البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات زهير ظاظا

 484  485  486  487  488 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
حوادث سنة 701 في تاريخ أبي الفداء    كن أول من يقيّم

قال أبو الفداء(672 -732) وقد عاصر الحرب على الصعيد:
ثم دخلت سنة إحدى وسبعمائة.
ذكر وفاة الخليفة
وفي هذه السنة توفي أبو العباس أحمد، الملقب بالحاكم بأمر الله، المنصوب في الخلافة، وقد تقدم ذكر ولايته ونسبه في سنة ستين وستمائة، والخلاف في ذلك، ولما توفي الحاكم المذكور،
قرر في الخلافة بعده ولده سليمان بن أحمد، وكنيته أبو الربيع، ولقب بالمستكفي بالله.
ذكر الإغارة على بلاد سيس
وفي هذه السنة جرد من مصر بدر الدين بكتاش أمير سلاح، وأيبك الخزندار معهما العساكر، فساروا إلى حماة، وورد الأمر إلى زين الدين كتبغا نائب السلطنة بحماة، أن يسير بالعساكر إلى بلاد سيس، فخرج كتبغا المذكور من حماة، وخرجنا صحبته في يوم السبت الخامس والعشرين من شوال في هذه السنة، الموافق للثالث والعشرين من حزيران من شهور الروم، وسار العسكر صحبة زين الدين المذكور، ودخلنا حلب يوم الخميس مستهل ذي العقدة، ورحلنا من حلب ثالث ذي القعدة، ودخلنا دربند بغراس سابع القعدة من الشهر المذكور، وانتشرت العساكر في بلاد سيس، فحرقت الزروع ونهبت ما وجدت، ونزلنا على سيس وزحفنا عليها وأخذنا من سفح قلعتها شيئاً كثيراً من جفال الأرمن، وعدنا فخرجنا من الدربند إلى مرج أنطاكية، ووصلنا إلى حلب يوم الاثنين تاسع عشر ذي القعدة من هذه السنة، وسرنا إلى حماة ودخلناها يوم الثلاثاء السابع والعشرين من الشهر المذكور، الموافق للرابع والعشرين من تموز من شهور الروم، ودخل زين الدين كتبغا المذكور حماة وقد ابتدأ به المرض.
ذكر غير ذلك من الحوادث
في هذه السنة مات قبجي بن ردنو بن دوشي خان بن جنكزخان، صاحب غزنة وباميان وغيرهما من تلك النواحي، وخلف من الأولاد بيان، وكبلك، وطقطمر، وبغاتمر، ومنغطاي، وصاصي. فاختلفوا بعده واقتتلوا، ثم انتصر فيما بعد بيان بن قنجي واستقر
ملك غزنة على ما سنذكره.
وفيها توفي صاحب مكة الشريف أبو نمي محمد بن أبي سعد بن علي بن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم بن عيسى بن حسين بن سليمان بن علي ابن الحسين بن علي رضي الله عنهم، واختلفت أولاده وهم: رميثة، وحميضة، وأبو الغيث، وعطيفة. وتغلب رميثة وحميضة على مكة، شرفها الله تعالى، ثم قبض بيبرس الجاشنكير على رميثة وحميضة في هذه السنة، وكان قد حج وتولى أبو الغيث على مكة، ثم بعد سنين أطلق حميضة ورميثة فغلبا على مكة، وهرب عنها أبو الغيث، ثم اقتتل حميضة ورميثة، فانتصر حميضة واستقر في مكة حرسها الله تعالى، ثم كان منه ما سنذكره إن شاء الله تعالى. ثم دخلت سنة اثنتين وسبعمائة.

23 - ديسمبر - 2010
حوادث جمادى الثانية 701هـ
سيرة ابن قلاوون في الوافي للصفدي    كن أول من يقيّم

أما سيرة الناصر ابن قلاوون في (الوافي) للصفدي فهي من أطول سير الكتاب، إلا أني أكتفي هنا بما حكاه من حوادث سنة 701 قال:
وفي جمادى الأولى سنة إحدى وسبع مائة توفي أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد العباسي ودفن عند الست نفيسة وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى في الأحمدين، وتولى الخلافة أمير المؤمنين المستكفي بالله أبو الربيع سليمان بولاية العهد إليه من والده الحاكم، وقرئ تقليده بعد عزاء والده وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى في حرف السين في مكانه.
وفي سنة اثنتين وسبع مائة فتحت جزيرة أرواد وهي بقرب انطرسوس ..إلخ

24 - ديسمبر - 2010
حوادث جمادى الثانية 701هـ
أبغا ابن هولاكو    كن أول من يقيّم

 أبغا ملك التتار ابن هولاكو: (ترجم له الصفدي في الوافي قال):
ابن هولاكو: أبغا ويقال أباقا بن هولاكو ملك التتار وصاحب العراق والجزيرة وخراسان وأذربيجان، مات بنواحي همذان بين العيدين سنة ثمانين وست مائة وله نحو خمسين سنة، كان مقداماً شجاعاً عالي الهمة لم يكن في إخوته مثله وهو على دين التتار لم يسلم وكان ذا رأي وخبرة بالحروب، لما توجه أخوه منكوتمر إلى الشام بالعساكر لم يكن ذلك بتحريضه بل أشير عليه فوافق، وكان سفاكاً قتل في الروم خلقاً كثيراً لكونهم دخلوا في طاعة الملك الظاهر بيبرس الصالح وقد نفذ الظاهر إليه رسله وهدية وحضروا بين يديه وعليه قباء نفظي وسراقوج بنفسجي وزوجة أبيه الجى خاتون وقد تزوج بها كهلةً إلى جانبه، قال ابن الكازروني: توفي في العشرين من ذي الحجة وكانت أيامه سبع عشرة سنة وثمانية أشهر،
ولما جهز أخاه منكوتمر نزل في جماعة من خواصه بالقرب من الرحبة لينتظر ما يكون فلما تحقق الكسرة رجع على عقبه إلى همذان فمات هماً وكمداً ومات بعده بيومين أخوه آجاي.

