البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات ضياء العلي

 44  45  46  47  48 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
مقدمة تاريخية (12 )    كن أول من يقيّم

 كان شاتوبريان قد وضع أمله في نابليون ، وأخذ يعول عليه في إحداث التغيير الذي يتمناه لإعادة رقابة السلطة الدينية إلى مؤسسات الدولة ، فعمل في خدمته بعد أن أصبح القنصل الأول لفرنسا ، وهو منصب ابتدعه نابليون لنفسه ، بعد أن أجبر أعضاء المجلس النيابي على المصادقة عليه ، يعطيه السلطة المطلقة على البرلمان وذلك قبل أن يتوج نفسه أمبراطوراً . إلا أنه ، وبعد أن تمكن من السلطة ، قام بإبادة أنصار الملكية بحجة انهم كانوا يخططون للإطاحة به ، وقتل دوق كندة Duc D'Enghien صديق شاتوبريان ، فكانت هذه ضربة قاصمة ، وخيبة أمل كبرى عاشها شاتوبريان الذي كان قد تم تعيينه حديثاً قنصلاً في إيطاليا ذلك الحين ، فاستقال من منصبه ، وهجر الحياة السياسية .
 
النص الذي سأقوم بترجمته اليوم ، ينتمي إلى الفترة التي كان نجم نابليون فيها قد بدأ يسطع في سماء فرنسا والعالم ، كان شاتوبريان لا يزال شاباً مسكوناً بالطموح والأحلام الكبيرة ، وكان له صديق يدعى فونتان Fontanes  وهو من رجالات سياسة تلك الحقبة ، وكان شاعراً وأستاذاً جامعياً ونائباً في البرلمان وملكياً دون المجاهرة بانتمائه لأن كان من المقربين إلى نابليون ومن أصدقاء أخيه لوسيان بونابرت ، وكان قد لعب دوراً في تقريب شاتوبريان من تلك الدائرة في الوقت التي كان فيه نجم نابليون ، القنصل الأول ، في صعود مستمر :

4 - أكتوبر - 2007
أحاديث الوطن والزمن المتحول
اللقاء الأول مع نابليون ( 13 )    كن أول من يقيّم

 
 
                                                     مقابلة مع بونابرت
 
بعد أن صادق المجلس التشريعي على معاهدة التطبيع (1) Le Concordat في العام 1802 ، أقام لوسيان (2) ، وكان وزيراً للداخلية ، حفلاً على شرف أخيه دُعيتُ إليه بصفة أنني عملت على حشد القوى المسيحية وأعادتها إلى موقع المشاركة في المسؤولية . كنت في الصالة الكبرى عندما دخل نابليون وربت على كتفي بتحبب . حتى ذلك الحين ، لم أكن قد لمحته سوى من بعيد . كانت بسمته رقيقة وساحرة وفي نظرته الكثير من الغواية خصوصاً بالطريقة التي يعلوها جبينه وهي من تحته محاطة بالحاجبين (3) . حتى ذلك الحين ، لم يكن لديه بعد أي خبث ظاهر في عينيه أو شيء من الحقد أو الادعاء . " عبقرية المسيحية " (4) الذي كان قد أثار من حوله الكثير من الضجة في حينها ، كان قد أثر على نابليون . ذلك السياسي البارد كانت تحركه مخيلة خارقة ولولا وجود هذه الملهمة لديه لما استطاع أن يكون ما هو عليه ، فالعقل يحقق ما لدى الشاعر من أفكار . كل هؤلاء الرجال العظام  يوجد لديهم مركب من طبيعتين لأنه يتوجب عليهم امتلاك القدرة على الابتكار ، والقدرة على العمل . الأولى تخلق الخطط ، والثانية تنفذها .
 
