البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات ضياء العلي

 47  48  49  50  51 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
عرس قانا الجليل    كن أول من يقيّم

 
لا بد من مقارنة النصوص لكي نتمكن من الحكم على صحة هذا الإنجيل ، فنصوص الأناجيل كتابات سردية لوقائع حياة المسيح عليه السلام وما جاء على لسانه من التبليغ حفظها وكتبها التلاميذ والحواريون الذين عاصروه وعاشوا تفاصيل حياته وتشبعوا بمبادئه وروحه وهي الخيط الجامع الذي يوحد بين هذه الأناجيل رغم اختلاف في التفاصيل أحياناً . وللحوادث المروية ، كما للعبارات التي تلفظ بها ، من أسماء البشر والأمكنة واللباس والطعام وأسلوب الحديث والفضاء المعرفي لذلك العصر ، وطريقة القيام والجلوس والحركة وطبيعة العلاقات بين البشر .... سياق وكينونة تاريخية ينبض بها النص الأدبي الذي كتبت به ، وهي مما يصعب تزويره ، بل هي الدليل على مصداقية الوقائع التي حدثت في بقعة جغرافية محدودة تماماً وفي زمن قصير ومحدد أيضاً له خصوصيته وهويته التي يصعب تقليدها . سأورد هنا مقطعاً من إنجيل بارنبا الذي قام بترجمته الدكتور خليل سعادة بعنوان ( الآية التي فعلها المسيح في العرس حيث حول الماء خمراً ) ، ومن ثم المقطع الذي يروي الحادثة عينها : عرس قانا الجليل ، كما وردت في إنجيل يوحنا ، لنقارن بين النصوص ونلاحظ الفرق . ونحن بانتظار المقاطع التي وعدنا بها الأستاذ أحمد إيبش من ترجمته الجديدة لإنجيل بارنبا ولكي نتمكن من المقارنة بين هذه النصوص :
 
الفصل الخامس عشر
 
الآية التي فعلها المسيح في العرس حيث حول الماء خمراً
 
ولما اقترب عيد المظال دعا غني يسوع وتلاميذه وأمه إلى العروس ، فذهب يسوع ، وبينما هم في الوليمة فرغت الخمر ، فكلمت أم يسوع إياه قائلة : ليس لهم خمر ، فأجاب يسوع : ما شأني في ذلك يا أماه ؟ فأوصت امه الخدمة أن يطيعوا يسوع المسيح في كل ما يأمرهم به ، وكانت هناك ستة أجران للماء حسب عادة إسرائيل ليطهروا أنفسهم للصلاة ، فقال يسوع : املأوا هذه الاجران ماءا ، ففعل الخدمة هكذا ، فقال لهم يسوع : باسم الله اسقوا المدعوين ، فقدم الخدمة إلى مدبر الحفلة الذي وبخ الاتباع قائلا : أيها الخدمة الاخساء لماذا ابقيتم الخمر الجيدة حتى الآن ؟ لأنه لم يعرف شيئا مما فعل يسوع ، فأجاب الخدمة : يوجد هنا رجل قدوس الله لانه جعل من الماء خمرا ، غير ان مدبر الحفلة ظن ان الخدمة سكارى ، أما الذين كانوا جالسين بجانب يسوع فلما رأوا الحقيقة نهضوا عن المائدة واحتفوا به قائلين : حقا انك قدوس الله ونبي صادق مرسل الينا من الله ، حينئذ آمن به تلاميذه ، وعاد كثيرون إلى أنفسهم قائلين : الحمد لله الذي أظهر رحمة لإسرائيل وافتقد بيت يهوذا بمحبته تبارك اسمه الاقدس .
 
