البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات زهير ظاظا

 485  486  487  488  489 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
جواب الناصر ابن قلاوون    كن أول من يقيّم

 
@ فلما سمع الملك الناصر الكتاب استشار الأمراء في ذلك؛ وبعد أيام طلبوا قاضي الموصل أعني الرسول المقدم ذكره من عند قازان، وقالوا له:  أنت من أكابر العلماء وخيار المسلمين، وتعلم ما يجب عليك من حقوق الإسلام والنصيحة للدين؛ فنحن ما نتقاتل إلا
لقيام الدين؛ فإن كان هذا الأمر قد فعلوه حيلة ودهاء فنحن نحلف لك أن ما يطلع على هذا القول أحد من خلق الله تعالى، ورغبوه غاية الرغبة؛ فحلف لهم بما يعتقده أنه ما يعلم من قازان وخواصه غير الصلح وحقن الدماء ورواج التجار ومجيئهم وإصلاح الرعية. ثم
إنه قال لهم:  والمصلحة أنكم تتفقون وتبقون على ما أنتم عليه من الاهتمام بعدوكم، وأنتم فلكم عادة في كل سنة تخرجون إلى أطراف بلادكم لأجل حفظها فتخرجون على عادتكم؛ فإن كان هذا الأمر خديعة فيظهر لكم فتكونون مستيقظين، وإن كان الأمر صحيحاً
فتكونون قريبين منهم فينتظم الصلح وتحقن الدماء فيما بينكم. فلما سمعوا كلامه رأوه ما فيه غرض وهو مصلحة، فشرعوا ليعينوا من يروح في الرسالة، فعينوا جماعة، منهم الأمير شمس الدين محمد بن التيتي، والخطيب شمس الدين الجوزي خطيب جامع آبن طولون،
فتشفع آبن الجوزي حتى تركوه، وعينوا القاضي عماد الدين بن السكري خطيب جامع الحاكم، وهو ناظر دار العدل بالديار المصرية، وشخصاً أمير آخور من البرجية. ثم إن السلطان أخذ في تجهير أمرهم إلى ما يأتي ذكره.
ثم استقر السلطان في سنة إحدى وسبعمائة بالأمير عز الدين أيبك البغدادي المنصوري، أحد الأمراء البرجية في الوزارة عوضاً عن شمس الدين سنقر الأعسر، وجلس في قلعة الجبل بخلعة الوزارة، وطلع إليه جميع أرباب الدولة وأعيان الناس. وأيبك هذا هو الرابع
من الوزراء الأمراء الأتراك بالديار المصرية، الذين كان تضرب على أبوابهم الطبلخاناه على قاعدة الوزراء بالعراق زمن الخلفاء فأولهم الأمير علم الدين سنجر الشجاعي المنصوري؛ ثم ولي بعده الأمير بدر الدين بيدرا؛ ولما ولي بيدرا نيابة السلطنة أعيد لشجاعي،
 