لا أعلم كيف لمحني بونابرت وتعرف إلي ، وعندما توجه نحوي لم يكن من الواضح معرفة الشخص الذي كان يبحث عنه ، فكانت الصفوف تفسح الطريق من أمامه ، وكل واحد من الحضور كان يتمنى لو أن القنصل الأول يتوقف عنده بينما كان يبدو على نابليون التأفف من هذه المراعاة لشخصه التي كان يحظى بها . كنت أحاول الإختفاء خلف من هم بجواري حين علا بصوته قائلاً : " سيد شاتوبريان ! " فبقيت وحدي عندها في المقدمة بينما تحلق الجمع من حولنا بما يشبه الدائرة . كان بونابرت يتكلم ببساطة شديدة ودون مجاملة ، ودون أن يطرح علي أسئلة فضولية . وبدون مقدمات ، حدثني رأساً عن العرب والمصريين ، كما لو أننا كنا معرفة قديمة ، وكما لو انه يكمل معي حديثاً كنا قد بدأناه سابقاً :
 
" لشدة ما كان يثير عجبي رؤية " المشايخ " وهم يخرون ساجدين في وسط الصحراء ، وجوههم متجهة صوب الشرق ، وجباههم تلامس التراب ، فما هو هذا المجهول الذي كانوا يعبدونه لجهة الشرق ? " .
 
يقاطع بونابرت نفسه وينتقل بدون أي تمهيد إلى فكرة أخرى : " المسيحية ! ألم يشأ الإيديولوجيون أن يجعلوا منها منظومة فلكية ? وحتى لو فعلوا فهل يظنون بأنهم سيقنعونني بأن المسيحية هي بالشيء القليل ? لو كانت المسيحية هي تأويل لحركة الدوائر ، فإن هندسة الفلك ، وأصحاب العقول الفذة قد احسنوا صنعاً ، فرغماً عنهم ، بقي الكثير من العظمة لهذا " الشيء الشائن " (5 ) .
 
بكل سلاسة يبتعد ، كأنه " أيوب " قد مرَّ في ليل وحشتي ، كأن شبحاً قد مرَّ من امامي فاقشعر له بدني : لقد وقف هنا ، ولم أعد أذكر وجهه ، لكن صوته أتاني وكانه من نفح الروح .
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
(1) Le Concordat هي معاهدة وقعها نابليون ( القنصل الأول ) في العام 1802 مع الكنيسة الكاثوليكية ممثلة بالبابا بي السابع ، وتنص على أن الديانة المسيحية الكاثوليكية هي دين الغالبية الساحقة من الفرنسيين مقابل أن تعترف الكنيسة بالجمهورية الفرنسية .
(2) Lucien Bonaparte شقيق القنصل الأول ووزير الداخلية آنذاك
(3 ) كانت ابتسامة نابليون الساحرة ونظرة عيونه الشديدة الزرقة بلونها الداكن قد أثارت إعجاب جميع معاصريه .
(4) عبقرية المسيحية Génie du Christianisme كتاب ألفه شاتوبريان وعمل صديقه فونتان على نشره في نفس الفترة التي تم فيها التوقيع على المعاهدة مع الفاتيكان وكان ذلك التخطيط قد تم من نابليون نفسه بما يخدم مصلحته السياسية .
(5 ) في هذه الجملة إشارة غير مباشرة للدور الذي لعبه شاتوبريان وكتابه في عبقرية المسيحية بالرد على " الإيديولوجيين " ( الذين كانوا ينادون بحرية الفكر وهي حركة فكرية بدأت مع فولتير وأشهر من يمثلها لوك وكوندياك ... ) .

4 - أكتوبر - 2007
أحاديث الوطن والزمن المتحول
شاعر المعرفة    كن أول من يقيّم

 
 كل التحية للدكتور عمر خلوف والشكر له على مشاركاته الشعرية الجميلة .
 
سأنتظر بدون شك نتيجة بحثكم ولا أخفيكم بأنني أجد متعة كبيرة في هذا النوع من البحوث الذي يطال عدة لغات ، لأن الثقافة ، واللغة في القلب منها ، هي دوائر متداخلة تشبه دوائر مولانا بنلفقيه السبع .
 