24 - ديسمبر - 2010
هولاكو وبنوه
أحمد ابن هولاكو    كن أول من يقيّم

ترجم له الصفدي في الوافي فقال:
ملك التتار: أحمد بن هولاكو بن تولي قان بن جنكزخان ملك التتار. كان ملكاً شهماً خبيراً بأمور الرّعايا سالكاً أحسن المسالك لا يصدر عنه إلا ما يوافق الشريعة النبوية يعتمد عليها وينقاد إليها في جميع حركاته بطريق الشيخ عبد الرحمن؛ فإنّه كان قد أقبل عليه وامتثل ما يأمره به وكان يأمره بمصالحة المسلمين والدخول في طاعتهم والعمل على مراضيهم وأن يكونوا كلهم شيئاً واحداً. ولم يزل عليه إلى أن أجاب إلى مصالحة الملك المنصور سيف الدين قلاوون وكتب على يد الشيخ عبد الرحمن كتباً بديعة دالّة على دخوله في الإسلام واتباعه أوامر الله تعالى في الحلال والحرام. وتوجه بها الشيخ فلما وصل الشام بلغة وفاة أحمد بن هولاكو فبطل ما كان جاء به ووقع أجرهما على الله تعالى وبقي الشيخ بعده مدة يسيرة وتوفي، وسيأتي ذكره في مكانه من حرف العين.
ولما مات أبغا تعصب جماعة لأحمد وكان اسمه بكرار واسم أمه قبوخاتون نصرانية، وما هان على بعض المغل لأنّه ادّعى أنّه مسلم وحضر أخوه قنغرطاي وقال لأرغون: إن أبغا شرط في الياسة أنه إذا مات ما يقعد عوضه الأكبر ومن خالف يموت. وكتبوا إلى  ليحضروا ويكتبوا خطوطهم بالرضى بملك أحمد فقالوا: إن قدرتهم قد ضغفت ورجالهم قتلوا وإن المسلمين كلما لهم في قوة وأنه لا حيلة في هذا الوقت أتمّ من إظهار الإسلام والتقرب إلى السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون؛ وكان بين أرغون ابن أبغا وبين السلطان عداوة شديدة فسيّر أحمد عسكراً نحو أرغون مقدار أحد عشر ألف فارس وقدم عليهم علي ناق أحد خواصّه، فقصدوا أرغون ونزلوا قريباً منه، فركب أرغون وكبسهم فقتل منهم ألفي فارس وبلغ ذلك أحمد فركب في أربعين ألفاً وقصد جهة خراسان فالتقى هو وأرغون وقتل من عسكر أرغون أكثر من النصف وضربت البشائر في بلاد العجم، وأمسك خمسةً من الأمراء في المصافّ وقررهم فاعترفوا أنّ أرغون طلب العبور إلى
إيلجان فمنعه جماعة من أصحاب الملك أحمد فأمسك اثني عشر أميراً من كبار المغل الملوك وقيدهم، فعند ذلك قام المغل عليه وجاهروه، فهرب ثم أخذ وأحضر إلى أرغون فقتله، واستبد أرغون بالملك. وقيل في كيفية قتله غير ذلك، وكان قتله سنة ثلاث وثمانين وستمائة.

24 - ديسمبر - 2010
هولاكو وبنوه
سفير أحمد ابن هولاكو    كن أول من يقيّم

قال الصفدي في الوافي في ترجمة رسول أحمد إلى الملك المنصور قلاوون:
عبد الرحمن الشيخ رسول أحمد بن هولاكو عبد الرحمن الشيخ، رسول الملك أحمد بن هولاكو. كن من مماليك الخليفة المستعصم وكان اسمه قراجا، فلما أخذت بغداذ تزهد واتصل بالملك أحمد وعظم عنده إلى أن كان ينزل إلى زيارته، وإذا شاهده ترجل وقبل يده وامتثل جميع ما يأمره به، فأشار عليه أن يتفق مع الملك المنصور فندبه لذلك، وسير في خدمته جماعة كثيرة من المغل، فحضر إلى دمشق في ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين وست مائة، وأقام بمن معه في دار رضوان ورتب لهم من الإقامات ما لا مزيد عليه ، وقدم السلطان الشام فعند وصوله بلغه قتل أحمد وتملك أرغون، فاستحضر الشيخ عبد الرحمن ليلاً بالقلعة وسمع رسالته ثم أخبره بقتل مرسله، وعاد السلطان إلى مصر وبقي عبد الرحمن ومن معه معتقلين بالقلعة، واختصر أكثر تلك الرواتب، فلما كان في آخر شهر رمضان سنة ثلاث وثمانين وست مائة توفي الشيخ عبد الرحمن ودفن بسفح قاسيون وقد نيف على الستين، وبقي من معه على حالهم وتطاول بهم الاعتقال وضاق بهم الحال في المطعم والملبس، فنظم النجم يحيى شعراً وبعث به إلى ملك الأمراء حسام الدين لاجين منه:
أولـى  بسجنك أن يحيط iiوتقتفي صـيـد  الملوك وأفخر iiالعظماء
مـا قـدر فـراش وحـداد iiونق اط وخـربـنـدا إلـى iiسـقـاء
خـدمـوا  رسولاً ما لهم علم iiبما يـخـفـى وما يبدي من iiالأشياء
لـم يـتبعوا الشيخ الرسول iiديانة وطـلاب  عـلـم واغتنام iiدعاء
بـل رغبة في نيل ما يتصدق iiال سـلـطان من كرم وفيض iiعطاء
ويـؤمـلـون  فواضلاً تأتيه iiمن لـحـم وفـاكـهـة ومن iiحلواء
تفروا  من الكفار والتجأوا إلى iiال إسـلام واتـبـعـوا سبيل iiنجاء
فـيـقـابـلون بطول سجن iiدائم وتـحـسـر ومـجـاعة iiوعناء
أخـبـارهـم  مـقطوعة iiفكأنهم مـوتـى وهم في صورة iiالأحياء
إن كان خيراً قد مضى أو كان ش راً قـد أمـنـت عواقب الأسواء
وإذا قـطعت الرأس من بشر iiفلا تـحـفل  بما يبقى من iiالأعضاء
فلما وقف عليها أطلق أكثرهم وبقي منهم ثلاثة، قيل إن صاحب ماردين أشار بإبقائهم في الاعتقال. وكانت مقاصد الشيخ عبد الرحمن جيدة وباطنه وظاهره منصرف إلى نصرة الإسلام واجتماع الكلمة، وله سفرات عديدة إلى مصر والشام والحجاز. ولما قدم في الرسلية كانوا يسيرون به في الليل وينزلون به في النهار.
قال الشيخ شمس الدين: وكان يعرف السحر والسيمياء. رأيت في تاريخ أنه كان رومياً من فراشي السدة، وأخذ من الدور وقت الكائنة جوهراً نفيساً، وأسر فسلم له الجوهر، ثم صار من فراشي القان، ثم تزهد وتنمش وطمر الجوهر، وصار إلى الموصل فاتصل بعز الدين أيبك، أحد نواب القان، وكان مهوساً بالكيمياء، فربطه وصار معه إلى أبغا ودخل إليه فقال: رأيت في النوم في مكان كذا وكذا جوهراً مدفوناً فبعث معه جماعة فقال لهم:
احفروا هنا، فوجدوا ذلك فخضع له أبغا ثم ربطه بأمر الجن. ثم إنه عمل خاتمين نفيسين على هيئة واحدة فأظهر الواحد وأعطاه لأبغا ففرح والشعبذة به، فقال له: إن رميته في البحر أنا أخرجه فرماه، فقال له: اصبر إلى غد ثم عمل هيئة سمكة خشب مجوفة وملأها ملحاً مع الخاتم الآخر، وقال: هذه تأتي بالخاتم، ورماها في البحر فغرقت، فما تحلل الملح طفت وفح أبغا فمها فإذا الخاتم فانبهر واعتقد فيه وخضع له الملك أحمد أيضاً.

