البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات عبدالرؤوف النويهى الحرية أولا وأخيرا

 46  47  48  49  50 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
الخوف    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم

(وأوجس خيفة موسى )
                       صدق الله العظيم
فى البدء كان الخوف 00
فى البدء ترعرع الخوف فى الإنسان ، ولم يسلم منه حيوان أو آدمى أيا كان 00الأنبياء والمرسلون  عاشرهم الخوف واستولى عليهم وهز من قواهم وأفقدهم  سكونهم ورجرج اتزانهم ولم يفلت من الخوف بشر00
 
الخوف من الفناء كان الهاجس السرمدى الذى أقلق مضجع الإنسان ،واختفاء الناس من حوله زاد من قلقه ورعبه وذعره وتأ جج ظنونه المربكة لمسيرة حياته القصيرة ،ولكى يتغلب على خوفه  حاول الإنسان أن يصنع خلودا وقهر الفناء الذى يتراءى له فيما يحيط به 00
كان سعيدا بوجوده 00وفجأة دب الفناء فى أوصاله 00فلم يجد سوى خوفه يلوذ به ويحتمى 00
 
كنت صغيرا غضا 00مسرورا ومبتهجا   00أرعى البهائم وأسحب الجاموسة وأنطلق إلى الغيط لكى أحش لها البرسيم ،وأقدمه لها  وأراقبها وهى تأكله بنهم وتلذذ 00
وولدت الجاموسة عجلا صغيرا 00أرى أمى تأخذه لترضعه من أثداء الجاموسة التى تلعقه بحنان وهو يحتك بها فى انبساط 00 وكبر العجل وتعلقت به 00أخرج من المدرسة وأعدو حتى أطعمه  وأسقيه وأنظف الطين العالق بجسمه 00
وفى يوم  خرج ابن عم والدى وهو أسن منى بسنوات أربع وأنا معه لكى نسقى البهائم من الحوض الذى يبعد عن بيتنا بحوالى   500متروسرت معه ساحبا الجاموسة وهو يسحب العجل الذى يقفز فرحا  مختالا  ويشد ابن عم والدى  الذى سيطرت عليه القسوة، والغضب الشديد بان فى وجهه وبكل شراسة ضرب العجل الذى فزع لهذه القسوة وزاد من قفزاته وجذب ابن عم والدى 00وكان هناك حفر بالشارع لتركيب مواسير مياه الشرب 00ولم يكن ابن عم والدى قاسيا  فقط  بل أشد قسوة وفظاظة على هذا العجل الصغير  الذى أتأمله بوجه باسم وعيون دامعة من الفرح  وهو يقفز ويلعب وأحاول أن أثنى ابن عم والدى ألا يقسو عليه لكنه عنفنى وكاد يضربنى 000وفجأة وجدت العجل منطرحا على ظهره فى الحفرة أمام عينى وأرجله لأعلى وقد زاغت عيناه وتحشرج صوته وبدأ يصرخ ويتألم ويعلو صوته الحزين 000
ولم أتمالك نفسى فصرخت أنا الآخر صرخات مرعوبة مذعورة وبكيت بحرقة وأنا أسبَ ابن عم والدى على فظاظته وقسوته وضربه المبرح، وتجمع الناس على صرخاتى ورأووا العجل منطرحا على ظهره بالحفرة 00وهرع منهم من ذهب إلى بيتنا لتبليغ والدى وعمى وحضر الجميع وشاهدوا العجل منطرحا ويوشك أن تزهق روحه وأنا أبكى بكاءا مرا 000
وطال الوقت 00والعجل منطرحا يئن ويتعذب بل أكاد أرى دموعه تنساب مدرارا 00وأحضروا عروقا خشبية وأحبالا ،،ونزل بعض الرجال وربطوا العجل ولفوا حوله أحبالا كثيرة ،وأتى رجال آخرون لرفعه من الحفرة 0ومرة يكاد يصل إلى سطح الأرض ثم يتهاوى منهم فى الحفرة 000
كنت أشاهد أكبر مأساة لحيوان ضعيف لا حول له ولاقوة 00وتم إخراجه بعد  عدة ساعات 000لكن العجل لم يصمد طويلا وأحس بعض شيوخ القرية بقرب نهايته فأسرعوا إلى ذبحه 000وكرهت ابن عم والدى كرها  لازال قائما فىَ رغم أنه مات منذ سنتين 00
كنت آنذاك فى السابعة من عمرى وترسب فىَ الخوف وتجذَر فى كيانى ولم أبرء منه حتى اللحظة 00
 
 
 

24 - مايو - 2007
القصة القصيرة
حب 000للشاعر الكردى /شيركوبيكس بوستر    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

وضعتُ أذني على قلبِ الأرض
حدثني عن حُبِّهِ للمطر ،
وضعتُ أذني على قلبِ الماء
حدثني عن حُبهِ للينابيع ،
وضعتُ أذني

حب
 
وضعت أذنى على قلب الأرض
حدثنى عن حبه للمطر
 
وضعت أذنى على قلب الماء
          حدثنى عن حبه للينابيع
 
وضعت أذنى على قلب الشجر
حدثنى عن حبه للأوراق
 
وعندما 000وضعت أذنى على قلب حبيبتى
حدثنى
عن الحرية
 
 
 
 
على قلبِ الشجر
حدثني عن حبهِ للأوراق
وعندما ... وضعتُ أذني على قلبِ حبيبتي
حدثني
عن الحرية ..!!!