كنت حصلت على هذه المعلومة عن تسمية حافظ لمحبوبه ب : يار ، من خلال قراءتي عن كتاب جديد صدر بالفرنسية للمستشرق الدكتور : شارل هنري دو فوشيكور Charles Henri De Fouchécour هو ترجمة لديوان حافظ الشيرازي إلى الفرنسية ، وقد ذكر هذه المعلومات في تقديمه للديوان .
 
من أقوال سعيد عقل التي تدعم افتراضي :
 
 أنا شاعر، ولكن لا أي شاعر، أنا أنتمي الي ضرب معين من الشعراء هو الضرب الذي يسمي الواحد منه شاعر معرفة . شاعر المعرفة هو الذي ما أن تقرأ به، تشعر ان وراءه العلم، والفلسفة، واللاهوت والفن، اذا... لا هذا الشاعر الذي يوجعه قلبه او الذي خانته حبيبته وراح ينحب ويندب حظه أنا لست هذا الشاعر. شاعر المعرفة، ذاك المثقف ثقافة شاملة تذهب من ذرة الي ايل الخالق. لكن نتاجه حول هذا الأمر الضخم مقدم الي الناس بشكل جوهرة الجمال.
( منقول عن الأنترنت والحديث بالأساس مقابلة صحافية أجراها معه هادي محمود لمجلة " الزمان الجديد " ) .
 
والشكر موصول للأستاذ عبد الحفيظ والدكتور يحي مصري لمشاركتهما ولو من بعيد !
 

5 - أكتوبر - 2007
يــارا - هذا الاسم الجديد على العربية
غادة السمان : ليل الغرباء    كن أول من يقيّم

 
النص لغادة السمان من كتابها " ليل الغرباء " الصادر في بيروت العام 1966 عن منشورات غادة السمان وهو مجموعة قصص قصيرة .
 
الفقرة مأخوذة من قصة " ليلى والذئب " كما ترويها الكاتبة :
 
ــ إبكِ . قولي أي شيء ...
 
ظللت صامتة . كنت أعرف أن ذلك سوف يحدث . كنت أعرف ان لا مفر من أن يحدث . ظللت جامدة . تمنيت شيئاً واحداً : أن أروي لك ذلك الحلم الذي يلازمني منذ طفولتي ، منذ عرفت طعم الزجاج المسحوق بالدم .
 
أنا طفلة أركض باكية في غابة مخيفة الأصوات . جائعة . جائعة لأنني خائفة . لأنني هربت من كوخ جدتي التي تتمدد دائماً في فراش لا تنهض منه ولا يبدو منها سوى رأسها عائماً فوق الدانتيل والتنتناه ، ويدها التي تمسك ( بز ) سيجارة من العاج المنقوش وتدخن ، أو تمد يدها للرجال الداخلين والخارجين باستمرار فينحنون لتقبيلها .
 
فقد حدث أن أحسست بالجوع لأنني أحسست بالخوف .. ولما دببت على فراشها بحثاً عن صدرها لأرضع بنفسي بعد أن شاهدت إحدى الخادمات ترضع طفلها دفعتني بقسوة لأنها مشغولة ولا وقت لديها .
 