 
الفصل الثاني من إنجيل القديس يوحنا
 
(1) وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كَانَ عُرْسٌ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَكَانَتْ أُمُّ يَسُوعَ هُنَاكَ .(2) وَدُعِيَ أَيْضًا يَسُوعُ وَتَلاَمِيذُهُ إِلَى الْعُرْسِ . (3) وَلَمَّا فَرَغَتِ الْخَمْرُ، قَالَتْ أُمُّ يَسُوعَ لَهُ:«لَيْسَ عِنْدَهُمْ خَمْرٌ» . (4) فقالَ لَهَا يَسُوعُ :«مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ ؟ لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ» . (5) قَالَتْ أُمُّهُ لِلْخُدَّامِ:«مَهْمَا يامُرْكُمْ بِهِ فَافْعَلُوهُ».(6) وَكَانَتْ سِتَُ أَجَاجِينَ مِنْ حِجَرٍ مَوْضُوعَةً بِحَسَبَ تَطْهِيرِ الْيَهُودِ ، تَسَعُ كُلُّ وَاحِدَةٍ منها مِترَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً . (7) قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«امْلأُوا الأَجَاجِينَ مَاءً». فَمَلأُوهَا إِلَى فَوْقُ. (8) ثُمَّ قَالَ لَهُمُ :«اسْتَقُوا الآنَ وَنَاوِلوا رَئِيسِ الْمُتَّكَإِ». فَنَاوَلوا . ( 9)  فَلَمَّا ذَاقَ رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْمَاءَ الْمُتَحَوِّلَ خَمْرًا، وَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هُوَ وَأَمَّا الْخُدَّامَ الَّذِينَ اسْتَقَوُا الْمَاءَ فَكَانُوا يَعْلَمُونَ ، دَعَا رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْعَريسَ (10) وَقَالَ لَهُ:«كُلُّ إِنْسَانٍ إِنَّمَا يَأتي بالْخَمْرِ الْجَيِّدَةِ أَوَّلاً ، فَإِذَا سَكِرُوا يَأتي بالدُّونِ . أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ أَبْقَيْتَ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ إِلَى الآنَ!». (11) هذِهِ الآيَةُ صَنَعَها يَسُوعُ فِي قَانَا الْجَلِيلِ ، وَأَظْهَرَ مَجْدَهُ ، فَآمَنَ بِهِ تَلاَمِيذُهُ .
 

12 - نوفمبر - 2007
إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟
ما فاتني بالأمس    كن أول من يقيّم

فاتني بالأمس أن أشكر الأستاذ أحمد إيبش تعليقه على روايتي " البنت التي تبلبلت " ورأيه الذي يدل على عمق تجربته في الكتابة الأدبية وأن اقول له بأنه قد وضع يده على النقطة الأهم والتي تتطلب القدر الأكبر من المعاناة وهي عملية الكشف عن الذات والتوغل إلى أعماقها ، وهذا ما يفعله الشعر عادة إنما بطريقة رمزية ، وأنني بغاية السعادة في كل مرة أشعر فيها بأنني هدمت قسماً من الجدار الذي يحاصرني ويعيق تنفسي ، رغم أنه ما زال شاهقاً ،  وأنني بغاية السعادة في كل مرة أشعر فيها بان هناك من يقدر طبيعة هذا العمل حق قدره .  
 
ونحن بانتظار ، أستاذنا الكريم ، ما ستجود به علينا ، وسنتلقاه على الرحب والسعة ، وبكل الفرح ، مهما كبر أو قل حجمه ، لأنه يخرجنا ، ولو لبعض الوقت ، من دوامة الفقر والبؤس والعجز عن التفكير ، ويطرح أمامنا موضوعاً ربما تختلف وجهات نظرنا حياله ، لكنه جدير بالبحث والمتابعة وبذل الوقت والتعب لملاحقة تفاصيله . فشكراً لك مجدداً مناخات الشقاء والدهشة !

