البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات زهير ظاظا

 489  490  491  492  493 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
قصة دمرداش    كن أول من يقيّم

قال المقريزي في (السلوك ) في حوادث سنة (725):
وفيها بلغ السلطان عن دمرداش بن جوبان متملك الروم ما أغضبه، فكتب يشكوه إلى أبيه جوبان، فأنكر عليه فعله، فاعتذر عما وقع منه، وبلغ جوبان ذلك إلى السلطان، فجهز إلى دمرداش تشريفاً وهدية، وكتب إليه يستميله. ...
 
وفي يوم السبت العشرين من رمضان: قدم الأمير سيف الدين بكمش الجمدار الظاهري والأمير بدر الدين بيليك السيفي السلاري المعروف بأبي غدة من بلاد أزبك بهدية، ومعهما كتابه، وهو يسأل أن يجهز له كتاب جامع الأصول في أحاديث الرسول، وكتاب شرح
السنة والبحر للروياني في الفقه، وعدة كتب طلبها، فجهزت له.
 
قال في حوادث سنة (728):
وفي سابع ربيع الأول. قدم دمرداش بن جوبان بن تلك بن تداون. وسبب ذلك أن القان أبا سعيد بن خربندا لما ملك أقبل على اللهو، فتحكم الأمير جوبان بن تلك على الأردو، وقام بأمر المملكة، واستناب ولده دمشق خواجا بالأردو، وبعث ابنه دمرداش إلى مملكة
الروم. فانحصر أبو سعيد إلى أن تحرك بعض أولاد كبك بجهة خراسان، وخرج عن الطاعة، فسار جوبان لحربه في عسكر كبير، فما هو إلا أن بعد عن الأردو قليلاً حتى رجع العدو عن خراسان، وقصد جوبان العود.
وكان قد قبض بوسعيد على دمشق خواجا، وقتله بظاهر مدينة السلطانية، في شوال من السنة الماضية، وأتبع به إخوته ونهب أتباعهم، وسفك أكثر دمائهم، وكتب إلى من خرج من العسكر مع جوبان بما وقع، وأمرهم بقبضه، وكتب إلى دمرداش أن يحضر إلى الأردو، وعرفه شوقه إليه، ودس مع الرسول إليه عدة ملطفات إلى أمراء الروم بالقبض عليه أو قتله، وعرفهم ما وقع.
وكان دمرداش قد ملك بلاد الروم جميعها وجبال ابن قرمان، وأقام على كل دربند جماعة تحفظه، فلا يمر أحد إلا ويعلم به خوفاً على نفسه من السلطان الملك الناصر أن يبعث إليه فداويا يقتله، بسبب ما حصل بينهما من المواحشة التي اقتضت انحصار السلطان منه،
وأنه منع التجار وغيرهم من حمل المماليك إلى مصر، وإذا سمع بأحد من جهة صاحب مصر أخرق به. فشرع السلطان يخادعه على عادته، ويهاديه ويترضاه، وهو لا يلتفت إليه، فكتب إلى أبيه جوبان في أمره حتى بعث ينكر عليه، فأمسك عما كان فيه قليلاً، ولبس
تشريف السلطان، وقبل هديته وبعث عوضها، وهو مع هذا شديد التحرز.
فلما قدمت رسل أبي سعيد بطلبه فتشهم الموكلون بالدربندات، فوجدوا الملطفات، فحملوهم وما معهم إلى دمرداش. فلما وقف دمرداش عليهما لم يزل يعاقب الرسل إلى أن اعترفوا بأن أبا سعيد قتل دمشق خواجا وإخواته ومن يلوذ بهم، ونهب أموالهم، وبعث
بقتل جوبان. فقتل دمرداش الرسل، وبعث إلى الأمراء أصحاب الملطفات فقتلهم أيضاً، وكتب إلى السلطان الملك الناصر يرغب في طاعته، ويستأذنه في القدوم عليه بعساكر الروم، ليكون نائباً عنه بها. فسر السلطان بذلك. وكان قد ورد على السلطان كتاب المجد
السلامي من الشرق بقتل دمشق خواجا واخوته، وكتاب أبي سعيد بقتل جوبان، وطلب ابنه دمرداش، وأنه ما عاق أبا سعيد عن الحركة إلا كثرة الثلج وقوة الشتاء.
فكتب السلطان الناصر جواب دمرداش يعده بمواعيد كثيرة، ويرغبه في الحضور.
فتحير دمرداش بين أن يقيم فيأتيه أبو سعيد، أو يتوجه إلى مصر فلا يدري ما يتفق له.
ثم قوي عنده المسير إلى مصر، وأعلم أمراءه أن عسكر مصر سار ليأخذ بلاد الروم، وأنه قد كتب إليه الملك الناصر يأمره أن يكون نائبه، فمشى عليهم ذلك وسرهم.
وأخذ دمرداش يجهز أمره، وحصن أولاده وأهله في قلعة منيعة، وبعث معهم أمواله، ثم ركب بعساكره حتى قارب بهسنا، فجمع من معه وأعلمهم أنه يريد مصر، وخيرهم بين العود إلى بلادهم
وبين المسير معه، فعادوا إلا من يختص به.
وسار دمرداش إلى بهسنا في نحو ثلاثمائة فارس، فتلقاه نائبها، ومازال حتى قدم دمشق يوم الأحد خامس عشرى صفر، فركب الأمير تنكز إلى لقائه، وأنزله بالميدان، وقام له بما يجب، وجهزه إلى مصر بعد ما قدم بين يديه البريد بخبره. فبعث إليه السلطان بالأمير سيف الدين طرغاي الجاشنكير، ومعه المهمندار بجميع الآلات الملوكية من الخيام والدهليز والبيوتات كلها إلى غزة، فلقوه بها وأقام فيها يومين وسافر إلى القاهرة، فركب الأمراء إلى
لقائه، وخرج السلطان إلى بر الجيزة، ورسم أن يعدي النيل إليه.
فلما قدم دمرداش إلى القاهرة في سابع ربيع الأول أتاه الأمير طايربغا وأحضره إلى السلطان بالجيزة، فقبل الأرض ثلاث مرات. فترحب السلطان به وأجلسه بالقرب منه، وباسطه وطيب خاطره، وسأله عن أحواله، وألبسه تشريفاً عظيماً، وركب معه للصيد، وعدى به النيل إلى القلعة، وأسكنه بها في بيت الجاولي ورتب له جميع ما يحتاج إليه، ورسم للأمير طوغان أن يدخل صحبة طعامه بكرة وعشيا.
وفي عاشره: قدم دمرداش مائة إكديش وثمانين  بختيا وخمسة مماليك وخمس بقج فيها الثياب الفاخرة، منها بقجة بها قباء أطلس مرصع بعدة جواهر ثمينة، فلم يقبل السلطان غير القباء وإكديشاً واحداً وقطار بخات ورد البقيه إليه ليتقوى بها.
وتقدم السلطان إلى الوزير أن يرتب لدمرداش ما يليق به، وطلب إلى الحاجب أن يجلسه في الميمنة تحت الأمير سيف الدين آل ملك الجوكندار. فشق عليه ذلك، إلى أن بعث السلطان إليه الأمير بدر الدين جنكلي يعتذر إليه أنه ما جهل قدره، ولكن الشهيد والد
السلطان له مماليك كبار قد ربوا السلطان، فهو يريد تعظيم قدرهم، "فلهذا أجلسك بجانبهم؟ فطاب خاطره.
واجتمع دمرداش بالسلطان وفاوضه في أمر بلاد الروم، وأن يجهز إليها عسكراً. فأشار السلطان بالمهلة حتى يرد البريد بخبر أبيه جوبان مع أبي سعيد، وكتب إلى ابن قرمان أن ينزل على القلعة التي فيها أولاد دمرداش وحواصله ويرسلهم مكرمين إلى مصر. فاستأذن دمرداش في عود من قدم معه إلى بلادهم، فأذن له في ذلك، فسار كثير منهم.
وأنعم السلطان على دمرداش بأمرة سنجر الجمقدار، بحكم إخراجه إلى الشام.
وفي يوم الإثنين حادي عشره: ركب دمرداش بالقماش الإسلامي على هيئة الأمراء.
وفي تاسع عشره: قدم الأمير شاهنشاه ابن عم جوبان، فخلع عليه، وأنزل عند دمرداش.
وفي ثامن عشريه: وصل طلب دمرداش وثقله، فأنزلوا بدار الضيافة، وهم نحو ستمائة فارس.
وفي يوم الأحد أول ربيع الآخر: عرض السلطان أصحاب دمرداش، وفرق أكثرهم على الأمراء، واختار نحو التسعين منهم العود إلى بلادهم، فعادوا.
وفيه قدمت رسل أبي سعيد بكتابه، وفيه بعد السلام والاستيحاش وذكر الود إعلام السلطان بأمر جوبان وتحكمه وقلة امتثاله الأمر، وأنه قصد قتله والتحكم بمفرده، فلما تحقق ذلك لديه بعثه إلى خراسان، وسير بالقبض عليه، وهو يأخذ رأي السلطان في ذلك،
وقد سير أبو سعيد مع رسله هدية فقبلت. وسألهم السلطان عن دمرداش، فذكروا أنهم لم يعرفوا خبره حتى قدموا دمشق، فبعثهم إليه فلم يعبأ بهم.
وفي يوم الثلاثاء عاشره: توجه السلطان إلى الوجه البحري ومعه دمرداش، وحسن له الفخر ناظر الجيش والأمير بكتمر الساقي زيارة الشيخ محمد المرشد فتوقف في زيارته ثم عزم عليها. فرسم للأمير علم الدين سنجر الخازن كاشف الغربية بطلب جميع العربان
وتقديمهم الخيل والهجن، وأن يجهز الإقامات. واستناب السلطان في غيبته الأمير قجليس.
وفي تاسع شوال:  بعث السلطان الأمير سيف الدين أروج مملوك قبجق إلى أبي سعيد يشفع في دمرداش، ومعه الرسل بهدية جليلة، فساروا في تاسع جمادى الأولى.
وفي يوم السبت عاشر رجب: عاد أطوجي من بلاد أزبك ملك القبجاق بتقادم جليلة، فأنزل بالميدان، وأنعم عليه وعلى جماعته بشيء كثير.
وفي خامس عشريه: عقد نكاح ابنة السلطان على الأمير سيف الدين طغاي تمر العمري الناصر وأعفي الأمراء من حمل الشموع وغيرها، وأنعم عليه من الخزانة بأربعة ألاف دينار
عوضاً عن ذلك.
وفيه عاد جواب ابن قرمان بأنه ركب إلى القلعة التي فيها أهل دمرداش، وعرفهم أنه حضر. بمرسوم السلطان، وبعث إليهم بكتاب دمرداش أنهم يقدمون عليه بمصر، فردوا جوابه: "لا حاجة لنا في مصر". وذكر ابن قرمان أن هذا بمباطنة دمرداش لهم، وحط
عليه بأنه سفك دماء كثرة، وقتل من المسلمين عالماً عظيماً، وأنه جسور وما قصد بدخوله مصر إلا طمعاً في ملكها.
وبعث ابن قرمان الكتاب صحبة نجم الدين إسحاق الرومي (؟) أنطالية، وهي القلعة التي أخذها منه دمرداش وقتل والده، وأنه قدم ليطالبه بدم أبيه. فلما وقف السلطان على الكتاب تغير، وطلب دمرداش وأعلمه بما فيه. وجمع السلطان بينه وبين إسحاق، فتحاققا بحضرة الأمراء، فظهر أن كلا منهما قتل لصاحبه قتيلاً، فكتب جواب ابن قرمان معه وأعيد. وقد تبين للسلطان خبث نية دمرداش، فقبضه وأمسك من معه من الأعيان، وهم محمود شاهنشاه وعدة أخر في يوم الخميس العشرين من شعبان، واعتقل دمرداش ببرج السباع من القلعة، وفرق البقية في الأبراج، وفرقت مماليكه على الأمراء، ورتب له ما يكفيه.
وكان للقبض على دمرداش أسباب: منها أنه كان له بالروم مائة ألف رأس من الغنم، فلما وصلت قطيا أطلق منها للأمير بكتمر الساقي عشرين ألفاً، ولقوصون وبقية الأمراء كل واحد شيئاً حتى فرق الجميع، فلم يعجب السلطان ذلك. ودخل دمرداش يوماً الحمام
فأعطي الحمامي ألف درهم، والحارس ثلاثمائة، فزاد حنق السلطان منه. ثم أخذ دمرداش يوقع في الأمراء والخاصكية، ويقول: هذا كان كذا، وهذا كان كذا، وهذا ألماس الحاجب كان حمالاً، فما حمل السلطان هذا منه.
وفي شوال في تاسع عشريه: عقد نكاح الخاتون طلباي الواصلة من بلاد أزبك على الأمير سيف الدين منكلي بغا السلاح دار، بعدما طلقها السلطان وانقضت عدتها.
 