هجمت عليها بأنيابي الصغيرة ، ومزقت ثوبها لأنني جائعة ، لأنني خائفة ، لأنني سأموت رعباً إذا لم أرضع .. ولما طردتني من الغرفة هربت إلى الغابة بحثاً عن الذئب لأرضع .. كنت أعرف أنه هناك ، ولم أكن خائفة منه كبقية الأطفال .. كنت أعرف أنه يحبهم بطريقته الخاصة ، وكنت أعرف أنه ليس شريراً ، وأنه ربما سيروي لي قصته .. وينتهي الحلم دائماً وأنا في الغابة أبحث بلهفة عن الذئب .. تمنيت أن أقول أنني لست آسفة على شيء ولست نادمة وأنني أفيض امتناناً ومحبة .. وأنني إذا رويت قصة ليلى والذئب لأولادي فسأخبرهم بأنه كان شاباً رقيقاً شفاف العينين ، وفي احتضانه الشرس لليلى تخدير يشبه الحنان ، يشبه اغتصاب موت عنيف كاليقظة وكالفرح .. وأنه لم يعذب ليلى ، وأنه أراد أن يقبلها ، لكن أسنانه ركبت بطريقة جعلت قبلته عضة مميتة .. وأنه حاول في البداية أن ينسيها خوفها بعناقه الدافىء المنعش ، فلما ابتسمت بنشوة طفل فرغ للتو من امتصاص ثدي أمه ، تمنى أن يمنحها كل ما يملك ..
 
لما سرى سمه في جسدها لم يستطع أن يصدق .. كان يظن أنه يمنحها عسلاً ورحيقاً .. من شوّهه هكذا دون أن يدري ? .. فصار حينما يظن أنه يبتسم ، يستحيل مرعباً مخيفاً كأصوات الغابة ? ? .. كأنه صورة حسية للأصوات البائسة ..
 
وحينما قتل الخوف ليلى لم يدرك أحد أن ليلى كانت هي الذئب لأنها أتعسته بحبه لها ، وجعلته يدرك كم هو عاجز وضعيف ووحيد .
 

6 - أكتوبر - 2007
نون النسوة فى مسيرة الإبداع الفنى والفكرى والأدبى0
شاتوبريان والمجتمع الجديد (14 )    كن أول من يقيّم

 
كان شاتوبريان يشعر بأنه ينتمي إلى عالم قد مضى وانقضى وكان هذا يعزز لديه الشعور بالغربة دون أن يمده بأدنى دافع لمحاولة التكيف أو الإنضواء تحت هذه الأفكار الجديدة التي كان يقرؤها بامتياز ويستشف من خلالها ملامح الزمن القادم فيزداد خوفاً وابتعاداً . وسأحاول هنا أن ألخص ما جاء في آخر كتابه من آراء وتساؤلات تشبه التنبؤات : حول العولمة والاشتراكية وسلطة الإعلام  وأشياء أخرى حميمة خاصة بالإنسان وعالمه الداخلي ، ساطعة الوضوح في رؤيتها للمستقبل ، ومدهشة بكل المقاييس لو أخذنا بعين الإعتبار التاريخ الذي كُتِبَتْ فيه ( 1840 ) . الفقرة بعنوان :
 
المجتمع الجديد
 La société de L'Avenir  
 
كان شاتوبريان قد بدأ يشعر باقتراب هذا العالم الذي لا يأبه للثقافات والجنسيات والحدود بين البلدان ، وكانت هذه الأفكار الجديدة قد غزت المجتمع الفرنسي خصوصاً بعدما انتشار كتابات سان - سيمون الذي أسس للإتجاه الأنسي الديموقراطي ، ودعا إلى توزيع أكثر عدلاً للثروات وإلغاء حق الإرث ( نشرت كتاباته ما بين عام 1813 - 1829 ) . في هذه المعمعة من الطروحات الجديدة أخذ شاتوبريان يتساءل عن طبيعة المجتمع الذي بدأ يلوح في الأفق : كيف ستوزع هذه الثروات وعلى أي أساس ? وكيف ستكون حسابات تقييم الأجور مقابل العمل المبذول ? وهل ستتمكن المرأة من تحقيق تغييرات قانونية تحررها من القيود ? . " لا أعلم ، يقول شاتوبريان ، يبدو بأن النوع الإنساني سوف يكبر ، لكن ماذا عن الإنسان نفسه ?  أخشى بأنه سوف يتضاءل وأنه سيخسر من أجل هذا قدراته الإبداعية . ماذا سيحل إذاً بالمتخيلة ، والشعر ، والفن الذي سوف يموت في جحر هذا المجتمع الجديد  ? هذا المجتمع سيكون كالخلية ، وسيكون الإنسان فيه كالنحلة ، أو سيكون مجرد عجلة في مكنة كبيرة تدور باستمرار ، أو ذرة من ذرات المادة التي يجري جمعها وتنطيمها .. "
 