13 - نوفمبر - 2007
إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟
الكلمات التي تتراقص    كن أول من يقيّم

 شعر :منعم الأزرق ( موقع المرساة )
 
منابعُ الكلمات
 
كما في القصيدة
يحدث أن نلتقي كل ليل
وننسى ضفائرَ أيامنا
بين نهرين سالا
وما زال خلفهما
جسدٌ من ضبابْ
 
تحجر وقت البداية
من عدَمٍ
سألتني الطبيعة عني
قلت بأن المواثيق في
عصرنا انفرطَتْ
سال منها
غزيرُ الغيابْ
 
إلى أعمق الأرض
طارت قبيلة نملٍ من الكلمات
وأخفتْ ظنونَ السرابْ ...
 
العراك الوحيد مع النفس
كان كثيراً ، وزالَ ؟
وزاد
مع الحرف والحرف
وردُ الخرابْ
 
كما في الجنان القديمة
ترقص فيكَ الحواسُ
ويغسلُ إجاصَكَ الضوءُ
ينبع بين يديكَ الكتابْ
 
   كانت هذه محاولة مني للإمساك بالكلمات التي تتراقص في التصميم  الذي تطايرت منه القصيدة والذي يشبه علبة الباندور ( التعليق السابق ) ، وكل الشكر للأستاذ عبد الحفيظ .   
 
                   

15 - نوفمبر - 2007
أحاديث الوطن والزمن المتحول
نترك لك تقدير الموقف    كن أول من يقيّم

أستاذنا الكريم الدكتور أحمد إيبش : أشكر لك أدبك الجم وتواضعك الذي نستمد منه الشجاعة ( أنا والأستاذ يحيى ) للاقتراب من كلمات وحروف ترجمتك الراقية ، لنلامسها بكل الحذر . أفهم وأقدر تماماً ، ولست لوحدي بدون شك ، مستوى الجهد والمشقة التي بذلتها لإخراج هذا العمل إلى النور ، وتفانيك في تقديمه بالصورة اللائقة لجمهور وقراء الوراق ، وأعرف بأن أسلوب النشر في المجالس غير معد لإستقبال النصوص الكبيرة الحجم ، وأن تقطيع النص إلى فقرات ليس بالأمر السهل نظراً لوجود الحواشي المهمة والتي تفوق بحجمها أحياناً النص الأصلي . لذلك ، سوف نتخلى عن رغبتنا في الحصول على النص كاملاً ، رغم ما نجده من متعة وفائدة في تتبع فقرات هذه الوثيقة التاريخية الشديدة الأهمية ، ورغم ما تثيره متابعة هذه التفاصيل من أسئلة وعلامات تعجب سوف نعود إليها حتماً بعد الانتهاء من عرض النص . نترك لك تقدير الموقف ، ونشر ما تراه مكملاً للغرض الذي بدأنا من أجله . 
 
أما حصار الحرب الذي نعانيه منذ فتحنا أعيننا على الحياة ، ليبقينا في حالة ترقب وانتظار دائم ، ويشل ما تبقى لدينا من عزيمة ، فهو قدر جيلنا والجيل الذي تلانا كما يبدو . وبينما الحرب جالسة هنا بيننا ، تأكل وتشرب معنا ، من خبزنا اليومي ، ومما تبقى لنا من جلد على الشقاء ، وبينما نحاول في كل يوم ، وبكل ما أوتينا من قوة ، أن نخرج من عزلتنا ، وأن ننظر إليها بعيون مفتوحة ، وبدون اوهام .
 