وفي ذي الحجة سافر الأمير سيف الدين أيتمش إلى بوسعيد برسالة تتضمن ما قام به السلطان مع دمرداش بن جوبان، وكان قد وصل إلى الأبواب السلطانية في يوم الأربعاء حادي عشر شهر رمضان رسل من عند أبي سعيد، وهم ثلاثة نفر، والمشار إليه منهم أياجي أمير جندار الملك أبي سعيد. فلما مثلوا بين يدي السلطان، وكلهم الإنعام بالتشاريف على عادة أمثالهم، أرسلهم السلطان إلى دمرداش في معتقله، صحبة الأمير سيف الدين قجليس أمير سلاح، فاجتمعوا به وتحدثوا معه. وقيل كان مضمون رسالتهم طلب دمرداش من السلطان، وأنه إذا سلم إليهم أرسل الملك أبو سعيد في مقابلة ذلك الأمير شمس الدين سنقر المنصوري. فمال السلطان إلى ذلك، ورسم للأمير أيتمش المحمدي أن يتوجه إلى الملك أبي سعيد برسالة السلطان لتقرير الحال في ذلك، وتوجه طلب دمرداش في يوم الإثنين سادس عشر شهر رمضان، ثم عدل السلطان عن هذا الأمر، وترجح عنده أنه لا يرسله إلى الملك أبي سعيد.
فلما كان في ليلة الخميس رابع شوال: من هذه السنة أخرج دمرداش من معتقله بالبرج، وفتح باب السر من جهة القرافة وأخرج منه وهو مقيد مغلول، وشاهده رسل الملك أبي سعيد وهو على هذه الحال. ثم خنق دمرداش، وشاهده الرسل بعد موته، وقطع رأسه وسلخ وصبر وحشي وأرسل السلطان الرأس إلى أبي سعيد، ودفن الجسد بمكان قتله.

24 - ديسمبر - 2010
هولاكو وبنوه
صدر الدين ابن حمّويه الجويني    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

أضيف ترجمة (صدر الدين ابن حَمُّوْيَهْ) (644- 723) إلى هذا الملف لأن غازان (فيما يقال) أسلم على يده وهو من أسرة لا تزال في أمس الحاجة لدراسة أخبارها وآثارها، وكانت لأبناء عم أبيه (صدر الدين) الكلمة العليا في مصر وبلاد الشام  بعد موت الكامل الأيوبي، وفي (عقد الجمان) للبدر العيني ترجمة مميزة لوالده (سعد الدين) في وفيات سنة 651هـ 
وفيه في ترجمة غازان =قازان=: (وقال ابن كثير: ولما تملك قازان على التتار في هذه السنة أسلم وأظهر الإسلام على يد الأمير توزون رحمه الله، ودخلت التتار أو أكثرهم في الإسلام، ونثر الذهب والفضة واللؤلؤ على رءوس الناس يوم إسلامه وتسمى بمحمود، وشهد الجمعة والخطبة، وخرب كنائس كثيرة، وضرب عليهم الجزية، ورد مظالم كثيرة ببغداد وغيرها من البلاد وظهرت السبح والهيا كل مع التتار.
وفي بعض التواريخ: أن إسلام قازان كان في يد الشيخ صدر الدين ابن حمويه الجوينى. وفيه أيضا: أن بيدو لما انكسر لحق بالكرج وكان قد تنصر).
وسأنشر في التعليق اللاحق ما يوضح أثر هذه الأسرة، ومن أهم رجالاتها. وقد ترجم له الصفدي في "أعيان العصر" فقال:
(إبراهيم بن محمد الإمام الزاهد المحدث شيخ خراسان، صدر الدين أبو المجامع ابن الشيخ سعد الدين بن المؤيد بن حمويه
الجويني الشافعي الصوفي.
سمع من الموفق الأركاني صاحب المؤيد الطوسي، ومن جماعة بالشام والعراق والحجاز، وعني بهذا الشأن جداً، وكتب وحصل.
قدم الشام سنة خمس وتسعين وست مئة، وحج سنة إحدى وعشرين وسبع مئة، ولقيه الشيخ صلاح الدين العلائي، وخرجَ لنفسه سباعيات بإجازات.
وسمع مسلماً من عثمان بن موفق وسمع ببغداد من الشيخ عبد الصمد، ومن ابن أبي الدنية، وابن الساغوجي، وابن بلدجي، ويوسف بن محمد بن سرور الوكيل.
وكانت له صورة إلى تلك البلاد الكبيرة، ومنازلهُ في صدور التتار أثيرة، تتضاءل النجوم لعلو قدره، وتنكشف الشموسُ الضاحية لطلوع بدره، لا يصل أحد إلى لمس كمه، ولا
يطمع القان الأعظم في اعتناقه وضمه
. ومما يؤيد هذه الدعوة، ويحقق هذه الرجوى أن القان غازان أسلم على يده، وتبرك بملاقاة جسده.
وأخبرني الشيخ شمس الدين الذهبي رحمه الله تعالى، قال: أنبأني الظهير ابن الكازروني، قال في سنة إحدى وسبعين وست مئة: اتصلت ابنة علاء الدين صاحب الديوان بالشيخ صدر الدين أبي المجامع، إبراهيم بن الجويني، وكان الصداق خمسة آلاف دينار ذهباً أحمر.
وللشيخ صدرُ الدين مجاميعُ وتواليفُ، وله إجازة من نجم الدين عبد الغفار صاحب الحاوي.
ولم يزل في تيار عظمته الطافح، وسيل وجاهته السافح، إلى أن سكن في الرّمس، وذهب كأمس.
وتوفي رحمه الله تعالى خامس سنة ثلاث وعشرين وسبع مئة).
وسماه الذهبي في شيوخه في التذكرة قال:
(وسمعت من الإمام المحدث الأوحد الأكمل فخر الإسلام صدر الدين إبراهيم بن محمد بن المؤيد بن حمويه الخراساني الجويني شيخ الصوفية قدم علينا طالب حديث وروى لنا عن رجلين من أصحاب المؤيد الطوسي وكان شديد الاعتناء بالرواية وتحصيل الأجزاء حسن القراءة مليح الشكل مهيباً ديناً صالحاً وعلى يده أسلم غازان الملك مات سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة وله ثمان وسبعون سنة رحمه الله تعالى).
وقال ابن شاكر في (فوات الوفيات) في ترجمة غازان:
غازان المغلي: محمود بن أرغون المغلي الجنكزخاني صاحب العراقين وخراسان وفارس وأذربيجان والروم؛ كان شاباً عاقلاً شجاعاً مهيباً مليح الشكل، ملك سنة ثلاث وتسعين وستمائة فحسن له نائبه توزون الإسلام فأسلم سنة أربع وتسعين، وفشا الإسلام في التتار...إلخ