24 - ديسمبر - 2010
هولاكو وبنوه
أرغون بن أبغا بن هولاكو    كن أول من يقيّم

ترجم له الصفدي فقال:
أرغون بن أبغا بن هولاكو بن تولي بن جنكزخان ملك التتار وصاحب العراق وخراسان وغير ذلك. جلس على تخت الملك بعد قتل عمّه الملك أحمد، وقد تقدم ذكره؛ وكان شهماً شجاعاً مقداماً كافر النفس سفّاك الدماء ذا هيبة وجبروت، وكان مليح الصورة وهو أبو غازان وخربندا الملكين. حكى عز الدين حسن الطبيب أنه سمع العماد بن الخوام الحاسب ببغداذ يقول: شاهدت أرغون بن أبغا وقد صفوا له ثلاثة أفراس فوقف راجلاً عند أولها وطفر في الهواء ركب الثالث منها ولم يتشبّث بشيء من الفرسين. وكان وزيره سعد الدولة =اليهودي= قد استولى على عقله يصرّفه كيف أراد ويحكم في دولته تحكماً زائداً.
وهلك أرغون في سنة تسعين وستمائة في سابع ربيع الأول. فيقال إنه سقي السم ولم يصحّ فاتهم المغل اليهود بقتله، ونصّوا على سعد الدولة ومالوا على اليهود قتلاً ونهباً وورد الخبر بموت أرغون والملك الأشرف صلاح الدين خليل ابن الملك المنصور قلاوون على عكّا، فكان عام الدّمار على اليهود والنصارى. واختلف المغل بعد موته فمالت طائفة إلى بيدرا ولم يوافقوا على كيختو فرحل كيختو إلى الروم وكان جلوسه على التخت ثلاثة أيام.
وقال في ترجمة (كيختو) 

 

كيختو ابن هولاكو - بكاف بعدها ياء آخر الحروف وخاء معجمة وتاء ثالثة الحروف وواو – ابن هولاكو ملك التتار: تسلطن بعد هلاك أرغون ابن أخيه ابغا سنة تسعين وستمائة، وأقام بالروم مدة، ومالت طائفة إلى أخيه بيدو فملكوه، وجرى بينهم خلف، ثم قوي بيدو وملك العراق وخراسان وقاد الجيوش وجبى الأموال. وسار كل منهما لقصد الآخر، فالتقيا وقتل كيختو سنة ثلاث وتسعين وستمائة، واحتوى بيده على الأمر. لكن خرج عليه قازان بن أرغون وكان متلسماً ثغر خراسان عاصياً على الرجلين. فلما بلغه قتل كيختو، جمع الجيوش وطلب الملك. وكان كيختو له ميل إلى الإسلام وإحسان إلى الفقراء بخلاف أخيه بيدو، فإنه كان يميل إلى النصارى، وقيل: إنه تنصر، والله أعلم

@

وقال المقريزي في حوادث سنة أربع وتسعين وستمائة

في المحرم: ورد الخبر بأن كيختو بن أبغا بن هولاكو، الذي تسلطن بعد أخيه أرغون في سنة تسعين، قتل في سنة ثلاث وتسعين. وملك بعده ابن عمه بيدو، وهو ابن طرغاي بن هولاكو، فخرج عليه غازان بن أرغون بن أبغا نائب خراسان، وكسره وأخذ الملك منه، ويقال إنه أسلم على يد الشيخ صدر الدين بن حمويه الجويني.

 