16 - نوفمبر - 2007
إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟
حين أناديك يا أنت !    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

رباعيات لمولانا جلال الدين الرومي ( 1 )
 
 ترجمة : هنري فريد صعب
 
 
حين تحرّك الريح ضفائر شعرك
يتمنى لك القمر عمراً مديداً في القلوب
فيا واهب المشورات ! ستنسى نفسك ومشوراتك
إذ تعرف نفسك ما ذاقه قلبي
 
تقول لي ثمة قمر: مخطئ انت . ما القمر؟
تقول لي ثمة ملك : خطأ أيضاً : ما الملك ؟
تعيد على مسمعي غالباً : ها أنت تنهض متأخراً
حين في معية الشمس تكون ، فما التأخر ؟
 
جاءني الحب ، وكالدم يسري في عروقي وجلدي
فأفرغني وطفحني بالحبيب !
وغلّ الحبيب في كل جزئيات جسمي
فلم يبق غير الاسم مني ، وكل ما تبقى ليس إلا " ه "

 
كلامنا العذب الذي تبادلناه
أودعته القبّة الزرقاء في قلبها الخفيّ
ويوماً ما ستسكبه كالمطر
وينمو سرّنا في سعة العالم
 
في مستودع السّكّر يطنّ الذباب
متى مستودع السكّر يخشى الذباب ؟
وذلك الطائر حط على الجبل ، ثم طار:
فما حمل اليه وما منه انتزع ؟
 
يا أنت ذا الفكر المقيَّد، هل قدماك طليقتان؟
أخيراً ، أدركت أن الحركة ، أيضاً سرّ
في الحركة ، تصبح الحرية أكيداً بلا أسر
لذا ، ماء البئر والطلّ مختلفان

 
يطير طائر سماوي نحو الجهة الاخرى من العالم
في اتجاه اللاإتجاه يطير
من بيضة السيمورغ كان مولده
فإلى أين يطير ، قل لي ، إن لم يكن نحو السيمورغ ؟

 
عندما يُمنى عصرٌ بسود الايام
ليس البطل من يبلغ بُعد الصيت
فإن تطلب اللؤلؤ ، عليك بالغوص في عمق البحر
فما على الشاطىء إلا الزبد
 
حين أناديك يا انت ! فندائي بيني وبينك حجاب
ضياء وجهك لوجهك حجاب.
تخيّل شفتيك يحرمني من شفتيك
صورة شفتيك لشفتيك حجاب
 
 
عن النهار اللبنانية الملحق الثقافي 19 / 11 / 2007-11-19
 

21 - نوفمبر - 2007
تكية جلال الدين الرومي في الوراق
مريم الحكايا : علوية صبح    كن أول من يقيّم

 
الفقرة الأخيرة من رواية علوية صبح : " مريم الحكايا " الصادرة عن دار الآداب ببيروت 2002
 
 
تفتح درج مكتبها وتسحب تلك الأوراق فلا تعرف كيف تقرأ الخط . تقرأ بصعوبة أشياء لا تتذكر أنها كتبتها ، بل لا تذكر أن هذا الخط خطها ، هل تغير خطها أيضاً ؟
 
كأنها تذكرت أنه خط زهير ، أو يشبهه . كيف تسلل إلى أوراقها وغيَّر ما كتبته ؟
 
سألت هذا السؤال ، بعدما قرأت أوراقها ، أن زهير شاهد صورتها يوماً ، معلقة بين ملصقات صور الشهداء ، وأنه شاهدها بعينيه وهي واقفة تتطلع إلى صورتها وتتأملها ، قبل أن يختفي ويغيب . وكتب انه شاهدها ترتجف ، وهي تتطلع إليها ، وتموت غيظاً ، لأنها تكره صور الشهداء عللى الجدران وتخاف منها ، ولو عرفت ان صورتها ستعلق بين صورهم لقتلت كل من ألصقها على الجدار . بل كتب ، في مكان آخر ، انها كانت تتأمل الصورة التي ضاعت ملامحها ، آنذاك ، من المطر والغبار ، لتتبين ما إذا كانت الصورة صورتها ، ام صورته ، أم صورة أي من أبطال الرواية .
 