" ولكي لا أتطرق سوى إلى نقطة واحدة من آلاف الأسئلة ، لنأخذ المُلكية مثلاً : هل ستبقى موزعة بالشكل القائم حالياً ? كان عصر المَلََكية قد نجح بالتخفيف من سطوتها بنشر القوانين الأخلاقية ، كما كان قد حول الأنسنة إلى نوع من الإحسان " ليتساءل بعدها إذا كان من الممكن تخيل وجود كيان سياسي يمتلك بعض الأشخاص فيه الملايين بينما يتضور الآخرون جوعاً ، ويقصد بهذا النظام الرأسمالي ، ودون أن يكون الدين من دعائم المجتمع لكي يمنح للبشر تلك الصور المطلقة التي تتعدى حدود العالم المعاش وتجعل فكرة " التضحية " بالزمني الأرضي شيئاً مقبولاً .
 
" وكلما امتد التعليم ليطال فئات أدنى في السلم الإجتماعي ، كلما وعى هؤلاء فداحة الجرح الذي ينهش هذا التنظيم الإجتماعي الغير عادل ، هذه الفروقات كانت موجودة لكنها لم تكن مدركة ، لكن ، وبمجرد أن تنكشف هذه الفروق للبشر فستكون الضربة القاضية ( وهنا أنا ضياء أحب أن أذكر بما قاله فيكتور هيجو بنفس المعنى بعد شاتوبريان ببضع سنوات في العام 1846 وعبر عنه بصورة أدبية رائعة وترجمته في الصفحة54 من أحاديث الوطن والزمن المتحول في الفقرة التي تحمل عنوان : مشاهدات Victor Hugo : Choses vues  ) فالبائس الذي فقد إيمانه ، وأصبح مساوياً للغني بالثقافة ، كيف سيتم إقناعه بالرضوخ والقبول بالحرمان ? أخشى بأن يكون الحل الأخير هو وجوب قتله " .
 
عندما سوف يتطور استعمال المحركات البخارية ، وسيترافق ذلك مع تعميم التلغراف وسكك الحديد ، فإن الأفكار سوف تتجول بها وتنتقل تماماً كما تنتقل البضائع . وعندما سيتم إلغاء الحواجز الجمركية والتجارية بين البلدان ، على الشكل الذي هو حاصل فيه حالياً بين المناطق ، وعندما ستتطلع الدول إلى توحيد الشعوب بهذه الطريقة فبأي طريقة سوف تعيد تفريقها ?
 
يقال بأن المدينة التي تساوي بين أفرادها في التعليم وتوزيع الثروة سيكون لها نظرة اعتبار أرقى في عين الذات الإلهية من المدينة التي بناها آباؤنا . وجنون هذا العالم الذي نعيش فيه هو أنه يريد التوصل إلى صنع إنسان موحد في كل مكان . فلتفترض هذا ! إنما باكتسابه تلك الصفات العامة الموحدة ، ماذا سوف يحل بمشاعرنا الخاصة ? ألن يكون مصيرها الموت إذاً . سوف نقول وداعاً للطمأنينة داخل البيت ، ونقول وداعاً لدفء الحياة العائلية ، وضمن هذا الخليط من البشر ، الأبيض منهم والأصفر والأسود ، كيف ستجد أخاك الذي تحبه لكي تلقي بنفسك في احضانه ? هل كانت الحياة الماضية فارغة ? هل كان فراغاً ذلك الماضي الذي تنظرون إليه من نافذتكم المحاطة بورق اللبلاب ? كنتم تحلمون ببلاد وراء الأفق كنتم بالكاد تلمحون منها طيراً مهاجراً أتى في الخريف الماضي . وهي سعادة كبرى أنْ تعرفوا أنَّ هذه التلال المحيطة بكم اليوم لن تختفي من أمام أعينكم ، وأنها سوف تحتفظ بصداقتكم وحبكم ، وأن أنات ليل عزلتكم هو الصوت الوحيد الممكن أن تسمعوه لتناموا على هدهداته ، وبأن غربة الروح التي تحسونها لن يكدرها شيء ، وبأنكم ستستعيدون دائماً ذات الأفكار التي اعتدتم على صحبتها وأصبحت هي عالمكم . كنتم تعلمون أين ولدتم وأين سوف تموتون ، وعند توغلكم في الغابة كان بإمكانكم ان تنشدوا :
 
