم ولو النصف من أملاككم وأسركم وأعماركم ؛ وكل هذا الخراب ،هذا البؤس وهذا الدمار يأتيكم لاعلى يد أعدائكم بل يأتيكم يقينا على يد العدو الذى صنعتم أنتم كبره والذى تمشون إلى الحرب بلا وجل من أجله  ولاتنفرون من مواجهة الموت بأشخاصكم فى سبيل مجده . هذا العدو الذى يسودكم إلى هذا المدى ليس له إلا عينان ويدان وجسد واحد ، ولاهو يملك فوق ما يملكه أقلكم على كثرة مدنكم التى لا يحصرها العد إلا ما اسبغتموه عليه من القدرة على تدميركم . فأنى له بالعيون التى يتبصص بها عليكم إن لم تقرضوه إياها ? وكيف له بالأكف التى يصفعكم إن لم يستمدها منكم ?إنى له بالأقدام التى يدوسكم بها إن لم تكن من أقدامكم? كيف يقوى عليكم إن لم يقو بكم ? كيف يجرؤ على مهاجمتكم  لولا تواطؤكم معه? أى قدرة له عليكم إن لم تكونوا حماة للص الذى ينهبكم ، شركاء للقاتل الذى يصرعكم ، خونة لأنفسكم ? تبذرون الحب ليذريه . تؤثثون بيوتكم وتملأونها حتى تعظم سرقاته . تربون بناتكم كيما يجد ما يشبع شهواته . تنشؤن أولادكم حتى يكون أحسن ما يصيبهم منه من جرهم إلى حروبه  وسوقهم إلى المجزرة  ولكى يصنع منهم وزراء مطامعه ومنفذى رغباته الإنتقامية .تتمرسون بالألم كيما يترفه فى مسراته  ويتمرغ فى ملذاته  القذرة ،وتزيدون  وهنا ليزيد قوة  وشراسة  ويسومكم بلجامه . كل هذه الألوان من المهانة  التى إما البهائم لاتشعر بها  أو ما كانت تحتملها يسعكم الخلاص منها  لو حاولتم لا أقول  العمل عليه  بل محض الرغبة فيه .اعقدوا العزم ألا تخدموا تصبحوا أحرارا . فما أسألكم مصادمته  أو دفعه بل محض الإمتناع عن مساعدته . فترونه كتمثال هائل  سحبت  قاعدته فهوى إلى الأرض بقوة  وزنه  وحدها وانكسر .
 
 بيد أن الأطباء محقون بلا شك إذ ينهون عن لمس الجروح التى لابرء منها ،ولا أظننى أسلك مسلكا حكيما إذا أردت أن أسدى هنا الموعظة  إلى الشعب بعد أن فقد كل معرفة منذ أمد طويل وصار فقدان حساسيته بالألم دليلا كافيا على أن مرضه قد صار مميتا .لنحاول إذن أن نتبين لو أمكن ذلك كيف استطالت جذور هذه الإرادة العنيدة ،إرادة العبودية ،إلى هذا المدى البعيد حتى صارت محبة الحرية نفسها تبدو اليوم كأنها شىء لا يمت إلى الطبيعة بسبب.

24 - مارس - 2007
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
مقال فى العبودية المختارة .....إتين دى لابويسيه (4)    كن أول من يقيّم