وبعده آبن السلعوس وليس هما من العدد، ثم الخليلي، وليس هو من العدد، ثم بعد الخليلي ولي الأمير سنقر الأعسر الوزر، وهو الثالث. ثم بعده أيبك هذا وهو الرابع.
وكان الوزير يوم ذاك في رتبة النيابة بالديار المصرية، ونيابة السلطنة كانت يوم ذاك دون السلطنة. انتهى.
وفي يوم الأحد تاسع عشر المحرم من سنة إحدى وسبعمائة، رسم السلطان لجميع الأمراء والمقدمين بمصر والقاهرة أن يخرجوا صحبة السلطان إلى الصيد نحو العباسة، وأن يستصحبوا معهم عليق عشرة أيام؛ وسافر السلطان بأكثر العسكر والجميع بعدتهم في بكرة يوم الاثنين في العشرين من المحرم. ونزل إلى بركة الحجاج وتبعه جميع الأمراء والمقدمين والعساكر، وبعد سفره سيروا طلبوا القضاة الأربعة فتوجهوا إليه، وآجتمعوا بالسلطان في بركة الحجاج وعادوا إلى القاهرة، ثم شرعوا في تجهيز رسل قازان؛ وتقدم دهليز السلطان إلى الصالحية، ودخل السلطان والأمراء إلى البرية بسبب الصيد. فلما كان يوم الاثنين عشية النهار وصل السلطان والأمراء إلى الصالحية، فخلع على جميع الأمراء والمقدمين، وكان عدة ما خلع أربعمائة وعشرين خلعة، وكان الرسل قد سفروهم من القاهرة وأنزلوهم بالصالحية، حتى إنهم يجتمعون بالسلطان عند حضوره من الصيد. فلما حضر الأمراء قدام السلطان بالخلع السنية وتلك الهيئة الجميلة الحسنة أذهل عقول الرسل مما رأوا من حسن زي عسكر الديار المصرية بخلاف زي التتار، وأحضروا الرسل في الليل إلى الدهليز إلى بين يدي السلطان، وقد أوقدوا شموعاً كثيرة ومشاعل عديدة وفوانيس وأشياء كثيرة من ذلك تتجاوز عن الحد بحيث إن البرية بقيت حمراء تتلهب نوراً وناراً، فتحدثوا معهم ساعة، ثم أعطوهم جواب الكتاب، وخلعوا عليهم خلع السفر وأعطوا لكل واحد
من الرسل عشرة آلاف درهم وقماشاً وغير ذلك. ونسخة الكتاب المسير إليهم صورته:
"بسم الله الرحمن الرحيم: 
علمنا ما أشار الملك إليه، وعول في قوله وفعله عليه؛ فأما قول الملك:  قد جمعتنا وإياكم كلمة الإسلام! وإنه لم يطرق بلادنا ولا قصدها إلا لما سبق به القضاء المحتوم، فهذا الأمر غير مجهول بل هو عندنا معلوم؛ وأن السبب في ذلك غارة بعض جيوشنا على ماردين، وأنهم قتلوا وسبوا وهتكوا الحريم وفعلوا فعل من لا له دين؛ فالملك يعلم أن غارتنا ما برحت في بلادكم، مستمرة من عهد آبائكم وأجدادكم؛ وأن من فعل ما فعل من الفساد، لم يكن برأينا ولا من أمرائنا ولا الأجناد، بل من الأطراف الطامعة ممن لا يؤبه إليه، ولا يعول في فعل ولا قول عليه؛ وأن معظم جيشنا كان في تلك الغارة إذا لم يجدوا ما يشترونه للقوت صاموا لئلا يأكلوا ما فيه شبهة أو حرام، وأنهم أكثر ليلهم سجد ونهارهم صيام.
وأما قول الملك ابن الملك الذي هو من أعظم القان فيقول قولاً يقع عليه الرد من قريب، ويزعم أن جميع ما هو عليه من علمنا ساعة واحدة يغيب؛ ولو يعلم أنه لو تقلب في مضجعه من جانب إلى جانب، أو خرج من منزله راجلاً أو راكباً، كان عندنا علم من ذلك في الوقت القريب؛ أو يتحقق أن أقرب بطائنه إليه، هو العين لنا عليه، وإن كثر ذلك لديه. ونحن تحققنا أن الملك بقي عامين يجمع الجموع، وينتصر بالتابع والمتبوع؛ وحشد وجمع من كل بلد وآعتضد بالنصارى والكرج والأرمن، واستنجد بكل من ركب فرساً من فصيح وألكن؛ وطلب من المسومات خيولاً وركاب، وكثر سواداً وعدد أطلاب؛ ثم إنه لما رأى أنه ليس له بجيشنا قبل في المجال، عاد إلى قول الزور والمحال، والخديعة والاحتيال؛ وتظاهر بدين الإسلام، وآشتهر به في الخاص والعام؛ والباطن بخلاف ذلك، حتى ظن جيوشنا وأبطالنا أن الأمر كذلك؛ فلما التقينا معه، كان معظم جيشنا يمتنع من قتاله، ويبعد عن نزاله؛ ويقول:  لا يجوز لنا قتال المسلمين، ولا يحل قتل من يتظاهر بهذا الدين!؛
فلهذا حصل منهم الفشل، وبتأخرهم عن قتالكم حصل ما حصل؛ وأنت تعلم أن الدائرة كانت عليك. وليس يرى من أصحابك إلا من هو نادم أو باكي، أو فاقد عزيز عنده أو شاكي؛ والحرب سجال يوم لك، ويوم عليك؛ وليس ذلك مما تعاب به الجيوش ولا تقهر، وهذا بقضاء الله وقدره المقدر. وأما قول الملك إنه لما آلتقى بجيشنا مزقهم كل ممزق، فمثل هذا القول ما كان يليق بالملك أن يقوله أو يتكلم به، وهو يعلم وإن كان ما رأى بل يسأل كبراء دولته وأمراء عساكره عن وقائع جيوشنا ومراتع سيوفنا من رقاب آبائه وأجداده، وهي إلى الآن تقطر من دمائهم؛ وإن كنت نصرت مرة فقد كسرت آباؤك مراراً، وإن كان جيشك قد داس أرضنا مرة فبلادكم لغارتنا مقام ولجيوشنا قرار؛ وكما تدين تدان.
وأما قول الملك:  إنه ومن معه آعتقدوا الإسلام قولاً وفعلاً وعملاً ونية، فهذا الذي فعلته ما فعله من هو متوجه إلى هذه البنية، أعني الكعبة المضية، فإن الذي جرى بظاهر دمشق وجبل الصالحية ليس بخفي عنك ولا مكتوم، وليس هذا هو فعل المسلمين، ولا من هو متمسك بهذا الدين؛ فأين وكيف وما الحجة! وحرم البيت المقدس تشرب فيه الخمور، وتهتك الستور، وتفتض البكور؛ ويقتل فيه المجاورون، ويستأسر خطباؤه أو المؤذنون؛ ثم على رأس خليل الرحمن، تعلق الصلبان، وتهتك النسوان، ويدخل فيه الكافر سكران، فإن كان هذا عن علمك ورضاك، فواخيبتك في دنياك وأخراك؛ ويا ويلك في مبدئك ومعادك، وعن قليل يؤذن بخراب عمرك وبلادك، وهلاك جيشك وأجنادك؛ وإن كنت لم تعلم بذلك فقد أعلمناك، فاستدرك ما فات فليس مطلوباً به سواك؛ وإن كنت كما زعمت أنك على دين الإسلام، وأنت في قولك صادق في الكلام، وفي عقدك صحيح النظام؛ فآقتل الطوامين الذين فعلوا هذه الفعال، وأوقع بهم أعظم النكال؛ لنعلم أنك على بيضاء المحجة، وكان فعلك وقولك أبلغ حجة؛ ولما وصلت جيوشنا إلى القاهرة المحروسة وتحققوا أنكم تظاهرتم بكلمة الإخلاص وخدعتم باليمين والإيمان، وانتصرتم على قتالهم بعبدة الصلبان؛ آجتمعوا وتأهبوا وخرجوا بعزمات محمدية، وقلوب بدرية، وهمم علية، عند الله مرضية؛ وجدوا السير في البلاد، ليتشفوا منكم غليل الصدور والأكباد؛ فما وسع جيشكم إلا الفرار، وما كان لهم على اللقاء صبر ولا قرار؛ فآندفعت عساكرنا المنصورة مثل أمواج البحر الزخار إلى الشام، يقصدون دخول بلادكم ليظفروا بنيل المرام؛ فخشينا على رعيتكم تهلك، وأنتم تهربون ولا تجدون إلى النجاة مسلك؛ فأمرناهم بالمقام، ولزوم الأهبة والاهتمام؛ ليقضي الله أمراً كان مفعولاً.
وأما ما تحمله قاضي القضاة من المشافهة، فإنا سمعناه ووعيناه وتحققنا تضمنته مشافهة؛ ونحن نعلم علمه ونسكه ودينه وفضله المشهور، وزهده في دار الغرور؛ ولكن قاضي القضاة غريب عنكم بعيد منكم، لم يطلع على بواطن قضاياكم وأموركم، ولا يكاد يظهر له خفي مستوركم؛ فإن كنتم تريدون الصلح والإصلاح، وبواطنكم كظواهركم متتابعة في الصلاح؛ وأنت أيها الملك طالب الصلح على التحقيق، وليس في قولك مين ولا يشوبه تنميق؛ نقلدك سيف البغي، ومن سل سيف البغي قتل به، ولا يحيق المكر السيىء إلا بأهله؛ فيرسل إلينا من خواص دولتك رجل يكون منكم ممن إذا قطع بأمر وقفتم عنده، أو فصل حكماً انتهيتم إليه، أو جزم أمراً عولتم عليه؛ يكون له في أول دولتكم حكم وتمكين، وهو فيما يعول عليه ثقة أمين؛ لنتكلم معه فيما فيه الصلاح لذات البين، وإن لم يكن كذلك عاد بخفي حنين.
وأما ما طلبه الملك من الهدية من الديار المصرية فليس نبخل عليه، ومقداره عندنا أجل مقدار وجميع ما يهدى إليه دون قدره، وإنما الواجب أن يهدي أولاً من آستهدى؛ لتقابل هديته بأضعافها، ونتحقق صدق نيته، وإخلاص سريرته؛ ونفعل ما يكون فيه رضا الله عز وجل ورضا رسوله في الدنيا والآخرة، لعل صفقتنا رابحة في معادنا غير خاسرة. والله تعالى الموفق للصواب ". انتهى.