24 - ديسمبر - 2010
هولاكو وبنوه
محمد بن أرغون    كن أول من يقيّم

قال الصفدي:
محمد بن أرغون بن أبغا ابن هولاكو بن تولي بن جنكز خان المغلي، القان غياث الدين خدابندا، معناه بالعربي عبد الله وإنما الناس غيروه فقالوا خربندا، صاحب العراق وأذربيجان وخراسان.
ملك بعد أخيه غازان، وتقدم ذكره، وكانت دولته ثلاث عشرة سنة.
كان شاباً مليحاً، حسن الوجه صبيحاً، لكن شانه العور قليلاً، وما شان ذلك من حاز وجهاً جميلا.
وكان جواداً لا يلحقه في حلبة الكرم جواد، سمحاً تمحو أياديه البيض ما في الدياجي من السواد، محباً للعماره، معرضاً عما يتعلق بالمملكة والإمارة، قد استغرق في اللعب، وأعرض عما يجده الجاد التعب، لعب بعقله الروافض فرفضوه، وأجابهم إلى ذلك لما دعوه
إلى الضلالة وفاوضوه.
فيا له من عمل صالح         يرفعه الله إلى أسفل
ولم يزل في عيشه لا يرد فيضه، إلى أن فارق الحياة بهيضه.
وتوفي في شهر رمضان سنة ست عشرة وسبع مئة، ودفن بسلطانية. وسلطانية بلده أنشأها ورسم بعمارتها، وتوفي بقوص من أبناء الأربعين.
وكان قد حضر إلى الرحبة، وحاصرها في شهر رمضان سنة اثنتي عشرة وسبع مئة، وأخذها بالأمان، وعفا عن أهلها، ولم يسفك فيها دماً وبات بها، فما أصبح ليلة الأربعاء الخامس والعشرين من شهر رمضان المذكور، وترك لأهل الرحبة أشياء كثيرة من أثقال
مجانيق وغيرها. وكان معه يومئذ قراسنقر والأفرام وسليمان بن مهنا، وذكرت في ترجمة جوبان ما اعتمده في أهل الرحبة من الخير في هذه الوقعة، وكان أهل الرحبة، قد حلفوا لخربندا، فلما ارتحل عنها، واستقر الأمر، التمس قاضيها، ونائبها وطائفة حلفت له من السلطان عزلهم فعزلهم لمكان اليمين من خربندا.
وكان مسلماً فما زال به الإمامية حتى رفضوه وغير شعار الخطبة، وأسقط منها ذكر الخلفاء سوى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وصمم أهل باب الأزج عليه وخالفوه، فما أعجبه ذلك، وتنمر، ورسم بإباحة دمائهم وأموالهم، فعوجل بعد يومين بهيضة مزعجة،
داواه فيها الرشيد بمسهل منظف فخارت قواه.
وكان قبل موته قد رجع عن التشيع، وقال بقول أهل السنة.
وفي رحيله عن الرحبة يقول علاء الدين الوداعي، ومن خطه نقلت:
ما فر خربندا عن الرحبة ال عـظـمى إلى أوطانه iiشوقا
بـل  خـاف من مالكها iiأنه يـلـبـسه  من سيفه iiطوقا
ولما تشيع السلطان خربندا قال جمال الدين إبراهيم بن الحسام المقدم ذكره يمدحه:
أهدي  إلى ملك الملوك iiدعائي وأخـصـه بـمدائحي iiوثنائي
وإذا  الورى والوا ملوكاً iiغيره جـهـلاً ففيه عقيدتي iiوولائي
هـذا  خـدابـندا محمد iiالذي سـاد  الـمـلوك بدولة iiغراء
مـلك البسيطة والذي دانت iiله أكـنـافـها طوعاً بغير iiغناء
أغـنتك  هيبتك التي iiأعطيتها عـن صارم أو صعدة iiسمراء
ولـقد لبست من الشجاعة iiحلةً تـغنيك عن جيش ورفع iiلواء
مـلأ الـبسيطة رحبةً iiومهابةً فـالـناس  بين مخافة iiورجاء
من حوله عصب كآساد الشرى لا  يـرهبون الموت يوم iiلقاء
وإذا ركبت سرى أمامك iiللعدى رعـب يـقلقل أنفس iiالأعداء
ولـقد  نشرت العدل حتى iiإنه قـد عم في الأموات iiوالأحياء
فـليهن  ديناً، أنت iiتنصرملكه وطـبـيبه الداري بحسم iiالداء
نـبهته  بعد الخمول فأصبحت تـعـلـو بهمته عن iiالجوزاء
وبـسطت  فيه بذكر آل iiمحمد فـوق الـمنابر ألسن iiالخطباء
وغدت دراهمك الشريفة iiنقشها بـاسـم الـنبي وسيد iiالخلفاء
ونـقـشت  أسماء الأئمة iiبعده أحـسن بذاك النقش iiوالأسماء
ولقد  حفظت عن النبي iiوصيةً ورفـعـت قرباه على iiالغرباء
فـابشر  بها يوم المعاد iiذخيرةً يـجزيكها الرحمن خير iiجزاء
يـابن الأكاسرة الملوك iiتقدموا وورثـت  مـلكهم وكل iiعلاء
ولما رجع عن الترفض وتسنن، وكتب على الدراهم والدنانير الشهادتين وأسماء الصحابة، قال بعض الشعراء في ذلك:
رأيـت  لـخربندا اللعين iiدراهماً يـشـابهها  في خفة الوزن iiعقله
عليها اسم خير المرسلين وصحبه لـقـد رابـنـي هذا التسنن iiكله

24 - ديسمبر - 2010
هولاكو وبنوه
غازان    كن أول من يقيّم

قال الصفدي
 
غازان بن أرغون بن أبغا ابن هولاكو بن تولى بن جنكزخان، السلطان الكبير والقان الجليل إيلخان، معز الدين.
كان من أجل ملوك هذا البيت وأعظم من ركب ظهر أدهم أو امتطى صهوة كميت.
حزء أعظم من كلهم، وواحد في موازنة جلهم، رابط الجأش، ضابط السياسة والانتعاش، خبيراً بالحروب وتدبيرها، وهلاك أعاديه وتدميرها.
وكان أشقر ربعة خفيف العارضين واللحيه، غليظ الرقبة، كبير الوجه، عليه من المهابة حلية وأي حليه:
يـمد يديه في المفاضة iiضيغم وعينيه من تحت التريكة أرقم
لما ملك أخذ نفسه في الملك مأخذ جنكزخان، ودوخ البلاد والأقطار وأخذ من أدى الأمانة ومن خان. وكان لا يعف عن الأموال ويعف عن الدماء، ويود لعلو همته أن يملك ما تحت السماء.
وكان يؤثر أن يظهر العدل عنه، ويود لو تمكن منه، ولذلك تسمى "محمود"، يريد به نورالدين الشهيد. وينتمي إلى تقليد أفعاله في القريب والبعيد، فما تمسك من ذلك إلا بأقصر سبب، وحكى ولكن فاته الشنب. هذا في بلاد أذربيجان والعراق، وما ضرب فيه له
خام أو امتد رواق، وأما الشام فإنه مني من مغوله بالداء العضال، ورمي من جباريهم بما يرمى به الغرض من النبال في النضال، وسلم الله منهم بعض السلامة، ولطف بأهله إلا من أسروه فما سروه أو جرعوه حمامه. ولكن لما عادوا في الواقعة الثانية أخذ الله بالثأر لنا "فهل ترى لهم من باقية":
وإن كـان أعجبكم iiعامكم فعودا إلى حمص في iiقابل
فإن الحسام الخضيب الذي قـتـلتم  به في يد iiالقاتل
والذي أعتقده أنه من حين ظهر جنكزخان ما جرى للمغول بعد واقعة عين جالوت ولا إلى يومنا مثل واقعة شقحب، كادت تأتي على نوعهم فناء، فإن الموت أهل بهم ورحب، وما نجا منهم إلا من حصنه الأجل، أو اختار الأسر لما وجد من الوجل.
ولم يزل غازان على حاله إلى أن =وقع و= وصلت إليه يد سواءٌ عندها البازي الأشهب والغراب الأبقع.
وتوفي في ثاني عشر شوال سنة ثلاث وسبع مئة، ببلاد قزوين، وحمل إلى تربة ب "شم" ظاهر توريز، والعوام يسمون هذا المكان: الشام، وهي تربة اشتملت على عمارة جليلة.
وظاهر توريز يشتمل على ثلاث مدارس: للشافعية وللحنفية  وللحكماء، وعلى مارستان وجامع وخانقاه، ورصد للكواكب، وخزائن للكتب، ودار مضيف، وأوقاف ذلك تغل في السنة نحو مئة ألف دينار رائج، والرائج ستة دراهم، والدرهم نصف وربع كاملي. وكان النظر في ذلك للخواجا رشيد وأولاده.
واختلفت أخباره على البلاد الإسلامية، وخبط القصاد فيها تخبيطاً كبيراً. واشتهر أخيراً أنه سم في منديل تمسح به بعد الجماع، فتعلل مدة ومات. 
وكان الشيخ علاء الدين الوادعي -المقدم ذكره- تلك المدة في البيرة، فكتب مطالعة عن نائبها إلى السلطان الملك الناصر محمد، وكتب فيها:
قـد  مـات قازان بلا iiمريةٍ ولم يمت في الحجج الماضيه
بـل شنعوا عن موته iiفانثنى حـيـا ولـكن هذه iiالقاضيه
فكتب الجواب إلى الأمير سيف الدين طوغان نائب البيرة شيخنا العلامة شهاب الدين أبو الثناء محمود -رحمه الله تعالى-: ووقفنا على البيتين اللذين نظما في وصف حال قازان، وتحقق موته بعد اختلاف الأخبار فيه، والجواب عنهما:
مات من الرعب وإن لم تكن بـمـوتـه  أسيافنا iiراضيه
وإن  يـفـتـهـا فأخوه iiإذا رأى ظـباها كانت iiالقاضيه
وللوادعي -رحمه الله تعالى- في موت قازان عدة مقاطيع منها ما نقلته من خطه:
لـقـد مات قازان فويل iiمنافق يـكـابر  فيه بالخديعة iiوالمكر
ولـم  يبق إلا أن يجيء iiبنفسه ويحلف أني قد شبعت من القبر
ونقلت منه أيضاً له:
وكـم  يـجـعل القصاد حياً iiوميتاً قـزانـاً  وأوحتهم شياطينهم iiوحيا
إلى أن قضى نحباً وصار إلى لظى وأصـبـح فيها لا يموت ولا iiيحيا
ونقلت منه أيضاً له مضمناً:
قـد  قال غازان يا للمسلمين لقد ثارت بقصادكم بين الورى الفتن
كـم قد نعيت وكم قد مت عندكم ثم  انتفضت فزال القطن والكفن
وكان جلوس غازان على تخت الملك في سنة ثلاث وتسعين وست مئة. وحسن له نائبه نوروز الإسلام، فأسلم في سنة أربع وتسعين، ونثر الفضة والذهب واللؤلؤ على رؤوس الناس، وفشا بذلك الإسلام في التتار. وكان صاحب العراقين وخراسان وفارس والجزيرة وأذربيجان والروم. (يتبع)