12 - فبراير - 2007
من روائع الشعر العالمى
عيش الغراب 00قصة قصيرة للقاص الإيطالى /إيطالو كالفينو    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

عيش الغراب وسط البلد

ايطالو كالفينو

تحمل الرياح القادمة من بعيد  إلى المدينة عطايا غير مألوفة ، لا يحلظها سوى قلة من ذوي الإحساس المرهف ، كالمصابين بحساسية الدريس ، الذين ما إن يتطاير حولهم غبار طلع وافد من أرض غريبة حتى يأخذون في العطس .
تصادف ذات يوم أن نفحة من بذور ، لا يعرف أحد أية ريح حملتها ، هبطت على حافة حوض زراعي في مكان عام ، فكان أن بدأت في الظهور بعض نبتات من عيش الغراب ، لم يلتفت اليها أحد سوى الساعي "مار كوفالدو" ، الذي يأخذ " ترامه " كل صباح من هذا المكان بالتحديد .
لم تكن عين "ماركوفالدو" هذا صالحة بما يكفي للحياة في المدينة فالإعلانات وإشارات المرور و " الفاترينات " واللا فتات الضوئية والملصقات ، التي درست لإثارة الانتباه ، لم تتمكن مطلقا من جذب نظراته التي كانت تبدو كالجارية على رمال صحراء . ولكن أن تصفر ورقة شجر على أحد الفروع ، أو تنحشر ريشة طائر خلف قرميدة ، فهذا ما لم يكن يفوته : إذ لم يكن ثمة زنبور على ظهر حصان ، أو خرم سوس في لوح خشبي ، أو قشرة تين مسحوقة على
الرصيف ، إلا ويلحظها "ماركو فالدو" ، وتتحول عنده إلى مادة للتفكير تكشف له عن تغير الفصول ، ورغبات نفسه ، وبؤس وجوده .
وهكذا ذات صباح ، بينما كان في انتظار الترام الذي يقنه إلى عمله في شركة "سباف " حيث يضطلع بالأعمال الشاقة ، لاحظ شيئا غير اعتيادي بالقرب من المحطة ، على شريط الأرض المتحجرة العقيم الذي يتبع صف الأشجار على الطريق : في بعض المناطق ، على جذوع الأشجار ، بدا كأن بعض البثور قد راحت تتورم ، وتتفتح هنا وهناك ، سامحة لبعض الأجسام الدرنية تحت الأرضيةالمكورة بالظهور .
انحنى لربط الحذاء ونظر مليا بر كانت نباتات عيش غراب ، "عيش غراب " حقيقية آخذة في البزوغ في القلب ، من قلب المدينة ! ظن "ماركوفالدو" أن هذا العالم الرمادي الباشى المحيط به قد تحول فجأة الى معطاء كريم ذي كنوز خفية ، وأنه ما زال بالإمكان توقع أشياء أخرى من الحياة غير الأجر اليومي حسب لائحة
الأجور ، والعلاوة ، والأعباء العائلية ،وغلاء المعيشة .
كان في العمل مشتتا فوق العادة ، يفكر في أنه بينما يواصل هو تعتيق الصناديق والعلب هنا ، فقد راح عيش الغراب هناك في ظلام التربة ، صامتا بطيئا معروفا له وحده ، ينضج أجزاء اللحمية المسامية ، ويتمثل العصارة تحت الأرضية ، ويخترق سطح التربة الجاف ، وكان يقول لنفسه نافد الصبر في انتظار اللحظة التي سيفضي فيها باكتشافه الى زوجته وأبنائه الستة : "تكفي ليلة مطر واحدة كي يصبح جاهزا للجمع " .
أعلن خلال العشاء الهزيل : "انتبهوا لما أقول ، أؤكد لكم أننا سناكل عيش الغراب خلال الأسبوع القادم ، عيش غراب محمر في منتهى العظمة". وللأطفال الأصغر سنا الذين لا يعرفون ما هو عيش الغراب ، راح يشرح بإسهاب جمال أنواعه المختلفة ، ورقة مذاقه ، وكيفية وجوب طهيه ، وهكذا سحب أيضا الى المناقشة زوجته "وميتيللا " ، التي بدت حتى تلك اللحظة شاردة غير مقتنعة .
سأل الأطفال : "أين هو عيش الغراب هذا ? قل لنا أين يوجد ?" .
عند هذا السؤال فرمل خاطر مستريب حماس "مار كوفالدو" "هكذا أصف أنا الآن المكان لهم ، فيذهبون هم للبحث عنه بصحبة إحدى العصابات الشيطانية المعتادة ،
فيطيرالخبر في كل أنحاء الحي ، فينتهي عيش الغراب في أوعية الآخرين " ! وهكذا يدفع اليه الآن ذلك الاكتشاف - الذي كان قد أفعم قلبه بالعشق الكوني - بهذيان الملكية الخاصة ، ويحيطه بخوف غيور شكاك .
- "مكان عيش الغراب لا يعرفه أحد غيري . والويل لكم لو أفلتت منكم
كلمة واحدة" هكذا قال لأولاده .