24 - ديسمبر - 2010
هولاكو وبنوه
بوسعيد    كن أول من يقيّم

ترجم له الصفدي في (أعيان العصر) فقال:
بوسعيد  ملك التتار، القان بن القان محمد بن خربندا بن أرغون بن أبغا بن هولاكو المغلي، صاحب العراق والجزيرة وأذربيجان وخراسان والروم، والناس يقولون فيه أبو سعيد، على أنه كنية، والصحيح أنه علم، هكذا رأيت كتبه التي كانت ترد على السلطان الملك الناصر محمد، يكتب على ألقابه الذهبية بوسعيد باللازورد الفائق، ويزمك بالذهب.
 لما وقعت المهادنة والصلح بينه وبين صاحب مصر أراد السلطان أن يبتدئه بالمكاتبة، فبقي السلطان يطلب كاتب السر القاضي علاء الدين بن الأثير بالمكاتبة، وهو يقول له:
يا خوند إن كتبنا له المملوك قد لا يكتب المملوك وإن كتبنا له والده أو أخوه فهو قبيح.
ثم قال له بعد شهر: ياخوند رأيت أنا نكتب موضع الاسم ألقاب مولانا الشيخ السلطان بالطومار ذهباً، ونكتب على الكل محمد بالذهب أيضاً نسبة طغرة المناشير، فقال: هذا جيد،
وجهز الكتاب على هذا الحكم، وعاد الجواب كذلك خلا بوسعيد، فإنها كانت باللازورد المليح المعدني، فقال السلطان: ونحن نكتب كذلك، فقال القاضي علاء الدين بن الأثير: ياخوند لأنا نكون قد قلدناهم، فاستمرت المكاتبة بينهما كذلك إلى أن توفي بوسعيد
رحمه الله تعالى.
وكان شاباً مليحاً، لا يرى في المكارم طليحا، مسلماً، إلى الخير مسلما، معلماً بالجود وللسكون معلما، كتب الخط المنسوب، ودخل في ذلك العدد المحسوب، ورأيت خطه على ديوان أبي الطيب كأنه باكورة زهر غب القطر الطيب، وأجاد الضرب بالعود ولعب به، فكانت يمينه سحابة تقهقه منها الرعود، وصنف مذاهب في النغم ونقلت عنه، ورواها أولو النغم وتداولوها، وأصلها منه.
وأبطل كثيراً من المكوس وأطلق جماعة من الحبوس،
وأراق الخمور، وصمم في من شربها على أمور، وهدم ما في بغداد من الكنائس، وتتبع من له في دين الإسلام دسائس، وخلع على من أسلم من الذمه، وجعل الترغيب في الدخول للإسلام من الأمور المهمه، وأسقط ما في ممالكه من مكوس الثمار، ولم يدع فيها أحداً يتعرض لهذا السبب إلى أخذ درهم ولا دينار، وورث ذوي الأرحام، ولم يأخذ منهم لبيت المال نصيبا، وأصبح في هذه المسألة لأبي حنيفة رضي الله عنه نسيبا، إلا أنه كانت به عنة، لا يجد له منها سوى بغداد جنة،
 وهو كان آخر بيت هولاكو وبانقراضه انقرضوا، ونكثوا حبل الملك ونقضوا.
 ولم يزل في سعة ملكه والفرح بما في فلكه إلى أن زعزع الموت أركانه، وحرك كل قلب لما رأت العين إسكانه.
وكانت وفاته رحمه الله تعالى في الأردو بأذربيجان في ربيع الآخر سنة ست وثلاثين وسبع مئة، وقد أناف على الثلاثين سنة.
وكانت دولته عشرين سنة، ولم تقم بعده لملوك المغل قائمة.
وكان جلوسه على التخت في مستهل جمادى الأولى سنة سبع عشرة وسبع مئة بمدينة السلطانية، وكان عمره يومئذ إحدى عشرة سنة والله أعلم.
وكان قبل موته بسنة قد حج الركب العراقي، وكان المقدم عليه، بطلاً شجاعاً، ولم يمكن أحداً من العربان يأخذون من الركب شيئاً، فلما كانت السنة الآتية خرجت العربان على الركب ونهبوه، وأخذوا منه شيئاً كثيراً، فلما عادوا شكوا إليه،
فقال: هؤلاء في مملكتنا أو في مملكة الناصر ؟
فقالوا: لا في مملكة الناصر ولا مملكتك إنما هؤلاء في البرية، لا يحكم عليهم أحد، يعيشون بقائم سيفهم ممن يمر عليهم.
فقال: هؤلاء فقراء، كم مقدار ما يأخذون من الركب نحن نكون نحمله إليهم من بيت المال من عندنا كل سنة، ولا ندعهم
يأخذون من الرعايا شيئاً،
فقالوا له: يأخذون منهم ثلاثين ألف دينار، ليراها كبيرة فيبطلها،
فقال: هذا القدر ما يكفهم ولا يكفيهم، اجعلوها كل سنة ستين ألف دينار، وتكون تحمل صحبة مسفر من بيت المال من عندنا مع الركب، فمات من سنته، رحمه الله تعالى.
 

وجرت بعده أمور يطول شرحها، ولما بلغت وفاته السلطان الملك الناصر قال: رحمه الله تعالى، والله ما بقي يجينا مثل بوسعيد.

@ وترجم الصفدي في (الوافي) لوزيره غياث الدين خواجا الهمذاني فقال:

وزير بوسعيد بالمماليك القانية غياث الدين محمد بن فضل الله بن أبي الخير ابن علي الوزير الكبير غياث الدين خواجا ابن الوزير رشيد الدولة الهمذاني.

ولد هذا في الإسلام ولما نكب والده وقتل سلم واشتغل مدة وصحب أهل الخير، فلما توفي علي شاه الوزير طلب السلطان بوسعيد غياث الدين المذكور وفوض إليه الوزارة ومكنه ورد إليه الأمر وألقى إليه مقاليد الممالك وحصل له من الارتقاء والملك ما لم يبلغه وزير غيره في هذه الأزمان وكانت رتبته من نوع رتبة نظام الملك.

وكان من أجمل الناس في الصورة، وأمه تركية، وله عقل ودهاء وغور مع ديانة وحسن إسلام وكرم وسؤدد وخبرة بالأمور، كان خيراً من والده بكثير.

له آثار جميلة: خرب كنائس بغداد ورد أمر المواريث إلى مذهب أبي حنيفة فورث ذوي الأرحام، وكان إليه تولية نواب الممالك وعزلهم لا يخالفه القان في شيء.

وخدم السلطان الملك الناصر صاحب مصر كثيراً وراعى مصالحه وحقن دماء الإسلام وقرر الصلح ومشى الأمور على أجمل ما يكون.

ولما توفي السلطان بو سعيد نهض الوزير إلى شاب من بقايا النسل يقال له ارباكوون فسلطنه وأخذ له البيعة على الأمراء واستوسق له الأمر فخرج عليهما علي باشا خال بو سعيد وابن بيدو فانفل الجمع وقتل ارباكوون والوزير في رمضان سنة ست وثلاثين وسبع مائة.