24 - ديسمبر - 2010
هولاكو وبنوه
تتمة أخبار غازان    كن أول من يقيّم

قال العز الإربلي الطبيب ما معناه: إن غازان لما ملك استضاف نساء أبيه إلى نسائه على ياسا المغول في ذلك، وكان مغرىً بحب بلغان خاتون دون نسائه، وهي أكبر نساء أبيه، فلما أسلم قيل له: إن الإسلام يفرق بينك وبينها، لأنه لا يجوز في دين الإسلام أن ينكح
الرجل ما نكح آباؤه من النساء، فهم بالردة إلى أن أفتاه بعض العلماء بأن أرغون أباه كان كافراً. وكانت بلغان خاتون معه سفاحاً والحرام غير محرم، فيجوز لك أن تنكحها، فسر بذلك، وعقد عقد نكاحه عليها، وثبت على الإسلام، ولولا ذلك لارتد. قال: ولاموا من
أفتاه، فقال: إنما قلت ظاهر الشرع، وإن تسهلت فالتسهل في ارتكاب غازان بمحرم واحد وأسهل من أن يرتد كافراً، وينتصب لمعاداة الإسلام وأهله. فاستحسن ذلك من قوله، وعرف فيه حسن قصده.
وكان غازان يتكلم بالتركية والمغلية والفارسية، ولكنه ما يتكلم بها إلا مع الخواجا رشيد وأمثاله من خواص حضرته، ويفهم أكثر ما يقال قدامه بالعربي، ولا يظهر أنه  يفهمه تعاظماً لأجل ياسا جنكزخان الخالصة. ولما ملك أخذ نفسه بطريق جنكزخان، وأقام الياسا المغولية، ورتب الأرغوجية لعمل الأرغو وأن يلزم كل أحد قدره، ولا يتعدى طوره، وأن يكون الآغا آغا والأيني أيني، وصرف همته وعزيمته إلى إقامة العساكر وسد الثغور، وقصد
الأعداء في الأطراف ونفذ البراليغ والأحكام بعمارة البلاد والكف عن سفك الدماء وتوفير أهل كل صنعة على عملها ليكثروا وتعمر البلاد كما كانت في أيام الخلفاء -رضوان الله عليهم- والملوك الخوارزمية وغيرهم.
إلا أنه كان مع شجاعته وحزمه ورأيه مبخلاً بالنسبة إلى ملوك بيته.
قال القاضي شهاب الدين بن فضل الله علي أن شيخنا شمس الدين الأصفهاني حدثني عنه أنه أجاز خواجا رشيد على كتاب صنفه باسمه ألف ألف دينار، أخذ بها عقاراً خراباً كان يساوي أضعاف ذلك، ثم عمره بجاهه، فتضاعفت قيمته.
قلت: مثل هذا لا يعد كرماً، لأن هؤلاء الملوك عطاؤهم لخواصهم ومن يقربوه ويحبونه ليس بقياس ولا على قاعدة مطردة، فإن السلطان الملك الناصر محمد كان يعطي خواصه مثل بكتمر الساقي وقوصون وبشتاك والحجازي ويلبغا أضعاف هذا العطاء، وهذا الخواجا رشيد لم يكن عند قازان أحد في محله ولا في رتبته لأنه كان لا يثق إلا به، وهو جليسه وأنيسه ونديمه وطبيبه وطباخه، فلا يأكل إلا من يده أو من أيدي أولاده، وكانوا يطبخون الطعام له في قدور الفضة، ويغرفونها في الطياسي الذهب والجفانات الذهب، ويحملونها بأنفسهم إليه، ويقطع له الخواجا رشيد ويلقمه بيده. وكان بيد خواجا رشيد على هذه الوظيفة مغل بلدين، إلى غير ذلك من الأرزاق الواسعة، وكان يطلعه من أسراره على ما لا يطلع غيره عليه.
ولما استقر غازان وثبتت قدمه قطع الراتب عن كاز خاناه السراي وجامعهم بتوزير وما كان لهم من قديم الزمان، فجاءته رسل ملك السراي وقالوا له: خرجت عن الياسا، فردهم أقبح رد، وقال: الياسا ما أقرره أنا، ويكفيكم سكوتي عنهم.
قال نظام الدين يحيى بن الحكيم: إن هلاكو لما فتح البلاد لمنكوقان نزل نفسه منزلة النائب له، لا يخرج له عن أمر، فبعث يقول له: إن بركة آغا يعني ملك السراي ليس في بلاده صناع ولا لها كبير دخل، ويحتاج هو وعسكره إلى قماش فتكون له مراغة وتوريز، فسلمها إلى نواب بركة، فعمروا بها كازخاناة لاستعمال القماش،  الكازخاناة عندهم بمنزلة دار الطراز عندنا، وبنو لهم جامعاً وظف له وظائف، وكتب عليهما اسمه. ثم كانوا فيما بعد يجرون
للكازخاناة والجامع بعض خراج مراغة وتوريز، فقطع غازان ذلك رأساً، والجامع والكازخاناة إلى الآن باقيان، وعليهما اسم بركة. 
ثم أن قازان بعد ذلك تسمى بالقان وأفرد نفسه بالذكر في الخطبة وضرب السكة باسمه دون القان الأكبر، وطرد نائبه من بلاده، ولم يسبق قازان إلى هذا أحد من آبائه. بل كان هولاكو وجميع من جاء بعده لا ينزلون أنفسهم إلا منزلة نواب القان الأكبر، ولا يسمى أحد منهم بالقان، وإنما يقال السلطان فلان، والسكة والخطبة للقان الأكبر دونهم، وإن ذكر لأحد منهم اسم، ذكر على سبيل التبع، وإن كانوا ملاك البلاد وحكامها، ولهم جباية الخراج، وإليهم العقد والحل والولاية والعزل.
 