في الصباح التالي ، كان "ماركوفالدو" يقترب من محطة الترام يملؤه القلق ، انحنى على الحوض الزراعي ، ورأى بارتياح عيش الغراب وقد نما بعض الشيء ، فقط بعض الشيء ، فقد كان مختبئا ما زال تحت الأرض ، تماما .. على وجه التقريب . وهكذا كان منحنيا ، عندما شعر بكائن ما خلف ظهره . انتفض منتصبا محاولا اظهار نفسه في هيئة اللامبالي ، كان هناك كناس قد راح يراقبه ، مستندا الى مقشته .
كان ذلك الكناس ، الذي يقع عيش الغراب في منطقة نفوذه ، فتى نحيلا طويلا بنظارة طبية ، وكان يدعى "أماديدجي " ، وكان ثقيل الظل على قلب "مار كوفالدو" منذ فترة ، ربما بسبب تلك النظارة التي تنقب دائبة في أسفلت الشارع ، بحثا عن أي أثر طبيعي لمحوه بضربات المقشة .
ثم كان يوم السبت ، وكان "مار كوفالدو" يمضي راحة نصف اليوم حائما فيما حول الحوض الزراعي ، متخذا هيئة الشارد ، يراقب - على البعد - بانتباه الكناس وعيش الغراب ، ويحسب كما يحتاج من الوقت حتى ينمو.
أمطرت في الليل : وكالفلاحين بعد أشهر الجفاف اذ يستيقظون ويقفزون سعداء بصوت القطرات الأولى ، هكذا كان "مار كوفالدو" الوحيد في المدينة كلها الذي نهض جالسا في فراشه ، ونادى العائلة ? "المطر ، المطر" ، وراح يتشمم رائحة الغبار المبلول والزناخة الطازجة الآتية من الخارج .
في فجر الأحد ، هرع من فوره الى الحوض الزراعي بصحبة الأولاد ، وسله كان قد اقترضها . كان عيش الغراب هناك ، بقبعاته العالية ، مستويا على سوقه على الأرض الغارقة بالماء ما تزال - "يا اااه!" وألقوا بأنفسهم لجمعه .
قال "ميكيلينو" : - "بابا ! أنظر كم جمع ذلك السيد هناك ?! ، رفع الأب رأسه فرأى "أماديدجي " واقفا الى جوارهم ، ومعه هو أيضا سلة معلقة بذراعه مليئة بعيش الغراب .
قال الكناس : "آه . أنتم أيضا تجمعونه ? فهو صالح للأكل إذن ? لقد جمعت بعضا منه ، لكني لم أكن مطمئنا .. التي نبتت هناك في الطريق أكبر بكثير من هذه .. حسن ، الآن وقد عرفت فلأطمئن أقاربي الذين وقفوا هناك يتجادلون : أمن  الأفضل جمعه أم تركه " .. ، وابتعد بخطوات واسعة .
فقد "مار كوفالدو" النطق : عيش غراب أكبر بكثير من هذا لم يلحظه هو ، محصول لم يحلم به يذهبون به هكذا أمام عينيه . بقي للحظة متحجرا من الغضب ،من الغيظ ، ثم كما يحدث عادة - تحول انهيار كل أحلامه الشخصية إلى اندفاعة كرم . في تلك الساعة ، كان هناك أناس كثيرون في انتظار الترام ، بمظلاتهم المعلقة بأذرعتهم ، حيث كان رطبا ما زال وغير مستقر . صاح "مار كوفالدو" في الجمع المتحلق حول المحطة : "أنتم هناك ! هل تريدون تناول عيش الغراب المحمر هذا المساء ? ها هوعيش الغراب قد نما هنا في الطريق ! تعالوا معي  هناك ما يكفي الجميع " !
ومضى في أعقاب "أماديدجي " يعقبه ذيل صغيرمن بعض الأ شخاص . وجدوا من عيش الغراب ما يكفي الجميع ، ولنقص في السلال فقد فتحوا المظلات واستخدموها . قال أحدهم : " كم يكون جميلا أن نعد وليمة غذاء جماعية"  لكن كل واحد منهم أخذ ما جمعه من عيش الغراب وتوجه إلى بيته .
لكنهم سرعان ما التقوا ، بل في نفس الليلة وفي نفس العنبر بالمستشفى ذاته ، بعد غسيل المعدة الذي أنقذهم جميعا من التسمم : لم يكن خطيرا في الحقيقة ، ذلك أن كمية ما أكله كل منهم من عيش الغراب كانت للحق متواضعة جدا .
كان " مار كوفالد و" و ا"أماديدجي " يرقدان على سريرين متجاورين ، يتبادلان النظر شزرا .
(ترجمة : المحمود ا براهيم )
هامش :
إيطالو كالفينو ( Italo Calvino) ، 198 - 19235
كاتب إيطالي بدأ واقعيا (درب أعشالش العناكب LL
Sentiero dei nidi ragno
1947 ، ثم كتب روايات تهكمية مضحكة ثلاثية
(الفيسكونت ا لمشطورة llvisconte dimezzato
1953 ، والبارون المتعلقLL barone rampante
11957 تم الفارس عديم الوجود -LLCavaliere in
1959 esistente ، وقائع يوم المراقب الانتحابيLa
1963giornata di uno scrutatore ، المدن غير
المرئيةLe citta invisibili، لو أن مسافرا
ذات ليلة شتوية -Se una notte d inveno un 1979Viaggiatore تعتبر مجموعة قصص مار كوفالدو1963 Marcovaldo من أشهر أعماله.وقد نشرت بعد موته مجموعة مقالات عن تأملاته حول القيم الآدبية بعنوار دروس أمريكية Lezioni americane 1988 .
 