لكنه لا يذكر التاريخ ، ولا كيف ومتى اختفت ، هي او صاحب أو صاحبة الصورة ، وصارت في عداد المفقودين ؟
 
من الذي كتب ذلك ، هي أم زهير ؟
 
لم يكن الخط الذي تقرأه في صفحات الرواية امامها واضحاً ... صارت تقرأ الرواية من أولها إلى آخرها . كانت الحكاية تتداخل ، واسماء ابتسام ومريم وياسمين وزهير و" أبو طلال " وكريم ومضطفى و" أبو يوسف " وأمي وأمها ، وكل أبطال الرواية ، ليست مجرد أسماء اخرى في تتابع الحكاية ، بعدها تنسى الأسماء ، بل نصي كلنا أحياناً ، مريمات وعلويات وياسمينات وفاطمات وسميَّات ، ويصير زهير وكريم وأبو يوسف وأبو طلال والدكتور كامل ، بل والكل ، كأنهم أسماء كثيرة لبطل واحد .
 
يصير لكل اسم أسماء كثيرة ، وحكايات كثيرة ، تصير الأزمنة البعيدة كأنها كلها الزمن الآن . الأمس في اليوم ، والغد في الأمس . تصير الأمكنة امكنة كثيرة ، لمكان واحد . ويصير من يحيا كانه ميت ، الميت كانه يذهب إلى عمله ، يدخن ويسمع الطقش والفقش ، يرقص وينجب بناتاً وصبياناً .
 
شردت بذهنها لتتذكر ، من الذي كتب ؟  وشردت بذهنها لتتذكر إذا كانت الذكريات ذكرياتها ، أم ذكريات الأبطال . من مريم بينهن ؟ من انا بينهن ؟ من ابتسام وأبو يوسف ، ومن جلال زمن كريم وغيرهم ؟
 
شردت لتتاكد من وجهها بين الوجوه التي تقرأها ، لتعرف ما إذا كان كانت من بين المفقودين ، أو الأموات أو الأحياء منهم .
 
وقبل أن تتابع ما تقرأه ، تركت الآوراق على المكتب ، ودخلت الحمام ، أغلقت الباب ، ونظرت إلى وجهها في المرآة . بدات تتذكر وجهها تحت ضوئه الخفيف . لمسته لتشعر بحرارته ، بعدما توهج احمراراً وخوفاً ، وشاهدت جفن عينيها يرتجف ويهتز ، قبل أن تعود إلى أوراقها ، لتعيد كتابة ما تقرأه ، وتغير النقاط والحروف والفواصل والواوات ، لتعثر على ذكرياتها ووجهها بين الوجوه والذكريات ، ليصير لها اسم ووجه وذكريات ، بين الآسماء الكثيرة اسماً واحداً ، ولتعثر ، وهي تعيد الكتابة من جديد ، على أسمائنا وذكرياتنا ، وكذلك على ذكرياتها ... لتجد ما يؤكد أنها على قيد الحياة ، أو بين المفقودين في الحرب ، أو بعدها .
 
لم تتأكد من شيء .
 
تأكدت فقط من أن يدها تؤلمها ، وهي تعيد كتابة ما تقرأ ، لتعثر على جواب . لمست يدها اليسرى ، التي تكتب بها ، فأحست بحرارتها ، ولكنها لم تتأكد من شيء .
 
لم تتأكد من شيء .
 
 

22 - نوفمبر - 2007
نون النسوة فى مسيرة الإبداع الفنى والفكرى والأدبى0
هايدغر وسؤال " الكون " ، " الكينونة " و " الكائن "     ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

 
ليس من السهل المغامرة في الكلام عن هايدغر ، الذي أعاد الفلسفة إلى مهدها الأول ، وذلك بالتساؤل عن معنى الوجود أو " كنه الوجود " ، ومن هنا تم اعتباره مجدد الأنتولوجيا التي هي : دراسة الذات الإنسانية من حيث كينونتها ( صفاتها المؤسسة لجوهر وجودها والتي لا يمكن انتزاعها عنها ) .
 