أيتها الأشجار التي شهدت ولادتي
قريباً سوف تشهدين موتي
 
...................................
 
لا حاجة بالإنسان للسفر لكي يتوسع أفقه فهو يحمل الشساعة في ذاته . وهذا النغم الذي يخرج من صدوركم ، سوف يجد صداه في صدور آلاف البشر : ومن لا يملك هذا اللحن سوف يبحث عنه في هذا الكون الواسع بدون جدوى .
 

7 - أكتوبر - 2007
أحاديث الوطن والزمن المتحول
الدين والفلسفة    كن أول من يقيّم

أشكر للأستاذ النويهي دعواته المتكررة لإعادة فتح هذا الملف الفلسفي واستكمال النقاش الذي كان قد بدأ فيه ، وهو بهذا يعبر عن دعوة عامة نستشفها في تعليقات سابقة لبعض الأصدقاء والسراة يحضرني منها الآن تعليق سابق للأستاذ محمد هشام . هي رغبة طموحة أثمنها غالياً وكنت سأسعد بتلبيتها لو كنت شعرت بأن الشروط باتت متوفرة ، أو بمعنى أوضح بأنه قد أصبح بمقدورنا اليوم الإرتقاء بمستوى النقاش إلى الحد الذي يمكننا من تبادل وجهات النظر دون الوقوع في فخ " النضالية " أو " الجهادية " الذي تؤججه الصراعات السياسية الراهنة والذي أدى إلى إغلاقه . هذا لا يعني بأنني أروج لنظرية " الفن للفن " ، إنما يعني بأنني على قناعة راسخة بأن ذلك ممكن عملياً للباحث والمفكر الإنسان القادر على الالتزام بوجهة بحثه المحددة وتقنين جهوده في هذا الاتجاه وحده ودون أن يتعداه . هذه بنظري هي الطريقة الوحيدة الممكنة للخروج من أسر هذه الأفكار العقيمة التي حبسنا أنفسنا فيها متوهمين ، كل من جهته ، بأنه يمتلك مفتاح الحل الأمثل لأننا وبمجرد أننا انطلقنا من فكرة مطلقة وغير محددة فإن ذلك يعني بأننا سندور في أفق مسدود لأن ملامحه مرسومة لنا سلفاً ( بحسب الفكرة التي انطلقنا منها ) ولأن الأفكار المطلقة هي فضاءت معرفية مغلقة على الإنسان وهذه قناعتي الشخصية . 
 