24 - مايو - 2007
القصة القصيرة
موت الذئب00قصة قصيرة فرنسية 00ألفريد دوفينى    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

أقبل الذئب(1)، ناصباً يديه، اللتين غرزهما في الرمل بأظافرهما المقوسة. وقدر أنه هالك، لأنه بوغت وقطع عليه خط الرجعة، وسدت عليه الطرق، وحينئذ أمسك بفمه المتوقد، أجرأ الكلاب، من حلقومه اللاهث، ولم يرح فكه الحديدي، - على الرغم من طلقاتنا النارية التي كانت تخترق لحمه، وخناجرنا الحادة التي كانت تتصالب كالكماشات وهي تغوص في خاصرتيه العريضتين، - إلا في آخر لحظة حين رأى الكلب المخنوق، يسبقه إلى الموت بزمن طويل، ويتدحرج معفراً(2) تحت أقدامه! تركه الذئب حينئذ ثمّ نظر إلينا. وقد بقيت الخناجر مغمدة في خاصرته حتى المقابض، تسمره(3) في الكلأ المغمور بدمه، على حين كانت بندقياتنا تحيط به على هيئة هلال مشؤوم، أعاد النظر إلينا ثم عاد إلى الاضطجاع، وهو لا يني(4) عن لعق الدم المنتشر حول فمه ودون أن يعبأ بمعرفة كيف هلك، أغلق عينيه الكبيرتين، ومات من غير أن يصرخ صرخة واحدة...
وأسفاه! لقد فكرت بأنني على الرغم من اسمنا "الرجال" أخجل مما نحن عليه، فما أشد خورنا
(5)!
كيف يجب أن تودع الحياة وشرورها كلها? أنتم فقط تعرفون ذلك، أيتها الحيوانات المحترمة فلدى رؤية ما يصير إليه الخلق على الأرض، وما يتركونه، يعلم أن الصمت وحده عظيم، وأن كل شيء غيره خور، - آه لو عرفت جيداً أيها الراحل المتوحش ..فإن نظرتك الأخيرة نفذت إلى قلبي كانت تقول:
 
إذا استطعت فاعمل على أن تصل نفسك بفضل بقائها مُجِدِّةً مفكِّرة، إلى هذه الدرجة السامية من الكبرياء الرّواقية التي بلغتها منذ لحظة قصيرة بفضل ولادتي في الغابات إن الأنين والبكاء والاستعطاف هي أيضاً جبن وحقارة، -فاعمل دائباً واجبك الثقيل الطويل في السبيل التي أراد القدر أن يناديك إليها  ثم تجلد مثلي بعد ذلك، ومت من غير أن تفوه بكلمة.

 

ألفريد دوفيني (1797 – 1863) شاعر وروائي ومؤلف مسرحيات فرنسي
1 جلس كما يجلس الكلب.
2 ممرغاً بالتراب.
3 تثبته وتشده.
 4لا يتوقف.
5 الخور: الضعف.
 

24 - مايو - 2007
القصة القصيرة
فضفضة 000عن الذئب    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

قرأت قصة ألفريد  دوفينى منذ زمن بعيد ،ولم يكن الذئب بمنأى عن حياتى،فقد كان موجودا فى سورة يوسف بالقرآن الكريم حفظتها صغيرا على يد الشيخ بكتاب القرية وأتلوها أمام والدى الدارس والحافظ والمجود للقرآن الكريم الذى يُصلح لى أخطائى ويشدد على النطق السليم ومخارج الحروف0
 
  (((أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ 12 قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ 13 قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَّخَاسِرُونَ 14 فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ 15 وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاء يَبْكُونَ 16 قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ 17 وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ 18 ))))
كنت أقرأ هذه السورة وأنا مندهش من الإفتراء على الذئب البرىء من دم يوسف عليه السلام 0
شاهدت الذئب وهو يعدو  وراء الأغنام والكلاب تطارده ،بل هناك مثل شعبى مصرى يشيد بمن يعمل عملا بطوليا أنه(( جاب الديب من ديله)) ويقال أيضا لمن عمل عملا بسيطا ولكنه يفتخر به فنقول على سبيل السخرية (أصله جاب الديب من ديله )0
وفى يوم فؤجنا فى  أوائل ستنيات القرن الماضى   بعمى  ( الأخ الأصغر لوالدى (شقيقه ))يأتى بذئب صغير معه، ردا منه على سخرية جدتى والدته بأنه جاب الديب من ديله !!! وفزع كل من فى الدار، بل أحد أقاربى قام بتحنيط ديب وهو يهم بالجرى وأذهب إلى منزله لأراه وأتمعن فيه0 0
كنا نسهر بالغيط لرى الأرض وأسمع عوائه وهو يقترب من أرضنا أو يبعد عنها ،وظلت صلتى بالديب موصولة وأنا أشيد به لأنه ذُكر بالقرآن الكريم 00وشيوخ القرية يصفون بعض الرجال بأنه ديب يبلد ويقف ساكنا ثم ينقض على فريسته ويفتك بها على غرة 0
أعجبتى قصة موت الذئب لدو فينى وهو يصف الذئب (ومات من غير أن يصرخ صرخة واحدة)000
 

أى شجاعة وقوة يتحلى بها هذا الذئب ???

 
وأحسب أن دوفينى استنطقه بكلمات خالدة ستظل لأرباب العقول المتوقدة  سراجا منيرا (  000فاعمل دائباً واجبك الثقيل الطويل في السبيل التي أراد القدر أن يناديك إليها  ثم تجلد مثلي بعد ذلك، ومت من غير أن تفوه بكلمة)00
 
 
 

24 - مايو - 2007
القصة القصيرة
هذا الإنسان0000    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم

السعى نحو الجمال والحض عليه 00دأب وديدن00 جميل النفس، عميق النظرة، رائع الكلمة ،حلو الإبتسامة،عذب المنطق0
 
هذا الإنسان الوديع الذى أودع الله جل جلاله فيه شمائل الخير والحب والجمال0
 
هذا الإنسان الكريم 000الأخ العزيز أستاذنا/عبد الحفيظ 00 حفظه الله لأهله ومحبيه0
 
هذا الذى يملأ سماء وأرض الوراق وطننا الثانى بكتاباته الغزيرة العميقة وصوره المنتقاة بحس وذوق فنى لايبارى 00
 
           أشكرك 00أشكرك 000أشكرك 00أخى الرائع 000

24 - مايو - 2007
القصة القصيرة
قصة قصيرة من الأدب الأمريكى المعاصر0    كن أول من يقيّم

                         غداء فى استراحة مارلتون
                                       للقاصة /  دونا  ليفى
                                                 ترجمة /صالح الرزوق
 