 

24 - ديسمبر - 2010
هولاكو وبنوه
إيرنجي    كن أول من يقيّم

أيرنجن * (والصواب: إيرنجي)
بكسر أوله وسكون التحتانية وراء مفتوحة بعدها نون ثم جيم الططرى النوين خال القان بو سعيد كان اتفق مع بوسعيد على إمساك جوبان وقتله فتحيل عليه هو وقرمشي ودقماق وجماعة ففطن لهم فهرب فطلبوه وحدثوه فلجأ إلى قلعة مرند ثم توجه إلى بوسعيد فدخل عليه ومعه كفنه فقال قتلت رجالي ونهبت أموالي فإن كنت تريد قتلي فها أنا بين يديك فتبرأ بوسعيد من ذلك فاستخدم رجالاً وأوقع بأيرنجن ومن معه فانكسر ثم أسر هو وقرمشي ودقماق فعقد لهم مجلس فقالوا ما فعلنا شيئاً إلا بإذن القان فأنكر بوسعيد فقال أيرنجن هذا خطك معي فضربه بسنيخ في قمه فقتله وطيب برأسه وتمكن جوبان وأباد أضداده وذلك في سنة 709 وقتل دقماق وقرمشي.
وقال الصفدي في ترجمته:
إيرنجي التتري
إيرنجي، خال القان خربندا، كان القان بو سعيد قد تبرم باستيلاء نائبه جوبان على الأمر واحتجاره عليه، فتنفس إلى مقدمين يكرهون جوبان. وهم: إيرنجي هذا وقرمشي ودقماق، فقالوا: إن رسمت قتلناه. واتفقوا على أن يبيتوه، وذلك في جمادى الأولى سنة تسع عشرة وسبع مائة. ووافقهم أخو دقماق ومحمد هريرة ويوسف بكثا ويعقوب المسخرة، فهيأ قرمشي دعوة، ودعا جوبان، فأجاب ونفذ له تقدمة سنية فقبلها، فنصحه تتري فتحفظ في الهرب، وترك خيامه، وأقبل قرمشي في عشرة آلاف، وسأل عن جوبان، فقيل في مخيمه، فهجم عليه، وثار أجناد جوبان في السلاح، والتحم القتال، فقتل نحو ثلاث مائة، ونهب قرمشي حواصل جوبان، وساق في طلابه، وهرب هو إلى مرند معه ولده حسن وابنان، فأكرمه صاحب مرند وأمده بخيل ورجال، وأتى تبريز فتلقاه علي شاه، وزين البلد له، وجاء في خدمته إلى بو سعيد، وأثنى على جوبان وعلى شفقته، وأنه والد، ثم دخل جوبان وبيده كفن وهو باك وقال: يا خوند، قتلت رجالي ونهبت أموالي، فإن كنت تريد قتلي فها أنا في تصرفك، فتنصل السلطان وتبرأ مما جرى وقال له: حاربهم فهؤلاء أعداؤنا.
قال فيساعدني السلطان. فجهز له جيشاً مع طاز بن النوين كتبغا ومع قراسنقر، وركب السلطان مع خواصه مع العسكر.
وأما إيرنجي فإنه قصد تبريز في طلب جوبان، فأغلق البلد في وجهه، وخرج الوالي إليهم، فأهانوه وعلقوه منكوساً حتى وزن أربع مائة ألف درهم. ثم ساروا إلى رنكان، فالتقى الجمعان. فلما رأى إيرنجي السلطان ورايته، سقط في يده وقال لأصحابه: السلطان علينا، فما العمل؟ فقال قرمشي: لا بد من الحرب، فالسلطان معنا. وسير قرمشي إلى جوبان وقال أنا معك. والتحم القتال، وانكسر إيرنجي وتحول غالب عسكره إلى تحت راية السلطان. ثم أسر إيرنجي وقرمشي ودقماق، وعقد لهم مجلس بالسلطانية، فقالوا: ما تحركنا إلا بأمر القان، فأنكر وكذبهم وأمر بقتلهم، فقال إيرنجي: هذا خطك معي أنا، فأنكر وجحد، فضرب إيرنجي بسيخ في فمه فتلف، وطيف برأسه في خراسان والعراق وذلك سنة تسع عشرة وسبع مائة. وكان إيرنجي وافر الحرمة، وقتل قرمشي ودقماق، وأمسك أمراؤهم، وتمكن جوبان وأباد أضداده، وكان دقماق مسلماً يحب العرب ويكثر الصدقة، فحلقوا ذقنه وطيف به ثم رموه بالنشاب. وأبيد من المغل خلق كثير.
 
وقال المقريزي في حوادث جمادى الآخرة سنة 719:
وفيه أنزلت خوند أردوكين بنت نوكاي من القلعة إلى القاهرة، بعدما أخذ السلطان منها كثيراً من الجواهر، ورتب لها عدة رواتب.
وفيه عمل إبرنجي خال القان أبي سعيد على قتل جوبان، وواعد قرمشي ودقماق وغيرهما من المقدمين على ذلك. فنقل الخبر لجوبان، ففر ونهبت أثقاله، وقتل له نحو ثلاثمائة رجل. ولحق جوبان بتبريز، وقدم ومعه علي شاه إلى بو سعيد، فتبرأ مما جرى عليه.
وجهز له بو سعيد عسكراً وركب معه حتى لقوا إبرنجي ومن معه، فقاتلوهم وأخذوا إبرنجي وقرمشي ودقماق، فقتلوا وأمسك أمراؤهم. وتمكن جوبان من أعدائه، وقتل خلائق من المغل، واتهم القان بوسعيد بأنه كان أمر إبرنحي بقتل جوبان لكثرة تحكمه عليه.
_________
 * كذا قال ابن حجر وقال ابن تغري بردي:
وأيرنجي بفتح الألف - وسكون الياء آخر الحروف، وفتح الراء المهملة، وسكون النون، وجيم وياء - ومعناه: صاحب الأيران، الذي يخرج من اللبن.

24 - ديسمبر - 2010
هولاكو وبنوه
بغداد بنت النوين    كن أول من يقيّم

قال الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة:
بغداد بنت النوين جوبان: زوج بوسعيد كانت أولاً زوج الشيخ حسن وكان بوسعيد يعشقها وكان أبوها يفهم ذلك فلا يمكنها من دخول الأردو فلما هرب جوبان وقتل أخوها وهرب الآخر إلى مصر اغتصبها بوسعيد من زوجها وصارت عنده في أعلى مكانة ويقال أنه لم تكن في تلك البلاد أحسن منها وصار لها في جميع الممالك الكلمة النافذة وكانت تركب في مركب حفل من الخواتين وتشد في وسطها السيف فلم تزل على علو منزلتها إلى أن مات بوسيعد فقتلت بعده وذلك في سنة 736هـ
 
@ وقال في ترجمة أربكوون

(أربكوون ويقال أرخان المغلي من ذرية جنكزخان كان أبوه مقتل فنشأ هذا جندياً في عمار الناس فلما مات أبو سعيد نهض الوزير محمد ابن رشيد الدولة فقال هذا الرجل من عظماء القان فبايعه العسكر وولّي السلطنة بعد القان بوسعيد فظلم وعسف وقتل الخاتون بغداد بنت جوبان زوج بوسعيد وكان علي باشاه بالجزيرة فلم يدخل في الطاعة وأخذ بغداد وأحضر موسى بن علي بن بايدو بن أبغابن هلاكو وسلطنه وعمل بين الفريقين مصاف فاستظهر ابن علي بابه وقتل الوزير صبراً في ثامن رمضان وقتل أريكون في شوال صبراً أيضاً وذلك في سنة 736 وكانت مدّة سلّطنته شهيرات خمسة أو ستة واستقر موسى الذي سلطنوه نحو ثلاثة أشهر.