أولا،إنه لأمر لا أظن الشك يتطرق إليه أننا لو كنا نعيش وفاقا للحقوق  الممنوحة لنا من الطبيعة  والدروس التى تلقنناإياه لكنا طيعين للوالدين بالطبع .خاضعين للعقل .غيرمسخرين لأى كان .فالطاعة التى يحملها كل منا لأبيه وأمه دون أن يهديه إليها إلا صوت الطبيعة أمر الناس جميعا شهود عليه كل عن نفسه . فأما العقل وهل يولد معنا أم لا  فمسألة تقارع فيها الأكاديميون  ولم تتخلف مدرسة من المدارس الفلسفية عن الخوض فيها ، ولا أظننى أجانب الصواب إذ أقول أن بنفوسنا بذرة طبيعية من العقل تذدهر فى شكل الفضيلة إذا تعهدناها بالنصيحة الطيبة والقدوة الحسنة  ولكنها على العكس كثيرا ما تغلبها الرذائل فتخمد وتنفق . غير أن الشىء المحقق هو أنه إذا كان فى رحاب الطبيعة شىء واضح ، باد للعيان ولايجوز أن نعمى  عنه  فذلك أن الطبيعة ، هى وزيرة الخالق وآمرة الخلق ، قد سوتنا جميعا على شبه واحد حتى لكأنها ، إذا جاز التعبير ، قد صبتنا فى ذات القالب ، وذلك حتى يعرف كل منا فى الآخر رفاقه أوبالأصدق إخوته . وإذا كانت الطبيعة وهى توزع هباتها قد اسبغت على البعض مزية جسدية  أو عقلية  .وإذا كانت رغم ذلك لم تتركنا فى هذه الدنيا كأننا فى حقل مغلق  ولم تفوض الأقوياء والمكرة بافتراس الضعفاء كقطاع طرق أطلق سراحهم فى الغابة فلذلك دليل على أنها إذ أعطت العض نصيبا أكبر والبعض الآخر نصيبا أصغر لم تهدف إلا إلى أن تترك المجال للتعاطف الأخوى  حتى يظهر وجوده  مادام البعض يملك قوة العطاء والبعض الآخر الحاجة إليه . فإذا كانت هذه الأم الطيبة قد جعلت لنا من الأرض قاطبة سكنا وأنزلتنا جميعا بنفس المنزل  وهيأتنا على ،موذج واحد كيما يتسنى لكل منا ان يتأمل نفسه  ويقترب من معرفتها فى مرآة الآخرين ن وغذا كانت قد وهبتنا جميعا تلك الهبة الإلهية الكبرى ، هبة الصوت والكلم حتى نزيد تعارفا تعارفا وتآخيا وحتى تتلاقى إرادتنا بالإعراب المتبادل عن أفكارنا ، وإذا كانت قد جهدت بكل السبل حتى توثق عرى التحالف والإجتماع بيننا ، وإذا كانت قد بينت فى كل ما تصنع أنها لاتهدف إلى توحيدنا  جميعا  بقدر ما تهدف إلى أن نكون جميعا آحادا ، فقد إرتفع بذلك كل شك فى أننا جميعا أحرار بالطبيعة ، مادمنا رفاقا ، وامتنع أن يدخل فى عقل عاقل أن الطبيعة قد ضؤبت علينا الرق  بينما هى آلفت بيننا .
 
غير أن الحقيقة هى أن الجدل فيما إذا كانت الحرية حقا طبيعيا أم لا   لن يكون إلا تحصيلا للحاصل  مادمنا لا نسترق كائنا دون أن نلحق الأذى به  ومادم الغبن أكره الأشياء إلى الطبيعة  التى هى مستودع العقل .
 
إذن يبقى أن الحرية شىء طبيعى  ويبقى بهذا عينه أننا (فيما أرى ) لانولد أحرارا وحسب  بل نحن أيضا مفطورون على محبة الذود عنها . فإن أتفق بعد ذلك أن ساورنا شك فيما أقول  وإن بلغ من فسادنا  أننا لم نعد نستطيع تمييز مصالحنا  ولامشاعرنا الطبيعية  لم يبق إلا أن أكرمكم الأكرام الذى تستحقون  وأن أترك الحيوانات التى لاتمت إلى المدنية بصلة تصعد المنبر  لتعلمكم  ما هى طبيعتكم  وما وضع وجودكم .
إن الحيوانات (أخذ الله بعونى ) إذا البشر لم يصموا آذانهم لسمعوها تصرخ فيهم  :
عاشت الحرية !