 
قابلت الشهر الماضي البنات خلال الغداء في استراحة مارلتون. و ذلك في الصالة المفضلة لدينا من المجمع الجديد. كان هذا المطعم اختيارا موفقا . بطريقة ما تناول الطعام هناك جعل شهيتي من غير حدود ، و كنت نصف الوقت أتناول من المأكولات ، ثم أيضا أفكر بكل ذلك المقدار من الثياب المعروضة التي لفتت انتباهي أثناء الصعود إلى فوق بواسطة المصعد ، بالأخص تلك التنورة الخفيفة ذات اللون الأحمر الداكن و لكن العاطفي و الدافئ. بعد أن أصبحت بين صديقاتي ، لم يكن بوسعي أن أغض البصر عن التألق الذي كان في تمام الانسجام مظهريا مع أعمارهن. طبعا ، هذا رهط من النساء ، بغاية الأناقة و المعاصرة. حتى لو لم يكن لدى المرء إلمام شخصي بهن ، إن مظهرهن الخارجي وحده يخبرك أن لهن نصيبا في كل شيء. ثم عادت لي ذكرى أخرى. لقد كن جميعا ممن خضعن لعمليات تجميل في الوجه. و بينما كنت أتأمل بإعجاب كيف أن الجروح تشفى من أذني كاتي ، قالت على سبيل تعليق عابر  " أنت من عليه الدور ! لقد خضعنا جميعا لحد السكين ، ما عداك ".
كنت على دراية أن كل واحدة من بين أعضاء حلقة الصديقات هذه ( هناك حلقة أخرى لها اهتمامات شخصية مختلفة ) تتوقع مني أن أطلب موعدا مع الدكتور فرانكيل. كنت أعتقد أنني على وشك أن أحمل سماعة الهاتف و أطلب رقمه ، و ذلك في موعد قريب. و لكن مجرد التفكير بالملاقط و إبر الخياطة كان يطمرني بالذعر. و ما زالت ذكرى الغيبوبة من جراء استئصال اللوزات حية في الذهن ، لقد حصل ذلك في الماضي حينما كنت في حوالي الرابعة من العمر.
بعد الاستماع إلى تعليق كاثي ، أضافت مارج : " آه ، سريعا ما سوف أكرر ذلك ، الخضوع لتجميل في الوجه هو أفضل قرار أزمعت عليه ".
على ما أعتقد لم أكن أنا بالذات جاهزة بعد . ليس ذاك لأنني لا أود أن أبدو في العين شابة . لقد كنت ، في أية حال ، أفضّل حقا أن أظهر بهيئة أخرى ، لنقل لانا تورنير ( 1 )  و هي في ريعان شبابها.
قالت جوديث : " لا تزهقي الوقت في التفكير ". و أضافت : " احزمي أمرك. و إلا اقتصر الأمر على ثرثرة مجانية عن نوايا مضمرة. صدقيني ، العمليات التجميلية هي خبز أية امرأة في الستين ".
و حينما كانت النادلة مشغولة معنا و تصب لنا القهوة في الأكواب ، استرقت السمع إلى حوارنا. لقد كانت لديها خطط خاصة من هذا القبيل. لذلك قالت : " بلغ مسامعي أن تبديل ملامح الوجه صرعة في هذا العصر ، أقله لدى السيدات الفرنسيات. أعتقد من ناحية عملية هذا يدخل في نطاق زرع الأعضاء . طبعا ، أنا لا أرغب أن يأتي أقارب و أصدقاء ذلك الشخص الفقيد الذي اندثر ، ليتحروا ماذا طرأ عليه. و من كل بد هم ينتظرون أن أتابع الحياة بنفس الطريقة حين كان ذاك الوجه معي. يجب فعلا التفكير بأشياء لها هذا الاتجاه ...".
ردت كاثي و جوديث في نفس واحد : " شكرا للاهتمام ".
في نفس الأثناء بدأت أشعر بالمغص. ربما لم يكن حريا بي أن أطلب وجبة ساخنة من سمك التيلابيا مع السلطة.
أصبحت ملامح مارج عويصة و جادة تماما و هي تحاول سرد قصة فرانسين أولسين. قالت : " ادخر زوجها قدرا من المال في حساب خاص فقط من أجل عملية للوجه. حسنا. أزمعت فرانسين أخيرا أن لا تحمل وجها صناعيا و لو كان شابا. كانت تعتقد أن من غير الملائم أن تغش الطبيعة بهذه الطريقة. و لكن ما علاقة ذلك بهذه الأفكار. إع ، حقا ، من يعلم. كانت تحبذ أن تكون هرمة كما يقتضي المنطق . حتى أنها سمحت لشعرها بالمشيب. و هكذا عقد زوجها إيرني موعدا لنفسه مع الدكتور فرانكيل . إنه لم يقتني وجها جديدا و حسب ، بل بحث عن زوجة أخرى ، و كانت أصغر منه بحوالي عشرين عاما ! ".
خيم الصمت على كل من وراء المنضدة.
و أنا أنظر إلى تلك الوجوه المستقيمة و من غير تجاعيد ، و لكن المضبوطة و الصارمة ، و بعيون شاخت بالسن و لا تعوزها الحكمة ،  شعرت كما لو أنني أخضع لعقوبة ابتزاز صامت.
قالت كاثي : " اعتبري أن هذا تحذير ، يا عزيزتي ".
قلت : " حسنا ، من دواعي الصدق ، يا بنات ، أنني لا أفكر بالرغبة لتجميل في الوجه بعد ".
انهمكن جميعا في ضحكة مجلجلة ، و مدت جوديث يدها إلى حقيبتها و سحبت منها مرآة صغيرة و قدمتها لي ، و هي تقول : " هاك. هذه هدية مني ! قدمها لي الدكتور فرانكيل على سبيل تحية. إن عنوانه و رقم هاتفه مسجل على قفاها ...".
قلت : " هلا أجد عذرا لديكن أيتها السيدات ! لست حقا جائعة و أنا أرى هناك تنورة حمراء و أرغب في قياسها ".
و لكن حتى قبل أن أتدبر أمري للنهوض ، سحبت مارج هاتفها الخليوي من المحفظة و قدمته لي.
و هكذا انتهى بي الأمر.
به طلبت موعدا من أجل عملية لتجميل الوجه ، و أنا أتناول الطعام في استراحة مارلتون.
 