26 - ديسمبر - 2010
هولاكو وبنوه
حوادث عام 635هـ    كن أول من يقيّم

قال المقريزي في السلوك في آخر ترجمة الكامل في وفيات سنة 635:
وكان أولاد الشيخ صدر الدين بن حمويه هم أكابر دولته وأعيانها، وهم الأمير فخر الدين يوسف، وعماد الدين عمر، وكمال الدين أحمد، ومعين الدين حسن، وكان فخر الدين قد ترك لبس العمامة، ولبس الطربوش والقباء ونادم السلطان، وكان فاضلاً أديباً، يشارك في فنون، وإخوته لهم فضائل، وإليهم مشيخة الخانقاه الصلاحية سعيد السعداء وتدريس المدرسة الناصرية، بجوار قبر الشافعي من القرافة، وتدريس المشهد الحسيني بالقاهرة، وما منهم إلا من تقدم على الجيوش، وباشر الحرب، وأرضعت أمهم -وهي ابنة القاضي شهاب الدين ابن عصرون- الملك الكامل، فصاروا إخوته من الرضاع.
فلما مات السلطان الكامل اتفق أولاد الشيخ، والأمير سيف الدين علي بن قلج، وأخوه الأمير عماد الدين، والملك الناصر داود، وأرباب الدولة، على تحليف الأجناد للملك العادل أبي بكر بن الملك الكامل -وهو يومئذ يخلف أباه بقلعة الجبل- على ديار مصر، وأن يرتب الملك الجواد مظفر الدين يونس بن مودود بن العادل أبي بكر بن أيوب، في نيابة دمشق، وكتموا ذلك الأمر الثاني عن الناصر داود، وحلفوا على ذلك في يوم الخميس ثاني
عشري رجب، وبعثوا الأمير نور الدين علي بن الأمير فخر الدين عثمان الأستادار إلى الناصر داود، فأخرجه من دمشق إلى الكرك، واستقر الجواد بدمشق، نائباً لابن عمه الملك العادل، وسار العسكر من دمشق إلى مصر، وتأخر بدمشق أمراء عدة -في جمع من عسكر مصر ومماليك الأشرف- لحفظها، ومقدمهم عماد الدين عمر بن شيخ الشيوخ، فبذل الجواد الأموال، وطمع في الاستبداد بملك دمشق، وألزم الخطيب بذكره في الخطبة بعد
العادل). قلت أنا زهير: وهذا الملك العادل هو الملك العادل الثاني وكان عمره لما بويع له (18) سنة وبسبب سلطنته هذه ذهب ملك بني أيوب من مصر والشام. قال المقريزي:
(وأمه الست السوداء، المعروفة ببنت الفقيه نصر، ومولده في سنة سبع عشرة وستمائة. استقر وفي سابع عشري شوال: وصل محيي الدين أبو محمد يوسف بن الجوزي، رسولاً من بغداد، بتعزية الملك العادل، وهنأه بالملك من قبل الخليفة، وكان العادل قد بعث إلى دمشق بالخلع والسنجق، فركب الجواد بالخلع في تاسع عشر رمضان. وفيها أنفق العادل على العساكر.
وفي ثاني ذي القعدة: استحلف ابن الجوزي الملك العادل للخليفة المستنصر.
وفيه ورد الخبر بأن الناصر داود تحالف هو والجواد وقد اتفقا وخرجا عن طاعة العادل ووصل الناصر داود إلى غزة، وخطب بها لنفسه، ثم وقع بينه وبين الجواد خلف، فأظهر الجواد أنه عاد إلى طاعة الملك العادل، ولما قربت العساكر الواردة من دمشق إلى القاهرة ركب العادل إلى لقائهم وأكرمهم، وسير إليهم في منازلهم الأموال والخلع والخيول، فجددوا له
الأيمان والعهود، فاستقر أمره، وأخرج العادل الأموال، وبذلها في الأجناد، وأكثر من العطاء والبذل، حتى بدد في مدة يسيرة ما جمعه أبوه في مدد متطاولة، وأخذ في إبعاد أمراء الدولة عنه، وقطع رواتب أرباب الدولة، واختص بمن أنشأه فنفرت قلوب الأكابر منه، واشتغل هو عنهم لانهماك شرب الخمر، وكثرة اللهو والفساد، وسار الناصر وأبو داود من الكرك،
واستولى على غزة والسواحل، واستجد عسكراً كبيراً، وبرز عن غزة، وبعث إلى الملك العادل يريد منه المساعدة على أخذ دمشق.
وقوي المجاهد أسد الدين صاخب حمص بعد موت الكامل، وأغار على حماة وحصرها واستعد أهل حلب، واستجدوا عسكرا من الخوارزمية، وعسكراً من الزكمان، كان قد صار إليهم عدة من أصحاب الملك الكامل، فأكرموهم، وبعثوا إلى السلطان غياث الدين كيخسرو بن كيقباد، ملك الروم، يسألونه إرسال نجدة، فأمدهم بخيار عسكره، وخرجوا فملكوا المعرة، ونازلوا حماة، وقاتلوا المظفر صاحبها، فثبت لهم، وامتنع عليهم وقاتلهم، وكان الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل على الرحبة، منازلاً لها، فلما بلغه موت أبيه الملك الكامل رحل عنها، فطمع فيها من معه من الخوارزمية، وخرجوا عن طاعته، وهموا بالقبض عليه، فقصد سنجار، وامتنع بها مدة، وترك خزائنه وأثقاله، فأنتهبها الخوارزمية، وتحكموا في البلاد الجزرية، وطمع فيه السلطان غياث الدين كيخسرو بن كيقباد -ملك الرومية- وبعث إلى الناصر صلاح الدين أبي المظفر يوسف صاحب حلب توقيعاً بالرها وسروج، وكانا مع الصالح نجم الدين أيوب، وأقطع المنصور ناصر الدين الأرتقي، صاحب ماردين، مدينة نجار ومدينة نصيبين، وهما من بلاد الصالح أيضاً، وأقطع المجاهد أسد الدين شيركوه، صاحب حمص بلدة عانة وغيرها من بلاد الخابور، وعزم السلطان غياث الدين كيخسرو على أن يأخذ لنفسه من بلاد الصالح أيضا آمد وسميساط وصار الملك الصالح محصوراً بسنجار، فطمع فيه الملك الرحيم بدر الدين لؤلؤ -صاحب الموصل- وحصره بسنجار في ذي القعدة، وأراد حمله إلى بغداد في قفص حديد، كراهة فيه، لما كان عنده من التجبر والظلم والمكبر، فلما أشرف بدر الدين لؤلؤ على أخذ سنجار بعث الصالح إليه القاضي بدر الدين يوسف بن الحسن الزرزاري قاضي سنجار، بعد ما حلق لحيته، ودلاه من السور.
وكان القاضي الزرزاري متقدماً في الدولة الأشرفية، ولاه الملك الأشرف موسى قضاء بعلبك ثم بعد موت الملك الأشرف ولاه الصالح نجم الدين أيوب قضاء سنجار، وكان كثير التجمل جداً، واسع البر والمعروف، وله مماليك وغلمان وحواشي، لهم من التجمل ما ليس لغيرهم، فصار كأحد الأمراء الأكابر، وصار يقصد لسائر من يرد عليه من أهل العلم
وذوي البيوتات، فتوجه القاضي في خفية إلى الخوارزمية، واستمالهم وطيب خواطرهم، بكثرة ما وعدهم به فمالوا إليه، بعد ما كانوا قد اتفقوا مع صاحب ماردين، وقصدوا بلاد الملك الصالح نجم الدين أيوب، واستولوا على العمال، ونازلوا حران وكان الملك الصالح قد ترك بها ولده المغيث فتح الدين عمر بن الصالح فخاف من الخوارزمية، وسار مختفياً حتى فرد إلى قلعة جعبر، فساروا خلفه، ونهبوا ما كان معه، وأفلت منهم في شرذمة يسيرة إلى منبج، فاستجار بعمة أبيه، الصاحبة ضيفة خاتون، أم الملك العزيز، صاحب حلب، فلم تقبله، فر إلى حران، وفيها أتاه كتاب أبيه يأمره بموافقة الخوارزمية، والوصول بهم إليه لدفع بحر الدين لؤلؤ صاحب الموصل، فاجتمع المغيث عمر، والقاضي بدر الدين قاضي سنجار بالخوارزمية، والتزم لهم القاضي أن يقطعوا سنجار وحران والرها، فطابت قلوبهم، وحلفوا للملك الصالح، وقاموا في خدمة ابنه الملك المغيث، وساروا معه إلى سنجار، فأفرج عنها عسكر الموصل، يريدون بلادهم. وادركهم الخوارزمية، وأوقعوا بهم وقعة عظيمة، فر فيها بدر الدين لؤلؤ بمفرده على فرس سابق، ثم تلاحق به عسكره. واحتوت الخوارزمية على سائر ما كان معه، فاستغنوا بذلك، وقوي الملك الصالح بالخوارزمية وبها الفتح قوة زائدة، وعظم شأنه، وسير الخوارزمية إلى آمد، وعليها عسكر السلطان غياث الدين كيخسرو صاحب الروم، وبها المعظم غياث الدين تورانشاه بن الملك الصالح نجم الدين أيوب وهو محصور منهم، فأوقعوا بهم ورحلوهم عن آمد فخرج الصالح من سنجار إلى حصن كيفا، وبعث الملك العادل من مصر إلى أهل حلب يريد منهم أن يجروا معه على ما كانوا عليه مع أبيه الملك الكامل -من إقامة الخطبة له على منابر حلب، وأن تضرب له
السكة- فلم يجب إلى ذلك، وقدم رسول غياث الدين كيخسرو ملك الروم، فزوج غازية خاتون ابنة العزيز السلطان غياث الدين، وأنكح الملك الناصر -صاحب حلب- أخت السلطان غياث الدين، وتولى العقد الصاحب كمال الدين بن أبي جرادة بن العديم، وخرج في الرسالة إلى بلاد الروم، وعقد للملك الناصر صاحب حلب على ملكة خاتون أخت السلطان غياث الدين، فبعث غياث الدين رسولاً إلى حلب، فأقيمت له بها الخطبة، وخرج الملك الجواد من دمشق في أول ذي الحجة، يريد محاربة الناصر داود صاحب كرك، بأذنبا بالقرب من نابلس فانكسر الناصر كسرة قبيحة، في يوم الأربعاء رابع عشر ذي الحجة، وانهزم إلى الكرك. فغنم الجواد ما كان مه، وعاد إلى دمشق، وفرق ستمائة ألف دينار وخمسة آلاف خلعة، وأبطل المكوس والخمور، ونفى المغاني. وعاد من كان في دمشق من عسكر مصر ومعهم الأمير عماد الدين بن شيخ الشيوخ إلى القاهرة، بسناجق الناصر، في سادس عشري ذي الحجة، فلم يعجب الملك العادل ذلك، وخاف من تمكن الملك الجواد.
وفيها قصد التتار بغداد، فبعث إليهم الخليفة جيشاً، قتل كثيراً منه، وفر من بقي. ....
وفيها سار الملك المنصور نور الدين عمر بن علي بن رسول من اليمن يريد مكة، أحرق الأمير أسد الدين جغريل ما كان معه من الأثقال، وخرج هو رمن معه من مكة في سابع شهر رجب، قبل وصول ملك اليمن بيومين، فالتقوا بين مكة والسرين، انهزم العرب أصحاب الشريف راجح، وأسر الأمير شهاب الدين بن عدان من أمراء اليمن، فقيده الأمير جغريل،
وحث به إلى القاهرة، وسار هو إلى المدينة النبوية فبلغه موت السلطان الملك الكامل، فسار بمن معه إلى القاهرة، فدخلوها أثناء شهر شعبان متفرقين، وأقام عسكر اليمن بمكة.