25 - مارس - 2007
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
مقال فى العبودية المختارة ....إتين دى لا بويسيه (5)    كن أول من يقيّم

الكثير منها لايكاد يقع فى الأسر إلا مات .فكم السمك يترك الحياة إذ يترك الماء ،كذلك هى تترك الضوء وتأبى العيش بعد فقدان حريتها الطبيعية ؛ فلو كانت لها مراتب لجعلت من الحرية عنوان نبالتها .
فأما البقية من أكبرها إلى أصغرها ،فهى لاتستسلم للأسر حين نقتنصها  إلا بعد أن تظهر أشد المقاومة  بالأظافر  والقرون  والمناقير  والأقدام معلنة بذلك عن مدى اعزازها لما تفقد . ثم هى تبدى لنا بشتى العلامات الجليلة مدى احساسها بمصابها حتى أننا لنعجب  إذ نراها تؤثر الضوى على الحياة  كأنها إنما تقبل البقاء لترثى ما خسرت  وليس لتنعم بعبوديتها .
 
هل يقول الفيل شيئا آخر حين يقاتل دفاعا عن نفسه  حتى يستفد قواه ويرى ضياع الأمل ووشوك الأسر  فإذا هو يغرس فكيه محطما على الشجر سنيه ، هل يقول شيئا آخر سوى رغبته الشديدة فى البقاء حرا تلهمه الذكاء فتحثه على مساومة قناصيه لعلهم يتركون له الحرية  ثمنا لعاجه ولعله يفتدى به حريته ?إنا نستأنس الجياد منذ مولدها لندربها على خدمتنا ،فإذا كنا مع ذلك حين نجىء إلى ترويضها نعجز عن ملاطفتها إلى الحد الذى لايجعلها تعض الحكمة وتنفر من المهماز  فما هذا فى اعتقادى إلا شهادة منها  بأنها إنما تقبل خدمتنا كارهة لا مختارة . ماالقول إذا ?
 حتى البقر أنً تحت النير
وشكا فى أقفاصه الطير .
كما عن لى قوله حينا شغلنى فيه نظمنا الفرنسى  . لأنى وأنا أكتب إليك  يالونجا  مازجا بالكلام أشعارى  التى لا أقرؤها أبدا ، لا أخشى قط أن يجرك ما تبديه  من الرضا عنها إلى جعلها مدعاة للفخر .
 
خلاصة القول أنه لما كانت جميع الكائنات الحاصلة على الحس تشعر إذ تحصل عليه بألم خضوعها  وتسعى وراء حريتها ، ولما كانت  الحيوانات وهى المجعولة  لخدمة الإنسان  لا تستطيع  أن تألف العبودية  دون أن تبدى احتجاجا يعرب عن الرغبة فى الضد ،فما هى تلك الرذيلة التى استطاعت أن تمسخ طبيعة الإنسان ، وهو وحده المولود حقيقة ليعيش حرا ، وأن نجعله ينسى ذكرى وجوده الأول  وينسى الرغبة فى استعادته ?

25 - مارس - 2007
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
مقال فى العبودية المختارة ....إتين دى لابويسيه (6)    كن أول من يقيّم

هناك ثلاثة أصناف من الطغاة : البعض يمتلك الحكم عن طريق انتخاب الشعب والبعض الآخر بقوة السلاح  والبعض الثالث بالوراثة المحصورة فى سلالتهم .
 