 
* هوامش المترجم :
 
1 – لانا تورنر ( 1920 – 1995 ) : ممثلة أمريكية . من أفلامها ساعي البريد يقرع الجرس مرتين ( 1946 ) ، الفرسان الثلاثة ( 1948 ) ، محاكاة الحياة ( 1959 )، إلخ...
 
* دونا كينوورثي ليفي :  شاعرة و قاصة أمريكية. لها كتابات منشورة في مجلة سالومي المتخصصة في القضايا و المسائل النسوية المعاصرة. تقول ( في رسالة شخصية ) عن هذه الفترة من التاريخ الحديث : العالم يغدو أكثر سوريالية مما سبق ، و نحن على حافة الفناء .
 

24 - مايو - 2007
القصة القصيرة
قصة قصيرة من الأدب الألمانى 0    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

                                              أغسطس
                                                           هيرمان هسه
 
كانت تقيم في شارع " موستاكر" امرأة في ريعان الصبا، فقدت زوجها إثر حادث أليم ولم يمض على زواجها غير وقت قصير. وهاهي ذي قابعة في حجرتها الضيقة، فقيرة مهجورة، تنتظر طفلها الذي قدر له أن يولد يتيماً. ولما كانت تعاني وحدة لا يؤنسها فيها أي شيء، استقرت خواطرها دون انقطاع على الطفل المنتظر، فلم تدع شيئا جميلا رائعا مرغوبا فيه دون أن تتمناه وتتطلع إليه، وتحلم به لطفلها الصغير، فلم يكن يليق به أقل من قصر كبير مشيد بالحجارة، له نوافذ كبيرة من البلّور، تحيط به حديقة تتوسطها نافورة. أما بالنسبة لمهنته، فكان لا بد أن يكون على الأقل أستاذا في الجامعة أو ملكاً.

وكان يجاور السيدة "اليزابيث" عجوز طاعن في السن، أشيب الشعر، ضئيل الجسم، لا يبرح منزله إلا أحيانا، فإذا راق له أن يفعل ذلك وضع على رأسه قلنسوة تتدلى منها شرابة، وحمل مظلة خضراء عفا عليها الدهر، صنعت أسلاكها من عظام الحوت، وكان الأطفال يخشونه، والكبار يتهامسون فيما بينهم بأنه لابد أن تكون له أسبابه القوية التي تدفعه إلى حياة العزلة التي يحياها، وكانت تنقضي فترات طويلة لا يكاد يشاهده فيها أحد، إلا أنه قد يحدث أحيانا في إحدى الأمسيات أن تنبعث من منزله الصغير الخرب موسيقى رقيقة كأنها تخرج من عدد كبير من الآلات الدقيقة المرهفة. وحينئذ كان الأطفال العابرون يسألون أمهاتهم : أهي ملائكة تلك التي تنشد في الداخل، أم تراها جنيات? غير أن أمهاتهم كن يجهلن كل شيء عن هذا الأمر، فيقلن : " كلا .. كلا ، إنه لابد أن يكون صندوقا موسيقيا ."

هذا الرجل الضئيل الذي كان يعرفه جيرانه باسم " السيد بنسفاجنر"، كانت تربطه بالسيدة "اليزابيث" صداقة من نوع غريب. والواقع أن أحدهما لم يكن يتحدث إلى الآخر أبدا، ولكن الشيخ العجوز كان ينحني انحناءة مليئة بالود كلما عبر نافذتها، وكانت ترد عليه بإطراقة من رأسها في عرفان بالجميل، وفي كثير من الميل إليه. وكان كل منهما يحدث نفسه قائلا : "لو أن الأمور ساءت بالنسبة إلي، فسوف أذهب بكل تأكيد لطلب المعونة من منزل جاري" فإذا هبط الظلام جلست السيدة "اليزابيث" وحيدة إلى نافذتها، يعاودها الأسى على زوجها الراحل المحبوب، أو ربما فكرت في طفلها المرتقب، فراودتها الأحلام، فلا يلبث جارها العجوز أن يفتح نافذته متلطفا؛ لتنطلق من حجرته المعتمة أنغام ناعمة مريحة فضية مثل نور القمر حين يتسلل بين السحب. أما السيدة "اليزابيث" فكانت تتعهد من جانبها بضعة من نباتات الحيرانيوم القديمة تتسلق نافذته الخلفية، وكان ينسى دائما أن يرويها، ولكنها كانت دائمة الخضرة، حافلة بالأزهار، خالية من أية ورقة ذابلة؛ لأن السيدة اليزابيث كانت ترعاها في وقت مبكر كل صباح .
وذات مساء قارس البرد عاصف الريح كان الموسم فيه يتجه صوب الخريف، وقد خلا شارع " موستاكر" من الناس، أحست المرأة المسكينة بالمخاض، فارتاعت لأنها كانت وحدها تماما، ولكن عندما أوغل الليل، أقبلت امرأة عجوز تحمل في يدها مصباحا، فدخلت المنزل، وشرعت تغلي الما ، وتعد البياضات، وتقوم بكل ما يحتاج إليه طفل يجيء إلى العالم، واستسلمت السيدة " اليزابث" للرعاية في صمت، ولم تنبس بشيء، حتى إذا ولد الطفل، ولف في قماط ناعم جديد، ودخل في أول يوم له على الأرض، سألت المرأة العجوز: متى جاءت?
فأجابتها المرأة: " لقد أرسلني السيد بنسفاجنر" وسرعان ما غشى النوم الأم التي أنهكها التعب. وعندما استيقظت في الصباح، وجدت لبنا مغليا في انتظارها وكل شيء في الحجرة مرتبا في عناية فائقة، وإلى جانبها، رقد ابنها الصغير يصرخ من الجوع. غير أن المرأة العجوز كانت قد رحلت، فضمت السيدة "اليزابيث" الطفل إلى صدرها، وسرها أنه جميل قوي. وتذكرت أباه الراحل الذي لم يعش حتى يراه، فاغرورقت عيناها بالدموع، ولكنها احتضنت الطفل اليتيم الصغير، وابتسمت مرة أخرى، ثم عادت إلى النوم هي وصغيرها. فلما استيقظت، كان هناك مزيد من اللبن، وطبق جاهز من الحساء، ووجدت الطفل ملفوفا في أغطية نظيفة.