26 - ديسمبر - 2010
هولاكو وبنوه
سعد الدين ابن حمويه    كن أول من يقيّم

وسعد الدين هذا والد صدر الدين المذكور في التعليق السابق
ترجم له البدر العيني في (عقد الجمان)  ترجمة مميزة في وفيات عام 651 فقال:
سعد الدين محمد بن المؤيَد بن حمويه، ابن عمّ صدر الدين شيخ الشيوخ، توفى في هذه السنة بخراسان. وكان زاهداً عابداً ورعاً لطيفاً، يتكَّلم في الحقيقة، وله مجاهدات ورياضات، وقدم مصر، وحج، وسكن الشام، فأقام بقاسيون مدةً في زاوية يتعبَّد، ومعه جماعة من أصحابه، وكان فقيرا جدّا، ومع ذلك لم يكن يتردد إلى أحد من ابناء الدنيا، ولا إلى بنى عمه، ولما ضاق به الحد توجه إلى خراسان واجتمع بملوك التتار، فأحسنوافيه الظن، وأعطوه مالا كثيرا، واسلم على يده خلق كثير منهم، وبنى بآمد خانكاة وتربة إلى جانبها، وأقام يتعبد، وله قبول عظيم هناك، فقال في بعض الأيام: أريد أزور جدى محمد بن حمويه بجراباذ (1) ومضى إليه وزاره، وأقام عنده أسبوعا، فمات ودفن هناك إلى جانب جدّه، وقيل: إنه مات في سنة خمسين وستمائة.
________
1- قلت أنا زهير: كذا قال (جراباذ) وقد عرّف بها ياقوت ولم يذكر شيئا يخص هذه الأسرة فيها،  بل ذكر ذلك في التعريف ب(بُحيراباذ) قال:
بُحَيَراباذ: بالضم ثم الفتح، من قرى جُوَين من نواحي نيسابور، منها أبو الحسن علي بن محمد بن حمويه الجويني روى عن عمر بن أبي الحسن الروَاسي الحافظ سمع منه أبو سعد السمعاني ومات سنة 530في نيسابور وحُمل إلى جُوَين فدفنَ بها وهم أهل بيت فضل وتصوف ولهم عقب بمصر كالملوك يُعرف أبوهم بشيخ الشيوخ..

26 - ديسمبر - 2010
هولاكو وبنوه
أخبار بني حمويه مرتبة حسب السنين    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

هذه بعض أخبار بني حمويه في كتب التواريخ، وقد رأيت تاج الدين ابن حمويه قد ذكر في رحلته أن أخواله من المغرب وكان ذلك سبب رحلته إليها قال: (فإني وإن كنت خراساني الطينة، لكني شامي المدينة، وإن، كانت العمومة من المشرق، فإن الخؤولة من المغرب، فحدث باعث يدعو إلى الحركات والأسفار، ومشاهدة الغرائب في النواحي والأقطار، وذلك في حال ريعان الشباب الذي تعضده عزائم النفوس بنشاطها، والجوارح بخفة حركاتها وانبساطها، فخرجت سنة ثلاث
وتسعين وخمسمائة إلى زيارة البيت المقدس وتجديد العهد ببركاته، واغتنام الأجر في حلول بقاعه ومزاراته، ثم سرت منه إلى الديار المصرية، وهي آهلة بكل ما تتجمل به البلاد وتزدهي، وينتهي وصف الواصف لشؤونها ولا تنتهي، ثم دخلت الغرب من الإسكندرية في البحر ودخلت مدينة مراكش أيام السيد الإمام أمير المؤمنين أبي يوسف يعقوب المنصور ابن يوسف بن عبد المؤمن بن علي، فاتصلت بخدمته، والذي علمت من حاله أنه كان يجيد حفظ القرآن، ويحفظ متون الأحاديث ويتقنها، ويتكلم في الفقه كلاماً بليغاً، وكان فقهاء الوقت يرجعون إليه في الفتاوى، وله فتاوى مجموعة حسبما أدى إليه اجتهاده، وكان الفقهاء ينسبونه إلى مذهب الظاهر، وقد شرحت أحوال سيرته، وما جرى في أيام دولته، في كتاب التاريخ المسمى "عطف الذيل" ...إلخ).
 
@ وقال ياقوت في ترجمة أبي حفص الجنزي (ت 550هـ): (ذكره أبو الحسن بن أبي القاسم البيهقي في كتاب الوشاح فقال: هو إمام في النحو والأدب لا يشق فيهما غباره، ومع ذلك فقد تحلى بالورع ونزاهة النفس، لكن الزمان عانده، وما بسط في أسباب معاشه يده، جاس خلال الديار وقال: أدركت زمان الأشج، ورأيت مصلاه في طنجة المغرب، إلا أني لم أمكث حتى أراه، وأدب بنيسابور أولاد الوزير فخر الملك، ثم ارتحل من نيسابور في شهور سنة خمس وأربعين وخمسمائة للهجرة ثم لم يعد إليها، وقضى نحبه بعد انتقاله من نيسابور بأيام قلائل، وأنشد له قصيدة واحدة في مدح الإمام محمد بن حمويه منها:
ألم تذكر رابعاً بعسفان عامراً       وبيضاً يودعن الأحبة خردا
...إلخ
@ وقال اليافعي في مرآة الجنان: وفيات عام 577هـ
وفيها توفي شيخ الشيوخ أبو الفتح عمر بن علي ابن الشيخ محمد بن حمويه الجويني الصوفي، روى عن جده الفراوي، وجماعة، ونصبه نور الدين شيخ الشيوخ بالشام، وكان وافر الحرمة.
 