فأما من انبنى حقهم على الحرب فنعلم جيدا أنهم يسلكون ،كما نقول ،فى أرض محتلة . وأما من ولدوا ملوكا فهم عادة لا يفضلونهم قط لأنهم وقد ولدوا وأطعموا على صدور الطغيان يمتصون جبلة الطاغية وهم رضاع وينظرون إلى الشعوب الخاضعة لهم نظرتهم إلى تركة من العبيد ويتصرفون فى شؤون المملكة كما يتصرفون فى ميراثهم ،كل بحسب استعداده الغالب نحو البخل أو البذخ . أما من ولاه الشعب مقاليد الدولة  فينبغى فيما  يبدو أن يكون احتماله أهون . ولقد يكون الأمر كذلك على ما أعتقد لولا أنه ما إن يرى نفسه يرتقى مكانا يعلو به الجميع  وما إن يستغويه هذا الشىء الغريب المسمى العظمة حتى يعقد النية على ألا يتزاح من مكانه قط . ثم أن هذا الرجل لايلبث  أن يشرع عادة فى اسناد القوة التى سلمه الشعب إياها إلى أبنائه . وما أن يتلقف هؤلاء هذه الفكرة  حتى نشهد شيئا عجبا : نشهد إلى أى مدى يبزون سائر الطغاة  فى جميع أبواب الرذائل بل فى قسوتهم  دون أن يروا سبيلا إلى تثبيت دعائم الاستبداد الجديد سوى مضاعفة الاستعباد وطرد فكرة الحرية  عن أذهان رعاياهم حتى يعفو عليها النسيان رغم قرب حضورها فى ذاكرتهم .
 
فكلمة الحق هى أنى أرى بعضا من الاختلاف بين الطغاة  ولكنى لا أرى اختيارا بينهم لأن الطرق التى يستولون بها على زمام الحكم ليكاد يختلف : فمن انتخبهم الشعب يعاملونه كأنه ثور يجب تذليله ، والغزاة كأنه فريستهم ، والواثون كأنه قطيع من العبيد امتلكوه امتلاكا طبيعيا .
 
فهب فى هذا الموضع  أن الصدفة شاءت أن يولد نمط جديد كل الجدة من البشر ،لا ألفة لهم بالعبودية  ولا ولع بالحرية   ولا يعلمون ما هذه ولا تلك بل يجهلون حتى اسميهما ، ثم خيروا بين الرق وبين الحياة أحرارا ، فعلام يجمعون ?
 لا مجال للشك فى أنهم سوف يؤثرون طاعة العقل وحده على خدمة رجل ما – هذا إلا إذا كان هؤلاء هم شعب إسرائيل الذى نصب طاغيا عليه بغير إكراه  ولا احتياج : وأنه لشعب لا أقرأ قصته أبدا دون أن يتملكنى حنق عظيم حتى لأكاد أتجرد من الإنسانية فأفرح بجميع ما نزل عليه بعد ئذ من البلايا .
 
ولكن طالما بقى بالإنسان أثر من الإنسان فهو يقينا لاينساق إلى العبودية لا عن حد سبيلين : إما مكرها وإما مخدوعا . مكرها  إما بسلاح أجنبى مثل مدينتى أسبرطة وأثينا إذ قهرتهما قوات الإسكندر ، وإما بطائفة من مجتمعه مثلما حدث فى أثينا فى زمن أسبق حين استولى بيسيستراتس على مقاليد الحكم . فأما الخديعة  من حيث تؤدى أيضا إلى فقدان الحرية  فرجوعها إلى تغرير الغير  يقل فى أكثر الأحيان عن رجوعها إلى كون الناس يخدعون أنفسهم بأنفسهم .  مثال ذلك  شعب سيراقوصة (عاصمة صقلية ) إذ هجم عليه الأعداء من كل جانب  ولها فكره عن كل شىء إلا عن الخطر الحاضر  فرفع ديونيسسيوس إلى الرياسة  دون نظر إلى المستقبل  وأسند إليه قيادة الجيش ولم يدرك إلى أى حد  قواه إلا حين رجع هذا الداهية منتصرا كأنه غزا مواطنيه لا أعدائهم  فتسمى باسم القائد ثم بالملك المطلق . وإنه لأمر يصعب على التصديق  ان نرى الشعب متى تم خضوعه يسقط فجأة فى هاوية من النسيان العميق لحريته إلى حد يسلبه لقدرة على الاستيقاظ لاستردادها  ويجعله يسرع إلى الخدمة صراحة وطواعية  حتى ليهيأ لمن يراه أنه لم يخسر حريته  بل كسب عبوديته .
 