ولم تلبث الأم أن استردت صحتها وعافيتها، بحيث استطاعت أن ترعى نفسها وطفلها "أغسطس" وأدركت أنه لابد من تعميد ابنها، ولكنها لا تجد له إشبينا. وذات مساء، عندما أقبل الغسق، وانطلقت الموسيقى العذبة مرة أخرى من المنزل الصغير المجاور، ذهبت إلى باب السيد "بنسفاجنر"، وطرقته مترددة، فاستقبلها بصيغة ودية، وقال لها: " ادخلي!" وفجأة توقفت الموسيقى، وفي الحجرة شاهدت مائدة صغيرة عتيقة، يعلوها مصباح وكتاب. وكل شيء فيها عادي كما ينبغي أن يكون.

وقالت السيدة " اليزابيث": جئت لأشكرك على تلك المرأة الطيبة التي أرسلتها إليّ وأرغب في أن أدفع أجرها حتى أستطيع العودة إلى العمل وكسب شيء من المال، غير أنني مهمومة بشيء آخر فلا بد من تعميد الطفل، وتسميته أغسطس على اسم أبيه، ولكنني لا أعرف أحدا، ولا أجد له إشبينا.

قال جارها وهو يتخلل بأصابعه لحيته التي وخطها الشيب: " أجل .. لقد فكرت في هذا أيضا، وأحسب أنه من الخير أن تجدي له إشبينا عطوفا غنيا يمكن أن يتعهده إذا مسك أذى، إنني وحيد أيضا وعجوز وليس لي سوى أصدقاء قلائل ؛ ولهذا لا أستطيع أن أوصي بأحد، اللهم إلا نفسي، إذا تقبلت ذلك.

وكان هذا العرض مبعث سعادة للأم المسكينة، فشكرت الرجل العجوز ووافقت في حماسة. وفي يوم الأحد التالي، حملت الطفل إلى الكنيسة، حيث قاموا بتعميده وهناك ظهرت السيدة العجوز أيضا، ومنحت الطفل قطعة نقود فضية، وعندما اعتذرت السيدة اليزابيث عن قبولها، قالت العجوز : " كلا .. خذيها، فأنا امرأة عجوز ولدي ما أحتاج إليه ... ولعل هذه القطعة من النقود تجلب له الحظ، وأنا سعيدة إذا أسديت للسيد بنسفاجنر هذا الجميل، فنحن صديقان قديمان "

وذهبا معا إلى حجرة السيدة "اليزابيث"، فقدمت القهوة لضيفها، وكان " السيد بنسفاجنر" قد أحضر كعكة ، هكذا تحولت المناسبة إلى حفل تعميد حقيقي . وبعد أن فرغوا من الطعام والشراب ، وكان الطفل قد خلد إلى النوم منذ أمد بعيد ، قال الشيخ العجوز على استحياء : " الآن وقد أصبحت إشبين أغسطس الصغير ، كنت أحب أن أهدي إليه قصر ملك ، وأن أنفحه كيسا مليئا بالقطع الذهبية ، إلا أن هذه أشياء لا أملكها ، ولا يسعني إلا أن أضيف قطعة فضية إلى القطعة التي جادت بها جارتنا ، وعلى كل حال ، ما أستطيع أن أفعله له ، سأفعله ، وليس من شك أنك أردت لابنك الصغير ما تشتهيه الأم من أشياء جميلة رائعة . والآن ، فكري جيدا في الشيء الذي يبدو لك أفضل ما تشتهينه له ، وسأدبر الأمر ؛ لكي يتحقق ما تشتهين. لديك أمنية واحدة لطفلك أيا كانت ، أمنية واحدة فحسب ، أمعني الفكر . وفي هذا المساء ، عندما تسمعين الموسيقى من صندوقي ، اهمسي بأمنيتك في الأذن اليسرى لطفلك الصغير ، وستتحقق الأمنية ."

وما كاد ينتهي من قوله ، حتى خرج مغادرا الحجرة تصحبه الجارة العجوز ، تاركين السيدة اليزابيث في حالة من الذهول . ولولا أنها أبصرت قطعتي النقود في المهد والكعكة على المائدة ، لظنت أن الأمر لا يعدو أن يكون حلما . جلست إلى جوار المهد ، وهي تهز طفلها ، على حين استغرقت في التأمل واستعراض كثير من الأمنيات الجميلة . وخطر لها لأول وهلة أن تجعله غنيا وسيما ، ثم خطر لها أن تجعله قويا قوة خارقة ، ثم لماحا ، ذكيا ، ولكنها شعرت في كل اختيار بشيء من التردد ، وانتهت أخيرا إلى أن هذا كله لا يعدو أن يكون مزاحا أراد العجوز أن يداعبها به .

