نقلة نوعية في موسيقى الشعر العربي.. ولكن! كن أول من يقيّم
تحية مباركة لشيخنا ياسين الشيخ سليمان وبورك له في علمه الذي لا يفتأ يتحفنا بفضوله أستاذي.. لاخلاف بيننا في جوهر مفهوم الموسيقى في الشعر. ولم تكن مداخلتي إلا لتأكيد هذا المفهوم. وما خطر في بالي أن يُفهم منها أنني أرفض الشكل الجديد في إيقاع الشعر العربي. بل على العكس من ذلك؛ أردت أن أؤكد أن شعر التفعيلة بالتزامه (الدور) الموسيقي للشعر العربي هو رافد نوعيّ جديد لذلك الشعر. وكما أسلفت سيدي: فلنا في قبول الذائقة العربية للتجديد الواسع في إيقاع الموشحات الأندلسية خير دليل على أن شعر التفعيلة هو النقلة النوعية الثانية لإيقاع الشعر العربي. إلاّ أن ثورة الموشحات العظيمة، أفادت من جميع أوزان الشعر العربي، بكل بحورها وأوزانها التامة والمجزوءة، ولم تقتصر على جزء ضئيل منها.. بل حاول الوشاحون إضافة أوزان جديدة لم يكتب عليها الشعر العربي الأصيل، فأغنوا بذلك موسيقى الشعر العربي أي غناء. أما شعر التفعيلة؛ -بعد هدم نظام البيت والقافية- فاقتصر في ثورته المحدودة جداً على استخدام بعض الأوزان الساذجة، بل ربما أصبح جلّ ما يُكتب على شعر التفعيلة اليوم يقتصر على وزن المتدارك (الذي على فاعلن فاعلن..)، وهو كما تعلم من مهملات البحور الخليلية. وقد أغرى مظهر السهولة هذا (ذباب الشعراء) على التطفل على مائدة الشعر المبتذلة، مما أدى إلى ابتعاد هذا الشعر عن ذائقة الجمهور. * * * وأريد أن أضيف هنا ملاحظة حول موشحة ابن زهر (ما للمولّهْ) فأقول.. إن نظامها القافوي لا يختلف عن سواها من الموشحات الأندلسية الأخرى، حيث تتألف من (أقفال وأبيات) مركبة الأجزاء، بنظام موسيقي وقافوي لم ترقَ إليه قصيدة من قصائد التفعيلة. ومع أنها لم تسر على النهج الخليلي، إلاّ أننا نستطيع ردّ مقاطعها إلى ذلك النهج، فوزن (أقفالها وأبياتها) يسير على الشكل: مستفعلاتن ... مستفعلن فاعلانْ ... فاعلن فعْلانْ ما لِلْمُولّهْ ... من سُكْرهِ لا يفيقْ ... يا لَهُ سكرانْ من غير خمرِ...ما للكئيب المشوقْ...يندب الأوطانْ هل تُستعادْ ... أيامُنا بالخليجْ ... وليالينا؟ أو يُستفادْ ... من النسيم الأريجْ ... مسكُ دارينا وادٍ يكادْ ... حسْنُ المكان البهيجْ ... أن يُحَيِّينا! نَهرٌ أظلَّهْ ... دَوحٌ عليه أنيقْ ... مورِقٌ فينانْ والماء يجري...وعائمٌ وغريقْ ... من جَنَى الريحانْ وجمعة مباركة على الجميع عمر خلوف |