قال المقريزي: في فاتحة حوادث سنة (614)
فيها وصل الشيخ صدر الدين بن حمويه من بغداد، بجواب رسالة الملك العادل إلى، الخليفة الناصر لدين الله.
 وقال أبو الفداء في وفيات سنة 617
وفي هذه السنة توفي بالموصل الشيخ صدر الدين محمد بن عمر بن حمويه، شيخ الشيوخ بمصر والشام، وكان فقيهاً فاضلاً من بيت كبير بخراسان، وخلف أربعة بنين عرفوا بأولاد الشيخ، تقدموا عند السلطان الملك الكامل، وسنذكر بعض أخبارهم في موضعها إن شاء الله تعالى، وكان الشيخ صدر الدين المذكور، قد توجه رسولاً إلى بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل، فمات هناك.
 وقال المقريزي في (حوادث سنة 623)
وفيها مات الخليفة الظاهر بأمر الله أبو نصر محمد بن الناصر، في رابع عشر شهر رجب، فكانت خلافته تسعة أشهر وتسعة أيام، وكان حسن السيرة كثير المعروف، واستقر في الخلافة من بعده ابنه المستنصر بالله أبو جعفر المنصور، وعمره عشرون سنة، فوردت عليه رسل ملوك الأطراف، وبعث الملك الكامل في الرسالة معين الدين حسن بن شيخ الشيوخ صدر الدين بن حمويه فلما قدم بغداد قال نيابة عن الملك الكامل، وهو بين يدي الوزير مؤيد الدين أبي الحسن محمد بن محمد القمي: عبد الدولة المقدسة المستنصرية يقبل العتبات التي يستشفي بتقبيل ثراها، ويستكفي بتمسكه من عبوديتها بأوثق عراها، ويوالي شكر الله تعالى على إماطة ليل العزاء الذي عم مصابه، بصبح الهناء الذي تم نصابه، حتى تزحزح عن شمس الهدى شفق الإشفاق، فجعل كلمتها العليا، وكلمة معاديها السفلي، وزادها شرفاً في الآخرة والأولى.
وقال في حوادث سنة (624)
سنة أربع وعشرين وستمائة وفيها تأكدت الوحشة بين الكامل وبين أخويه المعظم والأشرف، وخاف الكامل من انتماء أخيه المعظم إلى السلطان جلال الدين بن خوارزم شاه، فبعث الأمير فخر الدين يوسف بن شيخ الشيوخ صدر الدين بن حمويه إلى ملك الفرنج، يريد منه أن يقدم إلى عكا، ووعده أن يعطه بعض ما بيد المسلمين من بلاد الساحل، ليشغل سر أخيه المعظم، فتجهز الإمبراطور ملك الفرنج لقصد الساحل، وبلغ ذلك المعظم، فكتب إلى السلطان جلال الدين يسأله النجدة على أخيه الكامل، ووعده أن يخطب له، ويضرب السكة باسمه، فسير إليه جلال الدين خلعة لبسها، وشق بها دمشق، وقطع الخطبة للملك الكامل، فبلغ ذلك الكامل، فخرج من القاهرة بعساكره، ونزل بلبيس في شهر رمضان فبعث إليه المعظم: إني نذرت لله تعالى أن كل مرحلة ترحلها لقصدي أتصدق بألف دينار، فإن جميع عسكرك معي، وكتبهم عندي، وأنا آخذك بعسكرك، وكتب المعظم مكاتبة بهذا في السر، ومعها مكاتبة في الظاهر فيها: بأني مملوكك، وما خرجت عن محبتك وطاعتك، وحاشاك أن تخرج وتقابلني، وأنا أول من أنجدك وحضر إلى خدمتك من جميع ملوك الشام والشرق، فأظهر الكامل هذا بين الأمراء، ورجع من العباسة إلى قلعة الجبل، وقبض على عدة من الأمراء ومماليك أبيه، لمكاتبتهم المعظم: منهم فخر ألطبنا الحبيشي، وفخر الدين ألطن الفيومي -وكان أمير جانداره، وقبض أيضاً على عشرة أمراء من البحرية العادلية، واعتقلهم وأخذ سائر موجودهم، وأنفق في العسكر ليسير إلى دمشق.
وفيها وصل رسول ملك الفرنج بهدية سنية وتحف غريبة إلى الملك الكامل، وكان فيها عدة خيول، منها فرس الملك بمركب ذهب مرصع بجوهر فاخر، فتلقاه الكامل بالإقامات، من الإسكندرية إلى القاهرة، وتلقاه بالقرب من القاهرة بنفسه، وأكرمه إكراماً زائداً، وأنزله في دار الوزير صفي الدين بن شكر، واهتم الكامل بتجهيز هدية سنية إلى ملك الفرنج فيها من تحف الهند واليمن، والعراق والشام، ومصر والعجم ما قيمته أضعاف ما سيره، وفيها سرج من ذهب، وفيها جوهر بعشرة آلف دينار مصرية، وعين الكامل للسير بهذه الهدية جمال الدين بن منقذ الشيزري.
وفيها وصل رسول الأشكري في البحر إلى الملك الكامل، فسار المعظم من دمشق لتخريب القدس، فخرب قلاعا وعدة صهاريج بالقدس، لما بلغه من حركة ملك الفرنج.
وفيها جهز الملك الكامل كمال الدين ومعين الدين، ولدى شيخ الشيوخ ابن حمويه –ومعهما الشريف شمس الدين الأرموي، قاضي العسكر- إلى المعظم، وأمر السلطان الكامل أن يسير الكمال بجواب المعظم إلى الملك المجاهد أسد الدين شركوه بحمص، ويعرفه الحال، وأن يتوجه المعين إلى بغداد، برسالة إلى الخليفة، فتوجها في شعبان. وفيها اتفق عيد الفطر يوم
عيد اليهود وعيد النصارى.
@ وقال ابن رافع في وفيات جمادى الأولى سنة 739 (وهو من أصدقاء المترجم له) وفي الرابع والعشرين منه توفي المحدث الفاضل الأصيل صدر الدين أبو الحسن علي بن أبي الحسن علي بن المؤيد بن حمويه الجويني الشافعي بدار الأمير ناصر الدين خليفة ابن وزير بغداد وصلي عليه عقيب صلاة الظهر بجامع ملك الأمراء ودفن بمقابر الصوفية.
سمع بدمشق من زينب بنت الكمال أحمد بن عبد الرحيم وبالقاهرة من جماعة وكان كتب بنفسه وقرا وطلب وحصل في مدة لطيفة وكان يحب الحديث وأهله والسماع على الشيوخ وعنده فضيلة في الأصول والفقه والعربية وأخبرني أنه درس بتلك البلاد.
@ وأهم رجالات هذه الأسرة تاج الدين ابن حمويه صاحب الرحلة وقد ترجم له ابن كثير في وفيات سنة 642هـ فقال:
شيخ الشيوخ بدمشق: تاج الدين أبو عبد الله بن عمر بن حمويه
أحد الفضلاء المؤرخين المصنفين، له كتاب في ثماني مجلدات، ذكر فيه أصول وله السياسة الملوكية صنفها للكامل محمد وغير ذلك، وسمع الحديث وحفظ القرآن، وكان قد بلغ الثمانين، وقيل إنه لم يبلغها، وقد سافر إلى بلاد المغرب في سنة ثلاث وتسعين، واتصل بمراكش عند ملكها المنصور يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن، فأقام هناك إلى سنة ستمائة، فقدم إلى ديار مصر وولى مشيخة الشيوخ بعد أخيه صدر الدين بن حمويه رحمه الله
 وقال أبو الفداء في حوادث سنة 647هـ
وتقدم الفرنج عن دمياط إلى المنصورة، وجرى بينهم وبين المسلمين في مستهل رمضان من هذه السنة وقعة عظيمة، استشهد فيها جماعة من كبار المسلمين، ونزلت الفرنج بحر مساح، ثم قربوا من المسلمين، ثم إن الفرنج
كبسوا المسلمين على المنصورة بكرة الثلاثاء لخمس مضين من ذي القعدة، وكان فخر الدين يوسف ابن الشيخ صدر الدين ابن حمويه في الحمام بالمنصورة، فركب مسرعاً، وصادفه جماعة من الفرنج فقتلوه، وكان سعيداً في الدنيا، ومات شهيداً.
وقال المقريزي في حوادث سنة 701.
وفيها أضيف إلى بدر الدين محمد بن جماعة قاضي القضاة بدمشق مشيخة الشيوخ بها، بعد موت الفخر يوسف بن حمويه.
وفيها مات بدمشق شيخ الخانكاة السميساطية، وهو شيخ الشيوخ =فخر الدين يوسف ابن= شرف الدين أبي بكر عبد الله بن تاج الدين أبي محمد ابن حمويه، في يوم الإثنين سابع عشر ربيع الأول، واستقر عوضه قاضي القضاة بدر الدين محمد بن جماعة باتفاق الصوفية.
  
وقال المقريزي في وفيات سنة 674:
وتوفي سعد الدين أبو العباس الخضر بن التاج أبي محمد عبد الله بن العماد أبي الفتح عمر بن على بن محمد بن حمويه الجويني شيخ الشيوخ بدمشق، بها عن نيف وثمانين سنة.
وقال في وفيات سنة 678
ومات شرف الدين أبو بكر عبد الله بن تاج الدين أبي محمد عبد السلام ابن شيخ الشيوخ عماد الدين عمر بن على بن محمد بن حمويه الحموي الجويني، شيخ الشيوخ بدمشق، في ثامن شوال، دفن بقاسيون.
 @ وقال الحافظ ابن حجر في (إنباء الغمر) في وفيات سنة (777)
المؤيد بن حمويه، أبو المفاخر علاء الدين الجويني، المعروف بالشيخ زاده شيخ الشميساطية، قال ابن حجى: كان شيخاً حسناً سليم الصدر وكانت المشيخة بيد أسلافه دهراً طويلاً، فخرجت عنهم في سنة إحدى وسبعمائة للبدر بن جماعة ثم تداولها القضاة وكتاب السر إلى سنة إحدى وسبعين فانتزعها هذا إلى أن مات في جمادى الآخرة.

26 - ديسمبر - 2010
هولاكو وبنوه
ملوك بني عثمان في تلك الفترة    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

ترجم السخاوي لجدود بني عثمان الذين لا يدخلون في شرط كتابه في ترجمة (أبويزيد) المعلوف بيلدرم بايزيد الصاعقة فقال:
(ويقال إن أصلهم من الحجاز وإن عثمان الأول قدم من المدينة النبوية إلى بلاد قرمان ونزل قونية فاراً من غلاء كان بالحجاز والشام واتصل ببني قرمان وبأتباع السلطان في سنة نيف وخمسين وستمائة وتزيا بزي أهل قونية فولد له سليمان فسلك طريق أبيه في خدم القرمانية والسلجوقية وعرف بالشجاعة، وتولى بعض الحصون وصارت له أتباع وأعوان كثيرة وخرج عن طاعة المشار إليهم وأخذ في غزو الكفار حتى افتتح عدة حصون وافتتح برصا في حدود الثلاثين وسبعمائة ثم ما يليها وانتشرت عساكره وتزايدت أمواله.
 