وساد الظلام فعلا ، وكاد النعاس يغلبها وهي جالسة بجوار المهد ، فقد أنهكها التعب على إثر قيامها بدور المضيفة ، ومن متاعبها ، وتفكيرها في تلك الأمنيات الكثيرة . وفجأة تناهت إليها من الباب المجاور ، موسيقى لطيفة ، أجمل وأرق من أية ألحان يمكن أن تنبعث من صندوق موسيقى . وأجفلت السيدة "اليزابيث" عند سماعها ذلك الصوت ، وتذكرت . وآمنت الآن مرة أخرى بجارها "السيد بنسفاجنر" وبهديته بوصفه إشبينا ، ولكنها كلما أمعنت الفكر ، واشتدت رغبتها في أن تستقر على أمنية ، اشتد عقلها حيرة ، وعجزت عن اختيار أي شيء .

وجدت نفسها في كرب شديد ، فانسكبت الدموع من عينيها ، وهناك ازدادت الموسيقى نعومة وخفوتا ، وأدركت أنها إن لم تبد أمنيتها في تلك اللحظة فقد يفوت الأوان .

تنهدت بصوت مرتفع ، وانحنت على الطفل ، وهمست في أذنه اليسرى : ابني الصغير ، أتمنى لك – وكلما ازدادت الموسيقى خفوتا استبد بها الفزع 0 فقالت مسرعة : "أتمنى لك أن يحبك كل إنسان" .

 

*مختار من القصة / عن مجموعته القصصية : (أحلام الناي) هيرمان هسه
ترجمة : محمد فؤاد عطا الله
- هيرمان هسه، الكاتب و الفيلسوف السويسري الشهير ذو الاصل الأماني ، الحاصل على جائزة نوبل للاداب عام 1946 عن روايته(لعبة الكريات الزجاجية)
 
 
 

24 - مايو - 2007
القصة القصيرة
مسافرون 000للشاعرة النمساوية / دوريس ميرينغر    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

                                    مسافرون
                                          دوريس ميرينغر
 
 
 
مسافرون نحن
مسافرون نحن
ولكن إلى أين...?
سألت أنا...
إلى وطن...!
ولكن أين هذا...?

سألت ثانية
هنا في داخلي
قال لي صوت آخر.
عصفور على شجرة اللوز
أطفال يبكون.
عصفور على شجرة اللوز يغني.
كلاب تعوى في الليل،
وعيون منبوذة في بركة ماء
تنتظر القمر.

عد إلى البيت.
سيصطادونك.
عد إلى البيت.
هم سيسخرون منك مثل ما فعلوا من قبل.
ومع ذلك ستعود
وتبقى مطالبا بالرحيل،
بئر عميق، جاف، في الطريق،
رياح وصبر.
ربما لن يعرفوك بعد ذلك
ولكن سيرجمونك بالحجارة،
لو بدأت
في الغناء
على شجرة اللوز ثانية.

 

* ترجمة: قاسم طلاّع
 
 

14 - فبراير - 2007
من روائع الشعر العالمى
أتمنى أن يحبك كل الناس 0    كن أول من يقيّم

((((((تنهدت بصوت مرتفع ، وانحنت على الطفل ، وهمست في أذنه اليسرى : ابني الصغير ، أتمنى لك ? وكلما ازدادت الموسيقى خفوتا استبد بها الفزع 0 فقالت مسرعة : "أتمنى لك أن يحبك كل إنسان" .)))
 
أغسطس شهر من شهور الحر الشديد فى مصر المحروسةويتصادف أن يتزامن مع شهر بؤونة ونسميه بؤونة الحجر00
نجمة أغسطس 00رواية ملحمية عن بناء السد العالى ، أبدعها الروائى المصرى /صنع الله إبراهيم 00
وسعدت أن أغسطس  لهيرمان هسه تحكى دقة وروعة الإختيار بين الأمانى والأحلام والتطلعات المادية الزائلة وبين المثل والمشاعر الخالدة 0
فكل ما يهم الجسد لابد أن يفنى ومايهم الروح هو الباقى
هذا الأديب العبقرى قرأت له فى سنواتى الأولى ، لعبة الكريات الزجاجية، مترجمة ،والحق يقال أجهدتنى كل الإجهاد وتحديت نفسى فى فهمها وأرغب الآن قراءتها علنى أزداد فهما وإدراكا وعلما 00 أنا الجاهل أبدا والساعى لبحر المعرفة لأحسو منه قطرات تروى بعض ظمئى القاسى من وعثاء السفر فى صحراء الحياة 0
بل سعيت سعيا لايكل ولايمل  أن أقرأ له ما يقع تحت عينى من أعماله الخالدة  العميقة الشديدة العمق ،المرتبطة إرتباطا وثيقا بالإنسانية فى أرقى صورها ،الداعية وبإلحاح على الوئام والحب بين البشر 0
 
هذا الروائى العالمى 00لم تكن جائزة نوبل للآداب شرفا له ورفعا من قدره بل علا نجمها وأشرقت بنورها أن تُوجت بإسمه  وشرفت به 0
 
ما أجمل الأم وأروعها 00وهى تتمنى لوليدها كل هذا الحب 0
أمنية غالية وجوهرة ثمينة وخلود للخير فى الأرض وفى البشر وإسعاد الحياه 0

ما أعظمك 00أيتها الأم  الرؤوم الحنون العظيمة الإختيار 00

ما أعظم أمنيتك (000أن يحبك كل الناس) 

كم أم تتمنى ذلك لوليدها ???

24 - مايو - 2007
القصة القصيرة
 46  47  48  49  50