أظنك تتفق معي بأنه لايوجد فائدة ترجى في إعادة تكرار ما كنا قد قلناه سابقاً ، وأنه لا فائدة أيضاً من الحديث في الفراغ دون فكرة رئيسة موجهة ، وأن هذه الفكرة يجب أن لا تعبر عن ثقافتنا وانتمائنا الخاص بنا بشكل حصري  لكي تساعدنا على التموضع في المكان الذي نستطيع فيه تجاوز طموحاتنا الشخصية المرتبطة بما يفكره ويمثله كل منا على المستوى الشخصي والإجتماعي . هذا يدعوني للتفكير بفتح ملف جديد للفلسفة نعود فيه إلى نقطة الصفر لننطلق للتعريف من جديد بالفلسفة ومنهجها المعرفي ، ولنحدد ربما ، مع بعض الطموح ، علاقتها بالدين ( أو بالأديان ) وتميزها عنه . سيكون ذلك ممكناً ربما ، عبر استعادة موجزة لأهم الفلاسفة والأفكار الفلسفية منذ عصرها المبكر وحتى يومنا هذا بالاستناد إلى هذه الفكرة الموجهة التي لا تتعلق بالدين الإسلامي وحده ، ولا بالأديان السماوية وحدها ، وإنما عن علاقة الفلسفة بالدين بصفته مصدراً للمعرفة ، ولمحاولة تمييز نقاط التقاطع والإختلاف المنهجية والإيمانية بينهما .
 
 
 

9 - أكتوبر - 2007
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
كل العذر    كن أول من يقيّم

 
الأستاذ الكريم الدكتور أحمد إيبش : نطلب منكم العذر لتأخري في قراءة تعليقكم الأخير وذلك لأنني كنت قد غادرت الموقع على عجل ، بعد أن ارتكبت عدة هفوات اكتشفتها للتو ، منها ما يتعلق بكتابة كلمة ( بارنبا ) في تقديمي لكم ، وبغاية الإسراع في إعطائكم صلاحية النشر المباشر . غير أن هذا يشبهني تماماً وهو مطمئن لجهة أن هذا يعني بأن كل شيء عادي وعلى طبيعته .
 
ولتعذرونا أيضاً على هذا التدخل العجول رغم سعادتي الغامرة لحضوركم بيننا ، وسوف أتوسع في شرح سعادتي هذه في وقت لاحق ، وأكتفي اليوم بالقول بأننا في غاية الفضول لمعرفة معاني اشتقاق اسم دمشق ، وغيرها من الأسماء ، وأننا بانتظار توسعكم في شرح هذا الموضوع ، ولربما أفردتم له موضوعاً مستقلاً لكي يسهل العثور عليه فيما بعد ?
 
كل التحية لكم ولجميع الأساتذة المشاركين في هذا الملف وبانتظار إجابة الدكتور فاروق مواسي الذي نتمنى عودته سريعاً .
 
 

9 - أكتوبر - 2007
يــارا - هذا الاسم الجديد على العربية
كل عيد وأنتم بخير    كن أول من يقيّم

 
كل الشكر لك أستاذ عبد الرؤوف مجهودك في جمع أقصوصتي ونشرها في هذا الملف الخاص جداً ، وكلامك الجميل المجبول بالمودة ، وتحليلك الشيق الذي تتبعت كل حروفه بشغف وإفادة .
 
وبمناسبة حلول عيد الفطر ، أتوجه إليك وإلى جميع عائلتك الكريمة بأفضل التمنيات وبأن يعيده الله عليكم باليمن والبركة .
 
وأستغل المناسبة لكي أتقدم من جميع أصدقاء الوراق ، فرداً فرداً بأصدق التمنيات بعيد سعيد ، وأخص بالذكر الأستاذ يحي مصري السباق إلى الخير دائماً ، وأضم صوتي إلى صوتك في تمني عودة الأستاذ زهير وأقول له كل عام وأنت بخير .
 
تحياتي للجميع خالصه في هذا الأمسية المباركة . 

12 - أكتوبر - 2007
نون النسوة فى مسيرة الإبداع الفنى والفكرى والأدبى0
الصفحة الأخيرة من مذكرات شاتوبريان (15)    كن أول من يقيّم