والتساؤل عن " الكون " بدأ منذ برمنيدس (450 ق . م ) الذي اعتبره أصل الوجود وبالمعنى العام الذي تدل عليه كلمة " التكوين " (Genèse ) كما جاءت في التوراة أي أنه : الوجود بعد العدم . غير أن أفلاطون قال بأن الذات في " كونها " ليست واحدة ، وليست متفردة بالصفات ، بل أن للصفات وجودات متعالية تجتمع بل وتتناقض أحياناً في الذات و" كونها " .
 
أما أرسطو ، فلقد توصل إلى تحديد " الكون " ( L'être ) على أنه : حصول الصورة في المادة ، وتحول جوهر أدنى إلى جوهر أعلى . يقابله " الفساد " الذي هو زوال الصورة عن المادة .
 
وأما الشيخ الرئيس " ابن سينا " فلقد استطاع ( على عكس أرسطو ) بالانطلاق من المحسوس ، تحديد خواص " الكون " لأنه كان طبيباً ويعنى بالجزئيات ثم ينطلق منها لتحديد الكليات : " الكون " عنده هو معنى أحادي وسيط بين الله والمخلوق . 
 
عند الأشاعرة : " الكون " هو مرادف ل " الثبوت " و " الوجود " و " التحقق " .
 
أما عند المعتزلة : فإن الكون والوجود هي مغايرة للثبوت والتحقق . ( لأن الكون والوجود عرضة للتغيير ) أما الثبوت والتحقق فهي أعم من الوجود .
 
ينطلق هايدغر في تعريفه " للكون " أو " الكينونة " من معطى بديهي وهو : أن الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يتساءل عن معنى وجوده ، وأن مجرد طرح السؤال يفترض وجود معطى بديهي آخر لا يدركه العقل الراهن ، بكينونته ( أو كونه ) الراهن المتمثل أمامنا حالياً والذي يسميه هايدغر بالكينونة الحاضرة ( L'être - là - devant ) ( Desein ).
 
إن فلسفة هايدغر تقليدية جداً لجهة إعادتها طرح السؤال عن مصدر المعرفة ، فإذا كان الإنسان يعرف بالبداهة أنه موجود بدليل أنه يحاول تحديد ماهية وجوده ، فإن هذا يفترض وجود معطى معرفي يتجاوز قدرة الإنسان الحالية على التفكير لأن الإنسان بكينونته الحاضرة غير قادر على تحديد معنى وجوده .
 
وصف الحياة الاعتيادية ، العلاقة بالعالم المحيط ، وبالآخرين ، قلقها والجذور المكونة لمعارفها الأنتولوجية ، تمكننا من تحديد وشرح البنية الإجمالية العامة للكينونة الحاضرة ( L'être - là - devant ) التي تؤلف زمنيتها ، أي تحدد صفاتها في الزمن الراهن ( Temporalité ) والتي تجعل منها ذاتاً تاريخية . ثم أن دراسة هذه " الكينونات " وفهمها في زمنيتها وتاريخيتها ، سوف يرسم لنا أفق الكينونة الحقيقية الأصلية مقابل الكينونة الزائفة .
 
فالإنسان " متروك " في العالم ، وباكتشافه لنفسه ك : " مشروع " ، ككينونة قابلة للتحقيق سوف يتمكن من تحديد اتجاهه لأن " الكينونة الحاضرة " يمكن أن تتوه في وجود مزيف ( إغراق في الحياة العادية اليومية ) . ولا يتم التوصل إلى تحقيق الكينونة الأصلية إلا بالتجربة العاطفية والمعاش واقعيا التي تضعنا في حالة من القلق ، والتي يكون فيها ما يمكن تحقيقه من الكينونة معكوس بكليته .
 