24 - ديسمبر - 2010
هولاكو وبنوه
الحسن بن آقبغا بن الميكان    كن أول من يقيّم

قال الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة:
(الحسن بن آقبغا بن الميكان)
النوين الشيخ حسن بك حاكم العراق وهو والد أويس
وكان يقال له حسن الكبير تمييزا له عن حسن بن تمر تلش وكان حسن الكبير زوج خاتون بغداد بنت الجوبان فلم يزل بو سعيد إلى أن طلقها وأخذها منه قهرا وأبعده فلما مات بو سعيد عاد فملك بغداد وأقام بها وجرت له مع التتار حروب كثيرة ومع أولاد تمرتاش النصر فيها ثم أنه تزوج دلشاد بنت دمشق خواجا بن جوبان وهي ابنة أخي أمرته الأولى ووقع في ولايته على بغداد الغلاء المفرط حتى بيع الخبز بصنج الدراهم ونزح الناس عن بغداد وقام هو بالملك أحسن قيام ونشر العدل إلى أن تراجع الناس إليها ولما كان في سنة 749 توجه إلى تستر ليأخذ من أهلها قطيعة قررها عليهم فأخذها وعاد فوجد نوابه في بغداد قد وجدوا في رواق الغزر ببغداد ثلاثة قدور مثل قدور الهريسة طول كل جب منها نحو ذراعين ونصف والثلاثة مملوءة ذهباً مصرياً وصورياً ويوسفياً وفي بعض سكة الناصر البغدادي فيقال جاء وزن ذلك أربعين قنطاراً بالبغدادي ومات الشيخ حسن في سنة 757
 

24 - ديسمبر - 2010
هولاكو وبنوه
أحمد بن أويس    كن أول من يقيّم

قال الحافظ ابن حجر في إنباء الغمر:
أحمد بن أويس بن الشيخ حسن النوين بن حسين بن أقبغا بن أيلكان بن القان غياث الدين سلطان العراق كان مولده سنة..... وأول ما ولي إمرة البصرة من أخيه حسين، فلما اختلف الأمراء على حسين خرج من بغداد إلى تبريز فقدم أحمد بالجنود واغتال أخاه وقام بالسلطنة وذلك في صفر سنة أربع وثمانين، وقبض على أعيان الأمراء فقتلهم وأقام أولادهم، فثار عليه من بقي ببغداد مع أخيه شيخ على شاه زاده.
فآل الأمر إلى أن قتل واستبد أحمد فسار السيرة الجائرة وقتل في يوم واحد ثمانمائة نفس من الأعيان وانهمك في اللذات واتفق أن اللنك نازل شاه منصور صاحب شيراز وقتله وبعث برأسه إلى بغداد والتمس منهم ضرب السكة باسمه فلم يطعه أحد، فأخذ تبريز ولم يزل إلى أن نازل بغداد في شوال سنة خمس وتسعين، ففر منه بأهله وما يعز عليه من ماله، فلحقه عسكر اللنك بالحلة فهزموه ونهبوا ما معه وخربوا الحلة وقصد الشام، وأما اللنك فإنه أفقر أهل بغداد بالمصادرة ومات تحت عقوبته فوق الثلاثة آلاف.
 وأما أحمد فوصل إلى الرحبة واستأذن الظاهر في القدوم عليه، فأجابه بما يطيب خاطره وأمر النواب بإكرامه، وجهز له
الأمير أزدمر وصحبته ثلاثمائة ألف، وتلقاه المطبخ السلطاني فنصبت له الموائد، وركب الظاهر إلى لقائه، وذلك في صفر سنة ست وتسعين، ونزل له عن المسطبة، وأسرع أحمد لتقبيل يده فلم يوافق وعانقه وبكى وطيب خاطره وأجلسه معه على البساط بغير كرسي، ثم خلع عليه وأركبه فرساً، وسايره إلى أن وصل القلعة، فأرسله إلى بيت أعده له مطل على بركة الفيل، ثم أرسل له الظاهر بنحو عشرة آلاف دينار ومائتي قطعة قماش وعدة خيول وعشرين مملوكاً وعشرين جارية، ثم قدم ثقل أحمد ثم أحضره الظاهر دار العدل، ثم تجهز السلطان وسافر بالعساكر إلى حلب بعد أن تزوج أخت أحمد واسمها تندى ودخل بها في ربيع الآخر، ثم سار فدخل دمشق في العشرين من جمادى الأولى فأقام بها، وجهز أحمد بن أويس في أول شعبان ورسم له بجميع ما يحتاج إليه، فدخل بغداد في رمضان فوجد بها مسعود الخراساني من جهة اللنك ففر وأقام أحمد ببغداد، واستخدم جنوداً من العرب والتركمان، ووقع الوباء ببغداد، ففر أحمد إلى الحلة، وجرى على سيرته السيئة من سفك الدماء والجد في أخذ أموال الرعية، ولم يزل على ذلك إلى أن عاد اللنك طالباً الشام، ففر أحمد إلى قرا يوسف بن قرا محمّد بن بيرم خجا صاحب الموصل واستنجد به فسار معه، وكان أهل بغداد قد كرهوه فحاربوه وهزموهما معاً، فدخلا بلاد الشام واستأذنا أمير حلب وكان يومئذٍ دقماق من جهة الناصر فرج، ذلك في شوال سنة اثنتين وثمانمائة، فلم يأذن لهم فخرج لمحاربتهم فاقتتلوا قتالاً شديداً، فانهزم أهل حلب وأسر دقماق ففدى نفسه بمائة
ألف، فبلغ الناصر ذلك فغضب وأمر بتجهيز عساكر الشام فتوجهوا ففر قرا يوسف فأوقعوا بأحمد فكسروه ونهبوا ما معه وبعثوا بسيفه إلى الناصر، ثم قدم اللنك بلاد الشام وخربها في سنة ثلاث وخرج منها وكان أحمد حينئذ قد فر إلى بلاد الروم، وأرسل اللنك إلى بغداد عسكراً ثم تبعهم وحاصرها ثم أخذها عنوة ووضع السيف فيها، وذلك في شوال سنة ثلاث بعد رحيله من الشام ويقال إنه قتل من أهلها نحو مائتين وخمسين ألف نفس وبنى برؤوسهم مساطب وفارقها وهي خراب،
ولما بعد اللنك رجع أحمد إلى بغداد فأقام بها قليلاً فثار عليه ولده طاهر بن أحمد ففر منه وأتى إلى قرا يوسف فسار معه وقاتلا طاهر بالحلة فانهزم وغرق، ودخل أحمد بغداد ثم غدر أحمد بجماعة كانوا عنده من جهة قرا يوسف عدتهم خمسون نفساً من أعيان دولته، فغضب قرا يوسف وسار لمحاربة أحمد،فهرب ثم اختفى في بئر ببغداد، فأمر قرا يوسف بطم البئر، فطمت فما شكوا في هلاكه،
فاتفق أنه كان بها فرجة فخرج منها ومضى إلى تكريت ثم إلى حلب، وملك قرا يوسف بغداد فأرسل إليه اللنك ابن ابنه مرزا أبي بكر بن مرزا شاه بن اللنك ففر قرا يوسف، فنهبه الأعراب بالرحبة فقدم دمشق فأنزله نائبها شيخ، ثم قدم قرا يوسف في رجب سنة سبع ووافقه على سيره إلى مصر صحبة يشبك حتى كانت وقعة السعيدية ورجع الجميع منهزمين، فأفرج شيخ عن أحمد في شوال فتوجه إلى بغداد في سادس عشر ذي الحجة فملكها، وتوجه قرا يوسف إلى الموصل وكتب إلى أحمد فاجتمعا ونازلوا مرزا أبي بكر بالسلطانية، فقتل في آخر سنة ثمان وملك قرا يوسف تبريز ورجع أحمد إلى بغداد،
فاستأذنه قرا يوسف فيمن يقيمه في السلطنة، فأذن له بإقامة ولده بزق ففعل، وذلك في سنة إحدى عشرة،
 