وقال قازان لما طرد نائب القان: أنا أخذت البلاد بسيفي، ما أخذتها بجنكزخان ولا بأحد. ولا يجسر أحد على مراجعته. ولهذا لا يقال ذهب هولاكي ولا أبغاوي ولا أرغوني، وما يقال إلا ذهب قازاني وذهب خربندي وذهب بوسعيدي.
قال القاضي شهاب الدين بن فضل الله: قال لي الأمير سيف الدين ظهير بغا -رحمه الله تعالى-: المغل تقول: "من رأى غازان ما فاتته رؤية جنكزخان". ثم قال: مات ملك المغل من بعده. قال: فحكيت ما قاله للأمير سيف الدين أيتمش الناصري، وكان أعرف أهل زمانه بأحوال المغل، فقال: لا أخطأ إلا من رأى غازان ما فاتته رؤية هولاكو، ومن رأى أبغا ما فاتته رؤية جنكزخان، وما مات ملك المغل بعد غازان، وإنما ماتت ياسا المغل.
قال: وقال لي ظهير بغا: كان غازان إذا اشتد غضبه، وهو جائع أكل، أو هو بعيد العهد بالنساء جامع، وتشاغل عن غضبه بهذا وأمثاله. وكان يقول: آفة العقل الغضب، ولا يصلح للملك أن يكون في عقله آفة.
وقال: كان غازان إذا غضب خرج إلى وسيع الفضاء، ويقول: الغضب إذا خزنته ازداد، وإذا صرفته تصرف.
وقال: كان يقول: الملك بلا رجال، شجرة بلا أغصان، والملك بلا مال، شجرة بلا ثمر، والملك بلا سلاح، شجرة بلا ورق، والملك بلا إحسان، شجرة بلا فيء.
وقال: رمي بعض أولاد القانات بابنه، فقال الناس: ابن قان يكون بهذا، كيف يتفق هذا؟
فقال لهم غازان: ما العنب منه خمر وخل!
وقال: ركب قازان يوماً فرساً، فلعب به، فقال له: معذور أنت، محمود غازان فوقك. فوقع عنه، فقال: لولا وقوع المطر على الأرض ما طلع النبات. انتهى.
 