هذه التجربة ( القلق ) التي تخفي عن أعيننا المشهد المطمئن لسلوكنا وتكشف أمامنا العدم بحدوده القصوى " كينونة الموت " تفتح أمامنا طريق الكشف على حقيقة الذات الفعلية " الكينونة الأصلية " . فالإنسان لا يكون إنساناً بطمئنة نفسه بواسطة المعرفة ( الأفكار النظرية ) لكنه يتحقق : بالتجربة القلقة وبأن ينقذ من النسيان سؤال الكينونة وذلك بأن يكون راعي هذه الكينونة وبأن يحرر الكلام من اعتياديته ( أي من الاستخدام اليومي التلقائي والاصطلاحي للكلام ) .
 
المسألة تكمن إذاً في تحرير الكينونة من تقنية التفكير ، وذلك بأن نعيد التفكير إلى بعده الأصلي وهو : تحقيق العلاقة بين الذات والإنسان ، وتحرير اللغة من استخدامها اليومي النفعي ، من علاقات القواعد اللغوية الشكلية ، لكي تعود إلى حالتها الشعرية لأنها تنبض بالمعاني ، و(لأن الإنسان يحيا على هذه الأرض بشاعرية ) كما يقول هولدرين .
 
وكان أبو العلاء المعري قد قال في قصيدته التي أولها : ألا في سبيل المجد ما انا فاعل
وإني وإن كنت الأخير زمانه
 
لآت بما لم تستطعه الأوائل .
 
 

23 - نوفمبر - 2007
بين الدين والفلسفة
سعيد عقل يعرف الشعر    كن أول من يقيّم

وكل التحية للدكتور مواسي ، يسعدني أن تكون هذه القصائد قد نالت إعجابك ولا شك بأنك تعرفها لكننا أحياناً نشعر بالحاجة للعودة إلى نبش هذه الألواح كأنها مزامير مطمورة في عمق الذاكرة نسترجعها كلما اشتد بنا الحنين إلى الشعر .
 يعرف سعيد عقل الشعر في ملحمته " المجدلية " التي كتبها في العام 1937  على أنه :
 
الشعر قَبضْ ٌعلى الدنيا، مشعشعةً كـما  وراء قَميصٍ شعشعت نُجُمُ
فـأنت والكونُ تَيَّاهانِ كأس iiطِلىً دُقّـت بـكـأسٍ وحُلْمٌ لمّه حُلُمُ ii.

26 - نوفمبر - 2007
يــارا - هذا الاسم الجديد على العربية
أجمل منك ؟ لا .....    كن أول من يقيّم

 
وهذه قصيدة أخرى من أجمل ما كتب سعيد عقل وهي من ديوان : " أجمل منك لا ... " الصادر عام 1960 :
 
نلارا تَلهُو

أخبرتُها أخبرتُها النُّجوم
انَّكَ لي،
طوَّقتَ خصري، بُحتَ للكِرومْ
بأنَّني كأسُك والهُمومْ
أقلَعتَ عَبْرَ الصَّحو والغُيوم
في هُدبيَ الحُلوِ المُزَلزِلِ !

* * *

ردَّدتُ من شِعرك ألفَ شيْء
انّي غِوىَ النَّظَر ،
نَبضُ الصِّبا ، بلَِّورةُ السَّحَرْ
أنَّ على يَديْ
يَلهْو القَدَرْ ،
وإن أنا أَسقطتُ من عَليّ ْ
ثوباً ، فما شَمسٌ وما قَمر ؟!

* * *

وكِدتُ كِدتُ من هَوًى أطيرْ
قَطَفتُ أُقحوانةً تَمُدّْ
عُنقاً ، ورُحتُ بيدٍ أعُدّْ :
«يُحِبُّني ، يُحبُّني كثيرْ ،
يُجَنّ بي ، يَصْدُقِني ، يَجُدّ ،
يَكْذِبُ… لا ؟... بلى » وأَستَجيرْ
بالوَرَق الأخيرْ …
وخَوفَ أنْ أُصَدّْ
وأقحُوانتي تقولْ
أنَّكَ لا تحبِنُّي ، للعُمرِ ، للأبَدْ
آخُذُها بيَدّْ
وبيَدٍ أنثُرها بَدَدْ
ويَحِي ! وتَطوِي سِرَّك الحُقُولْ !