@ ومات عن حفيده أردن علي بن عثمان فملك بعده واستفحل أمره وواصل غزو الكفار أيضاً وافتتح عدة حصون تلي خليج قسطنطينية فحسده ملوك الروم وخافوا تسلطه عليهم وكانت ممالكهم منقسمة بين جماعة فكان كل يروم قتاله فيكفه أرباب دولته لعلمهم بعدم مقاومته وربما قاتله بعضهم وانهزم غير مرة، ولا زال ملكه يعظم وجنده يتزايد وهو قائم بنشر العدل في رعيته وبتقريب العلماء والصلحاء إلى أن مات
 
@ وخلفه ابنه أرخان سالكاً طريقته
 
@ ثم ابنه مراد وكان شجاعاً مقداماً طوالاً أسمر اللون أقنى الأنف ولم يقتصر على ما بيديه بل ركب البحر ولم يركبه أحد من آبائه وغزا ما يقابل كالي بولي فأخذها وهي التي تلي قبلي خليج قسطنطينية ثم أخذ كالي بولي أيضاً وفتح أراضي قسطنطينية شيئاً بعد شئ وحاصر الفرنج والأفلاق والإنكرس وغيرها حتى أذعنوا لحمل الجزية، وأخذ في إظهار العدل وجعل سائر الأمور معذوقة بقضاة الشرع واستكثر من العساكر إلى أن انتدب لقتاله بعض ملوك الفرنج وسار لحربه في نحو ثلثمائة ألف فلما التقى الجمعان قصد مراد ملك الفرنج بنفسه وحمل عليه بمن معه إلى أن قبض عليه وصارا يتعالجان على فرسيهما والعسكران يتقابلان فألقى الكافر مراداً عن فرسه ووقع عليه وضربه بخنجر كان معه فلم يتمكن منه ثم أخذ يضرب وجهه بما على رأسه من الخوذة حتى أثخن جراحه
وأخذت الكافر سيوف أصحاب ابن عثمان فدقته دقاً إلى أن تلف وحملوا أميرهم إلى مخيمه وهو يجود بنفسه فأشار بولاية ابنه أبي يزيد صاحب الترجمة من بعده وبإمساك صوجي ابنه الآخر وقتله لأن أمه نصرانية وقد دخل بلاد الكفر مراراً وتنصر
 
@  "أبو يزيد" بن مراد باك بن أرخان بن أردن علي بن عثمان بن سليمان بن عثمان خوند كار سلطان الروم ويعرف بيلدرم بايزيد وهو التركي البرقي ويكنى به عن الصاعقة، أقيم في ممالك الروم التي كرسيها برصا بعد موت أبيه في سنة ست وتسعين بعهد منه فأربى على سلفه وعمر جامع برصا ورخم ظاهره وباطنه وجعل الماء في سطحه ينزل منه فيجري في عدة أماكن وعمر البيمارستان وأنشأ نحو ثلثمائة غراب وملأها بالأسلحة والأزودة، واشتهر بالجهاد في الكفار حتى صيته وكاتبه الظاهر برقوق وهاداه، وكان يقول لا أخاف من اللنك فكل أحد يساعدني عليه إنما أخاف من ابن عثمان؛ وكان ملكاً عادلاً عاقلاً شفوقاً على الرعية كثير الغزو واتسعت مملكته وأمن الناس في بلاده وخفف عنهم المكس
بل يقال أنه أبطله إلى أن كان كسره على يد تمرلنك وأسره وأخذ برصا وبعض بلاد الروم وخربها واستمر معه في الأسر حتى مات في ذي القعدة سنة خمس عن نحو خمسين سنة كان تسع سنين منها في المملكة واضطربت بموته مملكة الروم حتى قام بالأمر ابنه محمد كرشجي ثم مات فاستقر بعده حفيده مراد باك ثم بعد موته وقع الخلف بين أولاده وكلهم من خيار ملوك الدنيا ومن محاسن الزمان وسياج للإسلام قديماً وحديثاً، وقد طول ابن خطيب الناصرية وغيره ترجمته وكذا شيخنا في حوادث سنة خمس من أنبائه ...إلخ)
  @ محمد جلبي بن أبي يزيد بن مراد بن أرخان بن عثمان جق والد مراد بك الآتي وأبوه وصاحب الأوجات وما معها في بلاد الروم ويلقب كرشجي ويعرف بابن عثمان.
مات في سنة خمس وعشرين واستقر بعده ابنه. ذكره شيخنا في أنبائه وأقام عنده الشهاب بن عربشاه فترجم له تفسير أبي الليث وغيره وباشر له الإنشاء وقال أنه مات سنة أربع وعشرين والظاهر أن الأول أصح.
 
@ مراد بك (والد محمد الفاتح) ابن أبي الفتح محمد بن با يزيد بن مراد بن أرخان بن عثمان الملقب غياث الدين كرشجي ومعناه الوتري - نسبة للوتر لكون أبيه مازحه يوماً قائلاً له ما حالك مع إخوتك بعدي فقال أخنقهم بالوتر فضحك وأعجبه وقال له عافية كرشجي فتم عليه - ابن يلدرم با يزيد بن مراد بك أرخان بن علي أردن بن أرخان بن عثمان بن سليمان بن عثمان جق صاحب بلاد جميع الأوجات والبلاد التي ما وراء بحر الروم من المضيق بأسرها ومن ذلك بر إصطنبول بأسره وبر صاوبولي وأدرنة وهي كرسيه الذين يقيم به، ووالد محمد =الفاتح= ويقال لكل من ملوكهم خوندكار ويعرف بابن عثمان. ولد في حدود عشر وثمانمائة وملك بعد أبيه في سنة أربع وعشرين وطالت أيامه وعظم وضخم ونالته السعادة وصار من عظماء ملوك الروم وأهلك الله على يديه ملكاً عظيماً من ملوك بني الأصفر كما أرخته في سنة ثمان وأربعين، أقام في الملك بعد أبيه دهراً أكثر من ثلاثين سنة وكان قائماً بدفع الكفار والتوجه لغزوهم مع سذاجة فيما عدا الحرب وانهماك في لذاته ومحبة في العلماء ومآثره كثيرة وأحواله في الطرفين شهيرة. وبالجملة فهو خير ملوك زمانه حزماً وعزماً وكرماً وشجاعة. مات في سابع المحرم سنة خمس وخمسين وهو في أوائل الكهولة وملك بعده ابنه عفا الله عنهما.
 @ محمد =الفاتح= بن مراد بك بن محمد بك بن با يزيد بن مراد بن أرخان بن عثمان. صاحب بلاد الروم الذي صار كرسي مملكته قسطنطينة بعد فتحه لها واقتلاعه إياها من الفرنج ويعرف كسلفه بابن عثمان. استقر في المملكة بعد أبيه في سنة خمس وخمسين، وكان قد أوصى به خليلاً صاحب شماخي وأمر ابنه أن لا يخرج عنه فكان ملكاً عظيماً اقتفى أثر أبيه في المثابرة على دفع الفرنج بحيث فاق مع وصفه بمزاحمة العلماء ورغبته في لقائهم وتعظيم من يرد عليه منهم وإهدائه في كل قليل للمحيوي الكافياجي مع مكاتباته الفائقة وانخفاضه عن أبيه في اللذات وله مآثر كثيرة من مدارس وزوايا وجوامع. مات في أوائل سنة ست وثمانين في توجهه من إسطنبول لجهة برصا ودفن بالبرية هناك ثم حول إلى إسطنبول في ضريح بالقرب من أجل جوامعه بها وجاء خبره في صفر كما اتفق في أبيه سواء وكان لما بلغه قتل الدوادار تحرك للخوف من التجري عليه وعدى بحر إسطنبول ومشى قليلاً فأدركه أجله في الرحلة الثانية،  واستقر بعده في المملكة ولده الأكبر أبو يزيد .. وورد ولده الآخر جام المقول له أيضاً جمجمة على السلطان بالديار المصرية مغاضباً لأخيه فحج ثم رجع وسافر فأسره الفرنج وتحرك أخوه لذلك فيما قيل حتى كانت حوادث تلف فيها أموال ورجال والله تعالى يحسن العاقبة.
@ "أبو يزيد" بن محمد بن مراد، أسن إخوته وملك الروم الماضي أبوه وجده استقر في المملكة بعد أبيه في سنة ست وثمانين وثمانمائة وقد زاحم الأربعين وسلك طريقته في غزو الفرنج بحيث استولى على بلدين لهم كان سبق من أبيه محاصرته لهما فلم يتهيأ له، وثار أخوه جام فيعسكر انتمى إليه حتى دخل برصا وملك قلعتها فبادر هذا لمحاصرته فلم ينهض ذاك لمقابلته مع التقاء العسكرين وفر إلى الديار المصرية فأكرمه السلطان وجهزه للحج في أبهة وضخامة ولما رجع كاتبه أمرائهم مغرياً له على أخيه ووعده بالقيام في خدمته فاستمهله السلطان ليجهز معه عسكراً فما وافق جل الأمراء على ذلك بل أشار تغري بردي ططر لايداعه اسكندرية حتى تسكن الفتنة فما تم وتوجه مع تركه أمه وبنيه بالقاهرة فلما قارب البلاد خرج إليه أخوه فلم يستطع أن يقابله وفر إلى جهة رودس فأسر بها وكاتب صاحبها كل من أخيه والسلطان ليجهزه له مع الوعد والترغيب فلم يجب وآل الأمر إلى إرساله من رودس إلى أقرنصا فيما قيل؛ وبالجملة فهو إلى الآن في قبضة الفرنج ولو قدر الزام السلطان له بالإقامة كفعله في أخي السيد محمد بن بركات وفي حفيد حسن باك أو حبسه لاندفع شر كبير فقد جرت في غضون ذلك حوادث تلف فيها رجال وأموال شرحت في محالها ورأيت من يذكره باشتغال في العلوم وأنه قرأ في شرح المواقف وفي المقامات ومقدماتها من كتب الأدب وأنه ربما نظم مع سلوكه طريق أبيه في تعظيم العلماء والغرباء والكرم وتجديده لزوايا ومساجد وغيرها بل وأجرى الماء من مسافة نحو ستة أيام إلى إسطنبول وكثرت لذلك فيها السبل وعد ذلك في مآثره، وصدقاته لأهل الحرمين وأصلة وصلاته متواصلة، وهو مع هذا ممتهن لنفسه في لباسه غير متأنق فيه مع عدم شكالته ونقص شارته وإقباله فيما قيل على ما لا يرتضى وفساد عقيدته، وآل أمره مع سلطاننا إلى
التظاهر بالمصادقة وتسليم القلاع التي كانت سبباً للتنازع وأهدى كل منهما للآخر ما شرح في الحوادث (1) فالله يحسن العاقبة
__________
1 -  هكذا يكرر السخاوي في كثير من تراجمه قوله (كما شرح في الحوادث) ويريد كتابه التاريخ الكبير والذي سماه (التبر المسبوك في الذيل على تاريخ المقريزي السلوك) وعرفه بقوله: (يشتمل على الحوادث والوفيات من سنة خمس وأربعين وإلى الآن في نحو أربعة أسفار،) وأحال إليه في الضوء اللامع زهاء خمسين مرة،  وله تواريخ أخرى منها تاريخ سماه (التاريخ المحيط) قال: وهو في نحو ثلثمائة رزمة على حروف المعجم لا يعلم من سبقه إليه وكتاب في وفيات القرنين الثامن والتاسع على السنين في مجلدات سماه (الشافي من الألم في وفيات الأمم) وغير ذلك من التواريخ ذكرها في ترجمته لنفسه في الضوء اللامع