وضرب غازان في مدة ملكه سبع مصافات، منها ما حضره بنفسه، ومنها ما لم يحضره:
فأولها المصاف الذي بينه وبين نوروز بن أرغون آغا، وكان هذا نوروز قد سعى لغازان حتى ملك، ثم وقع في خاطره أنه آن خروج المهدي، وأنه هو يكون الممهد له، فاستحال
على غازان، وخرج غازان لقتاله، واستعان نوروز بالأكراد اللو، فانتصر غازان، وهرب نوروز إلى أقاصي خراسان، ثم لجأ إلى قلعة، فأمسكه صاحبها وقطع رأسه، وجهزه إلى غازان، فأنكر عليه غازان، وقال: كان قتل هذا إليّ ما هو إليك، ثم إنه قتله به.
والمصاف الثاني مع اللو الأكراد، لكونهم قاموا مع نوروز، فكسرهم كسرة عظيمة أبيعت فيها البقرة الفتية السمينة بخمسة دراهم، والرأس الغنم بدرهم، وأبيع الصبي البالغ الحسن الصورة باثني عشر درهماً.
قال الإربلي: وقتل في هذه الواقعة أولاً وآخراً خمسون ألفاً.
والمصاف الثالث كان مع عرب البطائح وواسط، وكانوا قد ملكوا عليهم شيخاً منهم يدعى عمران، وكان قد حاربه عز الدولة بن بويه عدة نوب، ولم ينتصف منه.
والمصاف الرابع والخامس والسادس بالشام، نوبة حمص ونوبة الأطراف ونوبة شقحب، فانتصر في الأولى، وملك الشام مدة أربعة أشهر، وفي الثانية طلع رأساً برأس، وفي الثالثة كانت الكسرة على جيشه.
والمصاف السابع كان من أهل كرمان بعد حصارها ونهب أموالها، وعف عن الدماء في الذراري والنساء.
ولم يصدع حصاة قلبه ولا فل عرش قواه مثل نوبة شقحب، فإنها أماتته بغبنه غبناً، وكانت بغير رأيه، لأنه جهز قطلوشا بالعساكر ليغير بهم على حلب والأطراف، وأمره ألا يعدي حمص، فلما جاء إلى البلاد وجد عساكرها قد تقهقرت قدامه، والبلاد خالية، وليس
للجيوش ولا للسلطان في الشام خبر، فظن أن كسرتهم نوبة حمص ما بقي لها خبر، فجاء إلى دمشق، ومر على ظاهرها وجره الطمع إلى مصر، لعله يملك لغازان مملكة الإسلام.
فأنجز الله وعده، ونصر حزبه. ولما رجع قطلوشا شتمه وضربه وأوقفه يوماً في الشمس وحملها غازان على نفسه، فلم تتطاول به الأيام حتى مات.
وقيل: إن بلغان خاتون سمته في منديل عقيب نكاحها.
قال القاضي شهاب الدين: ولم يصح هذا، وإنما هذا شيء ادعته يلقطو بنت أبغا، ومشت به إلى ملوك الإسلام، وكانت تكاتبهم، وادعت أنها حسنت ذلك لبلغان خاتون، لأن بلغان خاتون كان لها أرب فيه من هوى، وكانت تخافه، فقالت لها: أمرك ما بقي يخفى، فعاجليه وإلا فروحك رائحة.
قال الإربلي: وكان غازان له نظر في عواقب الأمور وخبرةً تامةً بتدبير الملك، وكان يلتحق في أفعاله بجده الأكبر هولاكو، ولم يكن فيه ما يشينه، غير أنه كان مبخلاً، لكن كانت هيبته قوية، وكان الرعايا في أيامه آمنين.
قلت: وخطب له على منبر دمشق في يوم الجمعة رابع عشر شهر ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وست مئة بحضور المغل، ودعي له على السدة، وقرئ مرسوم بتولية قبجق نيابة دمشق.
وكان قد كتب غازان لأهل دمشق فرماناً بإشارة الأمير يوسف الدين قبجق ونسخته:
بقوة الله تعالى، ليعلم أمراء التومانات والألوف والمئات وعموم عساكرنا من المغول والتتار والأرمن والكرج وغيرهم ممن هو داخل تحت طاعتنا أن الله سبحانه وتعالى لما نور قلوبنا بنور الإسلام، وهدانا إلى ملة النبي عليه السلام "أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين" ولما سمعنا أن حكام مصر والشام خارجون عن طرائق الدين غير متمثلين بأحكام الإسلام ناقضون لعهودهم،
مخالفون لمعبودهم، حالفون بالأيمان الفاجرة، ظالمون في أحكامهم المتغايرة، ليس لديهم وفاء ولا ذمام، ولا لأمورهم التئام ولا انتظام، وكان أحدهم "إذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد، وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم،
فحسبه جهنم ولبئس المهاد"، وشاع الخبر أن شعارهم الحيف على الرعية، ومد الأيدي إلى حريمهم وأموالهم بالأذية، والتخطي عن جادة العدل والإنصاف. وارتكابهم الجور والاعتساف، حملتنا الحمية الدينية والحفيظة الإسلامية على أن توجهنا إلى هذه البلاد،
لإزالة العدوان والفساد، مستصحبين الجم الغفير من العساكر، ونذرنا على أنفسنا إن وفقنا الله تعالى بحوله وقوته لفتح البلاد، أن نزيل عن أهلها العدوان والفساد، ونبسط العدل في العباد، ممتثلين الأمر الإلهي المطالع "إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى  وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون"، وإجابة إلى ما ندب إليه الرسول عليه السلام: المقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في أحكامهم وأهليهم. وحيث كانت طويتنا مشتملة على هذه الطويلة الجميلة والنذور الأكيدة، من الله سبحانه وتعالى علينا بتبلج تباشير النصر المبين، وأتم علينا نعمته، وأنزل علينا سكينته، فهزمنا
العدة الطاغية، والجيوش الباغية، ففرقناهم أيدي سبا "ومزقناهم كل ممزق"، حتى "جاء الحق وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا". فازدادت صدورنا انشراحاً للإسلام، وقويت نفوسنا بحقيقة الأحكام، منخرطين في زمرة من حبب إليه الإيمان، فوجب علينا رعاية تلك العهود الموثقة والنذور المؤكدة، فصدرت مراسمنا العالية أن لا يتعرض أحد من العساكر المذكورة على اختلاف طبقاتهم بدمشق وأعمالها وسائر البلاد الشامية، وأن يكفوا أظفار التعدي عن أنفسهم وأموالهم وحريمهم وأطفالهم، وأن لا يحوموا حول حماهم
بوجه من الوجوه حتى يشتغلوا بصدور منشرحة وآمال منفسحة لعمارة البلاد وما هم بصدده من تجارة وزراعة.
وكان في هذا الهرج العظيم وكثرة العساكر تعرض بعض نفر يسير إلى بعض الرعايا وأسرهم، فقتلنا منهم ليعتبر الباقون ويقطعوا أطماعهم عن النهب والأسر وليعلموا أنا لا نسامح بعد هذا الأمر البليغ البتة، وأن لا يتعرضوا لأحد من أهل الأديان من اليهود
والنصارى والصابئة، فإنما يبذلون الجزية لتكون أموالهم كأموالنا، ودماؤهم كدمائنا، لأنهم من جملة الرعايا، قال عليه السلام: الإمام الذي على الناس راع وهو مسؤول عنهم، فسبيل القضاة والخطباء والمشايخ والعلماء والشرفاء والأكابر وعامة الرعايا الاستبشار بهذا النصرالهني والفتح السني، وأخذ الحظ الوافر من الفرح والسرور، مقبلين على الدعاء لهذه الدولة القاهرة والمملكة الظاهرة.
وكتب بتاريخ خامس ربيع الآخر،
وقرئ هذا الفرمان في الجامع، ونثر الناس عليه بعض دنانير وبعض دراهم.
ولما نزل قازان على دمشق دخلها الأمير سيف الدين قبجق، وجلس بالعزيزية، وكتب للناس أمانات من جهته، وخطب يوم الجمعة رابع عشر شهر ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وست مئة بجامع دمشق لغازان، وقرئ مرسوم بولاية قبجق لدمشق.
وفي رابع عشري جمادى الأولى خرج جماعة من القلعة وكسروا المجانيق التي للتتار بالجامع الأموي.
ودقت البشائر، ورحل غازان عن دمشق بعدما أخذ أموالاً كثيرة وترك قبجق نائباً عليها، وعنده قطليشاه، ومعه جماعة من المغول.
 
قال الشيخ وجيه الدين بن المنجا -رحمه الله تعالى-: الذي حمل من دمشق إلى خزانة غازان ثلاثة آلاف ألف أو ست مئة ألف درهم سوى ما تمحق من البراطيل والتراسيم
وإن شيخ المشايخ الذي نزل بالعادلية حصل له ما قيمته ست مئة ألف والذي حصل للأصيل بن نصير الدين الطوسي مئة ألف درهم والصفي السنجاري ثمانون ألفاً.
قلت: هذا خارج عما نهبه المغل والأرمن للناس من الصالحية ومن المدينة وضواحيها، ولعله يقارب هذا المقدار.
وفي سادس عشري جمادى الأولى، نودي في دمشق بخروج الناس إلى البلاد والقرى والحواضر، وألا يغرر أحد بنفسه. وفي سابع عشري رجب أعيدت الخطبة للملك الناصر محمد قلاوون على منابر الجوامع بدمشق.