فقدم مرزا شاه في طلب ثأر ولده فواقعه قرا يوسف فقتل، وغنم قرا يوسف جميع ما كان معه وهو شيء كثير فتقوى به واتفق في غضون ذلك أن أحمد لما تغلب على طباعه من الغدر مضى إلى تبريز فملكها، ونهب جميع ما وجده لقرا يوسف وولده، فرجع إليه وقاتله فانهزم منه، وذلك في ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة،
 
فلم يزل أحمد يتطلبه إلى أن ظفر به (أي: إلى أن ظفر قرا يوسف بأحمد)  فأكرمه، ثم سجنه ثم دس عليه من خنقه فمات في آخر يوم من ربيع الآخر،
 واستقرت قدم قرا يوسف في بغداد وتبريز وكان منه ما ذكر في ترجمته، وكان أحمد سفاكاً للدماء، متجاهراً بالقبائح وله مشاركة في عدة علوم كالنجوم والموسيقى، وله شعر كثير بالعربية وغيرها؛ وكتب الخط المنسوب، وكانت له شجاعة ودهاء وحيل ومحبة في أهل العلم.

24 - ديسمبر - 2010
هولاكو وبنوه
قرا يوسف    كن أول من يقيّم

 
ترجم له المقريزي في درر العقود (3/445 - 449) ترجمة مطولة ختمها بقوله (وكان من أقبح الملوك سيرة لظلمه وعتوه وقسوته وجرأته وقلة تمسكه بالشريعة حتى اشتهر عنه أن في عصمته أربعين امرأة وأنه لا يقام ببلده جمعة ولا جماعة، وقبض على كثير من قضاة بلاده وفقهائها وجدع آنافهم وأخرجهم منها، فقدم علينا منهم في القاهرة غير واحد وقد خربت بإيالته وإيالة أولاده مملكة عراقي العرب والعجم حتى خرجت عن التمدن وذهبت منها الحضارة لاسيما بغداد، وكأتي بها وقد جهلت كما جهلت مدينة بابل)
وقال الحافظ ابن حجر في (إنباء الغمر):
قرا يوسف بن محمد التركماني: كان في أول أمره من التركمان الرحالة، فتنقلت به الأحوال إلى أن استولى بعد تيمورلنك على عراق العرب والعجم ثم ملك تبريز وبغداد، وماردين وأذربيجان وديار بكر وما والاها. واتسعت مملكته حتى كان يركب في أربعين ألف نفس، ثم ملك الموصل سنة 791 ثم وقع بينه وبين مرز بن بكر بن مرز بن تيمور حرب، فقتله صاحب الترجمة في سنة 813 واستمد بملك العراق وسلطن ابنه محمد شاه ببغداد وله وقايع مع جماعة من الملوك منهم شاه رخ بن تيمور وكان شديد الظلم قاسي القلب لا يتمسك بدين واشتهر عنه أنه كان تحته أربعون امرأة وكان شجاعاً سفاكاً للدماء حتى أنه غزا إلى بعض البلدان، فدمر أهلها قتلاً وسبياً وبيع الصبي بدرهمين. ومات في القعدة سنة 823 ثلاث وعشرين وثمان مائة.
 وقال السخاوي في الضوء اللامع:
قرا يوسف بن قرا محمد بن بيرم خجا التركماني والد جهان شاه الماضي كان في أول أمره من التركمان الرحالة فتنقلت به الأحوال إلى أن استولى بعد اللنك على عراق العرب والعجم ثم ملك تبريز وبغداد وماردين وغيرها واتسعت مملكته حتى كان يركب في أربعين ألف نفس وكان نشأ مع والده الذي تغلب على الموصل وملكها بعد موته سنة إحدى وتسعين وسبعمائة وصار ينتمي لأحمد ابن أويس لتزوج أحمد بأخته ويكاتب صاحب مصر وأباه وينجد أحمد في مهماته ثم وقع بينهما بحيث قتل أحمد رسله فغزاه فهرب أحمد منه لدمشق فملك بغداد سنة خمس وثمانمائة فأرسل إليه اللنك عسكراً فهرب وقدم دمشق فلقي بها أحمد فتصالحا ثم توجه قرا يوسف مع يشبك ومن معه إلى القاهرة فلما كان من وقعة السعيدية سنة سبع وثمانمائة ما كان رجع وتوجه من دمشق في صفر سنة ثمان إلى الموصل ثم إلى تبريز ثم واقع مرزا بن بكر بن مرزاشاه بن اللنك فقتله في ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة واستبد بملك العراق وسلطن ابنه محمد شاه ببغداد بعد حصار عشرة أشهر، ثم ثار أهل بغداد وأشاعوا أن أحمد بن أويس حي فخرج محمد شاه من بغداد وكاتب أباه فما اتفق فرجع ودخل بغداد وفر آل أحمد إلى تستر ودخلها محمد شاه في جمادى الأولى سنة أربع عشرة، وفي غضون ذلك كانت لقرا يوسف مع أيدكي ومع شاه رخ ابن اللنك مع إبراهيم الدربندي وقائع ثم سار إلى محاربة قرايلك وكان بآمد ففر منه ثم تبعه ودامت الحرب مدة ثم حصر شاه رخ بتبريز فرجع قرا يوسف إليه وتبعه قرايلك فنهب سنجار ونهب قبل أهل الموصل وأوقع بالأكراد واختلف الحال بين شاه رخ وقرا يوسف حتى تصالحا وتصاهرا ثم انتقض الصلح سنة سبع عشرة وتحاربا وفي سنة عشرين طرق البلاد الحلبية ثم صالحه قرايلك ثم رجع يريد تبريز خوفاً من شاه رخ وفي التي تليها كانت بينه وبين قرايلك وقعات حتى فر قرايلك فقدم حلب وانتقل الناس من حلب خوفاً
من قرا يوسف وكان قد وصل إلى عينتاب وكتب إلى المؤيد يعتذر بأنه لم يدخل هذه البلاد إلا طلباً لقرايلك لكونه هجم على ماردين وهي من بلاد قرا يوسف فأفحش في الأسروالقتل والسبي بحيث بيع صغير بدرهمين وحرق المدينة فلما جاء قرا يوسف أحرق عنتاب وأخذ من أهلها مالاً كثيراً مصالحة وتوجه إلى البيرة فنهبها ثم بلغه أن ولده محمد شاه عصى عليه ببغداد فتوجه إليه وحصره واستصفى أمواله وعاد إلى تبريز فمات في ذي القعدة سنة ثلاث وعشرين وقام من بعده ابنة اسكندر بتبريز واستمر ابنه محمد شاه ببغداد، وكان قرا يوسف شديد الظلم قاسي القلب خربت في أيامه وأيام أولاده مملكة العراقين لا يتمسك بدين واشتهر عنه أن في عصمته أربعين امرأة. ذكره شيخنا في إنبائه
قال:
وتقدم كثير من أخباره في الحوادث، وذكره ابن خطيب الناصرية فقال:
صاحب أذربيجان وديار بكر وبغداد وماردين وما والاها كان أولاً مع أبيه فلما قتل كان من أمراء حلب وبعد ذلك عاث بمن معه من التركمان في بلاد حلب بالفساد ونهب القرى ثم توجه إلى إنطاكية ففعل بها نحو ذلك وعاقب الناس؛ وآل أمره إلى أن أمسك واعتقل بقلعة دمشق ثم أفرج عنه المؤيد قبل سلطنته وتوجه معه إلى الديار المصرية فانهزم الناصربعساكره فاستمر في إثرهم ولم يلبث أن قويت شوكة الناصر وانهزم المؤيد وقرأ يوسف إلى الشام وبعد ذلك توجه هذا إلى جهة الشرق فقاتل التتار بعد موت تمرلنك وكسرهم ثم وقع بينه وبين صاحب بغداد فانكسر صاحب بغداد وملك قرا يوسف بغداد وتبريز وماردين وما والاها من البلاد الجزرية وديار بكر واستمر بها وعظم شأنه وكثرت بلاده وكثرعسكره حتى مات، وكان أميراً كبيراً شجاعاً عارفاً ملك العراق وأذربيجان وغيرها من تلك البلاد وكانت بلاده آمنة الطرقات بين ملك البلاد ووطأته خفيفة على التجار بالنسبة لقرا يلوك وملك بعده ابنه اسكندر.
 