26 - ديسمبر - 2010
هولاكو وبنوه
ترجمة الردماوي في درر العقود الفريدة    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

علي بن زيد بن علوان بن صبرة بن مهدي بن حريز ويدعى أيضا بعبد الرحمن الشيخ أبو زيد الزبيدي اليمني الردماوي الشافعي ولد بردما وهي بمشارف اليمن دون الأحقاف وحضرموت في جمادى سنة إحدى وأربعين وسبعمائة ونشأ بها ثم خرج بعد عشرين سنة فجال في أقطار اليمن وقدم مكة فجاور بها مدة وسكن الشام زمانا ودخل العراق ثم قدم القاهرة وسمع من اليافعي بمكة ومن الشيخ خليل وسمع بالشام من العماد ابن كثير والعماد الحسباني وابن خطيب يبرود وبرع في فنون من حديث وفقه ونحو وتاريخ وأدب يكاد يستحضر أحاديث الكتب الستة في الحديث ويتكلم على رجالها ويعرف كتاب سيبويه معرفة تامة إلى غير ذلك من فضائل جمة واقتدار على سرعة النظم للشعر
ومال إلى مذهب أهل الظاهر على طريقة الفقيه ابن حزم
ورام القيام على السلطان فمضى من القاهرة بعد سنة ثمانين وجال في بلاد الشام والعراق وأقام بالبادية يدعو إلى العمل بكتاب الله وسنة رسول الله وبيعة إمام قرشي فآواه الأمير حيار بن مهنا وأعجب به واستقضاه على عربه حتى مات، فكثر إعجاب ابنه الأمير نعير بن حيار
ثم فارق العرب بعد إقامته عندهم زيادة على عشرين سنة وتنقل في الآفاق يبث دعوته فلما كانت واقعة الخليفة المتوكل والأمير قرط والقبض على الشيخ أبي هاشم أحمد بن البرهان والأمير بيدمر نائب الشام وانحل ما كان انعقد اختفى بلاد الصعيد وسكن مدينة قوص عدة أعوام
ثم قدم القاهرة بعد موت الظاهر برقوق وقد نسيت تلك الأخبار، وضعف بصره فلم تطل مدته حتى مات أول ذي القعدة سنة 813 وكان أحد دهاة الناس، وأوحد دهره شهامة وقوة نفس وصدق عزيمة ومعرفة بأحوال الناس على اختلاف طبقاتهم وتباين أقطارهم وما هم عليه من التبديل، وما نزل بالبلاد من الفساد، يخلب بكلامه عقول ذوي الألباب ويسحر بدهائه ألباب النبلاء
وكانت عنده قدرة على التطور بحيث يكون عند بعض اصدقائه الأيام ثم يلقاه في هيئة فلا يعرفه وقد فارقه بالأمس.
قال لي شيخنا الستاذ أبو زيد ابن خلدون: ما داخلني وهمٌ من أحد ولا تهيبت أحدا في عمري سواه لما اجتمع بي:
وقال لي العبد الصالح علي بن عمر: أقام عندي بمنزلي أياما نأكل جميعا ونبيت جميعا ثم فارقني عشاء وقد ماتت لي ابنة فحضر جنازتها ومشى قريبا منا إلى التربة ثم عاد وأنا لا أعرفهن فإني كنت أرى رجلا مغربيا أعرج له لثام فأقول: ترى من هذا الرجل الذي تكلف معنا يومنا ؟ فلما رجعت إلى منزلي دخل علي بتلك الهيئة وتعرّف لي حتى عرفته.
وبالجملة فقد كان نسيج وحده في عامة فضائله إلا أن الأيام لم تسعده والأقدار لم تساعده، بل مازال أخا قلة وحيف وخوف وتشديد وإعواز وذلة، أنشدني لنفسه ما كتب به إلى أبي هاشم وفيه بعض التغيير عما تقدم:
مـا يـعـلم العبد ما يجري به iiالقدر ولا يـنـجـيـه مـما يحذر iiالحذر
لا الـجبن يعدو به المحتوم من iiأجل ولا  بـخـوض المنايا ينقص iiالعمر
وغـنـمـا  هـي أوهـام iiيـخيلها إلـى  الـنفوس فتور العزم iiوالخور
مـات الـجـبان حبيسا دون iiمطلبه وقـارن  الـمـقـدم التأييد iiوالظفر
فـانـهـض وخـلّ أمـانيّا iiتسوفها فـمـا لأشـجـارهـا ظل ولا iiثمر
وعـان أسـبـاب ما ترجوه iiمجتهدا واصبر ولا يصرفنك اليأس والضجر
فـإن ظـفـرت بما أملت iiوانتظمت لـك  الأمـور الـتي ترجو iiوتنتظر
فـحـكّـم الـسـيف لا تعبأ iiبعاقبة ولا تـبـال بـمن لاموك أو iiعذروا
حـتـى  تطهر هذا الدين من iiنجس ويـذعـن  البدو للمعروف والحضر
فـالـمـاء من سائر الأنجاس مطهرة ولـيـس لـلـديـن إلا بالدما iiطُهُر
وأنشدني لنفسه أيضا:
مـا  الـعلم إلا كتاب الله iiوالأثر ومـا سوى ذاك لا عين ولا iiأثر
إلا هـوى وخـصـومات iiملفقة فـلا يـغـرنك من أربابها iiهذر
ليست برطب إذا عدت ولا iiيبس ولا لأشـجـارهـا ظل ولا ثمر
وإنـما  القوم في جهل وفي عمه وفـي  عـمى وظلام ما له سفر
وقـد تـواصوا على توليد اولهم كما تواصت علتى أبوالها iiالحمر
فـعـد عـن هذيان القوم iiمكتفياً بـمـا تضمنت الأخبار iiوالسور
فليس فيما سوى الوجهين معتصم ولـيـس غيرهما في ديننا iiوزر
فـشـرعـة الله قد تمت iiوبلغها رسـوله  ورعاها صحبه iiالغرر
وبـلـغـوها  إلى أتباعهم iiوكذا أتـبـاعهم زمر من بعدهم iiزمر

20 - يناير - 2011
الردماوي: أسطورة اليمن
ابن تغري بردي يصف نهاية حركة المتوكل    كن أول من يقيّم

قال ابن تغري بردي في (النجوم الزاهرة) في وصف حركة المتوكل الفاشلة:
وفي أول شهر رجب من سنة خمس وثمانين وسبعمائة طلع الأمير صلاح الدين محمد بن محمد بن تنكز إلى السلطان ونقل له عن الخليفة المتوكل على الله أبي عبد الله محمد أنه اتفق مع الأمير قرط بن عمر التركماني المعزول عن الكشوفية ومع إبراهيم بن قطلوقتمر العلائي أمير جاندار ومع جماعة من الأكراد والتركمان، وهم نحو من ثمانمائة فارس، أنهم يثبون على السلطان إذا نزل من القلعة إلى الميدان في يوم السبت للعب بالكرة يقتلونه ويمكنون الخليفة من الأمر والاستبداد بالملك. فحلّف السلطانُ ابنَ تنكز على صحة ما نقل، فحلف له، وطلب يحاققهم على ذلك. فبعث السلطان إلى الخليفة وإلى قرط وإلى إبراهيم بن قطلقتمر، فأحضرهم، وطلب سودون النائب وحدثه بما سمع، فأخذ سودون ينكر ذلك ويستبعد وقوعه منهم. فأمر السلطان بالثلاثة فحضروا بين يديه وذكر لهم ما نقل عنهم فأنكروا إلا قرط، فإنه خاف من تهديد السلطان، فقال: الخليفة طلبني وقال: هؤلاء ظلمة وقد استولوا على هذا الملك بغير رضائي، وإني لم أقلد برقوقاً السلطنة إلا غصباً وقد أخذ أموال الناس بالباطل. وطلب مني أن أقوم معه وأنصر الحق، فأجبته إلى ذلك ووعدته بالمساعدة، وأن أجمع له ثمانمائة واحد من الأكراد والتركمان وأقوم بأمره
فقال السلطان للخليفة: ما قولك في هذا؟
فقال: ليس لما قاله صحة
فسأل إبراهيم بن قطلقتمر عن ذلك
فقال: ما كنت حاضراً هذا الاتفاق، لكن الخليفة طلبني إلى بيته بجزيرة الفيل وأعلمني بهذا الكلام وقال لي: إن هذا مصلحة. ورغبني في موافقته والقيام لله تعالى ونصرة الحق.
فأنكر الخليفة ما قاله إبراهيم أيضاً. وصار إبراهيم يذكر له أمارات
والخليفة يحلف أن هذا الكلام ليس له صحة، فاشتد حنق الملك الظاهر وسل السيف ليضرب عنق الخليفة، فقام سودون النائب وحال بينه وبين الخليفة، وما زال به حتى سكن بعض غضبه. فأمر الملك الظاهر بقرط وإبراهيم يسفرا، واستدعى القضاة ليفتوه بقتل الخليفة، فلم يفتوه بقتله، وقاموا عنه  فأخذ برقوق الخليفة وسجنه بموضع في قلعة الجبل وهو مقيد، وسُمِّر قرط وإبراهيم وشُهِّرا في القاهرة ومصر. ثم أوقفا تحت القلعة بعد العصر، فنزل الأمير أيدكار الحاجب وسار بهما ليُوَسَّطا خارج باب المحروق من القاهرة، فابتدأ بقرط فوُسِّطَ، وقبل أن يوسط إبراهيم جاءت عدة من المماليك بأن الأمراء شفعوا في إبراهيم، ففكت مساميره وسجن بخزانة شمائل.
ثم طلب السلطان زكرياء وعمر ابني إبراهيم عم المتوكل، فوقع اختياره على عمر فولاه الخلافة وتلقب بالواثق بالله، كل ذلك في يوم الاثنين أول شهر رجب.