24 - ديسمبر - 2010
هولاكو وبنوه
رسالة غازان إلى الناصر ابن قلاوون    كن أول من يقيّم

قال ابن تغري بردي في حوادث سنة 700هـ:
وفيها في تاسع ذي القعدة وصل إلى القاهرة من حلب الأمير أنس يخبر بحركة التتار، وأن التتار قد أرسلوا أمامهم رسلاً، وأن رسلهم قد قاربت الفرات؛ ثم وصلت الرسل المذكورة بعد ذلك بمدة إلى الديار المصرية في ليلة الاثنين خامس عشر ذي الحجة، وأعيان القصاد ثلاثة نفر:  قاضي الموصل وخطيبها كمال الدين بن بهاء الدين بن كمال الدين بن يونس الشافعي، وآخر عجمي وآخر تركي. ولما كان عصر يوم الثلاثاء جمعوا الأمراء والمقدمين إلى القلعة وعملت الخدمة ولبسوا المماليك أفخر الثياب والملابس؛ وبعد العشاء الأخيرة أوقدوا الشموع نحواً من ألف شمعة، ثم أظهروا زينة عظيمة بالقصر، ثم أحضروا الرسل، وحضر القاضي بجملتهم وعلى رأسه طرحة، فقام وخطب خطبة بليغة وجيزة وذكر آيات كثيرة في معنى الصلح وآتفاق الكلمة ورغب فيه؛ ثم إنه دعا للسلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون، ومن بعده للسلطان محمود غازان، ودعا للمسلمين والأمراء وأدى الرسالة. ومضمونها:  إنما قصدهم الصلح؛ ودفعوا إليهم كتاباً مختوماً من السلطان غازان، فأخذ منهم الكتاب ولم يقرؤوه تلك الليلة، وأعيد الرسل إلى مكانهم. فلما كان ليلة الخميس فتح الكتاب وقرىء على السلطان وهو مكتوب بالمغلي وكتم الأمر. فلما كان يوم الخميس ثامن عشر ذي الحجة حضر جميع الأمراء والمقدمين وأكثر العسكر وأخرج إليهم الكتاب وقريء عليهم، وهو مكتوب بخط غليظ في نصف قطع البغدادي، ومضمونه:
"بسم الله الرحمن الرحيم، وننهي بعد السلام إليه أن الله عز وجل جعلنا وإياكم أهل ملة واحدة، وشرفنا بدين الإسلام وأيدنا، وندبنا لإقامة مناره وسددنا؛ وكان بيننا وبينكم ما كان بقضاء الله وقدره، وما كان ذلك إلا بما كسبت أيديكم، وما الله بظلام للعبيد.
وسبب ذلك أن بعض عساكركم أغاروا على ماردين وبلادها في شهر رمضان المعظم قدره، الذي لم تزل الأمم يعظمونه في سائر الأقطار، وفيه تغل الشياطين وتغلق أبواب النيران، فطرقوا البلاد على حين غفلة من أهلها، وقتلوا وسبوا وفسقوا وهتكوا محارم الله بسرعة من غير مهلة؛ وأكلوا الحرام وارتكبوا الآثام، وفعلوا ما لم تفعله عباد الأصنام؛ فأتونا أهل ماردين صارخين مسارعين ملهوفين مستغيثين بالأطفال والحريم، وقد آستولى عليهم الشقاء بعد النعيم؛ فلاذوا بجنابنا وتعلقوا بأسبابنا، ووقفوا موقف المستجير الخائف ببابنا؛ فهزتنا نخوة الكرام، وحركتنا حمية الإسلام، فركبنا على الفور بمن كان معنا ولم يسعنا بعد هذا المقام؛ ودخلنا البلاد وقدمنا النية، وعاهدنا الله تعالى على ما يرضيه عند بلوغ الأمنية؛ وعلمنا أن الله تعالى لا يرضى لعباده الكفر بأن يسعوا في الأرض فساداً والله لا يحب الفساد، وأنه يغضب لهتك الحريم وسبي الأولاد، فما كان إلا أن لقيناكم بنية صادقة، وقلوب على الحمية للدين موافقة، فمزقناكم كل ممزق، والذي ساقنا إليكم، هو الذي نصرنا عليكم، وما كان مثلكم إلا كمثل قرية كانت آمنة مطمئنة- الآية- فوليتم الأدبار، واعتصمتم من سيوفنا بالفرار، فعفونا عنكم بعد آقتدار، ورفعنا عنكم حكم السيف البتار؛ وتقدمنا إلى جيوشنا ألا يسعوا في الأرض كما سعيتم، وأن ينشروا من العفو والعفاف ما طويتم ولو قدرتم ما عفوتم ولا عففتم؛ ولم نقلدكم منة بذلك، بل حكم الإسلام في قتال البغاة كذلك؛ وكان جميع ما جرى في سالف القدم، ومن قبل كونه جرى به في اللوح القلم؛ ثم لما رأينا الرعية تضرروا بمقامنا في الشام، لمشاركتنا لهم في الشراب والطعام؛ وما حصل في قلوب الرعية من الرعب، عند معاينة جيوشنا التي هي كمطبقات
السحب؛ فأردنا أن نسكن تخوفهم بعودتنا من أرضهم بالنصر والتأييد، والعلو والمزيد؛ فتركنا عندهم بعض جيوشنا بحيث تتونس بهم، وتعود في أمرها إليهم؛ ويحرسونهم من تعدي بعضهم على بعض، بحيث إنكم ضاقت بكم الأرض؛ إلى أن يستقر جأشكم، وتبصروا رشدكم؛ وتسيروا إلى الشام من يحفظه من أعدائكم المتقدمين، وأكرادكم المتمردين؛ وتقدمنا إلى مقدمي طوامين جيوشنا أنهم متى سمعوا بقدوم أحد منكم إلى الشام، أن يعودوا إلينا بسلام؛ فعادوا إلينا بالنصر المبين، والحمد لله رب العالمين.
والآن فإنا وإياكم لم نزل على كلمة الإسلام مجتمعين، وما بيننا ما يفرق كلمتنا إلا ما كان من فعلكم بأهل ماردين؛ وقد أخذنا منكم القصاص، وهو جزاء كل عاص؛ فنرجع الآن في إصلاح الرعايا، ونجتهد نحن وإياكم على العدل في سائر القضايا؛ فقد آنضرت بيننا وبينكم حال البلاد وسكانها، ومنعها الخوف من القرار في أوطانها؛ وتعذر سفر التجار، وتوقف حال المعايش لانقطاع البضائع والأسفار؛ ونحن نعلم أننا نسأل عن ذلك ونحاسب عليه، وأن الله عز وجل لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وأن جميع ما كان وما يكون في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. وأنت تعلم أيها الملك الجليل، أنني وأنت مطالبون بالحقير والجليل؛ وأننا مسؤولون عما جناه، أقل من وليناه، وأن مصيرنا إلى الله؛ وإنا معتقدون الإسلام قولاً وعملاً ونية، عاملون بفروضه في كل وصية. وقد حملنا قاضي القضاة علامة الوقت حجة الإسلام بقية السلف كمال الدين موسى بن محمد أبا عبد الله، أعزه الله تعالى، مشافهة يعيدها على سمع الملك والعمدة عليها، فإذا عاد من الملك الجواب فليسير لنا هدية الديار المصرية، لنعلم بإرسالها أن قد حصل منكم في إجابتنا للصلح صدق النية؛ ونهدي إليكم من بلادنا ما يليق أن نهديه إليكم، والسلام الطيب منا عليكم. إن شاء الله تعالى.

24 - ديسمبر - 2010
هولاكو وبنوه
 484  485  486  487  488