صحيح أن الناس لايقبلون على الخدمة فى أول الأمر إلا جبرا وخضوعا  للقوة  ولكن من يأتون بعدهم يخدمون دون أن يساورهم أسف ويأتون طواعية ما أتاه السابقون اضطرارا . ذلك من ولدوا  وهم مغلولوالأعناق  ثم اطعموا وتربوا فى ظل الاسترقاق  دون نظر إلى أفق أبعد  يقنعون بالعيش مثلما ولدوا . ثم أنه لما كان التفكير فى حال مختلفة  أو فى حق آخر  لايطرأ على بالهم ،فهم يأخذون وضعهم حال مولدهم مأخذ الأمر الطبيعى .
 
ومع هذا فما من وارث إلا نظر أحيانا فى مستندات أبيه ليرى هل يتمتع بحقوق تركته أم أن غبنا  قد لأصابه  أو اصاب سلفه . لكن لاشك  أن العادة مع سيطرتها  علينا  فى كل مجال  لا تظهر قوة تأثيرها مثلما تظهر  حين تلققننا العبودية وحين تعلمنا . مثلما قيل عن ميثريدات  الذى صار السم عنده شرابا مألوفا ، كيف نجرع سم الاسترقاق دون الشعور بمرارته ???
 
لاجدال فى أن للطبيعة  نصيبا كبيرا  فى توجيهنا  حيث تشاء  وأننا نولد على ما تدخره لنا من فطرة حسنة  أو سيئة  . ولكن لا مناص من التسليم  بأن سلطانها  علينا  يقل عن سلطان العادة  لأن الاستعداد الطبيعى  مهما حسن يذهب هباءا إ ذا لم نتعهده . فى حين أن العادة  تفرض علينا صوغها  أيا كان هذا الاستعداد .
 
 

26 - مارس - 2007
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
من الشعر الأسبانى ...قصائد حب إلى جيومار    كن أول من يقيّم

قصائد حب إلى جيومار
                          للشاعر الأسبانى / أنطونيو ماشادو
                                               ترجمة  د/محمد قصيبات
 
 
 
(1)

 لم أعرف
إن كان الذي تحملين في يدك ِ
ليمونةً صفراء
أم خيط َ نهار
يا جيومار
في خيوطِ الذهبِ
رأيتُ شفتيك تبتسمان لي


 
ماذا تعطيني? سألتها
أالزمن في فاكهة ٍ
تقطفها يدك ِ
من نضرةِ البستان?
أزمن العشياتِ الساكنةِ الفارغة
أم الغياب الذهبي?
أم لعلها صورة في المياهِ الراكدة?

أمن جبل ٍ لآخر محترق ٍ
يرحل النهار?
هل يكسر الحبّ ُ
في المرايا الباهتة
خيوط َ الغسق?


(2)

رأيتكِ في المنام ، يا جيومار
وأنت ِ في بستانك
من تحتك ِ الأنهار
كنت ِ في بستانك ِ الذي
من زمن ٍ تحيطه به قضبانٌ باردة

رأيتُ عصفورًا
يغني في العطش وحيدًا
بنعومة على شجرة "الميس"
عند النهر المقدس ،
حيث العطش وحيث النبع

في ذلك البستان ، ياجيومار
يولد بستانٌ آخر
من إتحادِ قلبينا
فتذوب أوقاتنا بعضها في بعض
ونعصر معًا
عناقيد الحلم ِ
في أقداحنا النقية
فننسى حكاياتنا المزدوجة
(الأولى عن رجل ٍ وأمرأةٍ
هما كالغزالة والأسد... جاءا يشربان معًا
والأخرى تقول :
ليس الحبّ ُ سعيدَ الحظ ّ
إنه وحشتان في وحشةٍ واحدة )

