أباطيل وأسمار     ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
وكل الشكر لأستاذنا الكبير ياسين الشيخ سليمان على هذه الوصايا المنتخبة، وقد ذكرني تعليقكم الذي تضمن حديث قطع الألسنة بقصة محمد بن عمار التي يرجح أن تكون مختلقة على المتوكل على الله العياسي كما سأبين تعليقا على على النص الآتي وهو ما حكاه محمد طاهر السماوي (ت 1950م) في كتابه (الطليعة في شعراء الشيعة) قال:
عبد الله بن عمار، أبو محمد البرقي:
وسماه في المعالم: علي بن محمد، وكناه: أبا عبد الله وليس به كما ذكره الخوارزمي في رسالته لأهل نيشابور، والثعالبي والحموي.
كان شاعرا أديبا ظريفا، مدح بعض الأمراء في زمن الرشيد إلى أيام المتوكل، وأكثر في مدح الأئمة الأطهار حتى جمع له ديوانا أكثره فيهم وحرق كما سنذكره في سبب موته. حدث حماد بن إسحاق عن أبه قال: قلت في معنى عرض لي: (وصف الصد لمن أهوى
فصد) ثم أجبلت، فمكثت عدة أيام مفكرا في الإجازة فلم يتهيأ لي شيء، فدخل علي عبد الله بن عمار فأخبرته، فقال مرتجلا:
........................ وبدا يمزح بالهجر فجد
ما له يعدل عني وجهه وهو لا يعدله عني أحد
فمن شعره في الأئمة عليهم السلام قوله من قصيدة مشهورة ألوها:
((ليس الوقوف على الأطلال من شاني))
وقال السمعاني: هي قصيدة للعوني شاعر الشيعة، وذكر انه سمع عمر بن عبد العزيز لما
سمعها وما فيها أمر بقتله، فقتل بالمدينة، ضرب بعمود فمات منه.
يقول فيها:
فـهو الذي امتحن الله القلوب iiبه |
|
عـمـا يجمجمن من كفر iiوإيمان |
وهو الذي قد قضى الله العلي iiله |
|
أن لا يـكون له في فضله iiثاني |
وأن قـومـا رجوا إبطال iiحقكم |
|
أمسوا من الله في سخط وعصيان |
لـن يـدفـعوا حقكم إلا iiبدفعهم |
|
مـا أنـزل الله مـن آي iiوقرآن |
فـقـلـدوهـا لأهل البيت أنهم |
|
صـنو النبي وأنتم غير iiصنوان |
إلى أن قال:
توفي سنة مائتين وخمس وأربعين وذلك أنه وشي به إلى المتوكل، وقرئت له قصيدته النونية
التي أثبت منها شيئا وفيها ملا يثبت، فأمر بقطع لسانه وإحراق ديوانه، ففعل به ذلك، ومات
بعد أيام، ذكر ذلك جمع غفير منهم الخوارزمي وابن شهر آشوب، وغيرهم من المترجمين،
رحمه الله تعالى.
قلت أنا زهير: وهذه الأبيات قطعة من قصيدة لأبي نواس (1) قد أطبقت كتب الأدب أنه قالها في مدح الأمين، وهي في ديوانه (18) بيتا، وذكرها ابن المعتز في (طبقات الشعراء) وهي في ذم الطالبية ومدح العباسيية وفيها قوله: فَقَلِّدوها بَني العَبّاسِ إِنَّهُمُ = صِنوُ النَبِيِّ وَأَنتُم غَيرُ صِنوانِ
أما قصة حماد بن إسحق وإجازة ابن عمار له في مطلع قصيدته (وصف الصد لمن أهوى فصد) فهي من أشهر أخبار الأدب وقد ذكرها أبو الفرج الأصبهاني في الأغاني، وليس في القصة محمد بن عمار بل (عبد الله بن أيوب التيمي) أحد المجان الخلعاء، وسماه ابن ظافر في (بدائع البدائه) عبد الله بن عمار التيمي، والقصيدة برمتها منسوبة في (زهر الآداب) إلى أبي علي البصير. وأما قصيدة العوني التي ذكرها السمعاني في مادة (العوني) فلم يصلنا منها سوى هذا الشطر، وقد أشار إليه الثعالبي في يتيمة الدهر، في ترجمة أبي بكر الخوارزمي الذي ضمن الشطر في قصيدة له، فقال الثعالبي: (المصراع لعبد الله بن عمار الرقي (وليس البرقي)
وكل هذا يدل أن طائفة من الناس كان شغلها الشاغل التعيش بتلفيق الأخبار وتزوير الأشعار، وعند الله تجتمع الخصوم.
______
(1) والجدير بالذكر أن السماوي عد أبا نواس من شعراء الشيعة قال:
ومن شعره في المذهب قوله وقد بايع المأمون للرضا عليه السلام ومدحته الشعراء سواه،
فليم على ذلك فقال، كما رواه جملة من الرواة والمؤرخين:
قيل لي أنت اشعر الناس طرا في المعاني وفي الكلام النبيه
لك من جوهر القريض بديع يثمر الدر في يدي مجتنيه
فعلا ما تركت مدح ابن موسى والخصال التي تجمعن فيه
فقلت لا أستطيع مدح إمام كان جبريل خادما لأبيه
وقوله في لأئمة من قصيدة:
مطهرون نقيات ثيابهم تجري الصلاة عليهم أين ما ذكروا
من لم يكن علويا حين تنسبه فما له في قديم الدهر مفتخر
والله لما برى خلقا وأتقنه صفاكم واصطفاكم أيها الخير
فأنتم الملأ الأعلى وعندكم علم الكتاب وما جاءت به السور |