قلت أنا زهير: ولقرا يوسف أخبار مع صاحب شماخي إبراهيم و صاحب ماردين أحمد بن اسكندر، وقد ترجم السخاوي لهما فقال في ترجمة أحمد :
 

أحمد بن اسكندر بن صالح بن غازي بن قرا أرسلان بن أرتق بن أرسلان ابن ايلغازي بن البي بن تمرباش بن اليلغازي بن أرتق الملك الصالح شهاب الدين الأرتقي صاحب ماردين. نشأ في دولة ابن عمه الظاهر مجد الدين عيسى بن المظفر واختص به وززوجه

ابنته واستخلفه على ماردين غير مرة وآل أمره إلى أن رغب عنها لقرا يوسف بن قرا محمد بعشرة آلاف دينار وألف فرس وعشرة آلاف رأس غنم وزوجه ابنته وأعطاه الموصل فتوجه إليها فلم يقم سوى ثلاثة أيام. ومات هو والزوجة المشار إليها في سنة إحدى

عشرة ويقال إن قرا يوسف سمه وخلف أربعة أولاد محمد وأحمد ومحمود وعلي فأخرجهم قرا يوسف من الموصل وهو آخر الملوك من بني أرتق وماردين، وقد طول المقريزي في عقوده ترجمته.

 

وقال في ترجمة صاحب شماخي:

إبراهيم صاحب شماخي وتلك لنواحي قدم حلب صحبة تمرلنك لما دخل إلى البلاد الشامية في سنة ثلاث وثمانمائة ثم عاد إلى بلده واستمر حاكمها فلما ملك قرا يوسف توريز وما والاها جمع عساكره وتهيأ لقتاله فكانت الكسرة عليه ولكن بعد أن أمسكه قرا

يوسف ألطقه وأعطاه بلاده فتوجه إليها واستمر تحت طاعته حتى مات بعد سنة عشرين أو في حدودها. ذكره ابن خطيب الناصرية وكذا شيخنا في أنبائه لكن باختصار جداً

@ وقال في ترجمة ابنه خليل:

خليل بن إبراهيم صاحب شماخي وما والاها مما يزيد على ثلاثة آلاف كورة. أقام في المملكة نحو أربعين سنة بدون منازع، وصار من أجل ملوك الشرق وأحسنهم سيرة وأكثرهم سياسة وأحزمهم رأياً حتى قيل إن مراد بك بن محمد بك بن عثمان أوصاه على ابنه محمد متملك الروم الآن وأمر ولده أن لا يخرج عن طاعته ورأيه، وكان ديناً خيراً يحض أتباعه على إقامة الصلاة ولا يتظاهر في بلاده بفاحشة بل غالبهم من مريدي الشيخ علي الاردبيلي ولم يكن له سوى زوجة بل الظن أنه لم يتزوج غيرها وأما السراري فمائة، وكان مغرى بالصيد حتى ان له ألف مملوك برسم حمل الطيور بين يديه وعساكره زيادة على عشرين ألف مقاتل مات في سنة ثمان وستين؛ واستقر بعده في المملكة ابنه شروانشاه من زوجته المشار إليها.

@ وقال المقريزي في حوادث جمادى الأولى سنة 833:

وفي ثامنه: ورد كتاب اسكندر بن قرا يوسف، بأن شاه رخ عاد إلى بلاده وأنه هو رجع إلى توريز، وقصده أن يمشي بعد انقضاء الشتاء لمحاربة قرا يلك صاحب آمد.
وقدم كتاب مراد بن عثمان صاحب برصا بأنه هادن الفرنح ثلاث سنين. وقدم كتاب قرا يلك يسأل العفو عن ولده هابيل وإطلاقه.