20 - يناير - 2011
الردماوي: أسطورة اليمن
وفاة المتوكل وإعدام ابن حيار    كن أول من يقيّم

وقال الحافظ ابن حجر في (إنباء الغمر) في ترجمة المتوكل في وفيات سنة 808هـ:
محمّد بن أبي بكر بن سليمان بن أحمد العباسي أمير المؤمنين المتوكل على الله أبو عبد الله بن المعتضد بن المستكفي ابن الحاكم، ولد في سنة نيّف وأربعين أو نحوها، وتولى الخلافة في سنة ثلاث وستين بعهد من أبيه إليه، واستمر في ذلك إلى أن مات في شعبان من هذه السنة سوى ما تخلل من السنين التي غضب فيها عليه الملك الظاهر برقوق من ولاية قريبه، واستقر في الخلافة بعده ولده أبو الفضل العباسي ولقب المستعين بالله، وكان قد عهد قبله بالخلافة لولده الآخر المعتمد على الله أحمد ثم خلعه وولي هذا واستمر ذلك مسجوناً إلى أن مات، ولما هرب الأشرف شعبان من عقبة أيلة سأل طشتمر المتوكل أن يبايع له بالسلطنة فامتنع وقال: بل اختاروا من شئتم وأنا أولّيه، فقدم معهم وأقيم المنصور بن علي بن الأشرف، وقام بتدبير الملك إينبك فخلع المتوكل من الخلافة وأقيم قريبه زكريّا بن إبراهيم في ثالث عشري صفر سنة تسع وسبعين، ثم أعيد بعد شهر إلى أن تسلطن برقوق فحسن له جماعة من أهل الدولة وغيرهم طلب الملك فكاتب الأمراء والعربان مصراً وشاماً وعراقاً وبث الدعاة في الآفاق، فنمّ عليهم صلاح الدين بن تنكز في رجب سنة خمس وثمانين وأخبره عن حالة الطنبغا أن الخليفة اتفق مع قرط الكاشف أن الظاهر إذا ركب إلى الميدان قبض عليه و وافقهم إبراهيم بن طلقتمر أمير جندار، فاستدعى الخليفة في الحال وقيّده وسجنه في برج القلعة وقبض على إبراهيم وقرط فوُسِّط قرط وحبس إبراهيم، وأقام عمر في الخلافة ولقب الواثق، ثم مات عمر وأقيم أخوه زكريّا ولقب المستعصم، واستمر المتوكل في الحبس إلى أن خرج يلبغا الناصري فأفرج برقوق عن الخليفة في صفر سنة إحدى وتسعين، لأنه بلغه أن الناصري يشنع عليه كونه سجن الخليفة فأمر بالتضييق عليه فمنع الناس من الدخول عليه، فلما قوي الناصري أفرج عنه في ربيع الأول وأحضره عنده وتحادث معه ساعة وأعطاه مالاً وثياباً، ثم أحضره في أول يوم من جمادى الأولى وخلع عليه وأركبه حجرة =أي فرسا= شهباء وأركبه من باب النحاس وأمره بالانصراف إلى داره، وركب معه الأمراء والقضاة، ونشرت على رأسه الأعلام السود، وفرح الناس به فرحاً عظيماً، ولم يبق أحد حتى خرج لرؤيته فكان يوماً مشهوداً.
فلما قدم الناصري وغلب على المملكة وأزال دولة برقوق قال يلبغا الناصري للخليفة بمحضر من الأمراء يا مولانا أمير المؤمنين ما ضربت بسيفي هذا إلا في نصرتك، وبالغ في تعظيمه وتبجيله، فأشار عليه بإعادة حاجي بن شعبان إلى المملكة ثم أخرج منطاش الخليفة والقضاة معه لما خرج برقوق من الكرك، فلما انتصر برقوق جدّد له الخليفة الولاية بالسلطنة وأحسن إليه، واستمر على حاله إلى أن مات برقوق فقلد السلطنة لولده الناصر فرج).
وفي هذه السنة التي توفي فيها المتوكل ألقي القبض على محمد نعير ابن حيار وانكسرت شوكة العرب قال الحافظ ابن حجر في ترجمته:
محمّد أمير العرب نُعَير : وهو محمد بن حِيَار بن مهنا بن عيسى بن مهنا بن مانع بن حديثة الطائي أمير آل فضل بالشام يلقب شمس الدين ويعرف بنعير ولي الإمرة بعد أبيه ودخل القاهرة مع يلبغا الناصري ولما عاد الظاهر من الكرك وافق نعير منطاشا في الفتنة المشهورة وكان مع منطاش لما حاصر حلب ثم راسل نعير نائب حلب إذ ذاك كمشبغا في الصلح وتسلمه منطاش ثم غضب برقوق على نعير وطرده من البلاد فأغار نعير على بني عمّه الذين قرروا بعده وطردهم، فلما مات برقوق أعيد نعير إلى إمرته ثم كان ممن استنجد به دمرداش لما قدم اللنكية فحضر بطائفة من العرب فلما علم أنه لا طاقة لهم بهم نزح إلى الشرق، فلما نزح التتار رجع نعير إلى سلمية ثم كان ممن حاصر دمرداش بحلب ثم جرت بينه وبين الأمير جكم وقعة فكسر نعير ونهب وجيء به إلى حلب فقتل في شوال منها وقد نيف على السبعين، وكان شجاعاً جواداً مهاباً إلاّ أنه كثير الغدر والفساد وبموته انكسرت شوكة آل مهنّا وكان الظاهر خدعه ووعده حتى سلم منطاش وغدر به فلم يف له الظاهر بما وعده بل جعل يعد ذلك عليه ذنباً وولي بعده ولده العجل.

20 - يناير - 2011
الردماوي: أسطورة اليمن
ترجمة قرط في تاريخ ابن خلدون    كن أول من يقيّم

 ذكر ابن خلدون (1) الأحداث السابقة في ترجمة الأمير (قرط) فقال  تحت عنوان (مقتل قرط وخلع الخليفة ونصب ابن عمه الواثق للخلافة):
(كان قرط بن عمر من التركمان المستخدمين في الدولة، وكان له إقدام وصرامة رقابهما إلى محل من مرادفة الأمراء في وجوههم ومذاهبهم. ودفع إلى ولاية الصعيد ومحاربة أولاد الكنز من العرب الجائلين في نواحي أسوان فكان له في ذلك غناء وأحسن في تشريدهم عن تلك الناحية. ثم بعث إلى البحيرة والياً عند انتقاض بدر بن سلام وفراره، ومرجع العساكر من تمهيدها فقام بولايتها، وتتبع آثار أولئك المنافقين وحسم عللهم. وحضر في فورة أنيال فجلا في ذلك اليوم لشهامته وإقدامه. وكان هو المتولي تسور الحائط وإحراق الباب الظهراني الذي ولجوا عليه وأمسكوه فكان يمت بهذه الوسائل أجمع، والسلطان يرعى له إلا أنه كان ظلوماً غشوماً فكثرت شكايات الرعايا والمتظلمين به فتقبض عليه لأول بيعته وأودعه السجن.
ثم عفا عنه وأطلقه، وبقي مباكراً باب السلطان مع الخواص والأولياء، وطوى على الغث وتربص بالدولة. ونمي عنه أنه فاوض الخليفة المتوكل بن المعتضد في الانتقاض والإجلاب على الدولة بالعرب المخالفين بنواحي برقة من أهل البحيرة، وأصحاب بدر بن سلام، وأن يفوض الخليفة الأمر إلى سوى هذا السلطان القائم بالدولة، وبأنه داخل في ذلك بعض ضعفاء العقول من أمراء الترك ممن لا يؤبه له فأحضرهم من غداته، وعرض عليهم الحديث فوجموا وتناكروا وأقر بعضهم واعتقل الخليفة بالقلعة. وأخرج قرط هذا لوقته فطيف به على الجمل مسمراً بلاغاً في عقابه. ثم سيق إلى مصرعه خارج البلد، وقد بالسيف نصفين. وضم الباقون إلى السجون، وولى السلطان الخلافة عمر بن إبراهيم الواثق من أقاربه وهو الذي كان الملك الناصر ولى أباه إبراهيم بعد الخليفة أبي الربيع وعزل عن ابنه أحمد كما مر، وكان هذا كله في ربيع سنة خمس وثمانين، وولي مكانه أخوه زكريا ولقب المعتصم، واستقرت الأحوال إلى أن كان ما نذكره إن شاء الله تعالى.
___
(1) ولكنه لم يأت على ذكر الردماوي، وما نقله المقريزي عنه كان من الأخبار التي شافهه بها وكان ابن خلدون أجل شيوخه وقد خصه المقريزي بترجمة مطولة (2/ 296- 314) تكلم فيها عن آبائه منذ دخلوا أشبيلة.ونقل فيها (ص 310) قول ابن خلدون ويريد أهل إنكلطرة:  (لو تمكن هؤلاء من العدوة ما تركوا فيها للإسلام اسما)

20 - يناير - 2011
الردماوي: أسطورة اليمن
 489  490  491  492  493