الصفحة الأخيرة
Dernière page
 
لقد تمَّ هذا الأثر ، وذلك بفضل ما عشته في حياتي من اضطراب . أشعر بالارتياح الكبير لأن الإحساس الذي كان يتملكني هو بأن هناك من كان يستعجلني : قبطان المركب الذي حجزت عليه رحلتي الأخيرة كان ينبهني إلى أنه لم يتبق الكثير من الوقت قبل الإبحار . لوكنت سيد روما ، لكنت قلت ، كما قال " سيللا "(1) ، ولكنت أنهيت مذكراتي عشية موتي . غير أنني لا أستطيع ان أنهي كتابي كما أنهى هو كتابه : " رأيت في الحلم ، واحداً من أولادي ، وكان يحثني ، وهويشير إلى أمه " ميتيللا " ، على المجيء لكي أتنعم بالراحة في حضن السعادة الأبدية . " لو كنت " سيللا " لما استطاع المجد أبداً بأن يمنحني الراحة الأبدية .
 
عواصف جديدة سوف تتكون . لدي شعور مضمر بأن المصائب الآتية سوف تطغَى على هذا الإحساس المضني بالحزن الذي ألمَّ بنا . وقبل أن نعود إلى ساحة المعركة ، علينا تضميد الجراحات القديمة . بيد أنني لا أظن بأن حوادث مؤلمة سوف تنفجر قريباً : فالملك والشعب كلاهما منهك . ولن تخيّم على فرنسا كوارث جديدة : إن ما يشغلني هو نتائج هذا التغيير الشامل وما سوف يتمخض عنه . سوف نمر بدون شك بمراحل صعبة ، إلا أنه ليس بمقدور العالم تغيير وجهته بدون ألم . لن يكون هناك بعد اليوم ثورات على حدة ، بل ستكون الثورة الشاملة التي تريد أن تبلغ غايتها القصوى . غير أن مشاهد الغد لم تعد تعنيني ، إنها تنادي رسامين جددا : فلتتفضلوا سادتي !
 
عندما سطرت كلماتي الأخيرة هذه ، في السادس عشر من شهر تشرين الثاني للعام 1841 ، كان شباكي الغربي المطل على حديقة " البعثات الخارجية " ( Missions Etrangères ) مفتوحاً : إنها السادسة صباحاً . ألمح القمر الواسع بلونه الشاحب وهو يهبط على سهم " مبنى المقعدين " ( Les Invalides )(2) الذي بالكاد نلمحه تحت ضوء الشعاع الذهبي الآتي من الشرق : يتهيأ لي بأن العالم القديم قد ولَّى ، وأن عالماً جديداً قد بدأ بالظهور . ألمح ظلالاً لفجر جديد لن أرى شروقه . لم يتبق لي سوى الجلوس على حافة حفرتي ، حيث سوف أهبط بكل شجاعة ، وبيدي صليبي ، نحو الأبدية .
 
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ سيلللا ( Sylla ) : هو أحد جنرالات روما القديمة الذين نجحوا في إحداث تغييرات كبيرة في بنية المجتمع وكان قد أصبح سيد روما بلا منازع عندما قرر فجأة بأن يتخلى عن المجد الذي توصل إليه وأن ينسحب من الحياة السياسية .
2 ـ HÔtel Des Invalides : هو المبنى الذي بناه لويس الرابع عشر في باريس العام 1670 لكي يأوي فيه الجنود الجرحى ومعوقي الحرب الذين حاربوا في جيشه . 
 

14 - أكتوبر - 2007
أحاديث الوطن والزمن المتحول
خاص بالأستاذ النويهي    كن أول من يقيّم

 
بخالص المودة ، وفائق التحية ، بلغني من الأستاذ زهير في رسالة سريعة وردتني هذا الصباح ، عدم تمكنه من الإستجابة للدعوة التي وجهناها إليه ، واعتذاره عن المشاركة حالياً في المجالس لأسباب لا علاقة لها إطلاقاً بالوراق ، بل لأنه قد عاهد نفسه على التفرغ حالياً لإتمام عمل يتطلب منه الكثير من الجهد ، وأنه سيكون له عودة ، إن شاء الله ، بمجرد الانتهاء منه .
 

15 - أكتوبر - 2007
رحلة المعتمر 0000عبادة وشجون
 44  45  46  47  48