* * *

وفي غَدٍ إن أنا لمَ
أكُنْ غرامَكَ الوحيدْ
أُضَمّْ
أُضَمُّ ، وحدي ، وأُشَمّْ
وكان نَيْسانٌ جديد …
لا لن تَرَى الزَّهَرْ
مجرَّحاً بَدِيد
قلبي غَفَرْ
قلبي الذي يَذْكر ألفَ شيْ
أَنّي غِوَى النَّظَرْ …
نَبْضُ الصِّبا .. بلَّورةُ السَّحَرْ …
أنَّ على يَدَي
يلهُو القدَر
وإن أنا أَسقطتُ مِن عَلَيّْ
ثوباً ، فما شمس وما قَمَرْ ؟
 
 

26 - نوفمبر - 2007
يــارا - هذا الاسم الجديد على العربية
بل هو كما الأعمدة    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

 
مساء الخير دكتور مواسي وكل شكري وعرفاني لكلماتك الطيبة الودودة ولمراجعاتك الدقيقة والمفيدة :
 
عندك حق أستاذي ، فالأبيات التي ذكرتها قالها في الستينات بينما ملحمة المجدلية كانت قد صدرت في العام 1937 ، والأبيات إذن هي من ديوان " كما الأعمدة " ومن قصيدة : " من وردتين اثنتين الشمس " ( الكتاب بعنوان : سعيد عقل ، شعره والنثر ) كما تبين لي بعد أن أستوقفك الموضوع ، وكان الالتباس قد حصل بسبب أنني كنت قرأت البيتين مؤخراً في مقالة تتحدث عن ملحمته " المجدلية " وحسبت أنهما منها دون أدقق بالموضوع وأنا أعتذر عن هذا الخطأ . يقول مطلع القصيدة :
 
سيف على البُطل أم شيماتك الحرُمُ يـا شعرُ خلِّدْ ... وسيف ذلك iiالقلمُ
 
وهذا يذكرني بتعليق كتبه الأستاذ زهير في مجلس دوحة الشعر ، ملف : ما رأيك يا أستاذ زهير ؟ ، كان قد لاحظ فيه بأن سعيد عقل غالباً ما يأتي على ذكر السيف في قصائده " ويكاد السيف لا يفارقه في كل قصائده " كما يقول ، مدرجاً مجموعة من الأمثلة كبيرة أكثرها قصائد غنتها فيروز قيلت في الشام ( شام يا ذا السيف ) ، وفلسطين ( سيف فليشهر ) ... . والملاحظة المهمة التي وردت في ذلك التعليق كانت تسليط الضوء على تلك الناحية المهمة في شخصية سعيد عقل ( تقديس البطولة والفروسية واستخدام السيف كرمز ) وكيف يجمع بينها وبين إيمانه المسيحي المغرق في الروحانية مع العلم بأنه من المتعمقين بدراسة اللاهوت ؟ والأهم من هذا هو أن نفهم موقفه بالعمق بعد أن نزيل عنه إسقاطات الحرب ومخاوفها .
 
والملاحظة الأخيرة هي أن البيتين :  
 
الشعر قَبضْ ٌعلى الدنيا، مشعشعةً كـما  وراء قَميصٍ شعشعت نُجُمُ
فـأنت والكونُ تَيَّاهانِ كأس iiطِلىً دُقَّّـتْ بـكـأسٍ وحُلْمٌ لمّه حُلُمُ ii.
 
سليمان كما أظن ولا أرى فيهما أية مشكلة .
 
مع خالص المودة .

27 - نوفمبر - 2007
يــارا - هذا الاسم الجديد على العربية
 47  48  49  50  51