24 - ديسمبر - 2010
هولاكو وبنوه
أبو يزيد الصاعقة    كن أول من يقيّم

أبو يزيد الصاعقة جد محمد الفاتح  أورد ترجمته هنا لصلتها بهذه الأحداث، وهو الذي أسره تيمور لنك وخرّب بلاده، قال المقريزي في ترجمته: ( وكان ملكاً عادلاً عاقلاً شفوقاً على الرعية كثير الغزو واتسعت مملكته وأمن الناس في بلاده وخفف عنهم المكس

بل يقال أنه أبطله إلى أن كان كسره على يد تمرلنك وأسره وأخذ برصا وبعض بلاد الروم وخربها واستمر معه في الأسر حتى مات في ذي القعدة سنة خمس عن نحو خمسين سنة كان تسع سنين منها في المملكة واضطربت بموته مملكة الروم حتى قام بالأمر ابنه محمد كرشجي ثم مات فاستقر بعده حفيده مراد باك ثم بعد موته وقع الخلف بين أولاده وكلهم من خيار ملوك الدنيا ومن محاسن الزمان وسياج للإسلام قديماً وحديثاً، وقد طول ابن خطيب الناصرية وغيره ترجمته وكذا شيخنا في حوادث سنة خمس من أنبائه)

وأخباره مع قرا يوسف وتيمور لنك في بغداد طويلة جدا، انظرها في إنباء الغمر للحافظ ابن حجر في حوادث  سنة (805) وهذا ملخصها قال: (فلما رجع تمرلنك في سنة ثلاث من البلاد الشامية إلى جهة الشرق ثم عرج على بغداد عاد إلى جهة الروم فوصل إليها في أواخر السنة الماضية وأرسل إلى صاحب ماردين يأمره بالحضور إليه فلم يكن له بد من موافقته فتوجه إليه وراسل أبا يزيد في الصلح على عادته في المكر والدهاء... فلم يجبه إلى الصلح ورحل بعسكره إلى جهة تمرلنك ليطرده ... فلاقاهم أولئك على الفور فقتل منهم مقتلة عظيمة، ثم عدا إلى القسطنطينية ومعه أكثر العسكر،وأحاط التمرية ببقية العسكر وفيهم أبوه
فأسروه وأتوا به إلى تمر وتفرقت العساكر شذر مذر، وخاض التمرية في بلاد الروم فأفسدوا ونهبوا وأحرقوا عدة قرى وأقاموا بالروم أربعة أشهر في الإفساد، ومات أبو يزيد بن مراد بن أردخان بن عثمان في أسر تمرلنك وكان مطلقاً فأدركه أجله إما من القهر أو من غيره، وفرق تمر ممالكه على من كانت بيده قبل انتزاع ابن عثمان لها منهم، ورجع تمرلنك إلى بلاده في شعبان من السنة بعد أن صنعوا في الروم نحو ما صنعوا في الشام،

فمات السلطان محمود خان وكان تمر يدبر مملكته والاسم والفعل لهم وهو من ذرية جنكيز خان وكان حضر واقعة الشام مع تمر.
ولما مات أبو يزيد ترك من الأولاد سليمان ومحمداً وموسى وعيسى فاستقل بالملك سليمان وسار على طريقة أبيه، ثم ثار عليه أخوه عيسى فقتل ثم ثار أخوه موسى فغلب وقتل سليمان ثم ثار محمّد فقتل موسى، واستقل محمّد بالملك إلى أن مات وقام بعده ولده مراد بن محمّد بن أبي يزيد بن عثمان.
وكان السبب في قصد اللنك بلاد ابن عثمان أن أحمد بن أويس وقرا يوسف كانا قد فرا إليه فأجارهما فراسله اللنك بعد أن غلب على بغداد فيهما فامتنع فجعل ذلك ذريعة إلى
قتاله فتوجه إليه، فكان أول ما ملك اللنك قلعة كماخي وكانت في غاية الحصانة ثم راسل التتار الترك بالروم
ومتّ إليهم بالجنسية ومناهم ووعدهم فوعدوه بالمعاونة ... واستمر اللنك سائراً لا يرده أحد عن قرية ولا بلد ... وكان ملتقاهم بمدينة أنقرة، فسار سليمان بن أبي يزيد بن عثمان بمن معه إلى جهة الساحل وركبوا البحر إلى القسطنطينية، وقبض على أبيه ابن عثمان فأحضر بين يدي اللنك فلامه وعنفه واستمر معه في الأسر وكانت الوقعة في ذي الحجة من هذه السنة.

24 - ديسمبر - 2010
هولاكو وبنوه
أصبهان ابن قرا يوسف    كن أول من يقيّم

 

وقال الحافظ ابن حجر في إنبائه في حوادث سنة 836:
وفيها انتزع أصبهان ابن قرا يوسف بغداد من مراد بن محمد فبعث أربعين رجلاً في زي القلندرية وقرر معهم أن يقتلوا البوابين ويفتحوا له الباب في يوم معين ففعلوا ففر محمد، ثم استولى أصبهان على بغداد فسار فيها أفحش سيرة - ولله الأمر.
@ وقال السخاوي في ترجمة أمير زاه

أمير زاه بن محمد بن شاه أحمد بن قرا يوسف؛ مات في ذي القعدة سنة إحدى وسبعين بمسكنه في باب الوزير من القاهرة وقد زاد على الثلاثين وشهد السلطان الصلاة عليه؛ وكان قد أحضره حواشي أبيه من العراق في صغره أيام الظاهر جقمق خوفاً عليه من عمه أصبهان بن قرا يوسف متملك بغداد فأقام كآحاد أبناء الأمراء إلى الآن.

@ وقال المقريزي في درر العقودالفريدة (3/ 297) في ترجمة قاضي قضاة الموصل محمد بن طاهر شمس الدين ابن يونس: (برع في الفقه والتفسير وغير ذلك وصنف تفسير القرآن في مجلدين واستقل بقضاء الموصل هو ةآباؤه من قبله سنين كثيرة وكثر ماله وحمدت سيرته إلى أن ثار أصبهان بن قرا يوسف وعاث بتلك البلاد، فلما أخذ الموصل عذب هذا القاضي في مصادرته أشد العذاب حتى هلك في العقوبة سنة 833 فخربت بعده الموصل ونزح أهلها وصارت منزلا للغربان بعد التمدن المشهور)

 

24 - ديسمبر - 2010
هولاكو وبنوه
خراب الموصل    كن أول من يقيّم

قال السخاوي في الضوء اللامع:
محمد بن طاهر بن قاضي القضاة الشمس بن يونس الشافعي. برع في الفقه والتفسير وغيرهما وعمر تفسيراً في مجلدين، وولي قضاء الموصل كآبائه من قبله سنين وتمول وفخم وحمدت سيرته إلى أن ثار أصبهان بن قرا يوسف وعاث بتلك البلاد فلما أخذ الموصل عذبه حتى هلك في العقوبة سنة ثلاث وثلاثين وخربت بعده ونزح عنها أهلها وصارت منزلاً للعربان، ذكره المقريزي في عقوده.

24 - ديسمبر - 2010
هولاكو وبنوه
 485  486  487  488  489