يفكر الشاعرُ فيك يا جيومار
والمسافة بيننا من ليمون ٍ ومن بنفسج
والحقول لم تزل خضراء
تعالي مع ، يا جيومار
سوف يلتهمنا الجبل ُ
 
من الأيكة إلى بستان السنديان
يتعب في مشيته النهار ، وقطارنا يمضي
يلتهم سكته مع النهار
ويتحرك الرتم إلى الظلِّ
ويفقد "الخوادامارا" لونه الذهبي
لأن أميرة ً وعاشقها يهربان معًا
وخلفهما يلهث القمر
ويختفي القطار ويدوي
في جسدِ الجبل ِ
الأرضُ عاقرٌ ، والسماءُ عالية
خلف جبال ِ الجرانيت
وجبال ِ البازلت
ها هو البحر واللا منتهى...
فنرحل معًا ...إنها الحرية

(3)

أكتبُ لك من عربةِ القطار
في ساعةِ اللقاء الوهمي
حين يكسر المنحدر قوسَ القزح في الريح
ويتصدع حزنه على ظهر الجبل ِ

الشمسُ والأجراسُ في أبراجها القديمة
فيا لهذه العشية الهادئة والمنعشة
ويا لهذا المساء الطفولي الذي أحبه شاعرك
ويا لهذا النهار... نهار الصبا
أيام كنت ِ جسدًا
بلون الوردِ على الشاطئ...

**
---
* الشاعر في سطور:
- ولد الشاعر الأسباني أنطونيو ماشادو في إشبيليا عام 1875 وترعرع في بيت كبير كان يملكه أبوه المدرس وجامع التراث
- أصدر الشاعر أول دواوينه عام 1903 وكان بعنوان “الوحشة” والذي كان تحولاً مهماً في مسيرة الشعر الأسباني في ذلك الوقت
- في عام 1906 عمل مدرساً في اللغة الفرنسية في إحدى مدارس سريا ، وكانت سريا مدينة صغيرة تقع على مرتفع بالقرب من جبال أراجون . قابل ماشادو في تلك المدينة امرأة تدعى ليونور فتزوجها قبل أن يسافر معها إلى باريس للدراسة في السربون ، لكنه سرعان ما يعود إلى سريا بعد أن تمرض ليونور مرضاً خطيراً لتموت بعدها بأسابيع فيقرر ماشادو العودة إلى الأندلس ، وتعود ليونور كثيراً في شعر ماشادو تحت اسم جيومار
- في الأندلس يكتب الشاعر ديوانه الثاني “كاستيليا” ليصبح بعدها عضواً في جيل 1898 ، الجيل الذي ضم مفكري أسبانيا الكبار مثل خوان رامون خيمينيز وميخيل دو أوناميو وفاسنتي أليكسندر ولوركا ، وكان ذلك الجيل يحاول وقف الهزيمة التي لحقت بالأدب الأسباني منذ نكسة أسبانيا في حربها ضد أمريكا
- في عام 1924 أصدر ديوان ” أغاني جديدة”، وفي عام 1926 ديوان “الأغاني” وفيه يظهر ماشادو في عنفوان آخر يتغني فيه بالحب والغيرة والربيع… وبجيومار
- في عام 1927 يصبح الشاعر عضواً في الأكاديمية الأسبانية حتى الحرب الأهلية ، ففي شتاء 1939 يرفض الشاعر الهزيمة فيقرر السفر إلى فرنسا عبر الجبال ليموت بعد وصوله هناك بأيام
- تأثر الشاعر أنطونيو ماشادو بالشعر العربي الأندلسي وبكتابات ابن عربي وأثر هو في كثير من الشعراء العرب من بينهم الشاعر عبد الوهاب البياتي
    موقع جذور الثقافية

27 - مارس - 2007
من روائع الشعر العالمى
 48  49  50  51  52